شاعرة القدس الحالمة سميرة الخطيب
الشاعرة الفلسطينية سميرة الخطيب
شاكر فريد حسن
شهدت الحياة الثقافية الفلسطينية تحت الاحتلال في بداياتها الأولى زخماً أدبياً ونشاطاً ثقافياً مكثفاً في مختلف المجالات، وعرفنا أسماء أدبية عديدة ،منها من توقف عن تعاطي الكتابة ومنها من واصل العطاء والابداع.
من هذه الأسماء الشاعرة سميرة الخطيب التي احتلت قصائدها موقعاً واضحاً في المشهد الأدبي الفلسطيني ، والتزمت نصوصها الموقف الوطني الواعي لقضايا شعبها وهمومه وأحلامه.
سميرة الخطيب من القدس ، عاشت وترعرعت في أزقتها وحاراتها وشوارعها ثم هاجرت الى أمريكا ، وهناك أسهمت في طرح القضية الفلسطينية في المحافل الدولية وبين أوساط الرأي العام الأمريكي ، جنباً الى جنب الشاعر الفلسطيني الشهيد راشد حسين.وقد عرفتها عندما شاركت في حفل تأبين راشد في قريتي مصمص ، حيث وقفت على المنصة تتحدث بلباقة وجرأة وثقة بالنفس .
يقول الناقد د. نبيه القاسم : "سميرة الخطيب ، كانت الفتاة العربية الفلسطينية الأولى التي عرفت ، كانت ممتلئة شباباً وذكاءً وتوقداً وثورية وحباً للمعرفة والعمل ، وكانت شاعرة تفرض وجودها بموهبة كبيرة وقدرة على صقل الكلمة وطرح الفكرة ورسم الصورة بسلاسة انعدمت عند الكثيرين من الشعراء ".
نشرت سميرة الخطيب قصائدها في مجلة"البيادر الأدبي" لمؤسسها وصاحبها جاك خزمو ، وصدرت لها مجموعة شعرية بعنوان "القرية الزانية".
لسميرة الخطيب خصوصية معينة جعلت الوطن اضاءتها وذاكرتها، والانسان أكثر التصاقاً بالوطن والوطن أكثر تألقاً ، اثرت أن تكتب للناس فجاءت نصوصها الشعرية مفعمة بالحب العميق الصادق للقدس والأرض والوطن، بناسه البسطاء والفقراء.. ولنقرأ هذه الأبيات من قصيدة "مشعل رقم 36" التي تحمل دلالات تعبر فيها عن وجع الوطن:
ع الأوف مشعل
والهوى ما عاد يؤلمني كثيراً
منذ التقينا والجليل
يصوغ بذر المستحيل
ويعيد لي ساعات أرقام اللقاء
يصير أيماني مواعيداً وواعد
ويمد قدسي حينما تبكي شبان كابداع القصائد
يهفو الى شباك بيتي ليالي الخوف واحد
أنا صامد يا بنت
أنا لن أبيعك بالعواصم والغواني والطلول
وتبلغ الشاعرة الحالمة سميرة الخطيب قمة اليأس في قصيدتها "المدينة الزانية" فتقرر أن تهجر المدينة للبحث عن حريتها ، وتختم قصيدتها بالقول :
أعطني حريتي
تقت أن الحق القافلة
وتعلق سميرة في النهاية قائلة :"سقطت صفحات كثيرة" ، وربما يكون هذا الموقف قد تأتى بسبب ما أشارت اليه في قصيدة أخرى حيث أن الورد في مدينتها غريب ، والطير لا يتقن التغريد ، والسور حزين والناس :
حديثهم عجب
وهمهم أن يفعل القطيع
وربهم عجل من الذهب
سميرة الخطيب عالجت في قصائدها مواضيع فلسطينية حياتية ووطنية مستوحاة من الواقع الحي، وهذه القصائد تطفح بالمشاعر الفلسطينية الانسانية النبيلة ، وتتضمن بين جنباتها دفئاً انسانياً وفلسطينياً صادقاً عارماً بانسانية الانسان ومليئاً بهمومه وجراحاته ، وقد وظفت التراث والرموز الحضارية للتعبير عن الراهن من أجل استشراف الاتي.
في المحصلة الأخيرة سميرة الخطيب ذات شفافية غنائية وحس أدبي مرهف، ويتصف شعرها بجماليته وموسيقاه وصوره المكثفة .