ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: القدس في الشعر العربي القديم والحديث..! الأربعاء 28 أكتوبر 2015, 10:58 am | |
| القدس في الشعر العربي القديم والحديث..! (ونماذج من بعض شعراء حلب..!) بقلم:محمد الزينو السلوم -------------------------------------------------- - ربط صلاح الدين بالقدس للوقوف على استخدام الشاعر العربي المعاصر لأحد الرموز البطولية منذ نهاية القرن التاسع عشر حتى يومنا هذا، من خلال الاستشهاد بأكبر عدد من الشواهد الشعرية بغض النظر عن قيمتها الفنية لبيان مدى افتتان الشاعر العربي بالقائد صلاح الدين كرمز بطولي، كأن نجعل عنوان محاضرة(الشيخ أحمد ياسين وفلسطين)مثلاً. - يتميز الشعر العربي المعاصر بظاهرة اللجوء إلى بعض الرموز البطولية المستمدة من التاريخ(من دين أو تراث شعبي أو أساطير)يستعين بها الشاعر في التعبير عن معاناته لواقع لا يرتضيه مستوحياً منها ما يعينه على تحديد رؤيته لحياة أفضل، أو إثارة مشاعر معيّنة تقترن بالرموز المستحضرة لا سيّما في السياق السياسي.
- صلاح الدين الأيوبي:/1138 – 1193/ - المرجعمحمد نجيب المعاذ) مجلة البحث التاريخي تصدر عن الجمعية التاريخية بحمص.. ساعد على تأمين المرجع مشكوراً الأخ مدير دار الكتب الوطنية الأستاذ محمد خالد النايف. اتصف صلاح الدين بالشجاعة ورباطة الجأش والعدل والكرم والتسامح ولذلك لم يخلّف بعد موته غير سبعة وأربعين درهماً فضة وديناراً واحداَ من ذهباً ولم يخلّف داراً ولا بستاناً ولا قريـة، ولا شيئاً من أنـواع الأمـلاك ..! يقول القاضي بهاء الدين بن شداد معاصره صلاح الدين يوسف بن أيوب بطل حكيم، ولد في بيت قيادة، واجتمعت عناصر عدّة في تربيته، لعل أبرزها الجانب العسكري وإلى جانب ذلك ما تلقّاه أثناء نشأته ودراسته للعلوم الدينية حتى انتظمت عقيدتُه..!
من هو صلاح الدين الأيوبي .؟! باختصار شديد ينتسب صلاح الدين للأسرة الأيوبية ، وتعود هذه الأسرة إلى (أيوب بن شاذي) وأصلها من الأكراد الروادية. دخلت هذه الأسرة في كنف الحياة العربية الإسلامية في بغداد وتكريت وبعلبك ودمشق, وكان الدين الإسلامي آنئذن يجمع بين القوميات المختلفة برباط الأخوّة.. تخرّج صلاح الدين على أيدي (ابن عساكر الدمشقي) و ( صادق بن سبط الجوْزي القابضي) وكن وقتها قائد شرطة دمشق، وبذلك جمع بين أساتذة الفقه والتاريخ والحديث والسياسة وقيادة العسكر حتى أصبح سلطاناً على المسلمين فيما بعد ولمدة عشرين عاماً لم ينازعه عليها أحد وشملت سلطنته مصر والشام وأعالي العراق حتى الموصل وخلا فترة حكمه أولى القضاء كل الأهمية، ومن أهم انتصارته فتح حمص و(معركة حطين) ييكفي أن حقق الوحد بين مصر والشام والجزيرة .!
وللبطل الخالد أهمية تاريخية وخاصة بعد وجود ما يسمّى بدولة إسرائيل/بفلسطين/وما أكثر البحوث والمحاضرات في ذلك المنحى، وليس من الغريب أن يكتسب مثل هذا البطل خلوده على يد الأدباء سواء في العصر القديم أو العصر الحاضر، والأمثلة كثيرة على ذلك، وسأكتفي لضيق الوقت ببعض شعراء المعاصرة فيما يتعلق بمناسبة القصيدة بما يخص القدس وصلاح الدين،والنصوص في أكثرها مرتبطة بثلاث إطارات متداخلة تقريباً:/الإطار الإسلامي– الإطار العربي – الإطار الفلسطيني/..!
أعود لأقول: - دعــونا إخــوتي أخواتي نستلهـــم المكانة الأدبية للقدس الحبيبة من خلال استحضار الأشعار العربية القديمة التي قيلت في القدس ولأجل القدس ، والتي تدعــو إلى تمجيدها والدفـاع عنها ، أو تتغـنى بقيـمـتـها ومكانتها في قـلـوب العــرب والمسلمين أبـدأها بتلك الشكوى التي صرخ بها المسجد الأقصى زمن صلاح الدين يطـلب النصرة والنجدة:
يا أيهـا الملــك الذي لمعـالم الطغـــيان نكس جاءت اليك ظلامة تدعو من البيت المقـدس كل المساجد طهرت وأنا على شرفي أدنس
تُرى هَل مَن يُجيب الأقصى # ياقدس يامدينة الأحزان يادمعة كبيرة تجول في الأجفان من يوقف العدوان؟ عليك، يالؤلؤة الأديان؟ من يغسل الدماء عن حجارة الجدران من ينقذ الإنجيل؟ من ينقذ القرآن؟ من ينقذ الإنسان؟ ياقدس يامدينة الأحزان يادمعة كبيرة تجول في الأجفان من يوقف العدوان؟ عليك، يالؤلؤة الأديان؟ من يغسل الدماء عن حجارة الجدران من ينقذ الإنجيل؟ من ينقذ القرآن؟ من ينقذ الإنسان؟ # قصيدة (أبوعلي الحسن بن علي الجويني): في فتح بيت المقدس
جُنْدُ السـماءِ لهـــذا المُلـــْكِ أعـوانُ وقد مضتْ قَبْلُ أزمانٌ وأزمـانُ متى رأى الناسُ ما تَحْكِيه من زَمَنٍ لهـا سوى الشُّكْرِ بالأفْعَالِ أَثْمَانُ فالآن لَبَّى صــــلاحُ الــدين دَعْوَتهُمْ سَمَتْ لها هِمَمُ الأملاكِ مُذْ كانوا للناصر ادُّخِرَتْ هذي الفــتوحُ وما لَ الناس دَاودُ هذا أَمْ سُـليمان؟ # الأصفهاني
يا يوم حطين والأبطال عابسة وبالعجاجة وجه الشمس قد عبسا رأيت فيه عظيم الكفر محتقراً
معــفــراً خـــده والأنـف قــد تعسـا وللجواني في مدح صلاحالدين أتــرى مــــناماً ما بعـيـني أبـصـر
الـقـــدس يفـتح والفرنجــة تكسر قــد جاء نصر الله والفــتح الـــذي
وُعد الرسولُ فسبحوا واستغفروا # وهناك عشرات النصوص الأدبية النثرية والشعرية التي تناولت القدس منذ العصر الإسلامي , ومنذ نزلت سورة الإسراء على خيرِ البَشَرِ سيِّدِنا محمدٍ صل الله عليه وسلّم, ولعلنا نستعرض بعض النصوص الشعرية التي قيلت في ذلك، ومن أشهرها قصيدة أبي المظفر الأبيوردي، إذ يقول حزينا متألما على ما أصاب إخوانه في الشام : مزجنا دماءً بالدمــــوع السواجمِ فــلم يبق منا عرضه للمـــــراحـمِ وشَــرُّ سلاح المرءِ دَمْـعٌ يفيضُه إذا الحـرب شُبَّتْ نارُهـا بالصوارمِ وكيــف تنام العينُ مِلْءَ جُفـُونِها على هــفـواتٍ أيقـظـتْ كـــــلَّ نائـم وإخوانُكم بالشام يُضحي مقيلُهـم ظهـورَ المذاكي أو بطونَ القشاعمِ تسومهــمُ الرومُ الهــوانَ، وأنتمُ تَجُرُّونَ ذَيلَ الخَفْضِ، فِعْلَ الْمُسَالِمِ! وقد حضّ الشعراءُ الحُكَّامَ على تخليص بيت المقدس من الفرنجة , فهذا الشاعر ابن القيسرانييهيب بنور الدين محمود أنْ يُخَلِّصَ القدس من براثن المحتلين قائلًا : فانهض إلى المسجد الأقصى بذي لجب يــوليك أقصى المنى فالقــدس مُرْتَقــَبُ وائذنْ لمـــوجِــكَ في تطهـيــرِ ســاحـِلِه فإنـمــا أنـــت بَــحْـــرٌ لُجُّــــهُ لَــجِـــــبُ وحين انتصر أسد الدين شيركوه , عمّ صلاح الدين، على الفرنجة في