لندن ـ «القدس العربي»: حظيت دولة قطر بأوسع حملة تضامن شعبية منذ استقلالها في العام 1971 وذلك على مستوى الشارع العربي بأكمله، حيث لم يسبق أن شهدت تضامناً بهذا الحجم في أي وقت مضى من تاريخها، وذلك بسبب الأزمة التي اندلعت بينها وبين أربع دول عربية قررت فرض حصار صارم ضد الدوحة، وهو الحصار الذي لم يسبق أن شهد له العالم العربي مثيلاً أيضا.
وغرقت شبكات التواصل الاجتماعي في العالم العربي بالتدوينات المتضامنة مع قطر طوال الأيام الماضية، والمنددة بقطع العلاقات معها وحصارها ومحاولة إخضاعها بالقوة لمطالب الدول التي قررت فرض الحصار، فيما ظهرت إلى جانب التضامن موجة سخرية من بعض التفاصيل المتعلقة بالأزمة الراهنة في منطقة الخليج، ومن بين ذلك السخرية من عدم ذكر قطر لمصر مطلقاً في بياناتها رغم أن القاهرة اتخذت الاجراءات نفسها التي اتخذتها الدول الخليجية الثلاث.
وكان العالم العربي قد استيقظ يوم الاثنين الماضي على إعلان كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر جملة من القرارات وفي مقدمتها قطع كافة العلاقات الدبلوماسية مع قطر إضافة إلى اغلاق الحدود البرية الوحيدة لها والتي تربط بينها وبين السعودية، إلى جانب إغلاق المجالات الجوية والممرات البحرية أمام دولة قطر، وهي الاجراءات التي لم يسبق أن تم اتخاذها ضد أي دولة عربية من قبل العالم العربي، بما في ذلك ضد العراق في أعقاب احتلاله للكويت في صيف العام 1990.
عدة حملات
وأطلق النشطاء الخليجيون والعرب من المحيط إلى الخليج جملة من الحملات على شبكات التواصل الاجتماعي والتي سرعان ما تحولت إلى حملات عالمية، حيث تصدر الهاشتاغ (
#قطع_العلاقات_مع_قطر) والهاشتاغ (
#قطر_لست_وحدك) والهاشتاغ (
#قطر_ليست_وحدها) والهاشتاغ (
#الشعب_الخليجي_يرفض_مقاطعة_قطر) قوائم الوسوم الأكثر تداولاً على شبكة «تويتر» في العالم العربي ودول الخليج، وبعضها انتقل إلى العالمية وأصبح من بين الأكثر تداولاً على مستوى العالم بأكمله.
وشارك كبار الشخصيات الخليجية والعربية ومفكرون وكتاب وصحافيون في التغريد والتعليق والتدوين المتضامن مع دولة قطر، وهو ما طغى على شبكات التواصل الاجتماعي سريعاً وغطاها واضطر السلطات في كل من الإمارات والسعودية إلى التهديد بأن من يتضامن مع قطر يواجه عقوبات تصل إلى السجن والغرامة.
وصعد الوسم (
#الشعب_الخليجي_يرفض_مقاطعة_قطر) إلى قائمة الأكثر تداولاً على مستوى العالم في اليوم الأول للأزمة، وتحته كتب الباحث الموريتاني والكاتب محمد مختار الشنقيطي قائلا إن أسباب رفض الشعب الخليجي لمقاطعة قطر تتلخص في أنهم «حاصروها لأنها رفضت حصار الصهاينة والسيسي لغزة وقاطعوها لأنها مدت يدها البيضاء لليتامى والأرامل. لذلك فإن الشعب الخليجي يرفض مقاطعة قطر». وأضاف: «افتتحوا رمضانهم بالافتراء، ووسَّطوه بقطع الأرحام، ولا ندري بماذا يختمون شهر صيامهم. لقد أخذتهم العزة بالإثم».
ولفت الناشط السعودي فارس المطيري إلى أن السعوديين أكثر دفاعاً عن قطر من القطريين أنفسهم، ويرفضون القرارات التي اتخذتها حكومتهم، حيث كتب على «تويتر» يقول: «ماشاء الله اشوف دفاع السعوديين عن قطر أكثر من القطريين انفسهم الله لا يفرق بينهم الإعلام كل ما أشعل نار الفتنة أطفأها الشعب».
أما الناشط الإماراتي المعروف بتأييده للنظام حمد الشامسي فعبر هو الآخر عن رفضه لمقاطعة قطر، وقال في تغريدة له: «أرفض قرار قطع العلاقات مع قطر الذي اتخذته حكومات الإمارات والسعودية والبحرين»، متسائلا: «هل سيقبل شعب الخليج بهذه القرارات البائسة؟ هل سيقبل السعودي، الإماراتي، البحريني بطرد القطري من بيته؟ هل سيقبل بحصار قطر؟».
وكتب الإعلامي محمود رفعت مغرداً إن «قطع العلاقات مع قطر مهما حاولنا أن نجد له تفسيرا ليس له أي سبب سوى رفضها الانضمام لحلف مساعدة ترامب والتعيمات أتت من البيت الأبيض»، لافتا إلى أن «الإمارات تسعى في فترة ترامب كرئيس أمريكا لزيادة إحراق محيطها وللأسف السعودية تسير خلفها بكل الملفات من اليمن إلى قطع العلاقات مع قطر»، مشددا على أن «التصعيد المبالغ فيه على المستوى الرسمي والذي وصل قطع العلاقات مع قطر يقابله رفض شعبي».
وكتب الشاعر المصري المعروف والكاتب والناشط عبدالرحمن يوسف يقول: «قطر تدفع ثمن دعمها للربيع العربي وللمقاومة الفلسطينية. وما يجري هو تحضير لما يسمى صفقة القرن. ستخرج من هذه المحنة أقوى وليخسأ صهاينة العرب».
وفي غزة كتب الناشط أدهم أبو سلمية معلقاً: «أي نوع من الخمر إحتساه العرب الرسميون مع
#ترامب خلال زيارته، جعلهم يثورون كالمجانين يضرب بعضهم بعضاً بعد مغادرته؟».
أما النائب الكويتي السابق والمحامي المعروف ناصر الدويلة فكتب مغرداً على «تويتر»: «فرض الحصار البري والبحري والجوي يتجاوز مرحلة قطع العلاقات الدبلوماسية إلى مرحلة ما قبل الحرب ونحن نناشد قادتنا لحفظ التاريخ والقربى».
وعلق الناشط المصري عمرو عبد الهادي على القرارات الخليجية بقوله: «الإمارات سعت جاهدة لتفكيك مجلس التعاون الخليجي واليوم أول خطواتها».
مقاطع فيديو
وتداول العديد من المغردين والنشطاء على «تويتر» و»فيسبوك» تسجيلات فيديو يظهر فيها فعاليات تضامن واسعة مع قطر في كل من الأراضي الفلسطينية والجزائر وتركيا وموريتانيا وعدد من الدول العربية والإسلامية، حيث ظهر في أحد التسجيلات مجموعة من الأطفال الفلسطينيين على شواطئ غزة يرفعون الأعلام القطرية إلى جانب الفلسطينية.
أما في تسجيل آخر فظهرت عجوز فلسطينية تدعو لأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وتثني عليه وعلى دور دولة قطر ودعمها للشعب الفلسطيني، كما تداول النشطاء عشرات الفيديوهات التي تظهر فيها تظاهرات التضامن مع قطر في مدينة اسطنبول التركية والتي شارك فيها آلاف المواطنين الأتراك.
تركيا: تضامن واسع
وفي تركيا أيضاً، دشن عدد من النشطاء حملة تغريدات على شبكة «تويتر» تحت الوسم «قطر ليست وحدها» ليصبح الأول في البلاد خلال 3 ساعات فقط، ورغم أن الوسم باللغة التركية، إلا أن كثيرا من المغردين أبدوا دعمهم باللغتين العربية والإنكليزية.
ونفت معظم التغريدات صفة الإرهاب عن دولة قطر، وأعربت عن دعمها، حيث كتبت ناوشهير شاهين: «نستطيع أن نرى اللعبة القذرة. لن ندع قطر بمفردها».
أما فاطمة عطا فغردت: «قلب واحد، روح واحدة، رؤية واحدة»، وشبّهت فكرية توقجاز اليوم بالبارحة، وقالت: «كما أن هناك خونة فهناك أبطال»، مقتبسة شخصيات من مسلسل «قيامة أرطغرل»، الذي يتحدث عن قيام الدولة العثمانية ولاقى رواجا كبيرا في الوطن العربي.
حملة سخرية
وسرعان ما توسعت حملات التضامن لتنتقل من الجدية إلى السخرية اعتباراً من اليوم الثاني لأزمة قطع العلاقات مع قطر، أما أبرز حملات السخرية فكانت تحت الوسم (
#ابتكر_تهمة_لقطر)، وهو الوسم الذي وجد انتشاراً سريعاً وواسعاً وشارك فيه آلاف المغردين في مختلف أنحاء العالم العربي.
وقال مغردون على «تويتر» إن التفاعل الكبير مع هاشتاغ «ابتكر تهمة لقطر» يبرهن على وعي الشعوب الخليجية وعدم تبعيتها لوسائل الإعلام الموجهة.
وكتب عبد الله الملا ساخرأً: «قطر هي سبب انتهاء رواتب كثير من العرب والخليجيين قبل نهاية الشهر! والدليل: أن (ق ط ر) هي اختصار لعبارة (قد طار راتبي)».
أما الدكتور تاج السر عثمان فكتب يقول: «
#ابتكر_تهمة_لقطر: أخذوا اسم جدتي جزيرة بنت عثمان لقناتهم التلفزيونية ونحن بصدد إصدار بيان وتوقيعات لمطالبة قطر بالتخلي عن اسم جدتي».
وكتب صادق بن محمد ساخراً: «مدفع رمضان في قطر يثبت صلتها بالجماعات المتشددة ويجب عليها إسكات مدفع الإفطار»، أما خليجي آخر فغرد قائلاً: «قطر هي السبب في أنني ما تسحرت حتى الآن».