الفصل السادس
أسعار البترول في التسعينات بين التحسن والهبوط وأثرها على الاقتصاد العالمي
وفي محاولة للتعرف على آراء خبراء البترول العالميين والمسؤولين في دول أوبك، نذكر ما يلي:
في 12 ديسمبر 1998
على هامش مؤتمر منظمة الدول العربية المصدرة للبترول (أوابك)
جاءت تصريحات وزراء البترول العرب المشاركين في الاجتماع مركَّزة على وضع سوق البترول العالمي وقتئذ وعلى انخفاض الأسعار، خاصة بعد فشل المؤتمر الوزاري العادي لأوبك في 25 نوفمبر 1998 دون التوصل إلى اتفاق.
عبدالله البدري أمين اللجنة الشعبية العامة للطاقة في الجماهيرية الليبية
دعا الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) إلى إجراء تخفيضات جذرية في إنتاج البترول، وعقْد اجتماع طارئ للمنظمة قبل الاجتماع الوزاري العادي المقرر عقده في مارس 1999. وأعلن أن إجمالي الخسائر التي تكبدتها الدول الأعضاء في أوبك فقط نتيجة تدهور أسعار البترول خلال عام 1998 تقدر بنحو 56 بليون دولار.
وتساءل عن جدوى ضخ المزيد من الإنتاج البترولي في الأسواق في ظل التدهور الحاد لمستويات الأسعار وتوافر المخزون لدى الدول الصناعية.
وجدَّد البدري دعوة العقيد معمر القذافي إلى وقف كامل لصادرات البترول لمدة محدودة.
يوسف يوسفي وزير الطاقة والمناجم الجزائري
دعا إلى تقليص سقف الإنتاج لدول منظمة أوبك بواقع 1.5 مليون برميل يومياً، ونفي وجود خلافات بين الدول أعضاء أوبك مشيراً إلى وجود إجماع عربي على احترام معدلات الإنتاج المقررة من جانب أوبك. وأضاف بأن تحسن الأسعار لن يتم دون هذا الخفض، الذي وصفه بأنه ضروري في ظل التزايد الحاد في المخزون العالمي.
علي إبراهيم النعيمي وزير البترول السعودي
صرح بأن أسواق البترول العالمية تحتاج إلى مزيد من الوقت كي تستفيد من تخفيضين في الإنتاج أقرهما المنتجون في عام 1998.
وقد أبدت بعض الدول الخليجية: السعودية والكويت والإمارات استعدادها لمزيد من الخفض في الإنتاج إذا دعت الحاجة إلى ذلك بشرط الالتزام الكامل بالخفض الذي يتقرر التعهد به.
عبدالله بن حمد العطية وزير البترول القطري
حذَّر من انخفاض الأسعار التي وصلت إلى أدنى مستوى، إذ تراوح سعر خام برنت بين 9 و10 دولارات. وعزا الانخفاض إلى أسباب عدة منها الأزمة الاقتصادية في جنوب شرق آسيا وزيادة العرض على الطلب. وكذلك اعتدال المناخ. وأكّد التزام بلاده باتفاق أوبك، ودعا جميع المنتجين في أوبك وخارجها إلى التنسيق فيما بينهم لوقف انخفاض الأسعار. إذ أن المنظمة لا تستطيع بمفردها إيجاد التوازن المطلوب في السوق والحد من انهيار الأسعار.
سليمان نصف العماني وكيل وزارة البترول الكويتي
أكد أن بلاده أجلت بعض المشروعات الاستثمارية بسبب انخفاض عائداتها من البترول. موضحاً أنه ما من شك أن هناك خسارة ولكن يبقى البترول في النهاية مجرد سلعة معرضة للارتفاع والانخفاض مثل أي سلعة أخرى.
الدكتور حمدي البنبي وزير البترول المصري
صرح بأن مصر تشارك دول الخليج العربية في العمل باتفاقات تخفيض إنتاج البترول حتى نهاية عام 1999. وأعلن أن مصر قد خفضت الإنتاج بمعدل 20 ألف ب/ ي اعتباراً من أول يوليه 1998.
كذلك انتهزت وسائل الإعلام وخاصة الصحف العربية والخليجية والأجنبية فرصة تدهور أسعار البترول في تصوير الأحوال تصويراً مأساوياً لا يخلو من عبارات تفوح منها مبالغة متعمَّدة كي تثير الرأي العام حتى يضغط على الحكومات المنتجة لحسم الموقف.
وعلى سبيل المثال:
- ورد في صحيفة أخبار اليوم المصرية في 23 يناير 1999 (ص10 أخبار المال والاقتصاد) المانشيت التالي:
"السنوات العجاف بدأت ... بسبب ضياع هيبة البترول"
"الخليج في حالة تقشف ... الأرصدة تتقلص ... والعجز في الموازنات يتزايد"
وورد في المقال المنشور الفقرات الإخبارية التالية:
- تتردد في الأوساط البترولية أن هناك فائضاً في الأسواق يصل إلى خمسة ملايين برميل يومياً. وهذا الرقم ـ إذا كان صحيحاً ـ كفيل بنسف أسعار النفط.
- كشفت التقارير الصادرة من عواصم الدول الخليجية عن احتمال أن يصل العجز في موازنات الدول الست إلى 20 مليار دولار خلال عام 1999، مقابل العجز في موازنات عام 1998 الذي بلغ حوالي 11 مليار دولار.
- تتبنى دول الخليج في ذلك الوقت سياسة تقشف قائمة على الحد من الإنفاق بأقصى درجة حتى لا يتضخم العجز في الموازنات بشكل لا تحمد عقباه.
- تبين أن السعودية خسرت في ثلاث سنوات فقط أكثر من 25 مليار دولار من إيراداتها. وكشفت عن أن العجز في موازنة 1999 يقدَّر بنحو 44 مليار ريال سعودي (أي حوالي 11.7 مليار دولار).