مصر، أرسل إليه العماد الكاتب قصيدةً قال في أحد أبياتها : فتحتَ مصرًا وأرجو أن يَصِيرَ بها مُيَسَّرًا فتحُ بيتِ القُدْسِ عن كَثَبِ أما الشاعر رشيد بدر الدين النابلسي، فيُزْجِي التهاني والفرح بفتح القدس وتطهيرها من الصليبيين ورفع راية الإسلام, وعلم التوحيد على ربوعها فيقول : يا بَهْجَةَ القدس إذْ أَضْحَى بهِ عَــلـَمُ الْإِسْلَامِ من بعد طَيّ, وهو منتشرُ يا نُـورَ مسجدِهِ الأقصى! وقد رُفِعَتْ بعــد الصليبِ, به الآياتُ والسُّوَرُ وحين احتُلَّتَ القدس ثانيةً من قِبَل الصليبيين، رثاها الشاعر الفاضل شهاب الدين أبو يوسف، إذ قال: لتبكِ على القدس البلادُ بأسرهـا وتُعْلن بالأحــــزان والترحـاتِ لتبكِ عليهـــا مكةٌ, فَـهْيَ أُخْتُهَـا وتشكُ الذي لاقتْ إلى عرفاتِ لتبـكِ على ما حَلَّ بالقدس طَيْـبَةٌ وتشرَحه في أكرمِ الحُجُــراتِ وقال الشاعر ابن مطروح في فتح القدس الثاني، مُشِيرًا إلى الناصر صلاح الدين الأيوبي والناصر قلاوون : المسجد الأقصى له عادةٌ سارتْ ، فصـارتْ مثلًا سائرَا إنْ عادَهُ بالكفر مستوطنًا أن يــبعـــثَ الله لـــه ناصــرَا فــناصــــرٌ طَــهَّـــرَهُ أولَّا وناصــرٌ طَـهَّـــــــرَهُ آخــــرَا #
القدس في الشعر الحديث ويمضي بنا الدكتور عبد الرحمن ناصر الداغري إلى القدس في الشعر العربي الحديث ليقطف لنا من كلّ روض زهرة, فهذا الشاعر السعودي الدكتور زاهر بن عواض الألمعي يشدو لرحاب القدس الحزينة الأسيرة : ضجّت رحاب القدس وانتفض الثرى وتـفجــر البركان من أم القرى ومــضـى يــنــادي أمــــةً قــــوَّامـَــةً لِتدُكَّ صَـرْحَ الغاصبين وتَقْهَرَا أما الشاعر السوري عمر بهاء الدين الأميري، فلم يغادر هذا الأسى لما أصاب المسجد الأقصى في ظلّ الاحتلال اليهودي: مالي أرى الصخرةَ الشَّمَّاءَ في كمدٍ تذوي, وعَهْدِي بها مرفوعةُ العُنُـــقِ ومنبرُ المسجـد الأقصى يَئِنُّ أسًى قـد كـان يحبو الدُّنَا من طُهْرِهِ الغَـدِقِِ ويتمنّى الشاعر العراقي وليد الأعظمي أنْ يرويَ من دمائه رُبُوعَ القُدْسِ مُجَاهِدًا فيقول : كأني بصوت القدس يعلو مردّدًا تَقَدَّمْ رَعَـاكَ اللَّهُ جيشَ الأُخُــوَّةِ وأُمْنِيَتِي أنّي أذودُ عن الحمـى وأروي ربوعَ القدسِ من دَمِّ مُهْجَتِي ويهيب بنا الشاعر السعودي عبد الرحمن العشماوي أنْ نحرّر الأقصى من هول المصيبة التي ألمتْ به بعد احتلاله من العصابات اليهودية , فنصغي إليه يقول : هذا هو الأقصى وطـائرُ مَجْدِهِ يشدو بألحان الهـدى ويرفــرفُ تتحَلَّقُ الأعــوام في ساحاتـــه حــلقًـا تُسَـبِّحُ لـلإلـــــه وتَهْتِـفُ ويُقَبِّلُ التاريخُ ظــاهِــرَ كـفِّــه وبثــوبه جَسَــدُ الـعـــلا يتَلَحَّـفُ واليوم يَرْقُبُنا بطــرفٍ ساهِــرٍ ويداهُ من هول المصيبةِ تَرْجُفُ وفي قصيدة : ( الطريق إلى القدس ) للشاعر الأردني الدكتور يوسف أبو هلالة, ألمٌ دفين , وحزنٌ عميقٌ لِأَسْرِ القدس ومسجدها الأقصى فيعلو صوته : والقُدْسُ في أَسْرِ اليهودِ وهـــم عـلــى دنٍّ وراحْ والمسجد الأقصى غدا في الأسر مغـلولَ السراحْ لندائــه في كـــل قــــلبٍ مــؤمنٍ وَخْـــزُ الــرِّمـاحْ # وفي قصيدة بعنوان : رجال في أزمنة الرّماد رائعة للشاعر الشاب محمد عبد الله عبد البارييقول فيها: يا قدس ُ ..من أذهل َ الأيام َ إصرارا؟ وفجر ّ الرمـل َ فُرْسَانًا وأحرارا؟؟ الــنازفـونَ شـذًى والمبهـرون رؤًى والْمُرْخِصُون فداءَ المجدِ أعمارَا هَذِي فلسطينُ مِنْ نُعْمَى جراحهــــــمُ تلملـمُ الطِّــيــبَ رَيْحَــانًا ونـَوارَا # فهذا خليل مطران(1871-1949)، في قصيدة "تحية للقدس الشريف" [3]، لا يجد إلا لغة التعميم في ذكره حبه لها: سلامٌ على القدس الشريف ومن به على جامع الأضداد في إرث حبه على البلـــد الطهر الذي تحت تربه قـلـوبٌ غـدت حبّاتها بعض تربه # وهذا علي محمود طه (1902-1949) وهو من الشعراء المصريين القلائل الّذين أوردوا ذكر القدس، وتناولوا القضية الفلسطينية حينها - يقول: أخي إن في القدس أختًا لنا أعد لها الذابحــــون المدى أخي قم إلى قبلة المشركين لنحـمي الكـنيسة والمسجدا وبنفس الروح وفي إشارات مماثلة يقول عمر أبو ريشة(1910-1991) يا روابي القدس يا مجلى السنا يا رؤى عيسى على جفن النبي أو يقول: يا تثني البــراق في ليلة الأســر _ اء والــوحـي ممســك بعـنانـــه وفي الشعر الفلسطيني الحديث يخصص إبراهيم طوقان(1905-1941)، قصيدة له بعنوان "القدس"، ولكنه لم يتناول فيها إلا ما وصفه "التطاحن الحربي الذي تفشى في فلسطين حينذاك"، وكانت القدس بوصفها عاصمة البلاد مركز ذلك التطاحن. كما لا نجد في نشيد "يا ربا القــــدس" لأبي سلمى (1909-1984)، أي تخصيص يتعلق بالمدينة أو أي شعر عنها. ولم يحــظ المسجــد الأقـصى بأكثر من إشارة سريعة في قصيدة عبد الرحيم محـمود (1913-1948) "نجم السعود " وهي قصيدة موجهة إلى الأمير سعود بن عبد العزيز في طريقه إلى بيت المقدس (14/8/1935)، فيقول الشاعر: المســجـد الأقـصى أجـئت تزوره أم جئت من قبل الضياع تودعه؟ حـــرمٌ يـباح لــكــل أوكـــعٍ آبــقٍ ولـكــل أفّــــاق شــــريــدٌ أربعــه. - طوّر الشعر الحديث المستجد في النصف الثاني من القرن العشرين أشكال القصيدة الحديثة ومضامينها، وقد أخذ يتناول قضايا جزئية أو معينة بشيء من التخصص والتفصيل، بمعنى أنه أخذ يركز على تفريعات لم يكن الشعر-آنفًا- يوليها وقفة طويلة أو اهتمامًا مركزًا. وعلى إثر الهزيمة العربية سنة1967غنّت فيروز قصيدة"زهرة المدائن" من كــلمــات الأخــويــنعـــاصي ومنصور رحباني فترددت الأغنية على الأسماع، وكان لها عميق الأصداء ومن كلماتها: عيوننا إليك ترحـــل كــل يـوم تــدور فـي أروقــــة الـمعـابـد تعــانق الــكـنائس الـقـــديـمه وتمسح الحــزن عن المساجد يا ليلة الإسراء يا درب من مرّوا إلى السماء عـيوننا إليك ترحــل كــل يـوم وإنـنـي أصـلـي .. وفي تقـديــري أنّ هــذه القصيدة كانت المشرع المؤثر الأول ل"قـصيـــدة القدس" ، وتلتهاقصيدة نزار قباني (1923-1998) - القدس، ويبدأها: بـكـيــت…حـتى انــتــهــت الــدمــوع صـلـيــت..حـتى ذابــت الشــمـــــــوع ركــعـــت..