ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: ‘‘ارجعلي ضارب مش مضروب‘‘.. سلوك يعزز الانتقام لدى الأبناء الأربعاء 29 أغسطس 2018, 5:00 am | |
| ‘‘ارجعلي ضارب مش مضروب‘‘.. سلوك يعزز الانتقام لدى الأبناء "خليك ملطشة".. "عمرك ما بتصير زلمة".. "بدل ما تضرب وتكون قد حالك".. بهذه العبارات انهال محمود أسعد على ابنه سيف البالغ من العمر 8 سنوات عندما عاد من المدرسة، وعلى وجهه آثار الجروح. عندما سأله والده أخبره أن أحد زملائه في المدرسة قام بضربه، ليتملكه الغضب ويبدأ بوصفه بأشد العبارات الجارحة وعلى مدار اليوم.ذلك الأمر، سبب للطفل حالة من الإحباط والحزن، بحسب والدته التي تعتبر أن الأذى النفسي الذي ألحقه زوجها بابنهما أكبر من أذى الضرب بحد ذاته.ابنها سيف، كما تقول والدته، افترض أن الطبيعي حينما يقدم طفل آخر على ضربه أو إهانته أن لا يرد عليه بالتصرف العدواني نفسه، بل يقوم بتقديم شكوى عليه بالمدرسة، لينال عقوبته وحتى لا يقع هو بالخطأ ذاته، وهو ما تربى عليه منذ الصغر.غير أن ردة فعل زوجها كانت بقوله لها "احتفظي بهذه التربية لنفسك"، فهو لا يريد لابنه أن يكون "ملطشة"، على حد قوله، ذلك جعل الابن لا يعرف التصرف الصحيح الذي يجب أن يقوم به في المرات المقبلة، لكنه اقتنع في النهاية، وقال "حاضر.. الي بضربني بدي أضربه وأكسره!".ولعل محمود ليس الأب الوحيد الذي يتبع تلك التربية مع ابنه، فهذه الطريقة تقتنع بها الأم مها عبدالله، وتعتبر أن مبدأ "اللي بضربك اضربو" هو أمر ضروري جدا في هذا المجتمع الذي نعيش فيه، مبينةً أنها ربت أبناءها على ذلك بأن لا يعود للمنزل من دون أن يأخذ حقه من الذي ضربه، وبالطريقة ذاتها.وتضيف مها "نعيش في مجتمع يتطلب ذلك، ويحتاج من الابن أن يأخذ حقه حتى لا يستهان به على مدار السنوات الدراسية كلها"، مبينة أن هذه الطريقة تحميه من أن يتم وصفه لاحقا بكلمات تقلل من شأنه أو تؤذيه نفسيا على المدى البعيد.بيد أن هند، حاربت كثيراً هذا الفكر العدواني وتلك الأساليب العدائية والاتنقامية بشتى الطرق، فهي وزوجها أرادا تربية طفل صالح يعرف حدوده، وأن هناك قوانين يجب أن يلتزم بها، وعندما يشتمه زميله أو يتعارك معه، عليه أن يأخذ حقه بالشكوى وليس الرد بالطريقة نفسها.كان ذلك في بداية الأمر، لكنها اكتشفت أنها الوحيدة التي ترغب في ذلك في حين أن باقي أهالي الأبناء بالمدرسة يربون أبناءهم بطريقة مغايرة تماماً ما جعل طفلها وكأنه "الغريب" بينهم، كما بدؤوا يطلقون عليه مسميات مسيئة مثل "ملطشة"، "بنوتة".. "جبان"!.وتقول "إن زوجها استاء كثيرا مما يحدث مع طفله، لكنه مدرك تماما أن التربية على الأسس الصحيحة هي الطريقة التي تجعل الطفل ينمو بشكل سليم من دون ترسيخ الطرق العدائية بشخصيته". وتبين أنها استطاعت وزوجها حل المشكلة والتحدث مع إدارة المدرسة، ومعاقبة الطفل الذي تسبب بالضرب، لافتة إلى أنهما الآن رفيقان وصديقان واعتذر منه على فعلته.الاختصاصية النفسية والمختصة بشؤون الأطفال، الدكتورة أسماء طوقان، تؤكد أهمية توعية الأطفال قبل الدخول للمدرسة، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، وأن بإمكانهم مواجهة أي مشكلة تعترض طريقهم، وأن عليهم تجاهل بعض المصطلحات والكلمات.وتلفت كذلك إلى أهمية تعليم الطفل كيفية التصرف في حال قام أحدهم بالاعتداء عليه، ومنعه، ولكن اذا استمر بمضايقته وضربه عليه في النهاية أن يدافع عن نفسه كرد فعل على الفعل ذاته.وتضيف طوقان "على الأهل كذلك أن ينتبهوا للطفل ويسألوا عن علاقاته بأصحابه، وماذا فعل خلال يومه في المدرسة، وكل التفاصيل التي مر بها ومعرفة ما اذا كان يتعرض للعنف أو لا، من دون استخدام مصطلحات التعنيف. وتعطي مثالا، بدل القول "اللي بضربك اضربو" وتوبيخه ومناداته بصفات مسيئة، يمكن تعليمه طرقا عدة تعيد له حقه".وتشير الى أن هناك الكثير من الأطفال لديهم رهاب اجتماعي وضعف ثقة بالنفس بسبب تعرضهم للعنف المستمر، لذلك يجب اتباع خطوات معينة يدافعون من خلالها عن أنفسهم في حال تعرضوا لذلك.وتؤكد طوقان أنه في أحيان كثيرة، الطفل الذي يضرب لا يكون يعرف أنه يقوم بعمل خاطئ، أو أنه يمارس فعل الضرب، بالإضافة الى أن هناك طريقة أخرى يمكن اتباعها، وهي أن يقوم والد الطفل الذي تعرض للعنف بالتحدث مع الذي ضرب ابنه من دون أن يعرف طفله، وإخباره بأن ما فعله خاطئ ولا يجب أن يقدم عليه مرة أخرى.وتوافقها الرأي الاختصاصية النفسية، علا اللامي، التي تعتبر أن ما يتبعه الكثير مع الأهالي مع أبنائهم ثقافة مجتمعية تربوا عليها، معتبرة أن الضرب يجب أن يكون الخيار الأخير الذي يتم اللجوء إليه، مع أهمية معرفة وجهة نظر الطرف الآخر ولماذا أقدم على فعل الضرب.وفي حال تعرض الابن للضرب لا ينبغي توبيخه، ومناداته بصفات سلبية، بل على العكس يجب تعزيز الجانب الإيجابي من الأمر، وبأنه لم يرد عليه بالفعل ذاته، لكن بالمقابل سيحصل على حقه منه. وتضيف أن الخطأ في الأساس يعود لثقافة المجتمع التي تركز على الجانب العضلي أكثر من التفكير بالعقل.وتؤكد كلامها الاستشارية الأسرية التربوية، رولا خلف، بأن هذه الثقافة موجودة في مجتمعنا، ويجب على الأهالي أن لا يحرضوا أبناءهم على العنف، مبينةً أن التغيير يحتاج إلى فترة من الوقت، المدارس ووزارة التربية والتعليم وأقسام الإرشاد، بأن يكون لديها خطة ضد العنف ومعالجة الأسباب.وتشير خلف الى أن هناك حملات عديدة في المدارس لمحاربة العنف بكل أشكاله، وعلى الأهل دور كبير بتعزيز القيم والسلوكيات الإيجابية، وأن يزرعوا بأبنائهم أن عدم الرد بالطريقة ذاتها، مصدر قوة وليس ضعفا، وأن هناك طرقا عديدة يستطيعون من خلالها أخذ حقهم وحل المشكلة.ولابد من توعية الأهل بأن العنف وثقافة "الي بضربك اضربوا" ليست صحيحة على الإطلاق، لافتة إلى أن الابن يكون قويا حينما يأخذ حقه بطرق سليمة وحضارية، وبعيدا عن العنف، وذلك لا يعني أبدا أنه شخص ضعيف بل على العكس، فضلا عن أن ثقافة التسامح مهمة جداً، ولا بد من تعليمها للأبناء واستخدامها لتكون بديلة عن العنف والشجار |
|