منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 دوافع فتح مصر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

دوافع فتح مصر Empty
مُساهمةموضوع: دوافع فتح مصر   دوافع فتح مصر Emptyالأربعاء 02 مارس 2016, 9:12 pm

فتح الاسكندريه


دوافع فتح مصر 712_image002



الإسكندرية قبل الفتح الإسلامي
كانت الإسكندرية عاصمة لمصر منذ أنشأها الإسكندر الأكبر في شتاء عام 331- 332 ق.م عند بلدة راكوتيس Rakotis التي يرجع تاريخها إلى 1500 ق.م، كما أضاف ضاحية نيوبوليس New Polis إلى غربها، وقد أقامها لتحل محل نوكراتيس naukratis كمركز للثقافة اليونانية في مصر، وفي العصر الروماني صارت المدينة الثانية بعد روما، وبقيت تحت سلطان الرومان أكثر من قرن من الزمان، ثم نما حجم الإسكندرية وأنشأ البطالمة فيها المتحف والمكتبة التي حوت 500.000 مجلدٍ، وفيها تمَّ ترجمة التوراة (العهد القديم Old testament) إلى اليونانية، وصارت الإسكندرية مركزًا للتجارة بين دول أوروبا والشرق، واستمر ذلك الحال حتى دُمِّرَ المتحف والمكتبة خلال الحرب الداخلية في القرن الثالث الميلادي، كما أحرق المسيحيون مكتبة فرعية عام 391م، وأنشأ أوكتافيوس مدينته المنافسة قريبًا من الرمل، وأخذت أهمية خاصة في عصرها المسيحي من ناحية الفكر اللاهوتي للحكومة، وفي عام 616 م استولى عليها الفرس من البيزنطيين، واستعادها البيزنطيون حتى فتحها المسلمون عام 21هـ/ 642م.
الزحف إلى الإسكندرية.. ومعاونة الأقباط للمسلمين!
بعد سقوط حصن بابليون في أيدي المسلمين أقاموا به، ثم كتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما يستأمره في الزحف إلى الإسكندرية، فكتب إليه عمر يأمره بذلك. وقد استخلف عمرو بن العاص على ما فتح خارجةَ بن حذافة السهمي، وسار على رأس من معه.
ثم حدث بعد ذلك أمران مهمان، وهما:
- جاء إلى الروم إمدادات كثيرة.
- أصبح للقبط موقفٌ واضح، ألا وهو تعاونهم مع المسلمين.
خرج عمرو بن العاص دوافع فتح مصر Y_20 بالمسلمين حين أمكنهم الخروج، وخرج معه جماعة من رؤساء القبط، وقد أصلحوا لهم الطرق وأقاموا لهم الجسور والأسواق، وصار القبط لهم أعوانًا على ما أرادوا من قتال الروم، وسمع بذلك الروم فاستعدوا واستجاشوا، وقدم عليهم مراكبَ كثيرة من أرض الروم فيها جموع كثيرة منهم بالعدة والسلاح، فخرج إليهم عمرو بن العاص دوافع فتح مصر Y_20 من بابليون متوجهًا إلى الإسكندرية، فلم يلقَ منهم أحدًا حتى بلغ تَرْنُوط، فلقي بها طائفة من الروم فقاتلوه قتالاً خفيفًا فهزمهم الله، ومضى عمرو بن العاص بمن معه حتى لَقِيَ جمع الروم بكَوْم شَرِيك، فاقتتلوا به ثلاثة أيام ثم فتح الله للمسلمين، وولَّى الروم مدبرين.
وتجمع الروم والقبط دون الإسكندرية ببلدة كِرْيُون، وفيهم من أهل سَخا وبَلْهِيب والخَيْس وسُلْطَيْس وغيرهم، وهذا يخالف الروايات الصحيحة التي ذكرت أن القبط كانوا أعوانًا للمسلمين مثل رواية ابن عبد الحكم في كتابه "فتوح مصر وأخبارها"؛ ولذلك نذهب إلى أن أهل هذه القرى قام الروم بتجنيدهم وحشرهم ليقاتلوا معهم، وأثخن المسلمون الرومَ، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وطاردوهم حتى بلغوا الإسكندرية فتحصنوا بها. وكانت عليهم حصون لا تُرَامُ؛ حصن دون حصن، فنزل المسلمون ما بين حُلْوَة إلى قصر فارس إلى ما وراء ذلك، ومعهم رؤساء القبط يمدونهم بما احتاجوا إليه من الأطعمة والعَلُوفة.
وقد ذكرنا من قبل أن فتح بابليون كان يوم الجمعة 29 من ذي الحجة 20هـ / 7 ديسمبر641م؛ وتقول الروايات: إن عمرو بن العاص دوافع فتح مصر Y_20 ظل أمام الإسكندرية مُحاصِرًا لها ثلاثة أشهر. وتعني هذه الروايات أن المسلمين قطعوا ما بين بابليون حتى الإسكندرية في ستة أشهر، ثم أقاموا أمامها ثلاثة أشهر، وعلى ذلك يكون وصول المسلمين إلى الإسكندرية كان نحو 19جمادى الآخرة21هـ / 23 مايو 642م، ويكون فتحها حدث نحو 19رمضان21هـ / 19أغسطس642م، وقد ذكر خليفة بن خياط في تاريخه أن فتحها كان سنة 21هـ على يد عمرو بن العاص دوافع فتح مصر Y_20.
إحكام الحصار على حصن كِرْيُون
فر الرومان نحو الإسكندرية، وكان حصن كريون آخر سلسلة الحصون قبل الإسكندرية، وقد اعتصم به "تيودور" قائد الجيش البيزنطي مع حامية قوية، وبعد أن تمكن المسلمون من اقتحامه فَرَّ "تيودور" وبعض أفراد حاميته إلى الإسكندرية.
وقد أدرك عمرو دوافع فتح مصر Y_20 فور وصوله إلى الإسكندرية ودراسته للوضع الميداني أن المدينة حصينة؛ إذ يحيط بها سوران محكمان، ولها عدة أبراج، ويحيط بها خندق يُمْلأُ من ماء البحر عند الضرورة للدفاع، وتتألف أبوابها من ثلاث طبقات من الحديد، ويوجد مجانيق فوق الأبراج، وقد بلغ عدد جنود حاميتها بعد الإمدادات التي أرسلها الإمبراطور البيزنطي خمسين ألف جندي، ويحميها البحر من الناحية الشمالية، وهو تحت سيطرة الأسطول البيزنطي، الذي كان يمدها بالمؤن والرجال والعتاد، وتحميها قريوط من الجنوب، ومن المتعذر اجتيازها، وتلفها ترعة الثعبان من الغرب، وبذلك لم يكن للمسلمين طريق إليها إلا من ناحية الشرق، وهو الطريق الذي يصلها بكريون، وكانت المدينة حصينة من هذه الناحية، ومع ذلك لم ييأس، ووضع خطة عسكرية ضمنت له النصر في النهاية، قضت بتشديد الحصار على المدينة حتى يتضايق المدافعون عنها، ويدب اليأس في نفوسهم، فيضطرون للخروج للاصطدام بالمسلمين لتخفيف وطأة الحصار، وهكذا يستدرجهم ويحملهم على الخروج من تحصيناتهم، ثم ينقض عليهم.
ونتيجة لاشتداد الصراع في القسطنطينية بين أركان الحكم، انقطعت الإمدادات البيزنطية عن الإسكندرية، إذ لم يعد أحد منهم يفكر في الدفاع عنها، مما أَثَّرَ سلبًا على معنويات المدافعين عنها، فرأوا أنفسهم معزولين ولا سند لهم، ومما زاد من مخاوفهم ما كان يقوم به المسلمون من غارات على قرى الدلتا والساحل، فإذا سيطروا عليها فسوف يقطعون الميرة عنهم.
رسالة أمير المؤمنين إلى عمرو
دوافع فتح مصر 712_image003وكان عمر بن الخطاب دوافع فتح مصر Y_20 في المدينة ينتظر أنباء فتح مصر، وهو أشد ما يكون استعجالاً لنبأ سقوط الإسكندرية في أيدي المسلمين، ولكن هذا النبأ أبطأ عنه أشهرًا، فذهب يبحث عن السبب، وهو لم يقصر عن إمداد عمرو بما يحتاج إليه من المساندة التي تكفل له النصر، وخشي أن تكون خيرات مصر قد غَرَّت المسلمين فتخاذلوا؛ فقال لأصحابه: "ما أبطَئُوا بفتحها إلا لما أحدثوا"، أي لما أحدثوا من ذنوب، وكتب إلى عمرو بن العاص:
"أما بعد، فقد عجبتُ لإبطائكم عن فتح مصر، إنكم تقاتلونهم منذ سنتين، وما ذاك إلا لما أحدثتم، وأحببتم من الدنيا ما أحب عدوكم، وإن الله تبارك وتعالى لا ينصر قومًا إلا بصدق نياتهم، وقد كنت وجهت إليك أربعة نفر، وأعلمتك أن الرجل منهم مقام ألف رجل على ما كنت أعرف، إلا أن يكونوا غيَّرَهم ما غيَّر غيرهم، فإذا أتاك كتابي هذا فاخطب الناس، وحُضَّهم على قتال عدوهم، وَرَغِّبْهم في الصبر والنية، وقَدِّم أولئك الأربعة في صدور الناس، ومُر الناس جميعًا أن يكون لهم صدمة كصدمة رجل واحد، وليكن ذلك عند الزوال يوم الجمعة، فإنها ساعة تنزل الرحمة، ووقت الإجابة، وليعجّ الناسُ إلى الله ويسألوه النصر على عدوهم".
تحقيق النصر.. ونجاح الفتح
وعندما أتى عَمرًا الكتابُ جمع الناس، وقرأ عليهم كتاب عمر، ثم دعا أولئك النفر، فقدمهم أمام الناس، وأمر الناس أن يتطهروا ويصلوا ركعتين، ثم يرغبوا إلى الله عز وجل ويسألوه النصر؛ ففعلوا ففتح الله عليهم.
ويقال: إن عمرو بن العاص استشار مَسْلَمَة بن مُخَلَّد في قتال الروم بالإسكندرية، فقال له مسلمة: أرى أن تنظر إلى رجل له معرفة وتجارب من أصحاب رسول الله دوافع فتح مصر R_20، فتعقد له على الناس، فيكون هو الذي يباشر القتال ويكفيك. قال عمرو: ومن ذلك؟ قال: عبادة بن الصامت.
فدعا عمرو عبادةَ فأتاه وهو راكب فرسه، فلما دنا منه أراد النزول، فقال له عمرو: عزمت عليك لا تنزل؛ فَنَاوِلْنِي سِنَانَ رُمحِك. فناوله إياه، فنزع عمرو عمامته عن رأسه وعقد له، وولاه قتال الروم، فتقدم عبادة مكانه، فقاتل الروم حتى فتح الله على يديه الإسكندرية من يومهم ذلك.
