القدس الأخرى
فريات إسرائيلية في الحرم القدسي
هآرتس22 / 4 / 2016نير حسون"القدس مثل مدينة أتلانتيس التي غرقت في البحر، كل شيء غرق فيها. إنها "القدس التحتا". ومن أعماقها يتم إخراج بقايا ديانات مثل الأدوات التي يتم استخراجها من سفن النبوءة التي غرقت وهي مغطاة بالصدأ. إن هذا ليس صدأ بل دماء لم تجف أبدا". (يهودا عميحاي، 1998).
في السنوات التي مرت منذ 1967 توسعت القدس جدا – من الشمال حتى مشارف رام الله ومن الجنوب حتى مداخل بيت لحم وشرقا إلى الوديان الصفراء التي تنحدر إلى صحراء يهودا وغربا على حساب المناطق الخضراء. ولكن في العقدين الأخيرين تتوسع القدس أيضا باتجاه الأسفل – الأنفاق، القاعات والمغارات - البلدة القديمة تعمق حدودها تحت المنازل والشوارع والأشخاص والانتفاضة. الانسان يمكنه اليوم السير مئات الأمتار تحت الأرض والاحتفال في قاعة تحت أرضية والدخول إلى متاحف من خلال فتحة توجد تحت الارض والصلاة في عدد من الكنس، المساجد أو الكنائس بدون نوافذ وشراء تذكرة لدخول مغارة تحت أرضية. في جوارير المخططين وعلماء الآثار تنتظر خطط لتوسيع هذا المكان بشكل دراماتيكي: فراغات ستتصل مع بعضها، شوارع قديمة سيتم حفرها، قنوات مياه سيتم إطالتها وستنشأ مدينة تحت ارضية. القدس 2.0 تحت الارض.
تتكشف اشياء جديدة تحت الأرض وهي تثير المشاعر من تاريخ المدينة البعيد. ولكن حسب منتقدي المشروع فإن الحفر يخلق رواية جديدة وتبسيطية للواقع المقدسي المعقد، تحت الارض لا يوجد رشق للحجارة أو الرصاص المطاطي، أو ضوء الشمس الذي يسطع في العيون، فقط إضاءة صناعية لإضاءة الأماكن التي قرر المخططون إضاءتها.
تتركز الحفريات بشكل دقيق في الطبقات القديمة للقدس اليهودية وتتجاوز الطبقات المسيحية والإسلامية. والفراغات الاسلامية التي يتم فتحها تمر بعملية "تهويد"، هكذا مع الحمام المملوكي الذي تحول إلى قاعة "الرحلة إلى القدس" والخان القريب الذي يسمى "قاعة ما بعد قتلنا". لكن في ظل الوضع الحالي للمدينة تكفي نظرية المؤامرة بشأن الحفريات من اجل إشعال الحريق.
الأماكن الجديدة التي نشأت تحت وقرب البلدة القديمة تطرح عدد من الاسئلة الصعبة: لمن تعود الأرض التي تحت المنازل؟ هل من الصحيح البحث بهذا الشكل في أحد أهم الاماكن الأثرية في العالم – الحفر الهندسي المعقد الذي يتطلب صب آلاف الأطنان من الاسمنت من اجل دعم البيوت الموجودة فوق الأنفاق؟ أليست هذه طريقة ذكية اخرى لإبعاد الفلسطينيين وقصتهم عن القدس؟ هل من الصحيح الحفر قريب جدا من الحرم؟ واذا أراد أحد ما في يوم ما تقسيم المدينة بين الإسرائيليين والفلسطينيين فهل سيضطر إلى التطرق لتقسيم "القدس التحتا"؟.
قد يكون السؤال الأكثر أهمية هو هل الجهات المختلفة التي تعمل في الحفر، تعمل كجزء من خطة عليا. وهل هناك نية لوصل الفراغات التي يتم حفرها في اماكن مختلفة في بنية واحدة كبيرة. واذا كان الجواب نعم، فمن الذي يقف من وراء ذلك؟.