وعلى الرغم مما تردد عن أن السعودية قد تلجأ إلى الاقتراض من الخارج، وبالتحديد من دولة الإمارات الشقيقة لمواجهة العجز في الموازنة، إلا أنه فيما بعد أشارت المصادر الصحفية بأن السعودية ستكتفي بالاقتراض من الداخل ـ أي من البنوك المحلية ـ حيث يتوافر في البلاد سيولة محلية كافية لمواجهة متطلبات الميزانية السعودية. وتتبنى الحكومة حالياً سياسة اقتصادية قائمة على الترشيد والحد من الإنفاق.
بالنسبة لدولة الكويت ... أكد الشيخ علي السالم الصباح وزير المالية أن دخل الكويت لم يعد كافياً لمواجهة بند الرواتب في الموازنة. فالبند الخاص بالرواتب وحده يبلغ قيمته 2300 مليون دينار كويتي، في حين أن إجمالي الدخل يبلغ 2150 مليون دينار كويتي وهو أقل من بند الرواتب.
وتشير الأرقام إلى أن إجمالي العجز في الموازنة سيبلغ 202 مليار دينار، أي حوالي 703 مليار دولار. وقد تردد أن الكويت ستسحب ملياري دينار من أرصدتها في الخارج لمواجهة العجز.
وقد علّق وزير المالية الكويتي قائلاً:
"إن استمرار السحب من الاحتياطي الخارجي بهذه الطريقة لعدة سنوات قادمة يعني أننا قد نرهن هذا الاحتياطي".
وأمام العجز في الموازنة... كان لا بد أن تبحث الحكومة عن مخرج. فاقترحت استحداث رسوم جديدة وزيادة أسعار بعض الخدمات مثل: الكهرباء والمياه والصحة إلى جانب اشتراكات مثل التأمينات الاجتماعية والجمارك.
وبالنسبة لدولة قطر... فقد اعترف وزير المالية والاقتصاد القطري يوسف حسين كمال بأن تراجع أسعار البترول أدى إلى أوضاع اقتصادية صعبة، بسبب انخفاض الإيرادات النفطية في العام الماضي (1998) حوالي مليار دولار، الأمر الذي فرض على الحكومة القطرية أن تتبنى ميزانية تقشف بالحد من الإنفاق، ولكن دون مساس بالخدمات.
وبالنسبة لدولتي البحرين والإمارات... فإن الأوضاع أخف وطأة عما هي عليه في الدول الخليجية الأخرى.
فالبحرين تتبنى سياسة قائمة على عدم الاعتماد على الدخل من النفط فقط.
إنها سياسة قائمة على تنويع مصادر الدخل. ولكنها بالتأكيد تأثرت بتردي أسعار البترول. وقد تردد أن المسعى الحكومي قائم على توسيع نطاق الخصخصة، وبالتالي رفع الدعم السلعي تدريجياً.
أما بالنسبة لدولة الإمارات... فهي الدولة الخليجية التي تحقق دائماً فائضاً في الموازنة. ولكن هناك تراجعاً في هذا الفائض بسبب تدهور أسعار البترول.
وقد أعلن وزير التخطيط في دولة الإمارات أن إجمالي الناتج المحلي تراجع في عام 1998 إلى 170 مليار درهم (أي حوالي 46.5 مليار دولار) بينما كان الإجمالي في عام 1997 قد بلغ 180 مليار دولار.
نتيجة لهذه المتغيرات الاقتصادية
هناك توقعات بأن تتأثر العمالة الأجنبية في الخليج بسياسات التقشف. وتقدر المصادر الصحفية حجم العمالة الأجنبية في الخليج بحوالي عشرة ملايين عامل من دول عربية وإسلامية وأسيوية.
وعلى الرغم من هذه الصورة القاتمة في معظم دول الخليج، إلاّ أن المخرج من كل هذه الأزمات يتطلب عودة أسعار النفط إلى الارتفاع. وهذا ليس بالأمر الصعب أو المستحيل. فلو نجحت دول الخليج ومعها بقية دول أوبك في تخفيض إنتاجها من النفط بضعة ملايين برميل يومياً، فإن الأسعار ستصعد فوراً صيفاً أو شتاء. حيث أن السوق البترولي العالمي يستقبل يومياً حوالي 77 مليون برميل نفط، في حين أن الاستهلاك لا يزيد عن 72 مليون برميل يومياً.
إن تجاوز الأزمات يتطلب دائماً الحلول غير التقليدية، كما يتطلب أيضاً تكاتف جهود أصحاب المصلحة المشتركة، أي كل الدول المصدرة للبترول، بدلاً من عدم الالتزام بالتعهدات، الذي يؤدي إلى إلحاق الضرر بالجميع فالكل في مركب واحد.
وفي 18 فبراير 1999
ورد بصحيفة الأهرام المصرية (ص4) خبراً عن خفض إنتاج أوبك بواقع مليون ب/ ي.
الجزائر: أكد يوسف يوسفي وزير البترول الجزائري ورئيس منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) (في ذلك الوقت) على ضرورة خفض إنتاج المنظمة بواقع مليون ب/ ي من أجل مواجهة الوضع المتدهور في سوق البترول العالمية وتحقيق التوازن لها.
وقال يوسف إنه يجري اتصالات واسعة داخل الأوبك ومع دول خارجها منتجة للبترول قبل انعقاد مؤتمر المنظمة في الثالث والعشرين من مارس 1999 بفيينا.
كما صرح بأن الجزائر خسرت 3 مليارات دولار خلال عام 1998 من جراء الانخفاض الحاد في أسعار البترول، والذي لم تشهد السوق البترولية مثيلاً له منذ 12 عاماً.
وفي 25 فبراير 1999
انعقدت ندوة إدارة أزمة انخفاض أسعار النفط ـ التي نظمها مركز الدراسات بأكاديمية السادات بجمهورية مصر العربية ـ وقد أكد خبراء الاقتصاد والبترول، الذين حضروا الندوة، استمرار ظاهرة تدني أسعار البترول عالمياً خلال الفترة القادمة نظراً لاستمرار أزمة الأسواق الأسيوية وبعض أسواق أمريكا اللاتينية، حيث كانت الدول المعروفة بالنمور الأسيوية تستحوذ على 50% من الزيادة العالمية في الطلب على البترول.
وأوضح الخبراء أن سعر البترول الراهن لا يعكس سعره الحقيقي حيث تضاعفت أسعار السلع الصناعية منذ عام 1973 وحتى عام 1998 ما بين 100 ـ 350% في حين أن سعر برميل البترول الراهن يمثل 2 دولاراً فقط مقارناً بأسعار 1973. وأضافوا أن السعر الحقيقي الذي يجب أن يكون عليه سعر برميل البترول هو 50 دولار للبرميل. ومعنى ذلك أن السعر الحقيقي لبرميل النفط في الوقت الحاضر قد ارتد إلى مستواه الذي كان سائداً قبل بدء "الفورة النفطية" وحركة تصحيح الأسعار عام 1973 ـ 1974.
وأشاروا إلى الانخفاض الحاد في أسعار النفط الخام عام 1998 والشهور الأولى من عام 1999 حيث اقترب سعر البرميل من 10 دولارات.
وأن اقتصاديات الدول المصدرة للنفط خاصة دول الخليج العربي وغيرها من الدول العربية هبط معدل النمو الاقتصادي فيها إلى 1.8% مقابل 4.1% في المتوسط قبل الأزمة الراهنة. كما أن نسبة العجز في الموازنات العامة لهذه الدول اتجهت إلى الارتفاع حيث بلغت 3.3% مقابل 1.9% فقط قبل بداية الأزمة وأن بعض المصادر تقدر خسائر دول الخليج العربي الناتجة عن انخفاض أسعار النفط عام 1998 بحوالي 60 مليار دولار. ومن المتوقع أن تتزايد هذه الخسائر 1999 نظراً لما تعكسه مؤشرات معدل نمو الاقتصاد العالمي واستمرار الكساد العالمي في أسواق المال والنقد والمصارف وانعكاسه على كساد السلع والخدمات وارتفاع معدلات البطالة في الدول المستوردة للنفط.
كذلك فإن تأثير انخفاض أسعار النفط في الدول الخليجية خيَّم بشكل مباشر وغير مباشر على اقتصاد الدول المصدرة للعمالة، وتمثَّل ذلك في استغناء غالبية دول الخليج عن عدد كبير من العمالة الوافدة إليها. وهو ما يؤثر مباشرة على حجم تحويلات العاملين في الخارج. وكذلك في عودة بعضهم إلى سوق العمل في دولهم وزيادة نسبة البطالة. إضافة إلى أن الدول الخليجية في ظل أوضاعها الاقتصادية الراهنة ستعيد النظر في حجم معوناتها ومساعداتها الخارجية. كما تأثر ميزان المدفوعات في الدول الأخرى المصدِّرة للنفط في عام 1998 بسبب انخفاض أسعار النفط وانعكاسه على انخفاض الحصيلة من صادرات البترول.
وقد أضاف الدكتور محمود عبدالفضيل أنه عندما نتحدث عن قرب نهاية فترة الطفرة النفطية لم يكن المقصود بذلك هو "نضوب النفط" كمورد طبيعي ولكن تآكل القوة الاقتصادية لهذا المورد وهبوط أسعاره، مما يقلل كثيراً من القيم الاقتصادية لمخزون النفط الذي ما زال في باطن الأرض العربية. وقد أكد ولي العهد السعودي على خطورة الأزمة وصرح رسمياً بأن فترة الطفرة النفطية قد ذهبت ولن تعود. ومعنى هذا التصريح المهم لولي العهد السعودي أن الأزمة الراهنة ليست مجرد هبوط مؤقت في أسعار النفط مثلما حدث عام 1986 تم تعود السوق النفطية إلى الارتفاع، وإنما هي أزمة هيكلية.. ولن يعود سعر النفط إلى سابق عهده باستثناء بعض الزيادات الطفيفة. ولعل ما نشهده الآن هو محصلة تاريخية لعدد من العوامل التي أخذت تتفاعل منذ بداية الثمانينات ـ كما أوضحنا ذلك من قبل ـ حتى أدت إلى الوضع الراهن في السوق النفطية. وهذه العوامل هي:
- السياسات التي اتبعتها الدول المتقدمة المستهلكة للنفط والطاقة، من حيث الاقتصاد في استخدام النفط وتطوير تكنولوجيا أقل اعتماداً على النفط.
- اكتشاف مصادر جديدة للطاقة في العالم منذ منتصف السبعينات وحتى الآن ومؤخراً بحر قزوين مما أدى إلى تعدد مصادر الإمدادات النفطية خارج منظمة أوبك.
- اتباع الدول الغربية سياسة طويلة الأجل للمخزون النفطي حيث تم بناء مخزون نفطي استراتيجي يكفي لأكثر من ستة شهور. مما ساعد على هبوط الأسعار.
ومما يعمق من آثار الأزمة المالية في دول الخليج عاملان هما:
- تراجع إيرادات وقيمة الاستثمارات والتوظيفات المالية لبلدان الخليج في الأسواق المالية العالمية، ولا سيما الأسواق الناشئة وعلى رأسها الدول الأسيوية نتيجة للأزمة المالية الراهنة. مما يدفع دول الخليج للاقتراض من الخارج أو السحب من احتياطي الأجيال القادمة من خلال التصفية التدريجية لتلك الاستثمارات.
- تزايد الضغوط الغربية على دول الخليج لتخصيص المزيد من الأموال للإنفاق العسكري من خلال شراء أسلحة ومعدات لا تستخدم، ودفع فواتير الحملات العسكرية الأمريكية في الخليج في وقت تزداد فيه الضائقة المالية لدول الخليج.
وتلك الضغوط المتزايدة هي محاولة لدفعها إلى حافة الإفلاس المالي.
وهكذا نجد أن الحصار الاقتصادي يكتمل ليطوق جميع الدول العربية دون استثناء.
وفي مارس 1999
نشرت صحيفة الأهرام المصرية تحقيقاً من جدة بالسعودية ورد به ما يلي تحت عنوان
"توقعات بتخفيضات جديدة في إنتاج أوبك"
تتعرض أسواق النفط إلى اهتزازات خطيرة أدت إلى هبوط حاد في مستوى الأسعار وتراجع جديد وصلت معه إلى أدنى مستوى لها. ولم تفلح محاولات منظمة أوبك لدعم الأسعار في الحد من التردي الذي تعاني منه هذه الأسواق.
وقد أعلنت أمانة أوبك أن الإنتاج ارتفع بمقدار 280 ألف ب/ ي في يناير 1999، الأمر الذي يؤكد عدم التزام بعض الأعضاء بالتخفيضات التي سبق إقرارها.
ويرى المراقبون أنه يجب على أوبك أن تخفض مليون برميل يومياً أخرى من الإنتاج ليصبح لديها أمل في وقف تدهور الأسعار.
وقد علمت مصادر عربية ان هناك مشاورات بين السعودية والمكسيك وفنزويلا لبحث إمكانية إجراء مزيد من تخفيضات الإنتاج قبل اجتماع أوبك في 23 مارس 1999.
وفي 13 مارس 1999
نشرت صحيفة الأهرام المصرية (ص5) خبراً من لاهاي بهولندا عن طريق وكالات الأنباء: تحت عنوان.
"ارتفاع أسعار البترول في الأسواق الدولية"
"اتفاق في لاهاي على خفض إنتاج البترول بمليوني برميل يومياً"
"الخفض تشارك فيه دول من داخل وخارج منظمة أوبك"
أعلن علي إبراهيم الغنيمي وزير البترول السعودي أو وزراء ومسؤولي البترول في خمس دول منتجة للبترول من داخل وخارج منظمة الأوبك اتفقوا على خفض الإنتاج بأكثر من مليوني برميل يومياً ابتداء من أول أبريل 1999، في محاولة جديدة لرفع الأسعار.
وجاء الاتفاق في بيان صدر في لاهاي في 12 مارس 1999 في ختام اجتماع استمر يومين في مقر السفير الجزائري في هولندا ضم وزراء بترول السعودية وفنزويلا والجزائر وإيران الأعضاء في منظمة أوبك بالإضافة إلى ممثل عن المكسيك.
وعلى الفور ارتفع سعر البترول في الأسواق الدولية، وتجاوز سعر برميل بترول منطقة بحر الشمال من خام برنت 13 دولاراً في سوق لندن. وهي المرة الأولى التي يتجاوز فيها هذا الحاجز منذ شهر نوفمبر 1998.
وقال وزير البترول السعودي إن الخفض المتفق عليه سيمثل إضافة للخفض السابق المعلن في شهر يونيه 1998 والذي بلغ 3.1 مليون برميل يومياً مما يعني وصول إجمالي الخفض إلى خمسة ملايين برميل يومياً.
وأكد أن فنزويلا كانت من دول الأوبك التي تحمست لفكرة خفض الإنتاج. وأشار إلى أن المكسيك وعمان من بين الدول خارج أوبك اللتين ستشاركان في خفض الإنتاج. وأضاف أن المشاورات ستستمر مع المنتجين المستقلين الآخرين.
ولم يحدد يوسف يوسفي وزير البترول الجزائري كيفية توزيع الخفض بين الدول الأعضاء في الأوبك. لكنه قال إن جميع دول أوبك متفقة على خفض الإنتاج باستثناء العراق.
وقال إن الاتفاق سيكون نهائياً بعد مناقشته في الاجتماع الوزاري لمنظمة الأوبك في 23 مارس 1999 في فيينا. وذكرت مصادر وثيقة الصلة بالاجتماع في لاهاي أنه أمكن تسوية الخلاف الخاص بتحديد حجم الإنتاج الإيراني، الذي يتخذ كأساس للخفض والذي أعاق التوصل إلى اتفاق فيما سبق.
وفي 15 مارس 1999
بعد اجتماع لاهاي بهولندا بيومين، نشرت جريدة الأهرام المصرية (ص5) خبراً آخر من الكويت عن طريق كاراكاس (عاصمة فنزويلا) ووكالات الأنباء. تحت عنوان:
الكويت تخفض إنتاجها البترولي 140 ألف برميل يومياً
أكد وزير البترول الكويتي الشيخ سعود ناصر الصباح أن بلاده ستخفض إنتاجها من البترول الخام بمقدار 140 ألف برميل يومياً.
وقال بعد جلسة لمجلس الأمة الكويتي إنه ليس هناك رقم نهائي لكنه سيكون في حدود 140 ألف برميل يومياً. ويأتي هذا القرار بعد اجتماعين عقدهما ابرز منتجي البترول في 9 و 13 مارس 1999 في السعودية وهولندا على التوالي قرروا خلالهما خفض إنتاجهم بمقدار مليوني برميل يومياً لرفع أسعار البترول التي تدهورت بشدة منذ بداية عام 1998.
وقد كان موقفاً إيجابياً من السعودية الشقيقة أن تضع حداً لهذه المحنة، وتسعى إلى جمع شمل أكبر خمسة من المنتجين هي على رأسهم ومعها إيران وفنزويلا والجزائر والمكسيك، أي من داخل أوبك وخارجها.
وفي الوقت ذاته توقع وزير الطاقة والصناعة القطري عبدالله العطية ارتفاع أسعار البترول إلى مستوى جيد يرضي كل الأطراف. وأعلن العطية أن الاتفاق على خفض الإنتاج جاء في الوقت المناسب، وأنه سيعيد للسوق البترولية العالمية استقرار فقدته طوال الفترة الماضية.
كما صرح وزير الطاقة الفنزويلي إيلي رود ريجيز بأن جميع الدول الرئيسية تقترب من خفض إنتاجها بنسبة واحدة في محاولة لرفع الأسعار بعد أن وصلت إلى أدنى مستوى لها.
وقال الوزير الفنزويلي في تصريحات أدلى بها عقب عودته من هولندا حيث اشترك في اجتماع المنتجين الرئيسيين أن بلاده ستلتزم بتخفيض إنتاجها طبقاً لما اتفق عليه وهو بنسبة 15% أو ما يعادل نصف مليون برميل يومياً.
وقال إن المشاركين في الاجتماع اتفقوا على عدم الكشف عن تفصيلات مساهمة كل دولة إلاَّ بعد اجتماع دول أوبك في 23 مارس 1999.
تم استعراض بعض أقوال الصحف التي تتضمن أخباراً واردة من لندن وكيب تاون والجزائر والقاهرة وجدة ولاهاي وكاراكاس والكويت، وما بها من تصريحات المسؤولين والخبراء البتروليين أثناء أزمة انخفاض أسعار البترول منذ أن أقرَّت منظمة أوبك في اجتماعها رقم 103 بتاريخ 26 نوفمبر 1997 زيادة سقف الإنتاج بنسبة 10% ليصل إلى 27.5 مليون برميل يومياً.
ثم اجتماعها الطارئ الرقم 104 في 30 مارس 1998، الذي تقرر فيه الخفض الأول للإنتاج بمقدار 1.245 مليون ب/ ي.
ثم المؤتمر الوزاري العادي الرقم 105 في 24 يونيه 1998، الذي تقرر فيه الخفض الثاني للإنتاج بمقدار 1.355 مليون ب/ ي ليصل حجم الخفضين إلى 2.6 مليون ب/ ي بالإضافة إلى تخفيض إنتاج الدول خارج أوبك بمقدار 500 ألف ب/ ي.
وتلا ذلك المؤتمر الوزاري لمنظمة أوبك رقم 106 في 25 نوفمبر 1998، الذي انتهى دون التوصل إلى اتفاق حول خفض ثالث للإنتاج.
وكان الأمل يحدو وزراء دول أوبك في أن يزداد الطلب قليلاً في شتاء (نوفمبر وديسمبر 1998 ـ يناير 1999) عسى أن يمتص بعض الفائض من البترول، ولكن تأكد لهم أن التخفيضين السابقين لم يكونا كافيين لإيقاف انهيار أسعار البترول.
والملاحظ أن أقوال الصحف وتصريحات المسؤولين السابق ذكرها كلها تتركز حول المطالبة بإجراء خفض ثالث للإنتاج. كما جاء ببعض المجلات الأجنبية المتخصصة في صناعة مجال البترول.
ونورد بعضاً مما نُشر بها.
الإجراءات العلاجية الفورية لتدهور أسعار البترول
[ltr]Falling Oil Prices Prompt Remedial Actions [/ltr]
منذ أكتوبر 1997 انهارت الأسعار الفورية للزيت الخام بأكثر من 4 دولارات ـ وهو أدنى مستوى لها في 4 سنوات ـ إن زيادات إنتاج الدول خارج أوبك، بالإضافة إلى استئناف العراق تصدير مليون برميل يومياً من الزيت الخام بمقتضى اتفاق النفط مقابل الغذاء، وزيادة سقف إنتاج دول أوبك إلى 27.5 مليون ب/ ي أسفرت عن فائض في العرض.
إضافة إلى اعتدال طقس فصل الشتاء، ومشاكل تخفيض قيمة العملات النقدية في دول آسيا، الأمر الذي يؤدي إلى تخفيض الطلب على البترول. وقد ظهر جلياً آثار عدم التوازن بين العرض والطلب في جميع أنحاء العالم.
وباستطلاع رأي بعض المسؤولين صرّح بعضهم بما يلي:
المملكة العربية السعودية
قال وزير النفط السعودي علي النعيمي: إن السعودية سوف تنتج النفط الخام طبقاً لحصتها الجديدة، ولا تنوي إطلاقاً إغراق السوق العالمي للبترول بإنتاجها.
وصرح النعيمي لوكالة رويتر: "إن السعودية لن تنتج من نفطها الخام اكثر من احتياجات السوق. إننا لن نلقي بنفطنا الخام في ناقلات ونبيعه بأسعار مهما كانت".
إيران
خفَّضت إيران من تقديراتها لعائداتها النفطية للسنة المالية القادمة. وأخطرت برلمانها ان يتوقع عجزاً بالموازنة يتراوح قدره من بليونين إلى 4.5 بليون دولار بسبب تدهور أسعار البترول، وأسعار الصرف السائدة.
الشرق الأقصى
إن النمو الاقتصادي في دول آسيا في تباطؤ، واستهلاك الطاقة في تناقص، الأمر الذي أدى إلى تقلص الطلب على البترول.
كما أجرت معامل التكرير في اليابان وكوريا الجنوبية وتايلاند وسنغافورة تخفيضات في المشتريات البترولية، وقللت من الإنتاج.
وصرح المسؤولون بوزارة البترول الهندية بأن تقديرات الوزارة لاستيراد مستلزمات الإنتاج البترولية تم تخفيضها بنسبة 13%.
فنزويلا
صرح الرئيس لويس جيستي Luis Giusti بأن الأزمة الأسيوية كانت سبباً في تخفيض الطلب على البترول بمقدار 400 ألف برميل يومياً، وكان الشتاء المعتدل ـ الذي لم يحدث طوال 60 عاماً مضت ـ سبباً في تخفيض الطلب على البترول بمقدار 500 ألف برميل يومياً. وأدى ذلك إلى عجز الموازنة لعام 1998 بمقدار 800 مليون دولار، ويترجم ذلك إلى تخفيض الإنتاج بمقدار من 70 ـ 80 ألف برميل يومياً.
وهذه التخفيضات في الموازنة ما هي إلاَّ جزءاً من سلسلة أوسع من التخفيضات في النفقات التي تُصرف من أجل الحد من التضخم. ومن المتوقع ان يبلغ متوسط سعر بترول فنزويلا 14.20 دولاراً للبرميل في عام 1998 مقارناً بتقدير الحكومة الذي يصل إلى 15.50 دولاراً للبرميل.
وأوضح Giusti أن انخفاض السعر بدولار واحد يعني خسارة 1.1 بليون دولار في إيرادات الدولة.
منظمة أوبك
اتفق وزراء أوبك على عقد اجتماع طارئ في فيينا في 26 يناير 1999 لمناقشة أسعار البترول المتدنية وإقرار استراتيجية لوقف هذا التدهور.
رؤية بعيدة النظر The Long View
وفي تقرير أعده المحلل الاقتصادي Salomon Smith Barney شمل 202 شركة من شركات البترول، استنتج بأن نفقات عمليات استكشاف وإنتاج البترول على النطاق العالمي تزداد بنسبة 10.9% لتصل إلى 93.8 بليون دولار في عام 1998 على الرغم من الأسعار المتدنية للبترول.
ويقع اختيار شركات البترول على المناطق التي تتيح مجالاً لنشاط المستكشفين مثل غرب أفريقيا ودول الاتحاد السوفيتي (سابقاً) لتوجيه زيادات هامة من الإنفاق إليها هذا العام بهدف التنقيب عن البترول والغاز.
وقد صرح بعض المحللين مثل Mark Urness , Geoff Kieburtz بأن خطط الإنفاق، التي تعدها شركات البترول المشار إليها في التقرير المذكور، مبنية بدرجة متزايدة على وجهة نظر بعيدة المدى نحو المستقبل الممتد إلى سنوات عديدة أفضل من التركيز فقط على الأحوال القريبة قصيرة الأجل التي تحد من تصرفاتها.
وقد ورد بمجلة Pipeline المتخصصة في أحوال صناعة النفط والغاز والبتروكيماويات في الخليج، الأخبار التالية التي تتعلق بأزمة أسعار النفط.
ـ تقديرات أسعار النفط الخام Oil Price Forecast
قدرت الإدارة الأمريكية لمعلومات الطاقة US Energy Information Administration
أسعار النفط الخام بـ 10.75 دولار للبرميل خلال الربع الأول لعام 1999
11.73 لعام 1999
مقابل 12.16 لعام 1998
وهو أدنى سعر منذ عام 1973
وأوضحت الإدارة الأمريكية أن أسعار الزيت الخام ستظل منخفضة بسبب عوامل عديدة، منها قدرة أوبك على إقرار مزيد من الانخفاض في مستويات الإنتاج.
ـ بينما كان المسؤولون في منظمة أوبك يحشدون قواهم لعقد اجتماع استثنائي للقيام بعمل مشترك قبل الاجتماع العادي المقرر عقده في 23 مارس 1999، أوضحت فنزويلا أنه من غير المحتمل عقد هذا الاجتماع الاستثنائي لأن الحكومة الجديدة للبلاد سوف يتم تنصيبها رسمياً في 2 فبراير 1999. وصرَّح مسؤولو وزارة البترول الجديدة أنه لا يمكن إعطاء وعود بإجراء تخفيضات جديدة إلاّ بعد أن تتولى الوزارة الجديدة السلطة رسمياً.
ـ سجلت شركة البترول والغاز الحكومية بإندونيسيا (Pertamina) خسارة في أرباحها الإجمالية للسنة المالية 1997 ـ 1998 قدرها 238 مليون دولار بنسبة 42% وينسب هذا التدهور الحاد في أرباح الشركة إلى هبوط سعر صرف وحدة النقد الرسمية الروبية في مواجهة الدولار منذ منتصف عام 1997 عندما وقعت الأزمة المالية في إندونيسيا، وإلى تدهور الموارد المالية في السوق بصفة عامة بسبب انخفاض أسعار البترول الخام.
كذلك نعرض فيما يلي بعض البرقيات الواردة بشأن تأثُّر إيرادات بعض شركات البترول العالمية بتدهور أسعار البترول الخام.
فيما يلي بيان بتطور الأسعار العالمية للبترول الخام بالنسبة للعربي الخفيف عام 1998 (مقارنة بعام 1997)
1998 (العربي الخفيف Arabian light) 1997
يناير 13.99 دولاراً للبرميل 22.66
فبراير 12.80 20.03
مارس 11.44 19.11
أبريل 12.20 17.77
مايو 12.68 19.13
يونيه 11.91 17.95
يوليه 11.84 17.74
أغسطس12.73 17.88
سبتمبر 14.03 17.99
أكتوبر 12.31 19.36
نوفمبر 11.63 18.81
ديسمبر 9.69 16.85
--------------------------------------------------------------------
1998 العرض والطلب العالميان للبترول 1997
العرض75.21 مليون برميل يومياً 75.83
الطلب 72.25 74.49
من الواضح أن زيادة العرض عن الطلب في 1998 أكبر منها في عام 1997 مما أدى إلى إغراق السوق العالمي للبترول وأدى بدوره إلى تدهور الأسعار.
فورت ويرث، تكساس ـ (برقية تجارية) ـ 25 يناير 1999
Fort Worth, Texas - (Business Wire) - Jan. 25. 1999:
أعلنت مجموعة شركات اتحاد الموارد الباسيفيكي المتحدة Union Pacific Resources Group ـ اليوم ـ أن انهيار أسعار البترول خلال عام 1998 أسفر عن خسائر في هذا العام بلغت 899 مليون دولار بالرغم من زيادة الإنتاج بنسبة 53%.
ذلك بسبب هبوط أسعار البترول الخام إلى 10.48 دولاراً للبرميل بنسبة 43% في مقابل 18.36 دولاراً للبرميل عام 1997.
ومن أجل تعويض هذه الخسائر تركز الشركة نشاطاتها على تنفيذ استراتيجيتين، حتى ولو كانت في مجال يسود فيه انخفاض الأسعار:
ـ تطوير فرص اكتشاف الغاز الطبيعي في أمريكا الشمالية.
ـ وزيادة المساهمة في أسهمها الجديدة في أمريكا اللاتينية، عن طريق الاستثمار العاجل في حفر الآبار.
ـ وقد قامت الشركة خلال السنوات الثلاث الماضية بإجراء مسح لاكتشاف مشروعات ذات عائد مرتفع، وهي بذلك تحقق ارتفاع مستوى إنتاجها، حتى في ظل أسعار الوقت الحاضر المنخفضة.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الشركة Union Pacific Resources Group Inc تعتبر واحدة من أكبر الشركات المستقلة لاكتشاف وإنتاج البترول والغاز في الولايات المتحدة.
