منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  موقف أهل مكة من الإسلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 موقف أهل مكة من الإسلام Empty
مُساهمةموضوع: موقف أهل مكة من الإسلام    موقف أهل مكة من الإسلام Emptyالجمعة 26 يوليو 2013, 11:14 pm




 موقف أهل مكة من الإسلام
بعد أن صدع رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 بالأمر الإلهي حدث انفجار في مكة، فهذه مشاعر الغضب والاستنكار والرفض للدعوة، وهذه اجتماعات وتخطيطات ومكائد ومؤامرات، قامت الدنيا ولم تقعد، إنها -ولا شك- الحرب، ولا هوادة في الحرب.
وها هم المسلمون في مكة لم يعلنوا إسلامهم باستثناء رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20، وها هو رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 لا أحد من البشر يدافع عنه غير عمه أبي طالب، وهو دفاع غير مشروط، ورسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 يقبل بدفاعه مع كونه كافرا، لكنه في ذات الوقت ما فرط في كلمة واحدة من الدين، ما تنازل، وما بدل، وما غير.
كان هذا هو موقف الرسول  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 وموقف عمه أبي طالب، وموقف مكة بصفة عامة، وقبل الحديث عن خطة مكة في القضاء على الدعوة الإسلامية نريد أن نبحث في موانع الإسلام عند أهل مكة، وبعبارة أخرى: لماذا لم يؤمن أهل مكة بدعوة رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20؟
لماذا حاربوا الدعوة ولم ينصروها مع كون الرسول  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 منهم؟ أم أنهم لم يدركوا الحق الذي جاء به رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20؟!
وأعتقد أن الجواب على هذا السؤال الأخير هو: لا على الإطلاق؛ فعلى أقل تقدير كانت الرسالة واضحة جدًّا، إنما الصواب هو أنهم كانوا كما قال  موقف أهل مكة من الإسلام U1_20 في كتابه الكريم: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُفْسِدِينَ} [النمل: 14].
فقد كان القرآن الكريم -ولا يزال- كلامًا معجزًا، وهؤلاء هم أهل اللغة والبلاغة والفصاحة، أي أنهم يعلمون جيدًا أن هذا ليس من عند البشر، وقد كانوا على يقين أن محمدًا  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 رسول من عند الله، لكن أنفسهم لم تطب بهذا التصديق.
ومما يؤكد هذا الأمر أن أُبيّ بن خلف كان يقابل الرسول  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 فيقول له: إني سأقتلك، فكان يرد عليه  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 بقوله: "بَلْ أَنَا أَقْتُلُكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ". وبعد حين من الوقت خرج أُبيّ بن خلف لحرب رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 في موقعة أُحد، فكان أن أصابه  موقف أهل مكة من الإسلام R_20بسهم سبَّب جرحًا طفيفًا في كتفه، فعاد أُبيّ إلى قومه يصرخ بأنه سيموت من هذا الجرح الطفيف، فكان الناس يقولون له: هوِّن عليك؛ إن هذا لأمر يسير. فكان يرد عليهم أُبيّ بقوله: إنه قال لي بمكة: أنا أقتلك، فوالله لو بصق عليّ لقتلني.
فأين كان عقلك يا أُبيّ؟! أين كان عقل الذين سمعوك ولا يزالون يقاتلون النبي  موقف أهل مكة من الإسلام R_20؟!
إذن فقد كان أهل مكة يوقنون أن هذا الذي جاء به  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 هو الحق الذي لا ريب فيه، لكن السؤال هو: لماذا -إذن- كذبوا ولم يؤمنوا؟!
لماذا لم يؤمن أهل مكة ؟!
التقاليد والجبن والقبلية
في معرض الإجابة على هذا السؤال السابق فقد تعددت موانع الإسلام عند أهل مكة، فكان منهم من منعته التقاليد كأبي طالب، وكان منهم من منعه الجبن كأبي لهب كما ذكرنا، وكان منهم من منعته القبلية.
وكان أكثر مَن جسد القبلية أبو جهل، وكان من بني مخزوم، فكان يقول: "تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف، أطْعَموا فأطعمنا وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تحاذينا على الرُّكب وكنا كفرسي رهان، قالوا: لنا نبي يأتيه الوحي من السماء، فمتى ندرك هذه؟ والله لا نؤمن به أبدًا، ولا نصدقه".
ذلك التعصب وتلك القبلية أو القومية هي من شيم وصفات الجاهلية، وأعداء الإسلام ما فتئوا يستغلون هذا المدخل، ويشعلون تلك النعرة منذ القديم وإلى الآن وإلى يوم القيامة.
فالعامل الذي أسقط به اليهود والإنجليز الدولة العثمانية هو إشعال تلك النعرة، وتفريق المسلمين إلى عرب وأتراك، ومثله الذي دخل به الفرنسيون الجزائر أيضًا كان تفريق المسلمين إلى عرب وبربر، وهو العامل أيضًا الذي فرّق به شاس بن قيس اليهودي بين الأنصار حين أشعل العنصرية في قبيلتي الأوس والخزرج، وهذه كلها من شيم الجاهلية.
الكِـبْر
كان من الناس أيضًا من منعه الكبر من الدخول تحت راية الإسلام، وما أكثر الذين امتنعوا عن طريق الحق بسبب الكبر، تلك الصفة التي ظهرت مع بداية قصة الخلق، ومنذ آدم  موقف أهل مكة من الإسلام U2_20، يقول تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الكَافِرِينَ} [البقرة: 34]. فاقتضى كبر إبليس هذا كفره وطرده من الجنة وإبعاده عن رحمة الله تعالى.
والكبر كما عَرّفه رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 هو: "بَطَرُ الْحَقِّ (أي معرفة الحق ثم إنكاره)، وغَمْطُ النَّاسِ" أي احتقارهم.
وقد جسد القرآن الكريم هذه الصفة في نفوس أهل مكة حين حكى عنهم I قولهم: {وَقَالُوا لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا القُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ القَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} [الزُّخرف: 31]. يقصدون الوليد بن المغيرة في قرية مكة، وعروة بن مسعود الثقفي في قرية الطائف.
فكانوا يقولون: لو نزل هذا الأمر على رجل عظيم كمن في هاتين القريتين لكنا آمنا بهذا الدين، والرسول  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 -لا شك- أعظم الخلق، لكنهم كانوا يقيسون العظمة بكثرة الأموال لا بقيم الأخلاق والدين وشرف العقيدة.
وفي آثار وسلبيات هذه الصفة فقد وضح الله  موقف أهل مكة من الإسلام U1_20 أن من يتصف بها فإنه من الصعوبة بمكان أن يتبع الحق، قال الله  موقف أهل مكة من الإسلام U1_20: {سَأَصْرِفُ عَنْ آَيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آَيَةٍ لاَ يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ} [الأعراف: 146].
الخوف على السيادة والحكم
كان هذا الأمر أيضًا من الأسباب التي منعت بعضًا من قريش من الدخول في الإسلام، فقد كانوا يظنون أن الإسلام يسلبهم السيادة والحكم في أقوامهم.
فإن رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 جاء ليُحكّم شرع الله  موقف أهل مكة من الإسلام U1_20 في أمور العباد، وهو  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 ناقل عن رب العزة، ومن ثم فسيسحب البساط من تحت أقدام الزعماء كأبي سفيان وغيره إن انتشر دين الإسلام بمكة، فكان الخوف على الحكم مُعوِّقًا ضخمًا للانخراط في الدعوات الصالحة.
الخوف على المصالح المالية
كذلك كان هناك من يخاف على مصالحه المالية، فهو في الواقع مستفيد من الوضع الحالي لمكة بحالتها الكافرة الاشتراكية.
فمكة بلد آمن، وهي محط أنظار أهل الجزيرة العربية، والتجارة فيها على أشد ما تكون، ولو حارب العرب محمدًا  موقف أهل مكة من الإسلام R_20لتحول البلد الآمن إلى مثلث فتن وحروب، وهو مما لا يساعد على الربح أو التجارة، كما أن المشركين الذين يمثلون غالبية أو كل سكان الجزيرة العربية قد يرفضون القدوم إلى مكة بعد إسلامها، بل وقد يحاصرون مكة اقتصاديا إذا آمنوا هم.
ثم ماذا لو آمن واحد من كبار التجار خارج مكة؟ ألن يمنع عن مكة الطعام والتجارة؟ وإن مثل هذا ليس ببعيد؛ فقد حدث ذلك بالفعل بعد سنوات حينما أسلم ثمامة بن أثال ملك اليمامة، وكان أن منع الطعام عن مكة، فتأذت بسبب ذلك أذى كثيرًا.
إذن كان الخوف على المصالح المالية والشخصية والمصالح التجارية، سببًا رئيسيًّا لعدم قبول بعض المشركين بفكرة الإسلام.
الخوف على الشهوات والملذات
ومثل سابقه فقد كان هناك أيضًا من أهل مكة من يخاف على شهواته وملذاته من أن تُجرّم أفعالها، أو يقضى عليها.
فالإسلام دعوة إصلاحية تدعو إلى الفضيلة ومكارم الأخلاق والبعد عن المعاصي والذنوب، وأهل الباطل لا يريدون قيودًا أو حواجز بينهم وما تهفو نفوسهم إليه، ومن ثَمَّ فإن الدعوات التي تمنع الزنا والإباحية والظلم والفساد لا بد أن تحارب، وعلى قدر انغماس الرجل في شهواته وملذاته على قدر ما يكون حربه للإسلام.
الغباء وانغلاق الفكر
وقف الغباء أيضًا وعدم إعمال الفكر والعقل حاجزًا وسدًّا منيعًا لدى البعض من أهل مكة من أن يدخلوا في الإسلام.
فقد اعتاد مثل هؤلاء الاعتقاد بأن الآلهة متعددة، فحين يأتي رجل بعد ذلك ليخبرهم أن الله  موقف أهل مكة من الإسلام U1_20 واحد لا شريك له، تحجرت قلوبهم وعقولهم لقبول هذا الأمر الجديد، بل وقالوا: {أَجَعَلَ الآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص: 5].
لكن العجيب حقًّا هو أن يعتقد إنسان -أي إنسان- أن في الكون أكثر من إله، يقول I: {مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ} [المؤمنون: 91].
وقال أيضًا: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللهِ رَبِّ العَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الأنبياء: 22].
فكان من الغريب حقًّا أمر هؤلاء الكفار، فقد كانوا يسمعون الحق وكأنهم لا يسمعون، وكما حكى عنهم القرآن الكريم: {لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لاَ يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ} [الأعراف: 179].
وقد وصل بهم الأمر إلى أن يناقضوا أنفسهم وعقولهم في قضية وحدانية الخالق  موقف أهل مكة من الإسلام U1_20، يحكي حالهم I فيقول: {قُلْ لِمَنِ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ * قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ *سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ * قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ * بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [المؤمنون: 84- 90].
فإذا كان الله  موقف أهل مكة من الإسلام U1_20 هو المتصرف في كل شيء كما تعترفون، فلماذا تُحكّمون غيره؟! وهذه هي النقطة التي انغلقت عقولهم عن الإجابة عليها.
ومن هذه الفئة كان هناك في مكة من منعه غباؤه عن استيعاب فكرة أن الله  موقف أهل مكة من الإسلام U1_20 يرسل رسولاً إلى البشر من البشر، ولم يدرك عقله الحكمة من وراء ذلك، يصور ذلك القرآن الكريم فيقول: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الهُدَى إِلاَّ أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللهُ بَشَرًا رَسُولاً} [الإسراء: 94]، وبمنطقهم ردَّ عليهم  موقف أهل مكة من الإسلام U1_20 فقال: {قُلْ لَوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولاً} [الإسراء: 95]. وقال أيضًا: {وَقَالُوا لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الأَمْرُ ثُمَّ لاَ يُنْظَرُونَ * وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} [الأنعام: 8، 9].
