تطور الفكر السياسي لحركة "حماس"
جيهان عبد الرحمن أبو شمالة
أمد/ غزة: ورقة مقدمة لمؤتمر الأمن القومي الفلسطيني الخامس (القضية الفلسطينية 2017 تحديات ومآلات) نوفمبر 2017 إعداد الباحثة جيهان عبد الرحمن أبو شمالة
تحولات حركة "حماس" السياسية (الوثيقة أنموذجاً)
في هذه الورقة تستعرض التطورات أو التحولات السياسية لدى حركة " حماس" من خلال وثيقتها التي أصدرتها مؤخراً في الأول من مايو/ أيار 2017. وتأتي أهمية هذه الورقة كونها تشكل رافداً من روافد (الأمن القومي) عنوان هذا المؤتمر, حيث أن حركة "حماس" منذ بداياتها وحتى اللحظة, تشكل جزءاً أصيلاً من الكل الفلسطيني, وبالتالي فإن أي تطور في فكرها أو منهجيتها لابد وأن يلقي بظلاله على الواقع الفلسطيني, بل ويشكل عاملاً مساهماً في تنامي الأمن القومي الفلسطيني.
وفي العام 1988م أصدرت حركة "حماس" ميثاقها الخاص الذي يعكس فلسفتها ورؤيتها وقدمته لكثير من مؤيديها وخصومها, هذا الميثاق الذي لم يكن صادراً عن مؤسسةٍ تشريعية فيها, مما خلق نوعاً من الجدل بين من يدعو لتعديله أو إلغائه, ويبدو أن حركة "حماس" قد قررت أن تبحث عن صيغة أخرى تبين هويتها المعتمدة بعد نضج تجربتها السياسية.
ولعل مرور حركة "حماس" بالعديد من المحطات والظروف المستجدة محلياً وإقليمياً ودولياً دفعها إلى أن تُعيد صياغة هذا الميثاق بشيء من المرونة الفكرية مع التماس الدقة والموضوعية والمحافظة على مبادئها الأصيلة وثوابتها, وأبرز هذه المحطات: توقيع اتفاق أوسلو 1993م, وإقامة السلطة الفلسطينية, واندلاع انتفاضة الأقصى في سبتمبر 2000م بعد وصول المفاوضات إلى طريق مسدود, وكذلك أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م التي فرضت بداية عهد جديد للنظرة الدولية للحركات الإسلامية, مروراً بدخول حركة "حماس" لمعترك السلطة من خلال انتخابات يناير 2006م, وتوجهها نحو العمل السياسي بجانب العمل المقاوم, ومن ثم الحصار والمقاطعة الدولية للحكومة التي شكلتها حركة "حماس" في العام 2007, والحروب العدوانية التي شنها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة ما بين 2008م إلى 2014م ولا ننس أيضاً الحراكات العربية الأخيرة التي لم تؤت ثمارها بعد.
جاءت هذه الوثيقة لتؤكد على أن الواقعية السياسية ليست انهزامية, وأن الثابت الوحيد في السياسة هو التتغير, وبالتالي فإن هذا التطور في فكر حركة "حماس" هو تطور سليم, ويعكس صورة فعلية لمنهجية الحركة, كأي حركة أخرى لها أدبياتها ووثائقها المرنة التي تتبلور بحسب المعطيات المتغيرة.
الوثيقة تجنبت الخطاب الأيديولوجي وفرقت بين المشروع الصهيوني كعدو وبين اليهود كديانة, وأن هذا العدو هو عدو للأمة ككل لأنه يستهدف مقدرات الأمة بشكل عام.
عرّفت الدولة وحدودها بشكل أكثر وطنية, كما استبدلت فكرة الجهاد بالمقاومة وهذا جاء متوافقاً مع القوانين الدولية, بالإضافة إلى تغليب الهوية الوطنية على الهوية الخاصة الإخوانية.
بالنسبة للاجئين أكدت الوثيقة على حق العودة, وأن كافة الشرائع السماوية والمبادئ الإنسانية والقوانين الدولية تقر هذا الحق.
أبرزت الوثيقة وجود توجه حقيقي لعملية توافق وطني موحد يهدف إلى الوصول إلى ميثاق شرف وطني تحت مظلة فلسطينية واحدة. بالإضافة إلى أنها اعتبرت أن مختلف مكونات المجتمع هي روافد مهمة لكل من عمليتي البناء المجتمعي ومشروع المقاومة والتحرير.
ومن هذا المنطلق ترفض حركة "حماس" أي مساس بالمقاومة أو سلاحها, وتعتبر أن لها الحق في كيفية إدارة هذه المقاومة والتي أثبت مؤخراً الشعب الفلسطيني التفافه وبقوة حول هذا الخيار الاستراتيجي الذي أثبت فاعليته أمام العدو الصهيوني العنجهي.
كما أكدت الوثيقة على أن كل شريحة من شرائح المجتمع الفلسطيني هي رافد فاعل في عملية التحرير, خاصةً المرأة ذات الدور المحوري في التاريخ والحاضر والمستقبل الفلسطيني.
أهم النتائج:
1- من الواضح أن هناك تطور إيجابي في فكر حماس السياسي, حيث أن بنود الوثيقة تحوي الكثير من الإيجابية من حيث تحديد المصطلحات من منطلق وطني.
2- حافظت الوثيقة على الثوابت الفلسطينية بشكل واضح وصريح, رغم تخوف البعض من حدوث تنازلات مستقبلية.
3- الوثيقة موجهة للكل الفلسطيني بالدرجة الأولى ومن ثم للإقليم وللعالم الخارجي, مع علم حركة "حماس" بأن الوثيقة لن تُرضي الجميع.
التوصيات:
1- مطلوب من الكل الفلسطيني التمعن والتدقيق فيما جاءت به حركة "حماس" في وثيقتها الجديدة, وأن تنظر إليها بمنظار الوطنية الفلسطينية الحيادي.
2- على مختلف الفصائل الفلسطينية أن تغير نظرتها لحركة "حماس", وأن تمد جسور الثقة معها, وأن تستجيب للتطور الذي أعلنت عنه حركة "حماس" من خلال وثيقتها.
3- تحشيد موقف دولي داعم لما جاء في الوثيقة, فحركة "حماس" تبنت من خلال وثيقتها سياسة الانفتاح على الجميع وهذا يترتب عليه بناء علاقات خارجية متوازنة تصب صالح القضية الفلسطينية.