لماذا فشل اتفاق أوسلو؟
لم يتم الوصول إلى أغلبية إسرائيلية تؤيد تنفيذ الشروط التي وضعها الفلسطينيون
صحف عبرية
Sep 20, 2018
لقد جاء يوم الذكرى الـ 25 لاتفاقات أوسلو بفيض من التحليلات والنقاشات في وسائل الإعلام المتعلقة بالجهود من أجل عقد السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. ماذا كان سيحدث لو أنه…؟ ماذا كان يمكن أن يحدث؟ من المسؤول عن الفشل في تطبيق الطموحات النبيلة لمن بادروا ووقعوا على اتفاقات أوسلو؟
هل كان ذلك هو المعارضة للاتفاق من جانب اليمين الإسرائيلي؟ هل كان ذلك عدم استعداد ياسر عرفات للقيام بالخطوة الأخيرة؟ أم أن الإرهاب الفلسطيني هو المسؤول عن الفشل؟ من ناحية ما، من المعقول الافتراض أن كل ذلك أسهم في الوصول إلى النتيجة. في نهاية الأمر كل اتفاق سلام يتم التوصل إليه بين زعماء إسرائيل وزعماء جارة من الجارات العربية، مرتبط بقدرة كل قيادة على تطبيقه والوصول إلى الهدف النهائي الذي وضعته لنفسها.
هنا يكمن الفرق بين الديمقراطية وحاكم شمولي. عدم التناظر هذا الذي يميز إسرائيل وجيرانها، يمكن أن يقرر النتيجة. وللحكام الشموليين القدرة على تطبيق اتفاق ـ حتى لو كان لا يحظى بشعبية في أوساط السكان ـ بواسطة الوسائل التي لديهم: المخابرات، ونظام الحكم، والجيش، والإعلام. في الديمقراطية ليس بالإمكان فرض سلام على المواطنين، ودعم المواطنين وغيابه هو الذي يحدد النتيجة النهائية.
التوثيق التاريخي يتحدث عن نفسه. اتفاق السلام بين إسرائيل ومصر تم تطبيقه على يد أنور السادات ووريثه حسني مبارك والآن على يد حاكم مصر الحالي عبد الفتاح السيسي، رغم العلامات الكثيرة التي تدل على أنه لا يحظى بتأييد أغلبية الجمهور المصري. مناحيم بيغن نجح في الحصول على دعم ساحر للاتفاق في الكنيست، وهذا الدعم يواصل الوجود حتى الآن.
اتفاق السلام بين إسرائيل والأردن تم تطبيقه على يد الملك حسين ووريثه الملك عبد الله الثاني، رغم غياب التأييد له من جانب الجمهور الأردني. في إسرائيل يحظى الاتفاق بتأييد مطلق تقريبًا من المواطنين. محاولة التوصل إلى اتفاق مع سوريا كانت تستند إلى الافتراض بأن حكامها يستطيعون تنفيذ الاتفاق بعد التوقيع عليه. اختلافات في الرأي بشأن شروطه منعت التوقيع عليه. في الجانب الإسرائيلي ثمة شكوك حول مسألة هل الخضوع لكل مطالب سوريا سيثير معارضة لدى أغلبية سكان إسرائيل. هذا الوضع بقي على حاله منذ الحرب الأهلية في سوريا، التي أدت إلى أن اتفاق السلام بين الدولتين غير ممكن في هذه الأثناء.
بخصوص اتفاقات أوسلو كانت هناك علامات دلت منذ بداية الطريق على وجود معارضة كبيرة في إسرائيل للموافقة على الشروط التي طلبت لتسوية الخلافات مع الفلسطينيين. البعض مثل إسحق رابين، اعتقدوا أن عرفات سينجح في التغلب على كل معارضة فلسطينية (بدون محكمة عليا وبدون بتسيلم)، ولكن تبدد هذا الأمل. عرفات لم يحاول فحسب، بل ثمة دلائل على أنه أيد العمليات الإرهابية.
الاتفاق تم تمريره في الكنيست بأغلبية بسيطة، تم الحصول عليها من خلال تلاعبات ومناورات وحوافز سياسية. كانت هذه محاولة فاضحة لإجبار مواطني إسرائيل على بلع الاتفاق، لكنها فشلت. منذ ذلك الحين زادت معارضة اتفاقات أوسلو في إسرائيل.
مع كل الاحترام لأحلام محبي السلام الإسرائيليين وشجاعتهم، فإن عليهم أن يتذكروا أن المواطنين هم الذين يقررون في نهاية الأمر، ويبقى الحصول على دعم كبير من مواطني إسرائيل شرطًا ضروريًا للتوصل إلى اتفاق سلام مع جيراننا العرب. هكذا تتم الأمور في الديمقراطية، ولا يمكن أن تكون هناك أي طريقة أخرى.
موشيه آرنس
هآرتس 18/9/2018