يقول جنادة بن أبي أمية: دعاني عبادة بن الصامت يوم الإسكندرية، وكان على قتالهم، فأغار العدو على طائفة من الناس ولم يأذن لهم بقتالهم، فسمعني فبعثني أحجز بينهم، فأتيتهم فحجزت بينهم، ثم رجعت إليه، فقال: أَقُتِلَ أَحَدٌ من الناس هنالك؟ قلت: لا. فقال: الحمد لله الذي لم يقتلْ أحدًا منهم عاصيًا.
لقد عانت الإسكندرية من الحصار، وأَدَّى ذلك إلى هبوط معنويات الجند والقادة، خاصة بعد وفاة هرقل، فأسرع المقوقس بالسفر إلى مصر على رأس جنده لتسليم المدينة، ورافقه عدد من القساوسة، وبذلك فتح الله الإسكندرية على المسلمين.
صورة رائعة من حضارة المسلمين في التعامل مع الأعداء
تمَّ هذا الفتح عَنْوة، ولكن عمرًا جعل أهلها ذمة على أن يخرج مَن يخرج، ويقيم من يقيم باختيارهم، شأن المسلمين مع أهالي معظم البلاد التي فتحوها، وإنما عامل عمرو المصريين معاملة من فُتِحَتْ بلادُهم صلحًا ليستجلب محبتهم، وتتألف الهدنة التي عقدها المقوقس مع عمرو بن العاص من أمرين:
الأمر الأول: شروط تسليم مدينة الإسكندرية، ومنها:
- أن يدفع أهل الإسكندرية الجزية المستحقة عليهم دينارين كل عام.
- أن يحافظ المسلمون على الكنيسة المسيحية، فلا يتعرضون لها بسوء، ولا يتدخلون في شئونها.
- أن يتمتع أهل الإسكندرية بالحريات الدينية.
- أن تعقد هدنة مدتها 11 شهرًا، يبقى المسلمون في أثنائها عند مواقعهم الأولى.
- أن يكف الروم عن القتال، وألا يحاولوا استرداد مصر، ولا تعود إليها قوة حربية.
- أن ينسحب البيزنطيون، ويأخذون معهم أموالهم وأمتعتهم عن طريق البحر. وإذا تمَّ الانسحاب دخلت قوات المسلمين واحتلت المدينة.
- أن يكون عند المسلمين من الروم 150 جنديًّا، و50 مدنيًّا رهينة؛ لتنفيذ المحافظة على الجالية اليهودية، وكان عددها عظيمًا.
- أن يرحل جند الروم من الإسكندرية في البحر على أن يحملوا متاعهم وأموالهم، ومن أراد الرحيل برًّا فليدفع كل شهر جزءًا معلومًا من المال، ما بقي في أرض مصر أثناء رحلته.
الأمر الثاني
أن المعاهدة القديمة التي عقدها المقوقس مع عمرو بن العاص دوافع فتح مصر Y_20 بحصن بابليون، ستطبق على القطر المصري كله، وتصبح معاهدة يدخل فيها جميع المصريين من حيث تأمين أهل مصر على أنفسهم ومِلَّتهم وأموالهم وكنائسهم وصُلُبِهم وبَرِّهم وبحرهم، بما يضمن منح المصريين حقوقهم وحرياتهم، وقد حمل "قيرس" شروط الصلح إلى "تيودور" وهو القائد الأعلى للجيش للموافقة عليها، وأُرسِلت إلى قنسطانز فأقرها، ولكن الروم بعد ذلك لم يحترموا هذه المعاهدة؛ فقد أرسل الإمبراطور جيشًا بقيادة "منويل"، فاحتلها وقتل حاميتها.
وبالفعل تمَّ تنفيذ الاتفاق، وأخلى الروم الإسكندرية، ورحلوا عنها قبل حلول الموعد المحدد لانتهاء الهدنة بين الطرفين، إذ تمَّ إخلاؤها بتاريخ السابع عشر من سبتمبر سنة 642م.
تأمين حدود مصر
لقد حرص عمرو بن العاص دوافع فتح مصر Y_20 على تأمين الإسكندرية من هجمات الأعداء المباغتة، فجعل نصف جنده معه بالفسطاط، وأمر النصف الآخر بالمرابطة بسواحل مصر، خاصة الإسكندرية، بحيث يتم ذلك بالتبادل صيفًا وشتاءً، مدة ستة أشهر لكل فريق مع توفير المساكن اللازمة للإقامة هناك.
وبعد أن فرغ المسلمون من فتح مصر، رأى عمرو بن العاص دوافع فتح مصر Y_20 ضرورة تأمين حدودها من جهة الغرب، وبخاصة أن الروم قد أُجبِرُوا على الخروج منها، وهم يتحينون الفرصة لاستعادتها. ولما كانوا يبسطون نفوذهم وسلطانهم على المناطق التي تقع غرب مصر حتى المحيط الأطلنطي، كان لا بد من تأمين تلك الحدود؛ لذلك كان من الضروري استمرار الفتح غربًا لارتباط تلك المناطق الوثيق بمصر؛ فقد كانت أنطابُلُس (برقة) وطرابلس قد انفصلتا عن الإمبراطورية البيزنطية منذ عهد موريس 583- 602م، وكانتا شبه مستقلتين وتابعتين لمصر رسميًّا، وأيدتا "جريجوريوس" لدى انفصاله عن الإمبراطورية البيزنطية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

