صك الانتداب على فلسطين(*)
(أعلن مشروعه من قبل عصبة الأمم المتحدة بتاريخ 6 يوليو سنة 1921 و صودق عليه في 24 يوليو سنة 1922 ووضع موضع التنفيذ في 29 سبتمبر)
المقدمة:
مجلس عصبة الامم
لما كانت دول الحلفاء الكبرى قد وافقت على أن يعهد بادارة فلسطين التى كانت تابعة فيما مضى للمملكة العثمانية بالحدود التى تعينها تلك الدول إلى دولة منتدبة تختارها الدول المشار اليها تنفيذا لنصوص المادة 22 من ميثاق عصبة الامم.
ولما كانت دول الحلفاء قد وافقت أيضا على أن تكون الدولة المنتدبة مسئولة عن تنفيذ التصريح الذى أصدرته في الاصل حكومة صاحب الجلالة البريطانية في اليوم الثانى من شهر تشرين الثانى سنة 1917 وأقرته الدول المذكورة لصالح انشاء وطن قومى لليهود في فلسطين على أن يفهم جليا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن يضير بالحقوق المدنية والدينية التى تتمتع بها الطوائف غير اليهودية الموجودة الآن في فلسطين أو بالحقوق والوضع السياسى مما يتمتع به اليهود في أية بلاد أخرى.
ولما كان قد اعترف بذلك بالصلة التاريخية التى تربط الشعب اليهودى بفلسطين وبالأسباب التى تبعث على اعادة انشاء وطنهم القومي في تلك البلاد.
ولما كانت دول الحلفاء قد اختارت صاحب الجلالة البريطانية ليكون منتدبا على فلسطين.
ولما كان الانتداب على فلسطين قد صيغ في النصوص التالية وعرض على مجلس عصبة الامم لاقراره ولما كان صاحب الجلالة البريطانية قد قبل الانتداب على فلسطين وتعهد بتنفيذه بالنيابة عن عصبة الامم طبقا للنصوص والشروط التالية.
ولما كانت الفقرة الثامنة من المادة 22 المتقدمة الذكر تنص على أن درجة السلطة أو السيطرة أو الادارة التى تمارسها الدولة المنتدبة سيحددها بصراحة مجلس عصبة الامم اذا لم يكن هناك اتفاق سابق بشأنها بين أعضاء عصبة الامم.
لذلك فان مجلس عصبة الامم بعد تأييده الانتداب المذكور يحدد شروطه ونصوصه بما يلى:
المادة الأولى:
يكون للدولة المنتدبة السلطة التامة في التشريع والادارة باستثناء ما يكون قد قيد في نصوص هذا الصك.
المادة الثانية:
تكون الدولة المنتدبة مسئولة عن وضع البلاد في أحوال سياسية وإدارية واقتصادية تضمن انشاء الوطن القومى اليهودى وفقا لما جاء بيانه في ديباجة هذا الصك وترقية مؤسسات الحكم الذاتى وتكون مسئولة أيضا عن صيانة الحقوق المدنية والدينية لجميع سكان فلسطين بقطع النظر عن الجنس والدين.
المادة الثالثة:
يترتب على الدولة المنتدبة أن تعمل على تشجيع الاستقلال المحلى على قدر ما تسمح به الظروف.
المادة الرابعة:
يعترف بوكالة يهودية ملائمة كهيئة عمومية لاسداء المشورة إلى إدارة فلسطين والتعاون معها في الشئون الاقتصادية والاجتماعية وغير ذلك من الامور التى قد تؤثر في انشاء الوطن القومى اليهودى ومصالح السكان اليهود في فلسطين ولتساعد وتشترك في ترقية البلاد على أن يكون ذلك خاضعا دوما لمراقبة الإدارة.
يعترف بالجمعية الصهيونية كوكالة ملائمة مادامت الدولة المنتدبة ترى أن تأليفها ودستورها يجعلانها صالحة ولائقة لهذا الغرض ويترتب على الجمعية الصهيونية أن تتخذ ما يلزم من التدابير بعد استشارة حكومة صاحب الجلالة البريطانية للحصول على معونة جميع اليهود الذين يبغون المساعدة فى انشاء الوطن اليهودى.
المادة الخامسة:
تكون الدولة المنتدبة مسئولة عن ضمان عدم التنازل عن أى جزء من أراضى فلسطين إلى حكومة دولة أجنبية وعدم تأجيره إلى تلك الحكومة أو وضعه تحت تصرفها بأية صورة أخرى.
المادة السادسة:
على إدارة فلسطين مع ضمان عدم الحاق الضرر بحقوق ووضع فئات الاهالى الاخرى أن تسهل هجرة اليهود في أحوال ملائمة وأن تشجع بالتعاون مع الوكالة اليهودية المشار إليها في المادة الرابعة، حشد اليهود في الاراضى الاميرية والاراضى الموات غير المطلوبة للمقاصد العمومية.
المادة السابعة:
تتولى إدارة فلسطين مسئولية سن قانون للجنسية ويجب أن يشتمل ذلك القانون على نصوص تسهل اكتساب الجنسية الفلسطينية لليهود الذين يتخذون فلسطين مقاما دائما لهم.
المادة الثامنة:
ان امتيازات وحصانات الاجانب بما فيها مزايا المحاكم القنصلية والحماية التى يتمتع بها الرعايا الاجانب في السابق بحكم الامتيازات أو العرف في المملكة العثمانية لا تكون نافذة في فلسطين.
غير أنه متى انتهى أجل الانتداب تعاد هذه الامتيازات في الحال برمتها أو مع التعديل الذى يكون قد تم الاتفاق عليه بين الدول صاحبة الشأن الا اذا سبق للدول التى كان رعاياها يتمتعون بالامتيازات المذكورة في أول آب سنة 1914 أن تنازلت عن حق استرجاع تلك الامتيازات أو وافقت على عدم تطبيقها لأجل مسمى.
