اتفق الجميع على أن التدخين مضر بالصحة وهذا ما أكدته العديد من الدراسات الطبية، وأنه سبب لأمراض خطيرة تؤدي للوفاة، و في نهار شهر رمضان المبارك والذي نعيش أيامه ولياليه المباركة هذه الأيام تظهر عصبية المدخنين في العمل والمنازل نتيجة انقطاعهم عن هذه العادة السيئة وإدمانهم لمادة «النكوتين» والتي أصبحت تجري مجرى الدم رغم أن هذا الشهر الفضيل فرصة عظيمة لمن أراد الإقلاع عنه، ويلاحظ على المدخنين العصبية غير المبررة وقد تتطور لكلام غير مقبول يخدش صيامهم وصيام من معهم سواء في أعمالهم أو منازلهم، في الوقت الذي يجب على هؤلاء المدخنين احترام الآخرين وضبط أنفسهم من التصرفات والأفعال التي لا تليق حتى في غير شهر رمضان المبارك.
حرق المال والصحة
في البداية أكد أحمد العييري -مشرف بالمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بمنطقة القصيم- أن التدخين يعتبر من الخبائث التي حرمها الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم، وللأسف الشديد أن معظم المدخنين لا يستفيدون من شهر رمضان المبارك في الإقلاع عن هذه العادة السيئة والكريهة والتي تحرق المال والصحة في وقت واحد بل يتعدى ضررها للمصلين من خلال الروائح الكريهة، إضافة إلى ما يعاني منه معظم المدخنين في هذا الشهر الفضيل من العصبية وسوء المزاج نظرا لنقص مادة النيكوتين في الدم، مما يسبب مشاكل مع المحيطين بهم وخاصة زوجاتهم وزملائهم في العمل.
وبين د. محمد محمود أحمد -استشاري الطب النفسي- أن العصبية والمزاج السيئ للمدخن جاءت بسبب أعراض الانسحاب النفسية من اكتئاب وقلة تركيز وقلة راحة نفسية بسبب افتقاد النيكوتين ونسبته في الجسم.
مشيرا إلى أنه في الصيام يقل السكر بالجسم وهذا يدفع البعض ليكون أسهل في ردود الأفعال والغضب، كما يصاحب رمضان تقلب في عادات النوم من سهر مما يؤدي لتعكر المزاج.
وأبان أن المدخنين هم الأكثر إحساسا بالصوم وكثيرا ما تعتريهم نوبات الغضب والعصبية، مشيرا إلى أن المدخن الذي تعود على التدخين يوميا ولمدة طويلة وينقطع عنه فجأة يشعر بالعصبية وسرعة الغضب والتململ والصداع، وضعف التركيز وانخفاض المزاج، والقلق وضعف الذاكرة، واضطراب النوم، وهي أعراض تختفي خلال أسبوع إن بقي ممتنعا عن التدخين، وهذه الأعراض ناجمة عن الإدمان على التبغ، وليست ناتجة عن الصيام.
توتر وعصبية
وأبان حسين أحمد السعود -أخصائي نفسي وأكاديمي- أن التوتر والعصبية التي يتعرض لها المدخن في شهر رمضان المبارك تكون نتيجة انسحاب النيكوتين من الجسم، مضيفاً أنه لا بد من التعامل مع هذه الأمور بالحكمة والصبر ومراجعة عيادات مكافحة التدخين والمنتشرة في جميع مناطق المملكة والتي أثبتت نجاحها مع عدد كبير من المدخنين والذين أقلعوا -بفضل الله- بعد مراجعتهم لهذه العيادات المتخصصة، إضافة إلى عدم التسرع في الأمور بانفعال، مؤكداً أن من أهم الأمور التي قد تُتبع للسيطرة على هذين الأمرين، ممارسة الرياضة بشكل يومي والاسترخاء، والاستحمام بالمياه الدافئة قبل النوم، والابتعاد عن المأكولات الدسمة، إضافة إلى محاولة إشغال الوقت بقراءة المجلات، أو مشاهدة التلفاز، أو ممارسة هواية خفيفة بعد الوجبات حتى لا تكون للشخص المدخن أوقات فراغ تجعله يرجع إلى التدخين، والتخفيف من شرب المنبهات لارتباطها بالتدخين.
