حصان طرواده
تمتلئ الكثير من الكتب الأجنبيّة القديمة بالعديد من الأساطير الّتي سطّرها التاريخ ولا يدري أحد حقيقتها فعليّاً أهي حدثت فعلاً أم مجرّد قصّة خياليّة ابتكرها البعض لاستخلاص الفائدة والعبر منها، فبعضها قابل للتّصديق وبعضها لا. وفي مقالنا هذا سنتحدّث عن إحدى هذه الأساطير المشهورة، ألا وهي أسطورة "حصان طروادة".
أسطورة حصان طروادة
تبدأ هذه الأسطورة بمدينة "طروادة" وهي مدينة بحريّة توجد في آسيا الصغرى، والأسطورة تقول إنّ "إله البحر" بوسيدون بناها مع "أبولو" إله الشّعر والفنون، وهي مدينة ذات حصن قويّ ومنيع جداً. هذه الأسطورة بدأت بتنبّؤ كاساندرا والعرّافات الأخريات بأنّ ابن الملك الصغير "باريس" سيكون سبباً في دمار هذه البلاد وخرابها، وقد أمر الملك حينها بقتل الابن، لكن الخادمة لم تقتله وإنّما ألقته في جبل.
عاش باريس راعياً للغنم، إلى أن نشبت مشادة بين الإلهات الثلاثة "هيرا، و"أفروديت"، وأثينا"، وقد احتكمن بباريس، وأعطته أفروديت هبة أجمل نساء العالم. وقد كان في إسبرطة امرأة فائقة الجمال، وقد كانت زوجة ملك أسبرطة، وقد ذهب باريس إلى هناك وأعجبته هيلين فأغواها، وذهبت معه هرباً من زوجها الملك الإغريقيّ.
وقد عاد باريس إلى طروادة، وقبلوا به أميراً بعدما عرفوا أنّه لا زال حيّاً، وعاش معهم. إلّا أنّ الملك الإغريقيّ لأسبرطة قرّر أن يحشد الحشود والجنود لينتقم من هذا الأمير وابن ملك طروادة، فحشد جنوداً كثيرين وسفناً عديدة، واستعدّوا للحرب والقتال واسترداد شرفهم، وقد تحالفوا مع ملوك اليونان، وتوجّهوا إلى طروادة.
بعد أن وصلت الحشود إلى طروادة ونشبت حرب كبيرة بينهم وقُتل الآلاف منهم، حاصر هذا الجيش طروادة ولم يستطيعوا أن يدخلوا هذا الحصن المنيع لمدّة عشر سنوات وهي محصارة منهم ولكن لم يدخلوها. وبعد أن دبّ فيهم اليأس فكّر "يوليسوس" أحد أذكى قادتهم وأدهاهم بفكرة تمكّنهم من دخول الحصن، وقد كانت الفكرة تتمثّل بأنّ أهل طروادة يقدّسون الأحصنة، ولذلك أمر جيوشه بصنع حصانٍ خشبيّ كبير، وقد اختبأ أقوى الجنود فيه، وانسحب بقيّة الجيش.
اعتقد أهل طروادة أنّهم انتصروا أخيراً على أعدائهم، وقاموا بإدخال هذا الحصان الخشبيّ الكبير الّذي اعتبروه غنيمتهم، وقد احتفلوا ليلتها وشربوا الكثير من الخمر والسكر. وقام الجنود المختبئين داخل هذا الحصان بفتح باب حصن طروادة، وبعثوا إشارتهم للجيش ليقتحموا الحصن، وقد دخلوها وسفكوا الكثير من الدماء وأخذوا النساء والأطفال رهائناً وأسرى لهم، وقد استردّ الملك الإغريقي زوجته وعاش معها بعد أن قتل باريس وعمّ الدمار والخراب في هذه المدينة، وتحققت نبوءة العرّافات.
أين تقع طروادة
من منّا لم يسمع عن الحكايا الشهيرة المعروفة باسم حرب طروادة أو حصان طروادة، والّتي تتحدّث عن تلك المدينة الحصينة التي لم يكن بالإمكان دخولها من شدّة قوتها إلّا عن طريق الخدعة. ومدينة طروادة أو Troy هي عبارة عن مدينة بحريّة تاريخيّة قديمة تقع في آسيا الصغرى وتحديداً في منطقة الأناضول، وقد كانت تعرف بحصانتها وغناها وازدهارها. وبحسب الأسطورة فإنّ المدينة اكتسبت غناها وقوّتها من كون أنّ الآله بوسيدون إله البحر قام ببنائها ومعه أبولو إله الفن والشعر.
