لمن لا يعرفهم وينكر دورهم.. مسلمون صنعوا التاريخ في أمريكا

لمن لا يعرفهم وينكر دورهم.. مسلمون صنعوا التاريخ في أمريكا

• 
  

  مسلمون صنعوا التاريخ في أمريكا

  
  

رام الله- "القدس" دوت كوم- يعاني المسلمون في الولايات المتحدة من العنصرية الشديدة والتي يخشون من تزايد وتيرتها في حال صعد دونالد ترامب إلى سلم الرئاسة الأمريكية والذي عبّر بكل وضوح عن عدائه للمسلمين، وعن رغبته في طردهم من الولايات المتحدة. لكن ما لا يعلمه ترامب ومن هم على شاكلته أن جزءًا من تاريخ الولايات المتحدة الذي يحتفي به قام عليه المسلمون، فهم ليسوا عالة على المجتمع الأمريكي إنما هم جزء أصيل ومتأصل من هذا النسيج، ولا تقل إنجازاتهم عن غيرهم.

وفي هذا السياق كانت صحيفة الجارديان البريطانية قد أعدت في وقت سابق تحقيقًا مطولًا عن إنجازات المسلمين الذين ساهموا في بناء الولايات المتحدة، في معرض ردها على ادعاءات ترامب الذي يعبّر علانية عن كراهيته للمسلمين.

إنجازات المسلمين التي يشهد لها التاريخ في أمريكا

بناء الولايات المتحدة:



كان المسلمون جزءًا من الولايات المتحدة منذ بداياتها. من بينهم أولئك الذين خدموا تحت إمرة الجنرال “جورج واشنطن” القائد الأعلى للجيش القاري ضد الاستعمار البريطاني، “بامبيت محمد” والذي ناضل على خط فرجينيا بين عامي 1775-1783، و “يوسف بن علي” الذي كان من أصول عربية من شمال أفريقيا. كما يقول البعض أن “بيتر بكمنستر” والذي أطلق النار من مسدسه على القائد الأعلى للقوات البريطانية “جون بيتكيرن” في معركة “بانكر هيل”، كما شارك في معركة “ساراتوجا” و “ستوني بوينت” كان أمريكيًا مسلمًا.

وبشكل واضح، لم يكن لـ “جورج واشنطن” أول رئيس للولايات المتحدة أي مشكلة في أن يخدم المسلمون في صفوف الجيش الأمريكي. وقد جعل واشنطن الأمر واضحًا في أن الشخص لا يجب أن يتبع عقيدة أو عرقًا معينًا كي يعبّر عن ولائه لأمريكا. وقد كانت المملكة المغربية أول دولة تعترف بالولايات المتحدة في عام 1786، وقد وقّعت الدولتان معاهدة سلام وصداقة لا تزال سارية إلى اليوم، وهي أطول معاهدة من هذا النوع في تاريخ الولايات المتحدة.

 

بناء المدن:

لم تكن الولايات المتحدة لتبدو ما تبدو هي عليه الآن لولا “فضل الرحمن خان” المهندس الأمريكي البنغالي والمولود في دكا، والذي يلقّب بـ “أينشتاين الهندسة الإنشائية” فقد ابتكر نظامًا هيكليًا جديدًا يقوم على الأنابيب الإطارية التي أحدثت ثورة كبيرة في بناء ناطحات السحب.

وقد كانت النتيجة بناء جيل جديد من ناطحات السحب التي قللت من كمية الصلب اللازمة في البناء، وأسهمت في تغيير المنظر العام للمدن الأمريكية. ربما يُتهم المسلمون بالوقوف وراء تفجيرات برجي التجارة والتي انطلقت منها شرارة الكراهية لكل ما هو مسلم. لكن لولا ابتكار خان للأنابيب الإطارية، فلما قامت لهذين البرجين قائمة!



لم يكن مركز التجارة العالمي الوحيد الذي تم بناؤه بمفهوم خان، إنما هناك أبنية كثيرة، منها برج جون هانكوك، وبرج سيرز “ويليس حاليًا” والذي كان أطول برج في العالم لقرابة 25 عامًا وبارتفاع 442 مترًا. توفي خان عام 1982، إلا أن ابتكاره مهّد الطريق أمام مستقبل ناطحات السحاب، بما في ذلك فندق وبرج ترامب في شيكاغو.

عمل خان كمهندس إنشائي في عدد من الأماكن، من بينها: البنك المركزي الأمريكي في ميلووكي، وقبة هيوبرت همفري في مينيابوليس. كما عمل في أكاديمية القوات الجوية الأمريكية في كولورادو، حيث كان يتدّرب الضباط.

الحلم الأمريكي

شهيد خان تجسيد للحلم الأمريكي، وصل الملياردير المولود في باكستان إلى الولايات المتحدة حين كان 16 عامًا ليدرس في جامعة إلينوي، وقال خان: ” خلال 24 ساعة، عشت الحلم الأمريكي” والذي كان يقصده أنه استطاع الحصول على وظيفة بـ 1.20 دولار على كل ساعة في غسل الأطباق، وهو أكثر مما تكسبه الغالبية العظمى في باكستان في ذلك الوقت.

بدأ خان العمل في قطع غيار السيارات وذلك بعد انتهاء دراسته الجامعية. اشتُهر في المملكة المتحدة لامتلاكه نادي فولهام، كما يمتلك شركة ” Flex-N-Gate” والتي تبلغ قيمة مبيعاتها 4.9 مليار دولار. يأتي خان في المرتبة الـ 360 لأغنى الأشخاص في العالم، قامت مجلة فوربس الشهيرة بوضع صورته على غلافها كوجه يمثّل الحلم الأمريكي.

 

إيصال هيلاري كلينتون إلى البيت الأبيض:

“هما عابدين” أقوى امرأة مسلمة في الولايات المتحدة، وُلدت لأب هندي وأم باكستانية، في كالامازو في ميشيغان. هما ولفترة طويلة هي المساعدة الشخصية ونائبة هيلاري كلينتون في وزارة الخارجية. وتشغل حاليًا منصب رئيسة حملة هيلاري كلينتون 2016 للرئاسة. لكن كما هو متوقع، فقد اتُهمت هما من قبل خمسة أعضاء جمهوريين في الكونغرس عام 2012 بانتماء ثلاثة من أفراد عائلتها لجماعات متطرفة. لكن صحيفة الواشنطن بوشت دحضت هذه الادعاءات، ووصفتها بأنها جنون الارتياب، وأن ذلك لا أساس له من الصحة.

الطب:

بدون الطبيب “أيوب أمية” لكان الكثير من الناس ومن بينهم الأمريكان في عداد الموتى، أو ممن يعانون من الألم المروع. كان لأمية جراح الأعصاب الباكستاني المسلم الفضل في اختراع نظام القسطرة البطيني الداخلي الذي يُستخدم لشفط السائل النخاعي، أو توصيل الأدوية. وقد أُطلق على اختراع أمية “مستودع أمية” وهو عبارة عن جهاز بلاستيكي على شكل قبة يوضع تحت فروة الرأس، يوصل بالقسطرة التي وُضعت في الدماغ.



يُستخدم الجهاز في إيصال العلاج الكيماوي إلى المنطقة المصابة بالأورام في الدماغ. أمية أول من طور تصنيفًا للغيبوبة وإصابات الدماغ، كما يرجع له الفضل في تأسيس المركز الوطني الأمريكي للوقاية من الإصابات، والذي ترتكز مهمته على علاج إصابات الدماغ.

الموسيقى

حجزت الثقافة الدينية والروحية مكانًا لها في موسيقى الهيب هوب خلال الثمانينيات والتسعينيات. ومن فناني الراب من عبّر صراحة عن إيمانه عبر الفن، ومنهم من أبقى اعتقاده بعيدًا. ومن أشهر مغنيي الراب المسلمين “ياسين باي” الذي كان يُعرف سابقًا باسم “موس ديف”، والمغني ناز، وأندريه 3000، ولوبي فياسكو، وآيس كيوب، وبستا رايمز، وسكارفيس، وبياني سيغيل.

