المرأة الفلسطينية.. مقاومة من إبرة الخياطة إلى خطف الطائرة
وثق المشهد الفلسطيني بشهادات حية حفرت في تاريخ فلسطين النضالي، دور المرأة الفلسطينية الذي ارتقى على نحو مشهد ملحمي، ليكون شاهدا على انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق شعبنا بأطفاله ونسائه وشيوخه ورجاله.
وبحسب احصائيات هيئة شؤون الأسرى والمحررين، فإن ما يقارب 15 ألف امرأة اعتقلت منذ عام 1967 حتى تشرين أول 2015، وخلال عام 2016 اعتقل الاحتلال (156) فتاة وامرأة، و(170) امرأة وفتاة في العام 2017، وبذلك يكون مجموع ما اعتقله الاحتلال من نساء وفتيات فلسطين منذ عام 1967 وحتى اليوم ما يقارب ال16 ألف، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الرسمية.
ومنذ بداية العام الحالي 2018، اعتقل الاحتلال ما يقارب ال30 امرأة وفتاة قاصر، 18 منهن في كانون الثاني، و9 في شهر شباط، ومواطنتين بداية آذار، ويتواجد اليوم في سجني هشارون والدامون الاحتلاليين أكثر من 60 أسيرة.
شهادات حية
في الـ19 من نيسان 1989 اعتقلت قوات الاحتلال نبيلة أبو غوش من مخيم بلاطة بحجة حياكة قميص بألوان العلم الفلسطيني، وفي 26-4-1975 اعتقلت ردينة أبو الرب من القدس بتهمة طباعة بيانات وطنية، وفي 1-11-1975 اعتقلت نهاد وهدان ومها الهباب من البيرة بتهمة الانتماء إلى الصاعقة (أحد أذرع فتح العسكرية حينها)، إلى ايمان الخطيب من القدس التي وضعت عبوة ناسفة في كافتيريا الجامعة العبرية في 21-7-1971، وفريال خليفة وكريمان الرطروط من نابلس بتهمة التحريض في 21-1-1976، إلى مفيدة جبر من مخيم الجلزون ورندة فلاح من الخليل بتهمة الانتماء لحركة فتح في 26-10-1979، واعتقلت عدلة يحيى وانتصار الشيخ ويسرى أحمد من مخيم الجلزون بتاريخ 24-12-1979 بحجة رشق سيارات المستوطنين بالحجارة، ورباب عبد الهادي في 1-6-1980 بتهمة شتم ضابط إسرائيلي.
فيما اعتقلت قوات الاحتلال في 31-7-1981 يسرى البربري بحجة مقال نشرته في مجلة طبية، وآسيا حبش وسعاد عاشور ومنى مصطفى وزويا خلف في 10-12-1981 بتهمة السماح لطالبات معهد الطيرة بالتظاهر، واعتقلت فاطمة أبو أنيس من أم الفحم في 22-6-1983 بسبب تزيين حديقة حضانة بالعلم الفلسطيني، وحنان الصرعاوي ونعيمة ذياب من مخيم قلنديا 27-5-1984 توزيع منشورات.
المرأة الفلسطينية بدأت مقاومتها ضد الاحتلال الإسرائيلي من إبرة الخياطة وصولا إلى خطف الطائرة، حيث لمعت ليلى خالد، تيريز هلسة، ريما طنوس، في الأعوام 1969 و1972، ليكون بذلك اعتقل الاحتلال الإسرائيلي المرأة الفلسطينية بتهم "إبرة وشتم ومقال وقطعة قماش وورقة وحجر وزجاجة حارقة وقنبلة ورصاصة وخطف طائرة".
