نص قرار المحكمة الدستورية حول قانون المالكين والمستأجرين
تنشر الدستور نص قرار المحكمة الدستورية حول قانون المالكين والمستأجرين والذي قضى بعدم دستورية النص المتعلق بعدم جواز الطعن بالحكم المتعلق بتقدير اجر المثل.
وخالف القرار اربعة من اعضاء المحكمة وهم الاعضاء فهد ابو العثم والدكتور كامل السعيد ويوسف الحمود والدكتور محمد الغزوي.
وتاليا نص القرار:
المحكمة الدستورية قرار رقم (4) لسنة 2013
القرار الصادر عن المحكمة الدستورية برئاسة السيد طاهر حكمة وعضوية السادة:
مروان دودين – فهد ابو العثم النسور – احمد طبيشات – الدكتور كامل السعيد – فؤاد سويدان – يوسف الحمود – الدكتور عبدالقادر الطورة – الدكتور محمد سليم الغزوي.
في الطعن المقدم بعدم دستورية قانون المالكين والمستأجرين المثار لدى محكمة صلح حقوق الرمثا في دعوى تقدير اجر المثل رقم (167/2012) والمحال الى المحكمة من محكمة التمييز بموجب قرارها رقم (4422/2012) تاريخ 27/12/2012.
ومن حيث الوقائع فانه يبين من الاطلاع على سائر الاوراق ان محكمة صلح الرمثا الناظرة في الدعوى رقم 167/2012 قررت وبتاريخ 28/11/2012 (وقف النظر في الدعوى) واحالة الدفع المثار امامها بعدم دستورية قانون المالكين والمستأجرين رقم 22/2011 الى محكمة التمييز للبت في امر احالته الى المحمكة الدستورية.
ومن جانبها اصدرت محكمة التمييز وبتاريخ 27/12/2012 قرارها باحالة الطعن الى المحكمة الدستورية بداعي وجود شبهة بعدم دستورية القانون.
وبعد التدقيق والمداولة في الاوراق وما جاء في الرد الصادر عن رئاسة الوزراء بتاريخ 5/2/2013 نجد ان:
الطلب المقدم من الطاعن قد استند لاسباب تتلخص فيما يلي:
1- مخالفة المادة 128 من الدستور من حيث المساس بجوهر حقوق المواطنين بدلالة الالتفات عن اربعة قوانين للمالكين والمستأجرين كانت جميعها تثبت حق المستأجر بان يتم تعديل الاجارات من خلال نسبة مئوية تقرر مقدار الزيادة السنوية وليس استنادا الى تقدير بدل يفوق قدرة المستأجر على الدفع مما يشكل خرقا للاساس القانوني بجوهر حقوق المستأجرين الواردة في المادة 128 من الدستور.
2- مخالفة المادتين (6، 7) من الدستور بتعريض السلم والامن الاجتماعي للخطر.
3- مخالفة المادة 156 من القانون المدني المتعلقة بتعريف «الاشياء المتشابهة» كما سماها مما يؤدي الى اختلاف كبير في الايجارات.
4- مخالفة المادة 664/2 من القانون المدني بتطبيق بدل المثل على عقود ما قبل عام 2000 مع العلم بان المستأجر يضع يده بمقتضى عقد ايجار وكرر المستدعي في البندين (6، 5) من لائحته نفسها الاسباب السابقة مثيرا موضوع تطبيق قواعد الغصب او اليد غير المشروعة.
5- ان القانون جعل الخصومة على درجة واحدة وهذا في رأيه اخلال بمبدأ المساواة.
والمحكمة بعد التدقيق والمداولة تجد انه:
ومن حيث الشكل:
وفيما يتعلق بالدفع المقدم من رئاسة الوزراء بانتفاء المصلحة الشخصية للطاعن، مناط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستوري – وهي شرط لقبولها- ان يكون ثمة ارتباط بينها وبين موضوع الدعوى وواضح من وقائع الطعن شروط الخصومة القضائية متوفرة بما في ذلك مصلحة المستأجر «الطاعن» وعليه فان الدفع من هذه الناحية غير وارد، والدعوى مقبولة.
