منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 إنسانية الشريعة الإسلامية.. وقت الحروب والكوارث

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

إنسانية الشريعة الإسلامية.. وقت الحروب والكوارث Empty
مُساهمةموضوع: إنسانية الشريعة الإسلامية.. وقت الحروب والكوارث   إنسانية الشريعة الإسلامية.. وقت الحروب والكوارث Emptyالخميس 12 مارس 2015, 1:39 am

إنسانية الشريعة الإسلامية.. وقت الحروب والكوارث
د.قاسم طعامنة
أهداف الدراسة
تهدف هذه الدراسة إلى بيان إنسانية الشريعة في شتى جوانب الحياة المختلفة، والمراد بالإنسانية أن الإنسان له مكانة عظيمة في الدين الإسلامي وأن أحكام هذا الدين جاءت لرفع قيمة الإنسان وإسعاده.
ومما يؤكد ذلك أن الله استخلف الإنسان في الأرض بقوله تعالى: (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعلٌ في الأرضِ خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون) وكرمه على بقية مخلوقاته بقوله: (ولقد كرمنا بن آدم) فكرامة الإنسان بمعزل عن معتقدهِ، ومصونةٌ في الشريعة الإسلامية، وهذا ما أكده رسول الله صل الله عليه وسلم في حجة الوداع حيثما قال: (فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام).
ومن الجوانب التي تظهر فيها إنسانية هذا الدين وشريعته (وقت الحروب والكوارث) حيث أن قواعد الشريعة ترتكز على أداب وأخلاق وقيم، وهذه الأخلاق تلازم الإسلام في كل المجالات وفي جميع الحالات، بما في ذلك حالة الحرب بين المسلمين وأعدائهم وهي واجبة الاتباع ويلزم المسلم بمراعاتها، فلا ظلم ولا عدوان، ولا اعتداء على الأعراض، ولا غدر ولا غلول، ولا تمثيل، ولا قتل للمدنيين العزل أو تدمير للمنشآت المدنية فالحرب محصورة في مكانها.

تقديم
إن الله تعالى أنزل الشريعة الإسلامية منهاجاً كاملاً متكاملاً للحياة الإنسانية وضمنها من القواعد والأحكام وعناصر النمو والخلود وعوامل الحيوية والبقاء ما جعلها صالحة ومصلحة للبشرية جمعاء في سائر الأعصار والأمصار، وتتميز هذه الشريعة عن الشرائع الأخرى بميزة العموم والشمول، فهي عامة في كونها شريعة عالمية وديانه أممية، لا نحلة طائفية أو إقليمية أو عرقية، إنما هي فطرة الله ودعوة الحق والدين القيم الذي يخاطب الإنسان أنى وجد قال تعالى: (قل يأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعًا) (الأعراف، 158). وقال أيضاً: (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيرًا) (سبأ، 28).
وهي أيضاً شريعة عامة من جهة شمول أحكامها وهدايتها سائر أنشطة الحياة الإنسانية وقطاعاتها المتعددة، وميادينها المتنوعة قال تعالى: (ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل فأبى أكثر الناس إلا كفورًا) (الإسراء، 89).
وإن من أبرز خصائص هذا الدين وكتابه الخاتم للكتب السماوية خاصية الإنسانية واحترام الإنسان وهذا ما نلحظه في القرآن الكريم وفي سنة الرسول الكريم فهناك العشرات من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تُعلي من شأن الإنسان قال تعالى: (ولقد كرمنا بني آدم) وقال أيضاً: (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيرًا) والقرآن يؤكد أن الناس جميعاً أمة واحدة قال تعالى: (إن هذه أمتكم أمةً واحدة وأنا ربكم فاعبدون) وقال تعالى مؤكداً نفس المعنى: (يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) (الحجرات، 13).