دوافع فتح مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: دوافع فتح مصر   دوافع فتح مصر Emptyالأربعاء 02 مارس 2016, 9:15 pm

لم يكن فتح مصر عشوائيًّا، وإنما كان ذلك بخطة محكمة ودراسة مسبقة، ويرجع السبب في ذلك إلى عدة عوامل؛ منها ما هو ديني أو عسكري أو سياسي أو اقتصادي أو غير ذلك.

1- الدافع الديني:

يتمثل هذا الدافع في رغبة المسلمين في الاضطلاع بأعباء الدعوة الإسلامية العالمية، وضرورة أداء أمانة تبليغها إلى العالمين لإبراء الذمة أمام الله U، وقد سبق للمسلمين في عهد الرسول r دعوة المقوقس إلى الإسلام سلميًّا، فقد أرسل له النبي r الصحابي الجليلحاطب بن أبي بلتعة، وكذلك أبو بكر الصديق t أرسل إليه حاطبًا مرة أخرى، وفي عهد عمر بن الخطاب t أرسل إليه كعب بن عدي بن حنظلة التنوخي، فما كان من المقوقس إلا أن اكتفى بالرد الحسن.
ولما كانت مصر خاضعة للإمبراطورية البيزنطية كان من الضروري مواجهة جند هذه الإمبراطورية على أرض مصر؛ ذلك أنهم يحولون بين المصريين وبين الدخول في الإسلام.
لقد تطلع المسلمون إلى فتح مصر بعد ورودها في كثير من المواضع في القرآن الكريم عند التعرض لقصص الأنبياء الأولين، وتبشير النبي r صحابته بفتحها وتنويهه بجندها، وتوصيته بأهلها خيرًا، ومن أجل ذلك كله حرص المسلمون على فتحها.

2- الدافع العسكري:

كان هذا الفتح طبيعيًّا لأن مصر هي الامتداد الطبيعي الجنوبي لفلسطين، كما أن فتح ما فُتِحَ من مدن فلسطينية قد أجهد البيزنطيين، ولا بد من ضربة قاصمة لوجودهم في هذه الأماكن الجنوبية فكان ذلك.
ومن ناحية أخرى فإن "أرطبون" قائد بيت المقدس قد انسحب منها بنظام إلى مصر لإعادة المقاومة، ودفع المسلمين عن الشام ثانية، ولذلك استدعى الأمر مباغتة هؤلاء والإيقاع بهم قبل تزايد خطرهم واستعمال قوتهم.
كما أن الاستيلاء على ما في مصر من ثغور وسفن سوف يمكِّن المسلمين من إخضاع مدن الشام الشمالية الواقعة على البحر المتوسط، والتي كانت لا تزال تقاوم المسلمين، ففتح مصر ضرورة حربية ملحة تكميلاً لفتح بلاد الشام؛ لأن الإمبراطورية البيزنطية كانت تسيطر على الشام ومصر وبلاد المغرب، وتلك البلاد -عسكريًّا- تعد منطقة واحدة؛ إذ إن فتح جزء منها يستلزم فتح الأجزاء الأخرى نتيجة التعرض للصدام مع عدو واحد يحتلها.
وكذلك كان من الممكن عند إغفال فتح مصر مهاجمة البيزنطيين دار الخلافة عن طريق البحر الأحمر، فتهبط قواتهم إلى ميناء جدة أو الجار، وتتم مهاجمة الحجاز.
وكان من دواعي فتح مصر أيضًا أن البيزنطيين حاولوا استرداد الشام من المسلمين، وأرادوا عرقلة جهودهم للتوجه جنوبًا، وهاجموهم من شمال الشام، فشعر المسلمون أنهم محاصرون بين قوات بيزنطة في آسيا الصغرى وقواتهم في مصر.
أضف إلى ذلك أيضًا سهولة فتح مصر الذي لن يكلف العرب المسلمين سوى القليل من الأرواح والأموال؛ لقلة التحصينات بها.
كما أن معرفة عمرو بن العاص t لمصر ودرايته بها، وهو القائد المختار لفتح البلاد، وَفَّرَ على المسلمين كثيرًا من المعاناة والتكاليف. إضافة إلى أن أغلب الجند الذين اشتركوا في الفتح كانوا من العناصر اليمنية، وأغلبهم من قبيلتي غافق وعك على وجه الخصوص، وهؤلاء اليمانية مهروا في قتال الحصون الساحلية، واشتركوا مع عمرو في فتح الحصون ببلاد الشام، فهم أقدر الناس على فتح مصر ومعالجة شئونها العسكرية، كما كانوا على دراية ببناء المدن واختطاطها، والإلمام بالزراعة، فهم من هذه الناحية العسكرية أقدر الناس على تفهم أمور مصر ومعالجة شئونها.

3- الدافع السياسي الاقتصادي:

وهو يتعلق بما تَجَمَّع لدى المسلمين من معلومات عن أوضاع مصر السيئة في ظل حكم البيزنطيين، وما تَرَدَّتْ إليه أوضاعها الاقتصادية نتيجة المظالم المادية، والنهب المنظم لثروات البلاد لصالح الغرباء عنها.
ويُضَافُ إلى ذلك الصراع الديني المذهبي الذي أَجَّجَ العداوة والأحقاد بين عامة الشعب من القبط، وبين البيزنطيين.
أدرك المسلمون ذلك كله، وأدركوا معه غنى مصر وثراءها، وعلموا أن ضمها إلى بلدان الإسلام يضمن انتعاشًا في اقتصاد المسلمين، ويوفر لهم الأموال التي تساعد على مزيد من الفتوح، إضافة إلى أن مصر كانت مركزًا رئيسيًّا لتمويل بيزنطة بالقمح، ومع انهيار الجيش البيزنطي، وما حَلَّ بمصر من ضعف وانقسام كانت الفرصة مواتية للإقدام على فتح مصر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

دوافع فتح مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: دوافع فتح مصر   دوافع فتح مصر Emptyالأربعاء 02 مارس 2016, 9:19 pm

مصر في عهد عمرو بن العاص

مشاركة مصر في كشف الضر الذي نزل بالجزيرة العربية (عام الرمادة)

عند التحدث عن عام الرمادة في عهد عمر، لا بد من الإشارة إلى أن السياسة (الحكم) والاقتصاد (المالية) ركنان مهمان ومتلازمان من أركان الدولة القوية والناجحة. وما حصل في عام الرمادة في عهد عمر، هو أزمة قاسية لاقتصاد الدولة الإسلامية الفتية.
وعام الرمادة -والرمادة في اللغة الهلكة- هو البلاء والحدث الجسيم الذي فاجأ عمر، وهو في صدد بناء الدولة الإسلامية الناشئة. ففي سنة 18هـ، حصل في الجزيرة العربية قحط دام تسعة أشهر، فسميت هذه السنة عام الرمادة؛ لأن الريح كانت تسفي ترابًا كالرماد، أو لأنه هلكت منه الناس والأموال. واشتد الجوع في ذلك العام حتى جعلت الوحش تأوي إلى الإنس، وحتى جعل الرجل يذبح الشاة فيعافها من قبحها.
دوافع فتح مصر 700_image002وأصبحت الجزيرة العربية جدباء قاحلة، لا ماء ولا مرعى، ولا ماشية ولا طعام. وجاع الناس، وأحسَّ عمر بجوع رعيته، ونهض لهذه الكارثة نهوضه لكل خطب، فأقسم ألا يذوق لحمًا ولا سمنًا حتى يكشف الله الضر، وقال: كيف يعنيني شأن الرعية إذا لم يصبني ما أصابهم؟!
وبدأ عمر بمواجهة المشكلة داخليًّا متجهًا إلى الله عز وجل، وإلى الأغنياء والموسرين من رعيته، واستجلب القوت من كل مكان فيه مزيد من قوت، وجعل يحمله على ظهره مع الحاملين إلى حيث يعثر على الجياع والمهزولين العاجزين عن حمل أقواتهم، وآلى على نفسه وأهله لا يأكلون طعامًا أنقى من الطعام الذي يصيبه الفقير المحروم من رعاياه.
وعن ابن عمر: "كان عمر بن الخطاب أحدث في زمان الرمادة أمرًا ما كان فعله، لقد كان يصلي بالناس العشاء ثم يخرج حتى يدخل بيته، فلا يزال يصلي حتى يكون آخر الليل، ثم يخرج فيأتي الأنقاب فيطوف عليها، وإني لأسمعه ليلة في السحر وهو يقول: اللهم لا تجعل هلاك أمة محمد على يدي".
ولم يقتصر عمر في مواجهة الأزمة على الالتجاء إلى الله فقط، بل كتب إلى الولاة والعمال في سائر الأمصار يطلب منهم النجدة والعون، يستعينهم ويستغيثهم لأهل المدينة ومن حولها، وكانت كتبه إليهم قصيرة، عميقة التأثير، منها رسالته إلى عمرو بن العاص والي مصر:
"بسم الله الرحمن الرحيم. من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى العاص ابن العاص، سلام عليك. أما بعد، أفتراني هالكًا ومن قبلي وتعيش أنت ومن قبلك؟ فياغوثاه! يا غوثاه! يا غوثاه!".
فرد عمرو بن العاص والي مصر إلى عمر
"بسم الله الرحمن الرحيم. إلى عبد الله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب من عمرو بن العاص، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله، الذي لا إله إلا هو. أما بعد، أتاك الغوث فلبيك لبيك، لقد بعثت إليك بعيرٍ أولها عندك وآخرها عندي، مع أني أرجو أن أجد سبيلاً أن أحمل في البحر".
فبعث في البر بألف بعير تحمل الدقيق، وبعث في البحر بعشرين سفينة تحمل الدقيق والدهن، وبعث إليه بخمسة آلاف كساء.
وكتب إلى معاوية بن أبي سفيان والي الشام يقول: إذا جاءك كتابي هذا فابعث إلينا من الطعام بما يصلح قِبَلَنَا؛ فإنهم قد هلكوا إلا أن يرحمهم الله. فأرسل معاوية ثلاثة آلاف بعير من دمشق، وقدم أبو عبيدة بن الجراح من حمص بأربعة آلاف راحلة محملة بالطعام.

حفر خليج أمير المؤمنين

يعتبر حفر خليج أمير المؤمنين من الأعمال العمرانية العظيمة التي قام بها عمرو بن العاص t في مصر، فعن طريقه تم ربط النيل بالبحر الأحمر بحر القلزم وشبه الجزيرة العربية، ولكن الروايات تختلف في شأن صاحب الفكرة الأولى في حفره.
فقد ذكر ابن عبد الحكم في كتابة فتوح مصر والمغرب: أن عمر بن الخطاب كتب إلى عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن يقدم عليه هو وجماعة من أهل مصر، فقدموا عليه، فقال عمر: "يا عمرو، إن الله قد فتح على المسلمين مصر، وهي كثيرة الخير والطعام، وقد ألقى في رُوعي؛ لما أحببت من الرفق بأهل الحرمين، والتوسعة عليهم حين فتح الله عليهم مصر وجعلها قوة لهم ولجميع المسلمين، أن أحفر خليجًا من نيلها حتى يسيل في البحر، فهو أسهل لما نريد من حمل الطعام إلى المدينة ومكة، فإن حمله على الظهر يبعد، ولا نبلغ منه ما نريد، فانطلق أنت وأصحابك فتشاوروا في ذلك حتى يعتدل فيه رأيكم."
فانطلق عمرو فأخبر بذلك من كان معه من أهل مصر، فثَقُلَ ذلك عليهم، وقالوا: نتخوف أن يدخل في هذا ضرر على مصر، فنرى أن تعظم ذلك على أمير المؤمنين، وتقول له: إن هذا أمر لا يعتدل ولا يكون، ولا نجد إليه سبيلاً.
فرجع عمرو بذلك إلى عمر، فضحك عمر حين رآه، وقال: "والذي نفسي بيده، لكأني أنظر إليك يا عمرو وإلى أصحابك حين أخبرتهم بما أمرنا به من حفر الخليج فثقل ذلك عليهم، وقالوا: يدخل في هذا ضرر على أهل مصر، فنرى أن تعظم ذلك على أمير المؤمنين، وتقول له: إن هذا الأمر لا يعتدل، ولا يكون ولا نجد إليه سبيلاً".
فعجب عمرو من قول عمر، وقال: صدقت والله يا أمير المؤمنين، لقد كان الأمر على ما ذكرت.
فقال له عُمر: انطلق يا عمرو بعزيمة مني حتى تجِدَّ في ذلك، ولا يأتي عليك الحول حتى تفرغ منه إن شاء الله. فانصرف عمرو، وجمع لذلك من الفَعَلَةِ ما بلغ منه ما أراد، ثم احتفر الخليج الذي في حاشية الفسطاط الذي يقال له: خليج أمير المؤمنين، فساقه من النيل إلى القلزم، فلم يأتِ الحول حتى جرت فيه السفن، فحمل فيه ما أراد من الطعام إلى المدينة ومكة، فنفع الله بذلك أهل الحرمين، وسمي خليج أمير المؤمنين.

التسامح الديني

وهذا جانب جديد من جوانب النزعة الإنسانية في حضارتنا الخالدة، جديد في تاريخ العقائد والأديان، وجديد في تاريخ الحضارات القديمة التي ينشِئُها دين معين أو أمة معينة، لقد أنشأ الإسلام حضارتنا فلم يضق ذرعًا بالأديان السابقة، ولم يتعصب دون الآراء والمذاهب المتعددة، بل كان شعاره {فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر:17-18]. ومن أجل ذلك كان من مبادئ حضارتنا في التسامح الديني:
1- أن الأديان السماوية كلها تستقي من معين واحد: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى:13].
2- وأن الأنبياء إخوة لا تفاضل بينهم من حيث الرسالة، وأن على المسلمين أن يؤمنوا بهم جميعًا: {قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة:136].
3- وأن العقيدة لا يمكن الإكراه عليها، بل لا بد فيها من الاقتناع والرضا {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّين} [البقرة:256]، {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِين} [يونس:99].
4- وأن أماكن العبادة للديانات السماوية محترمة، يجب الدفاع عنها وحمايتها كحماية مساجد المسلمين {وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} [الحج:40].
5- وأن الناس لا ينبغي أن يؤدي اختلافهم في أديانهم إلى أن يقتل بعضهم بعضًا، أو يعتدي بعضهم على بعض، بل يجب أن يتعاونوا على فعل الخير ومكافحة الشر {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَان} [المائدة:2].
أما الفصل بينهم فيما يختلفون فيه، فالله وحده هو الذي يحكم بينهم يوم القيامة: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [البقرة:113].
6- وأن التفاضل بين الناس في الحياة وعند الله بمقدار ما يقدم أحدهم لنفسه، وللناس من خيرٍ وبِرٍّ "الخلق كلهم عيال الله، فأحبهم إليه أنفعهم لعياله" (رواه البزار)، {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:13].
7- وأن الاختلاف في الأديان لا يحول دون البر والصلة والضيافة {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة:5].
8- وإن اختلف الناس في أديانهم، فلهم أن يجادل بعضهم بعضًا فيها بالحسنى، وفي حدود الأدب والحجة والإقناع {وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [العنكبوت:46]. ولا تجوز البذاءة مع المخالفين، ولا سب عقائدهم ولو كانوا وثنيين {وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام:108].
9- فإذا اعتدى على الأمة في عقيدتها، وجب رد العدوان لحماية العقيدة ودَرْءِ الفتنة {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} [البقرة:193]، {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ} [الممتحنة:9].
10- فإذا انتصرت الأمة على من اعتدى عليها في الدين، أو أراد سلبها حريتها، فلا يجوز الانتقام منهم بإجبارهم على ترك دينهم، أو اضطهادهم في عقائدهم، وحسبهم أن يعترفوا بسلطان الدولة، ويقيموا على الإخلاص لها حتى يكون "لهم ما لنا وعليهم ما علينا".
هذه هي مبادئ التسامح الديني في الإسلام الذي قامت عليه حضارتنا، وهي توجب على المسلم أن يؤمن بأنبياء الله ورسله جميعًا، وأن يذكرهم بالإجلال والاحترام، وأن لا يتعرض لأتباعهم بسوء، وأن يكون معهم حسن المعاملة، رقيق الجانب، لين القول، يحسن جوارهم، ويقبل ضيافتهم، وأوجب الإسلام على الدولة المسلمة أن تحمي أماكن عبادتهم، وأن لا تتدخل في عقائدهم، ولا تجور عليهم في حكم، وتسويهم بالمسلمين في الحقوق والواجبات العامة، وأن تصون كرامتهم وحياتهم ومستقبلهم كما تصون كرامة المسلمين وحياتهم ومستقبلهم.
وعلى هدي الرسول الكريم في تسامحه الديني ذي النزعة الإنسانية الرفيعة، سار خلفاؤه من بعده، فإذا بنا نجد عمر بن الخطاب وقد شكت إليه امرأة مسيحية من سكان مصر أن عمرو بن العاص قد أدخل دارها في المسجد كرهًا عنها، فسأل عَمْرًا عن ذلك؛ فيخبره أن المسلمين كثروا وأصبح المسجد يضيق بهم، وفي جواره دار هذه المرأة، وقد عرض عليها عمرو ثمن دارها وبالغ في الثمن فلم ترضَ، مما اضطر عمرو إلى هدم دارها وإدخاله في المسجد، ووضع قيمة الدار في بيت المال تأخذه متى شاءت.
ومع أن هذا مما تبيحه قوانيننا الحاضرة، وهي حالة يعذر فيها عمرو على ما صنع، فإن عُمر لم يرضَ ذلك، وأمر عَمرًا أن يهدم البناء الجديد من المسجد، ويعيد إلى المرأة المسيحية دارها كما كانت!!
هذه هي الروح المتسامحة التي سادت المجتمع الذي أظلته حضارتنا بمبادئها، فإذا بنا نشهد من ضروب التسامح الديني ما لا نجد له مثيلاً في تاريخ العصور حتى في العصر الحديث!!
ومن مظاهر التسامح الديني أيضًا أن كانت المساجد تجاور الكنائس في ظل حياتنا الخالدة، وكان رجال الدين في الكنائس يعطون السلطة التامة على رعاياهم في كل شئونهم الدينية والكنسية، لا تتدخل الدولة في ذلك، بل إن الدولة كانت تتدخل في حل المشاكل الخلافية بين مذاهبهم، وتنصف بعضهم من بعض، فقد كان الملكانيون يضطهدون أقباط مصر في عهد الروم ويسلبونهم كنائسهم، حتى إذا فتحت مصر ردَّ المسلمون إلى الأقباط كنائسهم وأنصفوهم.
أما حرية رجال الدين في طقوسهم، وإبقاء سلطاتهم على رعاياهم دون تدخل الدولة في ذلك، فقد شعر المسيحيون من سكان البلاد بالحرية في ذلك ما لم يشعروا ببعضه في حكم الروم.

- ابن عمرو بن العاص والقبطي

يذكر ابن عبد الحكم أن رجلاً جاء إلى عمر بن الخطاب دوافع فتح مصر T_20، فقال له: يا أمير المؤمنين، عائذ بك من الظلم. قال: عذت معاذًا. قال: سابقت ابن عمرو بن العاص فسبقته، فجعل يضربني بالسوط، ويقول: أنا ابن الأكرمين. فكتب عمر إلى عمرو يأمره بالقدوم عليه هو وابنه، فقدما، فقال عمر: أين المصري؟ خذ السوط فاضرب. فجعل يضربه بالسوط، ويقول عمر:
اضرب ابن الأكرمين. قال أنس: فضرب فوالله لقد ضربه ونحن نحب ضربه، فما أقلع عنه حتى تمنينا أنه يرفع عنه. ثم قال عمر للمصري: ضع على صلعة عمرو. فقال: يا أمير المؤمنين، إنما ابنه الذي ضربني، وقد اشتفيت منه. فقال عمر لعمرو: مُذ كَمْ تعبدتم الناس، وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا ؟! قال: يا أمير المؤمنين، لم أعلم ولم يأتني.

وثيقة الصلح مع أهل مصر

كانت وثيقة الصلح التي عقدها عمرو بن العاص دوافع فتح مصر T_20 مع أهل مصر إحدى مظاهر التسامح الديني، فقد تمتع المصريون من خلالها بحرية دينية كاملة لم يعهدوها من قبل، وهذا نص الوثيقة:
"بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما أعطى عمرو بن العاص أهل مصر، الأمان على أنفسهم وملتهم وأموالهم وكنائسهم وصلبهم، وبرهم وبحرهم، لا يدخل عليهم شيء من ذلك ولا ينتقص، ولا يساكنهم النوب، وعلى أهل مصر أن يعطوا الجزية إذا اجتمعوا على هذا الصلح، وانتهت زيادة نهرهم خمسين ألف ألف، وعليهم ما جنى لُصوتُهم (جمع لِصْت، وهو اللص)، فإن أبى أحد منهم أن يجيب رُفِعَ عنهم الجزاء بقدرهم، وذمتنا ممن أبى بريئة، وإن نقص نهرهم من غايته إذا انتهى، رفع عنهم بقدر ذلك، ومن دخل في صلحهم من الروم والنوب فله مثل ما لهم وعليه مثل ما عليهم، ومن أبى واختار الذهاب فهو آمن حتى يبلغ مأمنه، أو يخرج من سلطاننا، عليهم ما عليهم أثلاثًا في كل ثلث جباية ثلث ما عليهم، على ما في هذا الكتاب عهد الله، وذمته وذمة رسوله، وذمة الخليفة أمير المؤمنين، وذمم المؤمنين، وعلى النوبة الذين استجابوا أن يعينوا بكذا وكذا رأسًا، وكذا وكذا فرسًا، على ألا يُغْزَوا ولا يمنعوا من تجارة صادرة ولا واردة. شهد الزبير وعبد الله ومحمد ابناه، وكتب وردان وحضر".
وتبرز من خلال هذه الوثيقة مجموعة من المعطيات المهمة:
1- ضمان الحرية الدينية، والتعهد بحماية ممتلكات الكنائس والأديرة.
2- ربط قضية الجزية بالقدرة على دفعها، فإذا كانت السنة خيرة بعطائها الزراعي تمَّ دفع الجزية بحسب ما هو مقرر "خمسين مليون"، أما إذا كان الفيضان ضعيفًا وكان الإنتاج الزراعي قليلاً تمَّ تخفيض الجزية بما يعادل "إجداب الأرض وضعف إنتاجها".
3- تقسيم الجزية على ثلاثة أقساط بما يتوافق والتكوين الاقتصادي للإقليم.
4- إعطاء الأمان لمن يرفض دفع الجزية حتى يغادر أرض مصر.
5- شمول الجزية لمن يريد المصريون إدخاله في الجزية من أبناء الشعوب الأفريقية التي لم يفتح المسلمون بلادهم.
6- إسقاط واجب الحرب عن المواطنين ممن يدفعون الجزية.
7- إطلاق الحرية التجارية وحرية التنقل دون قيود.
8- إعطاء ذمة الله ورسوله.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
دوافع فتح مصر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  ما دوافع السلوك العدواني الإسرائيلي؟
»  4 دوافع وراء دعم الغرب العدوان على غزة الصامدة..
»  نصرالله يكسر صمته: هذه دوافع قراره
» ما دوافع تنامي دور البحرية الهندية قرب باب المندب؟
»  دوافع "الانتقام والعسكرية العلمانية" في الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: التاريخ :: عبر التاريخ-
انتقل الى: