هذه الفتوى ( التطهير ) تخص الاسهم المختلطة بمعنى شركات نشاطها ليس فيه حرمة الا ان لديها قروض ربوية
ولا يجوز شرعا بأي حال من الاحوال الاتجار بالاسهم المحرمة ( التي يرتكز نشاطها على الحرام ) .
تاريخ النشر هــ17/6/1430
الجبير : عوائد و أرباح أسهم الشركات المختلطة يجب تطهيرها .
المري : حكم تطهير الأسهم مع الاستمرار في ملكيتها يرجع إلى نوع الشركة .
المزيني : مصارف الأموال محل التطهير تكون في جهات الخير وسبل النفع العام.
في جهات الخير وسبل النفع العام. معاوية كنه من الرياض
اختتمت أمس الثلاثاء 16 – 6- 1430 هـ الموافق 9 – 6 – 2009 هـ فعاليات ندوة التخلص والتطهير في الأسهم والوحدات الاستثمارية التي نظمتها الهيئة بالتعاون مع موقع الفقه حيث بحث جمع من العلماء والفقهاء والمتخصصين عددا من القضايا والمحاور المتصلة بعمليات التخلص والتطهير في الأسهم والوحدات الاستثمارية، أبرزها تطهير الكسب الحرام وقاعدة التطهير المالي في مجال الأسهم وبعض مسائل تطهير الأسهم والوحدات الاستثمارية.
وفي مستهل الندوة التي أدارها فضيلة الدكتور عبد الرحمن بن صالح الأطرم الأمين العام للهيئة تناول الدكتور هاني بن عبد الله بن محمد الجبير القاضي بالمحكمة العامة بمكة المكرمة في بحثه "تطهير الكسب الحرام في الأسهم والصناديق الاستثماريّة" أنواع الشركات وأحكامها وقال : إن الشركات المساهمة تنقسم بالنظر لأعمالها إلى شركات مباحة تعمل في الأنشطة المباحة ولا تستثمر في محرم، وشركات ذوات أعمال محرمة كالبنوك الربويّة، وشركات صناعة الخمور. وشركات ذوات أعمال مشروعة أنشئت لأجلها، إلا أنها تتعامل بالحرام أحياناً، كأخذ فوائد محرمة مثلاً.
طرفا النقيض
حيث بين أن لا إشكال في النوع الأول، أما النوع الثاني فقد قررت المجامع الفقهية أنّه: (لا خلاف في حرمة الإسهام في شركات غرضها الأساسي محرم كالتعامل بالربا أو إنتاج محرمات أو متاجرة بها). والسبب في هذا – كما قال - أنّ الشريك موكل للعامل في المال، ولا يجوز للإنسان أن يوكل شخصاً أن يجرى له عقداً محرماً ، وأضاف " وتملك أسهم هذه الشركات قد يكون بالاكتتاب فيها أو أن تدخل عليه بعد إنشائها بطريق الشراء أو الإرث ، والدخل المحرم قد يكون ربحاً توزعه الشركة أو قيمة السهم؛ إذا بيع؛ والذي قد يحقق ربحاً على قيمة شرائه".
وفيما يخص تطهير المتحصل من أسهم الشركات المحرّمة فقد قام الجبير بتقسيمها إلى قسمين:
الأول أن يكون مالك السهم قد اكتتب في الشركة ابتداءً، أو اشترى أسهمها، سواء كان عالماً بمعاملاتها ونوع نشاطها، أو غير عالم بذلك - وكان تملكه لغرض الاستثمار ـ .
الثاني أن يكون مالك السهم قد تملك السهم لغرض المضاربة (المتاجرة) بالسهم معتمداً على فرق السعر بين شرائه وبيعه.
وقال الجبير : إن المستثمر - وهو صاحب الحالة الأولى مما سبق- إن كانت الأسهم محرمة لوجود الربا - والعقود المحرمة الأخرى- في نشاط الشركة فإن عليه عند تحصيله للأرباح أن يخرج منها ما تحصّل من ربح نتيجة العمل في الربا. وتبقى باقي الإرباح مباحاً له إن وجد-
وإن كانت الأسهم محرمة لوجود تعاملات محرمة تتضمن بيعاً لمحرمات كالخمور مثلاً، فإنّ الظاهر تحريم كامل ما يقابل التعامل المحرم برأس ماله وربحه بحسب نسبته في السهم، وعليه أن يتخلّص منه، ويبقى الربح الناتج عن غير ذلك له مباحاً-إن وجد-
ومن دخل في تملك هذه الأسهم المحرمة عالماً بحقيقتها فإنه آثم بدخوله فيما يعلم كونه محظوراً، ومن دخل فيها غير عالم بذلك كمن ورثها فلا إثم عليه. وأما المتاجرة فيها فقد تنوعت آراء الفقهاء في حكم عائد السهم وهو: قيمته، فقد قال بعض الباحثين:
إنه قد باع حراماً فعليه أن يخرج كامل القيمة التي حَصّلها، لكون الاكتتاب والإسهام في هذه الشركات محرم، وما حرم شراؤه حرم بيعه، ومتى باع المسلم حراماً فعليه التخلّص من ثمنه.
وأفتت اللجنة الدائمة للإفتاء بأن من ساهم في شركات تتعامل بالربا، وأراد التخلص من الربا؛ فإنه يبيع أسهمه بما تساوي في السوق ويأخذ رأس ماله الأصلي فقط، ولا يحل له أن يأخذ شيئاً من فوائد أسهمه أو أرباحها الربويّة .
وهذه الفتوى وجيهةٌ فللمضارب نسبة غير المحرم من قيمة السهم كاملاً في غير العقود الربويّة، ونسبة الربح فقط في الربا. والظاهر عندي أنه لا يلزم في بيع السهم تطهير.
أما فيما يخص التعامل بأسهم الشركات المختلطة وكيفيّة تطهير المتحصل منها فقد بين الجبير إن هذه الشركات هي الشركات التي تأسست أصلاً للاستثمار في أغراض مباحة، وأنشطة جائزة، إلا أنها تتعامل بالحرام أحياناً كأخذ الفوائد الربويّة، أو الافتراض بالفوائد الربويّة، ونحو ذلك وقد اختلف المعاصرون في جواز الاشتراك فيها على قولين، قول يحرم المشاركة فيها، وقول يبيح الاشتراك مع اشتراط تطهير الأرباح مما اختلط بها من الحرام.
وأضاف الجبير : أن عوائد و أرباح أسهم الشركات المختلطة لا بد من تطهيرها؛ لأن جزءاً من العائد حصل بسبب العمل المحرم أو الاستثمار المحرم، إن كانت العوائد نقودا فإن كانت العوائد (الأرباح) منح أسهم فلا يلزم تظهيرها لأنهم يشملها ما ذكر سابقا من أن تغير سبب الملك يقوم مقام تغير العين ، وكيفية ذلك محله المبحث الثالث.
وأمّا قيمة الأسهم فلا تحتاج لتطهير، لأنّ البائع أمّا قد اشترى حلالاً وحراماً لا لعينه بل لكسبه، فصار حلالاً بالنسبة له؛ لكونه دخل عليه بطريق مباح أو اكتتب بمال مباح وأما ما في الشركة من أموال أو تعاملات محرمة فيتحمل مسئوليتها المتصرّف وعليه الضمان.
ولأنه باع حلالاً بالعقد وهو حق الاشتراك اختلط معه حرام صار حلالا بتغير سبب الملك أو لا يزال حراما لكنه غير مقصود بالعقد فيثبت تبعًا.
تطهير المختلطة
وفي المبحث الثالث تناول الدكتور هاني الجبير كيفية التطهير والية التطهير وقال : إن الإيراد الناتج عن ممارسة نشاط محرم كبيع الخمور، والأفلام والصور الفاسدة والغناء المحرم، أو الاستثمار في القمار وأمثال ذلك مما يتضمن بيعاً لمحرم العين أو استثماراً فيما لا يحل بدون رأس مال مباح أصلاً فإنّه يتخلص من نسبة قيمة الاستثمار كاملاً (رأس ماله وربحه, وإذا لم يتمكّن من معرفة مقدار الإيرادات الناتجة عن الاستثمارات المحرمة وهنا عليه أن يجتهد ويتحرى لمعرفة ذلك ويخرج ما يغلب على ظنه أنه مقدار ما يجب إخراجه.
الضوابط الشرعية في تطهير الكسب الحرام
وفي جانب آخر تعرض الباحث فيصل بن سلطان المري في بحثه إلى الضوابط الشرعية في تطهير الكسب الحرام في الأسهم والصناديق الاستثمارية , وقال: إن طيب الكسب وطلب الحلال وتحريه من آكد ما يجب على أهل الإيمان ، ولما كان فشو المكاسب المحرمة من سمات هذا العصر ، وكثرت مشاركة الناس في الشركات المساهمة وصناديق الاستثمار ، وهذه الشركات والصناديق ينطوي الكثير منها على المكاسب المحرمة احتاج الناس إلى بيان الضوابط الشرعية لتطهير الأسهم والصناديق الاستثمارية من الكسب الحرام .
ومع الإقبال الشديد على الأسهم والصناديق الاستثمارية فإن الناس ينقسمون حيال ذلك إلى قسمين : قسم يبحث عن الحلال ، ويتحرّاه ، ويسأل عن أحكام هذه الأسهم والصناديق الاستثمارية ، ويبحث عن كيفية تطهير ماله إذا علق به شيء من الحرام .
