لغزان: لغز جيش خالد ولغز داعش (1-2)
محمد داووديه
إن الصلــة الاجـراميــة مع فصيـل «جيـــش خالد» الارهابي، هي صلة تشكل اعتداء على الاردن، من اي تنظيم او نظام جاءت.
كان ضباط حرس الحدود في قواتنا المسلحة، يشرحون لفريقي «الدستور» وجمعية الحوار الديمقراطي الوطني، في زيارتنا (يوم الجمعة 12 أيار 2017) التكوينات الجغرافية والسكانية والمسلحة على الحدود السورية المقابلة لحدودنا الشمالية.
كنا نرى بـ «الدربيل وبالعيون المجردة، بوضوح، تحركات افراد «جيش خالد» ومقابله «الجيش السوري الحر» الذي يحاصره في الجيب الجنوبي الغربي من الحدود السورية، وضباطنا يحدثوننا عن التراشق الصاروخي والاشتباكات اليومية بين «الجيشين».
كان أمرا عجيبا غريبا مُريبا، ان يتمكن « جيش خالد» من البقاء والعمل والهجوم والدفاع، طيلة العامين الماضيين، رغم ان خطوط تموينه وامداده واتصاله وترابطه مقطوعة ومشلولة تماما !!
أما كيف تسلل «جيش خالد» الى هذا الجيب الضيق المخنوق المعزول المحاصر كليا ولماذا؟ فقد تم ذلك بخديعة ذكية ماكرة، تمثلت في تدفق اعداد من مقاتليه، للقتال مع الجيش السوري الحر على دفعات صغيرة وعلى امتداد اشهر عديدة، الى ان وصل عددهم الى نحو 1000 مقاتل، شكلوا «جيش خالد» من تنظيمات جيش الجهاد ولواء شهداء اليرموك وحركة المثنى الإسلامية، واعلنوا انشقاقهم وبايعوا تنظيم داعش وافصحواعن هويتهم السياسية والايدولوجية ورفعوا الراية السوداء.
العجيب والغريب والمريب، ليس فقط، كيف يتمكن هذا التنظيم من البقاء والنجاة، بل وكيف يتمكن من الفعل والقتال والكر والفر والهجوم وتأمين التموين والمركبات والسلاح والذخائر والعلاج والاستطلاع !
وهذه عيّنة على توفر إمكانيات كبيرة لهذا التنظيم: «أعلنت حركة أحرار الشام أنها تمكنت من صد هجوم جيش خالد، يومي الجمعة والسبت الماضيين وقتلت 35 عنصراً من عناصره في بلدة حيط بريف درعا الغربي وتم تدمير العديد من آلياته والاستيلاء على عربات وكميات من الأسلحة والذخائر خلَفها وراءه.
وكان رئيس هيئة الأركان المشتركة قد ذكر في مقابلة مع «بي بي سي» ان هذا التنظيم يقف على بعد اقل من كيلومتر واحد من حدودنا وانه تنظيم خطير مدجج.
وشنّ «جيش خالد» في مطلع شباط الماضي، هجوماً مباغتاً على مواقع «الجيش السوري الحر»، مستغلاً الانشغال في معارك مع القوات النظامية والمليشيات الأجنبية. وسيطرعلى بلدة تسيل وتل الجموع وبلدة جلين والشركة الليبية وسحم الجولان!!.
قائد الفصيل المسلح خالد الفراج ذكر «أن طائرات تابعة للنظام القت حاويات في منطقة اليرموك، يُعتقد أنها تحمل أسلحة وأموالاً لعناصر جيش خالد» لمواصلة إشغال فصائل الجيش الحر ومنعها من تكريس كل طاقتها لمحاربة القوات النظامية.
ويلفت الجيش السوري الحر إلى أن القوات النظامية تسارع إلى قصف مقاتليه حالما يفتحون معركة مع «جيش خالد» في حوض اليرموك، كما يسارع «جيش خالد» الى فتح معركة مشاغلة مع الجيش الحر كلما اشتبك مع القوات النظامية.
عما قريب ستنفتح معركة درعا وعلى ضفافها ستنشب معركة حوض اليرموك التي تمثل أهم التحديات في هذه المرحلة والتي لن يخوضها احد عنا. لقد وفّرت لنا علاقتنا الاستراتيجية مع الجبهة الجنوبية، ومع العشائر السورية والعراقية، بالقرب من حدودنا، ومع الجيش السوري الحر تحديدا، طيلة السنوات الست الماضية استقرارا و»وسائد» وقائية فعالة ومحطات انذار مبكرة، وكفتنا شر القتال المباشر على الأرض السورية.
تم ذلك لأننا وفرنا السلاح والذخيرة والتدريب والعلاج لحلفائنا الذين واجهوا داعش وتلاوينها المتعددة بالقرب من حدودنا والذين شكلوا جزءا مهما من امننا الوطني في الجبهة السورية الجنوبية، وهو الامر الذي تعرفه القوى الكبرى الفاعلة على الساحة السورية، الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا.
ان أمننا الوطني يملي علينا بقوة، ان نتحوّط لمنع اقتراب الميليشيات الايرانية الطائفية من حدودنا، اكثر مما اقتربت حتى الان، كي لا نضطر ولا نُكْره، الى ما تفاديناه طيلة سنوات الحرب السورية الست الماضية: القتال خارج الاسوار.
معروفة وسيلة استخدام الاخرين وتسخيرهم وتوظيفهم لتحقيق اهداف سياسية وعسكرية وامنية واقتصادية مختلفة، فعلى سبيل المثال، فقد كان الزعيم الفلسطيني الراحل ياسرعرفات، يشتري القذائف الصاروخية من القوى اللبنانية المختلفة، ويدفع لها الثمن شريطة ان تطلقها هي على الجيش الإسرائيلي.