ومن الأحاديث النبوية التي تؤكد إنسانية هذا الدين وشريعته الخالدة قوله صلى الله عليه وسلم: (الناس سواسية كأسنان المشط)، وقوله صل الله عليه وسلم: (الخلق كلهم عيال الله وأن أحبهم إليه أنفعهم لعياله).
وكلا المصدرين الرئيسيين للشريعة الإسلامية القرآن والسنة أكدا على إنسانية هذا الدين وإنسانية شريعته في كل الأزمنة والأوقات ومن ذلك وقت الحروب والكوارث وهو ما سنتناوله في هذه الدراسة.

مشروعية الحرب في الإسلام
هناك تعريفات عديدة للحرب منها: القتال الناشب بين دولتين أو أكثر للحصول على مقاصد سياسية بقوة السلاح( ).
إن معاناة البشرية من ويلات الحروب قد خلفت الكثير من المآسي ليس على الدول المتحاربة فقط بل تعداها إلى دول أخرى وفئات لا علاقة مباشرة لها بالحرب كالدول المجاورة والمحايدة والمدنيين والنساء والأطفال وكبار السن الأمر الذي تنبهت له الشرائع السماوية منذ القدم ووضعت له الضوابط الكفيلة بمنعه أو التخفيف من آثاره، كما أن المنظمات والهيئات الدولية سعت وخاصة في القرن المنصرم لوضع القواعد التي تحول دون امتداد آثار الحرب إلى غير الدول المتنازعة أو المتحاربة ولقد كان للشريعة الإسلامية التي كان من أبرز خصائص تشريعها المستمد من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة مراعاة البعد الإنساني فوضعت من الضوابط والقواعد الكفيلة بمنع امتداد الآثار السلبية عن كل ما يبعد هذه الشريعة عن بعدها الإنساني والأخلاقي سواء في أوقات السلم أو الحرب.
أما عن مشروعية الحرب في الإسلام فمن المعروف أن الرسالة الإسلامية التي هي خاتمة الديانات والتي نزلت على خاتم الأنبياء والرسل والذي بدأ دعوته بالكلمة والحجة البينة والصبر على الأذى قال تعالى: (ادعُ على سبيل ربك بالحكمة والموعظةِ الحسنةِ وجدلهم بالتي هي أحسن) (سورة النحل، 125) وقال أيضاً: (قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرةٍ أنا ومن اتبعني) (سورة يوسف، 108).
كما أن الرسول صل الله عليه وسلم أمر في أكثر من موضع في القرآن الكريم بالصبر وتحمل الأذى والإعراض عن الجاهلين قال تعالى: (فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين) (سورة الحجر، 94). وقال أيضاً: (واصبر على ما يقولون واهجرهم هجراً جميلاً) (المزمل، 10).
واستمرت الدعوة الإسلامية طوال ثلاثة عشر عاماً دعوة سلمية تعتمد الكلمة والحكمة وتحمل الأذى حتى أن الرسول صل الله عليه وسلم كان يقول لصحابته حاثاً لهم على الصبر واحتمال الأذى « وكان الرجل يؤتى بالرجل فيشق نصفين ما يصرفه ذلك عن دينه( ).
وفيما سبق من نصوص يجعلنا نؤكد أن القتال كأحد فروع الجهاد ليس غاية بحد ذاته، بل هو وسيلة لدفع الأذى والحيلولة دون تبليغ الدعوة والرسالة بالكلمة الطيبة والذي يؤكد ذلك، إضافة إلى ما سقناه من آيات قرآنية أن الآية الأولى التي نزلت تأذن بالقتال وهي قوله تعالى: (أُذنَ للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير) (الحج، 39).