حـتـى مــلـنـي الــركـــــوع ســألــت عــن محمد فيك وعن يسوع يا قـدس، يا مـديـنــة تـفـــوح أنبيــاء يا أقصر الدروب بين الأرض والسماء وفي نهاية المقطوعة الرابعة يتساءل الشاعر : مـــن يــوقــــف العــــدوان عـلـيـــك يا لـؤلؤة الأديان؟ وهذه القصيدة على غرار القصيدة المغــناة من حيث لغة العشق والتفاؤل والبحث عن الخلاص،ومن حيث اللجوء الى الرمــــوز الدينية لاستشفاف المأساة، والسطران الأخيران فيهما أبعاد دينية. وفي الشعر الفلسطيني لم أجــد قبل قصيدة أمين شنار ( 1934 ) " بيت المقدس" مما يقع ضمن المواصفــات التي حددتهــا لمفهــوم " قـصيــدة القدس " ، وإليك سطورًا منها : " هنا المآذن الحزينة التي تسامر النجوم تمتد في وجوم …… المسجد الأقصى هنا مسرى الرسول مشى المسيح ها هنا وأمه البتول زارها هنا الفاروق شاد مسجدا هنا صلاح الدين روى العدا هنا الوليد والمجيد والشهيد …. " ثم طلع علينا أديب رفيق محمود (1933) ابن عنبتا بالقــصيـدة الأولى عن القدس بعد احتلال حزيران 67 ، وهي بعنوان "كلمات بالإزميل على ســور القــدس". يـروي الراوي الشاعــر كيــف أنه ســافـــر ليصلي في القدس ،ويقبّل هناك البلاط ويمضي واصفًا لنا أجواء القدس : أسير في الشوارع التي أحب شارعًا فشارعا أقلب العينين في الجدران، في المطرز الفضفاض في الشموع… ثم يمضي الراوي مستوحيا تاريخ صلاح الدين : أواه يا مدينة السلام / يا روعة الصهيل، كبة الخيول / تعبر الأبواب في وضح النهار؟ / هذا صلاح الدين.. انه يود لو يستل سيف البطل ليقاوم هذه الحضارة المحنطــة ، وليـزيــل القار ، ليزجر الغراب… وفي مثل هذا الجــو القاتم يعـود ليستذكر جمال المدينة وروعتها: أواه يا مدينة السلام … أين روعتك أقول :أين بهجتك؟ يعترف الراوي انه يحب "باب السلسلة"ويعشق كل قوس،ويمر في كل باب تارة مطأطأ الجبين،وتارة باعتزاز وكأنه يناطـــح السحاب …وفي عشقه للنقوش والزخارف يشعر بالعـزلة والوحشة من خلال استلهامه التاريخ العربي القبلي: ولست من قيس ولا خزاعهْ أنا الطريد والخليع والمعبّد المنفي في بلادي المضاعهْ يحدثنا عن وقـوفه بخــان "باب زيت" وهــناك يشتري حاجته من بائعة قدمت من قــرية "الخضر" ، وينقل لنا صـورة الحياة اليومية ببؤســها، وينهي قصيـدته بالفعــل "أريد" الذي يلـح في المطــالبة ونشدان الحق: هلاّ عرفت ما أريدْ أريد أن أكون صادحا كما الكناري أريد أن أكون ضاحـكا كما الــوليد حريتي هي التي أريدْ والقصيدة بمجملها تبحث عن السلام وعن الحــرية، وتعكس هـذا الحب للمدينة ومعالمها. وفي مثل هذا التفاؤل يستذكر إدمون شحاده(1933) من الناصرة في قصيدته "مدينة الســـلام والآلام" أغــنية فيروز، فيبدأ قصيدته باقتباس مطلعها "شوارع القدس العتيقة"، ثم يقول: بحزنها العتيقْ تعيد صورة الأسطورةْ … أنشودة الأيام والسنين أسير مغرما بلهفة البراءة النقيه وفي التفاف كل منحنى حكاية لحارس شرس.. إنه يرى في القدس صراع تهليلة الطفلة ذات القبعة الحمراء مع الذئب، وكذلك يستذكر قصة الأمير حامـل الأختام، وهو يوقـــع في ذلك مهــازل المصير.. يستذكر الحكــايــــات والأساطير من عـالــم البراءة ليصل إلى شراسة الواقع. يرى الشاعر ضياع الزيتون من خــدود حبيبته، وضياع الكروم من عيونها، وضياع عنفوان صدرها، فلا يملك الاّ أن يتوجه إلى الأسرار والإيمان والصلاة – على نهج ما جاء في "زهرة المدائن": يا لهف الكنائس المنزرعة في كل أشواك الحقولْ وفي عيون حاملي صليبها وقبة الأجراس في أعيادها تتابع الفصول ولكنه ومن خــلال إحساس عـــربي بالقـضية يتضامن مع موقف المسلم واعتباراته الدينية ، لأنه شريكه في الموقع والنضال: يا بهجة المساجد العالية الأعناقْ ويا امتداد ومضة الإيمان في القلب والشفاهْ ووحدة الرحمنْ وإذا كنا قد رأينا قصيدة إدمون شحاده – وهو الشاعر المسيحي- تستلهم رمـوزًا إسلامية فإنفدوى طوقان (1919- 2003) الشاعــرة المسلمة تستلهم هي الأخرى رموزًا مسيحية، وذلك في قصيدتها "إلى السيد المسيح في عيد ميلاده": يا سيد مجد الأكوانْ في عيدك تصلب هذا العامْ أفراح القدسْ صمتت في عيدك يا سيد كل الأجراس … القدس على درب الآلامْ تُجلد تحت صليب المحنهْ تنزف تحت يد الجلادْ والعالم قلب منغلقٌ دون المأساهْ … يا سيد مجد القدسْ … يرتفع إليك أنين القدسْ رُحماك أجز يا سيد هذي الكأسْ! بل إن محمود درويش ( 1941) في مقطوعة أفردها للقدس (المقطوعة السابعة عشرة من ديــــوان أحبك أو لا أحبك-1973)، يستعـمل رمــوزًا تتعـلق بتاريــخ اليهــود ليكسبهــا بعـــدًا فلسطينيًا، أو ليلبسهــا التاريـــخ الفلسطيني: ونغـني القــدس: يا أطفال بابل يا مـواليد السلاسل ستعودون إلى القــدس قــريبا وقــريبًا تكبــرون وقــريبًا تحصدون القمح من ذاكـرة الماضي وقريبًا يصبح الدمع سنابل آه يا أطفال بابل ستعودون الى القدس قريبا … هللويا هللوي فسبي اليهــود إلى بابـــل في التاريـــخ صـــار سـبيًا وقــضية للفلسطيني، و(هللويا) صارت آية التجميد الحالية، بــدلا من كونها لفظة عبرية وردت في المزامير، فلا بدع إذن-أن يسمي الشاعــر هذه المقطوعات من ديوانه "مزامير". وإذا كان صوت فدوى-أعــلاه- يئن في معـــاناته وشــكاته- وهو مشحون بالطاقة التراثية الدينية- فإنّ عبد اللطيف عقل (1942-1993) مشحون بطاقة المعاناة الحاليّة، وهو لا يرى إلا صـورة المحتل ورصاصة الطائش الأثم ،وما القدس إلا خلاصة الوطن الجريح: أنا في القدسْ ومن في القدسْ يلتف به السورُ وما من حجر في السورِ ِ إلا وله صدر موشّى بالرصاص الطائش العمد ِ وأعشاش حمامْ المسجد الأقصى وآلاف المصلينْ وعبد الله في باب الخليل ارتصّ كالعـلبةْ أخْ.. يا هذا الرصاص الطائش العمدُ، أنا القدسُ وتغريد التي يعرفها الجندُ ولا تعرف أمها والصبح والدفتر والموتُ وروح الشعب والأرض ِ وفيها تشتهي الأنثى الأحاديثَ عن الأعراس في الصيفِ وتطريز فساتين القصبْ فلا بد إذن من مقارعة المحتل ومقاومته، فــكانت "قصيدة القدس" تـنحو هذا المنحى في قصائد كثيرة…. |
|
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: القدس في الشعر العربي القديم والحديث..! الأربعاء 28 أكتوبر 2015, 10:58 am | |
| |
|