المادة التاسعة:
تكون الدولة المنتدبة مسئولة عن جعل النظام القضائى القائم فى فلسطين ضامنا تمام الضمان لحقوق الاجانب والوطنيين على السواء.
ويكون احترام الاحوال الشخصية والمصالح الدينية لمختلف الشعوب والطوائف مضمونا تمام الضمان أيضا وبصورة خاصة تكون إدارة الاوقاف خاضعة للشرائع الدينية وشروط الواقفين.
المادة العاشرة:
تكون المعاهدات المبرمة بين الدولة المنتدبة وسائر الدول الاجنبية بشأن تسليم المجرمين مرعية الاجراء في فلسطين إلى أن تعقد اتفاقات خاصة بذلك فيما يتعلق بفلسطين.
المادة الحادية عشرة:
تتخذ ادارة فلسطين جميع ما يلزم من التدابير لصون مصالح الجمهور فيما يتعلق بترقية البلاد وعمرانها ويكون لها السلطة التامة في وضع ما يلزم من الاحكام لاستهلاك أى مورد من موارد البلاد الطبيعية أو الاعمال والمصالح والمنافع العمومية الموجودة في البلاد أو التى ستؤسس فيما بعد أو السيطرة عيها بشرط مراعاة الالتزامات التى قبلتها الدولة المنتدبة على نفسها. ويترتب عليها أن توجد نظاما للاراضى يلائم احتياجات البلاد مراعية في ذلك من بين الامور الاخرى الرغبة في تشجيع حشد السكان في الاراضى وتكثيف الزراعة.
ويمكن لادارة البلاد أن تتفق مع الوكالة اليهودية المذكورة في المادة الرابعة على أن تقوم هذه الوكالة بانشاء أو تسيير الاشغال والمصالح والمنافع العمومية وترقية مرافق البلاد الطبيعية بشروط عادلة ومنصفة مادامت الادارة لا تتولى هذه الامور مباشرة بنفسها. غير أن كل اتفاق كهذا يجب أن يشترط فيه ألا تتجاوز الأرباح التى توزعها الوكالة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة مقدار الفائدة المعقولة التى يعود بها رأس المال المستثمر وأن كل ما يزيد على هذه الفائدة من الارباح يجب أن يستخدم لما فيه نفع البلاد على الوجه الذى توافق عليه الادارة.
المادة الثانية عشرة:
يعهد إلى الدولة المنتدبة بالاشراف على علاقات فلسطين الخارجية وحق اصدار البراءات إلى القناصل الذين تعينهم الدول الاجنبية ويكون لها الحق أيضا في أن تشمل رعايا فلسطين وهم خارج حدود منطقتهما بحماية سفرائها وقناصلها.
المادة الثالثة عشرة:
تضطلع الدولة المنتدبة بجميع المسئوليات المتعلقة بالاماكن المقدسة والمبانى أو المواقع الدينية في فلسطين بما في ذلك مسئولية المحافظة على الحقوق الموجودة وضمان الوصول إلى الاماكن المقدسة والمبانى والمواقع الدينية وحرية العبادة مع المحافظة على مقتضيات النظام العام والآداب العامة. وتكون الدولة المنتدبة مسئولة أمام عصبة الأمم دون سواها عن كل ما يتعلق بذلك بشرط ألا تحول نصوص هذه المادة دون اتفاق الدولة المنتدبة مع إدارة البلاد على ما تراه الدولة المنتدبة ملائما لتنفيذ نصوص هذه المادة وبشرط ألا يفسر شىء من هذا الصك تفسيرا يخول الدولة المنتدبة سلطة التعرض أو التدخل في نظام أو إدارة المقامات الإسلامية المقدسة الصرفة المصونة حصانتها.
المادة الرابعة عشرة:
تؤلف الدولة المنتدبة لجنة خاصة لدرس وتحديد وتقرير الحقوق والادعاءات المتعلقة بالاماكن المقدسة والحقوق والادعاءات المتعلقة بالطوائف الدينية المختلفة في فلسطين وتعرض طريقة اختيار هذه اللجنة وقوامها ووظائفها على مجلس عصبة الأمم لاقرارها ولا تعين اللجنة ولا تقوم بوظائفها دون موافقة المجلس المذكور.
المادة الخامسة عشرة:
يترتب على الدولة المنتدبة أن تضمن جعل الحرية الدينية التامة وحرية القيام بجميع شعائر العبادة مكفولتين للجميع بشرط المحافظة على النظام العام والآداب العامة فقط ويجب ألا يكون ثمة تمييز مهما كان نوعه بين سكان فلسطين على أساس الجنس أو الدين أو اللغة وألا يحرم شخص من دخول فلسطين بسبب معتقده الدينى فقط.
ويجب الا تحرم أية طائفة كانت من حق صيانة مدارسها الخاصة لتعليم أبنائها بلغتها الخاصة والا تنتقص من هذا الحق مادام ذلك مطابقا لشروط التعليم العمومية التى قد تفرضها الادارة.
المادة السادسة عشرة:
تكون الدولة المنتدبة مسئولة عن ممارسة ما يقتضيه أمر المحافظة على النظام العام والحكم المنظم من الأشراف على الهيئات الدينية والجزئية التابعة لجميع الطوائف المذهبية في فلسطين ومع مراعاة هذا الشرط لا يجوز أن تتخذ في فلسطين تدابير من شأنها اعاقة هذه الهيئات أو التعرض لها أو اظهار التحيز ضد أى ممثل من ممثليها أو عضو من أعضائها بسبب دينه أو جنسيته.
المادة السابعة عشرة:
يجوز لادارة فلسطين أن تنظم على أساس التطوع القوات اللازمة للمحافظة على السلام والنظام والقوات اللازمة للدفاع عن البلاد أيضا بشرط أن يكون ذلك خاضعا لاشراف الدولة المنتدبة ولكن لا يجوز لادارة فلسطين أن تستخدم هذه القوات في غير الاغراض الآنفة الذكر إلا بموافقة الدولة المنتدبة وفيما عدا ذلك لا يجوز لادارة
فلسطين أن تؤلف أو أن تستبقى أية قوة من القوات العسكرية أو البحرية أو الجوية.
ليس في هذه المادة ما يمنع إدارة فلسطين من الاشتراك في نفقات القوات التى تكون للدولة المنتدبة في فلسطين.
ويحق للدولة المنتدبة في كل وقت أن تستخدم طرق فلسطين وسككها الحديدية ومرافئها لحركات القوات المسلحة ونقل الوقود والمهمات.
المادة الثامنة عشرة:
يجب على الدولة المنتدبة أن تضمن عدم التمييز في فلسطين بين رعايا أية دولة من الدول الداخلة في عصبة الأمم (ومن جملة ذلك الشركات المؤلفة بحسب قوانين تلك الدولة) ورعايا الدولة المنتدبة أو رعايا أية دولة أجنبية أخرى في الأمور المتعلقة بالضرائب أو التجارة أو الملاحة أو تعاطى البضائع أو المهن أو في معاملة السفن التجارية أو الطيارات المدنية وكذلك يجب ألا يكون هناك تمييز في فلسطين ضد البضائع التى يكون أصلها من بلاد من بلدان الدول المذكورة أو تكون مرسلة إليها وتطلق حرية مرور البضائع بطريق التوسط (الترانسيت) عبر البلاد المشمولة بالانتداب بشروط عادلة.
ومع مراعاة ما تقدم وسائر أحكام صك الانتداب هذا يجوز لإدارة فلسطين أن تفرض بالتشاور مع الدولة المنتدبة ما تراه ضروريا من الضرائب والرسوم الجمركية وأن تتخذ ما تراه صالحا من التدابير لتنشيط ترقية المرافق الطبيعية في البلاد وصيانة مصالح السكان فيها ويجوز لها أن تعقد بالتشاور مع الدولة المنتدبة اتفاقا جمركيا خاصا مع أية دولة من الدول التى كانت جميع أملاكها فى سنة 1914 داخلة في تركيا الآسيوية أو شبه جزيرة العرب.
المادة التاسعة عشرة:
تنضم الدولة المنتدبة بالنيابة عن إدارة فلسطين إلى كل ميثاق من المواثيق الدولية العامة التى سبق عقدها أو التى تعقد فيما بعد بموافقة عصبة الأمم بشأن الاتجار بالرقيق والاتجار بالسلاح والذخيرة أو بالمخدرات أو فيما يتعلق بالمساواة التجارية وحرية مرور البضائع بطريق التوسط (الترانسيت) والملاحة والطيران والمواصلات البريدية والبرقية واللاسلكية أو بالممتلكات الأدبية والفنية والصناعية.
المادة العشرون:
تتعاون الدولة المنتدبة بالنيابة عن إدارة فلسطين في تنفيذ كل سياسة مشتركة تقررها عصبة الأمم لمنع انتشار الأمراض ومكافحتها بما فى ذلك أمراض النباتات والحيوانات بقدر ما تسمح به الأحوال الدينية والاجتماعية وغيرها من الأحوال.
المادة الحادية والعشرون:
يترتب على الدولة أن تؤمن وضع وتنفيذ قانون خاص بالآثار القديمة على أساس القواعد المذكورة فيما يلى خلال الاثنى عشر شهرا الأولي من هذا التاريخ ويكون هذا القانون ضامنا لرعايا جميع الدول الداخلة في عصبة الأمم المساواة في المعاملة فيما يتعلق بالحفريات والتنقيبات الأثرية:
1 - تعنى عبارة (الآثار القديمة) كل ما أنشأته أو أنتجته أيدى البشر قبل سنة 1700 ميلادية.
2 - يسن التشريع المتعلق بحماية الآثار القديمة على أساس التشجيع لا التهديد وكل من اكتشف أثرا دون أن يكون مزودا بالتصريح المذكور في الفقرة الخامسة وأبلغ الأمر إلى أحد موظفى الدائرة المختصة يكافأ بمكافأة تتناسب مع قيمة ما اكتشفه.
3 - لا يجوز بيع شىء من الآثار القديمة إلا للدائرة المختصة ما لم تتنازل تلك الدائرة عن شرائه ولا يجوز إخراج شىء من الآثار القديمة من البلاد الا بموجب رخصة تصدير صادرة من تلك الدائرة.
4 - كل من أتلف أو ألحق ضررا بقطعة من الآثار القديمة عن سوء نية أو اهمال يعاقب بالعقوبة المعينة.
5 - يحظر اجراء الحفر أو التنقيب للبحث عن الآثار القديمة إلا بتصريح من الدائرة المختصة ويغرم المخالف بغرامة مالية.
6 - توضع شروط عادلة لنزع ملكية الأراضى ذات القيمة التاريخية أو الأثرية سواء أكان نزع الملكية مؤقتا أم دائما.
7 - يقتصر في إعطاء التصريح لاجراء الحفريات على الأشخاص الذين يقدمون أدلة كافية على خبرتهم في الآثار ويترتب على إدارة فلسطين ألا تسير عند اعطاء هذه التصاريح علي طريقة تؤدى إلى استثناء علماء أية أمة من الأمم من التراخيص بدون سبب مبرر.
8 - يقسم ناتج الحفريات بين المكتشف والدائرة المختصة على أساس النسبة التى تعينها تلك الدائرة فاذا تعذرت القسمة لأسباب علمية يعطى للمكتشف تعويض عادل بدلا من اعطائه قسما من الآئار المكتشفة.
المادة الثانية والعشرون:
تكون الانكليزية والعربية والعبرية اللغات الرسمية لفلسطين وكل عبارة أو كتابة بالعربية وردت على طوابع أو عملة تستعمل في فلسطين يجب أن تكرر بالعبرية وكل عبارة أو كتابة بالعبرية يجب أن تكرر بالعربية.
المادة الثالثة والعشرون:
تعترف إدارة فلسطين بالأيام المقدسة (الأعياد) عند كل طائفة من الطوائف فى فلسطين كأيام عطلة قانونية لأفراد تلك الطائفة.
المادة الرابعة والعشرون:
تقدم الدولة المنتدبة إلى عصبة الأمم تقريرا سنويا بصورة تقنع المجلس يتناول التدابير التى اتخذت أثناء تلك السنة لتنفيذ نصوص الانتداب وترسل نسخ من جميع الأنظمة والقوانين التى تسن أو تصدر أثناء تلك السنة مع التقرير.
المادة الخامسة والعشرون:
يحق للدولة المنتدبة بموافقة مجلس عصبة الأمم أن ترجىء أو توقف. تطبيق ما تراه من هذه النصوص غير قابل التطبيق على المنطقة الواقعة ما بين نهر الأردن والحد الشرقى لفلسطين كما سيعين فيما بعد بالنسبة للأحوال المحلية السائدة فى تلك المنطقة وأن تتخذ ما تراه ملائما من التدابير لإدارة تلك المنطقة وفقا لأحوالها المحلية بشرط ألا يؤتى بعمل لا يتفق مع أحكام المواد 15، 16، 18.
المادة السادسة والعشرون:
توافق الدولة المنتدبة على أنه اذا وقع خلاف بينها وبين عضو آخر من أعضاء عصبة الأمم حول تفسير نصوص صك الانتداب أو تطبيقها وتعذر حله بالمفاوضات يعرض على محكمة العدل الدولية الدائمة المنصوص عليها في المادة الرابعة عشرة من ميثاق عصبة الأمم.
المادة السابعة والعشرون:
ان كل تعديل يجرى في شروط هذا الانتداب يجب ان يكون مقترنا بموافقة مجلس عصبة الأمم.
المادة الثامنة والعشرون:
فى حالة انتهاء الانتداب الممنوح للدولة المنتدبة بموجب هذا الصك يتخذ مجلس عصبة الأمم ما يراه ضروريا من التدابير لصون استمرار الحقوق المؤمنة بموجب المادتين 13، 14 على الدوام بضمان العصبة ويستعمل نفوذه لأن يكفل بضمان الجمعية احترام حكومة فلسطين للالتزامات المالية التى تحملتها إدارة فلسطين بصورة مشروعة في عهد الانتداب احتراما تاما وفي جملة ذلك حقوق الموظفين في رواتب التقاعد أو المكافآت.
بيان هربرت صموئيل
بصدد سياسته في فلسطين بعد اضطرابات سنة 1921
"إني لحزين أشد الحزن لأننى لم أستطع تحقيق الانسجام بين مختلف المذاهب والطوائف في فلسطين، وهو ما كنت أسعى إلى تحقيقه بكثير من السعى الجدى ... وعلي أولا أن أشير هنا إلى ما وقع من سوء فهم مزعج للتعبير الذي ظهر في وعد بلفور عن "إقامة وطن قومى للشعب اليهودى في فلسطين" وانى لأسمع من جهات عدة أن الشعب العربي لن يوافق على اغتصاب بلاده وأماكنه المقدسة وأراضيه لإعطائها إلى الغرباء، وأن العرب لن يقروا على الاطلاق قيام حكومة يهودية تحكم غالبية السكان من مسلمين ومسيحيين. ويقول الناس إنهم لا يستطيعون أن يفهموا كيف وافقت الحكومة البريطانية التى عرفت في العالم بعدلها على مثل هذه السياسة. وردى على هذه الأقوال، أن الحكومة البريطانية التى تولى العدل المحل الأول من اعتبارها لم توافق ولن توافق قط على مثل هذه السياسة. وليس هـذا هو المعنى الذى هدف إليه وعد بلفور. ومن المحتمل أن تكون الترجمة العربية للعبارات الانجليزية لم تنقل المعنى الحقيقى للوعد. فهو يعنى أن في وسع اليهود، الشعب المشتت في جميع أرجاء العالم والذى ظلت قلوب ابنائه متعلقة بفلسطين أن يجدوا في فلسطين وطنا لهم، وأن في وسع فريق منهم تحدد مصالح السكان الحاليين عدد أفراده أن يفدوا إلى فلسطين ليساعدوا بما لديهم من موارد وما يقدمونه من جهود في تطوير البلاد لصالح جميع سكانها. ولو رأينا أنفسنا في حاجة إلى اتخاذ أية اجراءات لإقناع السكان المسلمين والمسيحيين بأن الحكومة ستراعى عمليا وفي تطبيقها، هذه المبادئ وتحافظ على حقوقهم محافظة تامة، فاننا لن نتوانى عن اتخاذها وليس من المعقول أن تفرض الحكومة البريطانية التى أصبحت وصية على سعادة أهل فلسطين بموجب انتدابها عليها أية سياسة يجدون ما يبرر لهم الظن في انها تتعارض مع دياناتهم ومع مصالحهم السياسية والاقتصادية."
وأنتقل بعد ذلك إلى موضوع الهجرة اليهودية، وأعلن طبيعة الأنظمة التى يعتزم وضعها لتنظيمها. وقال إن في وسع الزائرين الذين يعتزمون قضاء ثلاثة أشهر في البلاد أو أقل، أو الذين يملكون موارد مالية كافية ومستقلة أو أصحاب المهن الذين يعتزمون ممارسة مهنهم في البلاد، أو أفراد العائلات التى يقيم معيلوها في فلسطين، أولئك الذين يمكن تشغيلهم ضمن فترة زمنية محددة بأن يأتوا إلى فلسطين، لكن، " أوضاع فلسطين لا تسمح بأية صورة من الصور بما يشبه الهجرة الجماعية".
وانتقل السيرهربرت من موضوع الهجرة إلى موضوع الخطر الشيوعى المتجسد في حزب "موبسى" فقال إن "عددا صغيرا من الوافدين الجدد قد صبغوا بالصبغة البلشفية المؤذية، وأنهم يحملون معهم الدمار الاقتصادى لجميع الطبقات في أية بلاد يدخلونها".
مذكرة رئيس المؤتمر العربى الفلسطيني الثالث
لوزير الخارجية البريطانية حول ضرورة وقف الهجرة
اليهودية إلى فلسطين(*)
8 /3 /1921
سعادة ناظر خارجية انجلترا
طالما نبهنا حكومات الحلفاء بأن مهاجرى اليهود الذين يؤمون فلسطين ينشرون مبادئ البلشفية في البلاد ويسببون وقوع الفتن فيها ولكنا قبل لم نلق اذنا صاغية أما اليوم فقد اعترفت الحكومة بأن فتنة يافا قد تسببت وبدأت من قبل اليهود وأن مهاجريهم ينشرون روح البلشفية في فلسطين لهذا نطلب مكررين ايقاف سير الهجرة اليهودية إلى هذه البلاد حقنا للدماء ومنعا لسير نار البلشفية في الشرق.
لجنة المؤتمر العربي الفلسطيني
(الإسلامى والمسيحى)
(قدمت نسخ إلى كل من:
جلالة ملك بريطانيا العظمى - ومجلس اللوردات - ومجلس العموم - وقداسة البابا - وناظر خارجية فرنسا - وناظر خارجية ايطاليا - وناظر خارجية أسبانيا - وناظر خارجية الولايات المتحدة الامريكية).
(*) مذكرة خطية موجودة في مكتب السجلات العامة - لندن.
قرارات مؤتمر القاهرة(*)
12 - 24 مارس سنة 1921
عقد وزير المستعمرات البريطانية مؤتمرا عاما لشئون الشرق الأوسط في القاهرة أيام 12- 24 آذار سنة 1921 ورأسه تشرشل نفسه وحضره بيرس كوكس والسير هوبرت صموئيل، وهما المندوبان الساميان في العراق وفلسطين، وحضره لورانس وكلايتون وكورنواليس وجيرترود بيل.
وأصدر المؤتمر القرارات الآتية:
أن تقدم ملكية العراق إلى فيصل، ملك سوريا المخلوع.
وأن تقدم إمارة شرق الأردن إلى عبد الله شقيق فيصل الاكبر.
وللتخفيف من حدة الوطنية العراقية تقرر أن يستبدل الانتداب بمعاهدة تحالف تعقد مع فيصل عند توليه العرش.
(*) نقلا عن كتاب "الشرق الأوسط في الشئون العالمية" جورج لنشوفسكى.
مذكرة الوفد العربى الفلسطينى الأول
إلى الحكومة البريطانية
حول المطالب الوطنية لعرب فلسطين(*)
12 /8 /1921
إن أهالى فلسطين من مسلمين ومسيحيين الذين نمثلهم قد أوفدونا لنطلب من الشعب الانجليزى الحر ومن حكومة انجلترا حليفة العرب ما يأتى:
أولا:
نطلب انشاء حكومة وطنية تكون مسئولة أمام مجلس نيابى "برلمان" منتخب من السكان الذين قطنوا فلسطين قبل الحرب من مسلمين ومسيحيين ويهود. وهذه الطلبات نبنيها على ما يأتى:
(أ)
على المعاهدة المعقودة بين جلالة الملك حسين من جهة والحكومات البريطانية من جهة أخرى في 24 أكتوبر سنة 1915 بواسطة السير مكماهون الذى كان ممثلا لحكومة بريطانيا العظمى في ذلك الوقت ويتكلم بلسانها وفي هذه المعاهدة اعترفت انجلترا باستقلال البلاد العربية والمبينة حدودها فيها ومن ضمنها فلسطين.
(ب)
على تصريح بريطانيا وفرنسا المشترك الصادر في 11 نوفمبر سنة 1918.
(جـ)
على تصريح اللورد اللنبى فى 14 نوفمبر سنة 1918.
(د)
على تصريحات ابان الحرب فاه بها رجال السياسة ورؤساء الحكومات المسئولون كتصريح المسيو بريان الذى كان وقتئذ رئيسا لوزراء فرنسا أمام مجلس النواب في 3 نوفمبر لسنة 1915 وتصريح السير ادوارد غراى الذى كان وزيرا لخارجية بريطانيا أمام لجنة الأمور الخارجية فى 27 أكتوبر سنة 1916 وعلى رد الحلفاء على مذكرة الرئيس ولسن فى 10 أكتوبر سنة 1917 وعلى تصريح المسيو ريبو رئيس وزراء فرنسا أمام مجلس النواب فى 23 مايو سنة 1917 وعلى ما دار في مجلس النواب الافرنسى في ليلة 4 و 5 من شهر حزيران سنة 1917، وما دار في مجلس الاعيان الافرنسية في 6 حزيران سنة 1917 وعلى تصريح للمستر لويد جورج فاه به في جلاسكو في 29 حزيران سنة 1917 وعلى تصريح المسيو بوانكاريه وأخيرا على تصريحات الرئيس ولسن المتعددة قال فيها أن الحلفاء انما دخلت الحرب لتحرير الأمم الضعيفة ولاستقلال الشعوب التى كانت مظلومة من الأتراك ولم يخطر على بال أحد أن ترغم هذه الشعوب على قبول شكل حكومة لا يريدونه.
(هـ)
ان استعداد الشعب الفلسطينى للحكم الذاتى لا يقل عن استعداد غيره من الشعوب التى قد ساعدتها بريطانيا في الماضى والحاضر على الاستقلال وهنا نذكر اليونان والعرب والجبل الأسود وبولاندا والعراق.
ان ما ينوف عن الخمسة وأربعين بالمائة من سكان فلسطين يقرأون ويكتبون وقد يوجد بينهم ما يزيد عن الالف من متخرجى المدارس العليا كمدارس الطب والحقوق والهندسة وباقى العلوم. وقد صرح المندوب السامى فى خطابه فى 3 حزيران سنة 1921 حيث قال: أسر عندما أرى بين الأهالى شوقا حارا للتمتع بمنافع التعليم. وهذه الشهادة تكفى للغرض.
(و)
كنا نتمتع تحت حكم الأتراك بكثير من حقوقنا السياسية وكنا نوفد الممثلين لنا لمجلس المبعوثان في الاستانة وبذلك نشترك في إدارة كل السلطة ولكن ثرنا عليهم طلبا في الاستقلال ولذا أيضا اتحدت قواتنا مع بريطانيا وحاربنا مع الحلفاء جنبا لجنب ومن المعروف أن عددا كبيرا من جيش الملك فيصل كان من العرب الفلسطينيين.
(ز)
ان الحكومة الوطنية الفلسطينية تقوم بنفقات الادارة وتوفر على بريطانيا الملايين التى تنفقها الأمة على جيشها الذى أكبر سبب لوجوده في فلسطين انما هو لتنفيذ الفكرة الصهيونية. فالميزانية الحاضرة مع ما يمكن اقتصاده من المال بالرغم من وظائف كثيرة لا لزوم لها ومع الاقتصاد المعقول ومع الصرف والتبذير القائمين على قدم وساق في الادارة المالية تكفى ليس لادارة البلاد فقط بل أيضا لانشاء جيش صغير وقوة من البوليس والجندرمة للأمن العام. أن مادة (23) من عهد جمعية الأمم تخول الاستقلال الذاتى للبلاد المسلوخة عن تركيا والتى منها فلسطين.
ثانيا:
نطلب الغاء فكرة انشاء وطن قومى لليهود في فلسطين.
(أ)
كل من اطلع على تاريخ الحركة الصهيونية وعلى أقوال المسئولين وطبق هذه الأقوال على ما هو جار الآن في فلسطين لا بد له من الاعتراف بأن هناك خطرا داهما يهدد حياتنا كافة ولو اجتهد الصهيونيون لاخفاء نواياهم الحقيقية المبنية عليها سياستهم وعندنا من هذه الأقوال التى لا يمكن دحضها أو تفسيرها بغير تفسير انشاء حكومة يهودية.
(ب)
ان عدد اليهود الذين سكنوا فلسطين قبل الحرب لم يتجاوز السبعة في المائة من مجموع عدد السكان وبين هذه الاقلية الساحقة لا يوجد ما يزيد عن العشرة بالمائة تتكلم اللغة العبرانية وأما الباقون فيتكلمون العربية. وقد وضعت السلطتين التنفيذية والقضائية في أيدى رجلين
هما صهيونيان صميمان فهذه الاجراءات قد ضاعفت مخاوف الأهالى من خطر الوطن القومى.
(جـ)
ان ادعاء اليهود في فلسطين بنى على كونهم احتلوا هذه البلاد لمدة وجيزة قبل ما ينوف عن الفى سنة وقد كانوا في عراك دائم مع جيرانهم مدة هذا الاحتلال ولم يتركوا آثارا تذكر في فلسطين تقابل مع الآثار التى تركها العرب والذين سكنوا البلاد مدة هى أطول بكثير من مدة الاحتلال اليهودى. زد على ذلك أن العرب ورثوا بلادهم عن أجدادهم جيلا بعد جيل فأى عدالة ترغمهم أن يشركوا شعبا آخر معهم في بلادهم.
ثالثا:
نطالب أن توقف الهجرة اليهودية إلى فلسطين بينما تؤلف حكومة وطنية:
(أ)
قد كانت هذه المهاجرة من أهم أسباب العوز وغلاء المعيشة في فلسطين.
(ب)
ان جلب عدد كبير من العمال اليهود ليزاحموا العامل الوطنى قد جعلت حالة هذا الأخير تزيد سوءا عما كانت عليه قبل خصوصا ان العامل اليهودى يتمتع بعطف الحكومة فحالة فلسطين الاقتصادية لا تسمح بالمهاجرة.
(جـ)
وقد دخل إلى البلاد مع المهاجرين يهود متشربون المبادىء البلشفية واجتهدوا في منشوراتهم ومظاهراتهم وأعمالهم ليس محاربة المتمولين فقط بل قلب الحكومة البريطانية.
(د)
المهاجرة هى أسباب الاضطرابات التى حدثت في البلاد التى قتل من جرائها الأبرياء ونكلت الدماء وهذا مما يؤسف له جدا فقد حدث اضطراب في القدس في 4 نيسان سنة 1919 وآخر في حيفا في آذار سنة 1921 وآخر في يافا في ايار سنة 1921 فأوقف السير هربرت صموئيل المهاجرة عندما شعر بخطرها ولكنه عاد وسمح بها وقد ادمج قيودا لادخال المهاجرين بصورة ان هذه القيود هى واسعة جدا كأنها تفتح باب المهاجرة من دون قيد جديد.
رابعا:
نطلب أن تحكم البلاد بموجب القانون العثمانى الذى كان معمولا به قبل الحرب وأن تلغى جميع الشرائع والقوانين التى سنت بعد الاحتلال البريطانى وان لاتسن قوانين الا بعد ما تشكل حكومة وطنية.
(أ)
ان حكومة فلسطين قد سنت قوانين قبلما يبت في مصير البلاد وبدون استشارة الأهالى الذين سنت هذه القوانين لأجلهم. زد على ذلك أن معظم هذه القوانين مضر بصالح الأهالى.
(ب)
ومن هذه القوانين قانون منع الجرائم الذى يمنح الحكام ورؤساء المحاكم فى المادتين 2 و 3 حق القبض على من يشاءون من الناس بصورة ادارية وبدون محاكمة وتكليفهم دفع مبلغ على حسن سلوكهم وقد يستندون في عملهم هذا على مجرد اعتقادهم بأن فلانا من الناس هو خطر على الهيئة أو ينوى أن يكون مشوشا لها فقانون كهذا يحكم على نيات الناس الغير مصرح بها ويقيد حريتهم الشخصية ويهدد كل عضو في الهيئة الاجتماعية بالغرامة والحبس لمجرد وشاية واش لا يمكن قبوله بصمت وقد يسهل هذا الفانون الوشاية لمن أراد أن يكتسب رضاء الحكومة أو أن ينتقم من أحد الناس لعداء شخصى موجود بين الاثنين عدا عن أنه يزيد في سوء التفاهم بين الحاكم والمحكوم. وقد طبق هذا القانون على أناس متعددين ذوى منزلة رفيعة بين الأهلين وسلوك حسن ونحتج على أن قانون كهذا لا يجب أن يسن تحت إدارة ملكية والبلاد في حالة سلم لا في حالة حرب وليس هناك ظروف فوق العادة تجيزه.
(جـ)
في المادتين 14 و 15 من قانون البوليس الجديد قد منحت الادارة نفسها الحق أن تزيد عند اللزوم عدد البوليس في مقاطعة على أن تجبى من الأهالى ما يقوم بنفقات هذا البوليس الاضافى.
نرى أن حفظ الأمن هو من أهم واجبات الحكومة واذا اقتضى الأمر كزيادة عدد البوليس يجب أن يصرف لهم نفقات من ميزانية البوليس العامة وليس من جيوب تلك المقاطعة فان المحاكم وجدت لمحاكمة المجرمين ان كان هنالك جرم من أهالى تلك المقاطعة أو غيرها.
(د)
في أول أكتوبر سنة 1921 صدر قانون الاراضى المحلولة وقد منحت الحكومة لنفسها الحق بالاستيلاء على بقعة من الأرض أهملت زراعتها وفلاحتها مدة ثلاث سنوات. نعم ان الحكومة العثمانية سنت قانونا كهذا ولكنها لم تعمل به أبدا وذلك لأن هناك أسبابا معقولة لترك الأرض بدون زراعة. فكان الاجدر بحكومة فلسطين أن تنتظر حينما تمر الازمة الحالية الناتجة عن الحرب وحتى تشكل حكومة وطنية تنظر في أقدس حقوق الأهالى وهى الملكية الشخصية.
(هـ)
وقد أصدرت قانونا آخر يختص بالاراضى وحددت فيه ما يمكن للشخص شراءه من الارض في المدن بثلاثين دونما وفي القرى والمزارع بثلاثمائة دونم انما صرحت للجمعيات والشركات بشراء عدد يزيد كثيرا عما ذكر. وقد أعطى المندوب السامى لنفسه الصلاحية لتحوير هذا القانون وتغيير مواده وتطبيقها حسبما يتراءى له. فقانون كهذا يحدد الملكية الشخصية وكان من سوء نتيجته أنه زاد في اشتباه الأهالى وتخوفهم من المقاصد الصهيونية.
(و)
ثم في 26 آب سنة 1920 صدر قانون المهاجرة وقد حفظ المندوب السامى لنفسه الصلاحية بحسب. المادة الخامسة منه (بالسماح) لكل من أراد الدخول إلى فلسطين. وبحسب المادة الثامنة من هذا القانون يمكن للمندوب أن يخرج من البلاد من أراد من الناس اذا تراءى له ذلك ثم قد زاد على ذلك بأنه أعطى لنفسه الصلاحية بإعفاء أى شخص أو أشخاص من هذا القانون أو من بعض مواده. فمن يضمن أن هذه الصلاحية لا تستعمل في صالح اليهود وهل روح العصر تسمح بصلاحيات كهذه تعطى لشخص واحد؟
فهذا أيضا قد زاد في تخوف الأهالى واشتباههم بمقاصد اليهود.
(ز)
وصدر قانون آخر فى 4 تموز سنة 1918 يسلب الاهالى حقهم فى تمييز الدعاوى التى تحكم فيها محاكم الاستئناف فهذا الحق كنا متمتعين به فى عهد الحكومة العثمانية ولا يمكن لشعب متمدن أن يسلم به.
خامسا:
نطلب عدم فصل فلسطين عن أخواتها المقاطعات العربية المجاورة لها.
(أ)
ان تجزئة البلاد العربية التى كانت تحت حكم الدولة العثمانية واعتناق كل منها قوانين وأنظمة مختلفة بخصوص الجمارك والتلغراف والسكك الحديدية والمصارف بالطبع يضر في مستقبل وتقدم الأمة العربية الطامحة لاسترداد مدنيتها ومجدها السابق.
(ب)
النفقات الكبيرة التى يلزم صرفها للقيام بالحكومات المركزية والادارية والجمارك المتفرقة والضرائب على أهالى كل من المقاطعات المختلفة تسبب حملا ثقيلا ويستغنى عن ذلك اذا كانت كل هذه المقاطعات تدار بحكومة متحدة بلغة واحدة وجمرك واحد "الى آخره".
(جـ)
الحلفاء الذين جاهروا بأن الشعوب الذين كانوا محاربين لهم ستتبع سياسيا أصلها كضم التيرول إلى ايطاليا والرومانيين الذين كانوا تحت حكم أوستريا لرومانيا فبكل تأكيد يمنحون ذلك للعرب الذين حاربوا معهم جنبا لجنب وساعدوهم فى احراز النصر.
(الأعضاء)
إبراهيم شماس - شبلى جمل - أمين التميمى - توفيق حماد - موس كاظم الحسينى (رئيس الوفد الفلسطينى العربى).
(*) مذكرة خطية موجودة في مكتب السجلات العامة - لندن.
قرار اللجنة الفلسطينية بمصر برفض الانتداب
(1922)(*)
عقدت اللجنة الفلسطينية بمصر اجتماعا عاما للبحث في الحالة التى وصلت اليها القضية الفلسطينية حتى اليوم وبعد شرح جميع ما تم بها في خلال السنة الماضية وما فاه به رجال السياسة عنها وما أراد الوفد الفلسطينى بانجلترا وأوروبا من الاعمال وما قامت به الجمعيات الفلسطينية في الوطن وأمريكا وسائر المهاجر. وبعد المذاكرة والبحث فيما يجب على هذه اللجنة أن تتخذه من الاجراءات التى تعتقد أنها في مصلحة البلاد قر القرار على نشر البيان الآتى:
حيث إن مبادئ هذه اللجنة الاساسية تنحصر في المطالبة بوحدة سورية مع فلسطين واستقلالهما تحت حكومة وطنية نيابية ورفض الوطن القومى اليهودى.
وحيث إن هذه المبادئ مطابقة لقرارات المؤتمرات الفلسطينية الاربعة التى انعقدت في فلسطين بعد الاحتلال.
وحيث إن الفلسطينيين - سكان جنوبى سورية - قد سكتوا حتى الآن عن الالحاح في طلب الاستقلال التام محتفظين بجميع حقوقهم المدونة في قرارات المؤتمرات المذكورة ووجهوا معظم مساعيهم إلى المطالبة بالغاء وعد بلفور الذي يهدد كيان الأمة والبلاد محسنين الظن بالسياسة الانجليزية وتقاليدها.
وحيث إن هذه السياسة أصبحت تصارحنا بما كانت تموه به علينا في السر حتى ظهر لنا عيانا أنها تريد أن تستفيد من الوقت ريثما تستطيع ابرام الوصاية علينا، وآخر دليل على ذلك خطاب اللورد بلفور الأخير في مجلس جمعية الأمم وطلبه الاسراع في ابرام الوصاية على فلسطين في حين أن حكومته تفاوض وفدنا رسميا في تفسير وعده المشهور، ثم خطاب السيرهربرت صموئيل فى لندن وتصريحه أن اليهود يجب أن يصبحوا الاكثرية العظمى في فلسطين دون أن يكون التكذيب الذى أصدر لهذا القول سوى أداة لألاعيب السياسة.
وحيث إنه رغم عطف السواد الاعظم من الشعب الانجليزى على رغائبنا في بلادنا لا نزال نرى سياسة الحكومة الانجليزية مسيرة نحونا بآراء الصهيونيين.
وحيث أن السكوت عن الالحاح في طلب الاستقلال التام وسياسة الاخلاص التى سلكناها نحو بريطانيا العظمى قد جاءت بعكس ما كنا ننتظر منها فكان من نتيجتها أن ساسة الانجليز استهانوا بالشعب الفلسطينى وحاولوا ومازالوا يحاولون فرض شر نوع من أنواع الانتداب على البلاد وانه رغم ما أبداه الشعب الفلسطيني من التودد لانجلترا وما أثبته من حقوقه في بلاده تاريخيا وجغرافيا ودينيا الخ،
أصر ساسة الانجليز على وجوب تنفيذ وعد بلفور طبقا لرغائب الصهيونيين وكان من نتيجتها أيضا أنهم عينوا لفلسطين مندوبا ساميا صهيونيا مطلق الارادة والتصرف وألغوا القوانين السابقة التى كانت تقيد هجرة اليهود فاتحين أبواب البلاد للصهيونيين دون أى مراعاة لاى حق من حقوق الاهالى وفي الوقت نفسه أقاموا العثرات في سبيل من يرجع من أبناء فلسطين إلى وطنه وألقوا مقاليد الأمور في البلاد إلى الصهيونيين جاعلين منهم رءوساء الدوائر الكبيرة وجعل الموظفين يتصرفون بها بمطلق ارادتهم ومنحوا الصهيونين وحدهم امتيازات تضع في أيديهم وتحت رحمتهم موارد البلاد الاقتصادية وثروتها وجعلوا الضرائب على الأهالى أضعاف ما كانت عليه منفقين قسما وافرا منها على مشاريع أوجدوها خصيصا لتشغيل المهاجرين الصهيونيين. ووضعوا قوانين ضيقوا فيها الخناق على الحرية الشخصية ونزعوا الأراضى من أيدى الوطنيين لتسليمها لليهود الذين ظهر أخيرا طمعهم في الاستيلاء على الاماكن المقدسة. وفي كل ذلك لم يلتفت ساسة الانجليز إلا لتعزيز النفوذ الصهيوني وخنق الروح الوطنية في فلسطين ماديا وأدبيا وسياسيا.
وحيث أن السياسة الانجليزية لا تستطيع أن تنفذ بنا ما تريده الا باسم الانتداب وبواسطة الانتداب المنافى للحقوق المقدسة التى للأمم وسيادتها ووحدتها وحياتها أيضا.
وحيث أن الواجب يقضى على كل فلسطينى رجلا كان أو امرأة ولدا أو بنتا من الفقير إلى الغنى ومن الكبير إلى الصغير أن يبذل كل ما عز وهان في سبيل استقلال وطنه.
ولما كان ظاهرا من كل ما تقدم أن وعد بلفور والانتداب الانجليزى على فلسطين جزء لا يتجزأ ولا يمكن تنفيذ الأول الا بمساعدة الثانى، فاللجنة الفلسطينية بمصر ترى أن خير وسيلة لنجاة الأمة وانقاذها من المستعمرين والصهيونيبن حفظا لكيانها من الزوال هى معالجة القضية من أساسها والمداومة على السعى للتوصل إلى استقلال البلاد. ولذلك قررت:
أولا -
المجاهرة برفض كل انتداب مهما كان نوعه وشكله والسعى لتحقيق وحدة سورية واستقلالها استقلالا تاما بحكومة وطنية نيابية مسئولة لدى الشعب.
ثانيا -
ابلاغ هذا القرار إلى الوفد الفلسطينى في لندن. وإلى الجمعيات الوطنية في فلسطين وفي المهاجر وإلى جمعية الأمم وإلى رؤساء الحكومات الكبرى ونشره بأوسع طرق الانتشار.
سكرتير اللجنة
محمد على الطاهر
رئيس اللجنة
وهبة العبسى
* اللواء المصري - القاهرة 27 /6 /1922.
(*) من كتاب "وثائق القضية الفلسطينية" جامعة الدول العربية