لماذا قررت إسرائيل أخذ المسؤولية الآن بالذات؟
إسرائيل هيوم
أمنون لورد 21/3/2018
التأكيد الإسرائيلي على أن دولة إسرائيل بالفعل هي التي هاجمت المفاعل في دير الزور في 7 أيلول 2007 يطرح بالطبع تقديرات بشأن النية التي تقف خلف النشر. فعلى مدى كل العقد الأخير كانت منشورات شبه مطلقة عن الهجوم الإسرائيلي. والأمر الوحيد الذي كان ينقص هو التأكيد الرسمي من الحكومة بان إسرائيل هي التي نفذت الهجوم.
النشر المفصل وربما الأكثر اسنادا عن الهجوم، ناقص التأكيد الرسمي، كان قبل خمس سنوات ونصف في تقرير تحقيقي كبير لدافيد ماكوفسكي في "نيو يوركر" تحت عنوان "الهجوم الهادئ" (ايلول 2012). وكتب ماكوفسكي نفسه بان كثرة المنشورات عن القصف في سورية تفسر كتصريح نوايا وتحذير من جانب إسرائيل في كل ما يتعلق بالمنشآت النووية الإيرانية. ينبغي الافتراض أنه من بين كل الاسباب الاخرى هذه هي نية إسرائيل عندما تؤكد اليوم بشكل رسمي مسؤوليتها عن الهجوم قبل عشر سنوات ونصف.
من المشوق أن نرى بأي قدر توجد فوارق في التفاصيل التي تنشر اليوم مقارنة بالنشر السابق. وفي كل حال، كشف ماكوفسكي في تقريره بان نقطة اللاعودة من ناحية إسرائيل كانت في آذار 2007، عندما عرض رئيس الموساد في حينه مئير دغان على رئيس الوزراء اولمرت معلومة معينة. ويقتبس اولمرت فيقول: "عرفت من تلك اللحظة بان شيئا بعد اليوم لن يكون هو نفسه. ووزن ذاك الشيء، على المستوى الوجودي كان غير مسبوق". وتعهد اولمرت بتصفية المفاعل في اقرب وقت ممكن. ومثلما في 1981، كان الجدول الزمني ملزم بتدمير المفاعل قبل أن يتحول إلى "ساخن" خشية أن يلوث تدميره مياه نهر الفرات المجاور للمفاعل.
لقد كانت لإسرائيل مشكلة مع إدارة بوش، التي بدأت تتحفظ منها في اعقاب التقصير في حرب لبنان الثانية. وهنا دخل موضوع مبدئي في علاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة – مدى المصداقية العسكرية لإسرائيل. في اعقاب الاداء الفاشل للجيش الإسرائيلي في لبنان في 2006 "اعتقدت كوندي (وزيرة الخارجية كونداليزا رايس) بانه لم يعد ممكنا الاعتماد على الجيش الإسرائيلي: فهم لم يعودوا ذاك العملاق بطول ثلاثة أمتار ونصف الذي تربينا عليه"، كما قيل في محيط رايس القريب.
هذا الموقف المتشكك كان على ما يبدو أحد الاسباب التي جعلت الأميركيين يتحفظون من امكانية أن تقصف إسرائيل المفاعل في سورية، لتخوفهم من اندلاع حرب. أمر آخر يربط القصف بايامنا هو انه كان الحديث يدور عمليا عن مفاعل كوري شمالي، مشابه للمفاعل الذي طوره الكوريون عندهم في الوطن. وبالضبط في تلك الفترة بدأت واحدة من الخطوات الدبلوماسية العقيمة بين الستة المشاركين وبين كوريا الشمالية في الموضوع النووي.
المعروف هو فقط أن الإيرانيين يجدون صعوبة في نقل الصواريخ الموجهة الدقيقة إلى حزب الله في لبنان، وهم يحاولون تطوير مصانع لانتاج هذه الصواريخ على الاراضي اللبنانية وهكذا كسب نوعا من الحصانة. ولعل إسرائيل أيضا لم تتنازل تماما عن الخيار العسكري لتدمير منشآت النووي الإيراني على الأراضي الإيرانية.
يأتي تأكيد الهجوم في أيام يتعقد فيه وضع إسرائيل في الجبهة السورية اللبنانية. يحتمل أن تكون الفترة الطيبة من السنوات السبع الاخيرة قد انتهت. وذلك في اعقاب تجاوز الخطوط الحمراء لروسيا في علاقاتها مع الغرب، في اعقاب التصفية التي نفذتها على الاراضي البريطانية. فحلف ناتو يتكتل وفقا لما يلزم حول بريطانيا. وهناك عناصر في الولايات المتحدة ترى في إسرائيل عاملا مهما، منظومة التفاهمات الهادئة بينها وبين الرئيس بوتين بالنسبة لسورية هي جزء من الاستراتيجية التي يستخدمها بوتين.