وبالنسبة لما جاء في قرار محكمة التمييز باحالة الطعن الى محكمتنا هذه استنادا الى ان شروط احالة الطعن متحققة في اسباب الطعن الستة الاولى ومع انها لم تلتفت الى السبب السابع الذي يشير الى قطعية القرار المتعلق ببدل المثل وهو مثار كسبب رئيسي من اسباب الطعن.
فان الطعن بطبيعته تضمن اسبابا مترابطة يجدر اخذها بمجموعها مما لا يحول دون التعرض الى نصوص القانون ذات العلاقة ومنها موضوع قطعية القرار.
وفي الموضوع:
فاننا نرى ان ما اثاره وكيل المدعى عليهما في لائحة الطعن من ان القانون المطعون فيه مخالف للمواد 56 و664/2 من القانون المدني فضلا عن انه مخالف لأربعة قوانين سابقة للمالكين والمستأجرين فذلك لا يدخل في دائرة اختصاص هذه المحكمة لان الرقابة القضائية التي تمارسها المحكمة الدستورية مناطها هو تعارض بين نص قانوني وحكم في الدستور ولا شان لها بالتناقض بين التشريعات مما يستوجب رد الطعن من هذه الناحية.
اما بالنسبة لما اورده وكيل المدعى عليهما في عداد اسباب الطعن من ان القانون المطعون فيه جعل الخصومة على درجة واحدة وبالتالي قضى بقطعية القرار بالاضافة الى ان فيه مساسا بجوهر حقوق المواطنين باعتماده طريقة اجر المثل في زيادة الاجرة وانه مخالف للمادة 128 من الدستور والمادتين (6، 7) منه.
وبالرجوع الى المادة 128 من الدستور نجد انها تنص على ان:
1- (لا يجوز ان تؤثر القوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق او تمس اساسياتها....).
ومن استقراء هذا النص نجد انه اقام سياجا فرض الحماية للحقوق والحريات على اختلافها لمنع الالتفاف عليها وان الصلاحية المعطاة للمشرع بتنظيم استعمال هذه الحقوق بموجب القوانين يمكن اعتباره تفويضا للمشرع بتنظيم استعمال الحقوق بشكل لا ينال جوهر هذه الحقوق او المساس بها.
اذ ان اجراءات تنظيم ممارسة هذه الحقوق لا يجوز ان تنال من الضوابط التي نص عليها الدستور او تنال من الحقوق المنصوص عليها في المادة 128 منه سواء بنقضها او انتقاصها.
بمعنى ان سلطة المشرع هذه لا يجوز لها ان تتجاوز التنظيم الى اهدار الحق او المصادرة به بأي شكل من الاشكال فاذا حصل التجاوز كان ذلك خروجا على احكام الدستور.
ان حق التقاضي مبدأ دستوري اصيل حيث ترك للمشرع العادي امر تنظيم هذا الحق شريطة مراعاة الوسيلة التي تكفل حمايته والتمتع به وعدم الانتقاص منه بل تمكين المواطنين من ممارسة حرياتهم وحقوقهم بما في ذلك حق التقاضي على درجتين والا كان متجاوزا لحدود التفويض ومخالفا لروح الدستور الذي يضمن تمكين المواطن من استنفاذ كافة الطرق والوسائل التي تضمن له حقوقه بشكل كامل ومنها حق التقاضي على درجتين.
وبالنسبة للمادة السادسة من الدستور التي تنصل على:
2- (... الحفاظ على السلم الاجتماعي واجب مقدس على كل اردني).
3- (تكفل الدولة العمل والتعليم ضمن حدود امكانياتها وتكفل الطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين).
بمعنى ان تأمين السكينة والطمأنينة وارساء السلم الاجتماعي للمواطنين هو واجب مقدس تفرضه احكام الدستور.
وبانزال احكام هذه النصوص على الواقع الذي نجم عن تطبيق احكام القانون المطعون فيه وبالنسبة للطعن المتعلق بعدم دستورية اعتماد اجر المثل في تعديل قيمة الايجار بداعي انه يلحق اجحافا بالمستأجر فان المحكمة ترى ان هذا الموضوع يخضع لسلطة المشرع التقديرية وان كانت الطريقة المتبعة في القانون الساري المفعول ليست هي الطريقة المثلى مع وجود وسائل اخرى للوصول الى تقدير الاجر العادل وبامكان المشرع اعتماد اي طريقة اخرى لتقدير الاجر العادل حسب ما يراه متلائما مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية السائدة عند اعتماد اية وسيلة اخرى لمثل هذا التقدير الامر الذي لا يمكن لهذه المحكمة من التصدي لهذا الموضوع بالشكل الذي ورد فيه الطعن.
اما بالنسبة للطعن بقطعية الحكم بأجر المثل نجد ان ماسا اصاب جوهر الحقوق التي حرص المشرع الدستوري على صيانتها وعدم المساس بها ونجد عدم اتاحة المجال للطعن بقرار له مساس جوهري بحقوق المواطنين لدى درجة اعلى من شأنه اهدار الحماية التي فرضها الدستور للحقوق على اختلافها ومنع حق اللجوء الى درجة اعلى في القضاء في مثل هذه القضايا له مساس مباشر في حياة المواطنين ومن شأن ذلك المساس بجوهر العدالة الذي يتوجب معه السماح باتاحة فرص الطعن المتعارف عليها وان منع ذلك يناقض دلال المادة 128 من الدستور في الحماية القضائية للحق والحرية بالاضافة الى مخالفة مقتضى المادة السادسة من الدستور بفقرتيها الثانية والثالثة كما اسلفنا.
وعليه، وبناء على ما تقدم فاننا نقرر الحكم بعدم دستورية ما ورد في النص المتعلق بعدم جواز الطعن بالحكم المتعلق بتقدير اجر المثل الصادر عن محكمة الدرجة الاولى واعتبار هذا النص باطلا وجديرا بالالغاء وذلك من تاريخ صدور هذا الحكم.
قرار صدر بالاغلبية باسم حضرة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في 7/3/2013.
مخالفة العضوين معالي السيد فهد ابو العثم
وسعادة الدكتور محمد سليم الغزوي
نتفق مع الاكثرية المحترمة على ان قطعية القرار الصادر عن محكمة الدرجة الاولى بموضوع اجر مثل العقار وعدم اتاحة المجال للطعن به لدى درجة اعلى امر غير دستوري.
ونختلف معهم فيما عدا ذلك سواء من حيث النتيجة او التعديل الذي انتهى اليه القرار ونبين رأينا كما يلي:
لقد كان من عداد اسباب الطعن بعدم دستورية قانون المالكين والمستأجرين المعدل رقم 22/2011 سببان رئيسيان:
الاول: ان قرار المحكمة نهائي وقطعي.
الثاني: اعتماد اجر المثل في زيادة اجرة العقار.
اما الاول: فان الاكثرية المحترمة قد قضت بعدم دستوريته ونوافقهم عليه.
واما الثاني: فقد ذهبت فيه بالحرف الواحد الى ان (الطريقة المتبعة في القانون ليست هي الطريقة المثلى مع وجود وسائل اخرى للوصول الى تقدير الاجر العادل، وبامكان المشرع اعتماد اي طريقة اخرى لتقدير الاجر العادل الامر الذي لا يمكن لهذه المحكمة من التصدي لهذا الموضوع....الخ).
ونقول: وبالرغم من ذلك، فلم يصدر عن الاكثرية المحترمة قرار لا ايجابا ولا سلبا، ونرى ان التصدي لهذا السبب امر ملح وجوهري وان من الضرورة بمكان ان يتمخض عن ذلك رأي للمحكمة عما اذا كان دستوريا ام غير دستوري.
ومن جانبنا: ودونما حاجة لتكرار نصوص المواد الدستورية 128 و(6/3، 2) التي ركزت على ضرورة الحفاظ على السلم الاجتماعي وانه واجب مقدس وان الدولة تكفل السكينة والطمأنينة وحقوق المواطنين وحرياتهم.
فاننا نرى بإنزال احكام هذه النصوص على الواقع الذي نجم عن تطبيق احكام القانون المطعون فيه نجد انه اوجد حالة شديدة من الاحتقان المجتمعي واتساع دائرة الغبن والاستغلال جراء اعتماد وسيلة بدل المثل في زيادة الاجور، واثار موجة من الكرب والضغط المجتمعي لدى من تمسهم احكامه بما لوحظت اثارته بصورة متكررة ليس فقط من اوساط الرأي العام وانما ايضا من السلطات التشريعية والتنفيذة واللجان المختلفة في منظمات المجتمع المدني، الامر الذي يلحق زعزعة في منظومة الامن الاجتماعي.
وينبني على ذلك كله ان مساسا اصاب جوهر الحقوق التي حرص المشروع الدستوري على صيانتها وعدم المساس بها جراء اعتماد بدل المثل في تعديل قيمة الايجار، هذا البدل الذي استقر الفقه والقضاء على اعتماده أداة لتعويض المالك جراء حرمانه من حق الانتفاع بملكه بسبب وضع يد الغير بسوء نية، او هو الناجم عن عمل غير مشروع كما في حالة الغصب عن مدة معينة او عن الفعل الضار.
واذا كانت الحالة موضوع البحث تتمثل في طلب مالك العقار زيادة الاجرة السنوية لعقار تم تأجيره بعقد ايجار، وهي حالة مختلفة تماما عن حالات الغصب ووضع اليد والتعويض عن الفعل الضار المشار اليها اعلاه، فان مؤدى ذلك كله ان الركون الى طريقة بدل المثل في زيادة الاجور امر في غير محله، اذ يمكن ان يتوافق الايجار وما يتقرر من نسب مع الاقتصاد الحقيقي ويتم ربطه بمتوسط الاسعار على الفوائد التي تعكس التضخم وذلك حفاظا على تحقيق مبدأ العدالة والتوازن بين الطرفين.
ان هذا الذي بسطناه من وحي النصوص الدستورية والاثار الناجمة عن تطبيق مبدا اجر المثل يتفق مع ما ذهب اليه الاجتهادات الفقهية العربية ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
(ان دعوى اجر المثل لا تسمع مع وجود علاقة ايجارية)
قرار محكمة النقض السورية رقم 82 تاريخ 31/3/1975
(ان اجر المثل يستحق على العقار عندما بدل الايجار غير محدد بين الطرفين.. الخ) قرار محكمة النقض السورية رقم 242 تاريخ 7/5/1954
(ودعوى اجر المثل تكون عندما لا يوجد عقد ايجار وتأسيس دعوى اجر المثل يكون على عدم وجود سبب شرعي في وضع اليد).
القضية رقم (85) تاريخ 21/2/1994
وبالتالي يغدو هذا السبب واردا في الطعن بالقانون مدار البحث.
بناءً على ذلك كله، ولما كانت اسباب الطعن مترابطة مع بعضها ويجدر اخذها بمجموعها.
فاننا نقرر الحكم بعدم دستورية المادة (5) من القانون المطعون فيه والمتعلق باعتماد اجر المثل سبيلا لزيادة الاجرة، وبالتالي وما دامت اسباب الطعن علة النحو الوارد اعلاه واردة فاننا تبعا لذلك، وخلافا لما ذهب اليه الاكثرية المحترمة نقرر الحكم بعد دستورية القانون المطعون فيه واعتباره باطلا من تاريخ صدر هذا الحكم بتاريخ 7/3/2013.
قرارا صادرا باسم حضرة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين.
العضو المخالف فهد ابو العثم النسور
العضو المخالف الدكتور محمد سليم الغزوي
قرار مخالفة العضو معالي الدكتور كامل السعيد
في الوقت الذي اتفق فيه مع الاكثرية المحترمة بان فتح ابواب الطعن في الاحكام القضائية امر مطلوب ومرغوب، الا انني اختلف معها فيما ذهبت اليه من عدم دستورية قطعية الحكم بمقولة انها جعلت الخصومة على درجة واحدة من درجات التقاضي وذلك للاسباب التالية:
من المسلم به قانونا وفقها وقضاءً ان جعل الخصومة على درجة واحدة من درجات التقاضي امر يدخل ضمن سلطة المشرع في تنظيم الحقوق لا معقب عليه بخصوصها كونها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بضوابط معينة تحد من اطلاقها وتكون تخوما لها لا يجوز للمشرع اقتحامها او تخطيها، فان اقتحمها او تخطاها بدعوى تنظيمها، انحل ذلك عدوانا عليها، فالمشرع في مجال انفاذ حق التقاضي غير مقيد دستوريا باشكال اجرائية محددة تعكس انماطا موحدة للخصومات القضائية اي غير مقيد في ان تنظر نزاعات المواطنين في اكثر من درجة واحدة من درجات التقاضي، فقصر التقاضي في المسائل التي يفصل حكم قضائي فيها على درجة واحدة، امر جائز دستوريا كلما كان هذا القصر مستندا الى اسس موضوعية كتلك التي تقتضيها سرعة انهاء صور من المنازعات بالنظر الى طبيعتها، فلا بد من التمييز بين قصر حق التقاضي على درجة واحدة وبين انكاره انكارا مطلقا او مقيدا من ناحية اخرى، ذلك ان قصر التقاضي في المسائل التي يفصل فيها الحكم على درجة واحدة - وهو ما يستقل المشرع بتقديره - يفترض لزوما امرين، اولهما ان تكون الدرجة الواحدة محكمة او هيئة ذات اختصاص قضائي من حيث تشكيلها وضماناتها والقواعد المعمول بها امامها، ثانيهما ان يكون المشرع قد عهد اليها بالفصل في عناصر النزاع جميعها.