ومن أشهرهم أيضًا راكيم الله الذي كان يُعرف بـ “ويليام جريفين” والذي يعد أول مغني راب مسلم يتحدث عن إيمانه علنًا، حيث أدخل الثقافة الإسلامية إلى أغانيه. وفي الوقت الذي دخل فيه جاي زي وبيج إلى شهرة واسعة ومبيعات ضخمة، فلا يزال يُعتبر راكيم في كثير من الأوساط أعظم مغني راب في التاريخ.

وقد دخلت التعابير والقيم الإسلامية صراحة إلى ألبومات مغنيي الراب، منهم أفريكا بامباتا، وبراند نوبيان، وبور رايتوس تيتشرز. ويرى بعض نقاد الفن بأن الإسلام هو الدين الرسمي للهيب الهوب. ومن أشهر فرق الهيب هوب الأمريكية الإسلامية “فرقة ناتيف دين” التي تعبّر عن تعاليم الدين عبر الفن الذي تقدمه.

اختراع قمع الآيس كريم:

هذا الإنجاز ليس لإيطاليا، ولا للولايات المتحدة، إنما لمغترب سوري مسلم. أنيس حموي أو كما يُعرف “إرنست حموي”والذي كان يبيع حلوى الزلابيا في أحد معارض سانت لويس، حيث قام بلف الزلابية على شكل قمع مخروطي ليضع بداخله الآيس كريم، فكان اختراع أول مخروط آيس كريم في العالم. كما أصبحت الزلابية جزءًا من الثقافة الأمريكية حتى أن الشهيرة “مارثا ستيورات” تقدم وصفات لها.

الرياضة:

لطالما حاول ترامب تقزيم دور المسلمين وتجاهلهم، فقد أنكر أن يكون هناك أبطال رياضيون أمريكيون من المسلمين وذلك تعقيبًا على ما قاله أوباما بعد حادثة إطلاق النار على مركز لذوي الإعاقة العقلية في سان بيرناردينو في كاليفورنيا في 2 ديسمبر عام 2015 “المسلمون الأمريكيون هم أصدقاؤنا وجيراننا، وزملاء العمل، وأبطال الرياضة. وهم رجالنا ونساؤنا المستعدون للموت دفاعًا عن بلادنا”. وبالعودة إلى إنكار ترامب لوجود أبطال رياضيين مسلمين فهل نسي محمد علي الذي كان بطل العالم في الملاكمة للوزن الثقيل ثلاث مرات، كما أنه ذات الشخص الذي قام ترامب بنشر صورة تجمعهما على موقع فيسبوك ووصفه بالصديق؟!


 

الدبلوماسية:

عملت الأمريكية “فرح بانديث” من أصول كشميرية مسلمة في إدارة جورج دبليو بوش في مجلس الأمن القومي كمدير لمبادرات الشرق الأوسط، ثم عملت في وزارة الخارجية الأمريكية كمستشارة لشؤون المسلمين في أوروبا. في عام 2009 أصبحت مبعوثة هيلاري كلينتون إلى العالم الإسلامي. ترى بانديث أن أزمة الشباب المسلم في استغلاله من قبل الجماعات المتطرفة، حيث لا يجد هؤلاء الشباب من يجيبهم على تساؤلاتهم حول الثقافة في مقابل الدين، فيلجئون للشيخ جوجل!

النضال من أجل العدالة:

بعد انتهاء مسلسل العبودية في الولايات المتحدة بدأ الكثير من الأمريكيين الأفارقة بالتوجه إلى المدن بأعداد كبيرة. لكن بسبب القيود التي كانت مفروضة على السكن وسياسات العمل، كانت النتيجة أن كثيرًا منهم اضطر للعيش في “غيتوهات” أحياء معزولة فقيرة. في هذا السياق، عاد كثير من الأمريكيين الأفارقة إلى دين أجدادهم. وقد تأثّر كثير منهم في الخمسينيات والستينيات بخطابات المتحدت باسم أمة الإسلام مالكوم ليتل، والذي أصبح مشهورًا باسم مالكوم إكس أو الحاج مالك الشباز. تخلى مالكوم عن اسم العبودية، وحثّ الأمريكيين الأفارقة على التخلص من أغلال العنصرية بأي وسيلة كانت بما في ذلك العنف، حيث يرى أن ذلك ليس عنفًا حين يكون دفاعًا عن النفس.



في عام 1964 أدى إكس مناسك الحج حيث أثّرت رحلة الحج به كثيرًا، والتي التقى خلالها الملك فيصل -رحمه الله- وقد عبّر عن إعجابه بكرم الضيافة التي لقيها في الأراضي المقدسة. وقد كتب في رسالة لأصدقائه “أمريكا بحاجة إلى معرفة الإسلام، لأنه الدين الذي يمحو من مجتمعه مشكلة العنصرية في الجنس، وطوال أسفاري في العالم الإسلامي لم أرَ في حياتي من قبل أخوّة حقيقية تمارس بصدق وإخلاص من جميع الناس، بصرف النظر عن اللون، كما رأيت في مكة”. وقال في نهاية رحلته إلى مكة: “تركت جزءًا من نفسي في مكة المكرمة، وأخذت جزءًا منها معي إلى الأبد”.

التطور في مجال العلوم:

العالم الأمريكي مصري الأصل أحمد زويل والحاصل على جائزة نوبل، يُعرف بأب “كيمياء الفيمتو” والتي أسهمت في مراقبة حركة الجزيئات السريعة. قضى زويل والبالغ من العمر 70 عامًا معظم حياته في الولايات المتحدة حيث يعمل أستاذًا في الكيمياء والفيزياء في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، ومدير مركز الأحياء الفيزيائية. انضم إلى مجلس مستشاري العلوم والتكنولوجيا “PCAST” الذي أسسه باراك أوباما، وهو مجلس يضم العلماء والمهندسين البارزين لتقديم المشورة للرئيس ونائبه وتشكيل السياسة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكارات.

الترفيه:

عزيز أنصاري

وتتساءل صحيفة الجارديان بطريقة فيها نوع من الاستنكار للأفكار الخاطئة التي رسخت في عقول الغرب، فتقول:” هل يمكن أن يكون المسلمون مرحين أيضًا؟”. فتجيب: “بالطبع نعم”. عزيز أنصاري ممثل كوميدي اشتُهر بدور “توم هافرفورد” في المسلسل الأمريكي ” Parks and Recreation”. وهو أمريكي من أصل هندي، وقد وُلد لأبوين من مسلمي التاميل، والدته فاطمة تعمل في عيادة، ووالده شوكت طبيب في الجهاز الهضمي. يُعرّف أنصاري نفسه أنه ملحد، وعلى الرغم من ذلك فقد لقّن قطب الإعلام الشهير “روبرت ماردوخ” والذي يُعرف بمناصرته للكيان الصهيوني وعدائه الشديد للقضية الفلسطينية درسًا قاسيًا.

فبعد الهجوم على صحيفة شارلي إيبدو في 7 يناير من العام 2015 والتي قُتل بها 12 صحفيًا على يد مسلحين، قيل أنهم ينتمون لجماعة إسلامية متطرفة، غرّد ماردوخ عبر حسابه على تويتر بقوله: “ربما معظم المسلمين مسالمون، لكن حتى يدركوا ويمنعوا انتشار سرطان الجهاد يجب أن يتم تحميلهم المسئولية”.

فرد عليه أنصاري بقوله: “روبرت، هل بإمكانك أن تعطينا الدليل لذلك خطوة بخطوة؟ كيف لوالديّ البالغين 60 عامًا والمقيمين في نيويورك أن يدمرا جماعة إرهابية؟ رجاء انصحنا”.

وقد تابع أنصاري في تغريداته إلى روبرت “هل أنت مسؤول عن كل الشر الذي يتسبب به المسيحيون، أم أنك مسئول فقط عن أعمالك؟”.

وواصل أنصاري هجومه على عنصرية ماردوخ قائلًا له: “أنت ضمن تكتل الإعلام الفاسد، كما أنك عنصري، والشريك المفضل للشر”.

وفي تغريدة أخرى:” لماذا لا تحارب الذين يعتدون على الأطفال جنسيًا”.




اعتنق الإسلام عام 1998، لكنه لا يرغب في الحديث عن ذلك كثيرًا. وعن سبب ذلك يقول شيبل متحدثًا لمجلة التايم عام 2005: “لا أتحدث عن ديني بشكل علني لأني لا أريد أن يقرن الناس أخطائي بهذا الشيء الجميل”.