احتجاج اللجنة التنفيذية العربية
على البيان التفسيري للكتاب الأبيض (*)
21 / 2 / 1931
اطلع مكتب اللجنة التنفيذية العربية على الكتاب الذي أرسله النبيل ج. ماكدونالد رئيس الوزارة البريطانية إلى الدكتور حاييم وايزمن رئيس الوكالة اليهودية والذي يتضمن نسخا تاما لجميع ما جاء في "الكتاب الأبيض" الصادر في أكتوبر 1930 في مسائل الأراضي والمهاجرة ويزيد عليه حقوقا سياسية واجتماعية جديدة لليهود لم تكن منحت لهم من قبل.
إن لجنتكم التنفيذية التي لم تكن راضية تماما عن كل ما جاء في "الكتاب الأبيض" المشار إليه لم تخدع حينئذ بوعود الحكومة البريطانية فيما يتعلق بمسائل الأراضي والمهاجرة إذ أنها كانت لخصت الكتاب المذكور في البيان الذي وضعته ردا عليه بالصورة الآتية:
ليس في "الكتاب الأبيض" من جديد في حقوق العرب السياسية وإن النصوص والمبادئ الواردة فيه عن حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية لا تضمن للعرب حقوقهم القومية ومصالحهم الاقتصادية. فالمهم ليس بالنصوص والمبادئ ولكن بتنفيذها".
وفي الحق أنه ما كاد يمر شهر واحد على هذا حتى حقق المستر ماكدونالد تنبؤ لجنتكم المشار إليها تماما.
إننا واثقون أن العرب وجميع العالم المتمدن في سائر البلاد ينظرون إلى هذه الوثيقة الجديدة كخرق جديد للعهود التي قطعتها الحكومة البريطانية باسم الشعب البريطاني للعرب ولعصبة الأمم نفسها. وتجاه هذه الكارثة الفظيعة فإن كلمتنا للأمة العربية هي أنه علينا معاشر العرب أن نقوي أواصر اتحادنا ونوحد صفوفنا ونعمل بكل ما أوتينا من قوة بجميع الوسائل المشروعة لدفع الأخطار العظيمة التي ينزلها بنا هذا الكتاب. وعلينا قبل كل شيء أن ننزع من مخيلتنا الاعتماد على الحكومة البريطانية في الدفاع عن كياننا القومي والاقتصادي إذ أن هذه الحكومة ضعيفة تجاه القوى اليهودية العالمية. فلندع إذن هذه الحكومة تتملق اليهود ما شاءت. ولنطلب النجدة من أنفسنا ومن العالم العربي والإسلامي لنتذرع بالوسائل الفعالة المشروعة التي توصلنا إلى حقوقنا المهضومة.
لا جرم أن الخصم شديد وعنيد وقوي ولكننا نحن معاشر العرب بالحق الصريح الذي لنا أكثر منه شدة وعنادا وأكبر قوة ومراسا. فهو يهاجمنا اليوم في عقر دارنا
بلا رحمة ولا شفقة ويضع يده على منابع الثروة في البلاد فيحرمنا من قسم كبير منها بصورة مخالفة لجميع الحقوق الإنسانية ومبادئ الحقوق العامة وإنه يعمل اليوم بقوة أكثر من ذي قبل للاستيلاء على ما بقي من منابع الثروة التي بأيدينا.
فعلينا نحن العرب أن نفهم جيدا الخطر المحدق بنا وأن نقوم بالواجب الذي يترتب علينا نحو هذا الوطن المقدس وأن نفهم العالم العربي والإسلامي والعالم المتمدن ما يرتكبه الصهيونيون في هذه البلاد من جرائم وحشية تحت حماية ورعاية الحكومة البريطانية.
ففلسطين عربية وستبقى عربية وليس لأية حكومة في العالم أن تتصرف بمقدراتها على الرغم من أهلها.
قسمت الدول الأوربية البلاد العربية إلى مناطق عديدة وطوقت أعناقها بسلاسل ثقيلة وقطعت لليهود في فلسطين عهد بلفور المشهور كأن فلسطين ملك من أملاكهم الخاصة. ولكن العالم العربي يقف اليوم في فلسطين وقفة الرجل الواحد الذي يدافع عن عرضه ودينه ووطنه ودينه.
إن وثيقة المستر مكدونالد الجديدة قد قضت على البقية الباقية من الحرمة الرفيعة التي كان يحملها العربي في نفسه للحكومة البريطانية فلقد رأى العربي أن هذه الحكومة لا تبالي بالمتناقضات من الأمور، ولا تستحي أن تقول عن الأسود أبيض ولا عن الأبيض أسود.
فبينما تقول جازمة أنه لا توجد أراض إضافية يمكن حشد اليهود فيها وإنه ليس من الجائز أن يفتح باب المهاجرة ليهود بولونية وروسية وفي البلاد عاطلون من العرب إذا بها تتراجع اليوم عن هذا القول بلا خجل وتسمح لليهود بشراء الأراضي القليلة الباقية بيد العرب وتفتح لهم باب المهاجرة على مصراعيه كما كان في السابق. وبينما تصرح بكون شراء الجمعيات الصهيونية أراضي العرب باسم جميع يهود العالم وحصر الأشغال بعمال اليهود دون العرب هي أعمال غير مشروعة ومخالفة للمادة السادسة من "صك الانتداب" إذا بها تقول اليوم بغير مشروعية هذه المبادئ الوحشية في حين أنها جعلت التحريض على مقاطعة العرب لليهود إثما يعاقب عليه جاعله في ذلك الغرم كل الغرم على العربي وحده والغنم كل الغنم لليهودي وحده، وهي مع ذلك مازالت تزعم أنها قابضة على قسطاس العدل بين الفريقين.
ومهما يكن من أمر الحكومة البريطانية وتقلبها الفظيع في سياستها العامة في فلسطين فعلينا نحن العرب أن ندافع عن حقوقنا المقدسة بكل ما أوتينا من قوة إيمان وثبات في الوطنية عظيم.
فيا أيها العرب من فلسطينيين وسوريين وعراقيين وغيرهم، إن الخصم يريد إرهاقنا بأنواع المظالم حتى يحرجنا فيخرجنا من ديارنا.
فيجب على كل عربي إلى أي قطر ينتمي وإلى أي عمل ينتسب أن يذكر فلسطين العربية وأن يعامل اليهود مثل ما يعاملون إخوانهم في فلسطين من ضروب المقاطعة والاضطهاد وأن يعمل بدون انقطاع للمحافظة على هذه البلاد المقدسة وعلى أهلها الذين يمتون إليهم بصلة الوطنية وأن لا يميل الكفاح حتى يقضي على السياسة الصهيونية قضاء مبرما ويعيد إلى فلسطين المقدسة عهد السلام الذي كانت تنعم فيه من قبل.
* الجامعة العربية - القدس - 22 /2 / 1931 ص 10.
بيان رئيس اللجنة التنفيذية
لمؤتمر الشباب العربي الفلسطيني
حول ضم شرقي الأردن إلى فلسطين
يافا - 8/4/1934 (*)
أيتها الأمة
بينما أنت تكافحين وتناضلين في سبيل حقك المشروع وحريتك السليبة.
وبينما القوى الاستعمارية والأخطار تهدد حياتك من كل جانب فتصدينها بإيمانك الراسخ وعقيدتك المتينة ابتغاء حفظ كيانك وتوصلا الى استقلالك.
إذا بنا نسمع بأن هناك مفاوضات تجرى ومحادثات تدور وخططا تدبر لضم شرقي الأردن إلى فلسطين الشهيدة.
وقد روع الشباب العربى في فلسطين كما روع العرب في كل مكان للإشاعة القائلة بأن هذا الانضمام - مبني على أساس الاعتراف بالوطن القومى في شرقى الأردن وبفتح أبوابه لسيول الصهيونية الفتاكة الجارفة وتسهل انتقال التراث العربي الثمين تراث العزة والكرامة المجبول بدم الشهداء الابرار والمجاهدين الأخيار الى أيدي الصهيونية الأغيار.
إن مثل هذه الشائعات التى تنتشر هنا وهناك والتى أمضت النفوس واقضت المضاجع لا معنى لها - إن صحت - الا القضاء المبرم على هذه الأمة التى كفاها ما حل بها الى الآن.
إن فلسطين الشهيدة لا - ترضى ولن ترضى بأن تكون سببا في شقاء قطر شقيق وفي القضاء عليه كما أننا واثقون بأن أمتنا الكريمة التى تجاهد في سببيل الهدف الاسمى والتى لم تعترف بأى وضع استعماري متنبهة لما يراد بها حذرة مما يدبر لها.
إن كل ما يقوم على غير رضى الأمة مصيره الانهيار. ولذلك نعلن للقائمين بمثل هذه التدابير التى تشاع عنها الشائعات الكثيرة في هذه الآونة الخطيرة بأن الأمة لا تعترف الا بما تقره هى فليحذر أي فرد من أبنائها أن يكون معولا هداما في بنائها فما الأمة الا بأبنائها وما الله بغافل.
رئيس اللجنة التنفيذية لمؤتمر الشباب العربي
محمد يعقوب الغصين
* الجامعة العربية - القدس - 10 / 4 / 1934 ص 7.
رد اللجنة العربية العليا على بيان الحكومة البريطانية
عن الخطة السياسية التي تنوى اتباعها في فلسطين (*)
11 / 9 / 1936
اطلعت اللجنة العربية العليا على البيان الذي أذاعته الحكومة البريطانية في مساء 7 الجاري عن الخطة السياسية التي تنوى اتباعها في فلسطين وبما ان كثيرا مما جاء في هذا البيان لا يوافق الواقع ترى اللجنة من واجبها أن ترد عليه كما يأتى:
ان القول بأن الاضراب العام قد أعلنته لجنة من زعماء العرب عقب الاضطراب الذي حصل في يافا في منتصف شهر ابريل الماضى لا يوافق الحقيقة لأن الشعب العربي لجأ لهذا الاضراب بوحى من نفسه احتجاجا على السياسة الخاطئة التي اتبعتها الحكومة البريطانية في فلسطين منذ بدء الاحتلال الى الآن. وأن اللجنة العربية العليا لم تتألف الا منذ بضعة أيام أى بعد أن شمل الاضراب جميع البلاد أما بدء الاضطراب فقد كان من قبل اليهود في تل أبيب لا في يافا كما أيد ذلك تماما وزير المستعمرات في مجلس العموم في بيانه بتاريخ 23 نيسان سنة 1936.
إن العرب في فلسطين الذين مازالوا يطلبون الاستقلال التام والوحدة العربيه وانهاء الانتداب أسوة بالعراق وسورية وسائر البلاد العربية المنسلخة عن تركيا ينكرون على الحكومة ادعاءها ان مطالبهم فيما يتعلق بالهجرة والأراضى والحكم. النيابي تتعارض مع صك الانتداب.
لقد ذكرت الحكومة البريطانية في بيانها المذكور أعمال القتل والتخريب التي قام بها العرب في الخمسة الاشهر الماضية والحقيقة التي لا مراء فيها ان السلطات البريطانية واليهودية تحمل أعظم المسئوليات في توسع حالات الاضطراب الحاضرة فقد قامت هذه السلطة منذ البدء خلافا لما جاء في البيان المذكور بأعمال شديدة ذهبت ضحيتها طائفة كبيرة من النساء والأولاد والرجال المسالمين كما ان اللجنة قد احتجت عليها مرارا ولقد لاقت القرى التي يذهب اليها الجنود بحجة تفتيشها أمورا اليمة جدا لأن ما كان يقوم به هؤلاء بحجة التفتيش في كثير من القرى هو تخريب قسم وافر من أثاث بيوتها، واتلاف مئونتها وفي بعض الأحيان دوس ما فيها من المصاحف الشريفة الأمر الذي كان يثير عواطف القوم الى أبعد حد كما ان أعمال نسف البلدة القديمة في يافا ونسف بعض البيوت في المدن والقرى قد أثار الشعور كثيرا . أما القول بأن الشعب العربي لم يقف موقفه الحاضر الا لما يقوم به أولئك المسئولون عن
دوام الاضطرابات من أعمال التخويف ضدهم فلا صحة له بالمرة ومما يناقض ادعاءهم هذا مناقضة تامة ما صرح به المستر أورمبسى غور وزير المستعمرات نفسه في مجلس العموم في 19 حزيران الماضى حيث قال:
"ان لأعمال التخويف نصيبا جزائيا جدا في الاضراب الذي تبين انه قائم على ارادة الشعب العربي بصورة واسعة".
ولقد بحث البيان مطولا عن تصميم الحكومة البريطانية على ارسال لجنة ملكية لفلسطين لبحث الحالة الراهنة فيها شأنها في ذلك عقب كل اضطراب يقع. ان عدم اكتفاء عرب فلسطين بتعيين اللجنة الملكية كداع لحل الاضراب وطلبهم تغيير السياسة تغيرا أساسيا تظهر بوادره في ايقاف الهجرة فذلك لأنهم خبروا كثيرا هذه اللجان التي كانت تشغل نفسها وتشغل البلاد مدة طويلة دون ما جدوى اذ أن جميع التقادير التي وضعتها فيما سبق قد أهملتها الحكومة البريطانية ولم تنفذ شيئا جاء فيها في مصلحة العرب مما دعا الى ضياع ثقة هؤلاء بجني أية فائدة منها.
وأغرب ما جاء في البيان هو اسناد وساطة ملوك العرب وأمرائهم لزعماء عرب فلسطين ان اللجنة ترد هذا الادعاء بكل ما لديها من قوة وتحتج عليه بكل شدة وهي تعلن بهذه المناسبة ان الشعب العربي ولجنته العليا في فلسطين كانوا ولا يزالون يرحبون بوساطة ملوك العرب وأمرائهم وقد قبلوها بكل ارتياح وشكر ولا يزالون مستعدين لتنفيذ هذه الوساطة بكل اخلاص.
ان العرب معروفون باجلالهم وانصياعهم لملوكهم ولا يعقل ان الشعب العربي في فلسطين يشذ عن تقاليد الحرب في هذا الشأن. وتستغرب اللجنة كل الاستغراب قول الحكومة في بيانها الأخير من أن المحادثات المطولة التي جرت بين فخامة نورى باشا السعيد وزير خارجية العراق وزعماء العرب في فلسطين لم تؤد الى نتيجة مرضية بداعي ان الزعماء العرب اصدروا في اليوم الحادى والثلاثين من شهر آب بيانا صرحوا فيه عداوتهم. فاللجنة العربية العليا ترد هذا الادعاء بكل قوة وتعلن أنها قبلت بالاجماع هذه الوساطة بكل ارتياح واطمئنان. وبعد أن قبل عرب فلسطين الوساطة المذكورة غادر فخامة نورى باشا البلاد للقيام بالمخابرات اللازمة بهذا الشأن. وقد فسرت الحكومة طلب اللجنة الى الأهالي الاستمرار في الاضراب حتى تتم المفاوضة بأن ذلك يدل على رغبة اللجنة باحباط المفاوضة مع ان الظاهر الصريح في البيان هو أن اللجنة طلبت الاستمرار على الاضراب بينما تقر المراجع الأخرى هذه الوساطة التي أقرتها اللجنة. وقد فوجئت اللجنة بما جاء فى بيان الحكومة عن هذه الوساطة مما يدل على تصلبها في التحيز لليهود، واللجنة لا تزال تعتقد ان هذه الوساطة التي وافقت عليها بالاجماع كانت هي الطريقة المثلى لحل هذه المشكلة حلا آنيا يكون فاتحة عهد جديد يمكن الحكومة من اثبات حسن نواياها نحو الشعب العربي في فلسطين ويعيد السلام والطمأنينة لهذه البلاد المقدسة.
رئيس اللجنة العربية العليا
محمد أمين الحسيني
* خضر العلى محفوظ. تحت راية القاوقجى. دمشق. مطبعة بابيل 1938 - ص 73 -76.
بيان حول تأليف اللجنة العربية العليا
القدس - 25/4/1936(*)
ان الأمم المتطلعة الى الحياة والراغبة في توطيد مصيرها، هي التي لا تعرف الاختلاف في ساعة الخطر والتي تتجه دائما الى المثل العليا نابذة الفوارق الجزئية بين الجماعات والأفراد ونازعة الى مجابهة الأخطار المحدقة بها بصفوف متراصة وجبهة متحدة. ولم يمر على هذه البلاد المقدسة ظرف برزت فيه ارادة الأمة بتقديس الاتحاد وتقدير فوائده مثل هذا الظرف الذي بدا فيه ناب المطامع لانتزاع هذه الديار من بنيها وتعفية آثارهم فيها.
فأمام هذا الشعور العام بالخطر قد ألهم الله الأمة النبيلة العزيمة الصادقة على وجوب التضامن والاتحاد ونزع الفوارق والأحقاد، والاتجاه قدما نحو تعزيز حركة الجهاد الوطني المقدس بجبهة لا وهن فيها ولا صدع. فتألفت لجنة باسم اللجنة العربية العليا من السادة.
الحاج أمين الحسيني . أحمد حلمي عبد الباقي . الدكتور حسين الخالدي . يعقوب فراج . الفرد روك . عونى عبد الهادي . عبد اللطيف صلاح . الحاج يعقوب الغصين . جمال الحسيني .
وقد انتخبت هذه اللجنة السيد أمين الحسيني رئيسا . والسيد أحمد حلمي عبد الباقي أمينا للمال . والسيد عوني عبد الهادي أمينا للسر .
* عيسى السفرى. فلسطين العربية بين الانتداب والصهيونية . يافا . فلسطين الجديدة 1937 ص 25 - 27.