- الواقعية منها والقانونية - دون ان تراجعها فيما تخلص اليه من ذلك جهة اخرى.
لما كان ذلك، وكان الدستور قد خلا من اي نص يجعل الخصومة على اكثر من درجة واحدة، وانما كان حرصه منصبا على محاكة منصفه يجريها قضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون وفقا لنص المادة (97) من الدستور، وقضاء مستقل بأن تكون المحاكم مفتوحة للجميع ومصونة من التدخل في شؤونها على مقتضى نص المادة (101/1) من الدستور، ويغدو القول بمخالفة النص المطعون عليه للدستور غير دقيق.
العضو المخالف الدكتور كامل السعيد
قرار المخالفة المعطى من القاضي يوسف الحمود
في الطعن الدستوري رقم (1/2013)
بعد التدقيق اجد ان نطاق الطعن بعدم الدستورية ينحصر بالفقرة الثانية من البند (أ) من المادة الخامسة من قانون المالكية والمستأجرين المعدلة بموجب القانون رقم (22/2011) وليس في قانون المالكين والمستأجرين بكليته، وازاء ذلك فاني اتفق مع الاكثرية المحترمة فيما انتهت اليه من حيث النتيجة بأن الاخذ بقاعدة اجر المثل في تقدير اجرة العقار المؤجر قبل تاريخ 31/8/2000، يتفق مع الدستور، وأخالفها بالنسبة الى ما انتهت اليه بان عدم جواز الطعن بمقدار الاجرة التي تحددها المحكمة استئنافا يخالف الدستور وبالتالي الحكم بعدم دستورية البند (أ) بالنسبة الى عدم اجازة الطعن بحكم المحكمة واعتباره نهائيا وحيال ذلك اجد ان المشرع قد تناول الاحكام المتعلقة بالسلطة القضائية بالمواد من (97) الى (110) من الدستور وقد نصت المادة (100) من بين تلك الاحكام على ما يلي:
(تعين انواع جميع المحاكم ودرجاتها واقسامها واختصاصاتها وكيفية ادارتها بقانون خاص على ان ينص هذا القانون على انشاء قضاء اداري على درجتين).
ونصت المادة (103/1) من الدستور على ما يلي:
(تمارس المحاكم اختصاصاتها في القضاء الحقوقي والجزائي وفق احكام القوانين النافذة المفعول في المملكة..).
وتأسيسا على ذلك حدد المشرع في «قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم (17) لسنة 2001 انواع المحاكم النظامية واختصاصاتها وكيفية تشكيلها، ثم نظم اصول التقاضي امام هذه المحاكم وطرق الطعن بالاحكام التي تصدرها بموجب قوانين عامة، ومن هذه القوانين على سبيل المثال قانون اصول المحاكمات المدنية رقم (24) لسنة (1988) وقانون اصول المحاكمات الجزائية رقم (9) لسنة (1961) وقانون محاكم الصلح رقم (15) لسنة (1952) كما ضمن قوانين خاصة اخرى اصولا للمحاكمة وحدد طرقا للطعن بأحكام المحاكم التي أنشأها بموجب تلك القوانين كما هو الحال في قانون محكمة الجنايات الكبرى رقم (19) لسنة 1986 وقانون محكمة أمن الدولة رقم (17) لسنة 1959 وقانون الامن العام رقم (38) لسنة 1965 بالنسبة للاحكام الصادرة عن محكمة الشرطة وقانون ضريبة الدخل رقم (28) لسنة 2009 بالنسبة للاحكام الصادرة عن محكمة البداية والاستئناف الجمركية. وبالرجوع الى طرق الطعن بالاحكام الصادرة عن تلك المحاكم النظامية منها وغير النظامية، فان المشرع وهو يدرك ان القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ويدرك ايضا تحقق كافة ضمانات المحاكمة العادلة في اجراءات المحاكمة والاحكام التي تصدرها المحاكم، لم يتبع نهجا واحدا بالنسبة الى الاخذ بطرق الطعن بالاحكام الصادرة عنها اذ اجاز الطعن استئنافا في معظم احكام محاكم الدرجة الاولى في حين لم يجز الطعن في عدد آخر من احكامها امام محكمة الدرجة الثانية كما هو الحال في قرار محكمة الدرجة الاولى التي تنظر في قضايا تحديد اجرة العقار وفقا لاجر مثله، وفي طائفة ثالثة اجاز المشرع الطعن بأحكام محاكم الدرجة الاولى امام محكمة التمييز مباشرة (وهي محكمة قانون) دون ان يجيز الطعن بها امام محاكم الدرجة الثانية، وليس بين نصوص الدستور او الاتفاقيات الدولية التي وقع الاردن عليها ما يُلزم المشرع بتمكين المتقاضيين امام المحاكم المدنية من الطعن باحكام محاكم الدرجة الاولى امام محكمة الاستئناف وانما ترك لسلطة المشرع التقديرية تحديد مجموعات الاحكام التي يرى اخضاعها لجميع طرق الطعن والاخرى التي يكتفي بالطعن بها استئنافا او يجعلها نهائية مدخلا في تقديره اهمية القضايا وضرورة الاسراع في فصلها وطبيعة النزاع المطروح عليها والبينات المقدمة فيها.
وبذلك فان النهج الذي اخذ به المشرع في الفقرة الثانية من البند (أ) من المادة الخامسة من قانون المالكين والمستاجرين المعدلة بموجب القانون المعدل رقم (22) لسنة 2011 وذلك بعدم اجازة الطعن بالحكم الذي تصدره المحكمة المختصة بشأن تقدير اجر المثل لم يكن الا تكريسا لسلطة المشرع التقديرية الواسعة في ملائمة التشريع وضروراته والحكمة منه واتفاقه مع ظروف الزمان والمكان ولا معقب عليه في ذلك ما دام ان الحكم التشريعي الذي قدره لهذه الحالات قد صدرت به قاعدة عامة مجردة لا تنطوي على التمييز بين من تساوت مراكزهم القانونية، ولما ان المشرع لم يهدر قاعدة دستورية او يتعارض معها عند اكساء الحكم الصادر في الطلب المقد لتحديد الاجرة وفق احكام المادة الخامسة من قانون المالكين والمستأجرين الدرجة النهائية وعدم اجازة الطعن به من طرفي الخصومة نظرا لطبيعة الطعن والسرعة في تجديد الاجرة، ولما كانت الرقابة على دستورية القوانين لا تمتد الى ملائمة اصدارها من حيث الزمان و المكان والبواعث والضرورات فان الطعن على البند الثاني من الفقرة (أ) من المادة الخامسة من قانون المالكين والمستأجرين بعدم الدستورية لجهة عدم جواز الطعن بالحكم استئنافا هو في غير محله، ولا يمكن القول في هذا السياق ما ذهبت اليه الاكثرية المحترمة ان اعتبار المشرع بعض الاحكام نهائية ولا يجوز الطعن بها استئنافا فيه مساس بحق التقاضي ذلك ان ما جاء بالمادة الخامسة من قانون المالكين والمستأجرين لم يكن الا تنظيما جديدا للعلاقة بين المالك والمستاجر يجري بموجبها التجديد التلقائي لعقود الايجارة المبرمة قبل تاريخ 31/8/2000 وذلك بحكم القانون في مقابل اجراء اتفاق جديد مباشرة بين المالك والمستأجر على تحديد مقدار اجرة جديدة للعقار وفي حالة عدم الاتفاق ترك لهما الباب مفتوحا على مصراعيه لولوج باب القضاء وذلك بتقديم (طلب) الى المحكمة المختصة لتقدير الاجرة الجديدة.[font=Arial Black]
[/font]التاريخ : 14-03-2013