موقف قوى المحور
Deployment of forces on the eve of battleالموقف العام
واجهت “روميل” مشكلة أساسية قبل معركة العلمين، هي مشكلة تعزيز قواته، إذ كان الأمر يتطلب الإمداد بأسلحة ومعدات، ومواد إعاشة بكميـات كبيرة عبر البحر الأبيض المتوسط، حتى موانئ شمال أفريقيا (طرابلس، بني غازي، طبرق)، ثم نقل هذه الإمدادات إلى المنطقة الأمامية لقواته في العلمين. للاحتفاظ بخط مواصلات بحري وبري على درجة عالية من الكفاءة. لكنه فشل في تحقيق هذين المطلبين، لتعرض قوافله البحرية لهجمات جوية وبحرية، حتى بلغ مجموع خسائر المحور، في السفن، خلال شهري أغسطس، وسبتمبر، والنصف الأول من أكتوبر 1942، قرابة 20 سفينة، محملة بالأسلحة والمعدات، والمؤن للجيش الأول بانزر الألماني، في شمال أفريقيا.
بناءً على ذلك، طلب "روميل" من القيادة العليا الإيطالية تخصيص عدد أكبر من السفن، حتى يضمن وصول الاحتياجات اللازمة لقواته. كما طلب من القيادة الألمانية المسئولة عن حوض البحر الأبيض المتوسط، وهي قيادة القطاع الجنوبي، التي يرأسها الفيلد مارشال "كيسلرنج"، إمداده ببعض القوات الإضافية، التي قدّرها بفرقة مشاة ألمانية، على الأقل، وعدد من المدافع المضادة للدبابات، وبعض العربات، إلاّ أن تطور المعارك لمصلحة الروس في الميدان الروسي جعل من المتعذر تحقيق هذه المطالب. ومع ذلك، أرسلت القيادة العليا الإيطالية، إلى منطقة طرابلس، بعض الإمدادات من القوات الإيطالية غير مستكملة التسليح أو التدريب، وكان من المتعذر الاستفادة منها في القتال نظراً لضعفها.
ونظراً لأن الإمدادات، كانت تنهال في ذلك الوقت على الجانب البريطاني، بشكل لم يسبق له مثيل، فقد شعر “روميل” بأنه على وشك التعرض لكارثة كبرى ما لم تتخذ إجراءات عاجلة، لتعزيز قواته، وإمـدادها بالاحتياجات الضرورية. وقد انتهز فرصة سفره إلى ألمانيا يوم 19 سبتمبر 1942، للعلاج من حالة المرض، التي كان يشكو منها، لعرض موقفه على هتلر شخصياً، وأوضح له، أن أقل ما يلزم من الاحتياجات لمواجهة أي هجوم يقوم به البريطانيون في منطقة العلمين هو: (احتياجات ثمانية أيام من الذخيرة، ووقود يكفي لمسافة 2000 كم لكل عربة، وتعيينات تكفي لمدة 30 يوماً). وكان مجموع حمولة هذه الاحتياجات حوالي 75 ألف طن. كما أبرز أهمية إمداده بالطلبات التي طلبها من قبل، (فرقة مشاة وبعض الأسلحة والعربات)، وتعزيز قواته الجوية، حتى يتمكن من استعادة التفوق الجوي من البريطانيين، إذ أن بقاء هذا التفوق لدى الجانب الآخر، سيؤدي إلى استمرارهم في إنزال الخسائر الفادحة، بخطوط مواصلاته، وقواعده الإدارية. وقد وعـده "هتلر"، بإمداده بكل ما يلزمه، مضافاً إليه لواء صواريخ (حوالي 500 قاذف صاروخي)، و40 مدفع ثقيل مضاد للدبابات ذاتي الحركة، وعدد مناسب من الدبابات من نوع "النمر" الثقيلة، التي ابتكرها الألمان، في ذلك الوقت.
أما فيما يتعلق بتحسين خط المواصلات البري وتأمينه، فقد طلب اتخاذ بعض التدابير، وأهمها ما يلي:
أ. تعزيز خطوط السكك الحديدية، خلف جبهة القتال، إذ لم يكن هناك سوى وصلتين قصيرتين لهذا الخط على خط مواصلاته، إحداهما قرب بني غازي، والأخرى قرب طرابلس، وكان من الضروري مد السكك الحديدية بحيث تصل ما بين هذين الميناءين والحدود المصرية.
