غزة.. المجلس التشريعي يقر مشروع قانون "المصالحة المجتمعية"
الأربعاء 21 مارس 2018
أقر المجلس التشريعي الفلسطيني في قطاع غزة، اليوم الأربعاء، مشروع قانون المصالحة المجتمعية؛ الذي يضع أُسس ومنطلقات قانونية لإنهاء الانقسام وطي صفحته.
وعقد "التشريعي" اليوم، جلسة خاصة في غزة بحضور نواب كتلة "التغيير والإصلاح" المحسوبة على حركة "حماس"، وآخرين من كتلة "فتح" البرلمانية المحسوبين على محمد دحلان.
وينص مشروع القانون على إنشاء لجنة مصالحة مجتمعية تعنى بمتابعة ملف المتضررين جراء أحداث الانقسام، تمهيدا لتعويضهم عن تلك الأضرار.
وحاز مشروع القانون المكون من 13 مادة على موافقة جميع النواب المشاركين بالجلسة.
وشدد أحمد بحر؛ النائب الأول لرئيس البرلمان الفلسطيني، على أهمية مشروع القانون، مبينًا أنه "لتدشين وتعزيز قيم المحبة والتسامح والتعاون والتكافل بين أبناء الشعب الفلسطيني".
واعتبر بحر أن مشروع القانون "يشكل أحد أهم الضمانات الرامية إلى إنجاح المشروع الوطني التحرري والأرضية الصلبة الكفيلة بتوحيد المجتمع الفلسطيني وتكتيل الصف الداخلي في مواجهة الاحتلال".
وأكد أن المجلس التشريعي "من أشد الداعمين لاتفاق القاهرة 2011، والذي يعتبر المصالحة المجتمعية أحد أهم أركانها".
وقال "من أساسيات أية مصالحة مجتمعية ولتحقيق العدالة الانتقالية، يجب أن تكون هناك مرجعيات تشريعية تضمن للضحايا والمتضررين حقوقهم وتعمل على الحفاظ على السلم الأهلي وترسيخه".
وأضاف "المصالحة تعبر في جوهرها عن منظومة عمل وطني متكاملة، سياسيًا واجتماعيًا وكفاحيًا".
ونوه رئيس اللجنة القانونية في البرلمان، النائب محمد فرج الغول، إلى أن مشروع القانون يأتي استنادًا لأحكام المادة (67) من النظام الداخلي للمجلس التشريعي.
وذكر الغول، أن "المشروع يتوافق مع أحكام القانون الأساسي لسنة 2003 وتعديلاته ومع السياسة العامة للمجلس التشريعي الرامية إلى سن قوانين تُحاكي الواقع وتعزز الاستقرار والأمن المجتمعي".
وأوضح أن مشروع القانون المقترح يكتسب أهمية خاصة؛ باعتباره يهدف إلى إرساء إطار قانوني لتقنين المصالحة المجتمعية، كأحد أساليب العدالة الانتقالية الرامية إلى طي صفحة الانقسام.
وتابع "مشروع القانون حرص على حصر طرفي اتفاق المصالحة بين الشخص المتصالح ولجنة المصالحة المجتمعية، وقد استهدى في أحكامه باتفاقية الوفاق الوطني الفلسطيني المبرمة في القاهرة بتاريخ 27 إبريل 2011".
وينص اتفاق القاهرة 2011 على تشكيل اللجنة الوطنية للمصالحة المجتمعية للنظر في قضايا الدم التي وقعت خلال الانقسام عامي 2006 - 2007.
وعقدت اللجنة التي شكلت عام 2011 بمشاركة كافة الفصائل الفلسطينية ثمانية اجتماعات لها وضعت تصورا للعمل وشكلت صندوقا يدعم من قبل الدول العربية ومن موازنة السلطة ليؤمن عمل اللجنة للمهام المطلوبة منها؛ ولكنها جمدت لأسباب غير معروفة.
ورأى النائب عن التغيير والإصلاح، مشير المصري، أن المجلس التشريعي شكل بوابة للمصالحة الفلسطينية وقدم العديد من المبادرات الوطنية لاستعاد الوحدة وصناعة المصالحة، "وهو ماضٍ في مسيرة المصالحة رغم العقبات".
وتابع: "تأتي هذه الجلسة في إطارها الطبيعي وضمن التوافق بين الكتل لسن قانون المصالحة المجمعية، وللتأكيد على أننا ماضون في طريق المصالحة رغم الأزمات".
واعتبر المصري أن هذه اللجنة "خطوة هامة لترتيب البيت الفلسطيني وتعزيز مقومات الصمود والثبات لمواجهة تحديات القضية الفلسطينية".
وصرّح ماجد أبو شمالة؛ النائب عن حركة "فتح"، وعضو لجنة المصالحة المجتمعية، بأن "الحديث عن المصالحة يستوجب التفكير في إنهاء الخلافات المجتمعية التي نتجت عن مرحلة سوداء في تاريخ شعبنا".
وأكد أبو شمالة في حديث لـ "قدس برس" اليوم، "نؤيد هذا القانون بشدة، وآن الأوان لطي صفحة سوداء من تاريخ شعبنا، نستطيع أن نتعاون جميعًا لنقف أمام قضايانا التي تهم كل مواطن في قطاع غزة".
ودعا إلى "العمل بشكل جاد لإنهاء نتائج الخلافات الفلسطينية، وعلى رأسها عودة الموجودين في الخارج والإفراج عن المعتقلين، وإنهاء ومعالجة كل ما يمكن علاجه من آثار الانقسام".
وقال النائب عن فتح "خطونا خطوات كبيرة في هذا المجال، وتم إنهاء 140 ملفًا من الملفات المستعصية، ويجب معالجة باقي الملفات، ونحن نبذل جهدًا كبيرًا للوصول إلى معالجات حقيقية".
وأضاف "الأساس في هذه المعالجة هو الصلح الاجتماعي بعيدًا عن الخلافات السياسية وبعض الفئات السياسية التي تبحث عن التمكين".
وفي نهاية الجلسة، أقرّ نواب المجلس مشروع القانون المذكور بالمناقشة العامة؛ تمهيدًا لإحالته إلى اللجنة القانونية؛ لإعداده للقراءة الأولى وفق الأصول القانونية.
وتم قبل نحو عام تشكيل لجنة أخرى موازية تحمل الاسم ذاته وذلك في إطار التفاهمات التي جرت بين حركة "حماس" والتيار الإصلاحي لحركة "فتح"، ضمت بالإضافة إليهما كلًا من حركة الجهاد الإسلامي، والجهة الشعبية- القيادة العامة، وحركة الصاعقة، حيث تم تأمين مبلغ 10 مليون دولار تبرعت به دولة الإمارات لدفعها لعوائل الضحايا، من أصل 50 مليون دولار تم رصدها لهذا الأمر.
وأتمت هذه اللجنة عقد مصالحة لـ 140 عائلة بما يعرف باسم "جبر الضرر" من خلال تعويض كل عائلة شهيد مبلغ 40 ألف دولار.
وتوقفت هذه اللجنة عن العمل مع اتفاق المصالحة الأخير في القاهرة في تشرين أول/ أكتوبر 2017 لإتاحة المجال لعمل اللجنة الأولى برئاسة عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية رباح مهنا، والتي لم تعقد أي اجتماع لها خلال 6 أشهر.
ولقي حوالي 700 شخص مصرعهم، وأصيب الآلاف بجراح إثر النزاع المسلح الذي وقع بين حركتي "فتح" و"حماس" مطلع حزيران/ يونيو 2006، بعد فوز حركة "حماس" في الانتخابات التشريعية وتشكيلها للحكومة الفلسطينية.
وامتدت الأحداث لما عرف لاحقًا باسم "الحسم العسكري" في منتصف حزيران/ يونيو عام 2007، وطرد أجهزة أمن السلطة الفلسطينية من غزة، وبسط "حماس" سيطرتها بالكامل على قطاع غزة.