الزعتر .. فرح الجبال وعُشبها الساحر
وليد سليمان - في صباحات عمان وفي فترة الضحى تكون لتلك المادة الغذائية « الزعتر» أهمية خاصة حيث تنشغل بعض أفران المعجنات بصنع مئات الأرغفة المسماة بمناقيش الزعتر مع زيت الزيتون ليشتريها الذاهبون لأعمالهم كإفطار شهي وطازج لذيذ مع شرب كأس من الشاي .
في الصباح الباكر
أما بعض طلاب المدارس فيحصلون على ساندويشات الخبز والزعتر بالزيت لوقت الفرصة المدرسية، كذلك فإن باعة الكعك المسمسم والبيض المسلوق او المشوي لا بد لهم من تقديم مسحوق الزعتر مع تلك الوجبة لزبائنهم أيضاً .
وفي لقاء «أبواب – الرأي» داخل أحد المحلات القديمة في عمان والمتخصصة ببيع القهوة والبهارات ومادة الزعتر المسحوق والجاف منذ أكثر من خمسين سنة ، أشار فتحي الحمصي الى بعض أنواع وأسماء الزعتر الذي يبيعه ك»الملوكي «حيث تكون نسبة الزعتر الطبيعي فيه حوالى 90% و»البلدي «ونسبة الزعتر فيه 70% و»الخصوصي» ونسبة الزعتر 50% .
أما عن الإضافات الأخرى التي توضع مع بعض أصناف الزعتر فمنها مثلاً حبوب القمح المحمصة والمدقوقة كالأنواع الزهيدة الثمن.
وعن مصدر هذا الزعتر فهو بالدرجة الأولى من الضفة الغربية في فلسطين وبالذات من منطقة جنين ثم نابلس وطولكرم ، وكانت قديماً تُستورد بعض أنواع الزعتر من سوريا ولبنان وتركيا .
وأضاف الحمصي ان سعر الزعتر في عمان الغربية أغلى منه في وسط البلد، ثم انه وبشكل عام يظل الزعتر مادة غذائية سريعة التحضير لأكلها ، وكذلك رخيصة الثمن لأنها في متناول جميع الأيدي من الطبقات الشعبية وغيرها .
الزعتر في الغربة
وفي توضيح أشار إلى ان الكثير من الاردنيين المغتربين في دول الخليج وغيرها اعتادوا على أخذ كميات من هذا الزعتر المطحون لتلك البلاد، وبذلك فقد نشروا عادة أكل الزعتر لدى سكان تلك الدول هناك العربية وكذلك بعض الدول الأجنبية ، حيث ان بعض الاجانب كانوا قديماً يستعملونه كدواء فقط.
وفي محل آخر لبيع التوابل والبهارات في عمان حدثنا صاحبه عن أنواع الزعتر لديه فقال هناك :
«الملوكي «الذي تكون نسبة الزعتر الطبيعي فيه عالية جداً ،ولا توجد به حبيبات القمح المطحون .
«الزهرة «وهو صنف فيه مادة الزعتر أقل و «الإكسترا» وهو أقل مما سبق ، و»الموّاني «وهو أرخص الانواع حيث كمية الزعتر الطبيعي فيه أقل من كل ما سبق وبه كمية من القمح المطحون .
وعندما سألنا عن هذا الزعتر أحمر اللون ، قال :انه يسمى «الدُقة» وسبب لونه هو البهارات المضافة إليه وليس الصبغة .
وأكد أخيراً ان أفضل انواع الزعتر هو الزعتر البري من منطقة جنين حيث له رائحة قوية نفاذة ، وان الزعتر يفتّح المخ ويقوي الذاكرة وبالذات للطلاب، حيث أنه يُعتبر وجبة غذائية متكاملة خصوصاً في الصباح ، وهو مفيد جداً للجسم أذا ما لاحظنا أنه يُؤكل مع مادة زيت الزيتون والسمسم الذي يحتوي على زيت السيرج الصحي وكذلك السمّاق الذي يُذيب دهون الجسم ، وكل هذا مفيد كثيراً لجسم الانسان .
سوق الخضار
وفي جولة بين محلات الخضار في سوق السكر بعمان أفادنا أحد باعة الخضراوات الورقية والذي يعرض للبيع ربطات الزعتر الطازج والطري بأن هذا الزعتر الأخضر يزرع في بعض مناطق الاردن مثل الاغوار والمناطق الشمالية ،حيث يُسقى بالماء .
وهناك في بلادنا الاردن كذلك الزعتر البري في بعض مناطق الجنوب ولكنه قليل ومع كل هذا فإن الزعتر الاردني الطازج بنوعيه هو للأكل أخضر ولعمل أقراص الزعتر البيتي مثلاً وليس للتجفيف ولعمل الزعتر الناعم الجاف المباع في محلات البهارات والتوابل .
كتاب عن الزعتر
وفي كتاب صادر عن دار الفضيلة في القاهرة عن «الزعتر» لمؤلفه محمد عزت عارف ، ذكر الكاتب ان له تسميات وألفاظ ااخرى منها مثلاً : الدقة ، السعتر , والصعتر , ويسمى كذلك أورجان لدى الفرنجة ,يعرف كذلك باللسان النباتي عاري الثمر ، اما في اللغة اليونانية فانه مركب من كلمتين هما « فرح + جبل « اي مفرح الجبال ، لأن الانواع منه تنبت بالأكثر على الجبال فتعطرها برائحتها الزكية , وهي انواع كثيرة تنمو في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط .
ونبات الزعتر ينتشر في زماننا كذلك في البراري والحقول ، فمنه البستاني ومنه البري ، وأنواعه كثيرة أفضلها المقدس: الفلسطيني والأردني والإيراني والشامي ، ويوجد الزعتر الجاف في محلات العطارة على هيئة عبوات مضافاً اليه السمسم وتوابل أخرى، والعجيب ان الزعتر لا يصيبه التسوس .
ومن انواع الزعتر الاخرى: التومع _ قزوح _ زعتر فارسي _ حاشا _ مأمون تومس .. هناك اسم قديم للزعتر هو ( أنك ) ، باللغة الهيروغليقية القديمة لدى الفراعنة , حيث اكتشف الزعتر في مقبرة فرعونية في منطقة هوارة بالفيوم في القاهرة
فوائد كثيرة
وجاء في إحدى البرديات كوصفة طبية للحمى والنزلات المعوية والبول الدموي والديدان والذبحة الصدرية ولتنظيف المعدة.
ومن عظيم فضل الله المنعم بكل شيء والمبدع له اننا نجد في كل مكونات نبات الزعتر فوائد جمة حيث يضع المؤلف جدولاً في كتابه هذا موضحاً مكونات الزعتر وفائدة كل مادة منها مثلاً :
1_ مادة الثيمول لقتل الميكروبات وطرد الطفيليات من المعدة .
2_ مادة الكارفكرول كمسكن ومطهر ومدر وطارد للبلغم ومضاد للسموم .
3 _ مادة تانين وهي قابضة ومطهر , تساعد على التئام الجروح ومنع النزيف والإسهال .
4_ مواد راتنجية وهي مقوية للعضلات , وتمنع تصلب الشرايين وطاردة للأملاح الضارة .
منافع الزعتر
ويقول المؤلف ان زيت الزعتر سائل طيار أصفر اللون ذو رائحة طيبة وطعمه مقبول رغم ان به حرارة ، ولزيت الزعتر خاصية مسكنة للألم ومطهرة ومنشطة للدورة الدموية , وقد ثبت من التجارب العلمية ان زيت الزعتر يقتل الاميبا المسببة للدوسنتاريا خلال دقيقتين , ويبيد جراثيم القولون خلال ثماني دقائق , ويهلك جرثومة التيفوس خلال دقيقتين , ويقضي على ميكروب السل خلال ساعة ونصف وهو يقي الانسان من الوباء متى استعمل مع الثوم وحبة البركة والعسل وبذلك يقوي المناعة المكتسبة .
وفي فصل بعنوان اقوال العلماء عن الزعتر يورد مؤلف الكتاب عدة اقوال للعلماء العرب عما ذكروه عن نبات الزعتر ومنهم مثلاً داود الانطاكي , ابن البيطار , ابن الشيخ , ابن سينا وغيرهم .. ومما ذكره ابن سينا مثلاً في كتابه القانون في الطب ان ( السعتر ) هو نبات مشهور حار الطبع وشرابه محلل ينفع في أوجاع الوركين , وينفع الكبد والمعدة .
الشام واليمن
ومما ذكره العالم ابن الشيخ عن الزعتر انه يكثر في بلاد الشام واليمن . وهو من الشفائيات , شجيرته صغيرة تكثر في البساتين وأعالي الجبال , وأفضله المحمر اللون , وهو يسبب شفاء اكثر من مائة داء . كما انه يفتح الشهية للطعام , ويطهر المعدة ويقوي البدن , وينشط الأعصاب , ويفرح القلب ويقويه , ويطرد وينقي الدم .
ومما قاله الملك يوسف بن عمر بن رسول الغساني التركماني وهو من ملوك الدولة الرسولية التي حكمت اليمن عن الزعتر : انه يعطي الشهية للطعام , وينقي المعدة والأمعاء من البلغم الغليظ .. وانه يحد البصر , وينفع من برد المعدة , ويفتح السدد وان مضغ اوراقه ينفع في وجع الأسنان الذي يكون من البرد والريح , وينفع كذلك في أوجاع الرحم والمثانة .
ويضع مؤلف الكتاب (55) فائدة طبية الزعتر , وذلك بمزج الزعتر مع مواد غذائية اخرى وبمقادير معينة ومن هذه الوصفات والفوائد يذكر :
تنقية الدم , تنشيط الدورة الدموية , تقوية القلب وحمايته من الازمات , مفيد للتشنيج لآلام الظهر , للكسر , لتقوية الذاكرة ,لتقوية النظر , لتساقط الشعر , ولقشرة الرأس , لماء العين , لحساسية الأنف , للزغطة ( الشهقة ) للعقم , للدوالي , لضيق التنفس , للسعال الديكي .. الخ .
وفي فصل اخر يضع المؤلف وصفات اخرى مكونة من الزعتر ومواد اخرى لعلاج بعض الأمراض النسائية كمهدئ لآلام الدورة الشهرية وكمدر للبن المرضعة ومسكن لآلام الثدي .. الخ .
وهناك فصول اخرى في الكتاب تتحدث عن مركبات مقوية للجسم والأعصاب والعضلات , واخرى عن تسكين الآلام وللتخسيس , واخر موضوع يعرضه الكتاب هو التدليك بزيت الزعتر واهم استعمالاته في علاج امراض الروماتيزم تدليكاً والأمراض الجلدية وعن الزيت كشراب لعلاج بعض الأمراض .
الرئيسية 
البوابة 