لطالما كانت صحّة وقوع حرب طروادة جدلاً قائماً بين الباحثين والعلماء. يرى كلّ من الفينيقيين والفرس أنّ حرب طروادة قامت لمدّة عشر سنوات، وأنّ سبب ذلك هو أنّ فتىً من مدينة طروادة يدعى باريس قام باختطاف ملكة أسبارطة الحسناء هيلين زوجة مينلاوس، وبذلك فهم يتّفقون مع اليونان بهذا الرأي. وعلى الرّغم من ذلك فإنّ العلماء الآن لا يتّفقون مع هذه الرواية، وقد تَمّ اكتشاف آثار لهذه المدينة في الواقع الّذي يعتقد بوجودها فيها عن طريق المستكشف الألماني هنريك شيلمان، ولكن لم يكن هناك تأكيد لهذه الأسطورة ولا نفي لها أيضاً. وقام عالم آخر بتصوير طبقيّ بواسطة الأقمار الصناعيّة كونه لم يقتنع بأنّ المدينة التي وجدها المستكشف الألماني كافيةٌ من ناحية مساحة وحجم المعركة التي حصلت، فوجد مدينةً أكبر ويحيطها خندق قد تكون هي المدينة المنشودة. وبالدّراسة الحثيثة للمخطوطات القديمة تَمّ التوصل إلى أنّ هناك حرباً وقعت في عهد الحثيين وهم كانوا حلفاءً لطروادة، فقد ذكروا أنّ نفقاً وجد لإعطاء المساعدات لهذه المدينة، ورأى العلماء أنّهُ من الأرجح أنّ سبب الحرب هو الطمع والرغبة بالحصول على كنوز طروادة الكثيرة.
أسطورة طروادة
بالنسبة للأسطورة فهي تقول بأنّ عرّافة ما تنبأت لبريام ملك طروادة بأنّهُ سيولد له ولد وسيتسبّب في دمار المدينة، وعندما ولد له ابن فعلاً واسمه باريس أمر الملك واحدة من خادماته بأنّ تتخلص من الولد، فقامت الخادمة بتركه في جبل أوليمب وكبر ليصبح راعياً للغنم. وتكمل الأسطورة بالقول إنّ في جبل أوليمب يسكن اثنا عشر إلهاً، وكانوا في خلافات مستمرّة. ويذكر أنّهُ نشأ خلاف بين الإله هيرا وأثينا وأفروديت حول من منهنّ الأجمل، واتّفقن أن يسألن أول شخص غريب يأتيهم عن رأيه، وأن يعطينه تفّاحةً ليعطيها للأجمل، وكان هذا الشخص هو باريس. ووعدته هيرا بالسلطة إن اختارها، وأثينا بالمجد والحكمة، وأفروديت وعدته بأجمل نساء الأرض، فأعطى أفروديت التفاحة وغضبت هيرا وأثينا.
وفعلاً حقّقت أفروديت وعدها وأعادته إلى طروادة ليرى أهله الّذين فرحوا به، وكانت أخته كاسندرا تحذّرهم من أنّهُ سيتسبّب بدمار المدينة ولم يصدقها أحد، وذلك لأنّ الإله أبولو أعطاها البصيرة ولعنها بأن لا يصدّقها أحد كونه أحبّها ولم تبادره هي الحب، وكان الجميع يعتقد أنّها مجنونة إلّا شخصاً واحداً اسمه هيكتور. ولتُكمل أفروديت وعدها أرسلته إلى أسبرطة ليلتقي بهيلين زوجة مينلاوس فائقة الجمال فأغراها عندما غاب عنها مينلاوس وهي التي اختارته من دون كلّ الرجال، ولمّا كان أبوها قد أخذ وعداً من الجميع على حماية شرفها غضب الإغريق لهربها مع باريس، وذهبوا إلى طروادة مقاتلين، ومن ثُمّ توالت الأحداث واستمرت المعركة عشر سنوات انتهت باستخدام الإغريق حصان طروادة للدخول إلى المدينة والقضاء عليها.
قصة حصان طروادة
القصص العالميّة
توجد في حياة كلّ شعبٍ من الشعوب حكايات خالدة، تُحكى وتتناقل من جيل إلى جيل، فقد صارت هذه الحكايات بمثابة أيقونات، ورموز ليس على المستوى المحلّي وحسب؛ بل على المستوى العالمي أيضاً، حيث احتلت هذه القصص مساحةً لا يستهان بها من الذاكرة الإنسانية، ومن أشهر القصص العالمية قصة حصان طروادة التي نالت شهرةً واسعة منقطعة النظير.
طروادة
مدينة طروادة هي مدينة تقع في منطقة الأناضول، وهي من المدن التاريخيّة العريقة والتي حجزت مكاناً لها في الذاكرة الإنسانيّة بشكلٍ عزَّ أن يجد له الإنسان نظير، وقد ازدهرت هذه المدينة قبل الميلاد بحوالي ثلاثة آلاف عام تقريباً، إلا أنّ سبب شهرتها الحقيقي واستمرارها في ذاكرة الشعوب الحرب التي وقعت فيها والتي عرفت باسم حرب طروادة.
تعتبر حرب طروادة حرباً تاريخيّة هامّة إلى حدٍّ بعيد؛ إذ إنها خُلِّدت في كل من الأوديسة، وهوميروس الإلياذة، فقد تناولت هاتان الملحمتان بعض أحداث هذه الحرب العظيمة. نشبت حرب طروادة بين الإغريق وبين أهل مدينة طروادة بسبب اختطاف امرأة جميلة تدعى هيلين وهي ملكة إسبرطة على يد الأمير بارس من طروادة، إلّا أنّ هذه الفرضية لم تلاقِ القبول عند بعضهم كهيرودوت المؤرخ الإغريقي الذي استبعد أن تنشب حرب مدّتها عشر سنوات بسبب امرأة جميلة.
حصان طروادة
تروي الحكاية الأسطوريّة أن الإغريق قاموا بابتكار فكرة من أجل إنهاء الحرب الطويلة التي دارت خلال حصارهم لمدينة طروادة؛ حيث صنعوا حصاناً من الخشب، أجوف الداخل، وتم ملؤه بعدد كبير من المقاتلين الإغريق، وقد تظاهر باقي ما تبقّى من جيش الإغريق بالرحيل، إلا أنهم فعلياً لم يرحلوا؛ بل اختبؤوا في مكانٍ ما، وقد تم وضع الحصان أمام المدينة، فقبل أهل طروادة إدخال هذا الحصان واستلامه كعلامة على السلام بينهم وبين الإغريق، وقد اقتنع أهل طروادة بهذا الأمر بسبب جاسوس ينتمي إلى الجيش الإغريقي استطاع إدخال هذه الفكرة في رأسهم.
أدخل أهالي طراودة الحصان إلى داخل مدينتهم باحتفال مهيب، وقد أقاموا الاحتفالات العظيمة بسبب انتهاء الحرب، فبدؤوا يسكرون ويثملون، وعندما أتى الليل كانت أحوال أهالي طروادة يرثى لها بسبب حالة السكر الشديد التي كانت تسيطر عليهم، فعندها خرج الجنود من داخل الحصان، وفتحوا المدينة من الداخل أمام الجيش الذي كان في الخارج، وقام الإغريق بتذبيح كلّ رجال المدينة، وسيقت النساء والأطفال كعبيد للإغريق المنتصرين. هذا ويعتبر حصان طروادة الحصان الخشبي التاريخي الأكبر؛ حيث يقدّر طوله بنحو مئة وثمانية أمتار، أمّا كتلته فتبلغ حوالي ثلاثة أطنان.
تناول فيلم هوليوودي قصّة طروادة؛ حيث أنتج هذا الفيلم في عام ألفين وأربعة من الميلاد، وهو من بطولة براد بيت، وديان كروجر، وإيرك بانا، وأورلاندو بلوم؛ حيث تعتمد أحداث هذا الفيلم على نص هومر الملحمي، وهو من كتابة ديفيد بينيوف، ومن إخراج ولفجانج بيتيرسن.