كذلك كان هناك من الناس من منعه غباؤه أيضًا عن استيعاب فكرة البعث واليوم الآخر، ذلك الأمر الجديد الذي لم يخطر ببالهم، فقد كانوا يقيسون الأمور بأبعادها المحدودة المادية والملموسة، ولو أدركوا قدرة الله  موقف أهل مكة من الإسلام U1_20 لعلموا أنه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، يقول تعالى يحكي شأنهم: {وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} [النحل: 38].
فقد جاء العاص بن وائل (وفي رواية: أبيّ بن خلف) إلى رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 وفي يده عظم رميم، وهو يفتته ويذروه في الهواء ثم يقول: يا محمد، أتزعم أن الله يبعث هذا؟ فقال رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20: "نَعَمْ، يُمِيتُكَ اللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ يَبْعَثُكَ ثُمَّ يَحْشُرُكَ إِلَى النَّارِ".
ثم نزلت الآيات تخاطب العقول: {أَوَلَمْ يَرَ الإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي العِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ * أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الخَلاَّقُ العَلِيمُ} [يس: 77- 81].
وهذه حقيقة؛ يقول تعالى: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} [غافر: 57]. فالذي خلق السموات والأرض قادر على خلق الإنسان، ثم يكمل ذلك I مؤكدًا فيقول: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يس: 82، 83].
بل إن من الناس من أهل مكة من كان شديد الغباء حتى اعترض على القرآن الكريم نفسه، والقرآن الكريم كلام الله  موقف أهل مكة من الإسلام U1_20لا يشبهه كلام البشر ولا يستطيعونه {لاَ يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصِّلت: 42].
وقد كان العرب في زمان رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 أعلم أهل الأرض باللغة، وأكثرهم إتقانًا لها، وقد كانوا يعلمون تمام العلم أن هذا النَّظْم وذاك التعبير ليس من مقدورهم، وليس في مقدور عموم البشر جميعًا، ولكن كان حالهم كما أخبر I: {فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى القُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: 46].
فقد وصفوا القرآن بأنه شعر، وبأنه سحر وبأنه كهانة وغير ذلك من الصفات كذبًا وافتراءً.
ومن هنا فقد كانت هذه وغيرها موانع وقفت حائلاً أمام أهل مكة من أن يدخلوا في الدين الإسلامي العظيم، وهم لم يكتفوا بذلك، بل بدءوا يخططون ويدبرون للكيد لهذا الدين، وهي سنة ماضية إلى يوم القيامة، الحرب بين الحق والباطل {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} [النساء: 89].
فالدعوات الإصلاحية الصحيحة لا بد أن تحارب، ولا بد أن يجتمع عليها أهل الباطل، قد تؤجل المعركة ولكن لا بد لها من حدوث، قد تأخذ صورًا مختلفة ولكن لا بد في النهاية من أن تقع.
ومن هنا فقد بدأ الكفار في الكيد لرسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 ولمن معه من المسلمين، وقد سلكوا في ذلك السبيل نفسه الذي سلكه من قبلهم الكفار في صدر التاريخ، والذي يسلكه أمثالهم إلى يومنا هذا، والذي سيظل كذلك إلى يوم القيامة، {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً} [الفتح: 23].
د. راغب السرجاني



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 موقف أهل مكة من الإسلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: موقف أهل مكة من الإسلام    موقف أهل مكة من الإسلام Emptyالجمعة 26 يوليو 2013, 11:17 pm


محاولات كفار مكة لصد الدعوة الإسلامية

 موقف أهل مكة من الإسلام 11674_image002

 
في محاولات جادة لإيقاف المد الإسلامي فقد بدأ كفار مكة يأخذون خطوات عملية ومتدرجة في سبيل ضمان وتحقيق نتائج حاسمة وسريعة، وهي -وسبحان الله- نفس الخطوات التي تتكرر في كل زمان لنفس الأغراض، يقول I: {أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} [الذاريات: 53].
وكانت المرحلة الأولى من مراحلهم في صد الدعوة الإسلامية ووقف المد الإسلامي هي مرحلة المحاولات السلمية، فعملوا على الآتي:
أولاً: تحييد موقف المساندين
تحييد جانب المساندين، وبمعنى آخر سلب رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 من كل قوة قد تسانده أو تعضد موقفه، كان هذا هو أول فعل لكفار قريش في محاولاتهم لإيقاف المد الإسلامي الزاحف، وكان الوحيد الذي أعلن نصرته لرسول  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 هو أبو طالب، فذهبوا إليه وقالوا له: "إن ابن أخيك هذا قد آذانا في نادينا ومسجدنا، فانهه عنا".
ورغم موقف أبي طالب الثابت من دفاعه عن رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 إلا أنه كان قد تأثر بعض الشيء بكلام كفار قريش له، فذهب إلى رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 وقال له: "إن بني عمك هؤلاء زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم ومسجدهم، فانتهِ عن أذاهم".
وهنا رفع رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 بصره إلى السماء وقال: "تَرَوْنَ هَذِهِ الشَّمْسَ؟" قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: "فَمَا أَنَا بَأَقْدِرَ أَنْ أَدَعَ ذَلِكَ مِنْكُمْ عَلَى أَنْ تُشْعِلُوا مِنْهَا بِشُعْلَةٍ". فقال أبو طالب: والله ما كذب ابن أخي قط، فارجعوا راشدين.
وإن هذا ليبرهن على أن صلابة الداعية وثقته في الله  موقف أهل مكة من الإسلام U1_20 وفي دينه، وتعظيمه لأمر الأمانة التي يحملها ليلقي بآثاره وظلاله على من حوله، تلك الصلابة التي ما تبرح تنتقل انتقالاً طبيعيًّا من الداعية إلى أتباعه وإلى أحبابه ومقربيه بعد ذلك، حتى لكأنها قد انتقلت إلى أبي طالب وهو لم يؤمن.
فقد كان أبو طالب منذ البداية مذبذبًا، لكنه حين رأى إصرار رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 وثباته على موقفه هذا جعله يرد أهل الكفر ويأبى إجابة طلبهم، رغم أنه لا يرجو جنة ولا يخاف نارًا، فكيف الحال إذن بالمؤمنين.
ثم إن هذه الصلابة من الداعية -ولا شك- تؤثر سلبًا على أعدائه، فالعدو المدجج بالسلاح صاحب القوة والسلطان والتمكين حينما يرى داعية صلبًا، مستمسكًا بمبادئه وإسلامه فإنه ما يلبث يتزلزل كيانه ويتضاءل حجمه وينكمش أمام الداعية مهما كان في هيئته الخارجية ممكّنًا، وكلما رأيت العدو الذي أمامك يكثر من الحراسة والتحصينات والجيوش فاعلم علم اليقين أنه يخافك أكثر مما تخافه؛ فلا تهتز.
ومن هنا فقد باءت المحاولة السلمية الأولى لكفار قريش في تحييد أو تخويف أبي طالب بالفشل، واستمر الرسول  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 في دعوته.
ثانيًا: استغلال الإعلام
محاولة سلمية أخرى وهي متكررة على مر الزمان استغلها كفار قريش، وهي تعني استخدام إعلام ذلك العصر بكل أنواعه، وتطويعه لوقف المد الإسلامي في مكة، وبطريقة شبه منهجية، وقد استخدم كفار قريش تلك الوسيلة من خلال محاور عدة:
المحور الأول: تشويه صورة الداعية أمام الناس
وكان ذلك بمنزلة حرب إعلامية، كان قد قام عليها الوليد بن المغيرة وأبو لهب وغيرهم ممن هم على شاكلتهم، فقد كوّنوا تحالفًا مشتركًا من قبائل عدة يحدوهم هدف واحد، وهو حرب الإسلام، فهذا أبو لهب من بني هاشم، وذاك الوليد بن المغيرة من بني مخزوم، على ما كان بينهما من عداء ظاهر.
وفي مؤتمر كان قد ضمّ معظم الفصائل المكية، كان واضحًا أن الوليد بن المغيرة هو الذي يتزعمه؛ حيث قال: "يا معشر قريش، إنه قد حضر الموسم، وإن وفود العرب ستقدم عليكم وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا، فأجمعوا فيه رأيًا واحدًا، ولا تختلفوا فيكذِّب بعضكم بعضًا، ويردّ قولكم بعضه بعضًا".
فقالوا: فأنت يا أبا عبد شمس، فقل وأقم لنا رأيًا نقول به.
فقال الوليد: بل أنتم قولوا، أسمعُ.
فقالوا: نقول كاهن.
فقال الوليد: ما هو بكاهن؛ لقد رأيت الكهان فما هو بزمزمة الكاهن وسجعه.
فقالوا: نقول مجنون.
فقال: ما هو بمجنون؛ لقد رأينا الجنون وعرفناه، فما هو تخلقه ولا تخالجه ولا وسوسته.
فقالوا: نقول شاعر.
فقال: ما هو بشاعر؛ قد عرفنا الشعر برجزه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه، فما هو بشاعر.
قالوا: نقول ساحر.
فقال: ما هو بساحر؛ لقد رأينا السُّحّار وسحرهم فما هو بنفثه ولا عقده.
وسبحان الله! لم يستطيعوا أن يتبنوا قرارًا من الممكن أن يلقى قبولاً من الناس، على علمهم التام بافترائهم ما يقولون؛ إذ إن نظْمه أعجزهم أن يصفوه بما هو ليس أهل له، وكان الأولى لهم أن يعترفوا بإعجازه، وبنبوة الذي أنزل عليه ويتبعوه، ومن ثم تكون النجاة لهم في الدنيا والآخرة، ولكن انغلقت عقولهم وأفهامهم، وصاروا كمن ينفخ في رماد.
فظلوا على كبرهم وعنادهم وقالوا: فما نقول يا أبا عبد شمس؟!
فقال الوليد بن المغيرة: "والله إن لقوله لحلاوة، وإن أصله لعذق (النخلة)، وإن فرعه لجناة (ما يُجنى من الثمر)، وما أنتم بقائلين من هذا شيئًا إلا عرف أنه باطل، وإن أقرب القول أن تقولوا: ساحر جاء بقول هو سحر، يفرق بين المرء وأبيه، وبين المرء وأخيه، وبين المرء وزوجه، وبين المرء وعشيرته".
فنزل فيه قول الله  موقف أهل مكة من الإسلام U1_20: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا * وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلاَّ إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا * سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا * إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ البَشَرِ * سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} [المدَّثر: 11- 26].
فمن سنن الله  موقف أهل مكة من الإسلام U1_20 أن يقف الكافرون -وهم يعلمون أن هذا حق- يقفون ويحاربون الدعوة بكل طاقتهم، وإنهم -رغم هذا- لن يفلحوا في ذلك؛ لأن الله  موقف أهل مكة من الإسلام U1_20 يحاربهم بنفسه.
فقد كانت الإمكانات الإعلامية لرسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 أقل بكثير من إمكانات الكافرين، ومع ذلك كان أمر الدعوة يصل إلى الناس، وذلك لأنه كان يصدع بالحق، وشتان بين الحق والباطل، وهي رسالة إلى كل الدعاة: لا يحبطَنَّك سطوة إعلام المحاربين لدعوة الله  موقف أهل مكة من الإسلام U1_20 {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ} [الأنفال: 59].
المحور الثاني: تشويه الدعوة ذاتها
عن طريق الإعلام أيضًا استهدف كفار قريش تشويه دعوة الإسلام، وذلك عن طريق الطعن في أصل الرسالة، وإشاعة القول بأنه يدعو إلى خرافة ليست حقيقة، فإذا لم يكن هناك اعتراض على شخص الداعية فهناك اعتراض على ما يأتي به الداعية، فكان الإعلام في مكة يضرب تارة في شخص الرسول  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 أو في شخص الداعية، وتارة أخرى يضرب في صلب الرسالة أو في الإسلام.
فوصفوا ما أتى به  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 بقولهم: {إِنْ هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آَخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا} [الفرقان: 4]. وقالوا: {أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الفرقان: 5].
مع كونهم يعلمون أنه أُمِّيٌّ لا يقرأ، ومع أنهم يعلمون سيرة حياته كلها، وأنه ما غادر مكة إلا قليلاً، وأنه في هذه المرات القلائل لم يكن يغادرها بمفرده، فكيف تعلم كل هذا العلم، وكيف أتى بهذا القرآن؟!
فقد وصف القرآن الكريم حالهم هذا بقوله I عنهم: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} [النحل: 103].
وإضافة إلى ذلك أيضًا، فقد عملوا على تشويه فكرة التوحيد التي قد تلقي بأثرها على بعض العوام فقالوا: {أَجَعَلَ الآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص: 5].
ومثل ذلك أيضًا عملوا على تشويه فكرة البعث {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ * أَفْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ فِي العَذَابِ وَالضَّلاَلِ البَعِيدِ} [سبأ: 7، 8].
المحور الثالث: تشويه الدعوة نفسها
كما قاموا أيضًا بتشويه أخلاقيات وطبائع هذا الدين، فأخذوا يشيعون عنه - على سبيل المثال - بأنه دين يفرق بين المرء وزوجه وبين المرء وأهله وهكذا، ولم يعلموا أنه ما جاء دين يجمع الناس ويوحد صفوفهم مثل دين الإسلام، دين يبغي توحيد الناس على أساس واحد متين، يستوي فيه أهل الأرض جميعًا وهو أساس العقيدة، وهذا ما كانت تأباه قريش.
وهكذا يفعل أهل الباطل دائمًا، يتهمون الإسلام في ذاته، وكما يشوهون صورة الداعية يشوهون صورة الدين، فنرى -مثلاً- من يلصقون به وبأتباعه تهمة الإرهاب وهو عنها بريء، وما جاء دين يدعو إلى الرحمة ونشر السلام كدين الإسلام.
كذلك يتهمونه بالجمود الفكري، وما جاء دين يدعو إلى التفكر وإعمال العقل كدين الإسلام، وأيضًا يتهمونه بالتخلف العقلي، وما جاء دين يدعو إلى التعلم والتفقه وعمارة الأرض كهذا الدين الخاتم.
المحور الرابع: إلهاء الناس بالباطل
وهو محور غير مباشر إلا أن تأثيره كبير جدًّا، وهو يعني شَغلَ الناس بالباطل وإلهاءَهم عن الحق بكل أشكاله.
فهم يعلمون أنه من الصعوبة على القلب المنشغل بالباطل أن يلتفت إلى دعوة إصلاحية أو إلى دعوة الحق، وأن غاية الصعوبة على الذي غرق في حياة اللهو والتفاهة والانحلال أن يهتم بدعوة جادة.
وهي خطة قديمة لأهل الباطل، فحواها أن يقدموا للناس فنونًا مختلفة من المُلهيات، فيعيشون فيها حتى لا يبقى لديهم وقت ولا عقل ولا قلب يدرسون فيه مثل هذا الدين.
محاولة النضر بن الحارث
ومن كفار قريش من التفت إلى هذه الحيلة الشيطانية، وتولى ما يسمى بالإعلام المضاد لدين الإسلام وهو النضر بن الحارث لعنه الله، فقد قام بإعلام مضاد وبصورة غير مباشرة، حيث إنه لم يطعن مباشرة في دين الإسلام، لكن فقط عمل على تقديم مشهيات وملهيات للناس تشغلهم في يومهم وليلهم ونومهم وسباتهم.
وقف النضر بن الحارث يحدث قريش عن خطته، فقال: "يا معشر قريش، والله لقد نزل بكم أمر ما أوتيتم له بحيلة بعد، قد كان محمد فيكم غلامًا حدثًا أرضاكم فيكم وأصدقكم حديثًا وأعظمكم أمانة، حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب، وجاءكم بما جاءكم به قلتم: ساحر، لا والله ما هو بساحر. وقلتم: كاهن، لا والله ما هو بكاهن. وقلتم: شاعر، لا والله ما هو بشاعر. وقلتم: مجنون، لا والله ما هو بمجنون. يا معشر قريش، فانظروا في شأنكم؛ فإنه والله لقد نزل بكم أمر عظيم".
وهي مشكلة كبيرة عادة ما يقع فيها الذين يصدون الناس عن الدعوات الإصلاحية وبالأخص عن الإسلام، فإن الدعاة إلى الله  موقف أهل مكة من الإسلام U1_20 عادة ما يكونون على صورة طيبة تفوق بكثير صورة أهل الباطل، من صفات الصدق والأمانة وأدب المعاملة والمروءة وحسن المنطق، مما يجعل من الصعوبة بمكان أن يقبل الناس طعنًا في شخص الداعية، وقد يكون من الصعوبة أيضًا أن يقبلوا طعنًا في الرسالة، التي تتوافق مع فطرة الناس جميعًا، إذن فليكن الإلهاء عن الحق هو السبيل الذي لا فكاك منه ولا بديل عنه.
ومهما يكن من أمر، فقد قطع النضر بن الحارث لأكثر من أربعمائة وألف كيلو متر حيث الحيرة في العراق، وحيث البلاد الأجنبية التي يتعلم فيها فنًّا جديدًا على الناس، يستطيع به أن يلهي شعب مكة عما هم بصدده.
ذهب النضر بن الحارث إلى هناك، وبذل المال والوقت والجهد والفكر، للصد عن سبيل الله، ولنشر الإباحية والمجون {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} [الأنفال: 36].
وفي الحيرة أخذ النضر بن الحارث يتعلم أحاديث ملوك الفرس، وأحاديث رستم واسفنديار، أخذ يتعلم أساطير فارسية، حكايات وروايات وقصص، تحمل كلها عوامل التشويق والإثارة وجذب الانتباه، وفيها تنشيط للشهوات وإباحية أحيانًا وغموض وتنطع أحيانًا أخرى، وصراع في أحيان ثالثة، ورومانسية في أحيان رابعة، وهزل وضحك أحيانًا خامسة، وهكذا فيها ما يوافق كل ذوق.
وإلى مكة عاد النضر بن الحارث بهذا التنوير وبهذا التطور وبهذه الحضارة الجديدة؛ بغرض أن يرفع الناس في مكة إلى مستوى حضارات الفرس كما يزعم، ثم بدأ في حربه ضد رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20.
فكان إذا جلس رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 مجلسًا جادًّا فيه الوقار وفيه ذكر الله وترغيب في جنته وترهيب من ناره، جلس على مقربة منه النضر بن الحارث يحدث بحديثه الهزلي، يمتّع الناس بروايته ويقول: "والله ما محمد بأحسن حديثًا مني".
وفي جهد يحسد عليه لم يكتفِ النضر بذلك، بل اشترى مطربات وراقصات، وكلما سمع أن رجلاً قد مال قلبه إلى الإسلام سلط عليه المطربات والراقصات يلهينه عن سماع دعوة الحق وداعي الإيمان، وكلما نشط رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 نشط النضر بن الحارث.
وقد نزل فيه وفي من على شاكلته قول الله  موقف أهل مكة من الإسلام U1_20: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ * وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [لقمان: 6، 7].
وهكذا ظل أهل الباطل يتواصون بهذا المنهج، وهو شَغل الناس باللهو والباطل، وبالأخص في مواسم الطاعة وفترات زيادة الإيمان، ولعلنا بذلك نفهم أحداثًا كانت قد خفيت على بعضنا.
نفهم مثلاً النشاط الإعلامي الرهيب الذي يتضخم في شهر رمضان المبارك، ذلك التكدس الضخم للأعمال الفنية الملهية عن أي شيء جاد في الحياة اليومية، والملهية عن الدين وغير الدين، حيث برامج حافلة على مدار الأربع والعشرين ساعة، وقنوات أرضية وفضائية لا حصر لها.
ثم يأتي التنوع غير المسبوق في المعروض، وتأتي العروض الأُوَل من الأفلام والمسلسلات والمسرحيات والأغاني (فيديو كليب)، والرياضة والفوازير والبرامج الضاحكة، كل هذا في شهر رمضان، شهر الصيام والقيام والقرآن والزكاة والصدقة، والذي من المفترض أن يكون هو أكثر شهور السنة جدية وطاعة وقربًا من الله  موقف أهل مكة من الإسلام U1_20.
فالطبيعي في هذا الشهر ألاّ يجد المؤمن وقتًا للأنواع المختلفة من العبادة والطاعة التي يريد أن يقوم بها، كما أنه من المفترض أن يكون قلب المؤمن فيه أكثر رقة واطمئنانًا وإيمانًا وقربة من الله تعالى، فالشياطين مصفدة، والمساجد ملأى، وأبواب البر والخير مفتوحة ومضاعف ثوابها، وأعوان الخير كثر.
ومهما يكن من أمر فإن مثل هذه الثروة الإيمانية في قلب المؤمن لفتت أنظار أهل الباطل، فتحركوا بنشاط أكبر وجهد مضاعف في هذا الشهر الكريم، وهو أمر لم يعد يخفى على عاقل، وعلى أهل الإيمان أن يحذروا، فخطة وحيلة النضر بن الحارث القديمة ما زالت تتجدد وترى النور بين المسلمين.
التشابه بين موقف اليهود وموقف النضر بن الحارث في العصر الحديث
وبموقف النضر بن الحارث نستطيع أن نتفهم ما فعله اليهود الآن في أرض فلسطين، فحينما شاهد اليهود تعاطفًا كبيرًا من الشعب مع الانتفاضة، وشاهدوا قربًا من الله تعالى، وشاهدوا عمليات استشهادية وإصرارًا على الجهاد، وشاهدوا دعاءً وتضرعًا وابتهالاً، عندما شاهدوا كل ذلك فكروا بعقل النضر بن الحارث، واستخدموا حيلته وطبقوا خطته، ولكن بطريقة عصرية.
فقد أذاعوا على كل المحطات في فلسطين أفلامًا إباحية جنسية مخلة، وذلك في كل فترات اليوم تقريبًا، ودونما اشتراك أو كلفة، فقد علموا أنه لو شُغل الشباب في هذا اللهو الباطل والحرام فلا شك أنهم سيبتعدون عن الله، وهم يعلمون أنهم لو ابتعدوا عن الله وعن نهج الإسلام فلا شك أنهم سيهزمون.
إذن فقد حارب النضر بن الحارث الإسلام بطريقة ما زالت تطبق إلى يومنا هذا، وستظل تطبق إلى يوم القيامة، وصدق الله العظيم إذ يقول: {أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} [الذاريات: 53].




 


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الجمعة 26 يوليو 2013, 11:22 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 موقف أهل مكة من الإسلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: موقف أهل مكة من الإسلام    موقف أهل مكة من الإسلام Emptyالجمعة 26 يوليو 2013, 11:19 pm


 موقف أهل مكة من الإسلام 11675_image002


محاولات أهل مكة لصد الدعوة الإسلامية


استخدام الحرب النفسية
كغيرها من الوسائل التي اتبعها الكفار في حرب الإسلام فقد شن كفار قريش حربًا نفسية على المسلمين حتى لا يشعروهم براحة أو يقر لهم قرار، وقد تمثلت هذه الحرب في أشكال ضغوط نفسية من قبل الأهل والأقارب على أبنائهم وذويهم حتى يتركوا الإسلام، فاجتمع أهل الكفر وأعلنوا في مكة أنه على كل أب وعلى كل أم وعلى كل شيخ قبيلة أن يتصدى لأبنائه وذويه ممن اتبعوا محمد بن عبد الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20.
وذلك -كما يرون- من أجل مصلحة الابن الذي خرج عن دين الآباء، وأيضًا من أجل مصلحة الأب حتى يظل محتفظًا بمكانه في مكة، وقد كانت لهجة أهل السلطان في مكة تحمل تهديدًا خفيًّا وأحيانًا صريحًا.
وكان ممن حورب بذاك السلاح النفسي سعد بن أبي وقاص  موقف أهل مكة من الإسلام T_20، فقد حاولت أمه أن تثنيه عن الإيمان بكل طرق الترغيب والترهيب، ولكن محاولاتها باءت بالفشل.
تعذيب سعد بن أبي وقاص من أمه
فلجأت إلى وسيلة جديدة معتقدة أنه لن يجدي مع ذاك الابن الذي فارق دين الآباء غيرها، فأعلنت الإضراب عن الطعام والشراب حتى يرجع سعد  موقف أهل مكة من الإسلام T_20 عن دينه، حرب وضغط نفسي كبير على ذلك الشاب الذي لم يجاوز العشرين ربيعًا، ورغم ذلك فقد ثبت  موقف أهل مكة من الإسلام T_20، ووقف أمامها وقد أشرفت على الهلاك يقول لها في يقين وإصرار: تعلمين والله يا أُمَّهْ لو كانت لك مائة نفس، فخرجت نفسًا نفسًا، ما تركتُ ديني هذا لشيء، فكلي إن شئت أو لا تأكلي!
وأمام هذا الإصرار النابع من إرادة داخلية جادة، وليس فقط مجرد إعلان التحدي، أو مجرد رد فعل طبيعي أكلت الأم وبقي سعد  موقف أهل مكة من الإسلام T_20 مسلمًا.
تعذيب مصعب بن عمير من أمه
ومثل موقف سعد  موقف أهل مكة من الإسلام T_20 كان موقف مصعب بن عمير  موقف أهل مكة من الإسلام T_20، فقد استخدمت معه أمه هذا الضغط النفسي أيضًا في محاولة يائسة منها لتثنيه عن موقفه من الإيمان بالله ورسوله.
وكان مصعب  موقف أهل مكة من الإسلام T_20 من أنعم فتيان قريش، فقد كانت أمه ذات ثروة وغنى، وقد وفرت له من أسباب الرفاهية والتنعم في مكة ما لم يتوفر لغيره من الفتيان، فكانت تأتي له بالعطر من الشام، والملابس من اليمن.
وحين آمن منعت عنه كل ذلك، واضطرته إلى حياة الكد والتعب والخشونة، بل وطردته من بيتها معتقدة أن مثل هذا سيجدي معه.
وعلى هذا الحال الذي لم يكن معتادًا عليه ظل مصعب بن عمير  موقف أهل مكة من الإسلام T_20 ثابتًا على موقفه من الإيمان، حتى لقد تخشف جلده مثل تخشف الحية، وكان الصحابة يبكون لحاله التي صار عليها.
وقريب من ذلك أيضًا ما حدث مع عثمان بن عفان  موقف أهل مكة من الإسلام T_20، فقد كان عمه يلف حوله الحصير ثم يشعل النار من تحته حتى يكاد يختنق، لكن ذلك أيضًا لم يثنِه عن إيمانه.
وبعيدًا عن محاولات الأهل والآباء والأمهات هذه فقد كان لرءوس القوم في مكة الدور البارز في هذا المجال، فكان أبو جهل -لعنه الله- يمر بنفسه على أهل مكة مهددًا وموعدًا من كان في بيته مسلم بالخسارة الفادحة في المال والجاه.
وكان يطرد من العمال من شك في أنه أسلم، وأيضًا كان يضغط على كبراء مكة كي يضيقوا اقتصاديًّا على المسلمين، في محاولة لئلاّ يجد الرجل وقتًا للإسلام، ويظل كل همه تحصيل لقمة العيش، فمن لم تقنعه الكلمات أقنعه البحث عن اللقيمات.
رسول الله والحرب النفسية
لم يسلم رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 أيضًا من هذه الضغوط النفسية وتلك الحرب، فقد كان أبو لهب -لعنه الله- قد زوَّج ولديه عتبة وعتيبة من ابنتي رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 رقية وأم كلثوم، وحين أعلن رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 أمر الإسلام أراد أبو لهب أن يكيد لرسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 ويحمّله همَّ ابنتيه، فأمر ولديه أن يطلقاهما -وهما بعدُ لم يدخلا بهن- ففعلا.
ولا شك أن فكر رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 سوف يُشغل بهذه القضية، كما أن صورته قد تهتز في مكة كلها، فهذا لا يرضى لأبنائه أن يتزوجوا من بنات رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20، وقد كان لمثل هذا آنذاك وقع -أي وقع- على من كان في موقفه  موقف أهل مكة من الإسلام R_20.
رسول الله وأم جميل
وقد وصل الأمر غايته حتى كان للنساء أيضًا دور كبير في هذه الحرب وتلك المضايقات التي لم يسلم منها رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20، فقد كانت زوجة أبي لهب أم جميل أروى بنت حرب - وكانت امرأة سيئة - تحمل الشوك وتضعه أمام بيت رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20ليقع فيه.
ولم تكتف بذلك، فقد خرجت ذات مرة تريد أن تضرب رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20، وكان جالسًا مع أبي بكر الصديق  موقف أهل مكة من الإسلام T_20 في الكعبة، فجاءت هذه المرأة تحمل في يدها فهر من الحجارة (ملء كفها) تريد أن تضربه بها، وحين ذهبت إليه أخذ الله  موقف أهل مكة من الإسلام U1_20 ببصرها عن رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 فلم تر إلا أبا بكر، فقالت له: "أين صاحبك؟ قد بلغني أنه يهجوني".
وكان قد نزل قوله تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} [المسد: 1- 5].
ثم قالت: "والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه".
وقد تعدى الأمر مداه حتى كان أهل مكة يتطاولون على رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 وهو في داخل بيته، فكان إذا صلى في فناء منزله قاموا بإلقاء رحم الشاة عليه من أعلى السور حتى يصيبه الأذى، حتى إنه  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 كان يصلي وراء حجر يستتر به من قاذورات قريش.
وفي محاولات منه لوقف تصرفاتهم تلك كان رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 يحمل هذه الأوساخ ويخرج بها من بيته يخاطب عقول وقلوب قريش يقول: "يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، أَيُّ جِوَارٍ هَذَا؟!"
يحاول رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 أن يذكرهم بحقوق الجيرة والجوار، التي طالما تشدقت بها قريش، وطالما تحدثت عن حفظها لحقوق الإنسان، ثم ها هي تحارب أعظم رجالاتها وخيرة أبنائها حين أعلن كلمة الإيمان.
طلب الأمور المعجزة
من باب الجدل والمراء استخدم أهل الباطل وسيلة أخرى في محاولة منهم لحرب الإسلام وصد الدعوة الإسلامية، وهي طلب الأمور المعجزة لا من باب الإيمان أو الاقتناع، وإنما من باب الجدل والمراء.
فقد أتى لهم رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 بمعجزة عظيمة خالدة، يدرك قيمتها كل عربي تمكن من عربيته وهي القرآن الكريم، وكان التحدي به صارخًا حين قال  موقف أهل مكة من الإسلام U1_20: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 23، 24].
فلم تستطع قريش -ولو لمرة واحدة- أن تعارض القرآن الكريم، ورغم ذلك ومع علمهم بصدقه  موقف أهل مكة من الإسلام R_20، ومع علمهم بعجزهم وضعفهم أخذوا يطلبون المعجزات الأخرى من باب الجدل.
فطلبوا -على سبيل المثال- شق القمر، وفي معجزة باهرة وقف رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 وأشار بيده إلى القمر فشُقَّ إلى نصفين، نصف على جبل ونصف على جبل آخر، ورغم ذلك قالوا كاذبين: سحركم محمد!
وقد حاول أحدهم أن يكون واقعيًّا بعض الشيء فطلب منهم أن يسألوا القادمين من السفر، متعللاً بأنه لو كان قد سحرنا فلن يكون قد سحر هؤلاء، وحين قدم المسافرون سألهم أهل قريش على ما رأوا، فكان الجواب أنهم رأوا القمر وقد شق في ذات الليلة وذات التوقيت الذي كانوا قد رأوه فيه، ورغم ذلك ولأنهم ما طلبوا الآيات رغبة في التصديق وإنما طلبوها لمجرد الجدل والمراء قالوا مكررين: هذا سحر مستمر.
وقد وصل الأمر إلى أن قالوا لرسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 ما حكاه عنهم القرآن الكريم: {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعًا * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلاَلَهَا تَفْجِيرًا * أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالمَلاَئِكَةِ قَبِيلاً * أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلاَّ بَشَرًا رَسُولاً} [الإسراء: 91- 93].
وإن كل ما أرادوه هذا منه  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 هو أقل من معجزة القرآن الكريم إلا أنهم لم يريدوا أن يؤمنوا؛ إذ نية التصديق والاقتناع غير متوفرة، يصف حالهم هذا I فيقول: {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ} [الحجر:14، 15].
السخرية والاستهزاء بالمؤمنين
في تنحية لجانب المنطق والعقل وإقامة الحجة والبرهان استخدم أهل الباطل واحدة من أقبح وسائلهم في حربهم ضد المسلمين، وهي تعمد السخرية منهم والاستهزاء بهم.
يصف حالهم I فيقول: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاَءِ لَضَالُّونَ * وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ} [المطَّففين: 29- 33].
وكان إذا جلس رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 وحوله المستضعفون من أصحابه استهزأ بهم المشركون وقالوا: {أَهَؤُلاَءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا} [الأنعام: 53].
وإذا دخل عليهم فقراء المسلمين قالوا سخرية واستهزاءً: هؤلاء ملوك الأرض؛ وذلك أن رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 كان يقول لهم: قولوا كلمة واحدة (لا إله إلا الله)، تملكوا بها العرب والعجم.
عقبة بن أبي معيط ورسول الله
وفي ذات مرة كان قد علم أُبيّ بن خلف أن صاحبه عقبة بن أبي معيط قد جلس إلى النبي  موقف أهل مكة من الإسلام R_20 وسمع منه، فاعتقد أُبيّ أنه قد آمن، فغضب وعاتب عقبة الذي لم يؤمن بعدُ. ولكي يصدقه في أنه لم يؤمن طلب منه أن يتفل (يبصق) في وجه رسول الله  موقف أهل مكة من الإسلام R_20، وفعل عقبة - لعنة الله عليه - ذلك، هكذا فعلوا مع أحب الخلق إلى الله  موقف أهل مكة من الإسلام U1_20!!
أساليب الكفار في الصد عن سبيل الله
كانت هذه هي المرحلة الأولى من المواجهة وهي المواجهة السِلْميّة نسبيًّا، ورأينا كيف تعددت فيها أساليب الصد عن سبيل الله، وهذا مجملها:
1- تحييد المساندين.
2- استخدام الإعلام لوقف المد الإسلامي على ثلاثة محاور، هي:
- تشويه صورة الدعاة أمام الناس.
- تشويه الدعوة أمام الناس.
- شغل الناس بالباطل وإلهاؤهم بالإباحية.
3- الحرب النفسية على المسلمين.
4- طلب المعجزات من باب الجدل.
5- السخرية والاستهزاء.
د. راغب السرجاني






 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
موقف أهل مكة من الإسلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» موقف الإسلام من السيارات المفخخة
» أخلاقيات الحرب في الإسلام.. (الإسلام والقانون الدولي الإنساني)
» انقلاب في موقف حماس
» الحرب على غزة: تقدير موقف
» الحرب على غزة‌‌ ‌‌2023‌‌.‌‌. تقدير موقف

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث دينيه-
انتقل الى: