[rtl]بيضة الغراب الفضائية: حكموا على مرسي وبرأوا مبارك!… و«الميادين» تحلل ضغط روسيا على السعودية[/rtl]
[rtl]لينا أبو بكر:[/rtl]
APRIL 22, 2015
كان الطقس باردا وثلجيا عندما كان الماغوط يبحث عن مدفأة لم يجدها سوى في مقر الحزب الوطني قرب منزلهم، ليتخذ قراره الحاسم بالإنضمام للحزب ليس عن إقتناع بقدر ما هو طمع بالمدفأة، وهذا تحديدا ما أدخله السجن: الطمع !فما وجه الشبه بين طمع الماغوط وطمع محمد مرسي؟
ما هي المدفأة الحزبية التي كانت وراء اعتقاله؟ وهل كان يونيو/حزيران شهرا شتويا بمقاييس الاصطكاك؟
بالأمس صدر الحكم المشدد من القضاء المصري بحبس مرسي عشرين عاما وهو الذي حكم مصر لعام واحد فقط، في حين أنه برأ مبارك ولم يتصدق عليه حتى بعام مجاني ولو جبرا لخاطر الثوار، بعد حكم استبدادي لثلاثين سنة، توج بها فرعونا أبديا، فهل يستحق هذا العام ما لم تستحقه الأعوام الثلاثون العجاف في تاريخ مصر؟ !
لا بد لهذا النوع من الأخبار المندلقة من كفة ميزان مائلة أن تصاب بالقصور القانوني، خاصة وأن القضاء برأ مرسي من تهمة القتل بما يعرف بأحداث الإتحادية بينما حكم عليه بتهمة استعراض القوة؟ فهل هذا قضاء تحت السن القانونية، أم أنه تجاوز سن التقاعد ودخل في الخرف والهلوسة؟!
إنها عدالة مشوهة تنظر إلى نفسها في مرآة الزبون الشاويشي، وتسير في شارع محمد علي متبخترة: «أنا وحشة وأعجب نفسي وأشوف الحلوين تقرف نفسي «!
سلام مربع للعوج
لقد ارتكبت العدالة الظلم مرتين: مرة بالحكم عشرين عاما على عام لم ترتكب خلاله جرائم قتل متعمد حسب عريضة الحكم نفسها، ومرة لما ظلم الضحايا الذين سقطوا في الإتحادية على مرأى العالم بتدخل من مرسي والإخوان، ورغم إعتراض حمزة زوبع في ما وراء الخبر على الشق الثاني محاججا ضيف محمد كريشان من واشنطن، الذي أدان القضاء أيضا، إلا أنه اعتراض مجحف، طالما أنه أباح الجرم، لما تساءل عما قد يفعله السيسي لو اقتحم المتظاهرون قصره؟ فهل لهذا معنى غير تبرير الجريمة؟!
زوبع هو الوجه الآخر للمرآة المشروخة، تراه يسب ويشتم إبراهيم عيسى، ناعتا إياه بالعبيط والسافل والكذاب، وغيرها من الأوصاف المشينة، معيبا عليه ما يفوقه به، في حرب العقارب، حيث يحقن كل منهما ذيله بالسم، وفي لحظة التحام الجسدين المصفحين بالقشور، يخترق أحدهما الآخر ثم يقضم جثة أخيه ميتا! ألا تنحاز هنا للمثل المصري الذي تساءل يوما: «أخبار البلد مع مين؟ فأتاه الجواب من فاعل خير أخرس: أخبارها مع العمي والمكسحين !
الطريف في الأمر أن لميس الحديدي حسب مصادر زوبع على قناة مكملين، طلعت بلدياتي، يعني خريجة قناة «الجزيرة» وتحديدا برنامج «للنساء فقط «، فهل كان ينقص الحديدي هذه الزفة الفضائية التي تفضح تقلب الإعلاميين بين المضاجع الإعلامية، حسب ما تقتضيه المصلحة وحصالة الجيوب !
