[rtl]استقلال إسرائيلي[/rtl]
[rtl]صحف عبرية[/rtl]
APRIL 22, 2015
بعد ظهر يوم الجمعة 14 أيار، عندما كان دافيد بن غوريون يقف في قاعة المتحف في جادة روتشيلد 16 في تل أبيب، وأعلن عن اقامة الدولة، وقفت أنا الصغير، نحو عشر سنوات، في شرفة شقتنا في شارع يهودا هليفي 108 وكنت ألمع أحذية العائلة استعدادا للسبت، كعادتي كل يوم جمعة. كلانا في واقع الامر فعلنا نفس الشيء: جددنا شيئا قديما، ولكن يا له من فرق!
اندفع أبي فجأة إلى البيت وأعلن بفرح: لدينا دولة، بن غوريون أعلن! أنا كنت أكافح في تلك اللحظة لازيل الطين الذي علق بحذاء أخي الصغير، ولم تكن الدولة كثيرا في رأسي ولا حتى بن غوريون. ولكن ابي لم يتركني وشرح لي ما هي ومن هي بالضبط تلك التي ولدت ذاك اليوم وقال ان هذه فرحة تفوق فرحة كل ولادة اخرى. وفي الغداة، في صباح السبت، قصفت طائرات مصرية المدينة، ونزلنا نحن إلى غرفة الدرج، الملجأ الوهمي عند الحاجة.
واليوم، في نظرة إلى الوراء، يخيل أن تلك الثواني بين يوم ذروة الانجاز، الانتصار والفرح، وبين يوم اسفل درك الفشل، الخطر والخوف، ثوان وجدت تعبيرها في اليومين الاولين للدولة ـ بثت على اسرائيل التي ولدت في حينه وصممت وعبرت عن مستقبلها كما تحقق في 67 سنة من وجودها.
انتصارات كبرى في الحروب والعمليات العسكرية تشعل الخيال، إلى جانب اخفاقات وفشل؛ انجازات علمية وتكنولوجية هائلة إلى جانب جهاز تعليم اشكالي؛ تنمية اقتصادية كبيرة إلى جانب معطيات فقر وفوارق مقلقة؛ ثقافة وفن مزدهران إلى جانب مظاهر عنف، فظاظة وضحالة وغيرها من مثل هذه المتناقضات.
اسرائيل تعيش مع الثواني متعددة المجالات هذه وتحارب في مناطق مختلفة ولكنها تترنح دوما بين لحظات الذروة التي تسمو بالنفس وبين لحظات الدرك الاسفل والاسى من الالم. وان شئتم، فان التصاق يوم الذكرى لشهداء اسرائيل ويوم استقلال الدولة يعبر اكثر من أي شيء عن هذه الثواني التي ترمز إلى الدولة ولهذا السبب فان الصاق هذين اليومين صحيح من ناحية وطنية، مع كل التفهم للصعوبة التي يخلقها للعائلات الثكلى.
وفضلا عن كل هذا، فان دولة اسرائيل، بعد 67 سنة من قيامها، لا تزال دولة يحوم فوقها السؤال هل ستبقى حية على مدى الزمن أم ستبلى وتضيع كزوج من الاحذية.
اذا كان الاعداء الذين يتعاظمون، متطرفون ومجانين، ويسعون إلى شطبها عن الخريطة، سيتمكنون منها وا ذا كان الاصدقاء شديدو القوة، وعلى رأسهم الولايات المتحدة سيكونون لها في أزمنة الامتحان درعا ومساعدا في مواجهة اعدائها. كلما ابتعدنا عن ايام الكارثة الفظيعة، التي كانت لها تأثيرات حاسمة على تأييد العديد من الدول لاقامة الدولة اليهودية فان هذا السؤال آخذ في الاحتدام.
هذا منوط بالطبع ايضا بسياسة الحكومة في اسرائيل، ولكني لا اريد أن افتح هنا نقاشا سياسيا. اقول فقط ان المهامة الاكثر أهمية لكل حكومة هي الحفاظ على علاقاتها مع الدول القوية والمؤثرة في العالم وتعزيزها لا اضعافها وكذا قوة ردع اسرائيل وحصانتها الداخلية.
نعم، اسرائيل هي دولة مستقلة من ناحية سياسية ورسمية. وهي أقل استقلالا وبحاجة إلى المساعدة والى السند من ناحية وجودية.
هيا نكون متفائلين. عيد سعيد.
أبراهام تيروش
معاريف 22/4/2015
صحف عبرية