[rtl]انعطافات مدرسة السياسة الأردنية.. "الإخوان" نموذجا[/rtl][rtl]التاريخ:23/4/2016 -[/rtl]عمّان ـــ ربى كراسنة
اعتاد الأردنيون على سياسة بلادهم الرسمية، في كل أزمة داخلية أو خارجية، سلوك طريق استطاعت من خلاله النفاذ على الدوام إلى المصالح الوطنية، بأقل الخسائر الممكنة.
هو طريق سار عليه الأردنيون "رسميون ومعارضة إخوان وعشائريون" في محطات عدة، آخرها النسخة الأولى من الربيع العربي.
هو إيقاع يرى الأردنيون انه يكاد يختلف، وليس شاهدهم على ذلك الطريقة الجديدة في التعامل مع جماعة الإخوان المسلمين.
بينما كان الناس يقتلون في الشوارع العربية انشغل "الأمن" الأردني بتوزيع الماء والعصائر على المتظاهرين.
وعندما تجرأ البعض على أن يحرف "العبقرية" الأردنية بالمرور من بين النيران دون حتى "اللسع" قال "الإخوان المسلمين" - المرخصة منذ عام 1946 والتي عدل اسمها إلى "جماعة" عام 1953 بقرار من رئاسة الوزراء- لهذا البعض: "لا، لن نسقط البلد في الفوضى وسندعم فقط من يريد الإصلاح".
"الإخوان" مدرسة أردنية
صحيح أنها لم تكن وحدها من رفض "العبث بأمن البلد"، لكنها كانت في المقدمة. قالت (لا) مبكراً يوم أريد للربيع العربي أن يتحول إلى فوضى خلاقة. فهل لأنها فعلت ذلك عوقبت؟ يسأل المراقبون؟
حتى وقت قريب، كانت النجاحات المتحققة من "إدارة الأزمات" عبر عقود طويلة، مدرسة أردنية، حار بها الناس. فهل كل هذا انتهى؟ اليوم نشهد أسئلة عريضة تتعلق بالسر في تدفق الرغبة المجهولة بافتعال الأزمات، وكأن المطلوب "الناطور" دون "العنب".
عندما كان المراقب الغريب عن البلد يرى على شاشات التلفزة العربية والعالمية التظاهرات الأردنية المعارضة المنطلقة من المسجد الحسيني في زمن "الدم العربي الأول"، كان يقف مشدوها وعربات "البزر" و"الفول الساخن" تلاحقها باعتبارها مصدر "لتزاحم الأقدام".
في خلفية المشهد أرّخ الأردنيون ـــ نظاما وشعبا ـــ لمسيرات تطالب بالإصلاح يشارك بها أشخاص حقيقيون يهتفون مرة ويأكلون البزر مرة. الجميع آمن، ولا شيء كان يزعج سوى الطقس.
كان المشهد يعبر عن فرادة أردنية. لا أحد فيها يريد إلغاء الآخر. مواطن يهتف للإصلاح وشرطي يوفر له الماء البارد. في الوقت الذي كان يُقتل فيه الناس بالرافدين والشام وبلاد النيل، والأرض التي ما عادت سعيدة، تلك اليمن.
بعد كل هذه النجاحات بإتباع أوراق أثبتت نجاحها في تمرير البلاد عبر الأزمات دون "خدش"، سيجري التخلي عنها فجأة عندما يفيق قوم ليتذكروا قصة "ترخيص جماعة الإخوان المسلمين".
محطات تاريخية
في عام ١٩٥٧ حافظ الإخوان على النظام من الانقلاب ووقفوا إلى جانبه، فيما يجلس اليوم التيار المنقلب على كراسي المسؤولية ويدير بعض الوزارات في الدولة. وفي ١٩٧٠ كان للجماعة موقفها المشرف من الفتنة آنذاك.
وفي "هبة نيسان" وقفت الجماعة ضد التخريب وطالبوا بخفض الأسعار ووقفوا إلى جانب الدولة في لجان مشتركة. وفي "أحداث معان" الإخوان شكلوا لجنة مشتركة مع "الداخلية" وعملوا على حل المشاكل وقتها.
لماذا التخلي اليوم عن أدوات السياسة الأردنية الناجحة؟
متابعة سريعة لكثير من الملفات المحلية والخارجية تُظهر تخلي "الرسمي" عن الأدوات الناجحة للسياسية الأردنية التي جرى استخدامها طوال عقود، وان الأمر لا يتعلق بملف الإخوان فقط.
الجميع يدرك أن المسألة ليست "كف عدس قانونية"، وهنا تظهر خطورة انتقال "الفرادة" الأردنية إلى حيز سياسي اختبر فشله العرب عقودا وعقودا.
وهذا ما كرره كثيرا القيادي التاريخي في الحركة الإسلامية الدكتور عبد اللطيف عربيات عندما قال: "إنها ممارسات تسيء للبلد".
يكاد الدخول في جدل الترخيص يتحول إلى حديث فائض عن الحاجة، بعد أن قال القضاء الأردني كلمته الفصل؛ عندما أنصف جماعة الإخوان المسلمين التاريخية وأكد أن جمعية عبد المجيد الذنيبات ليست خلفا قانونيا للجماعة المرخصة من رئاسة الوزراء عام 53، مثلها مثل العديد من الجهات المرخصة من الرئاسة وليس من وزارة بعينها.
نهر الأردن
نهر الأردن كان على الدوام مقدسا. فمن يريد أن يقول للناس بافتعاله الأزمة وراء الأزمة إننا لم نعد بخير؟ ومن يريد إلغاء التميز الأردني وعبقريته بإخافة الناس على مستقبلهم؟
المناخ اليوم يضغط على الشرايين حتى الوجع؟ والغريب أن لا شيء يستحق، والأهم لا شيء استجد. فلِم السوط يوم تكفي العصا، ولِم العصا يوم تكفي الكلمة، ولِم الكلمة يوم تكفي النظرة، ولم النظرة يوم تكفي الفكرة!
هذا ما تحقق تاريخا في المعاصر من تاريخ نهر الأردن. في الخمسينات والستينات والسبعينات، وهذا ما نسجت خيوطه بأيد أردنية فيما تلا ذلك، حتى إذا وصلنا إلى مرحلة (بو عزيزي) لم يضطر النظام ليقول: (إحنا غير)، بل اندفع الناس بقيادة "الإخوان" وقالوا: (إحنا غير).
مشاركة في الحكم
تفهم المراجع القانونية ممارسات الدولة ـــ وفق محددات قوانين العالم ـــ في كونها دستور غير مكتوب. فكيف إذا كان الحديث عن جماعة شاركت في الحكومات والبرلمانات الأردنية.
هذا ما أشار إليه القيادي التاريخي في الجماعة الدكتور إسحاق الفرحان الذي تقلد مناصب رسمية عدة عندما قال إن الجماعة عاشت مع النظام منذ تأسيسه إبان المرحوم المؤسس الملك عبد الله الأول الذي افتتح أول مقر للجماعة في عمّان.
"إجراءات غير معقولة"، يقول رجل اعتاد على نهج سياسي أردني راسخ. لهذا سيفسح المجال لأدوات آمنة يقول عنها: ألم يكن بالإمكان أن تلجأ الحكومة إلى أساليب للحوار مع الجماعة والتوصل إلى نوع من الاتفاق وخصوصا أن الجماعة أثبتت سلميتها طيلة الـ70 عاما"... "أبعد 70 عاما من عمر جماعة الإخوان المسلمين تلجأ الحكومة لمثل هذه الإجراءات!".
قصة الترخيص.. "الإخوان" قانونية بالوثائق
حصلت جماعة الإخوان المسلمين على ترخيص رسمي عام 1946 بناءً على كتاب وجهه آنذاك كل من إسماعيل البلبيسي وعبد اللطيف أبو قورة وإبراهيم منكو ومحمد قاسم الأمعري وبديع دروزة ويوسف البرقاوي وإبراهيم جاومس وعبد الله أبو قورة وراشد دروزة ومحمود أبو قورة إلى مجلس الوزراء يتضمن طلب تأسيس جمعية الإخوان المسلمين حيث سمح لهم بتأسيس جمعية بتاريخ 9/1/1946.
وبتاريخ 17/2/1953 قدم المراقب العام للإخوان المسلمين آنذاك طلبا إلى مجلس الوزراء لاستبدال كلمة "جمعية" بـــ"جماعة" وتمت الموافقة على أن تصبح جمعية الإخوان المسلمين؛ جماعة الإخوان المسلمين.
وما زالت الجماعة منذ ذلك التاريخ وحتى الآن وبحسب قيادات تاريخية في الجماعة تعمل وفق هذا الترخيص ولم يطلب منها الترخيص أو تجديد الترخيص.
ووفق كتاب رسمي، حصلت "البوصلة" على نسخة منه، صادر عن وزارة التنمية الاجتماعية موجه إلى محكمة استئناف عمان، يؤكد انه لا يوجد في سجل الجمعيات شيء باسم جماعة الإخوان المسلمين سوى جمعية سجلت حديثا بتاريخ 3/3/2015 باسم جمعية جماعة الإخوان المسلمين.
وبحسب الكتاب فإن الجمعية المرخصة حديثا تقع ضمن اختصاص وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية وهي جمعية تطوعية لا تستهدف الربح.
وهذا الكتاب يؤكد بحسب قانونيين أن جمعية الإخوان المسلمين المرخصة حديثا ليست خلفا قانونيا لجماعة الإخوان المسلمين الأم.