أتذكر مقالة للكاتب الأسترالي جون بيلجر، تحدث فيها عن ما وصفته «الغارديان» بأكثر اللقطات رسوخا في الذاكرة الإعلامية، وهي التي فجر فيها المذيع (جيرمي باكسمان) في نشرة «بي بي سي» المسائية صرخته: «ألست مجرد مدافع عن صدام حسين»؟ في (وجه دينيس هاليداي) أحد كبار مسؤولي مكتب الـ»يو أن» في بغداد، والذي أطلق الصفارة الوحيدة في مجزرة الصمت على تدمير العراق، فقدم استقالته كي لا ينفذ ما وصفه بالإبادة الجماعية!
يتساءل بيلجر: ما الذي حدث بعدها يا ترى لهاليدي، ثم يجيب: لقد تعرض للشفط الهوائي، وعومل كعنصر ذميم، وبعد فترة وجيزة كوفئ باكسمان بتوقيع عقد كتاب بمليون باوند استرليني !
وما إنتقال لميس من جبهة «الجزيرة» الإعلامية إلى جبهة إعلام التسطيل والتنويم المغناطيسي في مصر، إلا برهنة على خطورة الإعلام، الذي لم يعد مجرد حكومة خفية، حسب تعبير (إدوارد بيرنييز)، لأن عمر المعلومات من عمر الميديا، فالحروب تخاض عن طريق الميديا، والجاسوسية والتسريبات والشيطنة، وما يمكنك أن تسميه بتعبيرنا الدارج: الزعرنة الإعلامية، التي يتراءى لك عبرها صعاليك فضائيون وحملة أمواس مشطوبون يتبارزون بشفرات الحلاقة وحكحكة الذقون!
أذاع سامي حداد مرة في برنامجه «أكثر من رأي» في حلقته الخاصة بقانون مكافحة الإرهاب في بريطانيا قرار مجلس العموم بإلغاء وثيقة «الماجناكارتا»، التي تنص على حق المعتقل بالمثول أمام المحكمة لتبث في شرعية إعتقاله، ثم عن خبر تحويل طلاب الجامعات البريطانية إلى جواسيس، ولن تفاجأ عزيزي المشاهد لو علمت أن قناة «بي بي سي» البريطانية بثت خبرا قبل أيام يفيد بتسخير الطواقم التعليمية في المدارس لاستدراج الطلاب – المسلمين تحديدا- لمعرفة ميولهم الإرهابية من عدمه! وسلام مربع للخواجا القانون !
روسيا في إيران في كوشة «الميادين»
يا الله كم بدا الأسد منهكا، وقد فقد الكثير من وزنه، وملامحه الشابة شابتها شيخوخة مبكرة، وهو يتحدث إلى الإعلام الفرنسي، حتى بدا كأنه يحمل صخرة سيزيف فوق جبل قاسيوني تحدب ظهره!
في هذه الأثناء أعلن العسيري توقف الضربات الجوية على اليمن، وبدأ نعيق غربان السمك يزعج غربان الفصائل الأخرى، لتستعر حرب كلامية بين الأعشاش الفضائية، لم يتفتق عنها سوى بيضة سوداء مهما بشرت بميلاد جديد تظل في نهاية المطاف بيضة غراب!
الإعلام لم يعد رسولا ينقل الخبر، بل هو رسالة كما كتب بيلجر، إنه حرب ضد الحواس، لأنه يقوم بتعطيلها، مستعينا باستيراتيجية التنويم المغناطيسي التي حدثتكم عنها، فقناة «الميادين» ترى أن وقف العمليات العسكرية ما هو إلا استجابة للضغط الروسي الذي إعتنق الأفكار الإيرانية بتبني مبادرة سياسية أطلق على إثرها بوتين تصريحات تهدد أمن الرياض في حين أن الطرف الأمريكي تعهد بحفظ أمن المملكة، حسب قناة «الميادين»، ثم تورد القناة خبرا حول اتصال العاهل السعودي ببوتين قبل ساعات من قرار وقف النار، مما اعتبرته استنجادا، ليسترسل الضيوف والطاقم بهذا الدور التاريخي لروسيا وإيران، في وصلة احتفاء وتطبيل وتزمير ريائية، ينسون بها اليمن تماما، بل ويضعونه في سلة المهملات، كأن اليمن لم يكن يهمهم في شيء سوى إضافة بطولة ملحمية لأربابهم، فهل عرب أنتم؟
منتهى الرمحي في «بانوراما العربية»، تسأل عن المرحلة الثانية من «عاصفة الحزم»، لكن أحمد العسيري يؤكد على انتهاء العملية تماما، وبدء عملية جديدة تتمثل في إعادة الأمن لليمن، مع الإصرار على تحريك العاصفة بمجرد عودة الحوثيين للشغب وتهديد دول الجوار!
منتهى افترضت أن هنالك هدنة، ولكن ضيفها من جديد لم يوافق على تعبيرها بل أكد لها أنهم ابتدأوا بمهمتهم بناء على طلب من الرئيس اليمني هادي، ولما حققوا أهدافهم بقصف مخازن الذخيرة والقواعد العسكرية واللوجستية والصواريخ البالستية التي استولى عليها الحوثيون بمعدل 2415 طلعة جوية، وبناء على طلب من الرئيس هادي بوقف العمليات بعد إصابة الأهداف، تم ذلك .
السؤال الذهبي، جاء من محمد كريشان في نشرة الثلاثاء المسائية، حيث سأل العسيري عن تزامن تصريحات أحد المسؤولين الإيرانيين عن علمه المسبق بوقف الغارات، مع قرار إنهاء عمليات «عاصفة الحزم»، أجاب العسيري بما لم يقنع إعجابك أو حاجتك لسؤال كريشان: هذا شأن الرئيس اليمني إسألوه إن كانت هناك تسوية سياسية ما قام بها؟!
فهل ترضى أيها المشاهد بهذه الإجابة!
لماذا وقفت «عاصفة الحزم»؟ لماذا بدأت أصلا؟ الجواب ليس ضروريا أيها المشاهد، لأن هذه الحروب لم يخضها الجنود ولا الضحايا، إنها حروب إعلامية ينتصر بها الأقوى دائما، ولو أن هتلر انتصر في الحرب العالمية لكان مخلصا بنظر التاريخ والأجيال اللاحقة وتحول تشرتشل إلى مجرم تاريخي منبوذ، كما عبر أحد ضيوف «الجزيرة» !
زعرنة إعلامية
كان ( تشارلز ريتش) الأكاديمي الأمريكي صاحب الكتاب الذي أحدث إنقلابا في تاريخ علم الحقائق حين تنبأ بثورة فردية قبل ستة وأربعين عاما، تصبح فيها التحركات السياسية ومجرد نقل الخبر فشلا لا تقهره سوى التأثيرات الثقافية والتأملية التي ستكون لها اليد العليا بتغيير العالم، فكيف لا توافقه، والحرب الإعلامية حرب ثقافات، وديانات، تضع السياسة في المقاعد الخلفية، وتحجز المقاعد الأولى للزعران الإعلاميين، وقد دون بيلجر لعدد من التحقيقات الصحافية مع كبار الصحافيين الغربيين بعد الحرب على العراق، منهم «تشارلز لويس، دان راذر، وديفيد روس» ليحظى بإجابة موحدة: لو كنا قمنا بعملنا كصحافيين لما خاض سياسيونا الحرب على العراق !
إنه الطاعون التناسلي الأسود، إنه السفلس الإعلامي الذي يبيح المعاشرة المحرمة بين أسرة الغرباء، مما ينتج كوارث جينية سميناها تأدبا: صحونا فضائية !
كاتبة فلسطينية تقيم في لندن
لينا أبو بكر: