[rtl]صدمات الأطفال النفسية وأثرها عليهم في الكبر[/rtl]
ما يمر به الطفل من تجارب ومواقف في حياته يترك أثرا عليه في المستقبل والشخص الذي يعاني في طفولته من الإهمال أو يمر بتجارب سيئة مع المحيط ترافقه عواقبها لفترات قد تكون طويلة.
تقول الأردنية لمى محمد (22 عاما): "أعاني من الوحدة والعزلة وعدم تقبل العلاقات الاجتماعية والجلسات العائلية". وتضيف لـ"عربي21": "كانت طفولتي سيئة جدا، انفصل والداي وربّتني جدتي وكنت أشعر بالوحدة الدائمة والقلق".
وتبيّن الأخصائية التربوية سناء طلال، أن "صدمة الأطفال قد تنتج من: فقد شخص عزيز أو شيء ثمين، أو فشل في دراسة أو عمل، أو فقدان علاقة صداقة أو خيانة أحد المقربين، أو انفصال الأبوين. وتشمل أيضا الأذى الجسدي والانتهاكات الجنسية بحق الأطفال أو التعرض للحرب أو الاغتصاب أو جرائم العنف".
أثر الصدمة
وتضيف الأخصائية لـ"عربي21" أنه قد يكون أثر الصدمة كبيرا لأن الحدث غير متوقع، والشخص لم يكن مستعدا، ولم يكن هناك شيء يستطيع الشخص أن يقوم به لمنعه من الحدوث.
وتابعت الأخصائية، بأن "مدى الأثر النفسي يستمر بحسب شدة الحدث ومن قام به وتاريخ الفرد الشخصي، ومهارات التعامل، والقيم والاعتقادات التي يحملها الفرد وردود الأفعال والدعم من العائلة والأصدقاء".
وبحسب الأخصائية، فإن "أعراض ما بعد الصدمة يمكن أن تتطور، ويجب أن تُتخذ خطوات للشفاء تشبه خطوات العلاج من مرض جسدي. وتتفاوت مدة العلاج من شخص لآخر بحسب الحالة الصحية. وقد تظهر ردة الفعل والأعراض للصدمة مباشرة، أو قد تتأخر هذه الردود لشهور أو سنوات بعد الحدث".
أعراض الصدمة
وتظهر عدة أعراض على الطفل، وفي كبره قد تتنوع ما بين جسدية ونفسية وعقلية.
فتقول الأخصائية طلال لـ"عربي21"، إن الأعراض الجسدية تتمثل في "اضطرابات في الأكل والنوم وانخفاض الطاقة وألم مزمن غير مفسر. أما الأعراض النفسية، فتتلخص في الكآبة والبكاء التلقائي والشعور باليأس والقلق ونوبات من الذعر والشعور بالخوف وعدم السيطرة والطيش والغضب والاستياء والانسحاب من العلاقات والحياة الروتينية. أما الأعراض العقلية، فمنها: تراجع أداء الذاكرة وبخاصة ما يتعلق بالصدمة، وصعوبة في اتخاذ القرارات، ونقص القدرة على التَركيز والشعور بالتشويش".
تأثيرات الصدمة
وهناك العديد من التأثيرات الاجتماعية الشائعة للصدمات.
وتشير أخصائية الإرشاد النفسي والتربوي الدكتورة هند ناصر الدين إلى أن "التأثيرات الشخصية والسلوكية تتلخص في: استخدام العقاقير والمخدرات، وسلوك التدمير الذاتي والمندفع، والأفكار الخارجة على السيطرة، وعدم القدرة على الاستمرار بنمط حياة صحي أو اختيار أسلوب حياة أفضل، والأعراض الفصامية، والشعور بعدم الأهمية، والخزي واليأس وعدم القدرة على الحفاظ على علاقات وثيقة أو اختيار الأصدقاء والأصحاب الملائمين، والعدائية، وإثارة المشاكل مع أفراد العائلة أو أرباب العمل أو زملاء العمل، والانسحاب الاجتماعي، والشعور بالتهديد بشكل دائم".
علاج الصدمة
وبحسب الأخصائية، فإن هناك العديد من الأمور التي تساعد على عبور الصدمات وترشد في مساعدة من يمرون بأزمات مماثلة.
وتنصح الأخصائية ناصر الدين من يعانون من الصدمات بتجنّب العزلة، و"على أصدقائهم تقديم الدعم النفسي لهم. وعلى المصابين بالصدمة أن يعبروا عما يشعرون به، فالتعبير عن المشاعر السلبية يعتبر الخطوة الأولى في علاج الصدمة، أما تجاهل هذه المشاعر بهدف نسيانها، فيؤدي لدفنها مؤقتا وليس الخلاص منها".
وتضيف الأخصائية ناصر الدين أن "مناقشة أبعاد الصدمة مع أحد الوالدين أو كليهما أو أحد الأصدقاء أو غيرهم ممن يثق في رأيهم يخرج ما بداخلهم من الحزن، ولكن دون الضغط على النفس. عدا عن تدريب النفس على توقع الأفضل والتمسك بالأمل وسط المحنة واللجوء إلى الله، وعدم التردد في الذهاب إلى أخصائي نفسي عند الحاجة لذلك".
وتنصح الأخصائية ناصر الدين بأن يحاول الأهل والأصدقاء أن يحيطوا المصاب بالصدمة بالحب والتفهم وألا يقللوا من شأن الأزمة لديه، بل أن يدعوه يعبر عما يشعر به من أسى وحزن وأن يستمعوا له كثيرا ويتكلموا قليلا، فالذي يمر بأزمة يحتاج لمن يسمعه حتى يخرج ما بداخله من مشاعر سلبية.
دراسة فرنسية
وبحسب دراسة قام فيها المعهد الفرنسي للصحة والبحث الطبي، فإنه إذا عانى الطفل وهو في سن يتراوح بين 7 أعوام و16 عاما من الإهمال أو سوء التغذية أو المعاملة السيئة أو مر بتجربة صعبة، فإن أثر ذلك يلازمه طيلة حياته ويؤثر على صحته وتسبب له تعبا نفسيا قد يمتد إلى أضرار جسدية بيولوجية، وينجم عنها إجهاد مزمن.
كما وجدت الدراسة أن هذا النوع من الإجهاد النفسي (ويسمى علميا بالعبء الألوستاتيتكي) يترافق لدى 59% من الرجال المتضررين مع سلوك غير سوي وانخفاض مستوى التعليم وتدني الحالة المادية، في حين أنه يترافق لدى 76% من النساء المتضررات مع التدخين وزيادة الوزن وانخفاض مستوى التعليم وتدني الحالة المادية أيضا، بحسب ما نشر موقع "فوكس" الإلكتروني.