منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 مقالات خالد الدخيل -

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مقالات  خالد الدخيل  -  Empty
مُساهمةموضوع: مقالات خالد الدخيل -    مقالات  خالد الدخيل  -  Emptyالأحد 23 أبريل 2017, 8:11 pm

عن لقاء مع خالد مشعل

مقالات  خالد الدخيل  -  3_1463897863_4040

خالد الدخيل
كنت أتطلع إلى لقاء أبي الوليد رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس». حصل ذلك الأسبوع الماضي في الدوحة- قطر، حيث كنت لحضور المنتدى الـ11 لمركز دراسات الجزيرة. في صباح اليوم الثاني للمنتدى (الأحد)، وفي طريقي لحضور الجلسة الأولى، اقترب مني شخص ينقل إلي تحيات خالد مشعل، ويقترح أن ألتقيه. سعدت بالفكرة ورحبت بها. ولأن يوم غد (الإثنين) كان يوم عودتي إلى الرياض، قلت إن اليوم هو الوحيد المتاح للقاء. وهكذا كان.
ما إن جلست في الصالون حتى طلب أحد المعاونَين الاثنين أخذ هاتفي الجوال. تساءلت عن السبب فبادر أبو الوليد إلى القول إن هذا لحمايتي قبل أي شيء آخر، لأن الجوالات الحديثة أصبحت «يا دكتور» أدوات تنصت. قلت: «هذا صحيح»، وسلمت الجوال، وبدأنا مباشرة في حديث امتد من الساعة الثالثة والنصف عصراً حتى السادسة والنصف مساء. بعد دقائق من جلوسنا انتقلنا إلى مائدة الغداء لنعود بعده إلى جلستنا. كان أبو الوليد ممسكاً إلى حد كبير بزمام الحديث. لم يترك مجالاً للسؤال بسبب تدفق حديثه وشموله كل المسائل تقريباً التي كنت أنوي سؤاله عنها. كان يتنقل بين مواضيع حاضرة في ذهنه ويدرك أهميتها للآخرين. من ناحيتي، كنت أريد أن أستمع إلى الرجل في أول لقاء لي معه، مع شيء من التعليق. تحدث عن إقامته في الكويت، وعلاقته بالسعودية، والخلاف بين حماس والسلطة الفلسطينية، وتحديداً «فتح»، وموقف حماس من المبادرة العربية للسلام، خصوصاً الاعتراف بإسرائيل، واتفاق مكة، وأخيراً ما حصل بينه وبين القيادة السورية منذ بداية الثورة في درعا حتى مغادرته دمشق -كما قال- في كانون الثاني (يناير) 2012. في نهاية الحديث أعلن مشعل أنه بعد أسبوعين سيصدر البرنامج السياسي الجديد لحماس، وأن تركه منصبه في الحركة، الذي سبق إعلانه من قبل، سيتزامن مع ذلك.
لن أفعل هنا أكثر من تسجيل ملاحظاتي على اللقاء. أبدأ بعلاقة حماس وفتح، إذ لاحظت من حديث مشعل أن السبب المزمن للانقسامات الفلسطينية لا يزال كما هو. مثلاً حماس مستعدة للانضمام إلى منظمة التحرير شرط أن تتخلى فتح عن تمسكها بالهيمنة على المنظمة، وأن تكون حماس بالتالي (نظراً إلى حجمها) هي العمود الثاني لها، مع فتح. هناك سبب آخر، وهو أن فتح بقيادة محمود عباس ترفض خيار المقاومة المسلحة، وهو ما تتمسك به حماس. ترى قيادة الحركة إمكان الجمع بين التفاوض والمقاومة. وأكثر ما لفت نظري في هذا الصدد مرافعة خالد مشعل لرفض فكرة الاعتراف بإسرائيل في الظروف الحالية. أعاد في حديثنا تأكيد قبول حماس بحدود 1967، وهي خطوة متقدمة، لكنها ترفض الاعتراف بالدولة الإسرائيلية قبل قيام الدولة الفلسطينية. مبرره في ذلك أن مسألة الاعتراف تعود إلى الشعب الفلسطيني، وأنه لا يحق لتنظيم بعينه الانفراد بقرار حول هذه المسألة. منطقياً هذا موقف متسق وسليم. الإشكالية أن الواقع السياسي الفلسطيني والعربي لا يسند هذا الموقف، فمنظمة التحرير اعترفت بإسرائيل وفقاً لاتفاق أوسلو، ولم تشترط في المقابل اعترافاً إسرائيلياً، بل إنها لم تشترط حتى وقف الاستيطان كثمن للاعتراف. ومن ثم فإن قبول منظمة التحرير بوجهة نظر حماس يقتضي سحب الاعتراف، وهو ما يعني سقوط أوسلو. والحقيقة أن استهتار إسرائيل باتفاقات السلام، خصوصاً مع الفلسطينيين، قد يجعل من هذا الخيارَ الوحيد المتبقي لإعادة الأمور إلى نصابها.
عن علاقته وحماس بالسعودية، كرر أبو الوليد إعجابه بـ «الحس العروبي» لكل من الراحل الملك عبد الله بن عبدالعزيز، والملك سلمان بن عبدالعزيز. واللافت في هذا السياق ما قاله عن قبول حماس كل ما جاء في المبادرة العربية للسلام، ما عدا الاعتراف، كما أشرت. صاحب المبادرة الراحل الملك عبدالله لم يكن مرتاحاً لهذا الموقف من حماس، وعلى رغم ذلك لم تتوتر العلاقة معها، وظل الحديث مع مشعل حول هذا الاختلاف وراء الكواليس، بل إن اتفاق مكة حصل عام 2006 في أعقاب الصدام الدامي بين فتح وحماس آنذاك، وبعد أربع سنوات من هذا الاختلاف. وتبين أن إحدى الدول العربية الكبيرة عملت على تعطيل هذا الاتفاق. لكن اختلاف موقف حماس من الاعتراف هو في الواقع اختلاف مع كل الدول العربية التي صادقت على المبادرة في قمة بيروت عام 2002، الأمر الذي يضعها في زاوية سياسية ضيقة، فهل تستطيع تغيير الواقع السياسي بما يفرض تغييراً في رؤى كل الدول العربية ومواقفها؟
من المفارقات التي تدركها حماس في المرحلة الحالية تراجع وهج فكرة المقاومة. وهي مفارقة تؤشر، ضمن مؤشرات أخرى، إلى صعوبة الوضع العربي، وتضاعف تعقيداته بعد الربيع العربي. وهو أمر خبرته حماس مباشرة في دمشق قبل غيرها. المهم أن المقاومة بوصفها خياراً لم تسقط، لكنها باتت في العقود الأخيرة مربَكة بين إيمان راسخ بمشروعيتها وشكوك في جدواها وصدقية من يدّعيها. وهذا عكس ما كان عليه الأمر أيام حركات التحرر من الاستعمار، وبدايات المقاومة الفلسطينية في ستينات القرن الماضي وسبعيناته. أسباب ذلك متعددة، بعضها قديم تراكم مع الزمن، والبعض الآخر استجد وفرضته التطورات، وأهمها ما وصل إليه الربيع العربي، خصوصاً في العراق وسورية. من الأسباب القديمة ضعف إنجازات المقاومة في مقابل خسارات تتراكم في الحقوق والأرض، إضافة إلى الانقسامات الفلسطينية واستعصائها على الحل، وتداخلها مع انقسامات عربية لا تتوقف. كان الانقسام أبرز سمات حركة المقاومة الفلسطينية عندما كانت صبغتها «علمانية»، ولم تتراجع بعدما ظهرت حركتا حماس والجهاد الإسلاميتان.
هناك سبب قديم آخر ظل يتراكم، وهو تباعد الشقة بين خيار المقاومة الفلسطينية المسلحة ومصالح بعض الدول العربية في الصراع العربي- الإسرائيلي. تتعلق الإشكالية هنا بتباعد يتنامى بين منطق المقاومة مع منطق «الدولة» في سياق علاقات عربية- عربية، بما في ذلك العربية- الفلسطينية. المفارقة أن هذا يكشف كيف أصبح البعد العربي عبئاً على القضية الفلسطينية، في الوقت الذي باتت هذه القضية عبئاً على بعض العرب. قارن لاءات قمة الخرطوم في أعقاب هزيمة حزيران (يونيو) مع نصوص اتفاق كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل بعد حوالى عشر سنوات من تلك القمة، وما أعقب ذلك من تحولات في مواقف كثير من الدول العربية من الصراع برمته. أيهما تسبب في تخبط الآخر: السياسات العربية أم المقاومة الفلسطينية؟ في هذا السياق، بل قل نتيجةً له، ظهر إلى العلن ادعاء المقاومة لأسباب لا علاقة لها بالمقاومة، وهو ادعاء مدمر تجلى في العراق، ثم في سورية بعد الثورة. أصبح المواطن العربي، والفلسطيني تحديداً، في حيرة من أمره بين مقاومة حقيقية لا تنجِز، ومقاومة مدعاة تدمِّر، وليست معنية بالإنجاز أصلاً بمقدار عنايتها بأهمية الشعار وفائدته.
هنا طرح الموضوع ذاته على الحديث، أو علاقة أبي الوليد وحماس بالنظام السوري بعد اندلاع الثورة. كان مشعل موجوداً في دمشق عندما اندلعت الثورة في درعا. وصول موجة الثورة وما تنطوي عليه من تداعيات كبيرة إلى سورية يهمه، ويهم حماس كثيراً. هو أكد في حديثنا أن النظام السوري كان كريماً مع حماس، وسمح لها بالعمل السياسي، وبتطوير صواريخها -كما يقول- في مصانعه. من هنا عمل مشعل جاهداً على دفع النظام إلى عدم اللجوء إلى الحل الأمني في وجه الثورة، والأخذ بخيار الإصلاح والحل السياسي مبكراً. كان يريد الاحتفاظ بالعلاقة وفي الوقت ذاته كان مع مطالب الشعب، وهنا ظهر المأزق بين الطرفين. يريد النظام من حماس تغطية خياراته الأمنية من دون نقاش، وحماس لا تحتمل الثمن السياسي لذلك. وقد بدا لي، من حديث أبي الوليد وفي ما نشر عن الموضوع منذ سنوات، أن مشعل وبقية قيادة الحركة كانوا مدركين حجم الثمن الذي كان ينتظره النظام السوري منهم. كان يريد الإمساك بالورقة الفلسطينية في لعبته السياسية في الشام قبل غيرها. ويعرفون أيضاً كيف تعامل النظام قبلهم وقبل الربيع العربي، مع فتح ومع ياسر عرفات في سورية، ثم في لبنان. المهم أن مشعل، وبعد لقاءات مع الأسد وبعض قيادات النظام، ذهب إلى بيروت للاستعانة بالأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، الذي أبدى استعداده في هذا الاتجاه. لكن اللافت، كما يبدو لي من سياق الأحداث وليس من حديث مشعل، أنه بعد زيارة نصرالله دمشق تضاعف تمسك النظام بالحل الأمني، وهو ما يوحي بأن نصرالله هو الذي شجعه على المضي في هذا الاتجاه، وليس كما كان يأمل مشعل. لذلك، وبعدما ألقى الرئيس الأسد خطاباً متشدداً في أعقاب زيارة نصرالله، طُلب من مشعل اللقاء مع الأسد، لكن أبا الوليد رفض ذلك تفادياً أن يُفهم منه أنه يصادق على ما جاء في الخطاب، وأنه يقف إلى جانب النظام ضد الثورة. بعدها أدرك مشعل، كما يبدو، أنه بات أمام باب حديدي مغلق، فغادر دمشق في شهر يناير 2012، ولم يعد إليها حتى الآن. السؤال الذي يردده مشعل هو أنه إذا كان النظام السوري وحليفته إيران استفادا من حماس، وهذا صحيح، فلماذا لا يحاول غيرهما الاستفادة أيضاً من العلاقة معها؟ تختفي خلف السؤال حقيقة أن النظامين السوري والإيراني يدعيان المقاومة، ومن هنا تنبع حاجتهما إلى حماس وغيرها. ليست لدى الآخرين حاجة مماثلة إلى حماس، وحاجة حماس إليهم لا تختلف عن حاجتها إلى غيرهم. يفرض هذا الاختلاف في الحاجات والأولويات تفاهماً بين الطرفين. هل يغير ترك مشعل بعد أيام منصب القيادة في حماس شيئاً في علاقتها مع الدول العربية الفاعلة، وفي المعادلة التي تحكمها؟ أم تبقى الأمور على حالها؟
عن الحياة اللندنية


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الأحد 10 سبتمبر 2017, 5:54 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مقالات  خالد الدخيل  -  Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقالات خالد الدخيل -    مقالات  خالد الدخيل  -  Emptyالثلاثاء 23 مايو 2017, 9:57 pm

