الوصاية على القدس والتضليل السياسي والديني
حازم عياد
الصورة الآخذة في التشكل توحي بأنه سيأتي يوم يدير المسجد الاقصى واوقافه مجموعة من رجال الدين المستوردين من عالم التطرف، يدافعون عن طاعة ولي الامر نتنياهو وحلفائه العرب، ويبررون الاحتلال بالقول: «انه تلاقح ثقافي وليس احتلالا»، ويحرمون خروج المرأة لمواجهة الاحتلال لأن ذلك يكشف عورتها امام جنوده.
والأسوأ من ذلك انهم قد يعمدون الى تصفية الائمة والعلماء وملاحقة المثقفين كما حدث في اليمن وليبيا؛ بحجة انهم خارجون على ولي الامر وفساق وزنادقة.
الصورة المتخيلة بشعة جدا؛ اذ سيعمد هؤلاء الى تكريس الاحتلال كواقع على ارض فلسطين باعتبار ان الصهاينة والعرب ابناء ابراهيم ومن ملة واحدة.
الغريب ان خبراء التطرف صامتون فباحثو «بزنس الجهاد» لم يعالجوا الظاهرة الى الان بالتحليل والتوضيح، إنما يواصلون تضليلهم السياسي بالحديث عن الجيل الخامس من المتطرفين نازعين من رؤيتهم الأبعاد الاقليمية والدولية في انتاج الظاهرة وتغذيتها، متناسين الحقائق المتعلقة بتخلق هذه الظاهرة التي في جيلها الخامس باتت منعكسة بصورة قوات «لحد الداعشية» التي تعمل كحرس حدود لتشديد الحصار على قطاع غزة، وفي صورة الغارات الجوية على قاعدة حميمين لطائرات دروون موجهة بالاقمار الصناعية، او في شكل جيوب آمنة على حدود العراق وسوريا.
الصورة مرعبة للشكل الذي ستتطور فيه الامور، ورغم ذلك فإن حالة الوعي بهذا التهديد كبيرة في الشارع الفلسطيني؛ امر عبر عنه قيادات من مختلف الفصائل الفلسطينية كحاتم عبد القادر من حركة فتح المسؤول عن ملف القدس او كحركة حماس التي بدأت بملاحقة العناصر اللحدية التي تعمل على محاصرة قطاع غزة وقطع شريان الحياة عن ساكنيه.
الحالة الفلسطينية فيها اطفال كـ عهد التميمي بشعرها الذهبي، وفيها رجال ونساء وشيوخ واطفال يتصدون للاحتلال في القدس الشريف، هم القادة الفعليون والاوصياء الحقيقيون على المسجد الاقصى، ورغم تغيب قيادات الداخل الفلسطيني في السجون وعلى رأسهم رائد صلاح وبتحريض من جهات عربية، الا ان المعركة لا زالت محتدمة مع الاحتلال في المسجد الاقصى؛ فالاحتلال في نظر اهل فلسطين ليس تلاقحا ثقافيا كما يروج المتصهينون او ظاهرة «كوزموبوليتية» كما يروج المهووسون بفضائيات التسلية والمسابقات، كما انه ليس طاعة لولي الامر نتنياهو كما يروج بعض ادعياء العلم الشرعي.
ما يحدث في العالم العربي من فوضى وتصارع فاض على فلسطين وقدسها واهلها، وبات التصدي لهذه الظاهرة المرضية مسؤولية اجتماعية وسياسية وثقافية؛ فهي خطر حقيقي يهدد الفلسطينيين وجوديا؛ فالناتو الامريكي الصهيوني العربي ليس مجرد مشروع سياسي وامني، اذ يحمل في باطنه مقولات دينية شاذة ومتطرفة في نفس الوقت، وجيل خامس من المتطرفين الذين تم إعدادهم في مختبرات سياسية محكمة الاغلاق.