مشيرا إلى أن التدخين من أهم المشاكل التي تواجه الصائمين في شهر رمضان المبارك وليس الجوع والعطش فقط، لأن المدخنين يتعرضون لصعوبات شديدة في بداية الصيام وذلك للتأقلم نتيجة توقفهم عن هذه العادة السيئة خلال أيام شهر رمضان، كالأعراض الانسحابية الناتجة عن إيقاف التدخين والتي تظهر على شكل عصبية وتعكر في المزاج وتوتر وقلق داخلي وعدم التحكم في الغضب والاندفاعات وسهولة استثارة الغضب والشعور بالكسل والخمول وفي حالات أخرى قد يحصل تقرحات بجانب الفم وصداع.
السائقون أكثر المتاثرين
وأضاف بأن التدخين من العادات السيئة لذا علينا أن نبتعد عن هذه الأمور السيئة والتي تضر الفرد والمجتمع، وهي في نفس الوقت حرام شرعا وظاهرة قاتلة للجسم والعقل وخاصة لصغار السن.
ودعا المدخنين خلال هذا الشهر الفضيل إلى ضرورة الابتعاد قدر الإمكان عن العصبية غير الطبيعة والناتجة عن نقص النيكوتين بالجسم، خاصة أن السائقين المدخنين هم أكثر عرضة للعصبية و بالتالي للحوادث المرورية لا سمح الله.
وأكد أحمد يحي معافا -مشرف تربوي في تعليم عسير- أن شهر رمضان يعتبر فرصة مناسبة للإقلاع عن التدخين، معللاً ذلك بأن امتناع المدخن عن التدخين لفترة طويلة خلال ساعات النهار الطويلة في شهر رمضان يعتبر بمنزلة التهيئة النفسية للإقلاع الأبدي، وأوضح أن جميع الصعوبات التي تواجه المدخنين في بداية الشهر الفضيل ناتجة عن التعود والإدمان على التدخين على مدار الساعة، وجاء هذا الشهر الفضيل ليكون أجرا وفرصة للإقلاع عن التدخين بمشيئة الله أولا ثم بالإرادة والعزيمة للمدخن وضرورة الإصرار على ترك هذه العادة السيئة، مشيراً إلى أن ذلك كله تكون سببه مادة النيكوتين الموجودة في السيجارة، إذ أن التوقف فجأة عن التدخين يسبب بعض الأعراض الانسحابية، ومنها: التوتر، وسرعة الانفعال، والغضب، والصداع، مضيفاً أن هذه الأعراض تكون مؤقتة، إذ أنها تزول تدريجياً مع الوقت،
وأكد أن الجميع يعرف أن التدخين عادة سيئة وتؤثر على صحة المدخن سلبا على المدى القريب والبعيد بل تعدى تأثيرها إلى الغير وخصوصا في الأماكن المغلقة، ويزداد الأمر سوء وإثما في هذا الشهر الفضيل شهر الصيام والصلاة، حيث يلاحظ على المدخن العصبية الزائدة والتي قد تسبب له وللآخرين مشاكل كبيرة لا يحمد عقباها، وأنصح جميع المدخنين باستغلال شهر رمضان المبارك والإقلاع عن هذه العادة القاتلة، كما أنصحهم بضرورة استخدام السواك كبديل للسجائر هو الحل الأفضل وفق الدراسات التي أكدت أن المتوقفين عن التدخين يشعرون بقلق وتوتر عند انعدام وجود أداة شبيهة للسيجارة في اليد والفم، ولذلك فإن نسبة المتوقفين عن التدخين في رمضان قد تبلغ ما بين 40 إلى 50% في حين أن 75% منهم يعودون للتدخين في فترات الأعياد تزامناّ مع انقضاء رمضان وحلول عيد الفطر.
وجبة رئيسة
وأشار حسن عبود العسيري -موظف حكومي- إلى أن كثيرا من المدخنين يعتبرون سجائرهم الوجبة الرئيسة على مائدة الإفطار في شهر رمضان المبارك، وذلك ليعوضوا فترة انقطاعهم عن التدخين بسبب الصيام، فبعضهم يعتبرها وجبة رئيسة قبل الإفطار لا يمكن الاستغناء عنها، بينما بعضهم الآخر يؤجلها إلى ما بعد الإفطار، وفي الوقت ذاته عبَّر أهاليهم عن استيائهم منهم لما يسببونه لهم من أجواء لا تليق بالإفطار.
واعتبر أحمد موسى حداد -معلم في تعليم صبيا- أن التدخين من الظواهر الخطيرة على الصحة والسلبية في مجتمعنا، حيثُ أنّه يُؤثر على صحة الإنسان النفسية والجسمية وكذلك المادية، وللأسف أن هذه الظاهرة تنتشر بشكل مخيفٍ وواسع، وحتى أن هذه الظاهرة قد وصلت لطلابنا في المدارس بمختلف المراحل، وأصبح عدد المدخنين يزيد في كل عام عن العام الذي قبله وأرى أن أضرار التدخين على جميع المدخنين وخصوصا في شهر رمضان المبارك نظرا للصيام لساعات النهار الطويلة والتي تزيد عن 15 ساعة وهنا يظهر على المدخن المزاج المعكر والعصبية والتي قد تسبب في حدوث المشاكل مع الآخرين، وللأسف الشديد أن كثيرا من المدخنين جعل من هذه العادة السيئة شماعة يعلق عليها عصبيته وسوء سلوكه مع من حوله، ونسي أننا في شهر الرحمة شهر القرآن وهو من أفضل شهور السنة، ويجب علينا كمسلمين ضبط أنفسنا وتصرفاتنا تماشيا مع توجيه المصطفى عليه الصلاة والسلام في حفظ اللسان خلال الصوم وعدم التلفظ على الناس مهما حدث.
خمول وصداع
وذكر على الألمعي -طالب جامعي- أن امتناعه عن التدخين لفترة طويلة خلال شهر رمضان المبارك يُشعِره بالعصبية والخمول، معللاً ذلك بأن توقفه فجأة ولفترة طويلة عن تدخين السجائر يسبب له هذه الأعراض التي من أهمها الصداع، وأوضح أنه عند دخول وقت الإفطار في رمضان لا يهتم بالأكل قدر اهتمامه بشرب السجائر، إذ أنه يتوجه مباشرة بعد الإفطار إلى التدخين، وبين أن رغبته تتضاعف في الليل، وأوضح أنه غالباً ما يفكر في اتخاذ قرار ترك التدخين، مضيفاً أن أفراد أسرته كثيراً ما يبدون انزعاجهم منه عند تدخينه بالقرب من مائدة الفطور، وهذا ما يدفعه إلى شرب سجائره خارج المنزل في الجو الحار.
وأكد عبدالعزيز العسكر -موظف- أن توقفه عن التدخين طوال النهار خلال شهر رمضان يدفعه إلى شرب السجائر قبل تناول الفطور، مشيرا إلى أنه كثيراً ما تكون أعصابه مشدودة طوال النهار ويتعامل مع زملائه في العمل بعصبية، وأضاف أن أسرته تتجنب التعامل معه أثناء النهار نظراً لأعصابه المتوترة.
وبين عبدالملك العيسى -طالب جامعي– أن التدخين وللأسف سبب فقدانه شهيته في الإفطار خلال شهر رمضان وذلك لتدخينه السجائر بطريقة مبالغ فيها، موضحاً أن هذا الأمر دفعه إلى الحزم في مقاطعة التدخين، وذلك لما يسببه له من الإفراط في العصبية والمزاج العكر طوال ساعات النهار، إضافة إلى ماسبب له من حالات من التوتر والخمول.
التمارين الرياضية تساعد المدخنين على التخلص من العصبية
السجائر تملأ الجسم بالنيكوتين وتتعبه حال الصوم