وقسم آخر لا يعنيه الأمر من قريبٍ ولا من بعيد ، فهو يتعامل بشتى صنوف المعاملات دون ضابطٍ من كتابٍ ولا سنة .
واختتم المري بحثه بعدد من النتائج أبرزها أن الكسب الحرام هو : كل مالٍ تحصّل أو اجتمع من طريقٍ ممنوعٍ شرعاً ، وأن الحرمة في الكسب قد تكون بورود النص الصحيح الصريح من الكتاب والسنة بتحريمه ، أو بدلالة الإجماع على حرمته ، أو بدلالة القواعد العامة للشريعة على تحريمه قياساً على ما حُرِّم بالنصوص ، أو الإجماع ، أو الأدلة المُعتَبَرة .
كما بين أن المقصود بتطهير الأسهم : هو تنقيتها مما علق بها من كسبٍ حرام ، وأن حكم تطهير الأسهم مع الاستمرار في ملكيتها يرجع إلى نوعي أسهم الشركات المحرّمة والمختلطة.
مصارف الأموال محل التطهير
وفي السياق نفسه عرض الدكتور خالد بن عبد الله المزيني "أستاذ الفقه المساعد جامعة الملك فهد للبترول والمعادن" بحثه عن: " قاعدة التطهير المالي في مجال الأسهم " والذي جاء في فصلين الأول عن قاعدة التطهير المالي في المجال الفقهي ، والثاني عن قاعدة التطهير المالي في مجال الأسهم.
وقال المزيني " إنني أطمح في هذه الدراسة إلى تحرير قاعدة التطهير المالي في الشريعة، من خلال تطبيقها على القضايا المتعلقة بالمال الحرام في مجال أسهم الشركات المساهمة، والغرض منها لم شتات هذه القاعدة، والسعي في ضبط القول فيها، وبيان مواردها، وتحديد نطاقها، وتنزيل هذه الأحكام على أسهم الشركات المساهمة، على ما تقتضيه الصناعة الفقهية، فهذه معالجات تتعلق بمرتبة الفتوى، وهي أدنى درجات التدين، وإلا فإن للتقوى والورع نظراً أفسح، ومسرحاً أفيح، غير أن عامة المكلفين لا يسع الفقيه أن يأخذهم بقاعدة الورع، التي هي بالخاصة أليق.
والأصل في الفقه أن يرسم الضوابط، ليقوم المكلف بعد ذلك بتنزيلها على ما يخصه من معاملات، فيكون " كلُّ أحدٍ فقيهَ نفسِه "، كما يعبر الشاطبي.
هذا وقد خلص المزيني في بحثه إلى عدد من النتائج أبرزها ذكره للأحوال التي يلزم فيها التطهير والتي لخصها في النقاط التالية حال إقراض الشركة بالربا.استثمار الشركة في شركات مختلطة.
أما الأحوال التي لا يلزم فيها التطهير فهي حال اقتراض الشركة بالربا. حال المتاجر بالأسهم (المضارب). شركات الوساطة المالية. الحاصل على تمويل الاكتتاب. الوارث لأرباح الأسهم المحرمة.
تباين الآراء
هذا وقد أثريت الندوة بعدد من المداخلات أبرزها مداخلة الدكتور قيس آل مبارك "عضو هيئة كبار العلماء" الذي نادي بضرورة الرجوع في مثل هذه المسائل إلى كتب أهل العلم المليئة بالبيان والإيضاح لكثير من المسائل المعاصرة على حد قوله .
أما الدكتور عبد الله السعيدي "عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود " فقد قال في مداخلته: لا يزال عجبي من أقوام يبيحون تملك الأسهم مع إيجاب التطهير , وهل هذا إلا تناقض؟.
وذهب الدكتور صالح الفوزان "عضو هيئة التدريس في كلية المعلمين" بأن هناك ممارسات في الأسواق المالية من النجش والاحتكار والغش تحدث من خلال ما يسمى بـ"القرويات" ولم نسمع من الفقهاء القول بوجوب التطهير وكيف يكون؟ وأضاف قائلا: إن ما يسمى بالشركات النقية تزاول أعمالا محرمة وصدرت فيها قرارات مجمعية كالتورق المنظم والتأمين التجاري , فهل مازالت هذه الشركات نقية ولا يجب فيها التطهير؟ وقال الدكتور عبد الله العمراني آمل أن يركز النقاش في الندوة عن كيفية التخلص عندما تقترض الشركة بالربا , فإن الباحثين في الندوة اختلفوا فيها .
أما الدكتور عبد الله العمراني عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود فقد نادي بضرورة تحرير المسألة المتعلقة بالفرق بين المضارب والمستثمر في وجوب التخلص , خاصة في ظل حصول بعض المضاربين على أرباح كثيرة بسبب أعمال محرمة .