المرأة في المظاهرات
تقول الكاتبة ميسون العطاونة الوحيدي في كتابها "المرأة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي": كانت ثورة عام 1929 نقطة تحول وبداية عهد جديد في حياة المرأة الفلسطينية التي وجدت نفسها أمام المسؤولية الملقاة على عاتقها، حيث اعتقلت سلطات الانتداب البريطاني المئات من الرجال وهدمت المئات من البيوت، ويتمت المئات من الأطفال، فقامت ولأول مرة في تاريخ فلسطين، بعقد مؤتمر نسائي في مدينة القدس بتاريخ 26 تشرين أول 1929 حضرته حوالي 300 امرأة فلسطينية من القدس، ويافا، وحيفا وعكا ونابلس وجنين ورام الله وغيرها، وكان هدفه تنظيم الحركة النسائية في فلسطين للعمل على انقاذ الوطن ومساعدة العائلات المنكوبة.
وأسهمت المرأة في جمع الأموال لعائلات الشهداء وعائلات الثوار، وشاركت في نقل الطعام والماء والسلاح إلى الثوار في الجبال، وتزويدهم بالأدوية لإسعاف الجرحى، وكانت تودع الثوار بالزغاريد وحين يعود الثوار وهم يحملون الشهداء، تستقبلهم بالزغاريد أيضا.
ويشير الكاتب نبيل علقم في "تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية ودور المرأة فيها" إلى أن أول نشاط نسائي كان خروج المرأة والفتاة الفلسطينية في مظاهرات كبيرة في القدس ويافا وحيفا في أول ثورة ضد الانتداب البريطاني، وشهدت مظاهرة القدس 40 ألف مواطن، للمطالبة بإلغاء وعد بلفور.
وتقول ربيحة علان في "من القرية إلى المخيم.. دور المرأة الريفية اللاجئة في الحفاظ على العائلة": أخذت المرأة الفلسطينية اللاجئة تعمل على توفير الطعام والشراب لأسرتها، وقامت بتربية الدجاج وزرعت ما حولها من أرض.
فيما استشهدت العديد من النساء في فترة الثلاثينات والأربعينات، فارتقت فاطمة غزال في معركة وادي عزون بين الثوار والجنود البريطانيين في شهر حزيران 1936، وأثناء تزويد المجاهدين بالطعام والماء استشهدت جولييت زكا وجميلة أحمد وذيبة عطية، أو حاملة لسلاحها تقاوم المحتل بعد أن ذبح زوجها وابنها في مجزرة "دير ياسين" كحلوة زيدان التي استشهدت في 9-4-1948. والمعلمة حياة البلبيسي من القدس استهدت وهي تسعف المصابين، وحلوة حسين خليل من سلوان وهي تحارب مع المجاهدين في واد النساجة، وحلوة السالم من المالحة وهي تنقل الماء للمجاهدين، والممرضة مرغريت جورج أبو كيان من حيفا التي استشهدت بين حيفا واجزم وهي ترافق أحد الجرحى.
وبحسب نبيل علقم، فإن أكثر من 64 امرأة فلسطينية تم ابعادهن عن فلسطين في الفترة ما بين 1968-1983، كما تشير ميسون العطاونة الوحيدي إلى تعرض 1825 امرأة فلسطينية للاعتقال ما بين عام 1967 وعام 1984.
المرأة في الستينيات والسبعينيات
كانت فترة نهايات الستينيات وبدايات السبعينيات ذروة عمل المرأة الفلسطينية في المقاومة، وتعامل الاحتلال الاسرائيلي بشدة مع المرأة المناضلة، وعاقبها بأحكام قاسية.
فكانت أول الأسيرات بعد نكسة 1967، هي فاطمة برناوي من القدس وكانت تعمل ممرضة في قلقيلية، اتهمها الاحتلال بالاشتراك في تفجير سينما صهيون في آب 1967، والانتماء لحركة فتح وحكمت بالسجن المؤبد.
وفي آذار 1969 اعتقل الاحتلال عصام عبد الهادي وغادة عبد الهادي وسوسن الشنار ونعمت كمال وفيحاء عبد الهادي وآمنة الحلبي وسلام قصف وعهود يعيش ونجوى الشخشير وسعاده النابلسي (5 سنوات) بتهمة الانتماء للجبهة الشعبية.
وفي نفس العام، حكم الاحتلال على عبلة طه وهي معلمة من القدس، بالسجن 4 سنوات بتهمة محاولة تهريب متفجرات من عمان إلى القدس، وعلى عفيفة بنورة وهي قابلة من بيت ساحور بالسجن المؤبد و10 سنوات، بتهمة وضع قنبلة في باص إسرائيلي.
أما لطيفة الحواري وهي معلمة من البيرة اعتقلت 3 مرات بين 1967 و1969، واتهمها الاحتلال بالاشتراك عام 1969 مع نائلة الخياط وليلى راشد ودوريس خوري وروضة التميمي في محاولة تسميم عملاء، ثم هدم الاحتلال منزلها وحكم عليها 10 سنوات لحيازتها أسلحة والانتماء لفتح، وعائشة حمادة من غزة بتهمة القاء متفجرات على سيارة عسكرية في سوق فراس بتاريخ 3 آب 1968، وعايدة سعد من غزة في 17 آذار 1969 وهدم منزلها وحكمت 20 عاما وتنتمي لفتح.
وحكم على أمينة دحبور من خان يونس 12 عاما بسبب مشاركتها في الهجوم على طائرة العال في زيوريخ، وعلى رسمية عودة من دير جرير بثلاث مؤبدات و10 سنوات بسبب تفجير السوبر سول والقنصلية البريطانية، وعلى عائشة عودة بمؤبدين و10 سنوات على نفس التهمة وهما ينتميان إلى الجبهة الشعبية.
كما حكم على سامية الطويل بالسجن 5 سنوات، وعلى صبيحة شعبان من الرملة 5سنوات، وفيروز الشخشير من نابلس 5 سنوات، ومريم الشخشير من نابلس بالسجن المؤبد و20 عاما، وفي عام 1970 حكم على هالة الطاهر من نابلس بالسجن 12 عاما بحجة قيادة خلية مسلحة لحركة فتح، وعلى فاطمة الحلبي من غزة بالسجن 16 عاما لانتمائها للجبهة الشعبية وحيازتها أسلحة. وحكم على ناديا ومارلين برادلي وهما مغربيتان ب12 عاما لناديا، و10سنوات لمارلين بتهمة احضار متفجرات إلى إسرائيل، وحكم على الفرنسيتين ايفيلين بيرج 14عاما وايديت بروغاتلر ب8 سنوات، لنفس التهمة.
وعام 1971 حكم على رايقة شحادة من المغازي دير البلح 7 سنوات، وعلى حرية خليفة (5 سنوات) بتهمة المساهمة في قتل متعاون، وعلى زكية شموط من الناصرة بـ(188 عاما، 12 مؤبدا ومؤبدين في مصادر أخرى)، بتهمة وضع متفجرات في سوق العفولة والانتماء لفتح.
وعام 1972 حكم على تيريز هلسه من عكا بالسجن مدى الحياة وريما طنوس من إربد بمؤبد و10 سنوات لاختطافها طائرة لشركة سابينا، طائرة بلجيكية إسرائيلية، كانت تحمل 100 مسافر يهودي.
وعلى راجية سلامة من مخيم المغازي 15 عاما لإلقائها قنابل على مقر الحاكم العسكري في دير البلح،
وحكمت أميرة موسى بـ12 عاما لإلقائها قنبلة على إسرائيليين، وعام 1975 حكم على سامية علي من مخيم عايدة بالسجن 12 عاما، وعلى بريجيت شولتز من ألمانيا بالسجن 10 سنوات بتهمة اختطاف طائرة العال، وعام 1976 حكم على ابتسام غرايبة من طمون ب12 عاما بتهمة وضع متفجرات في محطة الباصات المركزية في القدس والانتماء لفتح.
وفي عام 1977 حكم على ثريا الانصاري 20 عاما، وعام 1978 حكم على علياء أبو دية من الظاهرية ب15 عاما لاشتراكها في 11 عملية إطلاق صواريخ وانتمائها للجبهة الديمقراطية في 28 حزيران 1977، وعلى فيولا ساعاتي من رام الله بالسجن 12 عاما لوضعها عبوتين ناسفتين وانتمائها لفتح