نزلت بعد بيعة العقبة الثانية وبعد تعرض أصحاب الدعوة الجديدة لشتى أصناف الأذى والتشريد والنفي وهم يقابلون ذلك كله بالصبر( ). وفي الآية أذن للمسلمين الذين ابتدأهم الغير بالقتال ولم يتنزل الأذن إلا بعد أن استنفذ المسلمون كافة الوسائل الممكنة لتبليغ الدعوة، وفي هذا المعنى وجدنا العديد من الفقهاء يؤكدون أن القتال كأحد أقسام الجهاد لا يكون إلا بعد استنفاذ الأقسام الأخرى، وفي ذلك يقول أبن رشد في مقدماته والجهاد ينقسم على أربعة أقسام: جهاد بالقلب، وجهاد باللسان، وجهاد باليد، وجهاد بالسيف( ).
أما الإمام البهوتي فيبدأ باب الجهاد في كتابة كشاف القناع ببيان فروض الكفاية التي يجب البدء بها، من ذلك إقامة الدعوة إلى دين الإسلام ودفع الشبه عنه، وإقامة الصناعات التي يحتاج إليها الناس في مصالحهم الدينية والدينوية البدنية والمالية، لأن أمر المعاد والمعاش لا ينتظم إلا بذلك( ).

قواعد الحرب في الشريعة الإسلامية
تقوم قواعد الحرب في الشريعة الإسلامية على أكرم المبادئ الإنسانية والأخلاق الرفيعة، وقد أثار العديد من علماء الغرب إلى ظاهرة التقدير الكبير للتشريع الإسلامي وأقر بعضهم بفضل الإسلام على القانون الدولي وذكروا الكثير من القواعد والأحكام التي سبق الإسلام بها القانون الدولي وعلى الأخص في نظم الحرب حيث تنبه علماء القانون في القرب لعظمة الشريعة الإسلامية، وتم الاعتراف بها كمصدر عالمي للتشريع وفيما يلي استعراض لأهم قواعد الحرب في الشريعة الإسلامية( ):
القاعدة الأولى: حماية النفس الإنسانية قال تعالى: (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسًا بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن احياها فكأنما أحيا الناس جميعاً ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيراً منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون) (المائدة، 32).
القاعدة الثانية: النهي عن قتال غير المعتدين مع إعطاء المسلمين حق الدفاع الشرعي الذي لم تعرفه البشرية إلا حديثاً قال تعالى: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله يحب المعتدين) (البقرة، 190).
القاعدة الثالثة: أباح الإسلام الحرب رداً على الظلم، على أن تكون العقوبة بالمثل مع الحث على العفو إن أمكن، قال تعالى: (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حقٍ إلا أن يقولوا ربنا الله) (الحج، 39).
القاعدة الرابعة: أباح الإسلام الحرب عقوبة لنقض العهد للاتفاقيات التي تعقدها الدول الإسلامية مع الدول الأخرى، قال تعالى: (إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون) (الانفال، 55- 57).
القاعدة الخامسة: أباح الإسلام الحرب لنصرة المظلوم قال تعالى: (وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك ولياً واجعل لنا من لدنك نصيرًا) (النساء، 75).
القاعدة السادسة: أمر الإسلام اتباعه بالاستعداد بالقوة الكافية لإرهاب الأعداء قال تعالى: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوةٍ ومن رباطِ الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنت لا تظلمون) (الأنفال، 60).
القاعدة السابعة: حث الإسلام على مبدأ إعلان الحرب قبل القتال، ففي حديثين للرسول صل الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب ولمعاذ بن جبل في غزوتين مختلفتين (لا تقاتلوهم حتى تدعوهم للإيمان فإن أبوا فلا تقاتلوهم حتى يقاتلوكم ويقتلوا منكم قتيلا، ثم أروهم هذا القتيل وقولوا لهم هل لكم خيراً من ذلك بأن تقولوا لا إله إلا الله.... فلأن يهدي الله على يديك رجلاً واحداً خيراً لك مما طلعت عليه الشمس وغربت).
ومن الأمثلة الرائعة: على هذه القاعدة ومدى التزام المسلمين بمبادئهم ما حكاه ابن الأثير في الكامل والبلاذري في فتوح البلدان: وهو أن أهل سمر قد شكوا إلى عمر بن عبد العزيز ظلماً وتحاملاً عليهم من قتيبة بن مسلم الباهلي، حينما أخرجهم من أرضهم وقاتلهم دون إنذار، فطلب عمر من قاضيه سليمان بن أبي السري أن يحكم في أمرهم، فحكم بخروج العرب من أرضهم إلى معسكراتهم، وينابذوهم على سواء، فيكون صلحاً جديداً أو ظفراً عنوة، فقال أهل سمرقند: بل نرضى بما كان ولا نحدث حرباً وتراضوا بذلك( ).
القاعدة الثامنة: كان للإسلام السبق في التمييز بين المقاتلين وغيرهم من المدنيين الذين لا يقاتلون وفي وصايا الرسول صل الله عليه وسلم وخلفائه من بعده لقادة الجيش: (انطلقوا باسم الله وعلى بركة رسوله لا تقتلوا شيخاً ولا طفلاً ولا صغيراً ولا أمرأة ولا تغلوا وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين).
القاعدة التاسعة: أوصى الرسول صل الله عليه وسلم بعدم الإحراق بالنار فقال: (لا ينبغي أن يضرم بالنار إلا رب النار).
القاعدة العاشرة: الحفاظ على البنية التحتية والمال العام والخاص وفي وصية الخليفة الأول لأسامه ابن زيد أمير أول بعثة حربية في عهده (..... ولا تقطعوا نخلاً ولا تحرقوه ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا مأكلة...).
القاعدة الحادية عشر: وضع الإسلام منهاجاً في معاملة الأسرى جوهرهُ التكريم والمحافظة على كرامة الأسير والمحافظة على حياته قال تعالى: (ويطعمون الطعام على حبهِ مسكيناً ويتيمًا وأسيرًا) (الإنسان، Cool. وقال صل الله عليه وسلم: (استوصوا بالأسرى خيراً)
القاعدة الثانية عشر: وضع الإسلام حقوقاً للقتلى منها عدم التمثيل بالجثث قال صل الله عليه وسلم: (إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور ومنها أيضاً دفن قتلى الكفار في المعارك وهذا ما فعله الرسول مع قتلى الكفار في غزوة بدر، أما الجرحى والمرضى فيجب معالجتهم ولا يجوز الإجهاز عليهم).
القاعدة الثالثة عشر: حماية حق الإنسان في الحياة واعتبار قتل نفس واحدة كقتل الناس جميعاً قال تعالى: (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا) (المائدة، 32).
القاعدة الرابعة عشر: وضع الإسلام ضوابط النزاعات المسلمة الداخلية التي تقوم بين المسلمين قال تعالى: (وإن طائفتان من المؤمنين أقتتلوا فأصلحوا بينهما) (الحجرات، 9).
بعد أن استعرضنا القواعد الأربعة عشر والتي أطلقنا عليها قواعد الحرب فإننا نؤكد أن هذه القواعد هي ثوابت يجب مراعاتها في حالتي الحرب والسلم، وهذا ما تشهد به آيات القرآن الكريم المتعلقة بالرحمة: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) وآيات كثيرة غيرها كما تشهد بذلك أحاديث الرسول القولية والفعلية وسيرته صل الله عليه وسلم وسيرة أصحابه من بعده ومن منطلق التأكيد على موضوع هذا اللقاء، فإننا سنشير وباختصار إلى مجموعة من الوصايا الصادرة عن الرسول وعن صحابته والتي يمكن أن نطلق عليها وصايا الحرب ليستنتج القارئ منها وبشكل واضح إنسانية هذه الشريعة ورحمتها وقت الحروب والكوارث كما أننا سنعرض لمعاملة أسرى الحرب وطريقة التعامل مع المدنيين في حالة الحرب.
أولاً: وصايا حربية:
1- كان الرسول صل الله عليه وسلم كلما بعث بعثاً أو أرسل سرية قال: (تألفوا الناس، وتأتوا بهم، ولا تغيروا عليهم حتى تدعوهم، فما على الأرض من أهل بيت من مدر ولا وبر إلا أن تأتوني بهم مسلمين أحب إلي من أن تأتوني بأبنائهم ونسائهم وتقتلوا رجالهم) ( ).
2- لم يشرع الرسول قتل النساء والذرية في شيء من مغازيه، ووجدت إمرأة مقتولة في بعض مغازي رسول الله، فأنكر الرسول قتل النساء والصبيان ورأى الناس في بعض غزواته مجتمعين على شيء، فبعث رجلاً فقال: أنظر علام اجتمع هؤلاء، فجاء فقال: أمرأة قتيل فقال صل الله عليه وسلم ما كانت هذه لنقاتل وكان على المقدمة خالد بن الوليد فبعث رجلاً فقال: قل لخالد، «لا يقتلن إمرأة ولا عسيفاً( ). والعسيف هو الأجير.
3- ومن أقواله صل الله عليه وسلم لا تعذبوا عباد الله بعذاب الله( ).
4- ومن وصايا الخليفة أبي بكر الصديق ليزيد بن أبي سفيان واني موصيك بعشر: لا تقتل إمرأة ولا صبياً ولا كبيراً هرماً، ولا تقطعن شجراً مثمراً، ولا تخربنَّ عامراً، ولا تعقدن شاة ولا بعيراً إلا لمأكلة، ولا تحرقن نخلاً ولا تغرقنه، ولا تقتل ولا تجبن( ).

معاملة الأسرى في الإسلام
تمشياً مع تمتاز به الشريعة الإسلامية من مراعاة البعد الإنساني في جميع الحالات فإن هذه المزية هي أبرز ما تحرص عليه الشريعة وخاصة في أوقات الحرب، وقد تميز المسلمون عبر تاريخهم وفي جميع معاركهم التي خاضوها بمراعاة الرحمة والإنسانية مع جميع الأقوام مما دفع الكثير من المستشرقين للإقرار بذلك إذ قال لوبون في العرب «ما عرف التاريخ فاتحاً أعدل من العرب( ).
أما عن معاملة الأسرى في الإسلام، فالأسرى هم الرجال الأحرار العقلاء المقاتلون إذا أخذهم المسلمون قهراً بالغلبة( ).
وقد أسهمت معاملة المسلمين للأسرى بالرفق والرحمة والتكريم فالرسول يقول: استوصوا بالأسارى خيراً والله تعالى يقول ( ويطعمون الطعام على حبه مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكورًا) (الإنسان: ٨ - ٩)
وقد قرر الفقهاء أنه لا يجوز تعذيب الأسير بالجوع والعطش، وغيرهما من أنواع التعذيب، لأن ذلك تعذيب من غير فائدة، وقد ثبت أن رسول الله قال في بني قريظة بعدما احترق النهار في يوم شديد الحرارة( ).
«لا تجمعوا عليهم حر هذا اليوم وحر السلاح قيلوهم حتى يبردوا»().
وكانت معاملة الأسرى في الحروب الصليبية مثلاً حضارياً رائعاً في تاريخ هذه الأمة إذ توسل إلى صلاح الدين الأيوبي مجموعة من النساء أن يفك سراح أزواجهن وأولادهن فأمر برد الأسرى ووزع الصدقات على اليتامى والأرامل وعمل على إسعاف الجرحى ومعالجة المرضى.
وعن مصير الأسرى بعد انتهاء الحرب فالفقهاء آراء مبثوثة في مظانها مما لا مجال لعرضها هنا وهي لا تخرج في مجملها عن قوله تعالى: (فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء) (محمد: ٤)
ويمكن القول: أن نظرية الإسلام في الأسرى تتلخص في عناصر ثلاثة هي: حسن المعاملة حتى يبت في أمرهم «إطلاق سراحهم» الفداء لمن يرجى منهم الخير والقتل لمجرمي الحرب.

معاملة المدنيين وقت الحرب
ذكرنا فيما سبق أن قواعد الشريعة الإسلامية في أوقات الحرب والسلم قائمة على الرحمة والرفق ومراعاة إنسانية الإنسان، وأن الأخلاق داخلة في كل مجالات الحياة الإنسانية، لأن رسالة الإسلام جاءت لتكمل مكارم الأخلاق، وهذا ما قاله الرسول الكريم «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».
هناك العديد من التعريفات للمدنيين عند المعاصرين من الباحثين فالمدنيين هم من ليسوا لهم علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالمعركة.
ومن التعريفات أيضاً المدني هو الشخص الذي لا يشارك في الحرب، أو العمليات العسكرية بأي مجهود كان بشكل مباشر أو غير مباشر.
أما عند الفقهاء سابقاً فلم يتعرضوا لتحديد مفهوم من هو المدني؟ حيث أن هذا المصطلح من المصطلحات المعاصرة ولكنهم تعرضوا لمن لا يحل قتله أو من يكره قتله أو من يجوز قتله وهناك أكثر من اتجاه عند الفقهاء لتحديد مفهوم مصطلح المدني حسب دراسات الباحثين المعاصرين ولكنهم سردوا فئات لا يجوز قتلها ينطبق عليها اليوم فئة المدنيين وذكروا منها. النساء والصبيان والشيوخ والرهبان والمرضى().
وقد أورد الكاساني من فقهاء الأحناف في كتابه بدائع الصنائع فصلاً في بيان من يحل قتله ومن لا يحل ممن ينطبق عليهم وصف المدنيين بالمفهوم المعاصر( ).
يمكن القول بعد هذا التقديم أن معاملة المدنيين نابعة في الأصل من أخلاقيات الإسلام والتي أشرنا إليها فيما سبق وهي الأخلاقيات المتمثلة بالرحمة والعدل والمستمدة في مجملها من القرآن الكريم وسنة الرسول صل الله عليه وسلم فالله يقول: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) (البقرة: ١٩٠ (
ويقول أيضاً (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) (الممتحنة: ٨)
وقد أنكر الرسول صل الله عليه وسلم قتل إمرأة في بعض المغازي ومن وصاياه للجيش قبل الانطلاق إلى الحرب أغزوا في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله أغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تقتلوا الوليد ولا أصحاب الصوامع( ).
ومن الأمثلة الرائعة على إنسانية الشريعة ورحمتها وعدالتها فتوى الإمام الأوزاعي للخليفة الأموي بعدم جواز قتل الرهائن وهم أشخاص أخذهم المسلمون من الروم (في حالة حرب) ضماناً لعدم غدر قومهم وكانت العادة العامة أن تقتل الرهائن إذا يغدر قومهم فلما غدر الروم وهمّ الخليفة بقتل الرهائن عارضهُ الإمام الأوزاعي وأفتى بأنه لا يحل قتلهم في شريعة الإسلام، لأن الله تعالى قد منع أن يواخذ أحد من الناس بجريرة غيره والله يقول (ولا تزر وازرة وزر أخرى) وهذا يؤكد أن قواعد الشريعة الإسلامية ترتكز على آداب وأخلاق وقيم وهذه الأخلاق تلازم الإسلام في كل المجالات، وفي جميع الحالات، بما في ذلك حالة الحرب بين المسلمين وأعدائهم، وهي واجبة الاتباع ويلزم المسلم بمراعاتها، فلا ظلم ولا عدوان ولا اعتداء على الأعراض، ولا غدر ولا غلول، ولا تمثيل، ولا قتل للمدنيين العزل، أو تدمير للمنشآت المدنية فالحرب محصورة في الميدان وقت الحروب.
ومن المواقف التي تظهر إنسانية الشريعة الإسلامية أوقات الكوارث ما حصل في طاعون عمواس وهذا الوباء الذي وقع في بلاد الشام أيام الخليفة عمر بن الخطاب سنة 18هـ بعد فتح بيت المقدس ومات فيه كثير من المسلمين، منهم عدد كبير من صحابة الرسول - ص - حيث لجأ الخليفة الثاني إلى فرض الحجر الصحي حماية للإنسان في أوقات النكبات والكوارث، وهذا ما حصل قبل أربعة عشر قرنا وقبل أن تتبناه أي جهة دولية لإدخاله في تشريعاتها، وذلك حماية للصحة العامة من المرض عملاً بقول الرسول «إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع وأنتم بأرض فلا تخرجوا منها فراراً منه. وفي هذه الحادثة يظهر حرص الشريعة على الإنسان وخاصة في أوقات الكوارث والنكبات().
ومن المواقف التي تظهر الحرص على الإنسان ما أصاب المسلمون عام الرمادة وهي حالة نكبة سنة ثماني عشرة للهجرة في عهد الخليفة عمر بن الخطاب من جوع وضنك حتى أصبحت ألوان الناس مثل: لون الرماد قال زيد بن أسلم عن أبيه قال: لما كان عام الرمادة تجلبت العرب من كل ناحية فقدموا المدينة فكان عمر بن الخطاب قد أمر رجالاً يقومون عليهم ويقسمون عليهم أطعمتهم فكان يزيد ابن أخت النمر وكان المسور بن مخرمة وكان عبد الرحمن ابن عبد وكان عبد الله بن عتبة بن مسعود فكانوا إذا أمسوا اجتمعوا عند عمر فيخبرونه بكل ما كانوا فيه وكان كل رجل منهم على ناحية من المدينة فسمعت عمر يقول ليلةً وقد تعشى الناس عنده أحصوا من تعشى عندنا فأحصوهم من القابلة فوجدوهم سبعة آلاف رجل، وقال أحصوا الحالات الذين لا يأتون والمرضى والصبيان فأحصوهم فوجدوهم أربعون ألفاً وكانت قدور عمر يقوم إليها العمال في السحر حتى يصبحوا ثم يطعمون المرضى وما أكل عمر وهو رأس الدولة في بيت أحد من ولده ولا بيت أحد من نسائه زمان الرمادة إلا ما يتعشى مع الناس حتى أحيا الله الناس( ).

الخاتمة
يمكن القول أن الشريعة الإسلامية شريعة قائمة على الرحمة والرفق وحب الناس فهم جميعاً مكرمون بغض النظر عن دينهم ومعتقدهم قال تعالى: (وقد كرمنا بني آدم)، وأن هذا الإنسان هو من أرسلت له الرسل، وأنزلت لأجله الكتب وهو الذي استخلفه الله في الأرض لعمارتها وأن الدين جاء لخدمته ولإخراجه من الظلمات إلى النور.
وأن الأخلاق بمفهومها الشمولي تسود جميع الميادين الإسلامية فالأخلاق ترافق المسلم الفرد في حياته العادية واليومية، كما ترافق المجتمع في حالات السلم وفي حالات الحرب ففي حالة الحرب ينهي الرسول صل الله عليه وسلم عن قتل المرأة ويصدر أمراً بمنع ذلك، وفي حالة السلم يقف تقديراً لحالة موت يهودي مرت جنازته من أمامه فيقول الصحابة إنها جنازة يهودي فقال: أليست بنفس إنسانية قال تعالى: (أنه من قتل نفسا بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا).
*جامعة العلوم الإسلامية العالمية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
إنسانية الشريعة الإسلامية.. وقت الحروب والكوارث
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» البروتستانتية الإسلامية و الجذور الماسونية للإحيائية الإسلامية
» مقاصد الشريعة الإسلامية من الصيام
» البكاء والضحك .. مظاهر لغة إنسانية عالمية واحدة
» حفظ النفس الإنسانية من مقاصد الشريعة الإسلامية
» عشرون عاماً من الحروب مشروع تكاليف الحروب بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث دينيه-
انتقل الى: