هكذا يسرقون القدس...

القدس وفي تاريخها ظلت محط أطماع الاستعمار العالمي، حيث حرصت كل حضارة أن تكون عاصمتها القدس، انطلاقا من العرب الذين بنو المدينة وشيدوا ميلادهم على أعتابها من الكنعانيين وصولا لليبوسيين ، الذين عاشوا حالة الدفاع عن القدس إلى أن سيطر داود عليه السلام على المدينة من العرب، وظلت موحدة حتى وفاة سليمان عليه السلام، والذي ترفقت بعده أسباط يهود في ملاحم كبيرة كل فريق يريد الولاية على القدس حتى جاء نبوخذ نصر الكلداني فشن هجوماً على فلسطين عام 597 ق.م واستولى على القدس عاصمة يهوذا، وفي عام 586 ق.م دمر نبوخذ نصر القدس ثانية وتعاقبت بعد ذلك على القدس أطماع الحالمين بالسيطرة حتى جاء وحررها المسلمون العام 638م في عصر الخليفة عمر بن الخطاب ومن حينها ظلت القدس عصية عزيزة حتى سيطر عليها الصليبيون العام 1099ثم استرجعها المسلمون بقيادة صلاح الدين الايوبي بعد معركة حطين العام 1187م و من القرن الـ15 وحتى بداية القرن الـ20 خضعت القدس لسيطرة العثمانيين الأتراك في كنف الخلافة الإسلامية حتى جاء موعدها مع احتلال إسرائيل والذي قسم المدينة إلى شرقي المدينة العربي وغربيها اليهودي، وظلت على ذلك حتى عدوان 1967 واكتمال مخطط إسرائيل السيطرة الكاملة على القدس ،ومن ذاك الزمان بدأت صورة العربي تغيب عن المدينة واعتمدت في ذلك إسرائيل الخطوات التالية

مخططات الاستحواذ على القدس

1. سعت إسرائيل إلى مصاردة الأراضي الأميرية التي كانت مسجلة كأملاك دولة لصالح المؤسسة العسكرية في القدس وهذا ما جعل كثير من المناطق الحساسة في القدس تقع تحت السيطرة الإسرائيلية وبشكل سريع وميسور وفي ذلك تم السيطرة على حجم كبير من العقارات والأراضي في المدينة .

2. مصادرة الأراضي اللازمة لتشكيل محيط حيوي يعزل المدينة المقدسة عن الضواحي العربية في مشروع ما يعرف بالقدس الكبرى والذي شمل اتجاهات المدينة الأربع.

3. السعي لترحيل السكان من أراضيهم عبر الضرائب والملاحقات وتدمير المزروعات وخاصة الزيتون، وهذه السياسة تكونت منذ بداية الاحتلال للقدس وزادت وتيرتها في الأيام الحالية وكانت آخر صور هذا المشروع البدء في السيطرة الكاملة على حي سلوان الاستراتيجي.

4. دعم وحماية المستوطنين للسيطرة على الأراضي العربية في القدس من خلال تمكين المؤسسات الإسرائيلية الكبرى من العمل بحرية مطلقة في المدينة والاستيلاء على معالم المدينة بطرق شتى .

5. بناء جدار الفصل العنصري والذي يشكل بصورته الحالية المدينة الجديدة لمللكة الهيكل التي اكتملت بنيتها التحتية في البلدة القديمة من خلال ما يزيد عن مئة نفق تشكل البنية التحتية للمدينة المفترضة، مضافا إليها الساحات الرديفة لحائط البراق وصولا إلى المسجد المرواني والتي غدت فيها صورة القدس مكانا لليهود فقط.

صورة القدس المسلوبة والحقائق على الأرض
لقد بدأ المخطط الكبير في سرقة القدس في مراحل ثلاث وحسب التواريخ التالية ( 1918، 1948، 1967)حيث نجحت المؤسسة الاسرائيلة في التغير التالي. ..

فقد كانت الملكية العقارية في القدس عام 1918 موزعة كما يلي: 94% للعرب (مسلمين ومسيحيين)، 4% لليهود، 2% للأجانب، وفي نهاية الانتداب البريطاني 1948، وبفعل التآمر الاستعماري الصهيوني، ازدادت ملكية اليهود العقارية لتصبح النسبة كما يلي: 84% للعرب (مسلمين ومسيحيين)، 14% لليهود، 2% للأجانب، وبعد استكمال عملية الاحتلال في أعقاب حرب حزيران عام 1967م، وضمها الكامل إلى سلطة الاحتلال الإسرائيلي، أصبحت الملكية العقارية معكوسة تماماً لصالح المستوطنين من الصهاينة أي: 14 % للعرب (مسلمين ومسيحيين)، 84 % لليهود، 2 % للأجانب
ومن الطرق الخطرة التي سجلت في هذه المرحلة ارتفاعا ملحوظا في سرقة العقارات والبيوت الفلسطينية وهي طريقة شراء المنازل العربية والتي تتم من خلال عملاء ومكاتب وهمية تشتري العقار لفلسطيني ثم بعد الاستيلاء عليه تقوم ببيعه لمؤسسات إسرائيلية تصل المبالغ المدفوعة في العقار الواحد عشرة ملايين دولار، كما أن إسرائيل نجحت في تغييب المؤسسات العربية عن القدس لتوعية أهلها والذين في كثير من الأحيان يقعون فريسة سهلة في يد المؤسسات الإسرائيلية وقد استطاع الشارع المقدسي تسجيل كثير من حالات البيع المباشر لبعض الأماكن في القدس، بعد أن قامت المؤسسة الأمنية في ضرب البنى الاجتماعية في القدس ووصول المدمنين على المخدرات إلى نسب جنونية، وهذا ما قد يساهم في تسرب بعض الأمكنة إلى الأيدي الإسرائيلية، عدا عن سوء الحالة الاقتصادية والمعيشية التي يعيشها المقدسي وعدم سماح إسرائيل ترميم بيوتهم القديمة التي لا تحمي برد الشتاء وحر الصيف.

هذه الحالة حاول الكثير سترها ولكن أردنا هنا الإشارة إليها ليقف من يعنيه الأمر لمواجهة سياسات إسرائيل وإفشالها، وننوه أن الخطر الكبير في أغلب عمليات البيع تكون في عقود مؤجلة تصل أحيانا إلى ما بعد عشرين عام للحفاظ على المصادرفي الشراء من غير افتضاح.

الحلول الممكنة في القدس
يبدو أن القدس دخلت معركتها المرحلة الحاسمة والتي لا يمكن الصمت معها أما الأخطار المحدقة بها، وبناء عليه يجب البدء في الخطوات التالية
1 إن القدس في الجانب السياسي هي الأساس والواجب البدء فيه وأن العودة للتفاوض يجب أن تبدأ بوقف التهويد في القدس.

2 على المؤسسات والهيئات الفلسطينية رفع لواء المقاومة للسياسات الإسرائيلية
وتسجيل ملحمة نضالية شاملة للدفاع عن القدس.

3. تحرك عربي واسع للدفاع عن المدينة المقدسة أدناه المنابر الدولية وأقصاه حديث المصالح مع من يهمه الأمر .

4. على الحركات في الأمة الانتقال من الدفاع عن القدس عبر الخطابات إلى النزول للشارع وحسم توجهات الشعوب تجاه القدس.

القدس تعيش حالة الانهيار الفعلي واليوم نشاهدها تغيب على الحقيقة ، في القدس كل ساعة تحدث مجزرة على أرضها ويسمع في حواريها البكاء ، وصراخها يشعل في الرماد الغضب ، أقولها وإن غضب مني جمع النيام ، إن ضاعت القدس لصمتكم فأن حظيرة خنزير أطهر من أشرفكم .

الخبير في شؤون القدس والاستيطان