القدس القديمة داخل الاسوار والتي بالقرب منها، هي تلة أثرية من التلال الأقدم والاكثر اكتظاظا في العالم. ويجد احتمال بنسبة 100 % تقريبا لوجود منزل آخر تحت كل منزل في البلدة القديمة، أو بئر مياه أو فراغ قديم آخر. واذا اقتصر الامر على البلدة القديمة ومحيطها القريب فسيكون من الصعب جدا افراغ جميع الاماكن والفراغات التحت أرضية أو حتى أغلبيتها.
زرنا في الشهر الأخير وزحفنا في المواقع الاكثر أهمية؛ من شبكات المياه لمدينة داود ومرورا بالشوارع الهيرودوسية واماكن صب المياه التي تصعد من وادي قدرون إلى الحرم، أنفاق الحائط الغربي (حائط البراق، وحسب التسمية الشائعة عربيا ايضا "حائط المبكى")، ومغارة ضخمة بجانب باب العمود ومخازن تحت كنيسة القيامة وأماكن تحت الدير بجانب الباب الجديد وغيرها. ها هي امامكم، إنها القدس التحتا.
في أعقاب المياهأربع جهات رسمية أساسية أوجدت القدس التحتا: سلطة الآثار، شركة تطوير شرقي القدس، صندوق ارث الحائط الغربي وجمعية "إلعاد". يبدو أن الاخيرة هي الجهة الاكثر أهمية التي تعمل في مجال تطوير المدينة التحتا في العقد الاخير.
جمعية اليمين التي تهتم بشراء المنازل واسكان اليهود فيها والسياحة أيضا، تحولت في العقدين الأخيرين إلى طرف اساسي في كل ما يتعلق بالآثار في القدس بشكل خاص وبالبلاد بشكل عام. كشفت "هآرتس" مؤخرا أن العاد حصلت في العقد الاخير على ميزانية من مئات ملايين الشيكلات، القسم الاساسي منها هو تبرعات من شركات مسجلة بملاجئ ضريبية.
العاد التي تمول الحفريات الأثرية الكبيرة والاكثر استمرارا في تاريخ المدينة، تنشط بالذات في مدينة داود في قرية سلوان. هناك تم اكتشاف البقايا الاقدم للقدس. الحفريات الكثيرة كشفت عددا لانهائيا من الأدلة من فترات مختلفة ووسعت الحديقة الوطنية لمدينة داود التي تقوم الجمعية بادارتها. حقيقة أن سلوان مكتظة بعشرات آلاف السكان الفلسطينيين، اصطدمت مع طموح توسع الجمعية والسعي إلى المكتشفات الاثرية. وهكذا نشأت طريقة الحفر عن طريق صناعة الأنفاق رغم أنف عدد كبير من سكان المكان.
وحقيقة أن السكان الفلسطينيين يرون يوميا عشرات العمال (اليهود والمتطوعين) وهم يدخلون إلى تحت منازلهم، تثير لديهم الشكوك الكبيرة. كثير من علماء الآثار أيضا غير راضين عن ذلك. وخلافا للحفر العمودي من أعلى إلى أسفل، فإن الحفر في الأنفاق الذي كان منتشرا في القرن التاسع عشر، يعبر الطبقات في الوسط. في علم الآثار الحديث هناك خلاف على هذه الطريقة.
عالم الآثار البروفيسور يورام تسفرير من الجامعة العبرية، الذي توفي قبل خمسة اشهر، كان من أبرز المنتقدين لهذه الطريقة، إذ كان يقول إن "الحفر من الجانب مدمر ومحظور استخدامه". ويقول البروفيسور روني رايخ من جامعة حيفا الذي أدار اغلبية الحفريات في مدينة داود قبل خمس سنوات، إنه في جميع الفحوصات التي تمت لم يتبين أن الآثار قد تضررت نتيجة الحفر عن طريق الأنفاق في سلوان، حيث أنه فوق الأنفاق لا توجد سوى طبقات من التراب لا أهمية لها تقريبا. والأنفاق نفسها هي مبان أثرية قديمة يقوم علماء الآثار بافراغها وكشفها أمام الجمهور والعلم. وسواء كان هذا أو ذاك، فإن الحفر في الأنفاق في العقود الاخيرة انضم إلى أنفاق طبيعية وحفريات قديمة، الامر الذي أوجد عالم تحت ارضي غني لكل من يأتي إلى الحديقة الوطنية.
قريبا من جدار سد عمره 3 آلاف سنة، في مركز قرية سلوان، ندخل إلى تحت الارض من خلال بوابة حديدية تؤدي إلى نفق صغير يؤدي إلى عدد من الغرف والقاعات. هنا في المنطقة التي ما زالت مغلقة أمام الجمهور تم الكشف عن سدود ومياه، لا سيما من الفترة الكنعانية للمدينة، حسب التسلسل الزمني اليهودي – قبل احتلال الملك داود للمدينة. بعضها معروف للعالم منذ أكثر من مئة سنة. في بداية القرن الماضي أجرى الحفريات في المكان العسكري وعالم الآثار البريطاني مونتيغيو باركر الذي بحث هناك عن كنوز الهيكل. فالحفر تحت القدس بحثا عن كنوز الهيكل هو توجه متكرر في قصة القدس التحتا. وفي نهاية المطاف اضطر باركر إلى الهرب من البلاد بعد أن اكتشف المسلمون أنه حفر في الحرم. وفي أعقاب ذلك اندلعت اشتباكات عنيفة في القدس. والعنف بسبب الحفر قرب الحرم سيندلع مجددا في التاريخ.
سنعود إلى شبكات المياه والسدود تحت سلوان. في التسعينيات عندما حصلت جمعية العاد على إدارة الحديقة بدأ اثنان من علماء الآثار هما رايخ الذي ذكر أعلاه وايلي شوكرون من سلطة الآثار، بتوسيع الحفر القديم. وقد كشفا عن خزانات ضخمة من الفترة الكنعانية القديمة. إنها "صهيون" الأصلية التي تم احتلالها من قبل داود وأعطت اسمها للقدس. وفيما بعد لارض إسرائيل كلها.
المقام هنا لا يسمح برواية كل ما تم اكتشافه في هذه المنطقة. "الاكتشاف" الجديد هو قنينة من الزجاج من القرن العشرين من مدينة ميلانو، التي بقيت هناك خلال بعثة باركر. والاكتشاف الاقدم هو مغارة سكنية من الفترة الكلكوليتية – قبل 6 آلاف سنة – حيث سكن فيها كما هو معروف السكان الدائمين الاوائل للقدس الذي تمتعوا من نبع جيحون القريب. وبين الاكتشاف القديم والجديد تم اكتشاف كومة كبيرة من عظام الاسماك من ايام الهيكل الأول. وهذا دليل مفاجيء على وجود نخبة تحب الأكل المستورد من بعيد.
نبع جيحون استمر بتشكيل وجه المدينة على مر التاريخ. بنى الكنعانيون فوقه سدا كبيرا وحفروا القنوات المائية والبرك، ملوك يهودا حفروا عين شيلوح المشهورة (عين سلوان) وجمعية العاد بنت فوق كل ذلك مبنى ضخم من الاسمنت ليكون مركزا للزوار – ولكن بعد أن تبينت أهمية المكتشفات في المكان تم الغاء الخطة، وبدل مركز الزوار تم انشاء فراغ ضخم ومظلم تحت سقف الإسمنت تستعرض فيه العاد قدراتها في عرض المواقع الأثرية للجمهور الواسع. ويرى الزوار هناك عروض بالصوت والضوء حيث يتم بشكل وهمي بناء البقايا عن طريق فيديو متطور. الفيلم يصف الحقبة الكنعانية واحتلال داود ومسار الحجاج إلى الحرم. ومثل باقي مواد الارشاد في مدينة داود، هناك أولوية للرواية اليهودية الإسرائيلية عن الموقع.
عند الخروج من نبع جيحون (أم الدرج، حسب الفلسطينيين) يُطلب من السياح رفع سراويلهم والسير في مياه عين سلوان، النفق الاشهر في تاريخ المدينة والذي تم حفره لإدخال المياه إلى منطقة مغلقة لمواجهة الحصار بشكل أفضل. التحليل المقبول هو أن الملك حزقياهو هو الذي بادر إلى هذا المشروع الهندسي الضخم.
"الباب التاسع"المشروع الأكبر لتوسيع القدس التحتا منذ فتح النفق قبل عشرين سنة، كان حفر "قناة صب المياه". وهي قناة ضيقة وطويلة منذ الهيكل الثاني تؤدي من بركة شيلوح في الجزء السفلي من سلوان من تحت الشارع الرئيس للقرية وأسوار البلدة القديمة وحتى الحائط الغربي. هذا المشروع الذي تم حفره من قبل رايخ وشوكرون بين سنوات 2007 – 2011 فتح اماكن وخيارات جديدة للمتنزهين في القدس وجمعية العاد. ولكن هذا أيضا يتقزم أمام القناة الكبيرة التي يتم حفرها الآن والتي خلال بضع سنوات ستؤدي إلى نفس المسار من بركة شيلوح حتى الحائط الغربي بطول 700 متر. الحديث في هذه المرة ليس عن قناة ضيقة بل شارع المدرج الهيرودي، الشارع الرئيس للقدس في نهاية عهد الهيكل الثاني. وهو شارع روماني بعرض 7.5 متر وهو مضاء وفيه لافتات، سيؤدي إلى "الباب التاسع" التحت ارضي في أسوار القدس. إن استكمال الحفر سيُمكن من السير فيما يشبه "كون مقابل" ذهابا وإيابا من الحائط الغربي إلى مدينة داود: بدون سلوان وبدون السكان الفلسطينيين، فقط مستوطنون يهود أو جيبات حرس الحدود. هذا الشارع، إذا شئتم، سيكون الشارع السريع للقدس التحتا.
سرنا في نفق ضيق عرضه كعرض الاكتاف، السقف مرتفع ويسمح بالسير وقوفا على الأقدام. وهو مضاء بالمصابيح التي نمت حولها الاعشاب. وبعد سير سريع لعشر دقائق توجد ثغرة باتجاه موقف جفعاتي للسيارات. وهو مكان كبير قريب من مدخل الحديقة الوطنية في مدينة داود. وقد تحول هذا الموقف في السنوات الاخيرة إلى بئر كبيرة مليئة بالمباني من جميع فترات القدس. إن هذا مرحلة في الطريق لبناء مركز الزوار الجديد من قبل العاد، المعروف باسم الموقع القديم. وقد تمت المصادقة مؤخرا على المشروع بإجراءات استثنائية بعد تجند وزارة العدل لصالح الجمعية. المركز القديم مهم جدا لأنه سيكون مفترق رئيس في الطريق إلى المدينة التحتا. واضافة إلى أنفاق التنظيف المتصلة به، سيتم وصل الشارع الهيرودي الكبير بنفق صغير آخر سيصل إلى مركز الزوار القائم في مدينة داود. في هذا المقطع تم حفر بئر كبيرة للمياه تسمى "بئر يرمياهو"، وحسب رواية المسؤولين عن الموقع كان هذا مكان سجن النبي يرمياهو الذي حذر من الخراب القريب. وقد تم التخطيط لنفق آخر من موقف جفعاتي باتجاه منطقة عوفل جنوب الحرم.
عندما وصل الحفارون في النفق إلى الحائط الغربي توجهوا يمينا (جنوبا) وحفروا نفق بطول عشرة أمتار حتى زاوية الحائط. نحن الآن سنسير في أعقابهم. وهناك في المكان المغلق في وجه الجمهور يمكن رؤية حجر الزاوية للجزء السفلي من الحائط الغربي. وقد قمنا بالتصور بالقرب منه وخرجنا بواسطة الدرج إلى الهواء في حديقة دافيدسون.
توحيد الأنفاقيوفال باروخ، المسؤول عن منطقة القدس في سلطة الآثار، قال إنه يمكن الاستمرار والزحف عن طريق نفق الصب الإسمنتي عشرات الامتار الاخرى من نهاية الحفر وحتى الطرف الشمالي لساحة الحائط الغربي. في هذه المنطقة يبتعد النفق عن الحرم. وفي الوقت الحالي لا يمكن الوصول من هذا النفق إلى أنفاق الحائط الغربي الكبيرة التي تمتد من الساحة شمالا. لكن لا أحد ممن قابلناهم نفى إمكانية مجيء يوم، ليس في المستقبل البعيد، يتم فيه الوصل بين النفقين. وعندها سيكون بالإمكان السير من عين شيلوح في أعماق سلوان مرورا بالحائط الغربي وانتهاء بمركز الحي الإسلامي.
هناك خطة اخرى تم اعدادها للحفر في ساحة الحائط الغربي وإقامة ساحة أخرى للصلاة تحت الأرض، لكن هذه الخطة مجمدة الآن. الخطة المهمة بالنسبة للجمعية الآن هي حفر موقف سيارات تحت أرضي كبير في أسفل حارة اليهود.
في الجزء الشرقي من ساحة الحائط الغربي، حفرت فيكسلر بدولح، شارع روماني في اطار الحفر من اجل بناء مكاتب كبيرة. وهناك أيضا مثلما في موقف جفعاتي للسيارات، ستكون طبقة أثرية تحت الأرض ومدخل تحت أرضي من باب الاسباط ومرورا بالشارع الروماني وانتهاء بمركز ساحة الحائط الغربي. باختصار، يمكن القول إنه في السنوات القادمة سيتم فتح فراغات اخرى كثيرة في منطقة الحائط الغربي وقد يتم أخيرا ايجاد الحل لمن يعاني من أشعة الشمس في الساحة في الصيف.
ولكن في الوقت الحالي نحن نضطر للتعرض لأشعة الشمس والسير 100 متر من حديقة دافيدسون وحتى الدخول إلى أنفاق الحائط الغربي.
من الحائط الغربي إلى الفيادلوروزا
الأماكن التحت أرضية الأكثر شهرة في القدس هي تلك التي تسمى "أنفاق الحائط الغربي". إنها مجموعة من الفراغات والأنفاق والقاعات التي تمتد من ساحة الحائط الغربي في الجنوب ومرورا بأسفل الحي الإسلامي وانتهاء بشارع فيادلوروزا (درب الآلام) في الشمال. مئات آلاف السياح يزورون هذا المسار كل سنة. وأهم شيء في هذا المسار هو الكنيس التحت أرضي في المكان الأقرب للحجر الكبير المقدس في الحائط الغربي، وبوابة مغلقة كانت تؤدي ذات مرة إلى داخل الحرم، محجر عتيق وقنوات وآبار مياه. ولكن هذا العالم اتسع جدا في السنوات العشر الأخيرة وأجزاء كبيرة منه لم يتم كشفها للجمهور.
في هذه المنطقة أيضا وصل إلى ذروته التعاون الغريب بين سلطات حكومية ومنظمات يمينية مع تجاوز القوانين والإجراءات من أجل إيجاد أماكن تحت ارضية ليس معروفا لمن تنتمي وبناء على أي قانون.
في 1993 اشترى إيرفين موسكوفيتش، اليهودي الأميركي الذي يساعد منظمات المستوطنين، كنيس خيمة يتسحاق. هذا الكنيس أقيم في بداية القرن العشرين وهو يوجد في شارع هغاي قرب الحائط الغربي. وبمساعدة عطيرت كوهانيم بدأ مشروع لترميم هذا الكنيس، واثناء الترميم وعند الحفر في أرضيته تم اكتشاف مغطس من الفترة المملوكية وقاعة خان كبيرة من تلك الفترة، وبقايا للجسر الكبير الذي يؤدي إلى الحرم في فترة إيليا كابيتولينا (القدس في العهد الروماني المتأخر) ومبنى فاخر من فترة هيرودوس. المباني التي هي إسلامية في أغلبيتها "تم تهويدها" وتم منحها لصندوق إرث الحائط الغربي. ولم يتطرق أحد لمواضيع مثل لمن تعود الارض وبناء على أي قانون تم حفرها وكيف تحول صندوق إرث الحائط الغربي إلى المالك للفراغ الذي لم يكن موجودا حتى الآن؟
المثال الأبرز هو القاعة التي تسمى "بعد قتلنا" وهي قاعة كبيرة من الفترة المملوكية التي اكتشفها الحفارون عند النزول من الكنيس والاستمرار شمالا. ومثل الكثير من الفراغات التحت أرضية في البلدية القديمة فقد كانت القاعة مملوءة بالقمامة ومياه المجاري نتيجة تدفق المجاري غير القانونية على مدى عشرات السنين. وقد تم سحب مياه المجاري وتنظيف القاعة. "لقد عمل الناس هنا وهم يضعون الكمامات. وهناك علماء آثار هربوا"، قال يوفال باروخ. وبعد ذلك، حسب ادعاء سلطة الآثار، كانت هناك حاجة إلى تدعيم القاعة كي لا تتهدم المنازل التي فوقها. لذلك تم وضع اعمدة دعم كبيرة وتم صب الأرضية بالإسمنت.
وصلنا إلى القاعة من خلال ممرات تم فتحها في السنوات الاخيرة تصل بين القاعة وبين أنفاق الحائط الغربي. وفي الوسط تم اجراء حفريات كبيرة كشفت عن أمور مهمة بالذات من الفترة الرومانية. والاكتشاف الأهم هو جدار لمبنى جماهيري كبير من زمن الهيكل الثاني ويشمل شبكات مياه ونوافير وبركة. ونظرا لكون المباني الفاخرة قريبة من الحرم فإنه لا يمكن حفرها في المستقبل القريب. المبنى الذي تم اكتشافه هنا هو الأكثر تميزا في تلك الفترة والذي تم حفره قبل بضع سنوات، لكن الحفر مغلق في وجه الجمهور، بسبب الأمان وصعوبة حركة الزوار على عمق كبير.
من هنا يمكن الوصول إلى أنفاق الحائط الغربي. وقد تم حفر المسار في الثمانينيات. ويمكن في المستقبل القريب الصلاة في كنيس باسم المتبرع اسحق تشوفا.
في آخر أيام عيد الغفران سنة 1996 التقى رئيس البلدية في حينه إيهود أولمرت مع رئيس جمعية عطيرت كوهانيم ماتي دان وموسكوفيتش ورؤساء الأجهزة الأمنية. وكانت مناسبة اللقاء افتتاح نفق الحائط الغربي – هدم جدار يسمح بالخروج من النفق إلى الشارع. وفي اليوم التالي اندلعت الاشتباكات التي أدت إلى موت أكثر من 100 شخص بينهم 17 جنديا إسرائيليا. وقد كانت هذه الأحداث هي المقدمة لانتفاضة الأقصى التي اندلعت بعد ذلك بأربع سنوات.
إن مسار أنفاق الخائط الغربي ينتهي في بركة صغيرة للمياه التي يقطعها جدار اسمنتي. وفي الطرف الثاني للبركة يسيطر الدير الكاثوليكي "أخوات صهيون". وبعد ذلك يوجد قوس أكاهومو (هذا هو الشخص)، وهو مكان مقدس في المسيحية.
من الناحية المبدئية، ازالة الجدار الذي يقسم البركة سيكون مرحلة في الطريق إلى خلق بنية تحت أرضية كبيرة تقطع البلدة القديمة من الشمال إلى الجنوب. ولكن إلى الآن ليس هناك خطة لإزالة هذا الجدار. ويبدو أن الدير لن يوافق على ذلك.
مغارة تسيدكياهوفي الطريق إلى مغارة تسيدكياهو تجدر الاشارة إلى أنه ليس فقط جهات إسرائيلية هي التي توسع القدس التحتا. فالتوسيع الاكثر دراماتيكية في العقد الأخير تم على يد الأوقاف الاسلامية في الحرم. حيث حفر رجال الأوقاف في 1999 بئر كبيرة في الحرم دون رقابة أثرية، الأمر الذي تسبب بضرر كبير للآثار في الحرم. وقد تم تسمية ذلك "كارثة أثرية". وكان الهدف من البئر فتح مدخل آخر إلى قاعات المصلى المرواني المعروفة بالعبرية باسم "اسطبلات سليمان". وهناك يوجد مسجد تحت أرضي كبير يمتلئ بالمصلين في أيام الجمعة والأعياد.
ويمكن أن نضيف عددا من المواقع لخريطة القدس التحتا: بمساعدة موظفي الآثار، نقوم بزيارة أسفل دير سان سلفادور القريب من الباب الجديد، وبئر مياه كبيرة موجودة في أسفل الحي القبطي في كنيسة القيامة، يستطيع قارب صغير السير فيه. وليس بعيدا عن هناك، انتهى مؤخرا صراع قضائي بين عائلة الحرباوي وبين الأقباط حول مخزن مشترك وواسع، في الحي اليهودي توجد ثلاثة متاحف وشارع (الكاردو) وجميعها تحت أرضية. في الأحياء المسيحية والإسلامية يتم تحويل المخازن إلى منازل ويتم وضع أجهزة إلكترونية متطورة لتبديل الهواء بسبب عدم وجود النوافذ.
بوابة الدخول الصغيرة إلى مغارة تسيدكياهو لا تكشف ما يختفي وراءها. إنها مغارة كبيرة تم حفرها على مدى أجيال لاستخراج الحجارة وبناء المدينة فوقها. وتبلغ مساحتها 9 دونمات، وهي تمتد تحت نحو ربع المنازل في الحي الإسلامي. ولكنها أيضا مثل القدس تتوسع باستمرار ويتم اكتشاف فراغات جديدة بين الفينة والأخرى.
الروايات والقصص حول هذه المغارة كثيرة جدا. التراث اليهودي يقضي بأن الملك تسيدكياهو هرب عن طريقها من القدس في أيام الهيكل الأول. ومن هنا يأتي الإيمان بأن هذه المغارة تصل حتى مدينة أريحا. التراث الإسلامي يقضي بأن كورح وطائفته الخطائين تم ابتلاعهم فيها.
الحقائق الأثرية حول هذه المغارة تقضي بأنها كانت محجرا في زمن الهيكل الثاني وقبله. الحجارة الاخيرة التي تم استخراجها منها تم استخدامها في بناء برج الساعة في العهد العثماني الذي كان يوجد في باب الخليل، والذي تم تفكيكه من قبل البريطانيين. عند بناء الاسوار في القرن السادس عشر تم اغلاق بوابة المغارة وتم نسيانها حتى سنة 1854 حيث هرب كلب المحقق البريطاني جيمس براكلي إلى داخل ثقب صغير قرب باب العمود. وعندها تم اكتشافها مجددا. ومنذ ذلك الحين تعتبر مكانا لاجتماع المكتب المقدسي لحركة البناة الاحرار. وهذا يضيف بُعدا سريا آخر.
الشركة الحكومية لتطوير شرقي القدس تسيطر على هذه المغارة. وبين فينة وأخرى تجري هناك مناسبات شخصية. وقد ظهر هناك قبل فترة يوني ريختر وهارئيل تسكعت ويشاي لبيدوت.
إن كل شيء تحت الأرض ليس منطقيا. فليس بعيدا من هناك وفي قاعة صغيرة يتم النزول إليها عن طريق ممر ضيق في المغارة، نحو 20 متر تحت الشارع، وجدنا ثلاث قطط صغيرة تنتظر أمها ويبدو أنها لم يسبق أن رأت الضوء.