ظلم الزوجة لزوجها
من المعروف أن الظلم في الغالب يصدر من القوي للضعيف ومن الرئيس للمرؤوس، أما أن يصدر من الضعيف إلى القوي ومـن المرؤوس إلى الرئيس فهذا أمر يحتاج إلى إيضاح، وهو مـا نحن بصـدده في هذه الصورة ؛ حيث إن تصور ظلم الزوج لزوجته أمر ميسور كما مر بنا في الصورة السابقة، أما صدوره من الزوجة لزوجها فقد لا يتضح إلا بالأمثلة التالية:
1- ترك طاعته بالمعروف والنشـوز عليه ؛ ففـي هـذا ظلم للزوج بترك حق من حقـوقه التي أوجبها الله عـز وجـل ورسـوله r على المـرأة؛ قال الله تعـالى : (( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً)) (النساء:34).
وقال صل الله عليه وسلم : (( إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح )) .
ويلحق بمعصية الزوج ترك خدمته بالمعروف والتعالي عليه وإلجائه إلى خدمة نفسه وإشغال وقته بذلك .
والحاصل من كل ما سبق أن طاعة الزوجة لزوجها في غير معصية الله تعالى وفيما تقدر عليه واجبة ، وهي حق من حقوق الزوج على زوجته، وتصير المرأة ظالمة لزوجها بتفريطها في ذلك .
2- الخروج من بيته بدون إذنه , وهذه المسألة فرع عن سابقتها؛ لأن من لوازم طاعة الزوج أن لا تخرج من بيته إلا بإذنه, وفي مخالفة المرأة لذلك تفريط في حق من حقوق الزوج إلا أن تعلم إذنه المسبق لها لبعض الأماكن وأنه لا يمانع في ذلك، فهذا ينوب مناب الإذن لها .
ويلحق بهذه المخالفة إذن الزوجة لأحد بدخول بيت زوجها مع علمها بكراهيته لذلك ؛ فهذا أيضًا يعد من ظلم الزوجة لزوجها ومنعه حقًا من حقوقه؛ قال صل الله عليه وسلم : (( فحقكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذَنَّ في بيوتكم لمن تكرهون )) .
3 - سوء العشرة مع الزوج وإساءة الأدب معه بقول أو فعل والتسبب في إيصال الأذى والغموم والهموم إليه .
كل ذلك مما تعاقب عليه المرأة ، وتصبح بذلك ظالمة معتدية على حق عظيم من حقوق الزوج، ألا وهو الأدب معه، وحسن العشرة، وتوفير السكن النفسي والجسدي للزوج، والذي هو من غايات الزواج وأهدافه .
4- عدم تمكينه من نفسها دون عذر شرعي لها, وفي هـذا ظلم للزوج من عدة جوانب ؛ من ذلك معصيته وعدم طاعته، وفي هذا ترك لحق من حقوق الزوج ، ألا وهو الطاعة بالمعروف ، وقد سبق ذكر ذلك في النقطة الأولى، وظلـم لـه أيضًا لكونـها تسـببت بذلك في تطلعه
لغيرها، وعدم غض بصره , وقد يؤدي به الأمر إلى الوقوع في الفاحشة, وبذلك تشترك معه في الإثم لعدم إعانته على غض بصـره وتحصين فرجه.
5- كمـا تعتبر ظـالمة لـه أيضًا بإحزانه وبث القلق والغم في نفسه, ويلحق بذلك صوم الزوجة تنفلاً دون إذن الزوج ؛ لأن في ذلك تفويتًا لحق الزوج في قضاء وطره من زوجته عند حاجته لذلك .
وفي هذا يقول الرسول صل الله عليه وسلم : ((لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه)) .
6- إنكار جميل الزوج ومعروفه وعدم شكر أفضاله عليـهـا بمجرد أن ترى في يـوم من الأيام ما تكره ؛ وفي هـذا ظلـم للزوج وهو الذي سـمَّاه الرسول صل الله عليه وسلم كفران العشـير؛ وذلك لما سُـئل أيكـفرن بالله ؟ قـال: ((يكـفرن العشــير، ويكفـرن الإحسـان؛ لو أحسـنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شـيئًا قالت: والله ما رأيـت منك خـيرًا قط )) .
7- قلة حياء الزوجة ودينها بإطلاق بصرها إلى الرجال الأجانب أو التبرج أمـامهم أو الخضوع بالقول معهم, إن كل ذلك فوق ما فيه من الإثم والمخـالفة فيه الظلم والخيانـة للزوج بتشويـه سمعته وعرضه عند الناس .
8- إهـمال تربية أولاده في صغرهم ، وعدم الحرص على صحتهم وتغذيتهم ونظافتهم ؛ مما يجعل الـزوج يشـغل باله بهـم ويتحـمل جزءًا كبيرًا من ذلك، مما ينعكس أثره على صحة الزوج وضـياع وقته وتفـويت مصالحه في الخارج مع أن هذه الحقوق يقع أغلبها على الزوجـة, ويلحق بهذا قيام الزوجـة بالوقيعة بين الـزوج وأولاده، وشحـن صـدور الأولاد على أبيهم مما ينشـأ عنه حقد الأولاد وكراهيتهم لـه .
9- إرهاق الزوج بالنفقات الباهظة من غـير حاجة إليها ؛ مما ينشـأ عنه تحـمل الزوج للديـون الكبـيرة من النـاس . وفي هذا هم الزوج وغمه وتعـريضه لحقـوق الخلق؛ وقد لا يستطيع الوفاء بها مما يـؤدي به إلى السجن وغيره، وكل ذلك بسبب الزوجة الظالمة الحمقاء .
10- غيبة الزوجة لزوجها عند أهله أو أهلها أو قرابتها, وفي هذا ظلم للزوج لأن الغيبة حرام بين المسلمين وهي بين الأقارب أشـد حرمة وظلمًا .
11- السعي بالنميمة بين الزوج ووالديه أو إخوانه وأخواته أو غيرهم من الأقارب ؛ مما يكون له أكبر الأثر في تقطيع الأرحام وإفساد أواصـر الـود والمحـبة بين الزوج وأقرب الناس إليه، ويلحـق بذلك غيبة الوالدين أو الأخوة والأخوات عند الزوج، وإيغار صدره بذلك مما ينشـأ عنه ترك الولـد لوالديه وبعده عنهـم؛ كل ذلك بسـبب الزوجة الظالمة البـاغية .
12- الاعتداء على أموال الزوج الموفي للزوجة حقوقها بسرقة أو احتيال أو ضغوط معينة حتى يذعن للزوجة كارهًا للتنازل عن أمواله؛ كل ذلك يعد ظلمًا وعدوانًا على الزوج وأمواله
13- السكوت على منكرات الزوج في نفسه أو بيته، وعدم مناصحته وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، وأشد ظلمًا من هذه تلك الزوجة التي تعين زوجها على المنكرات أو تحثه وتلح عليه بها . فما أشد ظلمها لنفسها وزوجها وأولادها نعوذ بالله من ذلك .
14- ومن أشهر المنكرات التي تتسبب فيها الزوجة غالبًا: إدخال آلات اللهو والفساد في البيت وارتداء الألبسة المحرمة لها ولبناته، والسفر إلى بلاد الفساد والرذيلة ودخول السوق بلا محرم والخلوة بالسائق الأجنبي وغير ذلك .
15- طلب الزوجة الطلاق من زوجها من غير سبب شرعي إلا المضارة للزوج ومسـاومته والتعالي عليه؛ قال الرسول صل الله عليه وسلم : (( أيمـا امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة ))