غزوة بنى قريظة
غزوة بني قريظة في سنة خمس
أمر الله لرسوله على لسان جبريل بحرب بني قريظة
فلما كانت الظهر ، أتى جبريل رسول الله صل الله عليه وسلم ، كما حدثني الزهري ، معتجرا بعمامة من إستبرق ، على بغلة عليها رحالة ، عليها قطيفة من ديباج ، فقال : أوَ قد وضعت السلاح يا رسول الله ؟ قال : نعم ؛فقال جبريل : فما وضعت الملائكة السلاح بعد ، وما رجعت الآن إلا من طلب القوم ، إن الله عز وجل يأمرك يا محمد بالمسير إلى بني قريظة ، فإني عامد إليهم فمزلزل بهم .
دعوة الرسول المسلمين للقتال
فأمر رسول الله صل الله عليه وسلم مؤذنا ، فأذن في الناس : من كان سامعا مطيعا ، فلا يصلين العصر إلا ببني قريظة . جبريل يأتي بحرب بني قريظة .
استعمال ابن أم مكتوم على المدينة
واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم ، فيما قال ابن هشام .
علي يبلغ الرسول ما سمعه من بني قريظة
قال ابن إسحاق : وقَدَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب برايته إلى بني قريظة ، وابتدرها الناس ، فسار على بن أبي طالب ، حتى إذا دنا من الحصون سمع منها مقالة قبيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرجع حتى لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطريق ، فقال : يا رسول الله ، لا عليك أن لا تدنو من هؤلاء الأخابث ؛ قال : لم ؟ أظنك سمعت منهم لي أذى ؟ قال : نعم يا رسول الله ؛ قال : لو رأوني لم يقولوا من ذلك شيئا . فلما دنا رسول الله صل الله عليه وسلم من حصونهم . قال : يا إخوان القردة ، هل أخزاكم الله وأنزل بكم نقمته ؟ قالوا : يا أبا القاسم ، ما كنت جهولا .
جبريل في صورة دحية الكلبي
ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفر من أصحابه بالصَّوْرَيْن قبل أن يصل إلى بني قريظة ، فقال : هل مر بكم أحد ؟ قالوا : يا رسول الله ، قد مر بنا دحية بن خليفة الكلبي ، على بغلة بيضاء عليها رحالة ، عليها قطيفة ديباج . فقال رسول الله صل الله عليه وسلم : ذلك جبريل ، بعث إلى بني قريظة يزلزل بهم حصونهم ، ويقذف الرعب في قلوبهم .
ولما أتى رسول الله صل الله عليه وسلم بني قريظة ، نزل على بئر من آبارها من ناحية أموالهم ، يقال لها بئر أنا .
قال ابن هشام : بئر أنى .
تجمع المسلمين للقتال
قال ابن إسحاق : وتلاحق به الناس ، فأتى رجال منهم من بعد العشاء الآخرة ، ولم يصلوا العصر ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يصلين أحد العصر إلا ببني قريظة ، فشغلهم ما لم يكن منه بد في حربهم ، وأبوا أن يصلوا ، لقول رسول الله صل الله عليه وسلم : حتى تأتوا بني قريظة .
فصلوا العصر بها ، بعد العشاء الآخرة ، فما عابهم الله بذلك في كتابه ، ولا عنفهم به رسول الله صل الله عليه وسلم .
حدثني بهذا الحديث أبي إسحاق بن يسار ، عن معبد بن كعب بن مالك الأنصاري .
حصار بني قريظة
قال : وحاصرهم رسول الله صل الله عليه وسلم خمسا وعشرين ليلة ، حتى جهدهم الحصار ، وقذف الله في قلوبهم الرعب .
وقد كان حيي بن أخطب دخل مع بني قريظة في حصنهم ، حين رجعت عنهم قريش وغطفان ، وفاء لكعب بن أسد بما كان عاهده عليه .