ب. تحسين الطرق البرية.
ج. تأمين خط المواصلات، ما بين بني غازي، ومنطقة العلمين، من الغارات العنيفة التي كانت تشنها "مجموعة الصحراء بعيدة المدى"، التي اتخذت من واحة الكفرة، الواقعة عند الركن الجنوبي الغربي من حدود مصر، قاعدة لعملياتها.
هذه هي المطالب التي طلبها "روميل"، من القيادتين الألمانية والإيطالية، ووعدته القيادتان بتنفيذها في أسرع وقت، ولكن هذه الوعود لم تنفذ على الإطلاق، بينما كان يتوقف على تنفيذها تقرير نتيجة قتاله في العلمين، ولذلك ازدادت مشاكل روميل، وتضاعف التفوق البريطاني.
ونتيجة للزيادة المضطردة، في خسائر سفن المحور، التي كانت تزداد يوماً بعد يوم، اضطرت قيادة قوات المحور في نهاية الأمر، لاستخدام الطائرات لنقل الوقود إلى شمال أفريقيا، ولم يكن في مقدرتها نقل أكثر من 40 إلى 80 طناً في اليوم، مع تعذر النقل تماماً في الأيام العاصفة. وقد عمد المحور إلى استبدال السفن الكبيرة بأخرى صغيرة حتى تقل الخسائر الناجمة عن فقد أي منها، واستخدم بدءاً من خريف عام 1942، نوعاً أُطلق عليه "حاملات الحرب"، لا تزيد حمولة السفينة عـن 450 طناً، ورغم كل هذا، فقد استمرت نسبة الخسائر كما هي، ولم يتمكن سوى عدد محدود من تلك السفن، من دخول موانئ شمال أفريقيا.
وترتب على هذا، في نهاية الأمر، كسب البريطانيين لسباق التموين، بالقوات، والأسلحة، والمعدات، ومواد الإعاشة، وبالتالي تقرر مصير معركة العلمين قبل بدئها، بسبب فشل القيادتين الألمانية والإيطالية، في إمداد قواتهما في شمال أفريقيا باحتياجاتهما الضرورية.
2. تكوين قوات المحور، وتنظيمها، وتشكيلها (اُنظر خريطة أوضاع قوات الجانبين)
كانت قوات المحور، مكونة من الجيش الأول البانزر (الألماني ـ الإيطالي) الذي يضم أربعة فيالق، كالآتي:
أ. فيلق أفريقيا الألماني، ويتكون من:
الفرقة 15 البانزر، والفرقة 21 البانزر، والفرقة 90 المشاة الخفيفة الراكبة، والفرقة 164 المشاة.
ب. الفيلق 10 الإيطالي، ويتكون من:
الفرقة 27 المشاة (بريسيكا)، والفرقة 7 المشاة (بافيا)، وفرقة فولجوري من جنود المظلات.
ج. الفيلق 20 الإيطالي، ويتكون من:
الفرقة 132 المدرعة (آريتي)، وفرقة ليتوريو المدرعة، والفرقة 101 المشاة الراكبة تريستي). وقد تم تشكيل هذا الفيلق على غرار فيلق أفريقيا الألماني.
د. الفيلق 21 الإيطالي، ويتكون من:
الفرقة 102 المشاة (ترينتو)، والفرقة 25 المشاة (بولونا).
وبذلك يكون مجموع قوات المحور خمس فرق مشاة (أربع إيطالية، وواحدة ألمانية) و فرقتين مشاة راكبة (واحدة ألمانية، وواحدة إيطالية)، وفرقة إيطالية من جنود المظلات، و أربع فرق مدرعة (منها فرقتان إيطاليتان، و فرقتان ألمانيتان). ويلاحظ هنا أنه على الرغم من كثرة عدد فرق المحور، إلاّ أنها كانت أقل عدداً، في الأفراد، والمعدات، من فرق الحلفاء، نظراً لاختلاف التنظيم عند كلا الطرفين، وكان مجموع قوات المحور بصفة عامة عند بدء معركة العلمين حوالي 90 ألف جندي، و560 دبابة، و400 مدفع ميدان، و900 مدفع مضاد للدبابات، و600 طائرة.
ولعل أبرز أوجه المقارنة بين قوات الطرفين، هو ذلك الفارق الشاسع، في القوة المدرعة لدى كليهما، فقد كان لدى البريطانيين حوالي 400 دبابة، من حوالي 1000 دبابة، مسلحة بمدافع عيار 75 مم من نوعي "شيرمان" و"جرانت"، بينما لم يكن لدى المحور سوى 38 دبابة ألمانية من نوع "مارك ـ 4"، المسلحة بهذا المدفع، وكانت باقي دباباته عبارة عن 170 دبابة ألمانية من نوع "مارك ـ 3" المسلحة بمدافع عيار 50 مم،وعدد 300 دبابة إيطالية، أضعف منها في التسليح، وحوالي 50 دبابة خفيفة.وعلى الرغم من ذلك،كانت نسبة التفوق الكيفي الحقيقي، لصالح المدرعات البريطانية، بنسبة 5.5 : 1.
خطة المعركة الدفاعية
أ. تقدير موقف "روميل" للدفاع عن منطقة العلمين
اتخذ روميل، قرار الدفاع في معركة العلمين، نتيجة تقديره للموقف، كأي قائد مقبل على معركة، فعلى الـرغم من تفوق القوات الألمانية، في القيادة، وفي التدريب، على القوات البريطانية، إلاّ أن هناك بعض الاعتبارات المهمة التي أخذها “روميل” في الحسبان قبيل معركة العلمين وهي:
(1) التفوق الساحق، كماً وكيفاً، لدى البريطانيين، خاصة في المدرعات.
(2) تفوق الدبابات البريطانية على دباباته، من حيث قوة التدريع، على الرغم من تساويهما في خفة الحركة والقدرة على المناورة، كما أن دروع دباباته، لا يمكنها مواجهة الخطر الجديد، الناشئ من استخدام البريطانيين للطائرات المقاتلة، المسلحة بمدافع عيار 40 مم المضادة للدروع.
(3) أغلب قوات المشاة الإيطالية التي لديه، لا توجد لديها حملات آلية.
(4) موقفه الإداري الصعب، وخاصة الإمداد بالوقود، لا يسمح له بخوض أية معركة متحركة كبرى بالدبابات.
لهذه الأسباب، وجد "روميل"، أنه لا بد من قبول معركة دفاعية ثابتة، في منطقة العلمين، بدلاً من العمليات المتحركة التي تعتمد أساساً على المناورة وخفة الحركة، التي اعتاد أن يتبعها بنجاح ضد البريطانيين.
وقد قدّر “روميل” أن البريطانيين، سيضطرون إلى إتباع خطة خاصة، في هجومهم المقبل، نظراً لما تمليه طبيعة الأرض، إذ سيضطرون إلى القيام بهجوم بالمواجهة بقوات المشاة، لفتح ثغرات في مواقعه الدفاعية، حتى تتمكن مدرعاتهم، من الانطلاق في عمق دفاعاته، نحو المناطق الخلفية لتطويقه، و قطع خط انسحاب قواته.
ولما كانت مدرعات "روميل"، لا تكفي لمواجهة مدرعات البريطانيين ـ إذا نجحت الأخيرة في الانطلاق ـ فقد قرر "روميل" مراعاة الاعتبارات التالية، في خطته الدفاعية:
(1) منع البريطانيين من اختراق مواقعه الدفاعية، بأية ثمن مع تكبيدهم أكبر قدر من الخسائر، حتى يضطروا إلى التخلي عن الهجوم.
(2) صد القوات البريطانية المهاجمة، ومنعها من اختراق الدفاعات، لآخر طلقة، ولآخر رجل، لتكبيد البريطانيين أكبر قدر من الخسائر.
(3) القيام بهجمات مضادة سريعة، وقوية، ضد أي قوات بريطانية، قد تنجح في اختراق أي جزء من دفاعاته، لمنعها من تطوير الاختراق في مواقعه وتعميقه.
ب. تنظيم دفاعات قوات المحور
لقد كانت الاعتبارات السابقة، عاملاً أساسياً ، بنى عليه "روميل"، طريقة تنظيم دفاعاته في منطقة العلمين، لمواجهة الهجوم البريطاني المنتظر، ولذا قرر تنظيم دفاعاته كالآتي:
(1) إنشاء حقل ألغام كثيف، أمام الخط الدفاعي، يتراوح عمقه بين 1 إلى 2 كم، وخُصصت بعض النقط الدفاعية، خفيفة الحركة، لستره بنيران المدفعية المضادة للدبابات والرشاشات.
(2) إنشاء مواقع دفاعية متماسكة، خلف حقل الألغام، كل موقع يتكون من عدة خطوط دفاعية، وقد روعي في اختيار المواقع الدفاعية، تبادل المعاونة بالنيران والقـوات، فيما بينها، وتحقيق دفاع دائري، عن كل مجموعة منها، حتى يمكنها تعطيل القـوات البريطانية المهاجمة، لأطول مدة ممكنة، لإعطاء الوقت الكافي، لوصول القوات المدرعة والآلية للقيام بالهجوم المضاد.
(3) اختار "روميل" مواقعه الدفاعية، حسب ما أتاحته له طبيعة الأرض، كما يلي:
(أ) الخط الدفاعي الأول
يمتد من شاطئ البحر، عند نقطة شرق سيدي عبدالرحمن، بحوالي 6 كم، إلى منخفض القطارة، غرب قارة الحميمات بحوالي 5 كم.
(ب) الخط الدفاعي الثاني
يمتد خلف الخط الأول، من البحر شمالاً، إلى دير المناصيب (خارج) جنوباً.
(ج) الخط الدفاعي الثالث
يمتد خلف الخط الثاني، من شاطئ البحر شمالاً إلى مسافة 7 كم، جنوب سيدي عبدالرحمن.
(4) على الرغم من أن عمق هذا الخط الدفاعي كان يتراوح بين 2 إلى 3 كم، فقد أنشأ خطين دفاعيين آخرين في القطاع الشمالي، لزيادة عمق الدفاع هناك، وكان كل خط مكوناً من حقل من الألغام، يليه مجموعة من المواقع الدفاعية في الخط الثاني، وبعض المواقع المجهزة للمدافع المضادة للدبابات، والدبابات في الخط الثالث، وقد أصبح عمق الخط الدفاعي، في القطاع الشمالي بذلك، يراوح بين 5 إلى 9 كم.
(5) استخدم في إنشاء حقول الألغام، حوالي نصف مليون لغم، ودعمها، بعشرات الآلاف من القنابل البريطانية، التي سبق له الاستيلاء عليها، في معاركه السابقة، وجهزها بأسلاك إعصار، متصلة بمفجرات، لتفجيرها عندما تقترب منها القوات المهاجمة، كشراك خداعية، لعدم توفر العدد الكافي من الألغام المضادة للأفراد، لجميع حقول الألغام، كما أنه لم يتيسر له، تغطية جميع هذه الحقول، بنيران الأسلحة المضادة للدبابات، والرشاشات، نظرا لعدم كفاية الموجود منها.
(6) وزع "روميل"، بعض كتائب المظلات الألمانية، فيما بين فرق المشاة الإيطالية، الموجودة في المواقع الدفاعية، نظراً لضعف مستوى تدريب القوات الإيطالية، وعدم توفر الرغبة القوية لديها في القتال، وذلك رفعاً لروحها المعنوية، وتقوية لعزمها في القتال.
(7) اضطر “روميل” إلى توزيع قواته الاحتياطية، المكلفة بأعمال الهجوم المضاد، إلى قسمين، أحدهما لمعاونة القطاع الشمالي، والآخر لمعاونة القطاع الجنوبي. لأنه لم يكن متأكداً، من اتجاه الهجوم الرئيسي البريطاني قبل وقوعه، نظراً لوجود القوة الضاربة البريطانية (الفيلق 10) على مسافة 50 كم خلف الخط الدفاعي البريطاني. وقد شكّل "روميل"، قواته الاحتياطية، من الفرق المدرعة، الألمانية والإيطالية.
( نظراً لاحتمال قيام البريطانيين، بعملية إبرار بحري، خلف مواقع المحور الدفاعية، فقد خصص "روميل"، بعض القوات، لمراقبة الساحل، مع تكليف تلك القوات، في الوقت نفسه، بالانضمام إلى القوات الاحتياطية، خلف المواقع الدفاعية، إذا لم يقم البريطانيون بعمليات الإبرار البحري. (9) كلف "روميل"، مدفعية الفرق المدرعة الموجودة في الاحتياط، بالاشتراك في خطة النيران الدفاعية، لتكثيف النيران ضد القوات المهاجمة، أمام الخط الدفاعي الأمامي، الذي يحتله المشاة على طول الجبهة.
ج. خطة "روميل" لتنظيم دفاعاته وإدارة المعركة الدفاعية
على الرغم من أنه كان من العسير على "روميل"، أن يتكهن باتجاه الهجوم البريطاني الرئيسي، إلاّ أنه كان يرجح أن يقوم البريطانيون، بهجومهم في القطاع الشمالي للآتي:
(1) وجود طريق التقدم الرئيسية المرصوفة، في ذلك القطاع.
(2) إمكانية معاونته بنيران الأسطول البحري، من الساحل القريب من الطريق، إذا ما دارت المعركة في ذلك القطاع.
(3) أن الهجوم من هذا القطاع، يؤدي بالقوات البريطانية، إلى قواعد المحور الإدارية، من أقصر طريق.
ولذلك كانت خطة "روميل"، في تنظيم دفاعاته لمواجهة هذا الاحتمال، هي:
(1) حَشّدُ كل قوات المشاة الألمانية، في القطاع الشمالي.
(2) الاحتفاظ بجزء كبير من قواته الاحتياطية في هذا القطاع، وخلف قوات المشاة.
(3) إنشاء دفاعاته في تلك المنطقة، بعمق كبير بين الخطوط الدفاعية، بعضها البعض، حتى تتمكن القوات الاحتياطية المدرعة، من العمل بحرية، وخفة حركة بين الخطوط الدفاعية، عند قيامها بالهجمات المضادة.
وكانت خطته لإدارة المعركة الدفاعية، إذا حدث الهجوم الرئيسي، من القطاع الشمالي، تتلخص في:
(1) صد عملية الاختراق لخطوطه الدفاعية، مستعيناً، بخطة النيران الجيدة، وبحقول الألغام الكثيفة التي رصها، وبالعمق الكبير بين خطوطه الدفاعية.
(2) تنفيذ هجمات مضادة قوية، بقـواته الاحتياطية المدرعة، مستغلاً العمق بين خطوطه الدفاعية، لصد العدو المهاجم من أي منطقة ينجح في اختراقها وتدميره.
(3) وبعد نجاحه في هجماته المضادة المحلية، يقوم بتجميع كافة قواته الاحتياطية المدرعة، من كل القطاعات، للقيام بهجوم مضاد عام، بهدف تدمير الجزء الأكبر من القوة الضاربة المدرعة البريطانية.
أما في حالة قيام القوات البريطانية، بالهجوم في القطاع الأوسط، أي في اتجاه منطقة هضبة "الرويسات"، فكانت خطة “روميل” تقوم على:
(1) قيام القوات الإيطالية، الموجودة في تلك المنطقة، بالقتال ضد القوات المهاجمة، بغرض تعطيلها، ومنعها بكل قوة من الاختراق. ولضمان استبسال القوات الإيطالية، في الدفاع عن تلك المنطقة، قرر “روميل” إضافة بعض كتائب المظلات الألمانية إليها لتشد من أزرها.
(2) وفي هذه الحالة يقوم بالهجوم المضاد من اتجاهين، وذلك باستخدام قواته الاحتياطية، الموجودة في كل من القطاعين، الشمالي، والجنوبي، بحيث تعمل على هيئة كماشة، ضد منطقة الهجوم، حتى تفصل القوة الضاربة البريطانية، عن قواعدها، وبذلك يسهل تدميرها.
وقد استبعد "روميل"، قيام البريطانيين بالهجـوم الرئيسي، في القطاع الجنوبي، نظراً لأنه يبعدهم عن طريق التقدم الرئيسي، المتجه غرباً، علاوة على أنه سيتيح له الاحتفاظ بذلك الطريق، خلف قواته آمنا. وبذلك يتمكن من استخدامه لإمداد هذه القوات، طوال مدة بقائها، في المواقع الدفاعية، أو لانسحابها إذا تطلب الأمر ذلك، وعلى أية حال، فان قواته الاحتياطية، الموجودة بالقطاع الجنوبي، كانت كفيلة بصد أية هجوم يقوم به البريطانيون هناك وتعطيله ريثما يتيسر نقل القوات الاحتياطية، الموجودة في الشمال، إلى القطاع الجنوبي.
. توزيع قوات المحور على المواقع الدفاعية (اُنظر خريطة أوضاع قوات الجانبين)
بناءً على الخطط السابقة، وزع "روميل" قواته على الخط الدفاعي كما يلي:
أ. القطاع الشمالي
(1) من ساحل البحر حتى هضبة الرويسات (داخل)، وتحتلها:
(أ) الفرقة 164 المشاة الألمانية.
(ب) الفيلق 21 الإيطالي (فرقة ترينتو المشاة الإيطالية ـ فرقة بولونا المشاة الإيطالية).
(ج) بعض عناصر من فرقة برسجليري الإيطالية.
(2) في الاحتياطي، وفي الخلف منها:
(أ) الفرقة 15 البانزر الألمانية.
(ب) فرقة ليتوريو المدرعة الإيطالية.
(3) ولحراسة الشاطئ ولتعزيز احتياطي القطاع الشمالي:
(أ) الفرقة 90 المشاة الخفيفة الراكبة الألمانية.
(ب) فرقة تريستي المشاة الراكبة الإيطالية.
ب. القطاع الجنوبي
(1) من الرويسات (خارج) حتى قارة الحميمات (داخل)، ويحتلها:
(أ) الفيلق 10 الإيطالي، (فرقة بريسيكا المشاة الإيطالية ـ فرقة فولجوري الإيطالية، من جنود المظلات ـ فرقة بافيا المشاة الإيطالية).
(ب) لواء الرامكي (جنود مظلات ألمان)، وزعت وحداته بين التشكيلات الإيطالية، في القطاع الجنوبي.
(2) في الاحتياطي، وفي الخلف منها:
(أ) الفرقة 21 البانزر الألمانية.
(ب) فرقة آريتي المدرعة الإيطالية.
(3) ولحماية الجانب الأيمن للقطاع الجنوبي:
(أ) وحدة الاستطلاع 33 الألمانية.
(ب) مجموعة كييل المدرعة الألمانية.
ج. في الاحتياطي العام
عند الحدود المصرية ولحماية خط المواصلات:
فرقة بستويا المشاة الإيطالية.
د. مركز قيادة جيش البانزر
مركز قيادة جيش البانزر الأول، على الشاطئ، خلف المواقع الأمامية، بعدة كم قليلة.
موقف القوات البريطانية
الموقف العام
رأى الجنرال "مونتجمري"، بعد معركة "علم حلفا"، أن القوات الألمانية، لن تتمكن من القيام بهجوم بقوة كبيرة، قبل مضي وقت طويل، حتى يمكنها تعزيز قواتها الموجودة في منطقة العلمين، بالأفراد، والأسلحة، والمعدات. ولذلك انتهز هذه الفرصة، واستأنف استعداده لهجومه المرتقب.
واجهت "مونتجمري" ثلاث مشاكل رئيسية، أثناء الفترة التحضيرية، وهي: (القيادة، والمعدات، والتدريب).
أ. بالنسبة للقيادة
عقب انتهاء معركة "علم حلفا"، تم تعيين قادة جدد بدلاً من بعض قادة الفيالق والفرق، نظراً لِما لمسه من تقصير في القيادة أثناء تلك المعركة، وكان القادة الجدد، جميعاً، ممن يثق فيهم "مونتجمري"، شخصياً، ويعتمد على كفاءتهم. (اُنظر جدول أسماء قيادة فيالق وفرق الجيش الثامن البريطاني)
ب. أما فيما يختص بالمعدات
فوصلت إليه الأسلحة والمعدات المذكورة في (جدول الأسلحة والمعدات البريطانية المستخدمة في الحرب)
ج. أما بالنسبة للتدريب
قام "مونتجمري"، عند توليه قيادة الجيش الثامن، بتدريب القوات البريطانية، تدريباً عنيفاً، قبل معركة العلمين، وقد عمد الجنود على تحمل مشاق القتال بالصحراء، كما درب القوات المدرعة، على استخدام الدبابات الحديثة، من نوع "شيرمان"، الاستخدام الفني والتكتيكي السليم، وبذل عناية خاصة، في تدريب القوات على إزالة الألغام، وفتح الثغرات في حقول الألغام، والتقدم من خلالها ليلاً.
وكان "مونتجمري"، ينظر إلى الروح المعنوية، على أنها العامل الأول، لكسب الحرب، ولذلك عمل على رفع الروح المعنوية، وبث الروح الهجومية فيهم، والقضاء على عوامل التردد والهزيمة، واهتم كثيراً، باللياقة البدنية، والتكتيك العنيف، حتى تتمكن قواته من تحمل مشاق المعارك المنتظرة.
وأجري "مونتجمري"، تجارب واسعة النطاق، للمعركة المقبلة، على أرضٍ خلفَ ميدان القتال، أُختيرت مشابهة إلى حدِّ كبير لتلك التي سيجرى عليها الهجوم. وبعد هذه التجارب، درس نقاط الضعف، واتخذ التدابير اللازمة لعلاجها، كما نشر الدروس المستفادة منها، على جميع الرتب.
تكوين القوات البريطانية، وتنظيمها، وتشكيلها
خريطة أوضاع قوات الحلفاء وقوى المحور أثناء معركة العلمين الثانينة.
كانت القوات البريطانية ـ بعد إعادة تنظيمها ـ تتكون من ثلاثة فيالق كما يلي: (اُنظر شكل تشكيل قتال الجيش الثامن)
أ. الفيلق 30 بقيادة الجنرال السير "أوليفر ليس"، ويتكون من: (اُنظر شكل تشكيل قتال الفيلق 30)
(1) الفرقة 9 المشاة الأسترالية (اللواء 20 المشاة، واللواء 24 المشاة، واللواء 26 المشاة).
(2) الفرقة 51 المشاة (اللواء 152 المشاة، واللواء 153 المشاة، واللواء 154 المشاة).
(3) الفرقة الأولى المشاة جنوب أفريقيا (اللواء الأول المشاة، واللواء 2 المشاة، واللواء 3 المشاة).
(4) الفرقة 4 المشاة الهندية (اللواء 5 المشاة، واللواء 7 المشاة، واللواء 161 المشاة).
وقد تقرر، أن تنضم إليه، أثناء المرحلة الأولى من معركة العلمين، الفرقة 2 المشاة النيوزيلندية، لتشترك معه، في عملية تدمير مواقع المحور الدفاعية، على أن تنفصل عنه في الوقت المناسب، لتنضم إلي الفيلق 10 المدرع، الذي سيقوم بالمطاردة.
وقد وزع اللواء 23 المدرع، ليعاون الفرق المشاة، التابعة للفيلق 30، فوضع آلاي منه، تحت قيادة كل فرقة، من فرقه الأربعة.
ب. الفيلق 13 بقيادة الجنرال "بريان هوروكس"، ويتكون من: (اُنظر شكل تشكيل قتال الفيلق 13)
(1) الفرقة 50 المشاة البريطانية (اللواء 69 المشاة، واللواء 151 المشاة، ولواء مشاة يوناني).
(2) الفرقة 44 المشاة البريطانية (اللواء 131 المشاة، واللواء 132 المشاة، واللواء 133 المشاة).
(3) الفرقة 7 المدرعة (اللواء 22 المدرع، واللواء 4 المدرع الخفيف).
(4) مجموعتي، اللواء الأول والثاني، فرنسيين أحرار.
ج . الفيلق 10 بقيادة الجنرال " هربرت ليمسدن"، ويتكون من: (اُنظر شكل تشكيل قتال الفيلق العاشر)
(1) الفرقة الأولى المدرعة (اللواء 2 المدرع، واللواء 7 المشاة الراكب).
(2) الفرقة 10 المدرعة (اللواء 8 المدرع، واللواء 24 المدرع، واللواء 133 المشاة الراكب).
(3) الفرقة 2 المشاة النيوزيلندية (اللواء 5 المشاة، واللواء 6 المشاة ، واللواء 9 المدرع)، وقد زودت جميع مشاة الفرقة بحملات آلية لنقل الجنود.
وهكذا يكون مجموع قوات الحلفاء، ست فرق من المشاة، و ثلاث فرق مدرعة، وفرقة مشاة راكبة، بالإضافة إلى لواءين مشاة من الفرنسيين الأحرار. وقد وزعت هذه القوات على المواقع الدفاعية البريطانية الممتدة من ساحل البحر حتى منخفض القطارة، عـدا الفيلق 10 المدرع (ناقصاً الفرقة 2 المشاة النيوزيلندية) الذي كان محتشدا على مسافة 50 كماً خلف جبهة القتال، وهو على استعداد للتحرك إلى منطقة بدء الهجوم الأمامية، عندما يحين وقت الهجوم.