شركة كونوكو تواجه حياة صعبة بسبب انهيار أسعار البترول
[ltr]Conoco Finds Life tough due to price fall [/ltr]
نيويورك ـ 27 يناير 1999 (وكالة رويتر للأنباء)
[ltr](NEW YORK, Jan 27. 1999 (Reuters [/ltr]
أفادت شركة كونوكو أن مقدار خسائر الربع الرابع من عام 1998 بلغ 263 مليون دولار بسبب انخفاض الطلب على البترول والطقس الدافئ، الأمر الذي أدى إلى تدهور أسعار البترول.
وقد صرَّح Archie Dunham رئيس الشركة وكبير مديريها التنفيذيين:
"أن تأثير هذه الأسعار المتدنية ـ التي لم تحدث منذ 25 سنة ـ والطقس الدافئ وضعف الطلب العالمي على البترول مجتمعة كان لها وقْع ضخم على صناعة البترول العالمية في عام 1998. حيث وصل سعر البترول إلى 10.99 دولاراً للبرميل".
كما انخفض مقدار دخل الشركة إلى 450 مليون دولار بعد أن كان 1.029 بليون دولار، بخسارة تبلغ 579 مليون دولار.
وعلى الرغم من أقسى الظروف التي واجهتها صناعة البترول منذ السبعينات، التي لم تبين أي مؤشرات على انخفاض أسعار البترول بحيث ظلت أسعار خام برنت غرب تكساس المتوسط محبوسة تحت 13 دولاراً للبرميل، بعد أن تراوحت أسعارها بين 17 ـ 21 دولاراً للبرميل خلال السنوات العشر قبل عام 1998، فقد كان Dunham رئيس شركة كونوكو يشعر بالتفاؤل.
لذلك قال معبراً عن مشاعره:
"وعلى الرغم من هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، تحركت الشركة ـ في نضال وكفاح ـ قُدُماً إلى الأمام نحو تحقيق أهدافها التنموية على المدى الطويل".
نيويورك، 27 يناير 1999 (وكالات رويتر للأنباء)
[ltr]NEW YORK, Jan. 27 (Reuters)[/ltr]
شركة تكساكو Texaco Inc ـ رابع أكبر شركات البترول في الولايات المتحدة الأمريكية ـ أفادت بأن نجاحها في الحفاظ على إيرادات أسهمها المالية، في هذا المجال الذي يسود فيه تقهقر أسعار البترول، يعتبر عملاً عظيماً.
كما صرحت بأنه من غير المرغوب فيه وضع تقديرات إنتاج البترول لأجل طويل بسبب تذبذب أسعار البترول وسرعة تأثرها. وقد اعتبرت تكساكو أن انخفاض أسعار البترول الخام بنسبة 40% في عام 1998 مسؤولاٍ عن النتائج المُحبطة التي أسفر عنها الربع الرابع من العام المذكور.
ولا يزال سعر خام غرب تكساس المتوسط West Texas Intermediate crude oil أقل من 13 دولار للبرميل، وهو أقل بكثير عن السعر الذي كان يتراوح بين 17 ـ 21 دولاراً للبرميل خلال السنوات العشر السابقة على عام 1998.
وقالت تكساكو إن الإنتاج في عام 1999 سوف ينخفض بمقدار 1% إلى 2% عما كان عليه في عام 1998.
وقد أفادت Elizabeth Smith ـ نائب رئيس علاقات المستثمرين وخدمات حاملي الأسهم ـ أمام مؤتمر للمحللين، بأن الشركة لديها أربعة أو خمسة مشروعات داخلية للإنتاج يعتمد تنفيذها على تطور أسعار البترول وعلى المدى الذي يصل إليه.
إندماجات بين شركات البترول الكبرى في ظل تدني الأسعار
سبق القول إن بعض شركات البترول الكبرى قد أصدرت نشرات في يناير 1999 لبيان موقفها في ظل انهيار أسعار البترول، الذي أسفر عن خسائر فادحة لها خلال عام 1998. وكان من أثر ذلك حدوث إندماجات بين هذه الشركات ـ بداية من أغسطس 1998 ـ باندماج شركتي أموكو الأمريكية وبريتش بتروليم البريطانية في صفقة مقدارها 53 بليون دولار، أعقبها بعد ثلاثة أشهر اندماج شركتي إكسون وموبيل في صفقة قيمتها 80 بليون دولار، ثم الإعلان عن اندماج شركتي توتال الفرنسية وبتروفينا البلجيكية في صفقة قيمتها أكثر من 50 بليون دولار.
وتهدف هذه الإندماجات بصفة رئيسية إلى تقليل تكاليف الإنتاج والنفقات، فضلاً عن تفادي منافسة طاحنة في الأسواق، واقتسام المصادر البترولية الجديدة خاصة في بحر قزوين، التي تعتبر من المناطق البترولية الغنية ذات الاحتمالات البترولية الضخمة والتي لم تُستغل بعد الاستغلال الأمثل.
وتضم منطقة بحر قزوين كل من كازاخستان وتركمانستان وإيران وروسيا. وهي تعد ثاني أكبر مصدر للطاقة في العالم بعد الخليج العربي. وقد تم التعاقد مع 20 شركة بترول عالمية باستثمارات قيمتها حوالي 30 مليار دولار. وتحقق بالفعل العديد من الاكتشافات البترولية، ومن المتوقع ان يصل الإنتاج منها إلى حوالي 65 مليون طن بترول في عام 2005.
وسوف تؤدي هذه الإندماجات أيضاً إلى إعطاء هذه الكيانات البترولية الضخمة وحكوماتها دوراً هاماً في سوق البترول العالمي، وفي المفاوضات مع الدول المنتجة للبترول وفرض مزيد من السيطرة على صناعة البترول العالمية في جميع مراحلها.
وتجدر الإشارة إلى أن صفقة الإندماجات المشار إليها تطرح واقعاً جديداً في خريطة النفط لفترة طويلة قادمة. وتفتح الباب أمام منافسة الشركات النفطية المملوكة لدول أوبك من حيث الاحتياطي. وتعتبر صفقة إندماج إكسون وموبيل أحدث إندماج في صناعة النفط، التي تكافح لمواجهة هبوط أسعار النفط التي هوت إلى أدنى مستوى لها خلال الثلاثة عشر عاماً الماضية إلى جانب ارتفاع التكلفة.
وفي مناسبة إندماجات بعض شركات البترول العالمية، ظهرت في العالم العربي دعوتان:
الأولى: تدعو منظمة أوبك الدول أعضاءها إلى تنفيذ عمليات إدماج بين شركات البترول الوطنية وفقاً لمفاوضات بين الدول المتقاربة، الأمر الذي يضاعف من قوتها في وضع استراتيجية تواجه بها هذه التكتلات البترولية الضخمة، التي أعادت إلى الأذهان الشقيقات السبع الاحتكارية، التي هيمنت على صناعة البترول ردحاً طويلاً من الزمن حتى أواخر الخمسينات وبعد ذلك أيضاً.
الثانية: أشار المراقبون الماليون إلى أهمية قيام البنوك العربية بالاندماج فيما بينها من أجل تدعيم مركزها المالي في الاقتصاد العالمي الذي يئن من الأزمات المتكررة. خاصة وأن انخفاض أسعار البترول الحاد، الذي تشهده الأسواق البترولية قد ألقى بظلاله القاتمة على اقتصاديات الدول المنتجة، التي تشهد بطءا في النمو الاقتصادي الناجم عن تدهور عائداتها البترولية.
جدير بالذكر أن إمكانية اندماج البنوك العربية يصطدم بالكثير من العوائق والصعوبات أهمها الظروف والعلاقات السياسية التي تلعب دوراً هاماً في نجاح أية تكتلات أو اندماجات اقتصادية عربية، إضافة إلى افتقارها للشفافية وانغلاق الأسواق المالية العربية نسبياً.
ولكن يجب ألاّ تقف هذه الصعوبات حجر عثرة في وجه المحاولات الجادة في هذا الاتجاه. فإن اندماج البنوك العربية يعني مزيداً من رأس المال اللازم لتمويل المشروعات الكبرى وخاصة البترولية في ظل انكماش الاستثمارات العالمية.
وعلى جانب آخر يبدو واضحاً أن قضية أسعار البترول وانهيارها تتعرض لضغوط سياسية أكثر من ارتباطها بمؤثرات العرض والطلب العالميين.
يؤكد ذلك ما أعلنه وزير الطاقة الأمريكي ريتشاردسون على أهمية عدم تدخل الدول المنتجة الكبرى داخل أوبك وخارجها سياسياً لرفع أسعار البترول مشيراً إلى أن بلاده تفضِّل ترك مثل هذا الأمر لأدوات السوق نفسها.
كذلك عندما شهد المؤتمر الدولي السادس للطاقة ـ الذي عُقد في كيب تون بجنوب أفريقيا في نوفمبر 1998 ـ اجتماعات غير رسمية بين وزراء البترول في الدول الأعضاء في منظمة أوبك، الذين حضروا المؤتمر وهم: وزراء السعودية والإمارات وليبيا والجزائر وقطر وفنزويلا بالإضافة إلى دكتور لقمان سكرتير عام أوبك، وحضرها أيضاً وزراء من الدول خارج أوبك من المكسيك ومصر. وقد أشار دكتور لقمان إلى أن فكرة التعاون بين المنتجين في أوبك وخارجها ليست جديدة. وتسعى أوبك إلى تعزيزها دون إضفاء الصفة الرسمية عليها، وذلك من أجل الحد من الانهيار الذي تشهده مستويات الأسعار والعمل على انتعاشها.
أسرع مساعد وزير الطاقة الأمريكي عبر كلمة وجهها أمام المؤتمر ـ رداً على الاجتماعات غير الرسمية لوزراء دول أوبك ـ بتأكيد معارضة الولايات المتحدة الأمريكية لتلك الاجتماعات والمطالبات برفع أسعار البترول، وشدَّد على أن الأسواق الحرة هي أفضل وسيلة لإحداث التوازن بين المنتجين والمستهلكين.
ويجدد هذا القول تأكيد الاعتراض القديم للولايات المتحدة الأمريكية على محاولات أوبك إنعاش الأسواق وأسعار البترول بالتحكم في جانب العرض.
وكرر مساعد وزير الطاقة الأمريكي معارضة بلاده للاجتماعات متعددة الأطراف التي ترمي إلى التأثير على أسعار البترول ومستويات إنتاجه.
والحقيقة الواضحة في هذا الصدد، أن الولايات المتحدة الأمريكية ترى أن من مصلحتها أن تظل أسعار البترول منخفضة، لدرجة أنها أعلنت صراحة أن هبوط أسعار البترول في الأسواق العالمية أدى إلى جعل البترول المستورد أرخص ثمناً من الخام المنتج محلياً، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع متوسط واردات الخام الأمريكية في شهر نوفمبر 1998 إلى نحو 8.6 مليون ب/ ي مسجلاً رقماً قياسياً. كما بلغ إجمالي مخزون البترول ـ باستثناء الاحتياطي الاستراتيجي ـ نحو 335 مليون برميل وهو أعلى مستوى لشهر نوفمبر 1998 منذ عام 1994.
وفي المقابل انخفض إنتاج الولايات المتحدة الأمريكية من الزيت الخام إلى نحو 6.4 مليون ب/ ي وهو أدنى مستوى تحقق منذ عام 1954.
وليس من العسير ـ بعد ذلك ـ التوصل إلى فَهْم مدى تأثير الضغوط السياسية على أسعار البترول، ومَن الذين يمارسون هذه الضغوط.
في الوقت الذي ما زالت فيه أنظار العالم بأسره ـ في ترقُّب وقلق ـ تتركز على الاجتماع الوزاري العادي لمنظمة أوبك في 23 مارس 1999، كانت محاولة الاطلاع على عديد من الصحف الخليجية ـ الصادرة خلال الفترة من 1 ـ 17 مارس 1999 ـ والتي لم تخل واحدة منها من مقال أو تعليق أو معلومات عن أخبار أزمة أسعار النفط ولعل اختيار بعض مقتطفات من الأخبار البترولية من هذه الصحف تكشف لنا عن اتجاهات الرأي العام العربي من مواقع الأحداث.