خرائط الاحتلال السياحية تهوِّد القدس بصمت وتجعل الإسلامي عبرياً
[rtl] الخرائط السياحية تثبت رواية الاستيطان وتشوّه هوية القدس[/rtl]
[rtl]
يعتبر تحريف أسماء الشوارع والمعالم والأحياء في مدينة القدس المحتلة أحد أساليب الاحتلال الإسرائيلي لتهويد المدينة، في محاولة لخلق صورة ذهنية محرّفة حول هوية القدس مستهدفين بذلك كل مارّ أو مقيم جديد فيها، وتحديداً السياح الأجانب الذين يتجولون في الشوارع معتمدين على خرائط رسمية توزعها مجاناً وزارة السياحة التابعة لحكومة الاحتلال.
باستراتيجية يمكن تسميتها بـ"التهويد الصامت"، ترمي وزارة السياحة على المدى البعيد إلى محو هوية المدينة الفلسطينية من ذهن العالم، وذلك عن طريق توزيع خرائط ودلائل سياحية وتوظيف مرشدين سياحيين يسردون رواية الاحتلال الإسرائيلي المغلوطة حول المدينة، وبالمقابل التضييق على عمل الإرشاد السياحي من الجانب الفلسطيني بطرق عدة، ومحاسبة كل مرشد سياحي معتمد إذا ثبت أنه استخدم الرواية الفلسطينية أثناء جولته.
وبحسب ما اطّلع عليه "الخليج أونلاين" في هذا السياق بصحيفة "هآرتس" العبرية، توزّع وزارة السياحة عن طريق خدماتها المنتشرة في البلدة القديمة بالقدس المحتلة خرائط ودلائل سياحية محرّفة للسياح الأجانب، غيّرت فيها أسماء مساجد وكنائس ومناطق في القدس مستبدلة جزءاً منها بأسماء استيطانية كما كتبت أسماء أماكن أخرى بشكل خاطئ.
وليست المشكلة فقط في أن الخريطة تحرّف أسماء المعالم، لكنها أيضاً تتجاهل بقصد ذكر وجود معالم إسلامية ومسيحية تستحق لفت نظر السائح لها.
ففي الخريطة المعتمدة يوجد اقتراحات لزيارة 57 معلماً سياحياً في المدينة، من بينها معلم إسلامي واحد فقط، و5 معالم مسيحية، مقابل عشرات البيوت اليهودية والمدارس الدينية والكنس المشار إليها في الخريطة بوضوح.
وبحسب الخريطة المعتمدة، التي اطّلع عليها "الخليج أونلاين"، تمت الإشارة إلى منطقة المسجد الأقصى على أنها "جبل الهيكل"، إلى جانب تجاهل الإشارة إلى وجود المسجد القبلي داخل المسجد الأقصى، وكتابة "إسطبل سليمان" بدلاً من المسجد المرواني.
هذا إلى جانب الإشارة إلى البيوت الفلسطينية التي سرّبت للمستوطنين عن طريق جمعية "عتاروت كهانيم" الاستيطانية، في الربع الإسلامي من البلدة القديمة، مما يعطي انطباعاً لدى السائح غير المطّلع على أن هذا الحي يهودي.
وخارج أسوار البلدة القديمة، تجاهلت الخريطة حتى رسماً لأحياء مثل "راس العمود" و"الطور" واستبدلتها برسمة غابة ومناطق خضراء.
إلى جانب ذلك، وكما هو مألوف لدى المقدسيين وفلسطينيي الداخل، في حال ذكرت الخريطة أسماء الأماكن العربية الفلسطينية كما هي، فقد كتبت مع أخطاء إملائية أصبحت كثرتها تشكك في كونها مقصودة، فعلى سبيل المثال، بدلاً من كتابة اسم حي "سلوان" بهذا الشكل، فقد كتب "سليان" (Silean)، ومنطقة وادي حلوة كتبت كأنها "وادي حيلفا" (Wadi Hilva)، واسم الربع الإسلامي كتب خطأ أيضاً، فبدلاً من "Muslim Quarter"، كتب "Moslem Quarter"، وهو ما يعني أن متحدث الإنجليزية قد لا يفهم أن هذه الكلمة تشير إلى أن المكان تابع للمسلمين.
[/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[rtl]
ومما يدل على أن الخريطة والدليل السياحي المعتمد من وزارة السياحة لا يهدف لإرشاد السياح بل لتضليلهم وخلق انطباع يرسخ شرعية الاستيطان وطبيعته، هو أن من بين الـ57 معلماً المشار إليها، هناك أكثر من 25 بيتاً استولى عليها مستوطنون أو مدارس دينية، وهو ما لا يعد على الإطلاق محط اهتمام السياح بل هو محاولة لتثبيت رواية الاستيطان.
"التهويد الصامت" لا يتم عبر المنشورات الرسمية مثل الخرائط والصور والوثائق التي يصدرها الاحتلال فقط، بل أيضاً عبر لافتات تنظيم المرور، فكل من تجوّل في شوارع المدينة لاحظ في السنوات الأخيرة أن الحرب ضد الهوية الفلسطينية للقدس لم تعد تشمل هدم البيوت وتسريبها والاستيطان فيها، ولا فرض سياسات ممنهجة من قبل سلطات الاحتلال للتضييق على المقدسيين، خاصة الشباب، ودفعهم للهجرة ومن ثم تفريغ المدينة، بل توسعت لتشمل لافتات الشوارع أيضاً بعدة طرق.
فبعد قرار الاحتلال بإضافة اللغة العربية للافتات الشوارع بالمدينة شوهد في الكثير من الأماكن لافتات تحرف أسماء الأحياء بعدة طرق، منها كتابة اسم الحي باللفظ العبري، لكن بأحرف عربية، فكما هو موضح بالصورة أدناه، بدلاً من الإشارة لاسم حيّ "التلة الفرنسية" الواقع شمالي القدس باسمه باللغة العربية، كتب بأحرف عربية توضح اللفظ العبري للكلمة، فأصبحت "هاجيفعاه هاتسرفتيت"، بدلاً من التلة الفرنسية.
[/rtl]
[rtl]
[/rtl]
ومع بدء تشغيل القطار الخفيف- التهويدي أيضاً (إذ إن جزءاً منه يمر في أحياء شرقي المدينة؛ وهو ما يعيق تطبيق حلّ الدولتين ويفرض سيادة الاحتلال على المدينة)- ظهر أسلوب آخر للتحريف عن طريق إطلاق أسماء عبرية على الأحياء الفلسطينية، التي يمر بها القطار، فكما هو موضح بالصورة أدناه، أطلق اسم "شمعون هتساديق" أي "الصدّيق شمعون" على المحطة القريبة من حيّ الشيخ جرّاح المعروف بتعرضه لهجمة تهويد واستيطان شرسة منذ أعوام عديدة.
[rtl]
[/rtl]
هذه الأمثلة البسيطة تعتبر مجرد عيّنة لما تمر به المدينة من تهويد صامت، وجزء من الحرب الدائرة على كل متر وشبر من القدس.
ومع اعتماد وزارة السياحة خرائط محرفة، والاهتمام بتوزيعها على كل مارّ جديد على المدينة، فهذا يحمل معه رسالة أن الحرب ليست فقط ضد أذهان الفلسطينيين، بل هي أوسع وأشمل، إذ تهدف لتعميم رواية الاحتلال الإسرائيلي على العالم كله، لكن بشكل فردي وبهدوء وبطء.