كعب بن أسد ينصح قومه
فلما أيقنوا بأن رسول الله صل الله عليه وسلم غير منصرف عنهم حتى يناجزهم ، قال كعب بن أسد لهم : يا معشر يهود ، قد نزل بكم من الأمر ما ترون ، وإني عارض عليكم خلالا ثلاثا ، فخذوا أيها شئتم ؛ قالوا : وما هي ؟ قال : نتابع هذا الرجل ونصدقه ، فوالله لقد تبين لكم أنه لنبي مرسل ، وأنه للذي تجدونه في كتابكم ، فتأمنون على دمائكم وأموالكم وأبنائكم ونسائكم ؛ قالوا : لا نفارق حكم التوارة أبدا ، ولا نستبدل به غيره ؛ قال : فإذا أبيتم عليّ هذه ، فهلم فلنقتل أبناءنا ونساءنا ، ثم نخرج إلى محمد وأصحابه رجالا مُصلتين السيوف ، لم نترك وراءنا ثقلا ، حتى يحكم الله بيننا وبين محمد ، فإن نهلك نهلك ، ولم نترك وراءانا نسلا نخشى عليه ، وإن نظهر فلعمري لنجدن النساء والأبناء ؛ قالوا : نقتل هؤلاء المساكين ! فما خير العيش بعدهم ؟ قال : فإن أبيتم عليّ هذه ، فإن الليلة ليلة السبت ، وإنه عسى أن يكون محمد وأصحابه قد أمنونا فيها ، فانزلوا لعلنا نُصيب من محمد وأصحابه غرة ؛ قالوا : نفسد سبتنا علينا ، ونحُدث فيه ما لم يحدث مَنْ كان قبلنا إلا من قد علمت ، فأصابه ما لم يخف عليك من المسخ ! قال : ما بات رجل منكم منذ ولدته أمه ليلة واحدة من الدهر حازما .
قصة أبي لبابة و توبته في هذه الغزوة
قال : ثم إنهم بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن ابعث إلينا أبا لبابة بن عبدالمنذر ، أخا بني عمرو بن عوف ، وكانوا حلفاء الأوس ، لنستشيره في أمرنا ، فأرسله رسول الله صل الله عليه وسلم إليهم ؛ فلما رأوه قام إليه الرجال ، وجهش إليه النساء والصبيان يبكون في وجهه ، فرق لهم ، وقالوا له : يا أبا لبابة ! أترى أن ننزل على حكم محمد ؟ قال : نعم ، وأشار بيده إلى حلقه ، إنه الذبح .
قال أبو لبابة : فوالله ما زالت قدماي من مكانهما حتى عرفت أني قد خنت الله ورسوله صل الله عليه وسلم .
ثم انطلق أبو لبابة على وجهه ولم يأت رسول الله صل الله عليه وسلم حتى ارتبط في المسجد إلى عمود من عمده ، وقال : لا أبرح مكاني هذا حتى يتوب الله علي مما صنعت ، وعهد الله : أن لا أطأ بني قريظة أبدا ، ولا أُرى في بلد خنت الله ورسوله فيه أبدا .
ما نزل في خيانة أبي لبابة
قال ابن هشام : وأنزل الله تعالى في أبي لبابة ، فيما قال سفيان بن عيينة ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن عبدالله بن أبي قتادة : ( يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون ) .
موقف الرسول من أبي لبابة
قال ابن إسحاق : فلما بلغ رسول الله صل الله عليه وسلم خبره ، وكان قد استبطأه ، قال : أما إنه لو جاءني لاستغفرت له ، فأما إذ قد فعل ما فعل ، فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه .
توبة الله على أبي لبابة
قال ابن إسحاق : فحدثني يزيد بن عبدالله بن قُسيط : أن توبة أبي لبابة نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم من السحر ، وهو في بيت أم سلمة . فقالت أم سلمة : فسمعت رسول الله صل الله عليه و سلم من السحر و هو يضحك . قالت : فقلت : مم تضحك يا رسول الله ؟ أضحك الله سنك ؛ قال : تِيب على أبي لبابة ؛ قالت : قلت : أفلا أبشره يا رسول الله ؟ قال : بلى ، إن شئت .
قال : فقامت على باب حجرتها ، وذلك قبل أن يُضرب عليهنّ الحجاب ، فقالت : يا أبا لبابة ، أبشر فقد تاب الله عليك . قالت : فثار الناس إليه ليطلقوه ، فقال : لا والله حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يطلقني بيده ؛ فلما مر عليه رسول الله صل الله عليه وسلم خارجا إلى صلاة الصبح أطلقه .
ما نزل في التوبة على أبي لبابة
قال ابن هشام : أقام أبو لبابة مرتبطا بالجذع ست ليال ، تأتيه امرأته في كل وقت صلاة ، فتحله للصلاة ، ثم يعود فيرتبط بالجذع ، فيما حدثني بعض أهل العلم ؛ والآية التي نزلت في توبته قول الله عز وجل : ( وآخرون اعترفوا بذنوبهم ، خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ، عسى الله أن يتوب عليهم ، إن الله غفور رحيم ) .
إسلام بعض بني هدل
قال ابن إسحاق : ثم إن ثعلبة بن سعية ، وأسيد بن سعية ، وأسد بن عبيد ، وهم نفر من بني هدل ، ليسوا من بني قريظة ولا النضير ، نسبهم فوق ذلك ، هم بنو عم القوم ، أسلموا تلك الليلة التي نزلت فيها بنو قريظة على حكم رسول الله صل الله عليه وسلم .
قصة عمرو بن سعدى
وخرج في تلك الليلة عمرو بن سُعْدى القرظي ، فمر بحرس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعليه محمد بن مسلمة تلك الليلة ؛ فلما رآه قال : من هذا ؟ قال : أنا عمرو بن سُعدى - وكان عمرو قد أبى يدخل مع بني قريظة في غدرهم برسول الله صل الله عليه وسلم ، وقال : لا أغدر بمحمد أبدا - فقال محمد بن مسلمة حين عرفه : اللهم لا تحرمني إقالة عثرات الكرام ، ثم خلى سبيله .
فخرج على وجهه حتى أتى باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة تلك الليلة ، ثم ذهب فلم يُدر أين توجه من الأرض إلى يومه هذا ، فذكر لرسول الله صل الله عليه وسلم شأنه ؛ فقال : ذاك رجل نجاه الله بوفائه .
وبعض الناس يزعم أنه كان أُوثق بِرُمَّة فيمن أُوثق من بني قريظة ، حين نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأصبحت رمته ملقاة ، ولا يدري أين يذهب ؛ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم فيه تلك المقالة ، والله أعلم أي ذلك كان .
تحكيم سعد في أمر بني قريظة
قال : فلما أصبحوا نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتواثبت الأوس ، فقالوا : يا رسول الله ، إنهم موالينا دون الخزرج ، وقد فعلت في موالي إخواننا بالأمس ما قد علمت - وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بني قريظة قد حاصر بني قينقاع ، وكانوا حلفاء الخزرج ، فنزلوا على حكمه ، فسأله إياهم عبدالله بن أبي بن سلول ، فوهبهم له - فلما كلمته الأوس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا ترضون يا معشر الأوس أن يحكم فيهم رجل منكم ؟ قالوا : بلى ؛ قال رسول الله صل الله عليه وسلم : فذاك إلى سعد بن معاذ .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جعل سعد بن معاذ في خيمة لامرأة من أسلم ، يقال لها : رُفيدة ، في مسجده ، كانت تداوي الجرحى ، وتحتسب بنفسها على خدمة من كانت به ضيعة من المسلمين ، وكان رسول الله صل الله عليه وسلم قد قال لقومه حين أصابه السهم بالخندق : اجعلوه في خيمة رُفيدة حتى أعوده من قريب .
فلما حكَّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني قريظة ، أتاه قومه فحملوه على حمار قد وطَّئوا له بوسادة من أدم ، وكان رجلا جسيما جميلا ، ثم أقبلوا معه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم يقولون : يا أبا عمرو ، أحسن في مواليك ، فإن رسول الله صل الله عليه وسلم إنما ولاك ذلك لتحسن فيهم ؛ فلما أكثروا عليه قال : لقد أَنى لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم .
فرجع بعض من كان معه من قومه إلى دار بني عبدالأشهل ، فنَعَى لهم رجال بني قريظة ، قبل أن يصل إليهم سعد ، عن كلمته التي سمع منه .
فلما انتهى سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قوموا إلى سيدكم - فأما المهاجرون من قريش ، فيقولون : إنما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار ؛ وأما الأنصار ، فيقولون : قد عمّ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم - فقاموا إليه ، فقالوا : يا أبا عمرو ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ولاك أمر مواليك لتحكم فيهم ؛ فقال سعد بن معاذ : عليكم بذلك عهد الله وميثاقه ، أنّ الحكم فيهم لمَا حكمت ؟ قالوا : نعم : وعلى من هاهنا ؟ في الناحية التي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو معرض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالا له ؛ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم : نعم ؛ قال سعد : فإني أحكم فيهم أن تُقتل الرجال ، وتقسم الأموال ، وتُسبى الذراري والنساء .
رضاه عليه الصلاة والسلام بحكم سعد
قال ابن إسحاق : فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة ، عن عبدالرحمن ابن عمرو بن سعد بن معاذ ، عن علقمة بن وقاص الليثي ، قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم لسعد : لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة .
علي ينهي المعركة لصالح المسلمين
قال ابن هشام : حدثني بعض من أثق به من أهل العلم : أن علي بن أبي طالب صاح وهم محاصرو بني قريظة : يا كتيبة الإيمان ، وتقدم هو والزبير بن العوام ، وقال : والله لأذوقن ما ذاق حمزة أو لأفتحن حصنهم ؛ فقالوا : يا محمد ، ننزل على حكم سعد بن معاذ .
حبس بني قريظة ومقتلهم
قال ابن إسحاق : ثم استنزلوا ، فحبسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة في دار بنت الحارث ، امرأة من بني النجار ، ثم خرج رسول الله صل الله عليه وسلم إلى سوق المدينة ، التي هي سوقها اليوم ، فخندق بها خنادق ، ثم بعث إليهم ، فضرب أعناقهم في تلك الخنادق ، يخرج بهم إليه أرسالا ، وفيهم عدو الله حيي بن أخطب ، وكعب بن أسد ، رأس القوم ، وهم ستمائة أو سبعمائة ، والمكثِّر لهم يقول : كانوا بين الثمانمائة والتسعمائة .
وقد قالوا لكعب بن أسد ، وهم يُذهب بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسالا : يا كعب ، ما تراه يصنع بنا ؟ قال : أفي كل موطن لا تعقلون ؟ ألا ترون الداعي لا ينزع ، وأنه من ذُهب به منكم لا يرجع ؟ هو والله القتل ! فلم يزل ذلك الدأب حتى فرغ منهم رسول الله صل الله عليه وسلم .
مقتل ابن أخطب
وأُتي بحيي بن أخطب عدو الله ، وعليه حله له فقَّاحية - قال ابن هشام : فقاحية : ضرب من الوشي - قد شقها عليه من كل ناحية قدر أنملة أنملة لئلا يُسلبها ، مجموعة يداه إلى عنقه بحبل .
فلما نظر إلى رسول الله صل الله عليه وسلم ، قال : أما والله ما لمت نفسي في عدواتك ، ولكنه من يخذل الله يخذل ، ثم أقبل على الناس ، فقال : أيها الناس ، إنه لا بأس بأمر الله ، كتاب وقدر ملحمة كتبها الله على بني إسرائيل ، ثم جلس فضربت عنقه
قتل امرأة واحدة من نسائهم وسببه
قال ابن إسحاق : وقد حدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت : لم يقتل من نسائهم إلا امراة واحدة . قالت : والله إنها لعندي تحَدَّث معي ، وتضحك ظهرا وبطنا ، ورسول الله صل الله عليه وسلم يقتل رجالها في السوق ، إذ هتف هاتف باسمها : أين فلانة ؟ قالت : أنا والله ، قالت : قلت لها : ويلك ؛ ما لك ؟ قالت : أُقتل ؛ قلت : ولم ؟ قالت : لحدث أحدثته ؛ قالت : فانطلق بها ، فضربت عنقها ؛ فكانت عائشة تقول : فوالله ما أنسى عجبا منها ، طيب نفسها ، وكثرة ضحكها ، وقد عرفت أنها تُقتل .
قال ابن هشام : وهي التي طرحت الرحا على خلاد بن سويد ، فقتلته .
قصة الزبير بن باطا
قال ابن إسحاق : وقد كان ثابت بن قيس بن الشماس ، كما ذكر لي ابن شهاب الزهري ، أتى الزبير بن باطا القرظي ، وكان يكنى أبا عبدالرحمن - وكان الزبير قد منَّ على ثابت بن قيس بن شماس في الجاهلية . ذكر لي بعض ولد الزبير أنه كان منّ عليه يوم بعاث ، أخذه فجز ناصيته ، ثم خلى سبيله - فجاءه ثابت وهو شيخ كبير ، فقال : يا أبا عبدالرحمن ، هل تعرفني ؟ قال : وهل يجهل مثلي مثلك ؛ قال : إني قد أردت أن أجزيك بيدك عندي ؛ قال : إن الكريم يجزي الكريم .
ثم أتى ثابت بن قيس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، إنه قد كانت للزبير عليّ منة ، وقد أحببت أن أجزيه بها ، فهب لي دمه ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو لك ؛ فأتاه فقال : إن رسول الله صل الله عليه وسلم قد وهب لي دمك ، فهو لك ؛ قال : شيخ كبير لا أهل له ولا ولد ، فما يصنع بالحياة ؟
قال : فأتى ثابت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، هب لي امرأته وولده ؛ قال : هم لك . قال : فأتاه فقال : قد وهب لي رسول الله صل الله عليه وسلم أهلك وولدك ، فهم لك ؛ قال : أهل بيت بالحجاز لا مال لهم ، فما بقاؤهم على ذلك ؟
فأتى ثابت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، ماله ؛ قال : هو لك . فأتاه ثابت فقال : قد أعطاني رسول الله صل الله عليه وسلم مالك ، فهو لك .
قال : أي ثابت ، مافعل الذي كأن وجهه مرآة صينية يتراءى فيها عذارى الحي ، كعب بن أسد ؟ قال : قتل ؛ قال : فما فعل سيد الحاضر والبادي حيي بن أخطب ؟ قال : قتل ؛ قال : فما فعل مقدمتنا إذا شددنا ، وحاميتنا إذا فررنا ، عزَّال بن سموأل ؟ قال : قتل ؛ قال : فما فعل المجلسان ؟ يعني بني كعب بن قريظة وبني عمرو بن قريظة ؛ قال : ذهبوا قتلوا ؛ قال : فإني أسألك يا ثابت بيدي عندك إلا ألحقتني بالقوم ، فوالله ما في العيش بعد هؤلاء من خير ، فما أنا بصابر لله فتلة دلو ناضح حتى ألقى الأحبة . فقدمه ثابت ، فضرب عنقه .
فلما بلغ أبا بكر الصديق قوله ( ألقى الأحبة ) . قال : يلقاهم والله في نار جهنم خالدا فيها مخلدا .
قال ابن هشام : قبلة دلو ناضح . قال زهير بن أبي سلمى في ( قبلة ) :
وقابل يتغنى كلما قدرت * على العراقي يداه قائما دَفَقا
وهذا البيت في قصيدة له .
قال ابن هشام : ويُروى : وقابل يتلقى ، يعني قابل الدلو يتناول
أمر عطية القرظي ورفاعة بن سموأل
قال ابن إسحاق : وكان رسول الله صل الله عليه وسلم قد أمر بقتل كل من أنبت منهم .
قال ابن إسحاق : وحدثني شعبة بن الحجاج ، عن عبدالملك بن عمير ، عن عطية القرظي ، قال : كان رسول الله صل الله عليه وسلم قد أمر أن يُقتل من بني قريظة كل من أنبت منهم ، وكنت غلاما ، فوجدوني لم أُنبت ، فخلوا سبيلي .
قال ابن إسحاق : وحدثني أيوب بن عبدالرحمن بن عبدالله بن أبي صعصعة ، أخو بني عدي بن النجار : أن سلمى بنت قيس ، أم المنذر ، أخت سليط بن أخت سليط بن قيس - وكانت إحدى خالات رسول الله صل الله عليه وسلم ، قد صلت معه القبلتين ، بايعته بيعة النساء - سألته رفاعة بن سموأل القرظي ، وكان رجلا قد بلغ ، فلاذ بها ، وكان يعرفهم قبل ذلك ، فقالت : يا نبي الله ، بأبي أنت وأمي ، هب لي رفاعة ، فإنه قد زعم أنه سيصلي ويأكل لحم الجمل ؛ قال : فوهبه لها ، فاستحيته .
تقسيم فيء بني قريظة
قال ابن إسحاق : ثم إن رسول الله صل الله عليه وسلم قسّم أموال بني قريظة ونساءهم وأبناءهم على المسلمين ، وأعلم في ذلك اليوم سُهْمان الخيل وسهمان الرجال ، وأخرج منها الخُمس ، فكان للفارس ثلاثة أسهم ، للفرس سهمان ولفارسه سهم ، وللراجل ، من ليس له فرس ، سهم .
وكانت الخيل يوم بني قريظة ستة وثلاثين فرسا ، وكان أول فيء وفعت فيه السهمان ، وأُخرج منها الخمس ، فعلى سنتها وما مضى من رسول الله صل الله عليه وسلم فيها وقعت المقاسم ، ومضت السنة في المغازي .
ثم بعث رسول الله صل الله عليه وسلم سعد بن زيد الأنصاري أخا بني عبدالأشهل بسبي من سبايا بني قريظة إلى نجد ، فابتاع لهم بها خيلا وسلاحا .
إسلام ريحانة
قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اصطفى لنفسه من نسائهم ريحانة بنت عمرو بن خناقة ، إحدى نساء بني عمرو بن قريظة ، فكانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفي عنها وهي في ملكه ، وقد كان رسول الله صل الله عليه وسلم عرض عليها أن يتزوجها ، ويضرب عليها الحجاب ؛ فقالت : يا رسول الله ، بل تتركني في ملكك ، فهو أخف علي وعليك ، فتركها .
وقد كانت حين سباها قد تعصّت بالإسلام ، وأبت إلا اليهودية ، فعزلها رسول الله صل الله عليه وسلم ، ووجد في نفسه لذلك من أمرها .
فبينا هو مع أصحابه ، إذ سمع وقع نعلين خلفه ؛ فقال : إن هذا لثعلبة بن سعية يبشرني بإسلام ريحانة ؛ فجاءه فقال : يا رسول الله ، قد أسلمت ريحانة ، فسره ذلك من أمرها .
ما نزل من القرآن في الخندق وبني قريظة
قال ابن إسحاق : وأنزل الله تعالى في أمر الخندق ، وأمر بني قريظة من القرآن ، القصة في الأحزاب ، يذكر فيها ما نزل من البلاء ، ونعمته عليهم ، وكفايته إياهم حين فرج ذلك عنهم ، بعد مقالة من قال من أهل النفاق : ( يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها ، وكان الله بما تعملون بصيرا ) . والجنود : قريش وغطفان وبنو قريظة ، وكانت الجنود التي أرسل الله عليهم مع الريح الملائكة .
يقول الله تعالى : ( إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم ، وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر ، وتظنون بالله الظنونا ) . فالذين جاءوهم من فوقهم بنو قريظة ، والذين جاءوهم من أسفل منهم قريش وغطفان .
يقول الله تبارك وتعالى : ( هنالك ابتُلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا ، وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسلوه إلا غرورا ) لقول معتِّب بن قشير إذ يقول ما قال .
( وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا ) لقول أوس بن قيظي ومن كان على رأيه من قومه ( ولو دُخلت عليهم من أقطارها ) : أي المدينة .
تفسير ابن هشام لبعض الغريب
قال ابن هشام : الأقطار : الجوانب ؛ وواحدها : قطر ، وهي الأقتار ، وواحدها : قتر .
قال الفرزدق :
كم من غِنى فتح الإله لهم به * والخيل مُقْعية على الأقطار
ويُروى : ( على الأقتار ) . وهذا البيت في قصيدة له .
( ثم سئلوا الفتنة ) : أي الرجوع إلى الشرك ( لآتوها وما تلبثُّوا بها إلا يسيرا . ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار ، وكان عهد الله مسئولا ) ، فهم بنو حارثة ، وهم الذين هموا أن يفشلوا يوم أحد مع بني سلمة حين همتا بالفشل يوم أحد ، ثم عاهدوا الله أن لا يعودوا لمثلها أبدا ، فذكر لهم الذين أعطوا من أنفسهم ، ثم قال تعالى : ( قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل ، وإذا لا تمتعون إلا قليلا . قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا ، أو أراد بكم رحمة ، ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا . قد يعلم الله المعوِّقين منكم ) : أي أهل النفاق ( والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ، ولا يأتون البأس إلا قليلا ) : أي إلا دفعا وتعذيرا ( أشحة عليكم ) : أي للضغن الذي في أنفسهم ( فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك ، تدور أعينهم كالذي يُغشى عليه من الموت ) : أي إعظاما له وفرقا منه ( فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد ) : أي في القول بما لا تحبون ، لأنهم لا يرجون آخرة ، ولا تحملهم حِسبة ، فهم يهابون الموت هيبة من لا يرجو ما بعده .
تفسير ابن هشام لبعض الغريب
قال ابن هشام : سلقوكم : بالغوا فيكم بالكلام ، فأحرقوكم وآذوكم . تقول العرب : خطيب سلاّق ، وخطيب مِسْلق ومِسْلاق .
قال أعشى بني قيس بن ثعلبة :
فيهم المجد والسماحة والنَّجْـ * ـدة فيهم والخاطب السلاقُ
وهذا البيت في قصيدة له .
( يحسبون الأحزاب لم يذهبوا ) قريش وغطفان ( وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون في الأعراب يسئلون عن أنبائكم ، ولو كانوا فيكم ما قاتلوا الا قليلا ) .
ثم أقبل على المؤمنين فقال : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ) : أي لئلا يرغبوا بانفسهم عن نفسه ، ولا عن مكان هو به .
ثم ذكر المؤمنين وصدقهم وتصديقهم بما وعدهم الله من البلاء يختبرهم به ، فقال : ( ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله ، وصدق الله ورسوله ، وما زادهم الا إيمانا وتسليما ) : أي صبرا على البلاء وتسليما للقضاء ، وتصديقا للحق ، لما كان الله تعالى وعدهم ورسوله صل الله عليه وسلم ، ثم قال : ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، فمنهم من قضى نحبه ) : أي فرغ من عمله ، ورجع إلى ربه ، كمن استشهد يوم بدر ويوم أحد .
تفسير ابن هشام لبعض الغريب
قال ابن هشام : قضى نحبه : مات ، والنحب : النفس ، فيما أخبرني أبو عبيدة ، وجمعه : نحوب . قال ذو الرمة :
عشية فر الحارثيون بعد ما * قضى نحبه في ملتقى الخيل هَوْبَرُ
وهذا البيت في قصيدة له . وهوبر : من بني الحارث بن كعب ، أراد : يزيد بن هوبر . والنحب أيضاً : النذر . قال جرير بن الخَطَفَى :
بطخفة جالدنا الملوك وخيلنا * عشية بسطام جرين على نحب
يقول : على نذر كانت نذرت أن تقتله فقتلته ، وهذا البيت في قصيدة له . وبسطام : بسطام بن قيس بن مسعود الشيباني ، وهو ابن ذي الجدين . حدثني أبو عبيدة : أنه كان فارس ربيعة بن نزار . وطِخْفة : موضع بطريق البصرة .
والنحب أيضا : الخِطار ، وهو الرهان . قال الفرزدق :
وإذ نحبت كلب على الناس أينا * على النحب أعطى للجزيل وأفضل
والنحب أيضا : البكاء . ومنه قولهم : ينتحب . والنحب أيضا : الحاجة والهمة ؛ تقول : ما لي عندهم نحب . قال مالك بن نويرة اليربوعي :
وما لي نحب عندهم غير أنني * تلمست ما تبغي من الشُّدُن الشُّجْرِ
وقال نهار بن توسعة ، أحد بني تيم اللات بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل - قال ابن هشام : هؤلاء موالي بني حنيفة - :
ونجَّى يوسفَ الثقفي ركض * دراك بعد ما وقع اللواء
ولو أدركنه لقضين نحبا * به وكل مُخطَأَة وقاء
والنحب أيضاً : السير الخفيف المَرِّ .
قال ابن إسحاق : ( ومنهم من ينتظر ) : أي ما وعد الله به من نصره ، والشهادة على ما مضى عليه أصحابه . يقول الله تعالى : ( وما بدلوا تبديلا ) : أي ما شكوا وما ترددوا في دينهم ، وما استبدلوا به غيره . ( ليجزي الله الصادقين بصدقهم ، ويعذب المنافقين إن شاء ، أو يتوب عليهم ، إن الله كان غفورا رحيما . و ردَّ الله الذين كفروا بغيظهم ) : أي قريشا وغطفان ( لم ينالوا خيرا ، وكفى الله المؤمنين القتال ، وكان الله قويا عزيزا . وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب ) : أي بني قريظة ( من صياصيهم ) ، والصياصي : الحصون والآطام التي كانوا فيها .
قال ابن هشام : قال سحيم عبد بني الحسحاس ؛ وبنو الحسحاس من بني أسد بن خزيمة :
وأصبحت الثيران صرعى وأصبحت * نساء تميم يبتدرن الصياصيا
وهذا البيت في قصيدة له . والصياصي أيضا : القرون . قال النابغة الجعدي :
وسادة رهطي حتى بَقِيْـ * ـتُ فردا كصيصية الأعضب
يقول : أصاب الموت سادة رهطي . وهذا البيت في قصيدة له . وقال أبو دواد الإيادي :
فذَعَرْنا سُحم الصياصي بأيديـ * ـهنّ نَضْحٌ من الكُحيل وقار
وهذا البيت في قصيدة له . والصياصي أيضاً : الشوك الذي للنساجين ، فيما أخبرني أبو عبيدة . وأنشدني لدريد بن الصمة الجشمي ، جشم ابن معاوية بن بكر بن هوازن :
نظرت إليه والرماح تنوشه * كوقع الصياصي في النسيج الممدد
وهذا البيت في قصيدة له . والصياصي أيضاً : التي تكون في أرجل الديكة ناتئة كأنها القرون الصغار ، والصياصي أيضاً : الأصول . أخبرني أبو عبيدة أن العرب تقول : جذّ الله صيصيته : أي أصله .
قال ابن إسحاق : ( وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا ) : أي قتل الرجال ، وسبي الذراري والنساء ، ( وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها ) : يعني خيبر ( وكان الله على كل شيء قديرا ) .
إكرام سعد بن معاذ في موته
قال ابن إسحاق : فلما انقضى شأن بني قريظة انفجر بسعد بن معاذ جرحه ، فمات منه شهيدا .
قال ابن إسحاق : حدثني معاذ بن رفاعة الزُّرقي ، قال : حدثني من شئت من رجال قومي : أن جبريل عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قُبض سعد بن معاذ من جوف الليل معتجرا بعمامة من إستبرق ، فقال : يا محمد ، من هذا الميت الذي فُتحت له أبواب السماء ، واهتز له العرش ؟ قال : فقام رسول الله صل الله عليه وسلم سريعا يجر ثوبه إلى سعد ، فوجده قد مات .
قال ابن إسحاق : وحدثني عبدالله بن أبي بكر ، عن عمرة بنت عبدالرحمن قالت : أقبلت عائشة قافلة من مكة ، ومعها أسيد بن حضير ، فلقيه موت امرأة له ، فحزن عليها بعض الحزن ، فقالت له عائشة : يغفر الله لك يا أبا يحيى ، أتحزن على امرأة وقد أُصبت بابن عمك ، وقد اهتز له العرش !
قال ابن إسحاق : وحدثني من لا أتهم عن الحسن البصري ، قال : كان سعد رجلا بادنا ، فلما حمله الناس وجدوا له خفة ، فقال رجال من المنافقين : والله إن كان لبادنا ، وما حملنا من جنازة أخف منه ، فبلغ ذلك رسولَ الله صل الله عليه وسلم ، فقال : إن له حملة غيركم ، والذي نفسي بيده ، لقد استبشرت الملائكة بروح سعد ، واهتز له العرش .
قال ابن إسحاق : وحدثني معاذ بن رفاعة ، عن محمود بن عبدالرحمن ابن عمرو بن الجموح ، عن جابر بن عبدالله ، قال : لما دُفن سعد ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سبح رسول الله صل الله عليه وسلم ، فسبح الناس معه ، ثم كبر فكبر الناس معه ؛ فقالوا : يا رسول الله ، مم سبحت ؟ قال : لقد تضايق على هذا العبد الصالح قبره ، حتى فرجه الله عنه .
قال ابن هشام : ومجاز هذا الحديث قول عائشة : قال رسول الله صل الله عليه وسلم : إن للقبر لضمة لو كان أحد منها ناجيا لكان سعد بن معاذ .
قال ابن إسحاق : ولسعد يقول رجل من الأنصار :
وما اهتز عرش الله من موت هالك * سمعنا به إلا لسعد أبي عمرو
و قالت أم سعد ، حين احتُمل نعشه وهي تبكيه - قال ابن هشام : وهي كُبيشة بنت رافع بن معاوية بن عبيد بن ثعلبة بن عبد بن الأبجر ، وهو خُدْرة بن عوف بن الحارث بن الخزرج - :
ويل أم سعد سعدا * صرامة وحدا
وسُوددا ومجدا * وفارسا مُعدّا
سُدّ به مَسدّا * يَقُدُّ هاما قَدّا
يقول رسول الله صل الله عليه وسلم : كل نائحة تكذب ، إلا نائحة سعد بن معاذ
الشهداء يوم بني قريظة
قال ابن إسحاق : واستشهد يوم بني قريظة من المسلمين ، ثم من بني الحارث بن الخزرج : خلاد بن سويد بن ثعلبة بن عمرو ، طُرحت عليه رحى ، فشدخته شدخا شديدا ، فزعموا أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال : إن له لأجر شهيدين .
ومات أبو سنان بن محصن بن حرثان ، أخو بني أسد بن خزيمة ، ورسول الله صل الله عليه وسلم محاصر بني قريظة ، فدفن في مقبرة بني قريظة التي يدفنون فيها اليوم ، وإليه دفنوا أمواتهم في الإسلام .
بشر الرسول المسلمين بغزو قريش
ولما انصرف أهل الخندق عن الخندق ؛ قال رسول الله صل الله عليه وسلم فيما بلغني : لن تغزوكم قريش بعد عامكم هذا ، ولكنكم تغزونهم . فلم تغزهم قريش بعد ذلك ، وكان هو الذي يغزوها ، حتى فتح الله عليه مكة