[rtl]د. خالد حسنين[/rtl][rtl]العزم بعد "الحزم"[/rtl][rtl]التاريخ:29/3/2015 - الوقت: 12:30ص[/rtl] تأييد واسع في العالم العربي لحملة "عاصفة الحزم" التي أطلقها الملك سلمان، وشاركته فيها عشر دول عربية، فهي الحرب الوحيدة التي لا خلاف عليها بين التحالفات العربية المختلفة، ذلك أن ميلشيات الحوثي المدعومة من الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، ومن ايران، لم تكن موفقة في سلوكها السياسي، ومواجهتها كافة دول الإقليم بأسلوب فج ينمّ عن غياب الرؤية السياسية والحكمة، فضلا عن محاولة فرض الشروط على الآخرين بأسلوب العصابات.
نخشى بعد حسم معركة الحزم من عودة الانقسام إلى التحالف العربي الحالي، وذلك لوجود انقسام أصلا في توجهات الدول المشاركة فيه، فقد بات واضحا وجود مجموعة من الدول ارتبطت بالمشاريع الأميركية في المنطقة، وتمثلها مصر والإمارات والأردن، وأظهرت هذه المجموعة تساوقا واضحا مع التقارب الأميركي مع إيران والعمل معها على بناء نظام إقليمي جديد، فتصريحات السيسي بشأن سوريا والعراق، ومحاولات الأردن ترميم العلاقة مع ايران والعراق، والتزام الإمارات بالسياسات الأميركية أكثر من الاميركيين أنفسهم، كل ذلك جعل منهم شيئا مختلفا عن السعودية وقطر والبحرين (إلى حد ما) وهي الدول التي تسعى لبناء تحالف جديد مع تركيا، مبتعدة عن السياسة الأميركية في هذا الشأن.
مشروع تشكيل قوّة تدخل سريع عربية، الذي أقرّه مجلس وزراء الخارجية العرب يوم أمس، مستندين إلى قوّة الدفع التي شكّلتها عملية "عاصفة الحزم" يمثل منعطفا خطرا قد يؤدي إلى حروب (مجاملات) مستقبلية، فالمجموعة العربية/الأميركية (إن جاز لنا التعبير) تريد ذلك التشكيل للتدخل في ليبيا، والسيطرة على منابع النفط فيها، وإلغاء ثورة الشعب الليبي هناك، أما المجموعة العربية/التركية فتسعى أساسا لاستخدام التحالف للضغط على نظام الأسد بعد أن وصل عدد الضحايا إلى ربع مليون شهيد حتى الآن وبضعة ملايين من الجرحى والمعتقلين والمشردين، وآن الأوان لإنهاء تلك المأساة التاريخية، وما نخشى منه أن تحصل مقايضة بين المعركة الأولى والثانية، فيقف الجميع مع الحرب على ليبيا، مقابل مشاركتهم في الحرب على سوريا ونظام الأسد.
لا شك أن هناك معركة ثالثة لا خلاف عليها بين التحالفين، وأعني بها مواجهة تمدد تنظيم داعش في العراق وسوريا، ولكن هذه المعركة بالذات تمثل نقطة خلاف حول المرحلة اللاحقة التي تأتي بعد القضاء على تنظيم داعش، هل يترك الأمر لإيران وعملائها بالتمدد على حساب داعش، أم يجري تأهيل أهل السنّة وقبائلهم للسيطرة على مناطقهم ضمن اتفاق شامل لتقسيم العراق وتحويله إلى دولة فدرالية..
كل السينايوهات السابقة مطروحة، فإن لم يتم الاتفاق على نطاق عمل القوة العربية المشتركة فسوف يتم تعطيل تلك القوة، أو انقسامها إلى فريقين كل يعمل على ليلا، وهذا الأمر سيزيد من حدّة الانقسام العربي، ويؤدي إلى مزيد من هيمنة القوى الاقليمية الرئيسة (اسرائيل، ايران، تركيا) على المنطقة العربية، فهل تحمل القمة العربية التي بدأت اليوم بارقة أمل جديدة في هذا السياق؟ نأمل ذلك!!