قمة الرياض: التصحيح


سيقال الكثير عن أهمية قمة الرياض الأحد الماضي وعن زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب السعودية التي مهدت لها. لهذه القمة رمزية أنها أول قمة عربية إسلامية- أميركية التقى فيها قادة 55 دولة عربية وإسلامية مع الرئيس الأميركي في العاصمة السعودية. هذا بحد ذاته يؤشر إلى حجم التغير الذي يعتمل في المنطقة. حتى عهد قريب كان التفكير في مثل هذه القمة خارج التداول سياسياً. ومع أهمية ذلك، إلا أن الأهم، كما يبدو لي، أن هذه القمة أفسحت المجال لبروز خطاب مختلف عن الإرهاب. ما هو الخطاب المختلف؟ هو الذي ينظر إلى الإرهاب كظاهرة سياسية أشمل وأخطر من أن يتم اختزاله في تنظيم، أو مذهب، أو دين من دون غيره. كما أنه خطاب يدرك أنه بمقدار ما أن هناك متضررين كثراً من ظاهرة الإرهاب، هناك من يوظف الإرهاب بوعي مسبق لمصالح ومآرب سياسية معلنة أحياناً، ومضمرة أحياناً أخرى.
يتميز الخطاب المختلف عن الخطاب السائد في أن الأخير يختزل الإرهاب في تنظيم بعينه بحسب المرحلة التي يتخلق فيها سياسياً. يحصل هذا ليس فقط لمصالح وحسابات سياسية، بل ولمرئيات وقناعات فكرية وسياسية لدى البعض. كما أنه يحصل لمآرب وأهداف انتهازية لدى البعض الآخر. حتى عهد قريب كان تنظيم القاعدة هو رمز الإرهاب، بدايته ومنتهاه. كان يقال إنه إذا تم القضاء على القاعدة، فلن يكون هناك إرهاب. هكذا سارت الحرب على هذه الظاهرة السياسية. جندت لها كل الإمكانات والموارد السياسية والأيديولوجية والعسكرية والبشرية والمالية. ثم بعد أكثر من ربع قرن لم تنجح الحرب في القضاء على القاعدة. قتل زعيمها، كما الكثير من قادتها. لكن التنظيم لا يزال معنا. لم يلتفت قادة الحرب على الإرهاب، وتحديداً الأميركيين قبل غيرهم، إلى دلالة أنه في أيامنا هذه، وتحديداً منذ 2014، حل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في الخطاب السائد ذاته محل القاعدة. ومرة أخرى بات القضاء على داعش (وليس القاعدة) هو البوابة الوحيدة للقضاء على الإرهاب. الأنكى أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد. لم تعد القاعدة وحدها سيدة الساحة كما كانت من قبل. أصبحت المنطقة، وتحديداً منذ 2003، تعج بمئات الميليشيات الإرهابية، من مشرق العالم العربي حتى مغربه. في هذا دليل واضح ودامغ على فشل ما يسمى بالحرب على الإرهاب.
ما الذي يمكن أن يعنيه كل ذلك؟ يعني أن العالم، بشقيه الشرقي والغربي، مسكون بعارض الإرهاب -القاعدة أو داعش أو غيرهما- بدلاً من ظاهرة الإرهاب ذاتها، طبيعتها وجذورها. والمدهش أن أحداً لم يسأل نفسه السؤال الأهم في مثل هذه الحال: كيف ولماذا حل داعش محل القاعدة بعد حرب على الإرهاب تمتد الآن لأكثر من ربع قرن؟ ولماذا الانجرار وراء تيار الأحداث وتحولاتها على هذا النحو البائس بفشله وتخبطاته؟ هل أن هزيمة داعش والقضاء عليه ستنتهي إلى نتيجة مختلفة عما انتهت إليه الحرب على القاعدة قبل ذلك، بالمرئيات ذاتها والأدوات عينها؟ هزيمة داعش ستتحقق. بل من الممكن القضاء عليه. لكن ماذا بعد ذلك؟ ماذا سيفعل العالم بالميليشيات الإرهابية الأخرى؟ لا أحد يعرف.
لا تمكن الإجابة على هذه الأسئلة وغيرها بالرؤى والأدوات التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه الآن. لا بد من شيء مختلف يتجاوز اختزال الإرهاب في هذا التنظيم أو ذاك، في هذا المذهب أو غيره. هذا ما يفعله الأوروبيون والأميركيون بدعوى أن الذي يستهدفهم هو الإرهاب السني وليس الشيعي. لم يعيروا اهتماماً حقيقة أنه بات للإرهاب تاريخ. فإذا كان مصدر الإرهاب في مرحلة القاعدة هو صراع الشرق والغرب، أو الإسلام والغرب، فإن مصدره الرئيس في مرحلة داعش هو الطائفية. ولذلك يلاحظ أن أغلب العمليات الإرهابية في المرحلة الأولى كانت تقع خارج العالم العربي. أما في مرحلة داعش فإن أغلب هذه العمليات داخل العالم العربي. بل تحول الإرهاب في هذه المرحلة إلى حروب أهلية مدمرة. وهو ما كان يقتضي أن تكون الطائفية أساس مفهوم الحرب على الإرهاب قبل أي شيء آخر. ليس من الممكن القضاء على الطائفية قضاء مبرماً. لكن من الممكن جداً تحييدها، وإخراجها من التداول، وتعطيل مفاعيلها كمصدر للإرهاب. وبما أن إيران هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي تعرف نفسها وتحدد هويتها دستورياً على أساس طائفي، وانطلاقاً من ذلك ترسم سياساتها الخارجية، وتجعل من الميليشيات الطائفية رافعة لدورها الإقليمي، فإن الأمر يقتضي في هذه الحال مواجهتها بذلك. من حق إيران أن تعرف نفسها، وأن تحدد هويتها بالشكل الذي تراه. لكن ليس من حقها أن تتعامل مع جيرانها انطلاقاً من هذا التعريف، وإنما من كونها دولة تنتظم في علاقات دولية مع دول أخرى. كما أنه ليس من حقها وفقاً لمبادئ الجوار، وقبل ذلك وبعده وفقاً للقانون الدولي، أن تستخدم ميليشيات مذهبية لمد نفوذها في المنطقة، وجعل الطائفية، والتحالفات المذهبية أساساً لمصالح دول المنطقة، وللعلاقة في ما بينها. ولأنها بذلك تمارس لعبة خارج حدود النظام الدولي، فهي تنفذ سياسات مدمرة لمفهوم الدول والأوطان.
من هنا تأتي أهمية كلمة العاهل السعودي، ورئيس القمة، الملك سلمان بن عبدالعزيز، لأنها بالتكامل مع كلمة الرئيس دونالد ترامب، ومضامين إعلان الرياض، تدشن ما يعد بأن يكون خطاباً مختلفاً. كانت كلمة تحدث الملك فيها بصراحة مباشرة وغير مسبوقة عن النظام الإيراني وموقعه ودوره في ظاهرة الإرهاب التي على خلفيتها التأمت القمة. يقول الملك: «إننا جميعا شعوباً ودولاً نرفض... فرز الشعوب والدول على أساس ديني أو طائفي، وما هذه الأفعال البغيضة إلا نتيجة محاولات استغلال الإسلام كغطاء لأغراض سياسية تؤجج الكراهية والتطرف والإرهاب، والصراعات الدينية والمذهبية كما يفعل النظام الإيراني والجماعات والتنظيمات التابعة له». هذا النظام، يقول الملك: «يشكل رأس حربة الإرهاب العالمي». كانت السعودية، مثل بقية الدول العربية، تجامل النظام الإيراني، لأسباب سياسية وحساسيات دينية. كانت تتفادى مواجهة النظام الإيراني بحقيقة ومخاطر ما يفعله. وكان هذا النظام يستغل هذا الصمت، وتلك المجاملة، في الإيغال بتنفيذ سياساته اعتماداً، كما يبدو، على أن أحداً لن يجرؤ على مواجهته تفادياً لتهمة الطائفية. وفي ذلك مفارقة تبين أنها مدمرة. هناك من يمارس الطائفية عملاً وعلناً. في المقابل هناك من يتفادى مواجهته بذلك خوفاً من تهمة الطائفية. إنها وطأة ثقافة موروثة منذ قرون. وإلا إذا كانت الطائفية هي مصدر الإرهاب، فالطائفية كما كانت في الماضي لا تزال معادلة اجتماعية سياسية، وليست أي شيء آخر. وبما هي كذلك فإنها تقوم على أكثر من طرف. وبالتالي كما أن هناك إرهاباً سنياً، هناك إرهاب شيعي. الفرق أن الإرهاب السني لا ترعاه دولة سنية، بل إنه يستهدف هذه الدولة. أما الإرهاب الشيعي فترعاه وتدعمه علناً إيران التي هي من تعرف نفسها بأنها دولة شيعية. كان الأمر واضحاً. ليس المطلوب محاربة السني أو الشيعي. هذا لا يجوز لأنه اعتداء على حق الاختلاف والتعدد الفكري والمذهبي. المطلوب هو محاربة السني أو الشيعي الذي يريد تحويل الانتماء المذهبي إلى عملية سياسية يفرضها على الجميع، عملية ذات حدود وأهداف مذهبية، وضداً على مفهوم الدولة. بهذا المعنى فإن محاربة الإرهابي السني من دون الشيعي، أو العكس، هي تكريس للمذهبية والطائفية، وليس تفادياً لها كما يظن البعض. ثم إن الموضوع أخطر من ذلك. لأن من يريد فرض هذا الأمر على الجميع دولة كبيرة، وليس أفراداً أو تنظيمات سائبة. من هنا تأتي أهمية تغير الموقف السعودي من هذا الموضوع كما عبرت عنه كلمة الملك. وهو تغير يعد بأن يكون منطلقاً لتغير الخطاب السائد عن الإرهاب، واستبداله بخطاب أقرب إلى واقع حال هذه الظاهرة، وأكثر صلاحية وفعالية لإخراج المنطقة من قبضة المفارقة المدمرة.
 
 
* كاتب وأكاديمي سعودي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مقالات  خالد الدخيل  -  Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقالات خالد الدخيل -    مقالات  خالد الدخيل  -  Emptyالإثنين 26 يونيو 2017, 10:58 am

ظاهرة الدور القطري: عقدة المخرَج

خالد الدخيل
انتهيت في مقالة الأحد الماضي إلى أنه «مهما يكن الحل الذي ستنتهي عنده الأزمة، فإنه لا بد أن يحتوي على ثلاثة عناصر، من دونها سيبقى حلاً شكلياً، قد يوفر مخرجاً موقتاً..... العنصر الأول إخراج قطر من عقدة الانقلاب الأبيض الذي أتى بالشيخ حمد بن خليفة إلى الحكم عام 1996..... العنصر الثاني، أن تتوقف قطر تماماً عن ممارسة الدور الذي فرضته عقدة الانقلاب الأبيض. العنصر الثالث أن الحل يجب أن يكون جزءاً من اتفاق أشمل على إحداث تغييرات في نظام وعمل مجلس التعاون. تركيبة المجلس، ونظامه الأساسي، وآلية عمله من بين الأسباب التي سمحت باستمرار مسلسل الأزمات مع قطر، وهو مسلسل تجاوز عمره الآن أكثر من 20 سنة».
عقدة الانقلاب الأبيض هي تحول موقف الشيخ حمد من السعودية من موقف سياسي مرتبط بظروف سياسية معينة إلى حال نفسية، أو هاجس حاضر في جل سلوكه وقراراته الخارجية. وكرئيس للدولة بات هذا الهاجس في صلب السياسة الخارجية للدولة التي كان يديرها وزير الخارجية حمد بن جاسم، وهو ينافس رئيسه في الموقف من السعودية. كانت البداية عندما كان الشيخ حمد بن خليفة ولياً للعهد. حينها كان يرى أن قطر تخضع في عهد والده، الشيخ خليفة، لما بدا له هيمنة سعودية لا مسوغ لها. وعلى خلفية ذلك كثيراً ما تصادم مع القيادة السياسية، خصوصاً الملك فهد حينها. ثم جاء الانقلاب الأبيض على والده، الذي استدعى داخل العائلة، كما يبدو، بعد حوالى السنة انقلاباً مضاداً. مرة أخرى كانت قناعة الشيخ حمد أن السعودية ومصر وراء الانقلاب الأخير. هنا تحول الأمر من موقف سياسي إلى عقدة تتحكم في السلوك السياسي لأمير الدولة. بات الهدف المركزي لقطر في عهده إما مناكفة السعودية ومنافستها واستفزازها، والاصطفاف مع خصومها في أحسن الأحوال، أو التآمر للإطاحة بنظامها في أسوئها.
خلاصة القول إن الشيخ حمد ظل مهجوساً بالسعودية ومقارعة دورها (أو هيمنتها) منذ أن كان ولياً للعهد وحتى بعد أن تنحى عن الإمارة لمصلحة ابنه الشيخ تميم عام 2013. لكن الموقف القطري من السعودية لم يتغير كثيراً حتى بعد تنحي الشيخ حمد، وتقاعد حمد بن جاسم. وإذا كانت عملية التنحي جاءت بعد انكشاف تسجيلات الحديث مع القذافي، وكجزء من تفاهم مع السعوديين لتجاوز هذه التسجيلات، فإن استمرار السياسة ذاتها بعد التنحي يشير من ناحية إلى تمكن وصلابة عقد الانقلاب، ومن ناحية أخرى إلى أن عملية التنحي كانت مناورة لكسب الوقت. يعزز ذلك أن قطر ترى أنها لم تعد ملزمة بعد وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز باتفاق الرياض الذي أنهى أزمة سحب السفراء عام 2014.
كل ذلك يفرض إخراج قطر من هذه العقدة، ولن يتحقق ذلك إلا بخروج الشيخ حمد وذراعه الأيمن حمد بن جاسم من عملية القرار السياسي في الدوحة، وتفعيل عملية التنحي بشكل كامل، ومن ثم تبني سياسة خارجية مختلفة وأكثر انسجاماً مع أمن واستقرار كل دول مجلس التعاون. تحقق ذلك يؤدي مباشرة إلى تحقق العنصر الثاني، وهو تخلي قطر عن الدور الذي فرضته عقد الانقلاب. لا شك في أن هذا يتطلب تفاهمات وتطمينات مع السعودية والإمارات والبحرين. وليس هناك ما يمنع ذلك.
العنصر الثالث ربما أنه الأهم باعتباره يمثل البيئة السياسية الإقليمية التي تسمح وتتسع لغياب التنسيق والانسجام في السياسات الخارجية لدول مجلس التعاون، وبالتالي اتسعت لأكثر من عقدين من الزمن للدور القطري الذي انتهى بالأزمة المتفجرة الأخيرة. لكنها بيئة اتسعت لدور كويتي سابق، وتتسع الآن لدور عماني لا يقل تغريداً خارج السرب أحياناً عن قطر، خصوصاً لناحية علاقة مسقط المتينة مع إيران، وهي علاقة تعتبرها السلطنة ضرورية لحفظ التوازن الإقليمي بين الرياض وطهران، وليس بين مجلس التعاون وإيران.
وتتسع كذلك لدور إماراتي ينتمي إلى النمط الخليجي ذاته. كيف يمكن التوفيق في هذه الحالة بين دول يجمعها تكتمل اقليمي واحد، وفي الوقت نفسه تنخرط في أدوار ليست متناسقة ولا منسجمة، وتستخدم مدارس دينية (أيديولوجية) مختلفة؟ ليس غريباً والحال كذلك أن تعاني هذه الدول كما رأينا مما أسميه بظاهرة الدور القطري. هذا سؤال يحتاج إلى مواجهة.
على المستوى السياسي هناك اختلافات تفرز خلافات مضمرة لا تظهر في الغالب على السطح. أغلب دول مجلس دول صغيرة في مقابل دولة (السعودية) هي بالمقارنة كبيرة جداً جغرافياً وديموغرافياً واقتصادياً. الدول الصغيرة تخشى من سطوة وهيمنة الدولة الكبيرة. وهذا يتسبب أحياناً في انفجار أو إطالة أمد خلافات ما كان لها أن تظهر أصلاً. الإشكالية ليست في وجود الظاهرة، وإنما في طريقة التعامل معها، والاستسلام لحساسيتها من دون حل لها كما فعل الاتحاد الأوروبي مثلاً، أو حلف الناتو. لمعرفة أثر هذه المشكلة إليك هذا النص من اتفاق الرياض التكميلي عام 2014 لحل الأزمة مع قطر. إذ ينص في أحد فقراته على أنه «تم الاتفاق على تبني الآليات التي تكفل السير في إطار جماعي، ولئلا تؤثر سياسات أي من دول المجلس في مصالح وأمن واستقرار دوله، ومن دون المساس بسيادة أي من دوله، وفي هذا الخصوص أكد وزراء الخارجية موافقة دولهم على آلية تنفيذ وثيقة الرياض». إذا لم تفهم شيئاً، فلست وحدك. لغة البيان مبهمة مراعاة للحساسيات وليس للمصالح. تقول كل شيء، ولا شيء في الوقت نفسه. الشيء الوحيد الواضح في الفقرة السابقة أن «اتفاق» أو «وثيقة» الرياض التي وقعت في تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 لم يتفق حينها على آلية لتنفيذها. وهذا بحد ذاته أمر لافت.
تشير الأزمة القطرية إلى خلل وثغرات في المفاوضات، وفي الاتفاقات التي تنتهي إليها، وكلها ذات علاقة بآليات عمل مجلس التعاون، ونظامه وتقاليده وحساسياته. الأمر الذي يسهل أموراً كثيرة كالمطاولة، والمماطلة، وإثارة المخاوف والشكوك، واللجوء للمراوغة، وتفعيل آلية التنفيذ عند اتفاق غامض تارة، وتبرير عدم التنفيذ تارة أخرى. وهذا مثال تكرر كثيراً، على ما أقصده بتغيير نظام مجلس التعاون، وآلية عمله، خصوصاً في ما يتعلق بالخلافات بين أعضائه، وطريقة التفاوض حولها.
هذا على رغم أن اختلاف الأحجام والأدوار أمر طبيعي بين كل الدول. هو ظاهرة موجودة في كل المنظمات والتكتلات الإقليمية والدولية. لا ينبغي تضخيمه، بل وضعه في محله الطبيعي، وعدم السماح له بعرقلة عمل مجلس التعاون. ليس هناك فرق بين دول المجلس في حقوق الوحدة والاستقلال والسيادة لكل دولة من دوله مهما كان حجمها، أو قدراتها وإمكاناتها، أو مساهمتها في المجلس. هذا مبدأ ملزم وحاكم، على أعمال المجلس، وعلى العلاقات بين أعضائه. لكن هناك مبدأ آخر، وهو أنه لا يمكن أن تكون هناك مساواة في المسؤوليات والمخاطر والأدوار بين دول المجلس، وما يتطلبه كل ذلك. بعد اجتياح العراق للكويت، من الذي تحمل المسؤولية الأكبر لتحرير الكويت؟ هنا تأتي القاعدة الثالثة، وهي أن تضافر العمل بين هذين المبدأين هو في نهاية المطاف لهدف واحد، حماية أمن واستقرار دول المجلس، وحماية وحدة وسيادة واستقلال كل دول. وهذه مسؤولية مشتركة بين كل دول المجلس مهما كان حجم كل منها.
الحل أو المخرج من أزمة قطر الحالية ينبغي أن يكون مختلفاً هذه المرة. على المستوى المحلي يجب مساعدة قطر في التخلص من عقدة الانقلاب. وربما إضافة فقرة عن خيار آلية الانقلاب في نظام المجلس، تشمل كل الدول. أيضاً يستدعي الأمر تغيرات أخرى في نظام المجلس، وطريقة عمله، وتحديد أكثر تفصيلاً لطبيعة العلاقة التي تربط بين أعضائه، وتجاوز إشكالية الحجم وحساسياته. من ذلك تحريم التدخل غير المشروع بين الدول الأعضاء، وتمييزه بشكل واضح عن تداخل العلاقات والمصالح بين هذه الدول. هذا مع ملاحظة أن المجلس في حال شلل في هذه اللحظة، وهو الغائب عن كل الجهود الجارية لإيجاد حل.
عن الحياة اللندنية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مقالات  خالد الدخيل  -  Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقالات خالد الدخيل -    مقالات  خالد الدخيل  -  Emptyالأحد 10 سبتمبر 2017, 6:00 am

[rtl]العلمانية بين عبدالرازق والقرضاوي[/rtl]
[rtl]تتفق أدبيات الإسلاميين في شكل عام على تحريم العلمانية. فهذا الشيخ سفر الحوالي يقرر في نهاية كتابه «العلمانية... نشأتها وتطورها وآثارها على الحياة الإسلامية» بأن العلمانية تتنافى مع الإسلام لأنها حكم بغير ما أنزل الله، ولكونها شركاً في عبادة الله. الشيخ يوسف القرضاوي من أبرز الإسلاميين الذين نافحوا كثيراً في كتاباته ضد العلمانية. وهو ينطلق في ذلك من أنها لا تتناقض وحسب مع الدين الإسلامي عقيدة وشريعة، بل ومع العقل والمصلحة والدستور، بل إن العلمانية تتناقض، كما يقول الشيخ مع الديموقراطية. هذا ما جاء في كتابه «الإسلام والعلمانية وجهاً لوجه».[/rtl]


[rtl]هناك رأي آخر، من داخل التيار الإسلامي نفسه يتناقض تماماً مع ما جاء في الأسطر السابقة. لا يتسع المقام لاستعراض جل آراء الإسلاميين حيال هذه القضية، سواء ما يتفق منها مع ما قال به القرضاوي والحوالي، أم ما يختلف معهما. وبما أن الرأي الذي يحرم العلمانية بين الإسلاميين هو الشائع، يصبح من المطلوب والمناسب إيراد رأي إسلامي آخر مخالف، ويصل أحياناً إلى حد التناقض مع رأي الغالبية. رئيس حركة النهضة التونسية الشيخ راشد الغنوشي، من بين من عبّروا عن رأي مناقض لما هو سائد بين الإسلاميين من هذه القضية. في حديث مطول له بتاريخ 7 كانون الأول (ديسمبر) 2015 في برنامج «في العمق» على فضائية «الجزيرة» القطرية، قال الغنوشي: «إن العلمانية في الغرب ليست أيديولوجيا إلحادية كما يظن البعض... هي تسويات، (و) فصل وظائف. فصل الوظيفة الدينية عن الوظيفة السياسية. ولا يعني ذلك أن الدولة ستكون حرباً على الدين. وإنما الدولة تحمي كل الديانات، وتقف على نحو ما فيه قدر كبير من الحياد إزاء الديانات...». ثم يضيف: «نحن نؤكد باستمرار». لاحظ هنا قوله إن العلمانية (ليست أيديولوجيا إلحادية»، وهو قول يخالف به الشيخ التونسي رأي سائد آخر بين الإسلاميين وغيرهم لا يرى في العلمانية، إلا أنها إحدى أيديولوجيات العصر الحديث. وهو بذلك يقترب من حقيقة العلمانية، وهي أنها ليست أكثر من آلية دستورية بهدف تحييد الدولة دينياً. وبما أنها كذلك فهي ليست محرمة إسلامياً، كما يقول الحوالي والقرضاوي. أما قول الغنوشي «إن الإسلام والديموقراطية يتواءمان، وإن الديموقراطية هي الممارسة الحديثة للشورى»، فيؤكد إمكان التناغم بين ثلاثية الإسلام والعلمانية والديموقراطية، وعلى العكس مرة أخرى مع ما يقول به الشيخ القرضاوي. (راجع صحيفة «الحياة»، 24 كانون الثاني (يناير) 2016).[/rtl]


[rtl]قبل الغنوشي وغيره من المعاصرين بأكثر من 90 سنة كان هناك رأي الشيخ الأزهري علي عبدالرازق الذي ذاع صيته بعدما نشر كتابه الصغير والشهير «الإسلام وأصول الحكم» عام 1925. وهو الكتاب الذي فجر فور صدوره أكبر معركة فكرية، ربما منذ ذلك الحين وحتى الآن. والحقيقة أن عبدالرازق لم يتناول في كتابه هذا العلمانية، بل لم يرد هذا المصطلح في الكتاب كله. وربما أن العلمانية لم تكن هدفاً له. ما تناوله الشيخ الأزهري، وجعل منه محوراً مركزياً لفصول الكتاب هو ما يعبر عنه العنوان الفرعي «بحث في الخلافة والحكومة في الإسلام». وكان موضوع الخلافة سنة 1925 هو موضوع الساعة في العالم الإسلامي، خصوصاً العالم العربي بعد أن تم إلغاء الخلافة العثمانية سنة 1924. ولعله من الواضح في عنوان الكتاب أنه يتناول حكم الخلافة في الإسلام، بناء على ما جاء في الكتاب والسنة كما يؤكد المؤلف. بعبارة أخرى، كتاب الإسلام وأصول الحكم هو نص مبكر عن العلاقة بين الديني والسياسي، وتحديداً موقع الخلافة كشكل من أشكال الحكم، من الإسلام كما تعبر عنه نصوص الكتاب والسنة، وكما تجسد تاريخياً في التجربة السياسية الإسلامية. بالتالي مع أن الرجل لم يجعل من العلمانية قضيته المباشرة (وأنى له أن يفعل ذلك تحت ظروف ومعطيات ذلك الزمن)، إلا أنه كان معنياً كما يتضح من كل فصول الكتاب بموضوع العلمانية، وتحديداً مسألة علاقة الدين بالدولة في تجربة الخلافة الإسلامية منذ نشأتها وحتى سقوط الخلافة العثمانية.[/rtl]


[rtl]يبدأ عبدالرازق كتابه بالخلاف بين المسلمين في مصدر سلطة الخليفة. فهناك مذهب يرى أن «الخليفة يستمد سلطانه من سلطان الله تعالى، وقوته من قوته». وهذا رأي ينزع أحياناً، خصوصاً بعد القرن الخامس الهجري، نحو إضفاء شيء من القداسة على الخليفة. وهذا رأي، كما يقول عبدالرازق، يكاد يكون موافقاً لما قال به الفيلسوف الإنكليزي توماس هوبز. أما الرأي الآخر فيرى أن «الخليفة إنما يستمد سلطانه من الأمة. فهي مصدر قوته، وهي التي تختاره لهذا المقام». وهذا مذهب «يشبه أن يكون المذهب ذاته الذي اشتهر به الفيلسوف «لك» (جون لوك). وهذا مع ملاحظة أن هذين الرأيين الإسلاميين سبقا ما قال به كل من هوبز ولوك بقرون.[/rtl]


[rtl]ولعل الدلالة التي ينطوي عليها مثل هذا الخلاف الكبير إزاء مسألة بخطورة الخلافة كشكل من أشكال الحكم، والتي أراد عبدالرازق التأكيد عليها، أنه لو كانت هذه الخلافة تستند في نشأتها وفي تبنيها من المسلمين على الكتاب والسنّة لما كان هناك ما يسوغ مثل هذا الخلاف. ثم يشير في هذا السياق إلى إجماع المسلمين على وجوب نصب الخليفة، لكنهم يختلفون في ما إذا كان هذا الوجوب عقلياً أم شرعياً. بعد ذلك يقدم رأيه القاطع حول المسألة بالقول بأنه لم يجد «في ما مر بنا من مباحث العلماء الذين زعموا أن إقامة الإمام فرض من حاول أن يقيم الدليل على فرضيته بآية من كتاب الله الكريم...». وعلى رغم شمولية القرآن كما تقول الآية الكريمة: «وما فرطنا في الكتاب من شيء»، إلا أنك «لا تجد فيه ذكراً لتلك الإمامة العامة أو الخلافة». ولذلك انصرف العلماء «إلى ما رأيت من دعوى الإجماع تارة، ومن الالتجاء إلى أقيسة المنطق وأحكام العقل تارة أخرى».[/rtl]


[rtl]لكن إهمال الخلافة، يضيف المؤلف، يمتد أيضاً إلى السنّة النبوية التي «تركتها ولم تتعرض لها». ماذا عن الأحاديث السياسية التي توجب نصب الإمام، وطاعة ولي الأمر؟ يرد عبدالرازق على ذلك بأنه «إذا كان صحيحاً أن النبي (عليه الصلاة والسلام) أمرنا أن نطيع إماماً بايعناه، فقد أمرنا الله تعالى أن نفي بعهدنا لمشرك عاهدناه. فما كان ذلك دليلاً على أن الله تعالى رضي الشرك، ولا كان أمره تعالى بالوفاء للمشركين مستلزماً لإقرارهم على شركهم». ثم يضيف: «أولسنا مأمورين بطاعة البغاة والعاصين إذا تغلبوا علينا وكان في مخالفتهم فتنة تخشى، من غير أن يكون ذلك مستلزماً لمشروعية البغي، ولا لجواز الخروج على الحكومة».[/rtl]


[rtl]هكذا تسير مجادلة عبدالرازق في كتابه. وعلى رغم ما فيها من ثغرات وتناقضات أشار إليها منتقدوه حينها، إلا أن أكثر ما يلفت النظر فيها حقاً أنها في العموم مجادلة تنضح برؤية نقدية، مستندة في ذلك إلى مبادئ العقل والمنطق. واللافت في هذه المجادلة أن تصدر من شيخ أزهري قبل حوالى قرن من الآن. انطلاقاً من ذلك يمكن القول بأن مرافعة عبد الرازق ضد فكرة الخلافة، وإن صدر في ذلك من موقف سياسي ضد ملك مصر آنذاك، أحمد فؤاد، إلا أن مآلها ينتهي عند فكرة العلمانية.[/rtl]


[rtl]بمقارنة ذلك مع ما يقوله الشيخ القرضاوي حول المسألة ذاتها يتضح الفرق بين رؤية المفكر، ورؤية الداعية. فالقرضاوي في كتابه المذكور (سنعرض له لاحقاً) لا يناقش حقاً مسألة العلاقة بين الدين والدولة، ولا يخضع موقف العلمانية منها لنقد علمي رصين. جل ما يفعله هو هجاء مستمر للعلمانية انطلاقاً من مسلمات دينية مسبقة. وهي مسلمات مستمدة في جلها من آراء واستنتجات العلماء، وتقديمها وكأنها مأخوذة بنصوصها مباشرة من الكتاب والسنّة. ولذلك تجد أن تحريمه للعلمانية يتضح من السطر الأول في كتابه، ما يعني أنه تحريم سابق للتحليل، وليس نتيجة له.[/rtl]


[rtl]الشواهد على ذلك كثيرة. وكمثال ربما تساءل البعض عما يقصده القرضاوي بتناقض العلمانية مع الديموقراطية، واعتباره ذلك معياراً على فسادها. ما يقصده أنها لا تحترم رأي الغالبية، أي غالبية المسلمين الذين يرفضونها. وعلى رغم صحة ما يقوله الآن، إلا أنه لم ينتبه إلى أن هذا ليس معياراً يمكن الاستناد إليه في الحكم، وإنما هو معطى ظرفي قد يتغير بتغير موقف هذه الغالبية من القضية تبعاً لتغير الظروف والمعطيات المحيطة بها. لم يتساءل الشيخ عن رأي الغالبية حيال هذه القضية في البلدان غير المسلمة. فاته أن العلم ليس له هوية جغرافية أو دينية. لكن القضية بالنسبة إليه ليست قضية علم بقدر ما أنها إيمان عقدي مسبق يجب أن يخضع كل شيء لمقتضياته. للحديث بقية.[/rtl]


 


 



[rtl]* كاتب وأكاديمي سعودي[/rtl]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مقالات  خالد الدخيل  -  Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقالات خالد الدخيل -    مقالات  خالد الدخيل  -  Emptyالأحد 10 سبتمبر 2017, 6:02 am

[rtl]العلمانية بين طلال أسد والإسلاميين[/rtl]

[rtl]إذا كان السجال حول الدولة، مفهوماً وتجربة، وتحديداً حول العلمانية، لم يتوقف في الغرب منذ عقود طويلة، فمن الطبيعي أن يستمر هذا السجال في العالم العربي. وذلك لأن الدولة (أيضا تجربة ومفهوما كموضوع للعلمانية) كانت ولا تزال الأس الأول للمأزق الذي يمر به هذا العالم منذ ما قبل العصر الحديث إلى يومنا هذا. هناك فرق واضح بين الجدل هناك، والجدل هنا. في الغرب الحديث يتمحور الجدل في شأن العلمانية حول مسائل مثل الحقوق، والمواطنة، والعدل، ودرجة التمثيل، والقانون، والتعددية... الخ. في العالم العربي يتمحور الجدل في جله في شأن الموضوع نفسه أيضاً حول الحقوق والعدل والقانون، لكن من خلال علاقة كل ذلك بالشريعة الإسلامية ومقتضياتها. بعبارة أخرى، ينصب جل اهتمام هذا الجدل على إطار العلاقة بين حقوق الله وحقوق الإنسان (الطبيعية والسياسية وغيرها). وعلى أساس من هذه العلاقة نشأ وتشكل الخلاف حول العلمانية بين الإسلاميين بمختلف تياراتهم، وبين من يختلف معهم من غير الإسلاميين، أيضاً بمختلف تياراتهم وانتماءاتهم.[/rtl]


[rtl]أستاذ الأنثروبولجيا طلال أسد من بين أهم الأصوات التي أخضعت النموذج العلماني الغربي لنقد أكاديمي دقيق في كتابه (تشكلات العلماني، أوFormations of the Secular). في نقده القوي لهذا النموذج يركز أسد على أعمال تشارلز تايلور، وهوزيه كازانوفا، باعتبارهما من بين أبرز من تناول العلمانية في الغرب. حيث يأخذ على نموذج العلمانية الذي يقدمانه في كتاباتهما أنه نموذج نظري لا يعكس الواقع الاجتماعي والسياسي للمجتمعات الغربية، وبخاصة ما يتعلق منه بالعملية السياسية في هذه المجتمعات (من انتخابات وتشريع وصناعة قرارات داخل الحكومة، وتوزيع سلطات)، ودور التمايزات الدينية والإثنية والطبقية في تشكيل طبيعة وحقيقة هذه العملية. من ناحية ثانية يشير أسد إلى أن عودة تسييس الدين بقوة في المجتمعات الحديثة ينسف فرضية العلمانية كما يقدمها كازانوفا. وترتكز هذه الفرضية على ثلاثة عناصر: تطور الاختلافات البنيوية في المجتمعات الحديثة بما يؤدي إلى فصل الدين عن السياسة، وعن الاقتصاد والعلم... الخ. العنصر الثاني تعاظم خصوصية (فردية) الدين بحيث يبقى محصوراً في المجال الديني الخاص بالفرد، معزولاً عن المجال العام. وبالتالي، الثالث، تراجع الأهمية الاجتماعية للمعتقد الديني وما يفرضه من التزامات، ويتطلبه من مؤسسات. انفجار تسييس الدين في المجتمعات المعاصرة، كما يرى أسد لم يترك مكاناً لهذه العناصر في هذه المجتمعات.[/rtl]


[rtl]هل معنى هذا أن العلمانية في العصر الحديث مجرد تصور لا وجود له على أرض الواقع؟ يسارع أسد إلى نفي ذلك. العلمانية موجودة وفاعلة، لكن وجودها (كمفهوم وكتجربة) لا يمكن أن يكون فاعلاً بمعزل عن الدين، كما يوحي بذلك نموذجها لدى تايلور وكازانوفا. بعبارة أخرى، التمايز البنيوي للمجتمعات الحديثة الذي فرض تمايز الاقتصاد عن السياسة، والتعليم عن الاجتماع، والسلطات التشريعية عن التنفيذية، إلى غير ذلك، ثم تمايز كل ذلك عن الدين، لا يعني أن الأخير لم يعد موجوداً في معادلة السلطة والسياسة، أو خارج التأثير في مجريات الأمور في كل تلك المجالات. هنا تبدو إضافة طلال أسد في الجدل حول هذه المسألة. فإذا تبين أن فرضية العلمنة لم تعد مقنعة تماماً كما كانت عليه من قبل، فإن هذا لا يعني أنها ليست صحيحة، بل يعود إلى تداخل مجالي الدين والسياسة أكثر مما كان يبدو في الظاهر.[/rtl]


[rtl]ما يقوله أسد في هذه المسألة لا يتصادم تماماً مع فكرة العلمانية، وإنما هو محاولة لتصويب المفهوم، وجعله أكثر اتساعاً ورحابة مما هو عليه الآن. وما لم يشر إليه في نقده هنا هو التغير، إذا كان هناك من تغير، لمفهوم وفاعلية الدين في العصر الحديث اللتين تختلفان عما كان عليه هذا المفهوم وتلك الفاعلية في العصور قبل الحديثة. وإلا كيف استطاع الدين أن يفرض نفسه على العملية السياسية في المجتمعات الحديثة، رغم الثورة العلمية والتكنولوجية الهائلة، والتي لا يبدو أن لها سقفاً واضحاً حتى الآن. لا بد أنه فعل ذلك بالتأقلم، في شكل ما، مع متطلبات وحدود وقيم هذه المجتمعات وما جربته من ثورات فكرية وسياسية وعلمية.[/rtl]


[rtl]مهما يكن، فإن الشاهد في أطروحة طلال أسد أنها لا تستند في نقدها لنموذج العلمانية إلى منطق ديني. على العكس من ذلك تماماً. فهي في العمق أطروحة علمانية بامتياز، تناقش المسألة من زاوية الحقوق والدستور والتمثيل السياسي وتأثرها بتباين الانتماءات الاجتماعية والدينية، وتوازنات القوة والمصلحة في إطارها الاجتماعي الأشمل. وهي أطروحة قد يبدو فيها شيء من مثالية واضحة. والرجل كعالم أنثروبولوجيا معروف بتعاطفه مع الأقليات، بخاصة العرب والمسلمين منهم في المجتمعات الغربية. وقد تناول موضوع هذه الأقليات في أحد فصول كتابه المذكور. ومن حيث أنه تعلم وعمل في الغرب، ووالده نمسوي، وأمه سعودية من مدينة حائل، يمكن القول أنه بتاريخه وتجربته يقف على حافة أكثر من ثقافة واحدة، وأكثر من من حضارة واحدة. الأمر الذي منحه ميزة النظر للموضوع من زاوية أقل ضيقاً، وأكثر موضوعية ورحابة من غيره. في الجانب الآخر، نجد أن موقف الإسلاميين، والعرب منهم بخاصة، من العلمانية يستند إلى منطق ديني تصادمي يرفض في شكل مسبق المتغيرات الاجتماعية والسياسية التي مرت بها المجتمعات الحديثة، بما في ذلك المجتمعات العربية، وما تسبب به ذلك من تغيرات على مفهوم الدين ودوره في هذه المجتمعات. فالغالبية على الأقل من هؤلاء تحرم العلمانية ابتداء من منطلق أنها تتعارض مع الدين الإسلامي، ومع ما هو معلوم من هذا الدين بالضرورة. هناك أمثلة كثيرة على هذا الموقف لا يتسع المقام لاستعراضها هنا. وسنتطرق إليها في مقالة أو مقالات قادمة. لكن، دونك ما قاله الدكتور محمد عمارة في كتابه «بين العلمانية والسلطة الدينية»، وهو أنه «لا مكان للعلمانية مع الإسلام، ولا حاجة للمسلمين إليها، إذا كانوا حقاً مسلمين يسترشدون بالإسلام» (ص 172).[/rtl]


