بحر الصين الجنوبي.. هنا ستندلع الحرب العظمى التالية
نشر في : الثلاثاء 26 مايو 2015 - 03:42 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 26 مايو 2015 - 03:55 ص
الديلي بيست – التقرير
يوم الجمعة؛ وصفت وزارة الخارجية الصينية الرحلة الاستطلاعية التي نفذتها البحرية الأمريكية في بحر الصين الجنوبي بأنها عمل “غير مسؤول، وخطير جدًّا، وضار للسلام والاستقرار في المنطقة“. وقد جاء هذا التحذير بعد يومين فقط من إرسال البحرية الصينية ثمانية تحذيرات إلى طائرة أمريكية مقاتلة بعدم الاقتراب من الصليب المرجاني في سلسلة جزر سبراتلي.
وقد أصدرت بكين وواشنطن العديد من الإعلانات، والاتهامات المتبادلة، والتحذيرات، في الأشهر الأخيرة، فيما يتعلق بهذا المربع من المياه البالغة مساحته 3.5 مليون كيلو متر مربع، والذي تحده كل من هونغ كونغ وتايوان والفلبين وإندونيسيا وفيتنام، والذي يبلغ مجموع التجارة السنوية فيه 5.3 تريليون دولار. وأيضًا، تعبر حوالي نصف شحنات النفط في العالم مياه هذه المنطقة، وتتواجد فيها ستة من أهم عشرة موانئ في العالم.
ووصفت مجموعة الأزمات الدولية هذا الشهر، بحر الصين الجنوبي بأنه “قمرة القيادة بالنسبة للجغرافيا السياسية في شرق آسيا“. ومع ذلك؛ قد يصبح هذا البحر أكثر أهمية من ذلك قريبًا. وقد تكون هذه المياه هي المكان الذي سيبدأ فيه النزاع المسلح الكبير المقبل في التاريخ.
وتدعي “بكين” أن جزر سبراتلي غير المأهولة إلى حد كبير، وتقريبًا جميع الجزر الأخرى، والمياه الضحلة، والصخور، والشعاب المرجانية، في بحر الصين الجنوبي، هي أرض ذات سيادة. وتضم الخرائط الرسمية للصين نحو أربعة أخماس مياه هذا البحر.
ولم توضح الصين تمامًا مدى صحة مطالباتها بالسيادة على مياه بحر الصين الجنوبي، إلا إنه من الواضح مع ذلك أن مثل هذه المطالبات تتعارض مع التزاماتها، ومع القانون الدولي. وبالتالي؛ يعتبر إصدارها لهذه الخرائط محاولة لاستبعاد دول المنطقة الأخرى.
وفي حين تتبنى تايوان رسميًّا المطالب التوسعية نفسها التي تتبناها الصين، إلا إنها لا تسعى لفرض هذه المطالب على الدول الأخرى. وبدورها؛ تحتفظ الفلبين، وبروناي، وماليزيا، وفيتنام، وإندونيسيا، بمطالب تنافسية فيما يخص الجزر، وغيرها من الميزات في المناطق البحرية القريبة من شواطئها.
ورغم أن بعض هذه الدول شاركت في مجموعة متنوعة من عمليات البناء فوق المناطق التي تحتلها، إلا إن أيًّا منها لم يصل إلى مستوى برنامج بكين المتسارع لاستصلاح الأراضي في سبراتلي، التي لم تكن من قبل أكثر من مجرد مجموعة من الشعاب المرجانية، ولم يكن فيها في الواقع سوى القليل من الأراضي.
ومنذ منتصف العام الماضي، ومن خلال تجريف الشعاب المرجانية والمياه الضحلة، أضافت الصين حوالي 4 كيلو متر مربع من الأراضي إلى سبراتلي، بما في ذلك إلى الصليب المرجاني، الذي هو في الواقع أقرب بكثير إلى إندونيسيا، والفلبين، وماليزيا، وفيتنام، وبروناي الغنية بالنفط، مما هو عليه إلى الصين. وهناك الآن ما لا يقل عن 100 من الجرافات الصينية تعمل في جزر سبراتلي.
واليوم؛ هناك مخاوف بشكل خاص من أن يتم استخدام هذه المنشآت الصينية الجديدة في فرض منطقة دفاع جوي فوق بحر الصين الجنوبي. وسوف تمثل هذه المنطقة، عند إضافتها إلى منطقة بحر الصين الشرقي المعلنة في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2013، توسعًا كبيرًا في نفوذ بكين.
(الجزر المتنازع عليها باللون الأخضر)
وحتى من دون الإعلان رسميًا عن منطقة دفاع جوي فوق بحر الصين الجنوبي، يبدو أن بكين قد فرضت هذه المنطقة بالفعل. ويوم الأربعاء الماضي، حذر راديو البحرية الصينية طائرة P-8A الأمريكية من الاقتراب من الجزر التي وصفها بالتحديد بـ”منطقتنا العسكرية”. وبعد الحادث، أشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، هونغ لي، بشكل غير مباشر إلى المنطقة الجديدة، قائلاً: “يحق للجانب الصيني مراقبة الوضع في المياه والأجواء ذات الصلة“.
وليس لدى الولايات المتحدة أي مطالب إقليمية في بحر الصين الجنوبي. ولهذا السبب، اتخذت بكين دائمًا موقفًا يتمثل في أنه ليس لدى الولايات المتحدة أي مصلحة مشروعة هناك.
ولكن واشنطن تختلف مع هذا الموقف الصيني. وإذا كان هناك أي ثابت في السياسة الخارجية الأمريكية منذ ولادة الجمهورية، فقد كان هذا الثابت هو الدفاع عن حرية الملاحة؛ وبالتأكيد؛ يعد وضع الصين هذه المنطقة في حالة تأهب عسكري، ومطالباتها بميزة استصلاح هذه المياه الإقليمية، انتهاكًا لمبدأ حرية الملاحة هذا.
ويضع تحدي الصين للولايات المتحدة في بحر الصين الجنوبي الدولتين في مواجهة كلاسيكية محصلتها صفر. حيث أعلنت بكين أن مطالباتها في بحر الصين الجنوبي هي “مصلحة أساسية” لا يمكن التفاوض حولها. ومن جهتها، لا تستطيع واشنطن المساومة على دفاعها عن المشاعات العالمية. وفي حين يستطيع كلا الجانبين تنفيذ بعض التراجعات التكتيكية، إلا إنهما لن يتمكنا من التخلي عن مواقفهما هذه لفترة طويلة.
وسيكون على الولايات المتحدة، إذا كانت تريد الدفاع عن حرية الملاحة، أن تقوم بقيادة طائراتها فوق ما تعتبره بكين مجالها الجوي السيادي، وأن ترسل السفن الحربية عبر المياه التي تدعي الصين أنها تمتلكها. وقد قال المتحدث باسم البنتاجون، الكولونيل ستيف وارين، للصحفيين يوم الخميس: “ستكون هذه هي الخطوة المقبلة“.
ورغم أنها تحاول إغلاق هذا المجال الجوي والمياه الدولية بوجه الجميع، يقول الكولونيل تشو بو من وزارة الدفاع الوطني الصينية: إن بلاده لا ترغب في المواجهة.
وقد تكون المنافسة الناتجة عن كل هذا هي التي ستحدد في النهاية رؤية من للعالم، وقواعد أي أمة، هي التي سوف تحكم هذا القرن.