[rtl]كما ذكرت، موقف الإسلاميين يرد في حجم ضخم من الأدبيات حول الموضوع، وليس من العدل اختزاله في هذه المقالة. لكن أختم بسؤالين مهمين أمام هذا الموقف الذي لا بد من تفهمه بغض النظر عن الاختلاف أو الاتفاق معه. السؤال الأول أن تحريم العلمانية يفترض بالضرورة أنها أيديولوجيا أو عقيدة تتناقض رأساً مع العقيدة الإسلامية. فهل العلمانية حقاً أيديولوجيا تبرر اتخاذ هذا الموقف منها؟ أم أنها شيء آخر؟ مبرر السؤال أن العلمانية مثلاً لا تتناقض مع الليبرالية ولا الماركسية أو الاشتراكية، ولا مع القومية. كل هذه التيارات بحمولاتها الأيديولوجية اتسعت للعلمانية. ما دلالة ذلك؟ السؤال الثاني الذي يتعلق بالتاريخ الإسلامي نفسه: هل كان في هذا التاريخ شكل من أشكال الفصل بين الدين والدولة، باعتبار أن هذا الفصل أحد أهم معالم العلمانية؟ هذان سؤالان مهمان يقتضي الأمر الفصل فيهما قبل الجزم بأن العلمانية تتعارض أو تتفق مع الإسلام. للحديث بقية.[/rtl]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مقالات  خالد الدخيل  -  Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقالات خالد الدخيل -    مقالات  خالد الدخيل  -  Emptyالأحد 10 سبتمبر 2017, 6:07 am

[rtl]فراغات العالم العربي[/rtl]
[rtl]عندما تمعن النظر في أزمة قطر الحالية تجد أن لها علاقة مباشرة بالأزمة الخانقة التي يعاني منها النظام الإقليمي العربي منذ عقود. فأزمة قطر أزمة دولة عربية صغيرة تمارس دوراً إقليمياً لا يتجاوز حجمها وقدراتها فحسب، بل يتصادم مع مصالح دول عربية أخرى بعضها دول كبيرة. هناك ما يشبه الإجماع على أنه ليس واضحاً ما الذي تطمح قطر إلى تحقيقه محلياً وإقليمياً من الدور الذي يكلفها الكثير، ويبدو أنه سيكلفها أكثر مما توقعته بعد انفجار أزمتها الأخيرة. تحالفت في عهد أمير الدولة السابق، الشيخ حمد بن خليفة، مع العقيد معمر القذافي، وقد وصل الأمر حينها بالشيخ حمد أن اطمأن إلى الحديث مع القذافي لإقناعه بضرورة التعاون بينهما للتخطيط للإطاحة بالحكم السعودي. ولولا ظهور تسجيل هذا الحديث، ثم اعتذار الأمير عمّا ورد فيه للعاهل السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز في الرياض، لاعتبر الحديث عن الموضوع ضرباً من الخيالات المتفلتة من كل القيود، وإلا كيف يمكن استيعاب أن أميراً لدولة خليجية يفاتح شخصاً مثل العقيد الذي عُرف بالتهور، ولا يعرف عنه أي تعاطف مع أهل الخليج بما في ذلك قطر، في أخطر موضوع يمكن أن يتناوله هذا الأمير، ويتعلق بدولة كبيرة مجاورة، ولا حدود برية له إلا معها؟
كيف ولماذا ظهر تسجيل أخطر حديث في التاريخ السياسي العربي الحديث؟ من الواضح أن مخابرات العقيد هي من سرب التسجيل إما قبل مقتل العقيد، أو بعد مقتله، وذلك نكاية بالشيخ حمد الذي انقلب على حليفه بعد أن وصلت موجة الربيع العربي إلى عتبات حكمه في طرابلس. ولعلنا نتذكر كلمات القذافي عندما قال في إحدى خطبه قبيل سقوطه: «بارك الله فيكم يا إخوتنا في قطر، هذي آخرتها». السؤال الذي لا يعرف أحد جواباً له: لماذا تحالف الشيخ حمد مع القذافي ابتداءً؟ ثم لماذا انقلب عليه؟ لا يمكن أن يكون الربيع هو سبب الانقلاب، لأن التحالف مع القذافي حصل في أواخر تسعينات القرن الماضي، أي بعدما أصبح العقيد نموذجاً لطاغية متجبر ومتهور. لماذا التحالف معه في هذه الحالة أصلاً؟ السؤال نفسه يبرز في حالة الرئيس السوري بشار الأسد، فقد تحالف معه الشيخ حمد ونمت بينهما علاقة وطيدة، إلى حد أن تناول موضوع سورية بالنقد بات من الممنوعات على قناة الجزيرة إلى ما قبل الثورة. على خلفية هذه العلاقة ضغط بشار لإعطاء دور لقطر في الأزمة اللبنانية في أعقاب أحداث 7 أيار (مايو) 2008، فيما عرف لاحقاً باتفاق الدوحة الذي أنهى تلك الأزمة. بعد قيام ثورة الربيع في سورية انقلب الشيخ حمد على حليفه الآخر، وأصبح سقوط بشار هدفاً له. مرة أخرى، هل كانت الثورة سبب الانقلاب؟ لا يمكن، لأن الأسد لم يتغير سلوكه، ولم تتغير قناعاته وسياساته لا قبل الثورة ولا بعدها. الثابت في الحالتين الليبية والسورية هم الحلفاء، والمتغير، أو المتذبذب هو موقف الشيخ، وموقف قطر.
حالات أخرى تشهد على سمة التذبذب ذاتها، فالدوحة تدعم «حماس» كحركة مقاومة فلسطينية، في الوقت نفسه تقيم علاقة مهمة لها مع إسرائيل. هذا ما قاله يوماً الشيخ حمد نفسه على قناة الجزيرة، ويفسرها ذراعه الأيمن الشيخ حمد بن جاسم بقوله في التسجيل المذكور مع القذافي بأنها (أي العلاقة مع إسرائيل) تساعد في التخفيف من الضغط السعودي على قطر. ما لم يفصح عنه في هذا الحديث هو طبيعة الضغط السعودي الذي يشير إليه، ولماذا العلاقة مع إسرائيل تحديداً هي السبيل الوحيد لتخفيف هذا الضغط؟ الأمر الواضح أن تزاوج العلاقة مع إسرائيل مع دعم «حماس» في السياسة القطرية يعني أن قطر تتبنى مبادرة السلام العربية بالكامل، وهي المبادرة التي طرحتها السعودية على قمة بيروت العربية عام 2002، وتمت الموافقة عليها في هذه القمة بالإجماع. السؤال المربك أمام هذه الحالة: ما هي مشكلة قطر في عهد الشيخ حمد مع السعودية؟ ولماذا كان مهجوساً بإحداث انقلاب على الحكم فيها؟
تتفاقم الإشكالية في أن السياسة القطرية هذه لم تصل إلى خواتيمها بعد تنحي الشيخ حمد عن الحكم لابنه الشيخ تميم عام 2013، بعد انكشاف تسجيلات حديثه مع القذافي واعتذاره للسعوديين عنها، بل استمرت ومعها سمة التذبذب ذاتها، هل لأن الشيخ تميم يتبنى سياسات والده؟ أم أنه لا يستطيع الفكاك من سطوته ونفوذه على السياسة الخارجية؟ هذا هو السؤال الذي تطرحه وثائق اتفاق الرياض عام 2013 بعد تسلم الشيخ تميم للحكم، واتفاق الرياض الإلحاقي عام 2014. فمع أن الدوحة وقعت على هذين الاتفاقين، وما يضمانه من بنود وتعهدات مشتركة مع دول مجلس التعاون، وبوساطة من أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، إلا أن سياسة قطر لم تتغير كما تقول الدول الأربع التي تقاطع قطر الآن، وهو ما يعني أن أزمة الدور القطري استمرت قرابة عقدين من الزمن، وبسبب ذلك تقول هذه الدول (السعودية والإمارات والبحرين، ومعها مصر) إنها اضطرت للمقاطعة، ووضع مطالب محددة من قطر، باعتبار أن ذلك هو الأسلوب الوحيد الذي تبقى لها لتغيير هذه السياسة. وإذا ما تأكد أن «الأمير الوالد»، وهو اللقب الذي يعرف به الشيخ حمد في قطر الآن، لا يزال يمارس نفوذه على السياسة القطرية، فإنه لا حل للأزمة الحالية قبل وضع حد لهذا النفوذ.
المربك في الموضوع ليس فقط تذبذب وتناقض السياسة الخارجية القطرية، بل إنكار الدوحة أنها تأخذ بهذه السياسة. تقول قطر إن من حقها أن يكون لها دور مستقل في المنطقة، وهذا من حقها تماماً، لكن هل استقلال هذا الدور يتطلب مناكفة دول كبيرة مثل السعودية ومصر؟ أو محاولة التآمر على السعودية؟ حاولت الكويت من قبل ممارسة هذا الدور من دون أن تتورط في المناكفة أو المؤامرة، وتمارسه مسقط حالياً، ولم تتعرض أي منهما لأزمة بحجم ما تمر به الدوحة حالياً. ثم إن قطر لا تطرح مشروعاً إقليمياً يعبر عنه الدور الإقليمي الذي تمارسه. وهي في الحقيقة لا تملك طرح مثل هذا المشروع ليس فقط نظراً لحجمها وإمكاناتها، وإنما قبل ذلك وبعده نظراً لطبيعة الحكم فيها، فهي لا تختلف في هذا عن بقية دول مجلس التعاون، ولا عن بقية الدول العربية، ولا تعطي أي مؤشر على أنها تريد أن تختلف.
هنا يبرز الجانب الأكثر إرباكاً في مشهد الأزمة، وهو أن أكبر دولتين عربيتين، هما السعودية ومصر، ومعهما دول أخرى تشتكي من دولة صغيرة، هي قطر. طبيعة الأمور، أو ما يفترض أنه كذلك، تقتضي أن يكون الأمر على العكس من ذلك تماماً، لكن الوضع العربي ليس طبيعياً، وهذه حقيقة لا مفر من الاعتراف بها ومواجهتها. لا تملك قطر، ولا تستطيع تقديم مخرج من هذا الوضع، كل ما تملكه هو اللعب في الفراغات الآيديولوجية والسياسية والعسكرية التي يعاني منها هذا الوضع، وهو الوضع الذي قال عنه وزير الخارجية السعودي الراحل سعود الفيصل بأنه يعاني من خواء استراتيجي. وكم كان محقاً في ذلك. وقطر للحقيقة ليست استثناءً هنا. الميليشيات دخلت من هذه الفراغات لتنافس الدول. ومن خلالها دخلت إيران إلى عمق العالم العربي. «حزب الله» استفاد منها، بمساعدة من إيران وسورية العربية، ليتحول من ميليشيات إلى ذراع إقليمية لدولة غير عربية. بدورها دخلت روسيا وتركيا وأميركا عبر كوارث سياسات النظام السوري، والآن دخلت تركيا إلى الخليج العربي عبر أخطاء قطر في الأزمة الحالية. قبل ذلك حاول القذافي إرباك مصر بالدور ذاته في عهد كل من السادات ومبارك. إسرائيل أيضاً تستفيد من الفراغات وتصدع النظام الإقليمي العربي لتصعيد سياساتها الاستيطانية، بخاصة في القدس. اتفاق وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، الأخير مع الدوحة أتى من البوابة ذاتها. ماذا يعني كل ذلك؟ يعني أن وضع حد نهائي للدور القطري خطوة ضرورية، وتمسك الدول الأربع بهذا المطلب وتصميمها عليه هو الموقف الصحيح، لكنه ليس أكثر من خطوة أولى في طريق طويل. يجب التعامل مع الأزمة القطرية كمدخل لتصحيح الوضع العربي، وسد الفراغات فيه التي تتسلل منها ما أسميه بظاهرة الدور القطري التي لا تقتصر على قطر وحدها. السؤال الآخر، وما أكثر أسئلة الحالة العربية، هل تتعامل دول المقاطعة الأربع مع الأزمة من هذا المنطلق؟ وما هي العناصر الأهم لمثل هذا التعامل؟
[/rtl]




[rtl]أزمة الخليج الحالية أزمة دولة صغيرة تحاول أن «تمارس دوراً إقليمياً لا يتجاوز حجمها وقدراتها فحسب، بل يتصادم مع مصالح دول عربية أخرى بعضها دول كبيرة». ومع ذلك «... ليس واضحاً ما الذي تطمح قطر إلى تحقيقه». يتقاطع هذا الدور مع مصالح قوى ودول أخرى بما قد يضر بمصالح دول عربية. لكن الأزمة بهذه المواصفات هي أزمة النظام الإقليمي العربي، وتحديداً الدول الكبيرة في هذا النظام. (انظر مقالة الأحد الماضي). الخريطة السياسية للعالم العربي تتغير أمام أعيننا بفعل تدخلات ومصالح دول خارجية، تتواطأ معها قوى محلية، وليس بفعل ديناميكيات من داخل النظام، وتبعاً لخيارات ومصالح دوله العربية. العراق الذي كان تحت حكم حزب البعث القومي العربي تحول بفعل تدخل أميركي- إيراني إلى دولة طائفية، تخضع لهيمنة إيرانية. سورية التي كان أيضاً يحكمها حزب البعث لا أحد يعرف كيف، وأين ستستقر الحال بها.[/rtl]


[rtl]المظهر الآخر للأزمة، والأقسى تعبيراً عنها أن الكثير من الدول العربية إما عاجز أمام ما يحدث، أو ينكر خطورة ما يحدث. في لقاء لها مع وزير خارجية عمان يوسف بن علوي، بتاريخ 4 تشرين الأول (أكتوبر) 2014 سألته صحيفة «الحياة»: «ما المصلحة العُمانية في عدم الاعتراض على السياسة الإيرانية داخل سورية؟». كانت إجابته: «إننا نحترم كل دولة في العالم، لأن لديها مصالح تتصرف فيها كما تشاء، وبالتالي إن كان ذلك خطأ هي تتحمله وإن كان إيجابياً هي تتحمله، هذه هي السياسة العامة للسلطنة». واستطراداً سألت الوزير: «هل توافق عُمان على تدخّل إيران العسكري؟ فأجاب بالنص: «ليس لنا حق في أن نوافق على سياسة فلان أو لا نوافق».[/rtl]


[rtl]دول عربية أخرى تلتزم الصمت حيال الدور الإيراني في ما يجري من كوارث في العراق وسورية ولبنان، مثل الجزائر وتونس والمغرب. ومع أن مصر تكرر رفضها لأي تدخل أجنبي في الشأن العربي، والتزامها بالدفاع عن المصالح القومية العربية، يلاحظ أنها تتجنب ذكر إيران.[/rtl]


[rtl]يعبر الصمت أحياناً في حالات الدول عن الحكمة، ورسم ووزن الحسابات، والتأني في اتخاذ القرار. في حالات أخرى يعبر عن العجز والارتباك، يفضي إلى فراغ تستغله قوى ودول أخرى. من الفراغات العربية تسللت أشياء كثيرة. منها تسلل التخلف والاستبداد. ومنها تسلل الدور القطري كما النفوذ الإيراني، وقبل ذلك الانتصارات الإسرائيلية. وبالتوازي مع ذلك وبعده تسللت فكرة الطائفية والميليشيات إلى الواقع السياسي العربي.[/rtl]


[rtl]من هذه الفراغات ما هو أيديولوجي. وهذا مربك في منطقة ولدت فيها الأديان الثلاث وتزدحم بالأيديولوجيات. كانت للقومية العربية (بمعناها الملتبس) حتى أواخر ستينات القرن الماضي، ومعها اليسار (بمعناه الفضفاض والسطحي) مركز الجاذبية السياسية لدى غالبية الناس. لم يكن ذلك تعبيراً عن قناعة، أو متانة في طرح هذه الأيديولوجيات. لكن القومية واليسار ملآ فراغاً نشأ بعد تأسيس الدول «الوطنية» في حقبة ما بعد الاستعمار. تبعاً لهشاشتها لم تصمد هذه الأيديولوجيات أمام الصراع العربي- الإسرائيلي. انكسرت في شكل مؤلم بعد هزيمة حزيران (يونيو). عاد الفراغ مرة أخرى، واستثمرت فيه التيارات الإسلامية، محققة في شكل عام نجاحات جماهيرية كبيرة، شبيهة بما كانت عليه النجاحات القومية. اللافت هنا أن هيمنة الأيديولوجيا الإسلامية (أو الإسلام السياسي) بمختلف تياراتها تحققت بمعزل عن الدولة، وفي صدام معها معلن في حالات وتواريخ معينة، ومضمر في حالات وتواريخ أخرى. في أجواء هذه الهيمنة ظهر التطرف والإرهاب، وبالتوازي معهما عادت إلى البروز التمايزات المذهبية. في هذه اللحظة حصلت الثورة الإيرانية. وهي ثورة اختطفها التيار الديني ليقيم في إيران دولة دينية بهوية مذهبية.[/rtl]


[rtl]في غمرة هذه التحولات كانت الدولة العربية في حال توهان أيديولوجي. هي دولة عربية إسلامية، تريد أن تكون دولة وطنية حديثة. لكنها لم تنجح، لأسباب عدة ومتداخلة، في بلورة معادلة سياسية اقتصادية لتحقيق هذه النقلة. المفارقة أن هذه الدولة أسهمت في شكل مباشر وغير مباشر أحياناً في الترويج للأيديولوجيا الإسلامية. ومع ذلك، ومع أنها تعاني من هيمنة هذه الأيديولوجيا، إلا أنها لم تنجح في طرح البديل الأيديولوجي لسحب البساط من تحت هذه التيارات. الأمر الذي دفعها إلى الأخذ بالحل الأمني لمواجهة القوى الإسلامية. وجد الناس أنفسهم بعقلانيتهم ومصالحهم في هذه الحال مع الدولة والاستقرار. لكنهم بأحلامهم وطموحاتهم (كما كانت الحال أيام القومية) يميلون للتيارات الإسلامية.[/rtl]


[rtl]يشير هذا الموقف الشعبي المتذبذب بين العقلانية والطموح، بين الدولة والتيارات الإسلامية، إلى حال فراغ ظلت ملازمة حتى الآن. وهي حال ناشئة عن عجز الدولة، أو مقاومتها لفكرة تقديم البديل الفكري لما تطرحه هذه التيارات. وهذا أمر يثير دهشة كثيرين. هل الدولة عاجزة حقاً عن تقديم البديل؟ أم أنها تخشى من أن تبنيها لفكرة البديل سترتب عليه تبعات سياسية لا قبل لها بها. مهما يكن، من الواضح أن الدولة العربية ليست مهيأة بعد للدخول في عمق الصراع الأيديولوجي. والحقيقة أنها غادرت هذا الصراع بعد الانكسار الكبير لهزيمة حزيران 67. أصبحت الدولة تقاوم فكرة الأيديولوجيا أصلاً، ولا تملك إزاءها إلا الهجاء والتبخيس. ومرة أخرى من دون أن تقدم بديلاً لما ترفضه. هذه حتى الآن ظاهرة عربية، أبرز حالاتها مصر والأردن والإمارات والجزائر وعمان. وهي ظاهرة تعبر عن حال توهان أيديولوجي. المفارقة أن الدولة بهذا العجز المترافق مع حرصها على تأكيد هويتها الإسلامية أسهمت، من دون أن تقصد، في تعزيز شعبية التيارات الإسلامية المناوئة لها.[/rtl]


[rtl]في هذه الحال لا تستطيع الدولة بمحدودية إنجازاتها السياسية وفشلها التنموي منافسة القوى الإسلامية (بمختلف تياراتها) أيديولوجياً. في المقابل لا تستطيع هذه القوى فرض خياراتها على الدولة أيضاً. هي دولة قوية أمنياً، أمام قوى لها جاذبية أيديولوجية، لكنها ضعيفة سياسياً. أكثر شيء نجحت فيه الدولة هو توفير الاستقرار السياسي. وغالبية الناس مع بقاء هذا الاستقرار، من دون أن يعني ذلك أنها مع النظام السياسي للدولة. هذه صورة عامة لها تفاصيل كثيرة تختلف من دولة عربية إلى أخرى. مع الربيع العربي وقفت غالبية الناس، وفي الجمهوريات العربية تحديداً، ضد النظام وليس ضد الدولة، ومن دون أن تكون مع التيارات الإسلامية. وهذا ما أثبتته الدول العربية الخمس التي طاولتها ثورات الربيع، وفي شكل خاص تونس ومصر.[/rtl]


[rtl]وسط هذا الفراغ الأيديولوجي، والصراعات التي كانت تدور داخله بين الدولة وخصومها نمت وترعرعت الأفكار والجماعات المتطرفة والإرهابية. من البوابة ذاتها دخلت إيران إلى الساحة العربية. ولأنها دولة دينية عملت على ملء الفراغ بإحياء الطائفية، مستخدمة الميليشيات المذهبية كرافعة لدورها المستجد في العالم العربي. لهذا الدور قصة طويلة ليس هنا مجالها. لكنه دور بدأ مع الحرب العراقية - الإيرانية، بإنشاء فيلق بدر العراقي عام 1980، وحزب الله اللبناني في 1982، وانتهى حتى الآن بالهيمنة على العراق، وتقاسم الهيمنة مع روسيا في سورية. الشاهد في كل ذلك أن الفراغ الأيديولوجي العربي سمح ليس فقط بالتطرف والإرهاب، بل بفكرة الميليشيات كرديف للدولة (وهذا علامة على ضعف الدولة)، وإعادة بعث الطائفية كمصدر مستجد للإرهاب، وبأدوار إقليمية ودولية بعضها معلن، وبعضها مستتر.[/rtl]



[rtl]ولأن الفراغات تتوالد كما تتوالد الأفكار والحروب، والانتصارات والانكسارات، ترافق، أو سبق الفراغ الأيديولوجي في الساحات العربية فراغ سياسي. أيهما كان السبب في نشأة الآخر؟ هذا سؤال ليست له إجابة واحدة لكل حال عربية. للحديث بقية.[/rtl]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مقالات  خالد الدخيل  -  Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقالات خالد الدخيل -    مقالات  خالد الدخيل  -  Emptyالإثنين 11 سبتمبر 2017, 4:49 am

البروفيسور السعودي خالد الدخيل :الوهابيون أفسدوا البلد وهيمنتهم تعزل السعودية


انتقد البروفيسور السعودي خالد الدخيل الفتوى التي افتى بها الشيخ عبد المحسن العبيكان والتي قال فيها بعدم جواز الخروج على الحكومة العراقية وقال الدخيل "فتوى سياسية لا دينية لم يوفق بها الشيخ على الاطلاق ويبدو انه اراد من خلفها ارضاء جهات معينة". 

واشار البروفيسور السعودي الذي عمل استاذا زائرا في" معهد كارنيجي للسلام" انه تعرض لضغوط كبيرة وتهديدات اثناء دعوتة للسفير الاميركي بالرياض لافتا الى انه في ليلة المأدبة تعرض تلفونه المحمول لقطع ولم يعد يستقبل او يرسل اتصالات. 

وذكر الدخيل ان ما يقال حول وجود حرية راي وتعبير في السعودية بخاصة في السنوات الاخيرة غير صحيح. 

وبين ان الخطاب الديني في السعودية اقوى من خطابها السياسي مشيرا الى ان الدولة عاجزة امام المؤسسة الدينية ولاتملك القوة لاصدار قرار تعارضة الموسسة الدينية . 

وشدد الدخيل على ان الدولة يجب ان تستوعب التطوارات العالمية وترفع هيمنة المتدينين على البلد موكدا على ان استمرار سيطرة الوهابيين ستجعل السعودية بلد خارج السياق ولاينتمي للقرن الواحد وعشرين. 

واشار الى ان مناهج التعليم السعودية لاتنتمي للعصر الحديث ولاتتوافق مع فطرة الاسوياء برداءة ما تضمه من معلومات. 

نبدا من الغياب عن الكتابة في الصحافة السعودية لماذا انت بعيد عن الكتابة في صحافة بلدك؟ 

لا أعرف إجابة محددة. هذا سؤال يوجه للمعنيين، خاصة في الصحف والمجلات السعودية. كل ما أعرفه أن هناك أمرا حال بيني وبين الكتابة في إحدى الصحف السعودية، وتحديدا صحيفة الحياة. 

ومن برأيك كان خلف هذا القرار ؟ 

أيضا لا أعلم, كل ما أعرفه أنني كنت كاتبا إسبوعيا في صفحة الرأي في صحيفة الحياة لمدة ثلاث سنوات. بعدها تعرضت لمضايقات، عرفت لاحقا أنها كانت متعمدة. ولأنها كذلك كان الغرض منها دفعي إلى التوقف عن الكتابة، وهو ما حصل بالفعل. كان ذلك في عام 2003م. ومنذ ذلك الحين وأنا غير مسموح لي بالكتابة في هذه الصحيفة. 

وماهي أسباب هذه المضايقات؟ 

صدقني لا أعلم . فجاة تعرضت لمضايقات فهمت انها تهدف إلى إبعادي بطريقة لبقة. طبعا فهمت الرسالة فتوقفت. 

هل هناك سبب للإيقاف لفت انتباه الصحف السعودية بعدم استكتابك؟ 

كما أشرت، لم تتم عملية إيقافي عن الكتابة في صحيفة الحياة بشكل رسمي ومباشر، بحيث انه اتصل علي أحد المسؤولين في تحرير الصحيفة وأبلغني بقرار الإيقاف، بل حصل الأمر بطريقة قصد منها "الزحلقة". فبعد ثلاث سنوات من الكتابة الأسبوعية المنتظمة كما قلت بدأت المضايقات اما بتأخير نشر المقال أو عدم الثبات على يوم معين ينشر فيه، أو بالإلحاح علي بتغيير طريقة الكتابة. بعد ذلك أقترح علي تجنب الكتابة في مواضيع تخص السعودية. كانت عملية المضايقة تدريجية، إلى أن وصل الأمر الى تعمد عدم نشر المقال في بعض الأسابيع. أنا فهمت الرسالة طبعا غير المباشرة "فسحبت نفسي". 

وماهي أسباب "الزحلقة" برأيك؟ 

أنت تلح في السؤال عن الأسباب. وأنا لا ألومك في ذلك. لكن كما تعرف لا تتم عمليات توقيف الكتاب في السعودية بشكل رسمي ومكتوب يوضح أسباب التوقيف. هناك كما يبدو أمور تحدث في لحظة ما بين جهاز التحرير في المطبوعة من ناحية، وبين جهات حكومية من ناحية أخرى. وفي النهاية يتخذ قرار التوقيف. والأنكى من ذلك، أنه لا يسمح لجهاز التحرير، أو لرئيس التحرير تحديدا، بإبلاغ الكاتب بسبب أو إسباب توقيفه. وبالتالي فأنا لم أعرف حينها سبب توقيفي. ربما أن رئيس التحرير في ذلك الوقت، جورج سمعان، أو مدير التحرير حينها، عبد الوهاب بدرخان، يعرف شيئا عن الأسباب، إلا أنه لم يخبرني بذلك. هذا رغم أنه كانت هناك اتصالات عبر الهاتف او الإيميل مع مدير التحرير، ولم يخبرني او يوضح لي شيئا. وفي احد الأسابيع كتبت مقالة لم تنشر، اعقبتها في الاسبوع التالي بمقال ايضا لم ينشر فقررت التوقف. وبعد توقفي لم يتصل بي أحد ليسأل عن عدم إرسالي لمقالتي الإسبوعية. قبل ذلك كان الأمر مختلفا. كان تأخر المقال أمر غير محتمل. ثم بعد توقفي بفترة ليست قصيرة اتصل بي جهاز التحرير ليعتذر عما حصل، ويفهمني بأنه أمر كان خارج إرادتهم. 

-هل هناك مقال كتبته وتعتقد انه عجل برحيلك؟ 

كانوا كثيرا ما يقولون لي بإن المقالات التي تكتبها، وبخاصة عن السعودية حساسة، وتسبب شيئا من الحرج. كان ذلك قبل عملية المضايقات والزحلقة. طبعا من الواضح أنني لم أدرك المقصود بكل ذلك. 

برأيك هذا التعامل مع الكاتب السعودي ماهي اسبابه، خاصة وأن هناك كتاب غير سعوديين يتعاطون مع قضايا المملكة ويكتبون بحرية، ولا تجد من يحاسبهم على آراءهم؟ 

هذه من تناقضات السياسة الإعلامية في السعودية. يتقبلون من كاتب غير سعودي ما يكتبه عن السعودية، وأحيانا يكون ما يكتبه نقدا حادا. اما نحن "فلا". وهذه للأسف سياسة فاسدة، تسيء ليس فقط للكاتب، بل للسياسة الثقافية والإعلامية السعودية، الأمر الذي يتطلب اعادة النظر فيها. عندما لا تحترم الدولة كتابها ومثقفيها، ولا تحتملهم، فهذا يعني أنها دولة من دون كتاب ومثقفين لهم مصداقيتهم وإحترامهم لدى الآخرين. ما يمارس بحق الكاتب السعودي لايجوز، وليس له ما يبرره. فمن غير المعقول أن تجد، مثلا، كتابا اميركيين كتوماس فريدمان ونيكولاس كريستوف يسمح بترجمة مقالاتهم في بعض الصحف السعودية رغم انهم - بخاصة فريدمان - يتهجمون غير ما مرة، وبشكل حاد ومباشر على السعودية، بل وعلى الملك نفسه ومع ذلك تجد – أعني فريدمان_ الصحف تتجشم عناء ترجمة مقالاته ونشرها. وكذلك الأمر مع كاتب آخر، هو جيم هوجلاند. هذا في حين يعاقب الكتاب السعوديون على أقل من ذلك بكثير. لا تصل درجة نقد هؤلاء الكتاب إلى واحد من المليون مما يكتبه أولئك الكتاب الأميركيون، ومع ذلك تغلق الأبواب في وجوههم. هذا على الرغم من أن ما يكتبه السعوديون، وإن اعتبره البعض قاسيا، فهو نابع من الحرص على مصلحة الوطن .أما ما يكتبه الكاتب الأميركي في حق السعودية، مهما كان، فهو نابع من إلتزام بالمصالح الأميركية أولا وقبل كل شيئ. 

-تقول إنك مبعد من الكتابة في الصحافة السعودية لكنك كتبت في الوطن ردا على الأمير خالد الفيصل وكتبت في الرياض بعد وفاة الملك فهد, الا يدل ذلك على ان ليست هناك توجيهات بعدم استكتابك؟ ام ان السماح لك بالكتابة يرتبط بالمناسبات؟ 

أنا لم أقل بأن هناك توجيهات بعدم إستكتابي. قلت أنه تم إيقافي من الكتابة في الحياة. ربما أن هذا ترك أثره لدى الآخرين. وللعلم فإنه بحكم علاقتي مع بعض رؤساء تحرير الصحف أبديت رغبتي بالكتابة فجاءني رد بارد بالموافقة على شكل مجاملة تفرضها أدبيات العلاقة والمهنة، لكن من دون ترحيب حار، أو ربط الموافقة بشروط. وهناك في الحقيقة من إعتذر بلطف. والغريب أن الصحيفة الوحيدة التي حرصت على إستمراري بالكتابة فيها هي صحيفة "الإتحاد" الأماراتية. حيث أن هذه الصحيفة هي التي إتصلت بي عندما كنت أكتب في الحياة، وطلبت أن أكون أحد كتابها. والأكثر من ذلك أن الأخوان في "الإتحاد" قبلوا بكل أريحية أن ينشروا نفس مقالتي التي أكتبها لصحيفة الحياة في اليوم نفسه. وعندما أوقفت من الكتابة في الحياة، لم يؤثر ذلك في موقف "الإتحاد"، حيث ما زلت أكتب فيها المقالة الرئيسية في صفحة "وجهات نظر"، أو صفحة الرأي فيها. أما ما ذكرت في سؤالك، فإن ما كتبته في الوطن كان ردا على مقالة الأمير خالد الفيصل، وفي الرياض تم نشر مقالتي الإسبوعية نفسها في الإتحاد بحكم المناسبة. وهذه من نوع الإستثناء الذي سمح لي أن أطل من خلالها على القارئ المحلي. انا كاتب سعودي، وقناعتي الراسخة ان اكتب في صحف بلدي واتوجه لقارئي المحلي فهو الذي يهمني والكاتب لايمكن ان ينجح دون قارئه المحلي. لكن، كما يقال، تجري الرياح بما لا تشتهي السفن. 

الاتوجد صحيفة عرضت عليك الكتابة فيها بعد ان اوقفتك الحياة ؟ 

أبدا. 

-الاتعتقد ان تحاشي الصحافة السعودية لك عائد لسعي هذه الصحف لتحاشي المشاكل التي ربما تسببها حدة كتاباتك؟ 

هذه مسألة نسبية. هناك من يقول عكس ذلك فيقول خالد الدخيل عنده موقف نقدي، لكن اسلوبه لا يتسم بالحدة، بل بالتوازن. قناعتي انا إن كتاباتي ليست حادة . فقط لدي رأي ولا يمكن ان أساوم عليه. 

هناك من يرى ان من اسباب عدم الرضا عليك الى جانب كتابتك الحادة انك رجل متحدٍ للأنظمة والقرارت على سبيل المثال تحديك لقرار مجلس الوزراء الذي نص على عدم انتقاد الموظف الحكومي لسياسات الدولة خرجت في يوم القرار في برنامج"60MINUTE" ولم تلتزم بتوجيهات الدولة وواصلت نقدك؟ 

هذا القرار وحتى الخروج في هذا البرنامج تحدثت عنه بشكل وافي في مقالي بصحيفة الاتحاد وزدت بالحديث عنه في مقال كتبتة لصحيفة الـ"لنيويورك تايمز" الأميركية .انا لم اتحد احد , وعندما خرجت في البرنامج لم يكن في حسابي معاندة احد. اعتقد ان قرار منع الموظف في الحكومة من التحدث لوسائل الاعلام قرار غير موفق وهو بالمناسبة قرار رديء جدا من حيث الصياغة القانونية. اضف الى ذلك ان هذا القرار تنقصة الحصافة فهو يساوي بين النقد والمناهضة للدولة، وهذا غير صحيح. فعندما تنتقد وضعا ما في بلدك, فهذا لايعني بالضرورة انك مناهض للبلد أو للدولة . هذه وجهة نظر ليس إلا. ليس مهما إن كانت وجهة النظر هذه صحيحة أو خاطئة. قد تكون هذه أو تلك. المهم هل هي صادقة وموضوعية. الأمر يتعلق بحرية التعبير كحق وكمبدأ، ومدى ماهو متوفر من مساحة أو هامش هنا للتعبير. لماذا لا يستفاد من وجهات النظر، وفتح المجال أمام تعددها؟ هذا في صالح الدولة والمجتمع، وصالح صانع القرار. لكن يبدو أن هناك من لا يريد، لسبب أو آخر، أن يصل كل ذلك لصانع القرار. اتحدث هنا عن نفسي. انا عندما انتقد السعودية، أنتقد سياسات أو مواقف بعينها، ولا أنتقد الدولة تحديدا. هناك فرق يجب أن يكون واضحا بين الدولة وبين الحكومة. توجيه النقد لسياسات معينة، هو نقد موجه للحكومة، وليس للدولة. من يقول بعكس ذلك يجعل من الحكومة جهازا يختزل الدولة. وهذه رؤية اقل ما يقال فيها أنها خاطئة. الحكومة تمثل الدولة، وتمارس سلطاتها بإسم الدولة، لكنها لا تختزل الدولة. ومن هذا المنطلق فإن موقفي النقدي لايحمل موقفا مناهضا للحكومة، فضلا عن أن يكون منهضا للدولة. 

لكن هناك من يرى من خلال ما تكتب انك لا تدين بالولاء لوطنك؟ 

من يتحدث بمثل هذه الاقاويل , لا يتعدى امرين اما جاهل لا يدري عن ما يتحدث او منافق. مثل هذه الاتهامات كانت مقبولة في الستينات. ففي تلك الاعوام كان المثقف دائما مناهضا لحكومتة ويعمل على اسقاطها بالتعاون مع جهات خارجية. اما الآن فقد انتهى، أو يجب أن يتوقف مثل هذا الكلام. والمؤسف أن الحكومة لا تزال تحتفظ بهذا التصور التقليدي عن المثقف. هذا على الرغم من أن تركيبة المجتمع تغيرت بشكل كبير، وتغيرت ثقافته وأولوياته بحكم التوسع في التعليم، والتنمية الإقتصادية والإجتماعية، والثورة التي حصلت في تكنولوجيا الإتصالات. حتى المشهدين الإقليمي والدولي أصابهما تغير كبير كذلك نتيجة لعوامل عدة أبرزها نهاية الحرب الباردة. من يعتقد أن الموقف النقدي من الدولة يعبر عن عدم ولاء لها لا يزال يفكر على طريقة ما أسميه بـ"ثقافة ستينيات" القرن الماضي. لقد تغير مفهوم المثقف، وتغير موقفه السياسي بالتوازي مع تلك التغيرات. وأنا أقصد بذلك المثقف الذي لا ينتمي إلى تيار الإسلام الصحوي. لاحظ إنقلاب المواقف هنا. في ستينيات القرن الماضي كان المثقف الإسلامي أكثر ولاء للدولة من المثقف العلماني، خاصة من ينتمي إلى التيار اليساري أو القومي. الآن أصبح الأمر على العكس من ذلك. تراجع اليسار، ومعه تراجع الخط القومي بصيغته البعثية والناصرية. وحل محل ذلك التيار الليبرالي الذي يؤمن بشرعية الدولة، لكنه يطالبها بالإصلاح، خاصة الإصلاح السياسي، ويطالبها بالحريات. من ناحيته اصبح المثقف الصحوي يحتل موقع المثقف اليساري، لكن من منطلقات مختلفة تماما. ومن حيث الموقف النقد، كيف يمكن فهم موقف صحافي أو كاتب اميركي يمارس نقدا حاد في طرحة وانتقاده لسياسات الحكومة الأميركية، وآخرها حرب العراق. ومع ذلك تجده من اكثر الاميركيين ولاء لنظامه السياسي. لم يحدث أن تم التشكيك في ولاء هذا الصحفي أو الكاتب الأميركي. وعندما يحدث ذلك من جهات رسمية تتعرض الحكومة لهجمة نقدية أشد، مما يعكس رفضا قاطعا لربط الولاء للدولة بمجرد التسبيح والتهليل لسياسات الحكومة. 

الاتهامات لاتتوقف عند اتهامك بعدم الولاء بل تتجاوز الى اتهامك بأنك احد الاصوات المشبوهة كما فسر البعض مقال الامير خالد الفيصل عندما كتب في صحيفة الوطن السعودية يرد على احدى مشاركاتك الفضائية؟ 

ان اكون من الاصوات المشبوهة هو استنتاج من البعض, لكن الأمير خالد لم يتهمني بذلك مباشرة لو تمعنت في مقاله. هو ألمح إلى ذلك إلماحا. وقد رفضت ذلك في حينه. 

واسباب رد الأمير عليك بذلك المقال الذي عنونه ب "بل تواجه وتواجه يا أستاذ العلوم السياسية"؟ 

كنت ضيفا على برنامج "أكثر من رأي" على محطة الجزيرة، وكان الحديث يدور حول طرد وزارة الخارجية البريطانية لأحد الدبلوماسيين السعوديين. وسألني المذيع هل سترد السعودية بالمثل وتطرد احد الدبلوماسيين البريطانيين، فقلت لا أتوقع ان تقدم السعودية على ذلك. وكان تبريري أن السعودية لا تتبنى سياسة المواجهة في علاقاتها الخارجية. وقد صادف ان الامير خالد كان يتابع البرنامج. ومن الواضح من مقالته انه استاء من إجابتي. وكما تعرف هناك حساسية لدى بعض الرسميين السعوديين تجاه محطة الجزيرة، وتجاه أي سعودي يقبل بالحديث إلى هذه القناة. في هذا الإطار إعتبر الأمير خالد ما قلته حينها بأنه اتهام للسياسة السعودية بالجبن، وربما إتهام لصانع القرار السعودي بالجبن أيضا. وهو على أية حال فهم غير صحيح. المهم أن الامير خالد كتب وقتها مقالا مطولا في صحيفة "الوطن" السعودية أراد منه أن يثبت، ومن وقائع التاريخ السعودي، عكس الإستنتاج الذي توصل إليه هو. وقد بدأ مقالته بديباجة تحدث فيها عن بعض الفضائيات التي تستأجر أصواتا مشبوهة. وفي هذا ما يمكن القول بأنه إتهام موجه لي شخصيا بحكم المناسبة، وحكم الموقف من قناة الجزيرة. على أي حال كتبت مقالا في الصحيفة نفسها مقالا أوضحت فيه أن الأمير يدافع عن قضية لا وجود لها. 


هناك من رأى ان ردك على الامير خالد كان اعتذارا وبطريقة ذكية جدا؟ 

أبدا. أكدت في المقال ما قلته على القناة الفضائية. والحقيقة أن رد الأمير فتح المجال أمامي لشرح وتفصيل الأسباب والمعطيات التي تبرر القول بأن السياسة الخارجية السعودية لا تتبنى أسلوب المواجهة. 


وبرأيك الأسباب التي تدفع السياسة السعودية لعدم المواجهة؟ 

السعودية تعتمد في سياستها الخارجية على عنصرين التوازنات السياسية والمساعدات المالية وعندما تعلق موقفك بهذين الأمرين فأنت تصبح كمن يرهن مواقفه السياسية بمواقف الآخرين، وبالظروف السياسية لتلك التوازنات على المستويين الإقليمي والدولي. ولهذا تحرص السعودية على ان لا تصطدم باحد، ولا تثير احدا حتى لا يضطروها الى اتخاذ قرارات لاتريد اتخاذها. وأبرز شاهد هو السياسة الامنية للسعودية. فبلد بحجم المملكة الجغرافي، وحجمها الإقتصادي، وبمثل مكانتها وعمقها الاستراتيجي لاتملك قوة عسكرية تتناسب مع هذا كل ذلك. و بسبب من ضعفها العسكري يصبح مجال حركتها السياسية أقل رحابة مما يجب. 


ايضا من ضمن الاتهامات التي تتهم بها علاقتك بجهات خارجية؟. 

مثل من . 

السفير الاميركي بالرياض؟ 

مجرد مأدبة واحالوها الى علاقة مع جهات خارجية. 

يقال إن في المأدبة، انت ومن دعيت، كان تركيز حديثكم امام السفير الاميركي على السلبيات الموجودة في السعودية أي نقلتم له الوجه غير الحسن لبلدكم؟ 

غير صحيح, المأدبة ضمت شخصيات حكومية وشخصيات من مجلس الشورى واعلاميين واساتذة جامعات و كان من المدعوين شخصيات رسمية واخرى غير رسمية. كلا، قال وجهة نظره واعتقد ان السفير خرج بتصور مختلف عن كيف يفكر السعوديون وكيف ينظرون لسياسة بلده. ثم ان العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية لايجب ان تكون فقط من خلال قناة العلاقة الرسمية. 

يقال إن هذه المأدبة اثارت سخط بعض الأطراف وسعت جاهدة لثنيك عن اقامة الدعوة؟ 

هذا صحيح وبالفعل تعرضت لضغوط لإلغاء المناسبة. لكنني لم استجب لهذه الضغوط. 

ضغوط ممن؟ 

ليس مهما أن تعرف ممن. 

اذا كيف تبلغت بالتحذير؟ 

لا داعي لذكر اسماء. 

وما صحة التشويش على تلفونك المحمول ومن بعد قطعه ليلة المأدبة؟ 

هذا صحيح فليلة المأدبة هاتفي لم يعد يستقبل أو يرسل . 

من الذي تسبب بفصل خط تلفونك؟ 

- ا أعلم ولست متأكد هل الفصل جاء عمدا ام كانت مصادفة, لكن ما استغربه ان يكون هذا الخلل هو المرة الاولى والاخيرة لتلفوني المحمول وربما أن المأدبة تفسر ما حدث. 

يلاحظ في مقالاتك انك تكتب بشكل فيه الكثير من الجرأة هل سبق وعرضتك هذه الجرأة لمشاكل؟ 

مرة واحدة استدعيت لوزارة الاعلام وأوقفت بعد هذه الدعوة عن الكتابة في صحيفة الحياة لمدة شهر. 




.......يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مقالات  خالد الدخيل  -  Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقالات خالد الدخيل -    مقالات  خالد الدخيل  -  Emptyالإثنين 11 سبتمبر 2017, 4:50 am

.........  تابع





لو نعود للإتهامات الموجهة لك فانت تتهم انه في الوقت الذي قاطع مثقفو بلدك الجزيرة ورفضوا الإدلاء باحاديث لها كسرت هذه القاعدة وكنت الصوت السعودي الحاضر على شاشة الجزيرة, لماذا شذذت عن رأي الجماعة؟ 

انا لا أؤمن بمقاطعة الجزيرة واعتقد ان مقاطعة الجزيرة غير مجدية واسلوب "غير ذكي" للتعامل مع قناة مثل الجزيرة. هذه محطة جماهيرية، مقاطعتها من قبل دولة بحجم السعودية تزيد من شعبيتها. وبالتالي لايوجد مبرر للمقاطعة رغم كل مايقال عن الجزيرة، وموقفها من السعودية. الجزيرة قناة كبيرة ولها متابعين ويمكن للمسؤول السعودي ان يمرر ما يريد تمريره للمشاهد العربي عبر هذه القناة. اذا اردت مواجهة الجزيرة لاتقاطعها بل ابحث عن ايجاد وسائل اعلامية تنافسها في شعبيتها، وتسمح لك بأخذ زمام المبادرة في التعامل مع الرأي والخبر. 

-تعتبر وفق نظر البعض الى جانب داود الشريان وتركي الحمد من ابرز الكتاب السعوديين والبعض الآخر يرى انكم من الكتاب العرب الممتازين ومع ذلك اقفلت صفحات الرأي في الصحف السعودية ابوابها دونكم.. هناك من رأى ان الصحف السعودية ترسخ للاعلام الرديء بابراز الفاشلين على حساب الناجحين هل ترى ذلك؟ 

استغرب ماحدث بحقنا نحن الثلاثة فالشريان كاتب مقالة يومية متميز والحمد محلل سياسي متميز أيضا. اعتقد ان السبب في هذه المعاملة عائد للمواقف النقدية لهما. لكن ربما أن السماح بعودة داود للكتابة في الحياة بداية أخرى جديدة. لا يليق ببلد بحجم وتاريخ السعودية أن يضيق ذرعا بالنقد، وخاصة عندما يأتي هذا النقد من مواطنيه. 

وحرية الاعلام التي يقال إنها بدأت المسيرة قبل ثلاث سنوات , كيف تضيق بنقدكم؟ 

في السعودية لايوجد حرية اعلام ولاحرية تعبير. 

ومايطرح من قضايا كان الى قبل سنوات قليلة يغض الطرف عنها والتطرق لها يدخلك لدائرة المحذور؟ 

ما يحدث في السعودية الآن أن هناك هامشا لحرية التعبير. وهناك فرق بين ان يكون هناك هامش لحرية التعبير، وبين حرية التعبير كمبدأ. حرية التعبير، كمبدأ وحق، غير موجودة تماما بالسعودية. 

وماهي علامات الحرية اذا لم تكن السعودية في السنوات الأخيرة لا توجد بها حرية؟ 

علامات الحرية ان يكون في دستور البلاد ما ينص على حرية التعبير وحرية الرأي وعلى جميع اشكال الحريات الى جانب توفر آليات قانونية وسياسية لحماية وتفعيل هذه الحرية وهذا يتطلب وجود مؤسسات مجتمع مدني وهي للاسف غير موجودة، والموجود منها ضعيف ومرتبط بالحكومة بشكل أو بآخر. دستور البلاد، أو "النظام الاساسي للحكم" لا يتضمن أية مادة تتطرق لموضوع الحريات، وتوفر ضمانة حمايتها وكفالتها كحق للمواطن. نعم هناك هامش حرية وهو افضل من السابق بلا شك، ولكن مع الاسف هذا الهامش يظل مرتبط بالظروف وما يريده صانع القرار. فعلى ضوء هذين الامرين يضيق الهامش ويتسع وربما يختفي. 

وعلى أي اساس يضيق أو يتسع هذا الهامش؟ 

هناك ظروف عدة تحدد اتساع هامش الحرية او ضيقه. فإذا كانت هناك ضغوط خارجية اتسع هذا الهامش، مثلا. واذا اقتنع صانع القرار بتوسيع هامش الحرية اتسع وان اقتنع بالعكس ضاق. يعني اتساع وتضييق هامش الحرية هو عملية سياسية مرهونة بالظروف السياسية في الداخل والخارج، وليس بضوابط الدستور والقانون. 

هامش الحرية الحالي هل تتوقع له ان يضيق ؟ 

بالفعل بدأ يضيق فقبل ثلاث سنوات وصلت النقاشات في البلد حول الاصلاح والانفتاح الى قمتها. الآن اختفت هذه الدعوات وانتهت كلمة"الاصلاح" من الخطاب السعودي الرسمي وغير الرسمي. 

في نقطة اخرى اخذ عليكم في مطالبكم الاصلاحية انكم لم تكونوا موفقين في مطالبكم برفع سقف المطالبة الى اعلى سقف كمطالبتكم بملكية دستورية, البعض رأى ان هذه المطالبة فيها تجاوز للمنطق بسعيكم لإلغاء رجال والدهم هو من أسس هذا الكيان الذي تنشدون اصلاحه وبالتالي فانتم تسعون لإلغاء وجودهم؟ 

أولا ليس صحيحا أن الهدف من الإصلاح عموما، ومن عريضة الملكية الدستورية خصوصا، هو إلغاء أو تهميش دور القيادة. كل ما في الأمر أنه كان هناك سوء فهم لمصطلح "الملكية الدستورية". فهم هذا المصطلح من قبل بعض الأخوان على أنه مجرد مطالبة بأن تحتكم الدولة إلى دستور. هناك فهم آخر، وأكثر دقة وأكثر إجماعا بين المختصين في القانون والعلوم السياسية. وعلى هذا الأساس كنت من المعترضين على هذه العريضة ولم اوقع عليها. ثم ان عريضة الملكية الدستورية، وإن اتفقنا على انها لم تكن موفقة، إلا أنها كانت مجرد واحدة من بيانات سبقتها، تضمنت مطالب باصلاحات كبيرة وتتناسب مع طبيعة المرحلة. فلماذا نحمل وزر عريضة الملكية الدستورية أكثر مما تحتمل. ارجو ان لانتوقف عند هذه العريضة الذي اعترض عليها الكثير من داخل الحكومة وخارجها، وحتى كثير من الاصلاحيين، ونلغي ما سبقها بدعوة ان هذه العريضة لم تكن موفقة. ولا يفوتني هنا التنويه بالتفهم الكبير الذي أبداه الملك عبدالله بن عبدالعزيز للموقف، والذي على أساسه أطلق سراح الإخوة علي الدميني، وعبدالله والحامد، ومتروك الفالح. 

الا تعتقد بأن عريضة الملكية الدستورية "ضربت"مساعيكم للاصلاح؟ 

اعتقد انها استغلت من جهات لضرب الاصلاح , ومع هذا لايجب ان تكون هذه العريضة مبررا للاستمرار في ضرب الاصلاح لأنه لو كانت العرائض السابقة تحمل ما تحمله عريضة الملكية الدستورية لالتمسنا العذر لوقف دعاوي الاصلاح اما ان كانت العرائض السابقة مقبولة في مطالبها فمن غير العدل تناسيها. 

كان عام 2003 عام المطالب الاصلاحية في السعودية ,ما جاء بعده من اعوام خفت المطالب حتى قاربت على التلاشي, هل انتهى زمن المطالبة بالاصلاح في السعودية؟ 

مطلب الاصلاح مطلب ملح، وهو أولا وأخيرا في صالح الدولة. وهذا هو السبب الرئيس وراء الإصرار عليه. الإصلاح هو مصدر قوة وضمانة للدولة، وليس من مصلحة أحد أن يتوقف الإصلاح. لهذا لن يتوقف مطلب الإصلاح. ما حدث للمطالب الإصلاحية يعيدنا الى ما سبق وتحدثنا عنه حول هامش الحرية. كان من المفترض أن يكون إتساع هامش الحرية إستجابة لحاجات الدولة، ولمطالب داخلية. لكن الذي حصل لم يكن كذلك تماما. بدأت الإستجابة للإصلاح بعد غزو الكويت، ووصول القوات الاميركية لتحرير الكويت. بعد ذلك بدأ الهامش يضيق، حتى عاد للإتساع بعد احداث سبتمبر. مع قدوم القوات الاميركية للمنطقة لتحرير الكويت ظهر النظام الاساسي للحكم، ونظام مجلس الشورى، ونظام المناطق. وبعد أحداث الحادي عشر من سبتبمبر جاء مركز الحوار الوطني والانتخابات البلدية وبدأنا نسمع بقبول التعددية الفكرية والمذهبية. مما سبق نلاحظ ان وتيرة الاصلاح في السعودية تتأثر بعوامل خارجية أكثر من تأثرها بالمعطيات والحاجات الداخلية رغم وجودها وإلحاحها. الضغوط الخارجية أثرت ايجابا على الحركة الاصلاحية في البلد. لكن يجب أن يكون الأمر على العكس من ذلك. 

هناك من يرى ان مجلس الشورى بوضعه الحالي غير مفيد بل ان استمراره بهذه الآلية غير مجدٍ ومكلف للبلد ماديا؟ 

في النظام الاساسي للحكم وفي نظام مجلس الشورى توجد مواد تنص على ان مجلس الشورى شريك في العملية التشريعية مع مجلس الوزراء. لكن قيادة مجلس الشورى وصانع القرار لا يريدان الدفع بهذا الاتجاه. ومع ذلك يبقى الامل قائما ان يكون لمجلس الشورى دور في رسم سياسات البلد استنادا الى الدستور الذي ينص على ذلك. وليس هناك ما يمنع دستوريا من أن يتطور مجلس الشورى ليصبح المؤسسة التي تتولى السلطة التشريعية. 

الحوار الدائر في السعودية من خلال مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني والذي شاركت في احدى فعالياته هل تعتقد بالفعل وجود حوار في هذا الحوار؟ 

فكرة الحوار رائعة جدا ويشكر من قام على تدشينها، وهو الملك عبدالله بن عبدالعزيز. لكن ان استمر الحوار على ماهو عليه بتحويله لموسسة بيروقراطية برعاية الحكومة فهذا سينفي فائدته وسيصبح غير مجدٍ بخاصة ان الحكومة غير طرف في الحوار. 

واذا استمرت الحكومة بعيدة عن الحوار بحيث لا تكون طرفا فيه؟ 

عندها سيصبح الحوار مكانا لتجزئة الوقت وامتصاص الاحتقانات الموجودة في المجتمع. هذا الحوارحتى يكون طبيعيا ومجديا يجب ان يترك مفتوحا بين شرائح المجتمع بحيث يطرح في الجامعات والاعلام فهذا هو المكان المناسب له . وان لم يطرح في هذه الاماكن فإن الحوار سيخضع للأطر والاطروحات البيروقراطية وسيكون شبيه بالنوادي الادبية او نوادي الطلبة السعوديين في الخارج. 

الحكومة الراعية للحوار هل توجه الحوار وفق ما تريده؟ 

لا. ففي الداخل هناك حرية نقاش .لكن الآلية التي يتم بها الحوار وطريقة دعوة الضيوف تقتل الحوار. على سبيل المثال تدعى ثمانون شخصية ضف عليها خمسين امرأة ويتحاورون في ما بينهم في مدة لاتتجاوز ثلاث ساعات لايوجد وقت لطرح فكرة او عمل مداخلة وان وجدت فرصة للحديث فهي لا تتجاوز دقيقتين لاتستطيع ان تطرح فيها ما تود قوله وان وجدت مرة اخرى فرصة لعمل مداخلة للرد على فكرة احد المدعوين فإنها لا تاتي سوى بعد اكثر من ساعة ويحصل عادة نسيان ما تود التداخل حوله، وربما يكون الحديث قد تجاوزه كثيرا. المكان الطبيعي للحوار هو المجتمع بمؤسساته المختلفة: في مجلس الشورى، والجامعات، ووسائل الإعلام، والمؤسسات الأخرى. كذلك لا ينبغي أن يتحول الحوار الى مناسبات موسمية، كما هو حاصل الآن، تحكمها أنظمة وأطر بيروقراطية، وتغيب عنها الحكومة، وهي الطرف الذي يجب ان يكون طرفا اساسيا في الحوار. فالحكومة هي صانعة سياسات البلد وهي التي تضع أنظمته. وكل ذلك يجب أن يكون أحد أهم مواضيع الحوار. الناس لديها مواقف، وردود افعال تجاه الحكومة وسياساتها، وتريد مناقشة الحكومة، بل ومحاسبتها أحيانا. هذا يحدث حتى في الدول التي تملك برلمانات تتولى مراقبة الحكومة ومحاسبتها. ان استمر الحوار بغياب الحكومة فلا يوجد حوار. فقط تضييع وقت. 

أود سؤالك عن السر السعودي في اقحام رجال الدين في كل شيء مجلس الشورى يقودونه، مناهج التعليم هم من يقررها، حتى الحوار الوطني كانوا هم ابرز من يديره ويشارك فيه وهناك غير ذلك كثير؟ 

اضف الى ذلك تعليم البنات. بل حتى التعليم بشكل عام يخضع للمؤسسة الدينية. ولهذا السبب اتهم وزبر التعليم السابق الدكتور محمد الرشيد بالعلمانية. ربما أن تعيين الوزير الأخير جاء لترضية المؤسسة الدينية. اعتقد ان السبب في الاعتماد على رجال الدين كمصدر يكاد أن يكون حصريا لشرعية الدولة مرده الإعتقاد بأن الأسس التي قامت عليها الدولة من خلال الاتفاق التاريخي بين محمد بن سعود ومحمد عبد الوهاب لا تزال هي الأسس نفسها، ولم تتغير. هذا رغم حقيقة أن المجتمع تغير عما كان عليه في القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي. 

لكن الا ترى ان الوضع اختلف فلايجوز سحب اتفاق قبل اكثر من قرنيين على مرحلة مختلفة تماما وتتعامل مع واقع مغاير محكوم باتفاقات ومعاهدات وعالم اصبح قرية صغيرة؟ 

هذا هو السؤال الذي اطرحه , واتساءل معك فالعقد المسمى بوثيقة الدرعية استنفذ اغراضه وما كان قائما في القرن الثامن عشر يجب ان لم يعد كذلك في القرن الواحد والعشرين. هناك امور كثيرة اختلفت ففي ما مضى كان ما يمثله كل من طرفي الإتفاق، محمد بن سعود ومحمد عبدالوهاب، إنعكاس لواقع المجتمع آنذاك. حيث كان المجتمع اميا فقيرا بسيطا. الآن تغير الوضع تماما. مجتمع الدرعية، بل المجتمع النجدي اختفى بشكل يكاد أن يكون كاملا. بل حتى مجتمع الجزيرة آنذاك لم يعد له وجود الآن. انقلبت التركيبة الاجتماعية الآن لديك مثلا خمسة ملايين طالب في مختلف مراحل التعليم، ولديك رجال اعمال وصحافيين ونساء عاملين وفنانين ورسامين يعيشون من خلف هذه المهنة. 

اذا لماذا لايستوعب السعوديون هذه الحقيقة ويكون المنصب لذوي القدرات والكفاءات وليس للأكثر تدينا؟ 

طبيعة الامور تقول بذلك , وبخاصة في ظل التطورات الحالية يجب ان يوسع العقد ليشمل اطرافا اخرى. المؤسسة الدينية لم تعد لوحدها تمثل المجتمع بل لم تعد تلاءم طبيعة المرحلة وبالتالي فإن الإتكاء على وثيقة تتجاوز القرنين ونصف امر غير منطقي . 

هناك من يرى ان هولاء الذين تسعى الدولة لإرضائهم هم سبب ما مر البلد به من فتن ابتداء بالسبلة مرورا بتمرد جهيمان وانتهاء بما يفعلة بن لادن ورفاقه, البعض يفسر هذه المحاباة بأنه لكي تحترم فيجب رفع السلاح؟ 

للأسف فإن الدولة ترسخ لهذا الانطباع فمن يحمل السلاح هو الذي يحترم. فالدولة تجامل المؤسسة الدينية ومع ذلك فجميع مشاكلها جاءت من الخطاب الديني ,فالارهاب خرج من عباءة الخطاب الديني ومع ذلك نجد في الخطاب الرسمي من يسمي هولاء الارهابيين "بفئة ضالة" اي ان هولاء فقط مخطئين وليسوا قتلة مجرمين. 

بدأ بخاصة بعد الحادي عشر من سبتمبر تصيد من التيارات المناوئة للاسلاميين بحيث بدأوا بخلط الاوراق ووضع الإسلامي مع الارهابي في سلة واحدة هل انت مع هذا الخلط؟ 

هذا لا يجوز فهناك اسلاميون ليسوا ارهابيين. ما أقوله إن الخطاب السلفي المتشدد هو أحد أسباب ما يحدث في السعودية وغيرها من بلاد العالم. لا يجب هنا أن ننسى دور الدولة، وسياساتها التعليمية، والثقافية، وغير ذلك. 

يأخذ الليبراليون على الدولة اندفاعها لمعاقبتهم بمجرد خطأ لأحدهم في الوقت الذي يأخذ الإسلامي الدثور والاجور رغم انه من هيج الشارع ودعى للخروج على الدولة في فترة من الفترات بل وحرم العمل بموساساتها والدراسة في مدارسها؟ 

السبب في تصوري تاريخي بشكل أساسي. الخطاب الديني كان الطرف الآخر الذي شارك في قيام الدولة. التيار الليبرالي لم يكن هناك. الإشكالية هنا تتعلق بتجميد التاريخ عند مرحلة معينة، وعدم إدراك أن التاريخ متحرك. 

برأيك هل تعتقد ان الارهاب نتاج الفكر الوهابي كما يقال؟ 

الوهابية في الاسس هي ايديولجية الدولة. الحركة الوهابية التي اسست الدولة وينتمي لها ابن باز آخر كبار الوهابيين التقليديين لايمكن ان تكون مناهضة للدولة ولايمكن ان تكون سببا لخروج الارهاب لأنها عقديا تحرم الخروج على ولي الأمر. 

اذا هولاء غير وهابيين ومايقال عن علاقة الارهاب بالوهابية يقصد منه تشويه هذا الفكر؟ 

التطورات التي حدثت في المجتمع السعودي وفي المنطقة اثرت على تطور الخطاب الديني وتغيره وبالتالي المؤسسة الوهابية لم تعد واحدة متماسكة كما كان عليه الامر حتى قبل السبعينات ففي هذا التاريخ دخل التعليم الحديث ووفد فكر ديني مختلف من الخارج وبالتالي بدأت هذه الموسسة بالتفكك واصبحنا نشاهد مؤسسة دينية رسمية واخرى غير رسمية وصار داخل المؤسسة الدينية تيارات كثيرة اخوان وسروريين وجهاديين ووهابين جدد. اقول إن الوهابية لم تكن مسؤولة عن الارهاب فعمرها اكثر من 250 عام فلماذا لم يظهر الارهاب سوى في العشر السنوات العشر. 

ظهر قبل سنوات من خلال السبلة وحركة جهيمان؟ 

حركة جهيمان العتيبي ارهاب وما قام به يندرج تحت الارهاب. اما السبلة فليست ارهاب. 

ماهي؟ 

السبلة مواجهة بين منطق الدولة ومنطق القبيلة, فقد كان الاخوان جيش الدولة الذي وحدها وبخاصة تحت قيادة سلطان بن بجاد وفيصل الدويش وهذان الاثنان كان لهما مطامع سياسية ويريدان مقابلا سياسيا جزاء ما قدموه عسكريا. ففيصل الدويش من قبيلة مطير، ومطير تنتشر حول المدينة، وكان يريد زعامة المدينة وسلطان بن بجاد من قبيلة عتيبة وعتيبة تنتشر حول مكة وكان يريد زعامة مكة, والملك عبدالعزيز كان معترضا على مطامعهما وكان محقا وحكيما في اعتراضه، فمن غير المعقول ان تقام دويلات قبلية داخل الدولة, فكانت المواجهة. 

في قضية اخرى هناك من يلقي على المناهج التعليمية مشكلة الارهاب وانها السبب في ظهوره؟ 

عندما تتساءل وتقول إن المناهج تدرس بهذه الطريقة لأكثر من ستين عاما فلماذا لم تكن سببا في حدوث الارهاب قبل سنوات فأنت على حق. لكن مع ذلك لانستطيع تبرئة المناهج التي اعتبرها عنصرا تضافرت معه عناصر أهمها الأوضاع السياسية المرتبكة في المنطقة، وما يتواكب معها من عدم إستقرار. الوجود الاسرائيلي والسياسة الاميركية في المنطقة تساعد وتبرر إنتاج وإعادة إنتاج هذا الفكر. الى جانب ذلك هناك مواقف وسياسات الحكومات العربية التي لا تتوقف عن مسايرة ومجاراة السياسة الأميركية، خوفا منها بشكل أساسي. هناك أيضا التعليم، وهو لدينا يعاني من مشاكل كثيرة . انظر للجغرافيا يسمونها الجغرافيا الاسلامية قسموا العالم ايديولجيا فانت عندما تدرس الجغرافيا تدرسها كعلم تتعرف من خلاله على طبيعة العالم ومناخه وتضاريسه لاتدرسها كايديولوجيا, اضف الى ذلك التاريخ لا يرد فيه شيء عن تاريخ اوروبا ولاعن التاريخ العربي وانا اواجه مشكلة مع طلابي فهم يجهلون تاريخ العالم. للأسف ما يمارس في مناهج التعليم هو اقرب للعزل الذهني فعندما تعزل عقلية الطالب وتحشوها في المقابل بمواد دينية تركز فيها على الولاء والبراء وفي منطقة ملتهبة غير مستقرة ماذا تتوقع ان يكون الرد. 

الاتعتقد ان القائمين على المناهج التعليمة يرسخون لهذا العزل، انظر من ضمن الاضطراب الحاصل في المناهج السعودية ان الطالب يعلم ان الشيوعية والرأسمالية إلحاد وكفر ومع ذلك البلد الذي ينتمي له الطالب هو جزء من النظام الراسمالي العالمي اصبحت الدولة في مناهجها كأنها ضد نفسها؟ 

بالتأكيد سؤالك في محله فالدولة تعمل ضد نفسها. واعتقد السبب عجز الدولة امام المؤسسة الدينية ... فالدولة تصدر قرارات ولا يعمل بها بسبب رفض المؤسسة الدينية، يعني الخطاب الديني اقوى من الخطاب السياسي في السعودية. 

وهل تعتقد انه اذا ما استمر الوضع بهيمنة الخطاب الديني وقوته امام الخطاب السياسي فإن البلد سوف يستمر في عزلته وتخلفه كما يرى البعض؟ 

بالتأكيد فالسعودية خارج السياق ولا تنتمي للقرن الواحد والعشرين والسبب هيمنة الخطاب الديني. 

برأيك الى متى يستمر الخطاب الديني مهيمنا في السعودية؟ 

الى ان يعترف بأن الخطاب الديني واحد من الخطابات الموجودة في البلد لايتميز عنها بشي. 

اذا لماذا لاتسعى الحكومة الى تجديد نفسها وايجاد مخرج لتحديث البلد والحد من هيمنة خطاب واحد يتهمه البعض بالإقصاء والتشدد والقسوة وقصر نظره وعدم المامه بما يحدث في العالم من تطور؟ 

المشكلة الآن، فالموظف في الحكومة وصل الى قناعة انه ان ابتغيت ان تسير في عملك وتحافظ على وظيفتك يجب ان تراعي مصالحك وتقر بالواقع اي ما يسير عليه غيرك داخل الحكومة فيجب ان تسير عليه. اتساءل معك او مع البعض الذي تستند عليهم في اسئلتك لماذا هذا الركون المبالغ فيه للخطاب الديني اعتقد السبب هو عدم تبلور فكرة اصلاح مناسبة للمرحلة الى جانب انه لاتوجد ارادة سياسية لتغيير الوضع. 

او ربما السبب عدم الثقة في التيار المقابل وهو التيار الليبرالي؟ 

الحقيقة يبدو أن الحكومة تطمئن إلى التيار الديني أكثر من اطمئنانها إلى التيار الليبرالي. هناك اسباب عدة لذلك، أحدها سوء فهم وتقدير من قبل الدولة للتيار الليبرالي، والآخر حداثة هذا التيار، والاعتقاد بأنه لهذا السبب لا يخدم الدولة سياسيا. والعامل الثالث مرتبط بالذي قبله، وهو ضعف هذا التيار، وضعف قاعدته الإجتماعية، والرابع والأهم في نظري أن التيار الليبرالي لم يتحول بعد إلى أيديولوجيا واضحة ومؤثرة، ومن هنا هشاشة الإنتماء إليه، وبالتالي تقصير أصحاب هذا التيار في حق ما يقولون أنهم يؤمنون به فكريا وسياسيا. 

يأخذ البعض على المناهج التعليمية السعودية رداءتها فهي تدرس ما يعود للقرون الهجرية الاولى فما يستفيد الطالب من معرفة "بنت لبون" "وجذعه" او كيف يستطيع الطفل الصغير ان يستوعب طريقة غسل وتكفين الميت؟ 

هذا خطاب لايقبله المجتمع وهذه مناهج تتنافى مع فطرة الأسوياء انظر الى كيف يدخل طفل صغير في قضايا اكبر منه, فندرسه مفهوم الكفر يعني موضوع كهذا جزء من علم الفلسفة والكلام والتوحيد ولايتحدث فيه سوى الضالعين في العلم ونناقشه امام طفل لا يتجاوز عمره عشر سنوات لا يعرف عن الكافر شيئا سوى ان اهله يقولون له "إن الكافر واحد مش كويس". 

ايضا من المآخذ التي يؤاخذ بها البعض رداءة الإعلام.. فهو بعيد عن هموم الناس وان تغير قليلا في السنوات الاخيرة الى جانب انه إعلام يمارس دور "جابر العثرات" فلو نظرنا لتصريح الرجل الثالث في السياسة السعودية الامير سعود الفيصل الذي تحدث فيه عن ايران لم ينقل في وسائل الاعلام السعودية, يبدو انهم اعتبروا ما قاله الامير من حديث كان قويا عن ايران ربما استعجالا فمارسوا دور جبر العثرات ولم ينشروه على الرغم انه كان حديث وسائل الإعلام العالمية؟ 

اذكر اني تحدثت مع نائب رئيس تحرير لصحيفة سعودية فقلت لم تبق وكالة ولا قناة في العالم الا تحدثت عن تصريحات الامير سعود الفيصل اين صحيفتكم عن الخبر فلم يكن لديه اجابة. يبدو ان رؤساء تحرير الصحف السعودية غير مصدقين لتصريحات بهذا الوضوح والجرأة وهذا يحيلنا الى ما قلته في قناة الجزيرة بأن السعودية لا تواجه ومن هذا فمعرفتهم بأن بلادهم تتبع في سياستها عدم المواجهة جعلهم مرتبكين غير مصدقين على الرغم انه بامكان احدهم ان يرفع التلفون على الديوان الملكي او وزارة الخارجية او وكالة الانباء ويستفسر. 

اصدر الشيخ عبد المحسن العبيكان فتوى حرم فيها الخروج على الحكومة العراقية , لماذا هاجمت العبيكان هجوما قاسيا وبمقالتين منفصلتين البعض استغرب ما كتبت وانت الذي لاتوجد لك خصومات مع احد؟ 

العبيكان لا اعرفه ومع ذلك احترمه كثيرا, لكن بصراحة ما قاله حول هذه المسألة كان فتوى سياسية، ولم تكن فتوى فقهية. اساس، ومنطلق ما قاله سياسي وليس فقهيا. لم يكن موفقا على الإطلاق. أراد أن يخرج موقفا سياسيا بآلية فقهية، ولم ينجح في ذلك. الموقف الذي عبر عنه عكس الحالة التي وصل إليها العرب والمسلمون من ضعف مهين. كيف يفتي العبيكان ويقول بأنه يجوز للكافر ان يعين ولي امر المسلمين؟ 

لكن الرجل اعلم بالدين واقدر على الفتوى واستند على نصوص دينية؟ 

النص الوحيد الذي إستند إليه هو ما جاء في القرآن عن قصة يوسف في انه قبل منصب وزير لدى عزيز مصر. وحقيقة استغرب ذلك فلا يوجد شبه بين الحالتين لعدة اسباب. فعزيز مصر لم يذهب ليوسف ويحتل بلده، ومن ثم يعينه. الذي حدث أن يوسف هو من ذهب الى مصر، وطلب منصبا من فرعون. ويجوز الاستناد على قصة يوسف في انه لو ذهب مسلم لبريطانيا مثلا واعطاه بلير منصبا ففي هذه الحالة ان شك في انه لا يجوز قبول منصب من كافر فيمكن ان يجد لنفسه مخرجا بالعودة لقصة يوسف. اما ان تأتي جيوش وتحتل بلدا مسلما عربيا وتعين من عندها حاكما لها، ثم يأتي شيخ مسلم ويقول بوجوب طاعته فهذا غير صحيح. وبودي ان اسأل العبيكان هنا هذا السؤال المتأخر: ماذا لوجاءت القوات الاميركية وإحتلت السعودية، واسقطت قيادتها واستبدلتها بقيادة اخرى. هل يعتبر العبيكان أن هذه القيادة المعينة من قبل الأميركيين شرعية , ولا يجوز الخروج عليها؟ انا لا أعتبرها شرعية على الإطلاق، ويجب مقاومتها، والعمل على إسقاطها. ولا اظن العبيكان يختلف معي في ذلك. 

برأيك ان لم تكن تستند هذه الفتوى على نص ديني لماذا اخرجها العبيكان؟ 

كما قلت هذه فتوى سياسية لا دينية هدفها إظهار أن السعودية لا تريد الإصطدام مع السياسات الأميركية في العراق مع بداية الحرب هناك. وهذا تطلب بشكل أساسي إيجاد مبرر لمنع الشباب من الإستجابة لمطالب الجهاديين بالذهاب إلى العراق. لا شك في أن الهدف مشروع. لكنه هدف سياسي، وكان ينبغي التعامل معه على هذا الأساس من دون حاجة إلى زج الدين في الموضوع. إقحام الدين في الموضوع لم يكن له ما يبرره. يل إنه كشف الهدف السياسي بشكل لا يليق. 

اخيرا قلت في حديث تلفزيوني قبل فترة ولم يسمح لك بتكملة اجابتك إن السوق السعودية تعرضت لعملية سرقة كبيرة, من الذي سرق سوق الأسهم السعودية؟ 

غياب الرقابة على السوق أو ضعفها، وغياب المعلومة عن الشركات المساهمة، وهيمنة المضاربين الكبار على السوق. أضف إلى ذلك نظام الإكتتاب في الأسهم الجديدة الذي يحابي المساهمين المؤسسين للشركات على حساب بقية المساهمين. كل ذلك جعل المساهم الصغير ضحية لأصحاب الثروات، أو الهوامير. تصور أن المساهم المؤسس يحصل مقدما على ملايين الأسهم. المساهم المكتتب لا يحصل إلا على فتات ما تبقى. المساهمون المؤسسون يسمح لهم بالإحتفاظ بما بين 70% إلى 80% من رأسمال الشركة، والباقي هو الذي يطرح للإكتتاب. أيضا لا يسمح إلا بطرح شركة واحدة للإكتتاب كل مرة. والنتيجة عرض ضئيل من الأسهم، في مقابل إقبال كبير على السوق. لهذا السبب كانت أسعار الشركات، وعددها قليل على أية حال، تتقافز، وتتضاعف بشكل غير طبيعي. خلال أسابيع قليلة تتضاعف قيمة السهم مئات المرات. كل ذلك شكل آلية من قبل أصحاب الثروات سمحت لهم بإستخدام أموال الصغار لمضاعفة ثرواتهم. ولأن الوضع كله لم يكن طبيعيا، والرقابة كانت ضعيفة، مع سيطرة البنوك على عملية الوساطة بين الشركات والمساهمين، حصلت النتيجة المتوقعة، وهي الإنهيار. من الذي خسر؟ صغار المساهمين، لم يخسروا أرباحهم، بل خسروا رؤوس أموالهم ايضا. أما الكبار فلم يخسروا نسبيا، وفي الأغلب إلا جزءا من أرباحهم. ماذا تسمي ذلك؟ مثلا أحد المساهمين المؤسسين في أحد الشركات الكبيرة كان يملك ستة ملايين سهم, وربح خلال اقل من سنة من طرح أسهم شركته للتداول ثلاثة مليارات وثلاثمائة مليون ريال سعودي. يقابله المساهم العادي الذي حصل بعد التخصيص على خمسة اسهم فقط. تخيل ربح هذا الأخير. ماذا تسمي نتيجة المقارنة بين الإثنين؟ 

*ايلاف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مقالات  خالد الدخيل  -  Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقالات خالد الدخيل -    مقالات  خالد الدخيل  -  Emptyالأحد 07 يناير 2018, 5:51 pm

[size=30]كذبة الحرب الكبرى[/size]

خالد الدخيل
إدعاء الشيء ونقيضه معضلة يقع فيها البعض أحياناً بوعي محسوب. هناك من يتورط في المعضلة من دون وعي بحالة التناقض، التي تنطوي عليها. أصحاب الحسابات غالباً من رجال السياسة. والبعض الثاني أناس لا علاقة لهم بالسياسة. الأمين العام لـ «حزب الله»، حسن نصرالله، من البعض الأول. الرجل ذكي جداً. يوظّف ذكاءه بشكل فاقع أحياناً. يملك كاريزما، ومعها مهارة في الخطابة، يحسده عليها كثيرون. مأزق نصرالله أن انتماءه وظروفه لا تسمح له بأن يكون أكثر من رئيس تنظيم مسلح. دوره ووظيفته، وتوقيتهما، لم يسعفاه كثيراً في الاستفادة من صفاته القيادية أبعد من ذلك. هو رجل دين يقود تنظيماً يجمع بين صفة الحزب وصفة الميليشيا.
ودوره هذا ليس لحسابه، ولا لحساب بلده، وإنما لحساب بلد آخر. يؤمن بالمذهبية، والحزب الذي يقوده يكاد أن يكون نموذجاً مثالياً في المذهبية. ولأنه كذلك ربط دوره الديني والسياسي مبكراً بإيران التي تعرف نفسها وتحدد هويتها على أساس مذهبي بنصوص دستورية حاكمة، وتنهج في سياستها الإقليمية، انطلاقاً من ذلك، نهجاً مذهبياً في تحالفاتها وأهدافها.
على صلة بهويته المذهبية وجذرها الاجتماعي فإن حسن نصرالله يعرف بأنه «سيّد»، مما يُعرف في المجتمعات العربية بطبقة السادة. ومع ذلك شنّع عام 2006 في خطاب شهير له على الزعيم اللبناني وليد جنبلاط كون لقبه الـ «بيك»، قائلاً «بيي ما كان بيك، وجدي ما كان بيك، ولا ابني حيكون بيك». هذا ملمح بسيط للتناقض المشار إليه. فلقب «السيد» كما لقب «البيك» يشير إلى تراتبية طبقية جذرها الأول اجتماعي عنصري. لكن نصرالله بحكم مذهبيته الدينية اعتبر أن لقب «السيد» يحمل دلالة الشرف والوجاهة على أساس ديني، وأن لقب «البيك» يحمل معنى الوجاهة على أساس اجتماعي، إقطاعي.
هذا على المستوى اللبناني. لكن الحزب الذي يقوده نصرالله ليس لبنانياً إلا بالأوراق الرسمية. عملياً وسياسياً هو حزب إيراني. مرجعيته الأيديولوجية والسياسية في إيران وليس في لبنان، وتمويله وتسليحه يأتيان من إيران. وهو ما يكرره ويؤكد عليه الأمين العام للحزب. يصف الحزب نفسه بأنه مقاوم، لكنه، بحكم مرجعيته وأهدافه، حزب طائفي. والمقاومة لا تجتمع مع الطائفية في نهج واحد، ولا هدف واحد. وهذا ما يكشفه الدور الإقليمي للحزب كذراع في الاستراتيجية الإيرانية. هناك شيء آخر.
إليك الآن بعض الأمثلة على حجم التناقض في رؤية نصرالله وحزبه على المستوى الإقليمي. وهي أمثلة مأخوذة من الحديث المطوّل له الأسبوع الماضي إلى قناة «الميادين» (وهي قناة إيرانية)، خصّصه للدفاع عن إيران في خضم التظاهرات التي تشهدها هذه الأيام.
سُئل نصرالله ماذا ستفعل المقاومة الآن في موضوع القدس؟ جاءت إجابته غامضة لم تتجاوز الحديث عن لقاء مع جميع الفصائل الفلسطينية حول الانتفاضة ومواكبتها. لكن، لماذا لا تقدم إيران لهذه الفصائل المنخرطة حقاً وبشكل حصري في المقاومة ربع الدعم الذي تقدمه لـ «حزب الله» الذي ترك المقاومة منذ 2006؟ سيقال إن الحصار الإسرائيلي لا يسمح بذلك؟ لكن هناك حصاراً حول خطوط إمدادات الحوثيين في اليمن، ولم يمنع هذا إيران من المغامرة بدعم هذه الميليشيا بالأموال والعتاد والمدربين، وبأنواع الأسلحة كافة، وصولاً إلى الصواريخ الباليستية البعيدة المدى. الفرق يصنع السياسة. فهدف إيران الاستراتيجي ليس مواجهة إسرائيل، بل إقامة منظومة سياسية شيعية في المنطقة تكون إحدى ركائز النظام الإقليمي.
و «حزب الله» ليس حليفاً للفصائل الفلسطينية، لأنه ليس حليفاً لإيران، وإنما ذراع لها. وليس بوسع نصرالله، والحال كذلك، إلا أن يكون مثل إيران غامضاً في موضوع المقاومة.
هنا نأتي إلى مثال كذبة الحرب الكبرى، ودائماً في سياق كذبة المقاومة. سئل نصرالله: «ربما أن من أهداف إسرائيل المقبلة حرباً جديدة على غزة. أنتم ألزمتم أنفسكم بمحور مقاومة... وقلتم إن عندكم صواريخ تصل إلى باب المندب، وصواريخ تصل إلى ما بعد حيفا. هل يمكن أن نتوقع في المرحلة المقبلة أن قوات من سورية أو «حزب الله»، أو من أي طرف في محور المقاومة، ستدخل في المعركة داخل الأراضي الفلسطينية؟ أجاب نصرالله بالنص «شوف فيه نقاش.
من الآن لا يستطيع الإنسان أن يلزم نفسه، أو يلزم كل قوى المحور بخيار معين أو بقرار معين. فيه شيء عم يتحضر في المنطقة. ترامب يأخذ الأمور في اتجاه، إما استسلام أو مواجهة كبرى. الشعب الفلسطيني لن يستسلم». ثم يضيف «المطلوب من محور المقاومة... ليس حرباً كلاسيكية. بالنسبة لنا كحركة مقاومة الزمن مهم. (يدخل في ذلك) الاستفادة من إنهاك العدو، ومن الظروف، وتراكم الإنجازات والانتصارات». يستفيض في شرح أن المقاومة حركة وليست دولة كلاسيكية مطلوب منها الدخول في حروب كلاسيكية. ويخلص من ذلك إلى أن «مشروعنا ليس هو الحرب. مشروعنا هو المقاومة. وهناك فرق.
لكن ترامب ونتانياهو قد يدفعان المنطقة إلى حرب.. قد تكون هذه الحرب على غزة، أو على سورية أو على لبنان. وعلى حركات المقاومة، ودول محور المقاومة، أن تحضر، وأن تهيئ نفسها لهذه الحرب. وأن تفكر، وأن تتحضر جيداً كيف تحوّل الحرب المقبلة، إن حصلت، من تهديد تاريخي إلى فرصة تاريخية». وهو يعني بالفرصة التاريخية «ما هو أبعد من الجليل»، أي تحرير القدس، كما قال.
عند هذه النقطة سئل نصرالله: هل يعني هذا أن أي اعتداء على غزة أو سورية هو اعتداء عليكم، وبالتالي ستردّون بشكل أو بآخر؟ جاءت إجابته مخاتلة. يقول: «هذا ما عادش اسمه الحرب الكبرى التي إن فرضت (فعلينا أن) نحول التهديد إلى فرصة.
هذا صار له علاقة بقواعد الاشتباك. وقواعد الاشتباك تظل أحياناً محكومة بالظروف. وهذا أمر خاضع دائماً للمراجعة. ولذلك لا نستطيع أن نطلق فيه وعوداً حاسمة». الشيء الكبير الذي يتحدث عنه كما يقول «ويجب أن نتحضر له هو في ما لو أريد فرض حرب كبرى في المنطقة». سؤال: «حرب كبرى يعني على غزة وسورية ولبنان معاً»؟ جواب: «لا تعرف أين تبدأ الحرب، ولا كيف تتدحرج، ولا كيف تتطور».
لاحظ هنا غموض نصرالله ومراوغته. وهو غموض ينطوي على منطق عقلاني لا يُلزمه بشيء، ويسمح له في الوقت نفسه بأن يكون المتحدث باسم المقاومة. ثم لاحظ أن هذا المنطق العقلاني لم يكن وارداً عندما بدأت الثورة في سورية. بادرت إيران منذ اليوم الأول، ونصرالله تحديداً، بالانخراط في الحرب دفاعاً عن الرئيس السوري بشار الأسد.
وغامروا في سبيل ذلك بكل شيء تقريباًَ. ماذا حصل للعقلانية؟ لماذا غابت لدى «محور المقاومة» أمام السوريين، وتحضُر بشكل لافت أمام العدو؟ هل لأن الشعب السوري أضعف من الإسرائيليين؟ أم أنه العدو الطائفي المباشر قبل الإسرائيليين؟ أم كلاهما معاً؟
هدف العقلانية تسويق فكرة الحرب الكبرى كذريعة لعدم فعل شيء للفلسطينيين، انتظاراً لها. الأولوية لمشروع إقامة المنظومة الشيعية الإقليمية، لكنه لا يزال في بدايته، ويواجه تحدّيات كبيرة. والانخراط في مقاومة حقيقية ضد إسرائيل سيجهز على هذا المشروع.
يبدو أن نصرالله شعر بضغط التحدي الكبير الذي يمثّله اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل لـ «محور المقاومة». وللهرب من ذلك جاء بفكرة الحرب الكبرى. لكنها بالمواصفات التي حدّدها لن تقع. فإسرائيل لن تهاجم غزة وسورية ولبنان في وقت واحد. هي ليست في حاجة إلى ذلك، وما حصل في 1967 لن يتكرر. المضمر في حديث نصرالله هو هجوم إسرائيلي أو أميركي على إيران. وهذا هو التحدي الذي يخشاه نصرالله، لأنه يقضي على مشروع المنظومة الشيعية.
همّ نصرالله إذاً محصور في هذا المشروع، وليس في المقاومة. لكن تعاون أميركا مع إيران في العراق، وصمتها عن دور طهران والحزب في سورية يقول إن شيئاً من هذا لن يحدث. وهو ما يجعل من الحديث عن «المقاومة» و «الحرب الكبرى» ضرورياً للتغطية على ما يحدث في سورية، ولإبعاد شبهة التواطؤ لدى «جمهور المقاومة». والتكاذب في كل الأحوال إحدى ركائز الثقافة السياسية العربية، ونصرالله بزّ غيره في هذا المجال.
* كاتب وأكاديمي سعودي
عن الحياة اللندنية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
مقالات خالد الدخيل -
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مقالات › تنمية بشرية - مقالات في التنمية البشرية › فن إدارة الوقت
» تركي الدخيل ومحمد بن سلمان
» مقالات عن غزه
» مقالات محيره
» مقالات لاذعه -

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: مواضيع ثقافية عامة :: مقالات-
انتقل الى: