منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 غزوتا حنين والطائف...غزوة تبوك

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75783
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

غزوتا حنين والطائف...غزوة تبوك Empty
مُساهمةموضوع: غزوتا حنين والطائف...غزوة تبوك   غزوتا حنين والطائف...غزوة تبوك Emptyالسبت 15 ديسمبر 2018, 9:43 pm

غزوتا حنين والطائف


غزوة حنين في سنة ثمان بعد الفتح
 اجتماع هوازن ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ ولما سمعت هوازن برسول الله صل الله عليه وسلم وما فتح الله عليه من مكة ، جمعها مالك بن عوف النصري ، فاجتمع إليه مع هوازن ثقيف كلها ، واجتمعت نصر وجشم كلها ، وسعد بن بكر ، وناس من بني هلال ، وهم قليل ، ولم يشهدها من قيس عيلان إلا هؤلاء ، وغاب عنها فلم يحضرها من هوازن كعب ولا كلاب ، ولم يشهدها منهم أحد له اسم ‏.‏
وفي بني جشم دريد بن الصمة شيخ كبير ، ليس فيه شيء إلا التيمن برأيه ومعرفته بالحرب ، وكان شيخاً مجرباً ، وفي ثقيف سيدان لهم ، في الأحلاف قارب بن الأسود بن مسعود بن معتب ، وفي بني مالك ذو الخمار سبيع بن الحارث بن مالك ، وأخوه أحمر بن الحارث ، وجماع أمر الناس إلى مالك بن عوف النصري ‏.‏
فلما أجمع السير إلى رسول الله صل الله عليه وسلم حط مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم ، فلما نزل بأوطاس اجتمع إليه الناس ، وفيهم دريد بن الصمة في شجار له يقاد به ‏.‏
 ما أشار به دريد بن الصمة ‏:‏
فلما نزل قال ‏:‏ بأي واد أنتم ‏؟‏ قالوا ‏:‏ بأوطاس ، قال ‏:‏ نعم مجال الخيل ‏!‏ لا حزن ضرس ، ولا سهل دهس ، ما لي أسمع رغاء البعير ، ونهاق الحمير ، وبكاء الصغير ، ويعار الشاء ‏؟‏
قالوا ‏:‏ ساق مالك بن عوف مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم ‏.‏ قال ‏:‏ أين مالك ‏؟‏ قيل ‏:‏ هذا مالك ودعي له ، فقال ‏:‏ يا مالك ، إنك قد أصبحت رئيس قومك ، وإن هذا يوم كائن له ما بعده من الأيام ، ما لي أسمع رغاء البعير ، ونهاق الحمير ، وبكاء الصغير ، ويعار الشاء ‏؟‏
قال ‏:‏ سقت مع الناس أموالهم وأبناءهم ونساءهم ، قال ‏:‏ ولم ذاك ‏؟‏ قال ‏:‏ أردت أن أجعل خلف كل رجل منهم أهله وماله ، ليقاتل عنهم ، قال ‏:‏ فأنقض به ، ثم قال ‏:‏ راعي ضأن والله ‏!‏ وهل يرد المنهزم شيء ‏؟‏ إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه ، وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك ‏.‏
ثم قال ‏:‏ ما فعلت كعب وكلاب ‏؟‏ قالوا ‏:‏ لم يشهدها منهم أحد ، قال ‏:‏ غاب الحد والجد ، ولو كان يوم علاء ورفعة لم تغب عنه كعب ولا كلاب ، ولوددت أنكم فعلتم ما فعلت كعب وكلاب ، فمن شهدها منكم ‏؟‏ قالوا ‏:‏ عمرو بن عامر ، وعوف بن عامر، قال ‏:‏ ذانك الجذعان من عامر ، لا ينفعان ولا يضران ؛ يا مالك ، إنك لم تصنع بتقديم البيضة بيضة هوازن إلى نحور الخيل شيئاً ، ارفعهم إلى متمنع بلادهم وعليا قومهم ، ثم الق الصباء على متون الخيل فإن كانت لك لحق بك من وراءك ، وإن كانت عليك ألفاك ذلك وقد أحرزت أهلك ومالك ‏.‏
قال ‏:‏ والله لا أفعل ذلك ، إنك قد كبرت وكبر عقلك ‏.‏ والله لتطيعنني يا معشر هوازن أو لأتكئن على هذا السيف حتى يخرج من ظهري ‏.‏ وكره أن يكون لدريد بن الصمة فيها ذكر أو رأي ؛ فقالوا ‏:‏ أطعناك ؛ فقال دريد بن الصمة ‏:‏ هذا يوم لم أشهده ولم يفتني ‏:‏
ياليتني فيها جذع * أخب فيها وأضع
أقود وطفاء الزمع * وكأنها شاة صدع
قال ابن هشام ‏:‏ أنشدني غير واحد من أهل العلم بالشعر قوله ‏:‏
يا ليتني فيها جذع *
 الملائكة وعيون مالك بن عوف ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ ثم قال ‏:‏ مالك للناس ‏:‏ إذا رأيتموهم فاكسروا جفون سيوفكم ، ثم شدوا شدة رجل واحد ‏.‏
قال ‏:‏ وحدثني أمية بن عبدالله بن عمرو بن عثمان أنه حدث ‏:‏ أن مالك بن عوف بعث عيوناً من رجاله ، فأتوه وقد تفرقت أوصالهم ، فقال ‏:‏ ويلكم ‏!‏ ما شأنكم ‏؟‏ فقالوا ‏:‏ رأينا رجالاً بيضاً على خيل بلق ، فوالله ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى ، فوالله ما رده ذلك عن وجهه أن مضى على ما يريد ‏.‏
 بعث عبدالله بن أبي حدرد عيناً على خزاعة ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ ولما سمع بهم نبي الله صل الله عليه وسلم بعث إليهم عبدالله بن أبي حدرد الأسلمي ، وأمره أن يدخل في الناس ، فيقيم فيهم حتى يعلم علمهم ، ثم يأتيه بخبرهم ‏.‏
فانطلق ابن أبي حدرد ، فدخل فيهم ، فأقام فيهم ، حتى سمع وعلم ما قد أجمعوا له من حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسمع من مالك وأمر هوازن ما هم عليه ، ثم أقبل حتى أتى رسول الله صل الله عليه وسلم فأخبره الخبر ، فدعا رسول الله صل الله عليه وسلم عمر بن الخطاب ، فأخبره الخبر فقال عمر ‏:‏ كذب ابن أبي حدرد ، فقال ابن أبي حدرد ‏:‏ إن كذبتني فربما كذبت بالحق يا عمر ، فقد كذبت من هو خير مني ‏.‏
فقال عمر ‏:‏ يا رسول الله ، ألا تسمع ما يقول ابن أبي حدرد ‏؟‏ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ قد كنت ضالاً ، فهداك الله يا عمر ‏.‏
 استعارة الرسول أدراع صفوان ‏:‏
فلما أجمع رسول الله صل الله عليه وسلم السير إلى هوازن ليلقاهم ، ذكر له أن عند صفوان بن أمية أدراعاً له وسلاحاً ، فأرسل إليه وهو يومئذ مشرك ‏.‏
فقال ‏:‏ يا أبا أمية ، أعرنا سلاحك هذا نلق فيه عدونا غداً ، فقال صفوان ‏:‏ أغصبا يا محمد ‏؟‏ قال ‏:‏ بل عارية ومضمونة حتى نؤديها إليك ؛ قال ‏:‏ ليس بهذا بأس فأعطاه مائة درع بما يكفيها من السلاح ، فزعموا أن رسول الله صلى اله عليه وسلم سأله أن يكفيهم حملها ، ففعل ‏.‏
 من أمره عليه السلام على مكة ‏:‏
قال ‏:‏ ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معه ألفان من أهل مكة مع عشرة آلاف من أصحابه الذين خرجوا معه ، ففتح الله بهم مكة ، فكانوا اثني عشر ألفاً ، واستعمل رسول الله صل الله عليه وسلم عتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس على مكة ، أميراً على من تخلف عنه من الناس ، ثم مضى رسول الله صل الله عليه وسلم على وجهه يريد لقاء هوازن
 قصة ذات أنواط ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني ابن شهاب الزهري ، عن سنان بن أبي سنان الدؤلي ، عن أبي واقد الليثي ، أن الحارث بن مالك ، قال ‏:‏ خرجنا مع رسول الله صل الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حديثو عهد بالجاهلية ، قال ‏:‏ فسرنا معه إلى حنين ، قال ‏:‏ وكانت كفار قريش ومن سواهم من العرب لهم شجرة عظيمة خضراء ، يقال لها ‏:‏ ذات أنواط ، يأتونها كل سنة فيعلقون أسلحتهم عليها ، ويذبحون عندها ، ويعكفون عليها يوماً ‏.‏
قال ‏:‏ فرأينا ونحن نسير مع رسول الله صل الله عليه وسلم سدرة خضراء عظيمة ، قال ‏:‏ فتنادينا من جنبات الطريق ‏:‏ يا رسول الله ، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط ‏.‏ قال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ الله أكبر ، قلتم ، والذي نفس محمد بيده ، كما قال قوم موسى لموسى ‏:‏ ‏(‏ اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ، قال إنكم قوم تجهلون ‏)‏ ‏.‏ إنها السنن ، لتركبن سنن من كان قبلكم ‏.‏
 ثبات الرسول وبعض الصحابة في لقاء هوازن ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة ، عن عبدالرحمن بن جابر ، عن أبيه جابر بن عبدالله ، قال ‏:‏ لما استقبلنا وادي حنين انحدرنا في واد من أودية تهامة أجوف حطوط ، إنما ننحدر فيه انحداراً ، قال ‏:‏ وفي عماية الصبح ، وكان القوم قد سبقونا إلى الوادي ، فكمنوا لنا في شعابه وأحنائه ومضايقه ، وقد أجمعوا وتهيئوا وأعدوا ، فوالله ما راعنا ونحن منحطون إلا الكتائب قد شدوا علينا شدة رجل واحد ، وانشمر الناس راجعين ، لا يلوي أحد على أحد ‏.‏
وانحاز رسول الله صل الله عليه وسلم ذات اليمن ، ثم قال ‏:‏ أين أيها الناس ‏؟‏ هلموا إلي ، أنا رسول الله ، أنا محمد بن عبدالله ‏.‏
قال ‏:‏ فلا شيء ، حملت الإبل بعضها على بعض ، فانطلق الناس ، إلا أنه قد بقي مع رسول الله صل الله عليه وسلم نفر من المهاجرين والأنصار وأهل بيته ‏.‏
 من ثبت معه صل الله عليه وسلم ‏:‏
وفيمن ثبت معه من المهاجرين أبو بكر وعمر ، ومن أهل بيته علي بن أبي طالب والعباس بن عبدالمطلب ، وأبو سفيان بن الحارث ، وابنه ، والفضل بن العباس ، وربيعة بن الحارث ، وأسامة بن زيد ، وأيمن بن عبيد ، قتل يومئذ ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏اسم ابن أبي سفيان بن الحارث جعفر ، واسم أبي سفيان المغيرة ؛ وبعض الناس يعد فيهم قثم بن العباس ، ولا يعد ابن أبي سفيان ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة ، عن عبدالرحمن بن جابر ، عن أبيه جابر بن عبدالله ، قال ‏:‏ ورجل من هوزان على جمل له أحمر ، بيده راية سوداء في رأس رمح له طويل ، أمام هوازن ، وهوازن خلفه ، إذا أدرك طعن برمحه ، وإذا فاته الناس رفع رمحه لمن وراءه فاتبعوه ‏.‏
 أبو سفيان بن حرب وبعض الناس يشمت بالمسلمين ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ فلما انهزم الناس ، ورأى من كان مع رسول الله صل الله عليه وسلم من جفاة أهل مكة الهزيمة ، تكلم رجال منهم بما في أنفسهم من الضغن ، فقال أبو سفيان بن حرب ‏:‏ لا تنتهي هزيمتهم دون البحر ، وإن الأزلام لمعه في كنانته ‏.‏
وصرخ جبلة بن الحنبل - قال ابن هشام ‏:‏ كلدة بن الحنبل - وهو مع أخيه صفوان بن أمية مشرك في المدة التي جعل له رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ ألا بطل السحر اليوم ‏!‏ فقال له صفوان ‏:‏ اسكت فض الله فاك ، فوالله لأن يربني رجل من قريش أحب إلى من أن يربني رجل من هوازن
شيبة بن طلحة يحاول قتل الرسول صل الله عليه وسلم ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وقال شيبة بن عثمان بن أبي طلحة ، أخو بني عبدالدار ، قلت ‏:‏ اليوم أدرك ثأري من محمد ، وكان أبوه قتل يوم أحد ، اليوم أقتل محمداً ، قال ‏:‏ فأدرت برسول الله لأقتله ، فأقبل شيء حتى تغشى فؤداي ، فلم أطق ذاك ، وعلمت أنه ممنوع مني ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني بعض أهل مكة ، أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال حين فصل من مكة إلى حنين ، ورأى كثرة من معه من جنود الله ‏:‏ لن نغلب اليوم من قلة ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وزعم بعض الناس أن رجلاً من بني بكر قالها ‏.‏
 النصر للمسلمين ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني الزهري ، عن كثير بن العباس ، عن أبيه العباس بن عبدالمطلب ، قال ‏:‏ إني لمع رسول الله صل الله عليه وسلم آخذ بحكمة بغلته البيضاء قد شجرتها بها ، قال ‏:‏ وكنت امرأ جسيماً شديد الصوت ‏.‏
قال ‏:‏ ورسول الله صل الله عليه وسلم يقول حين رأى ما رأى من الناس ‏:‏ أين أيها الناس ‏؟‏ فلم أر الناس يلوون على شيء ، فقال ‏:‏ يا عباس ، اصرخ يا معشر الأنصار ‏:‏ يا معشر أصحاب السمرة ، قال ‏:‏ فأجابوا ‏:‏ لبيك لبيك ‏!‏ قال ‏:‏ فيذهب الرجل ليثني بعيره ، فلا يقدر على ، ذلك فيأخذ درعه فيقذفها في عنقه ؛ ويأخذ سيفه ترسه ، ويقتحم عن بعيره ، ويخلي سبيله ، فيؤم الصوت ، حتى ينتهي إلى رسول الله صل الله عليه وسلم ‏.‏
حتى إذا اجتمع إليه منهم مائة ، استقبلوا الناس ، فاقتتلوا ، وكانت الدعوى أول ما كانت ‏:‏ يا للأنصار ‏.‏ ثم خلصت أخيراً ‏:‏ يا للخزرج ‏.‏
وكانوا صبراً عند الحرب ، فأشرف رسول الله صل الله عليه وسلم في ركائبه ‏.‏ فنظر إلى مجتلد القوم وهم يجتلدون ، فقال ‏:‏ الآن حمي الوطيس ‏.‏
 قتل علي صاحب راية هوازن ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة ، عن عبدالرحمن بن جابر ، عن أبيه جابر بن عبدالله ، قال ‏:‏ بينا ذلك الرجل من هوزان صاحب الراية على جمله يصنع ما يصنع ، إذ هوى له علي بن أبي طالب رضوان الله عليه ورجل من الأنصار يريدانه ، قال ‏:‏ فيأتيه علي بن أبي طالب من خلفه ، فضرب عرقوبي الجمل ، فوقع على عجزه ، ووثب الأنصاري على الرجل ، فضربه ضربة أطن قدمه بنصف ساقه ، فانجعف عن رحله ، قال ‏:‏ واجتلد الناس ، فوالله مارجعت راجعة الناس من هزيمتهم حتى وجدوا الأسارى مكتفين عند رسول الله صل الله عليه وسلم ‏.‏
قال ‏:‏ والتفت رسول الله صل الله عليه وسلم إلى أبي سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب ، وكان ممن صبر يومئذ مع رسول اله صل الله عليه وسلم ، وكان حسن الإسلام حين أسلم ، وهو أخذ بثفر بغلته ، فقال ‏:‏ من هذا ‏؟‏ قال ‏:‏ أنا ابن أمك يا رسول الله ‏.‏
 أم سليم في المعركة ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني عبدالله بن أبي بكر ‏:‏ أن رسول الله صل الله عليه وسلم التفت فرأى أم سليم بنت ملحان ‏:‏ وكانت مع زوجها أبي طلحة وهي حازمة وسطها ببرد لها ، وإنها لحامل بعبدالله بن أبي طلحة ، ومعها جمل أبي طلحة ، وقد خشيت أن يعزها الجمل ، فأدنت رأسه منها ، فأدخلت يدها في حزامته مع الخطام ، فقال لها رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ أم سليم ‏؟‏
قالت ‏:‏ نعم بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، اقتل هؤلاء الذين ينهزمون عنك كما تقتل الذين يقاتلونك ، فإنهم لذلك أهل ؛ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ أو يكفي الله يا أم سليم ‏؟‏ قال ‏:‏ ومعها خنجر ، فقال لها أبو طلحة ‏:‏ ما هذا الخنجر معك يا أم سليم ‏؟‏ قالت ‏:‏ خنجر أخذته إن دنا مني أحد من المشركين بعجته به قال ‏:‏ يقول أبو طلحة ‏:‏ ألا تسمع يا رسول الله ما تقول أم سليم الرميصاء
 من قتل قتيلاً فله سلبه ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني عبدالله بن أبي بكر ، أنه حدث عن أبي قتادة الأنصاري قال ‏:‏ وحدثني من لا أتهم من أصحابنا عن نافع مولى بني غفار أبي محمد عن أبي قتادة ، قالا ‏:‏ قال أبو قتادة ‏:‏ رأيت يوم حنين رجلين يقتتلان ‏:‏ مسلماً ومشركاً ، قال ‏:‏ وإذا رجل من المشركين يريد أن يعين صاحبه المشرك على المسلم ‏.‏
قال ‏:‏ فأتيته ، فضربت يده ، فقطعتها ، واعتنقني بيده الأخرى ، فوالله ما أرسلني حتى وجدت ريح الدم - ويروى ‏:‏ ريح الموت ، فيما قال ابن هشام - وكاد يقتلني ، فلولا أن الدم نزفه لقتلني ، فسقط ، فضربته فقتلته ، وأجهضني عنه القتال ، ومر به رجل من أهل مكة فسلبه ‏.‏
فلما وضعت الحرب أوزارها وفرغنا من القوم ، قال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ من قتل قتيلاً فله سلبه ، فقلت ‏:‏ يا رسول الله ، والله لقد قتلت قتيلاً ذا سلب ، فأجهضني عنه القتال ، فما أدري من استلبه ‏؟‏ فقال رجل من أهل مكة ‏:‏ صدق يا رسول الله ، وسلب ذلك القتيل عندي ، فأرضه عني من سلبه ،
فقال أبو بكر الصديق رضى الله عنه ‏:‏ لا والله ، لا يرضيه منه ، تعمد إلى أسد من أسد الله ، يقاتل عن دين الله ، تقاسمه سلبه ‏!‏ اردد عليه سلب قتيله ، فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ صدق اردد عليه سلبه ‏.‏ فقال أبو قتادة ‏:‏ فأخذته منه ، فبعته ، فاشتريت بثمنه مخرفاً ، فإنه لأول مال اعتقدته ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني من لا أتهم ، عن أبي سلمة ، عن إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة ، عن أنس بن مالك ، قال ‏:‏ لقد استلب أبو طلحة يوم حنين وحده عشرين رجلاً ‏.‏
 الملائكة تحضر القتال ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني أبي إسحاق بن يسار ، أنه حدث عن جبير بن مطعم ، قال ‏:‏ رأيت قبل هزيمة القوم والناس يقتتلون مثل البجاد الأسود ، أقبل من السماء حتى سقط بيننا وبين القوم ، فنظرت ، فإذا نمل أسود مبثوث قد ملأ الوادي ، لم أشك أنها الملائكة ، ثم لم يكن إلا هزيمة القوم ‏.‏
 هزيمة هوازن ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ ولما هزم الله المشركين من أهل حنين ، وأمكن رسول الله صل الله عليه وسلم منهم ، قالت امرأة من المسلمين ‏:‏
قد غلبت خيل الله خيل اللات * والله أحق بالثبات
قال ابن هشام ‏:‏ أنشدني بعض أهل العلم بالرواية للشعر ‏:‏
غلبت خيل الله خيل اللات * وخيله أحق بالثبات
قال ابن إسحاق ‏:‏ فلما انهزمت هوازن استحر القتل من ثقيف في بني مالك ، فقتل منهم سبعون رجلاً تحت رايتهم ، فيهم عثمان بن عبدالله بن ربيعة بن الحارث بن حبيب ، وكانت رايتهم مع ذي الخمار ، فلما قتل أخذها عثمان بن عبدالله ، فقاتل بها حتى قتل ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وأخبرني عامر بن وهب بن الأسود ، قال ‏:‏ لما بلغ رسول الله صل الله عليه وسلم قتله ، قال ‏:‏ أبعده الله ‏!‏ فإنه كان يبغض قريشاً ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس ‏:‏ أنه قتل مع عثمان بن عبدالله غلام له نصراني أغرل ، قال ‏:‏ فبينا رجل من الأنصار يسلب قتلى ثقيف ، إذ كشف العبد يسلبه ، فوجده أغرل ‏.‏ قال ‏:‏ فصاح بأعلى صوته ‏:‏ يا معشر العرب ‏:‏ يعلم الله أن ثقيفا غرل ‏.‏
قال المغيرة بن شعبة ‏:‏ فأخذت بيده ، وخشيت أن تذهب عنا في العرب ، فقلت ‏:‏ لا تقل ذاك ، فداك أبي وأمي ، إنما هو غلام لنا نصراني ‏.‏ قال ‏:‏ ثم جعلت أكشف له عن القتلى ، وأقول له ‏:‏ ألا تراهم مختنين كما ترى ‏!‏
 هروب قارب بن الأسود مع قومه يوم حنين ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وكانت راية الأحلاف مع قارب بن الأسود ، فلما انهزم الناس أسند رايته إلى شجرة ، وهرب هو وبنو عمه وقومه من الأحلاف ، فلم يقتل من الأحلاف غير رجلين ‏:‏ رجل من غيرة ، يقال له ‏:‏ وهب ، وآخر من بني كبة ، يقال له ‏:‏ الجلاح ؛ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم حين بلغه قتل الجلاح ‏:‏ قتل اليوم سيد شباب ثقيف ، إلا ما كان من ابن هنيدة ، يعني بابن هنيدة الحارث بن أويس
 مقتل دريد ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ ولما انهزم المشركون ، أتوا الطائف ومعهم مالك بن عوف ، وعسكر بعضهم بأوطاس ، وتوجه بعضهم نحو نخلة ، ولم يكن فيمن توجه نحو نخلة إلا بنو غيرة من ثقيف ، وتبعت خيل رسول الله صل الله عليه وسلم من سلك في نخلة من الناس ، ولم تتبع من سلك الثنايا ‏.‏
فأدرك ربيعة بن رفيع بن أهبان بن ثعلبة بن ربيعة بن يربوع بن سمال ابن عوف بن امرؤ القيس ، وكان يقال له ‏:‏ ابن الدغنة وهي أمه ، فغلبت على اسمه ، ويقال ‏:‏ ابن لذعة فيما قال ابن هشام ‏:‏ - دريد بن الصمة ، فأخذ بخطام جمله وهو يظن أنه امرأة ، وذلك أنه في شجار له ، فإذا برجل ، فأناح به ، فإذا شيخ كبير ، وإذا هو دريد بن الصمة ولا يعرفه الغلام ‏!‏
فقال له دريد ‏:‏ ماذا تريد بي ‏؟‏ قال ‏:‏ أقتلك ، قال ‏:‏ ومن أنت ‏؟‏ قال ‏:‏ أنا ربيعة بن رفيع السلمي ، ثم ضربه بسيفه ، فلم يغن شيئاً ، فقال ‏:‏ بئس ما سلحتك أمك ‏!‏ خذ سيفي هذا من مؤخر الرحل ، وكان الرحل في الشجار ، ثم أضرب به ، وارفع عن العظام ، وأخفض عن الدماغ ، فإني كنت كذلك أضرب الرجال ، ثم إذا أتيت أمك فأخبرها أنك قتلت دريد بن الصمة ، فرب والله يوم قد منعت فيه نساءك ‏.‏
فزعم بنو سليم أن ربيعة لما ضربه فوقع تكشف ، فإذا عجانه وبطون فخذيه ، مثل القرطاس من ركوب الخيل أعراء ؛ فلما رجع ربيعة إلى أمه أخبرها بقتله إياه ، فقالت ‏:‏ أما والله لقد أعتق أمهات لك ثلاثاً
 استشهاد أبي عامر الأشعري ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وبعث رسول الله صل الله عليه وسلم في آثار من توجه قبل أوطاس أبا عامر الأشعري ، فأدرك من الناس بعض من انهزم ، فناوشوه القتال ، فرمي أبو عامر بسهم فقتل ؛ فأخذ الراية أبو موسى الأشعري ، وهو ابن عمه ، فقاتلهم ، ففتح الله على يديه وهزمهم ، فيزعمون أن سلمة بن دريد هو الذي رمى أبا عامر الأشعري بسهم ، فأصاب ركبته ، فقتله ، فقال ‏:‏
إن تسألوا عني فإني سلمه * ابن سمادير لمن توسمه
أضرب بالسيف رءوس المسلمه *
 دعاء الرسول لبني رئاب ‏:‏
وسمادير ‏:‏ أمه ‏.‏
واستحر القتل من بني نصر في بني رئاب ، فزعموا أن عبدالله بن قيس - وهو الذي يقال له ابن العوراء ، وهو أحد بني وهب بن رئاب - قال ‏:‏ يا رسول الله ، هلكت بنو رئاب ‏.‏
فزعموا أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال ‏:‏ اللهم اجبر مصيبتهم
 لقاء الزبير بعض المنهزمين ‏:‏
قال ابن هشام ‏:‏ وبلغني أن خيلا طلعت ومالك وأصحابه على الثنية ، فقال لأصحابه ‏:‏ ماذا ترون ‏؟‏ فقالوا ‏:‏ نرى قوماً واضعي رماحهم بين آذان خيلهم ، طويلة بوادهم ؛ فقال ‏:‏ هؤلاء بنو سليم ، ولا بأس عليكم منهم ؛ فلما أقبلوا سلكوا بطن الوادي ‏.‏
ثم طلعت خيل أخرى تتبعها ؛ فقال لأصحابه ‏:‏ ماذا ترون ‏؟‏ قالوا ‏:‏ نرى قوماً عارضي رماحهم أغفالاً على خيلهم ؛ فقال ‏:‏ هؤلاء الأوس والخزرج ، ولا بأس عليكم منهم ‏.‏
فلما انتهوا إلى الثنية سلكوا طريق بني سليم ‏.‏ ثم طلع فارس ؛ فقال لأصحابه ‏:‏ ماذا ترون ‏؟‏ قالوا ‏:‏ نرى فارساً طويل الباد ، واضعاً رمحه على عاتقه ، عاصباً رأسه بملاءة حمراء فقال ‏:‏ هذا الزبير بن العوام واحلف باللات ليخالطنكم ، فاثبتوا له ‏.‏ فلما انتهى الزبير إلى أصل الثنية أبصر القوم ، فصمد لهم ، فلم يزل يطاعنهم حتى أزاحهم عنها
من حديث أبي عامر الأشعري ومقتله يوم حنين ‏:‏
قال ابن هشام ‏:‏ وحدثني من أثق به من أهل العلم بالشعر ، وحديثه ‏:‏ أن أبا عامر الأشعري لقي يوم أوطاس عشرة أخوة من المشركين ، فحمل عليه أحدهم ، فحمل عليه أبو عامر وهو يدعوه إلى الإسلام ويقول ‏:‏ اللهم اشهد عليه ، فقتله أبو عامر ؛ ثم حمل عليه آخر ، فحمل عليه أبو عامر ، وهو يدعوه إلى الإسلام ويقول ‏:‏ اللهم اشهد عليه ، فقتله أبو عامر ‏:‏ ثم جعلوا يحملون عليه رجلاً رجلاً ، ويحمل أبو عامر وهو يقول ذلك ، حتى قتل تسعة ، وبقي العاشر ، فحمل على أبي عامر ، وحمل عليه أبو عامر ، وهو يدعوه إلى الإسلام ويقول ‏:‏ اللهم اشهد عليه ؛ فقال الرجل ‏:‏ اللهم لا تشهد علي ، فكف عنه أبو عامر فأفلت ؛ ثم أسلم بعد فحسن إسلامه ‏.‏ فكان رسول الله صل الله عليه وسلم إذا رآه قال ‏:‏ هذا شريد أبي عامر ‏.‏
ورمى أبا عامر أخوان ‏:‏ العلاء وأوفى ابنا الحارث ، من بني جشم بن معاوية ، فأصاب أحدهما قلبه ، والآخر ركبته ، فقتلاه ‏.‏ وولي الناس أبو موسى الأشعري فحمل عليهما فقتلهما ؛ فقال رجل من بني جشم بن معاوية يرثيهما ‏:‏
إن الرزية قتل العلاء * وأوفى جميعا ولم يسندا
هما القاتلان أبا عامر * وقد كان ذا هبة أربدا
هما تركاه لدى معرك * كأن على عطفه مجسدا
فلم تر في الناس مثليهما * أقل عثارا وأرمى يدا
نهيه عليه السلام عن قتل الضعفاء ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني بعض أصحابنا ‏:‏ أن رسول الله صل الله عليه وسلم مر يومئذ بامرأة وقد قتلها خالد بن الوليد ، والناس متقصفون عليها فقال ‏:‏ ما هذا ‏؟‏ فقالوا ‏:‏ امرأة قتلها خالد بن الوليد ؛ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم لبعض من معه ‏:‏ أدرك خالداً ، فقل له ‏:‏ إن رسول الله ينهاك أن تقتل وليداً أو امرأة أو عسيفاً ‏.‏
 الشيماء أخت الرسول ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني بعض بني سعد بن بكر ‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يومئذ ‏:‏ إن قدرتم على بجاد ، رجل من بني سعد بن بكر ، فلا يفلتنكم ، وكان قد أحدث حدثاً ، فلما ظفر به المسلمون ساقوه وأهله ، وساقوا معه الشيماء ، بنت الحارث بن عبدالعزى أخت رسول الله صل الله عليه وسلم من الرضاعة ، فعنفوا عليها في السياق ؛ فقالت للمسلمين ‏:‏ تعلموا والله أني لأخت صاحبكم من الرضاعة ؛ فلم يصدقوها حتى أتوا بها رسول الله صل الله عليه وسلم ‏.‏
 إكرامه عليه السلام أخته الشيماء ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ فحدثني يزيد بن عبيد السعدي ، قال ‏:‏ فلما انتهى بها إلى رسول الله صل الله عليه وسلم ، قالت ‏:‏ يا رسول الله ، إني أختك من الرضاعة ؛ قال ‏:‏ وما علامة ذلك ‏؟‏
قالت ‏:‏ عضة عضضتنيها في ظهري وأنا متوركتك ؛ قال ‏:‏ فعرف رسول الله صل الله عليه وسلم العلامة ، فبسط لها رداءه ، فأجلسها عليه ، وخيرها ، وقال ‏:‏ إن أحببت فعندي محبة مكرمة ، وإن أحببت أن أمتعك وترجعي إلى قومك فعلت ؛ فقالت ‏:‏ بل تمتعني وتردني إلى قومي ‏.‏
فمتعها رسول الله صل الله عليه وسلم ، وردها إلى قومها ‏.‏ فزعمت بنو سعد أنه أعطاها غلاما له يقال له مكحول ، وجارية ، فزوجت أحدهما الأخرى ، فلم يزل فيهم من نسلهما بقية ‏.‏
 ما أنزل الله في حنين ‏:‏
قال ابن هشام ‏:‏ وأنزل الله عز وجل في يوم حنين ‏:‏ ‏(‏ لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم ‏)‏ إلى قوله ‏:‏ ‏(‏ وذلك جزاء الكافرين ‏)‏ ‏.‏
 شهداء حنين ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وهذه تسمية من استشهد يوم حنين من المسلمين ‏:‏
من قريش ‏:‏ ثم من بني هاشم ‏:‏ أيمن بن عبيد ‏.‏
ومن بني أسد بني عبدالعزى ‏:‏ يزيد بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد ، جمح به فرس له يقال له الجناح ، فقتل ‏.‏
ومن الأنصار ‏:‏ سراقة بن الحارث بن عدي ، من بني العجلان ‏.‏
ومن الأشعريين ‏:‏ أبو عامر الأشعري ‏.‏
 سبايا حنين وأموالها ‏:‏
ثم جمعت إلى رسول الله صل الله عليه وسلم سبايا حنين وأموالها ، وكان على المغانم مسعود بن عمرو الغفاري ، وأمر رسول الله صل الله عليه وسلم بالسبايا والأموال إلى الجعرانة ، فحبست بها



غزوة الطائف


ذكر غزوة الطائف بعد حنين في سنة ثمان 
 فلول ثقيف ‏:‏
ولما قدم فل ثقيف الطائف أغلقوا عليهم أبواب مدينتها ، وصنعوا الصنائع للقتال ‏.‏
 المتخلفون عن الطائف ‏:‏
و لم يشهد حنينا ولا حصار الطائف عروة بن مسعود ، ولا غيدن بن سلمة ، كانا بجرش يتعلمان صنعة الدبابات والمجانيق والضبور ‏
 الطريق إلى الطائف ‏:‏ 
قال ابن إسحاق ‏:‏ فسلك رسول الله صل الله عليه وسلم على نخلة اليمانية ، ثم على قرن ، ثم على المليح ، ثم على بحرة الرغاء من لية ، فابتنى بها مسجداً فصلى فيه ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ فحدثني عمرو بن شعيب ‏:‏ أنه أقاد يومئذ ببحرة الرغاء ، حين نزلها ، بدم ، وهو أول دم أقيد به في الإسلام ، رجل من بني ليث قتل رجلا من هذيل ، فقتلته به ‏.‏
وأمر رسول الله صل الله عليه وسلم ، وهو بلية ، بحصن مالك بن عوف فهدم ، ثم سلك في طريق يقال لها الضيقة ، فلما توجه فيها رسول الله صل الله عليه وسلم سأل عن اسمها ، فقال ‏:‏ ما اسم هذه الطريق ‏؟‏
فقيل له ‏:‏ الضيقة ، فقال ‏:‏ بل هي اليسرى ، ثم خرج منها على نخب ، حتى نزل تحت سدرة يقال لها الصادرة ‏:‏ قريباً من مال رجل من ثقيف ، فأرسل إليه رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ إما أن تخرج ، وإما أن نخرب عليك حائطك ؛ فأبى أن يخرج ، فأمر رسول الله صل الله عليه وسلم بأخرابه ‏.‏
ثم مضى رسول الله صل الله عليه وسلم حتى نزل قريباً من الطائف ، فضرب به عسكره ، فقتل به ناس من أصحابه بالنبل ، وذلك أن العسكر اقترب من حائط الطائف ، وكانت النبل تنالهم ، ولم يقدر المسلمون على أن يدخلوا حائطهم ، أغلقوه دونهم ؛ فلما أصيب أولئك النفر من أصحابه بالنبل وضع عسكره عند مسجده الذي بالطائف اليوم ، فحصرهم بضعاً وعشرين ليلة ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏ ويقال ‏:‏ سبع عشرة ليلة ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ ومعه امرأتان من نسائه ، إحداهما أم سلمة بنت أبي أمية ، فضرب لهما قبتين ، ثم صلى بين القبتين ‏.‏
ثم أقام ، فلما أسلمت ثقيف بني على مصلى رسول الله صل الله عليه وسلم عمرو بن أمية بن وهب بن معتب ابن مالك مسجداً ، وكانت في ذلك المسجد سارية ، في ما يزعمون ، لا تطلع الشمس عليها يوماً من الدهر إلا سمع لها نقيض ، فحاصرهم رسول الله صل الله عليه وسلم ، وقاتلهم قتالاً شديداً وتراموا بالنبل ‏.‏
 أول من رمى بالمنجنيق في الإسلام ‏:‏
قال ابن هشام ‏:‏ ورماهم رسول الله صل الله عليه وسلم بالمنجنيق ‏.‏
حدثني من أثق به ، أن رسول الله صل الله عليه وسلم أول من رمى في الإسلام بالمنجنيق ، رمى أهل الطائف ‏.‏


... يتبع


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في السبت 15 ديسمبر 2018, 9:51 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75783
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

غزوتا حنين والطائف...غزوة تبوك Empty
مُساهمةموضوع: رد: غزوتا حنين والطائف...غزوة تبوك   غزوتا حنين والطائف...غزوة تبوك Emptyالسبت 15 ديسمبر 2018, 9:46 pm

... تابع

غزوتا حنين والطائف



 يوم الشدخة ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ حتى إذا كان يوم الشدخة عند جدار الطائف ، دخل نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت دبابة ، ثم زحفوا إلى جدار الطائف ليخرقوه ، فأرسلت عليهم ثقيف سكك الحديد محماة بالنار ، فخرجوا من تحتها ، فرمتهم ثقيف بالنبل ، فقتلوا منهم رجالاً ، فأمر رسول الله صل الله عليه وسلم بقطع أعناب ثقيف ، فوقع الناس فيها يقطعون ‏.‏
 أبو سفيان بن حرب والمغيرة يتفاوضان مع ثقيف ‏:‏
وتقدم أبو سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة إلى الطائف ، فناد يا ثقيفاً ‏:‏ أن أمنونا حتى نكلمكم فأمنوهما ، فدعوا نساء من نساء من قريش وبني كنانة ليخرجن إليهما ، وهما يخافان عليهن السباء ، فأبين ، منهن آمنة بنت أبي سفيان ، كانت عند عروة بن مسعود ، له منها داود بن عروة ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏ ويقال إن أم داود ميمونة بنت أبي سفيان ، كانت عند أبي مرة بن عروة بن مسعود ، فولدت له داود بن مرة ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ والفراسية بنت سويد بن عمرو بن ثعلبة ، لها عبدالرحمن بن قارب ، والفقيمية أميمة بنت الناسي أمية بن قلع ؛ فلما أبين عليهما ، قال لهما ابن الأسود بن مسعود ‏:‏ يا أبا سفيان ويا مغيرة ، ألا أدلكما على خير مما جئتما له ، إن مال بني الأسود بن مسعود حيث قد علمتما ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين الطائف ، نازلا بواد يقال له العقيق ، ليس بالطائف مال أبعد رشاء ، ولا أشد مؤنة ، ولا أبعد عمارة من مال بني الأسود ، وإن محمداً إن قطعه لم يعمر أبداً ، فكلماه فليأخذ لنفسه ، أو ليدعه لله والرحم ، فإن بيننا وبينه من القرابة ما لا يجهل ؛ فزعموا أن رسول الله صل الله عليه وسلم تركه لهم ‏.‏
 أبو بكر يفسر رؤيا الرسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏
وقد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر الصديق ‏:‏ وهو محاصر ثقيفاً ‏:‏ يا أبا بكر ، إني رأيت أني أهديت لي قعبة مملوءة زبداً ، فنقرها ديك ، فهراق ما فيها ‏.‏ فقال أبو بكر ‏:‏ ما أظن أن تدرك منهم يومك هذا ما تريد ‏.‏ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ وأنا لا أرى ذلك ‏.‏
 ارتحال المسلمين عن الطائف ‏:‏
ثم إن خويلة بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص السلمية ، وهي امرأة عثمان ، قالت ‏:‏ يا رسول الله ، أعطني إن فتح الله عليك الطائف حلي بادية بنت غيلان بن مظعون بن سلمة ، أو حلي الفارعة بنت عقيل ، وكانتا من أحلى نساء ثقيف ‏.‏
فذكر لي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها ‏:‏ وإن كان لم يؤذن لي في ثقيف يا خويلة ‏؟‏ فخرجت خويلة ، فذكرت ذلك لعمر بن الخطاب ، فدخل على رسول الله صل الله عليه وسلم ، فقال يا رسول الله ‏:‏ ما حديث حدثتنيه خويلة ، زعمت أنك قتله ‏؟‏ قال ‏:‏ قد قلته ؛ قال ‏:‏ أو ما أذن لك فيهم يا رسول الله ‏؟‏ قال ‏:‏ لا ‏.‏ قال ‏:‏ أفلا أؤذن بالرحيل ‏؟‏ قال ‏:‏ بلى ‏.‏ قال ‏:‏ فأذن عمر بالرحيل ‏.‏
 عيينة بن حصن وما كان يرغب فيه من نساء ثقيف ‏:‏
فلما استقام الناس نادى سعيد بن عبيد بن أسيد بن أبي عمرو بن علاج ‏:‏ ألا إن الحي مقيم ‏.‏ قال ‏:‏ يقول عيينة بن حصن ‏:‏ أجل ، والله مجدة كراماً ؛ فقال له رجل من المسلمين ‏:‏ قاتلك الله يا عيينة ، أتمدح المشركين بالامتناع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد جئت تنصر رسول الله صل الله عليه وسلم ‏!‏
فقال ‏:‏ إني والله ما جئت لأقاتل ثقيفاً معكم ، ولكني أردت أن يفتح محمد الطائف ، فأصيب من ثقيف جارية أتطئها ، لعلها تلد لي رجلاً فإن ثقيفاً قوم مناكير ‏.‏
 عبيد الطائف ينزلون إلى المسلمين ‏:‏
ونزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في إقامته ممن كان محاصراً بالطائف عبيد ، فأسلموا ، فأعتقهم رسول الله صل الله عليه وسلم ‏.‏
 عتقاء ثقيف ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني من لا أتهم ، عن عبدالله بن مكدم ، عن رجال من ثقيف ، قالوا ‏:‏ لما أسلم أهل الطائف تكلم نفر منهم في أولئك العبيد ، فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ لا ، أولئك عتقاء الله ؛ وكان ممن تكلم فيهم الحارث بن كلدة ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏ وقد سمى ابن إسحاق من نزل من أولئك العبيد
الشهداء يوم الطائف ‏:‏ 
قال ابن إسحاق ‏:‏ وهذه تسمية من استشهد من المسلمين مع رسول الله صل الله عليه وسلم يوم الطائف ‏.‏
من قريش ‏:‏
من قريش ، ثم من بني أمية بن عبد شمس ‏:‏ سعيد بن سعيد بن العاص بن أمية ، وعرفطة بن جناب ، حليف لهم ، من الأسد بن الغوث ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏ ويقال ‏:‏ ابن حباب ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ ومن بني تيم بن مرة ‏:‏ عبدالله بن أبي بكر الصديق ، رمى بسهم ، فمات منه بالمدينة بعد وفاة رسول الله صل الله عليه وسلم ‏.‏
ومن بنى مخزوم ‏:‏ عبدالله بن أبي أمية بن المغيرة ، من رمية رميها يومئذ ‏.‏
ومن بني عدي بن كعب ‏:‏ عبدالله بن عامر بن ربيعة ، حليف لهم ‏.‏
ومن بني سهم بن عمرو ‏:‏ السائب بن الحارث بن قيس بن عدي ، وأخوه عبدالله بن الحارث ‏.‏
ومن بني سعد بن ليث ‏:‏ جليحة بن عبدالله ‏.‏
واستشهد من الأنصار ‏:‏ من بني سلمة ‏:‏ ثابت بن الجذع ‏.‏
ومن بني مازن بن النجار ‏:‏ الحارث بن سهل بن أبي صعصعة ‏.‏
ومن بني ساعدة ‏:‏ المنذر بن عبدالله ‏.‏
ومن الأوس ‏:‏ رقيم بن ثابت بن ثعلبة بن زيد بن لوذان بن معاوية ‏.‏
فجميع من استشهد بالطائف من أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم اثنا عشر رجلاً ، سبعة من قريش ، وأربعة من الأنصار ، ورجل من بني ليث
أبو سفيان بن حرب والمغيرة يتفاوضان مع ثقيف ‏:‏ 
أمر أموال هوازن وسباياها وعطايا المؤلفة قلوبهم منها وإنعام رسول الله صل الله عليه وسلم فيها ‏:‏
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انصرف عن الطائف على دحنا حتى نزل الجعرانة فيمن معه من الناس ، ومعه من هوازن سبي كثير ، وقد قال له رجل من أصحابه يوم ظعن عن ثقيف ‏:‏ يا رسول الله ادع عليهم فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ اللهم اهد ثقيفا وأت بهم ‏.‏
 وفد هوازن إلى الرسول ومفاوضته
ثم أتاه وفد هوازن بالجعرانة ، وكان مع رسول الله صل الله عليه وسلم من سبي هوازن ستة آلاف من الذراري والنساء ، ومن الإبل والشاء ما لا يدري ما عدته ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ فحدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبدالله بن عمرو ‏:‏ أن وفد هوازن أتوا رسول الله صل الله عليه وسلم وقد أسلموا ، فقالوا ‏:‏ يا رسول الله إنا أصل وعشيرة ، وقد أصابنا من البلاء ما لم يخف عليك ‏.‏ فامنن علينا ، من الله عليك ، قال ‏:‏ وقام رجل من هوازن ، ثم أحد بني سعد بن بكر ، يقال له زهير ، يكنى أبا صرد ، فقال ‏:‏ يا رسول الله إنما في الحظائر عماتك وخالاتك وحواضنك اللاتي كن يكفلنك ، ولو أنا ملحنا للحارث بن أبي شمر أو للنعمان بن المنذر ، ثم نزل منا بمثل الذي نزلت به ، رجونا عطفه وعائدته علينا ، وأنت خير المكفولين ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏ويروى ولو أنا مالحنا الحارث بن أبي شمر ، أو النعمان بن المنذر ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ فحدثني عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده عبدالله بن عمرو ، قال ‏:‏ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ أبناؤكم ونساؤكم أحب إليكم أم أموالكم ‏؟‏ ‏.‏
فقالوا ‏:‏ يا رسول الله خيرتنا بين أموالنا وأحسابنا ، بل ترد إلينا نساءنا وأبناءنا ، فهو أحب إلينا ، فقال لهم ‏:‏ أما ما كان ولبني عبدالمطلب فهو لكم ، وإذا ما أنا صليت الظهر ، بالناس فقوموا ‏:‏ فقولوا إنا نستشفع برسول الله إلى المسلمين ، وبالمسلمين إلى رسول الله في أبنائنا ونسائنا ، فسأعطيكم عند ذلك ، وأسأل لكم ‏.‏
فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس الظهر ، قاموا فتكلموا بالذي أمرهم به ، فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ وأما ما كان لي ولبني عبدالمطلب فهو لكم ‏.‏
فقال المهاجرون ‏:‏ وما كان لنا فهو لرسول الله صل الله عليه وسلم ‏.‏
وقالت الأنصار ‏:‏ وما كان لنا فهو لرسول الله صل الله عليه فقال الأقرع بن حابس ‏:‏ أما أنا وبنو تميم فلا ‏.‏ وقال عيينة بن حصن ‏:‏ أما أنا وبنو فزارة فلا ‏.‏ وقال عباس بن مرداس ‏:‏ أما أنا وبنو سليم فلا ‏.‏
فقالت بنو سليم ‏:‏ بلى ما كان لنا فهو لرسول الله صل الله عليه وسلم ‏.‏
قال ‏:‏ يقول ‏:‏ عباس بن مرداس لبني سليم وهنتموني ‏.‏
فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ أما من تمسك منكم بحقه من هذا السبي ، فله بكل إنسان ست فرائض من أول سبي أصيبه ، فردوا إلى الناس أبناءهم ونساءهم ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني أبو وجزة يزيد بن عبيد السعدي ، أن رسول الله صل الله عليه وسلم أعطى علي بن أبي طالب رضي الله عنه جارية يقال لها ريطة بنت هلال بن حيان بن عميرة بن هلال بن ناصرة بن قصية بن نصر ابن سعد بن بكر ، وأعطى عثمان بن عفان جارية ، يقال لها زينب بنت حيان بن عمرو بن حيان ، وأعطى عمر بن الخطاب جارية فوهبها لعبدالله بن عمر ابنه ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ فحدثني نافع مولى عبدالله بن عمر ، عن عبدالله بن عمر ، قال ‏:‏ بعثت بها إلى أخوالي من بني جمح ، ليصلحوا لي منها ويهيئوها ، حتى أطوف بالبيت ، ثم آتيهم وأنا أريد أن أصيبها إذا رجعت إليها ‏.‏
قال ‏:‏ فخرجت من المسجد حين فرغت ، فإذا الناس يشتدون ، فقلت ‏:‏ ما شأنكم ‏؟‏ قالوا ‏:‏ رد علينا رسول الله صل الله عليه وسلم نساءنا وأبناءنا ، فقلت ‏:‏ تلكم صاحبتكم في بني جمح ، فاذهبوا فخذوها ، فذهبوا إليها فأخذوها ‏.‏
 عيينة والعجوز التي أخذها
قال ابن إسحاق ‏:‏ وأما عيينة بن حصن فأخذ عجوزا من عجائز هوازن ، وقال حين أخذها ‏:‏ أرى عجوزا إني لأحسب لها في الحي نسبا ، وعسى أن يعظم فداؤها ‏.‏
فلما رد رسول الله صل الله عليه وسلم السبايا بست فرائض ، أبى أن يردها ، فقال له زهير أبو صرد ‏:‏ خذها عنك فوالله ما فوها ببارد ، ولا ثديها بناهد ، ولا بطنها بوالد ، ولا زوجها بواجد ، ولا درها بماكد ، فردها بست فرائض حين قال له زهير ما قال ؛ فزعموا أن عيينة لقي الأقرع بن حابس ، فشكا إليه ذلك ، فقال ‏:‏ إنك والله ما أخذتها بيضاء غزيرة ولا نصفا وثيرة
 أمر مالك بن عوف وإسلامه وشعره في ذلك 
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لوفد هوازن ، وسألهم عن مالك بن عوف ما فعل ‏؟‏ فقالوا ‏:‏ هو بالطائف مع ثقيف ، فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ أخبروا مالكا أنه إن أتاني مسلما رددت عليه أهله وماله ‏.‏ وأعطيته مائة من الإبل ‏.‏
فأتى مالك بذلك فخرج إليه من الطائف وقد كان مالك خاف ثقيفا على نفسه أن يعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له ما قال ، فيحبسوه ، فأمر براحلته فهيئت له ، وأمر بفرس له ، فأتى به إلى الطائف ، فخرج ليلاً ، فجلس على فرسه ، فركضه حتى أتى راحلته حيث أمر بها أن تحبس ، فركبها فلحق برسول الله صل الله عليه وسلم فأدركه بالجعرانة أو بمكة ، فرد عليه أهله وماله وأعطاه مائة من الإبل ، وأسلم فحسن إسلامه ؛ فقال مالك بن عوف حين أسلم ‏:‏
ما إن رأيت ولا سمعت بمثله * في الناس كلهم بمثل محمد
أوفى وأعطى للجزيل إذا اجتدى * ومتى تشأ يخبرك عما في غد
وإذا الكتيبة عردت أنيابها * بالسمهري وضرب كل مهند
فكأنه ليث على أشباله * وسط الهباءة خادر في مرصد
فاستعمله رسول الله صل الله عليه وسلم على من أسلم من قومه ، وتلك القبائل ‏:‏ ثمالة ، وسلمة ، وفهم ، فكان يقاتل بهم ثقيفا ، لا يخرج لهم سرح إلا أغار عليه ، حتى ضيق عليهم ؛ فقال أبو محجن بن حبيب بن عمرو بن عمير الثقفي ‏:‏
هابت الأعداء جانبنا * ثم تغزونا بنو سلمة
وأتانا مالك بهم * ناقضا للعهد والحرمة
وأتونا في منازلنا * ولقد كنا أولى نقمه
 تقسيم الفيء
قال ابن إسحاق ‏:‏ ولما فرغ رسول الله صل الله عليه وسلم من رد سبايا حنين إلى أهلها ، ركب واتبعه الناس يقولون ‏:‏ يا رسول الله ، اقسم علينا فيئنا من الإبل والغنم ، حتى ألجئوه إلى شجرة ، فاختطفت عنه رداءه ؛ فقال ‏:‏ أدوا علي ردائي أيها الناس ، فوالله أن لو كان لكم بعدد شجر تهامة نعما لقسمته عليكم ، ثم ما ألفيتموني بخيلاً ولا جباناً ولا كذاباً ، ثم قام إلى جنب بعير ، فأخذ وبرة من سنامه ، فجعلها بين إصبعيه ، ثم رفعها ثم قال ‏:‏
أيها الناس ، والله مالي من فيئكم ولا هذه الوبرة إلا الخمس ، والخمس مردود عليكم ، فأدوا الخياط والمخيط ، فإن الغلول يكون على أهله عاراً وناراً وشناراً يوم القيامة ‏.‏
قال ‏:‏ فجاء رجل من الأنصار بكبة من خيط شعر ، فقال ‏:‏ يا رسول الله أخذت هذه الكبة أعمل بها برذعة بعير لي دبر ، فقال ‏:‏أما نصيبي منها فلك قال ‏:‏ أما إذا بلغت هذا فلا حاجة لي بها ، ثم طرحها من يده ‏.‏
 لا غلول في المغنم
قال ابن هشام ‏:‏وذكر زيد بن أسلم عن أبيه ‏:‏
أن عقيل بن أبي طالب دخل يوم حنين على امرأته فاطمة بنت شيبة بن ربيعة ، وسيفه متلطخ دماً ، فقالت ‏:‏ إني قد عرفت أنك قد قاتلت ، فماذا أصبت من غنائم المشركين ‏؟‏ فقال ‏:‏ دونك هذه الإبرة تخيطين بها ثيابك ، فدفعها إليها ، فسمع منادي رسول الله صل الله عليه وسلم يقول ‏:‏ من أخذ شيئا فليرده ، حتى الخياط والمخيط ‏.‏
فرجع عقيل ، فقال ‏:‏ ما أرى إبرتك إلا قد ذهبت ، فأخذها فألقاها في الغنائم ‏.‏
 إعطاء النبي المؤلفة قلوبهم من الغنائم
قال ابن إسحاق ‏:‏ وأعطى رسول الله صل الله عليه وسلم المؤلفة قلوبهم ، وكانوا أشرافاً من أشراف الناس ، يتألفهم ويتألف بهم قومهم ، فأعطى أبا سفيان بن حرب مائة بعير ، وأعطى ابنه معاوية مائة بعير ، وأعطى حكيم بن حزام مائة بعير ، وأعطى الحارث بن الحارث بن كلدة أخا بني عبدالدار مائة بعير ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏نصير بن الحارث بن كلدة ويجوز أن يكون اسمه الحارث أيضاً ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وأعطى الحارث بن هشام مائة بعير ، وأعطى سهيل ابن عمرو مائة بعير ، وأعطى حويطب بن عبدالعزى بن أبي قيس مائة بعير ، وأعطى العلاء بن جارية الثقفي حليف بني زهرة مائة بعير ، وأعطى عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر مائة بعير ،وأعطى الأقرع بن حابس التميمي مائة بعير ،وأعطى مالك بن عوف النصري مائة بعير ، وأعطى صفوان بن أمية مائة بعير ، فهؤلاء أصحاب المئين ‏.‏
وأعطى دون المائة رجالا من قريش ، منهم مخرمة بن نوفل الزهري ، وعمير بن وهب الجمحي ، وهشام بن عمرو أخو بني عامر بن لؤي ، لا أحفظ ما أعطاهم ، وقد عرفت أنها دون المائة ، وأعطى سعيد بن يربوع ابن عنكشة بن عامر بن مخزوم خمسين من الإبل ، وأعطى السهمي خمسين من الإبل ،
قال ابن هشام ‏:‏واسمه عدي بن قيس
 شعر عباس بن مرداس يستصغر ما أعطى 
قال ابن هشام ‏:‏وأعطى عباس بن مرداس أباعر ، فسخطها فعاتب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال عباس بن مرداس يعاتب رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏
كانت نهابا تلافيتها * بكري على المهر في الأجرع
وإيقاظي القوم أن يرقدوا * إذا هجع الناس لم أهجع
فأصبح نهبي ونهب العبيد * بين عيينة والأقرع
وقد كنت في الحرب ذا تدْرَإ * فلم أعط شيا ولم أمنع
إلا أفائل أعكيتها * عديد قوائمها الأربع
وما كان حصن ولا حابس * يفوقان شيخي في المجتمع
وما كنت دون امرئ منهما * ومن تضع اليوم لا يرفع
قال ابن هشام ‏:‏أنشدني يونس النحوي ‏.‏
فما كان حصن ولا حابس * يفوقان مرداس في المجتمع
 إرضاء الرسول له
قال ابن إسحاق ‏:‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ اذهبوا به فاقطعوا عني لسانه ، فأعطوه حتى رضي ‏.‏ فكان ذلك قطع لسانه الذي أمر به رسول الله صل الله عليه وسلم ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏وحدثني بعض أهل العلم ‏:‏
أن عباس بن مرداس أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ أنت القائل ‏:‏
فأصبح نهبي ونهب العبيـ * ـد بين الأقرع وعيينة
فقال أبو بكر الصديق ‏:‏ بين عيينة والأقرع ؛ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ هما واحد ، فقال أبو بكر ‏:‏ أشهد أنك كما قال الله‏:‏ ‏(‏ وما علمناه الشعر وما ينبغي له ‏)‏ ‏.

توزيع غنائم حنين على المبايعين من قريش ‏:‏ 
قال ابن هشام ‏:‏وحدثني من أثق به من أهل العلم في استشهاد له عن ابن شهاب الزهري ، عن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة ، عن ابن عباس ، قال ‏:‏ بايع رسول الله صل الله عليه وسلم من قريش وغيرهم ، فأعطاهم يوم الجعرانة من غنائم حنين ‏.‏
من بني أمية بن عبد شمس ‏:‏ أبو سفيان بن حرب بن أمية ، وطليق بن سفيان بن أمية ، وخالد بن أسد بن أبي العيص بن أمية ‏.‏
ومن بني عبدالدار بن قصي ‏:‏ شيبة بن عثمان بن أبي طلح بن عبد أتعزى بن عثمان بن عبدالدار ، وأبو السنابل بن أعكك بن الحارث بن عميلة بن السباق ، بن عبدالدار وعكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف ابن عبدالدار ‏.‏
ومن بني مخزوم بن يقظة ‏:‏ زهير بن أبي أمية بن المغيرة ، والحارث بن هشام بن المغيرة ، وخالد بن هشام بن المغيرة ، وهشام بن الوليد بن المغيرة ، وسفيان بن الأسد بن عبدالله بن عمر بن مخزوم ، والسائب بن أبي السائب بن عائذ بن عبدالله بن عمر بن مخزوم ‏.‏
ومن بني عدي بن كعب ‏:‏ مطيع بن الأسود بن حارثة بن نضلة ، وأبو جهم بن حذيفة بن غانم ‏.‏
ومن بني جمح بن عمرو ‏:‏ صفوان بن أمية بن خلف ، وأحيحة بن أمية ابن خلف ، وعمير بن وهب بن خلف ‏.‏
ومن بني سهم ‏:‏ عدي بن قيس بن حذافة ‏.‏
ومن بني عمر بن لؤي ‏:‏ حويطب بن عبدالعزى بن أبي قيس بن عبد ود ، وهشام بن عمرو بن ربيعة بن الحارث بن حبيب ‏.‏
 ما أعطاه لرجال من أفناء القبائل ‏:‏
ومن أفناء القبائل ‏:‏ من بني بكر بن مناة بن كنانة ‏:‏ نوفل بن معاوية بن عروة بن صخر بن رزن بن يعمر بن نفاثة بن عدي بن الديل ‏.‏
ومن بني قيس ، ثم من بني عامر بن صعصعة ، ثم من بني كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ‏:‏ علقمة بن علاثة بن عوف بن الأحوص بن جعفر بن كلاب ، ولبيد بن ربيعة بن مالك بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب ‏.‏
ومن بني عامر بن ربيعة ‏:‏ خالد بن هوذة بن ربيعة بن عمرو بن ربيعة ابن عامر بن صعصعة ، وحرملة بن هوذة بن ربيعة بن عمرو ‏.‏
ومن بني نصر بن معاوية مالك بن عوف بن سعيد بن يربوع
ومن بني سليم بن منصور ‏:‏ عباس بن مرداس بن أبي عامر ، أخو بني الحارث بن بهثة بن سليم ‏.‏
ومن بني غطفان ، ثم من بني فزارة ‏:‏ عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر ‏.‏
ومن بني تميم ثم من بني حنظلة ‏:‏ الأقرع بن حابس بن عقال ، من بني مجاشع بن دارم ‏.‏
لماذا لم يعط جعيل بن سراقة ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ‏:‏
أن قائلاً قال لرسول الله صل الله عليه وسلم من أصحابه ‏:‏ يا رسول الله ، أعطيت عيينة بن حصن ، والأقرع بن حابس مائة مائة ، وتركت جعيل بن سراقة الضمري ‏!‏
فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ أما والذي نفس محمد بيده لجعيل بن سراقة خير من طلاع الأرض ، كلهم مثل عيينة بن حصن والأقرع بن حابس ، ولكني تألفتهما ، ووكلت جعيل بن سراقة إلى إسلامه ‏.‏
 اعتراض ذي الخويصرة المنافق على قسمته صل الله عليه وسلم ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر ، عن مقسم أبي القاسم ، مولى عبدالله بن الحارث بن نوفل ، قال ‏:‏
خرجت أنا وتليد بن كلاب الليثي ، حتى أتينا عبدالله بن عمرو بن العاص وهو يطوف بالبيت معلقا نعله بيده ، فقلنا له هل حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كلمه التميمي يوم حنين ‏؟‏ قال ‏:‏ نعم ، جاء رجل من بني تميم ، يقال له ذو الخويصرة ، فوقف عليه وهو يعطي الناس ، فقال ‏:‏ يا محمد قد رأيت ما صنعت في هذا اليوم ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ أجل فكيف رأيت ‏؟‏ فقال ‏:‏ لم أرك عدلت ، فغضب النبي صل الله عليه وسلم ثم قال ‏:‏ ويحك إذا لم يكن العدل عندي فعند من يكون ‏!‏
فقال عمر بن الخطاب ‏:‏ يا رسول الله ألا أقتله ‏؟‏ فقال ‏:‏ لا دعه فإنه سيكون له شيعة يتعمقون في الدين ، حتى يخرجوا منه كما يخرج السهم من الرمية ينظر في النصل ، فلا يوجد شيء ، ثم في القدح ، فلا يوجد شيء ،ثم في القدح ، فلا يوجد شيء ثم في الفوق ، فلا يوجد شيء سبق الفرث والدم ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني محمد بن علي بن الحسين أبو جعفر بمثل حديث أبي عبيدة ، وسماه ذا الخويصرة ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني عبدالله بن أبي نجيح عن أبيه ، بمثل ذلك
 وجد الأنصار من حرمانهم واسترضاء رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ 
قال ابن هشام ‏:‏حدثني زياد بن عبدالله ،قال ‏:‏ حدثنا ابن إسحاق قال ‏:‏ وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة ، عن محمود بن لبيد ، عن أبي سعيد الخدري قال ‏:‏
لما أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطى من تلك العطايا ، في قريش وفي قبائل العرب ، ولم يكن في الأنصار منها شيء ، وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم ، حتى كثرت منهم القالة حتى قال قائلهم ‏:‏ لقي والله رسول الله صل الله عليه وسلم قومه ‏.‏
 عتاب النبي صل الله عليه وسلم للأنصار ‏:‏
فدخل عليه سعد بن عبادة ، فقال ‏:‏ يا رسول الله ، إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم ، لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت ، قسمت في قومك ، وأعطيت عطايا عظاما في قبائل العرب ، ولم يكن في هذا الحي من الأنصار منها شيء ‏.‏
قال ‏:‏ فأين أنت من ذلك يا سعد ‏؟‏ قال ‏:‏ يا رسول الله ، ما أنا إلا من قومي ‏.‏ قال ‏:‏ فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة ‏.‏
قال ‏:‏ فخرج سعد ، فجمع الأنصار في تلك الحظيرة ‏.‏ فجاء رجال من المهاجرين فتركهم ، فدخلوا ، وجاء آخرون فردهم ‏.‏
فلما اجتمعوا له أتاه سعد ، فقال ‏:‏ قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار ، فأتاهم رسول الله صل الله عليه وسلم ، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال ‏:‏
يا معشر الأنصار ، ما قاله بلغني عنكم ، وجدة وجدتموها علي في أنفسكم ‏؟‏ ألم آتكم ضلالاً فهداكم الله ، وعالة فأغناكم الله ، وأعداء فألف الله بين قلوبكم ‏!‏
قالوا ‏:‏ بلى ، الله ورسوله أمن وأفضل ‏.‏
ثم قال ‏:‏ ألا تجيبونني يا معشر الأنصار ‏؟‏
قالوا ‏:‏ بماذا نجيبك يا رسول الله ‏؟‏ الله ولرسوله المن والفضل ‏.‏
قال صل الله عليه وسلم ‏:‏ أما والله لو شئتم لقلتم ، فلصدقتم ولصدقتم ‏:‏ أتيتنا مكذباً فصدقناك ، ومخذولاً فنصرناك ، وطريداً فآويناك وعائلاً فآسيناك ، أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا ، ووكلتكم إلى إسلامكم ‏.‏
ألا ترضون يا معشر الأنصار ، أن يذهب الناس بالشاة والبعير ، وترجعوا برسول الله إلى رحالكم ‏؟‏ فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ، ولو سلك الناس شعباً وسلكت الأنصار شعبا ، لسلكت شعب الأنصار ‏.‏ اللهم ارحم الأنصار ، وأبناء الأنصار ، وأبناء أبناء الأنصار ‏.‏
قال ‏:‏ فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم ، وقالوا رضينا برسول الله قسماً وحظاً ثم انصرف رسول الله صل الله عليه وسلم ، وتفرقوا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75783
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

غزوتا حنين والطائف...غزوة تبوك Empty
مُساهمةموضوع: رد: غزوتا حنين والطائف...غزوة تبوك   غزوتا حنين والطائف...غزوة تبوك Emptyالسبت 15 ديسمبر 2018, 9:47 pm

عمرة الرسول من الجعرانة


عمرة الرسول من الجعرانة واستخلافه عتاب بن أسيد على مكة وحج عتاب بالمسلمين سنة ثماني
 اعتمار الرسول واستخلافه ابن أسيد على مكة
قال ابن إسحاق ‏:‏ ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة معتمراً ، وأمر ببقايا الفيء فحبس بمجنة ، بناحية مر الظهران ، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمرته انصرف راجعاً إلى المدينة ، واستخلف عتاب بن أسيد على مكة ، وخلف معه معاذ بن جبل ، يفقه الناس في الدين ، ويعلمهم القرآن ، واتبع رسول الله صل الله عليه وسلم ببقايا الفيء ‏.‏
 رزق عتاب بن أسيد والي مكة
قال ابن هشام ‏:‏وبلغني عن زيد بن أسلم أنه قال ‏:‏
لما استعمل النبي صل الله عليه وسلم عتاب بن أسيد على مكة رزقه كل يوم درهماً ، فقام فخطب الناس ، فقال ‏:‏
أيها الناس أجاع الله كبد من جاع على درهم ، فقد رزقني رسول الله صل الله عليه وسلم درهماً كل يوم فليست بي حاجة إلى أحد ‏.‏
 زمان هذه العمرة
قال ابن إسحاق ‏:‏ وكانت عمرة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة ، فقدم رسول الله صل الله عليه وسلم المدينة في بقية ذي القعدة أو ذي الحجة ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏وقدم رسول الله صل الله عليه وسلم المدينة لست ليال بقين من ذي القعدة فيما زعم أبو عمرو المدني ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحج الناس تلك السنة على ما كانت العرب تحج عليه ، وحج بالمسلمين تلك السنة عتاب بن أسيد ، وهي سنة ثمان ، وأقام أهل الطائف على شركهم وامتناعهم في طائفهم ، ما بين ذي القعدة إذ انصرف رسول الله صل الله عليه وسلم إلى شهر رمضان من سنة تسع ‏.‏
 أمر كعب بن زهير بعد الانصراف عن الطائف
 تخويف بجير على أخيه كعب ونصيحته له ‏:‏
ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من منصرفه عن الطائف كتب بجير بن زهير بن أبي سلمى إلى أخيه بن زهير يخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل رجالا بمكة ، ممن كان يهجوه ويؤذيه ، وأن من بقي من شعراء قريش ابن الزبعرى وهبيرة بن أبي وهب ، قد هربوا في كل وجه ، فإن كانت لك في نفسك حاجة ، فطر إلى رسول الله صل الله عليه وسلم ، فإنه لا يقتل أحداً جاءه تائباً ، وإن أنت لم تفعل فانج إلى نجائك من الأرض ؛ وكان كعب بن زهير قد قال ‏:‏
ألا أبلغا عني بجيرا رسالة * فهل لك فيما قلت ويحك هل لكا
فبين لنا إن كنت لست بفاعل * على أي شيء غير ذلك دلكا
على خلق لم ألف يوما أبا له * عليه وما تلفي عليه أبا لكا
فإن أنت لم تفعل فلست بآسف * ولا قائل إما عثرت لعالكا
سقاك بها المأمون كأسا روية * فأنهلك المأمون منها وعلكا
قال ابن هشام ‏:‏ويروي ‏(‏ المأمور ‏)‏ ‏.‏ وقوله ‏(‏ فبين لنا ‏)‏ عن غير ابن إسحاق ‏.‏
و أنشدني بعض أهل العلم بالشعر وحديثه ‏:‏
من مبلغ عني بجيرا رسالة * فهل لك فيما قلت بالخيف هل لكا
شربت مع المأمون كأسا روية * فأنهلك المأمون منها وعلكا
وخالفت أسباب الهدى واتبعته * على أي شيء ويب غيرك دلكا
على خلق لم تلف أما ولا أبا * عليه ولم تدرك عليه أخا لكا
فإن أنت لم تفعل فلست بآسف * ولا قائل إما عثرت لعا لكا
قال ‏:‏ وبعث بها إلى بجير ، فلما أتت يجيرا كره أن يكتمها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنشده إياها فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ لما سمع ‏(‏ سقاك بها المأمون ‏)‏ صدق وإنه لكذوب ، أنا المأمون ‏.‏ ولما سمع ‏(‏ على خلق لم تلف أما ولا أبا عليه ‏)‏ قال ‏:‏ أجل لم يلف عليه أباه ولا أمه ‏.‏
ثم قال بجير لكعب ‏:‏
من مبلغ كعبا فهل لك في التي * تلوم عليها باطلا وهي أحزم
إلى الله لا العزى ولا اللات وحده * فتنجوا إذا كان النجاء وتسلم
لدى يوم ينجو وليس بمفلت * من الناس إلا طاهر القلب مسلم
فدين زهير وهو لا شيء دينه * ودين أبي سلمى علي محرم
قال ابن إسحاق ‏:‏ وإنما يقول كعب ‏:‏ ‏(‏ المأمون ‏)‏ ويقال ‏:‏ ‏(‏ المأمور ‏)‏ في قول ابن هشام ، لقول قريش الذي كانت تقول لرسول الله صل الله عليه وسلم

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75783
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

غزوتا حنين والطائف...غزوة تبوك Empty
مُساهمةموضوع: رد: غزوتا حنين والطائف...غزوة تبوك   غزوتا حنين والطائف...غزوة تبوك Emptyالسبت 15 ديسمبر 2018, 9:49 pm

غزوة تبوك


غزوة تبوك في رجب سنة تسع
 التهيؤ للغزو ‏:‏
قال ‏:‏ حدثنا أبو محمد عبدالملك بن هشام قال زياد بن عبدالله البكائي ، عن محمد بن إسحاق المطلبي ، قال ‏:‏
ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ما بين ذي الحجة إلى رجب ثم أمر الناس بالتهيؤ لغزو الروم ‏.‏ وقد ذكر لنا الزهري ويزيد بن رومان وعبدالله بن أبي بكر وعاصم بن عمر بن قتادة وغيرهم من علمائنا ، كل حدث في غزوة تبوك ما بلغه عنها ، وبعض القوم يحدث ما لا يحدث ‏:‏ بعض أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بالتهيؤ لغزو الروم ، وذلك في زمان من عسرة الناس ، وشدة من الحر ، وجدب من البلاد ، وحين طابت الثمار ، والناس يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم ، ويكرهون الشخوص على الحال من الزمان الذي هم عليه ؛ وكان رسول الله صل الله عليه وسلم قلما يخرج في غزوة إلاكنى عنها ، وأخبر أنه يريد غير الوجه الذي يصمد له ، إلا ما كان من غزوة تبوك ، فإنه بينها للناس ، لبعد الشقة ، وشدة الزمان ، وكثرة العدو الذي يصمد له ، ليتأهب الناس لذلك أهبته ، فأمر الناس بالجهاز وأخبرهم أنه يريد الروم ‏.‏
 ائذن لي ولا تفتني
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو في جهازه ذلك للجد بن قيس أحد بني سلمة ‏:‏ يا جد ، هل لك العام في جلاد بني الأصفر ‏؟‏ فقال ‏:‏ يا رسول الله ، أو تأذن لي ولا تفتني فوالله لقد عرف قومي أنه ما من رجل بأشد عجبا بالنساء مني ، وإني أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر أن لا أصبر ، فأعرض عنه رسول الله صل الله عليه وسلم وقال ‏:‏ قد أذنت لك ‏.‏
ففي الجد بن قيس نزلت هذه الآية‏:‏ ‏(‏ ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ‏)‏‏.‏ أي ‏:‏ إن كان إنما خشي الفتنة من نساء بني الأصفر ، وليس ذلك به فما سقط فيه من الفتنة أكبر ، بتخلفه عن رسول الله صل الله عليه وسلم ، والرغبة بنفسه عن نفسه ، يقول تعالى ‏:‏ وإن جهنم لمن ورائه ‏.‏
 شأن المنافقين ‏:‏
وقال قوم من المنافقين بعضهم لبعض ‏:‏ لا تنفروا في الحر ، زهادة في الجهاد ، وشكا في الحق ، وإرجافا برسول الله صل الله عليه وسلم ، فأنزل الله تبارك وتعالى فيهم ‏:‏ ‏(‏ وقالوا لا تنفروا في الحر ، قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون ‏.‏ فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون ‏)‏ ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏وحدثني الثقة عمن حدثه عن محمد بن طلحة بن عبدالرحمن ، عن إسحاق بن إبراهيم بن عبدالله بن حارثة عن ، أبيه عن جده ، قال ‏:‏
بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ناسا من المنافقين يجتمعون في بيت سويلم اليهودي ، وكان بيته عند جاسوم ، يثبطون الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، فبعث إليهم النبي صل الله عليه وسلم طلحة بن عبيد الله في نفر من أصحابه ، وأمره أن يحرق عليهم بيت سويلم ، ففعل طلحة فاقتحم الضحاك بن خلفة من ظهر البيت ، فانكسرت رجله ، واقتحم أصحابه فافلتوا ‏.‏ فقال الضحاك في ذلك ‏:‏
كادت وبيت الله نار محمد * يشيط بها الضحاك وابن أبيرق
وظلت وقد طبقت كبس سويلم * أنوء على رجلي كسيرا ومرفقي
سلام عليكم لا أعود لمثلها * أخاف ومن تشمل به النار يحرق
 حض الأغنياء على النفقة
قال ابن إسحاق ‏:‏ ثم إن رسول الله صل الله عليه وسلم جد في سفره ، وأمر الناس بالجهاز والانكماش ، وحض أهل الغنى على النفقة والحملان في سبيل الله ، فحمل رجال من أهل الغنى واحتسبوا ، وأنفق عثمان بن عفان في ذلك نفقة عظيمة ، لم ينفق أحد مثلها ‏.‏
 ما أنفقه عثمان ‏:‏
قال ابن هشام ‏:‏حدثني من أثق به ‏:‏
أن عثمان ابن عفان أنفق في جيش العسرة في غزوة تبوك ألف دينار ،فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ اللهم أرض عن عثمان فإني عنه راض ‏.‏
 البكاءون والمعذرون والمخلفون ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ ثم إن رجالا من المسلمين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم البكاءون ، وهم سبعة نفر من الأنصار وغيرهم من بني عمرو بن عوف ‏:‏ سالم بن عمير ، وعلبة بن زيد أخو بن حارثة ، وأبو ليلى عبدالرحمن بن كعب ، وأخو بني مازن بن النجار ، وعمرو بن حمام بن الجموح ، أخو بني سلمة ، عبدالله بن المغفل المزني ، - وبعض الناس يقول ‏:‏ بل هو عبدالله بن عمرو المزني - وهرمي بن عبدالله أخو بني واقف ، وعرباض بن سارية الفزاري ، فاستحملوا رسول الله صل الله عليه وسلم ، وكانوا أهل حاجة ، فقال ‏:‏ لا أجد ما أحملكم عليه ‏.‏ فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً ألا يجدوا ما ينفقون ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏
فبلغني أن ابن يامين بن عمر بن كعب النضري لقي أبا ليلى عبدالرحمن بن كعب وعبدالله بن مغفل وهما يبكيان ، فقال ‏:‏ ما يبكيكما ‏؟‏ قالا ‏:‏ جئنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحملنا فلم نجد عنده ما يحملنا عليه ، وليس عندنا ما نتقوى به على الخروج معه ؛ فأعطاهما ناضجا له فارتحلاه ، وزودهما شيئا من تمر ، فخرجا مع رسول الله صل الله عليه وسلم ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وجاءه المعذرون من الأعراب ، فاعتذروا إليه فلم يعذرهم الله تعالى ، وقد ذكر لي أنهم نفر من بني غفار ‏.‏
ثم استتب برسول الله صلى الله عليه وسلم سفره ، وأجمع السير وقد كان نفر من المسلمين أبطأت بهم النية عن رسول الله صل الله عليه وسلم ، حتى تخلفوا عنه عن غير شك ولا ارتياب ؛ منهم كعب بن مالك بن أبي كعب ، أخو بني سلمة ، ومرارة بن الربيع ، أخو بني عمرو بن عوف ، وهلال بن أمية ، أخو بن واقف ، وأبو خيثمة ، أخو بني سالم بن عوف ، وكانوا نفر صدق ، لا يتهمون في إسلامهم ‏.‏
فلما خرج رسول الله صل الله عليه وسلم ضرب عسكره على ثنية الوداع ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏واستعمل على المدينة محمد بن مسلمة الأنصاري ‏.‏
وذكر عبدالعزيز بن محمد الدراوردي عن أبيه ‏:‏
أن رسول الله صل الله عليه وسلم استعمل على المدينة ، مخرجه إلى تبوك ، سباع بن عرفطة ‏.‏
 تخلف المنافقين عن تبوك ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وضرب عبدالله ابن أبي معه على حدة عسكره أسفل منه نحو ذباب ، وكان فيما يزعمون ليس بأقل العسكرين ‏.‏
فلما سار رسول الله صل الله عليه وسلم تخلف عنه عبدالله بن أبي ‏.‏ فيمن تخلف من المنافقين وأهل الريب ‏.‏
 المنافقون يرجفون بعلي
وخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضوان الله عليه ، إلى أهله وأمره بالإقامة فيهم فأرجف به المنافقون ،وقالوا ‏:‏ ما خلفه إلا استثقالا له ، وتخففا منه ، فلما قال ذلك المنافقون ‏:‏ أخذ علي بن أبي طالب رضوان الله عليه سلاحه ، ثم خرج حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نازل بالجرف ، فقال ‏:‏ يا نبي الله زعم المنافقون انك إنما خلفتني أنك استثقلتني ، وتخففت مني ؛ فقال ‏:‏ كذبوا ‏.‏ ولكني خلفتك لما تركت ورائي ، فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك ، أفلا ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي ، فرجع علي إلى المدينة ومضى رسول الله صل الله عليه وسلم على سفره ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة عن إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه سعد ‏:‏
أنه سمع رسول الله صل الله عليه وسلم يقول لعلي هذه المقالة ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ ثم رجع المدينة ومضى رسول الله صل الله عليه وسلم على سفره ‏.‏
 أبو خيثمة وعمير بن وهب يلحقان بالرسول
ثم إن أبا خيثمة رجع بعد أن سار رسول الله صلى الله عليه وسلم أياماً إلى أهله في يوم حار ، فوجد امرأتين له في عريشين لهما في حائطه ، قد رشت كل واحدة منهما عريشها ، وبردت له فيه ماء ، وهيأت له فيه طعاما ، فلما دخل قام على باب العريش ، فنظر إلى امرأتيه وما صنعتا له ، فقال ‏:‏ رسول الله صل الله عليه وسلم في الضح والريح والحر ، وأبو خيثمة في ظل بارد ، وطعام مهيأ ، وامرأة حسناء ، في ماله مقيم ، ما هذا بالنصف ‏.‏
ثم قال والله لا أدخل عريش واحدة منكما حتى ألحق برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهيئا لي زادا ، ففعلتا ‏.‏ ثم قدم ناضحه فارتحله ثم خرج في طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى أدركه حين نزل بتبوك ، وقد كان أدرك أبا خيثمة عمير بن وهب الجمحي في الطريق ، يطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم فترافقا ، حتى إذا دنوا من تبوك ، قال أبو خيثمة لعمير بن وهب ‏:‏ إن لي ذنباً ، فلا عليك أن تخلف عني حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعل ، حتى إذا دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نازل بتبوك ، قال الناس ‏:‏ هذا راكب على الطريق مقبل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ كن أبا خيثمة ؛ فقالوا ‏:‏ يا رسول الله ، هو والله أبو خيثمة ، فلما أناخ أقبل فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ أولى لك يا أبا خيثمة ‏.‏ ثم أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر ‏.‏ فقال له رسول الله صل الله عليه وسلم خيراً ، ودعا له بخير ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏وقال أبو خيثمة في ذلك شعراً ، واسمه مالك بن قيس ‏:‏
لما رأيت الناس في الدين نافقوا * أتيت التي كانت أعف وأكرما
وبايعت باليمنى يدي لمحمد * فلم أكتسب إثما ولم أغش محرما
تركت خضيبا في العريش وصرمة * صفايا كراما بسرها قد تحمما
وكنت إذا شك المنافق أسمحت * إلى الدين نفسي شطره حيث يمما
 ما حدث بالحجر
قال ابن إسحاق ‏:‏
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مر بالحجر نزلها ، واستقى الناس من بئرها ‏.‏ فلما راحوا قال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ لا تشربوا من مائها شيئا ، ولا تتوضئوا منه للصلاة ، وما كان من عجين عجنتموه فاعلفوه الإبل ، ولا تأكلوا منه شيئا ، ولا يخرجن أحد منكم الليلة إلا ومعه صاحب له ‏.‏
ففعل الناس ما أمرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن رجلين من بني ساعدة خرج أحدهما لحاجته ، وخرج الآخر في طلب بعير له ، فأما الذي ذهب لحاجته فإنه خنق على مذهبه ؛ وأما الذي ذهب في طلب بعيره فاحتملته الريح حتى طرحته بجبلي طيئ ‏.‏فأخبر بذلك رسول الله صل الله عليه وسلم فقال ‏:‏
ألم أنهكم أن يخرج منكم أحد إلا ومعه صاحبه ، ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم للذي أصيب على مذهبه فشفي ، وأما الآخر الذي وقع بجبلي طيئ ، فإن طيئا أهدته لرسول الله صل الله عليه وسلم حين قدم المدينة ‏.‏
والحديث عن الرجلين عن عبدالله بن أبي بكر ، عن عباس بن سهل بن سعد الساعدي ، وقد حدثني عبدالله بن أبي بكر أن قد سمى له العباس الرجلين ، ولكنه استودعه إياهما ،فأبى عبدالله أن يسميهما لي ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏بلغني عن الزهري أنه قال ‏:‏
لما مر رسول الله صل الله عليه وسلم بالحجر سجى ثوبه على وجهه ، واستحث راحلته ، ثم قال ‏:‏ لا تدخلوا بيوت الذين ظلموا إلا وأنتم باكون ، خوفاً أن يصيبكم مثل ما أصابهم ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏
فلما أصبح الناس ولا ماء معهم شكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدعا رسول الله صل الله عليه وسلم فأرسل الله سبحانه سحابة ، فأمطرت حتى ارتوى الناس ، واحتملوا حاجتهم من الماء ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة ، عن محمود بن لبيد ، عن رجال من بني عبدالأشهل ، قال ‏:‏ قلت لمحمود ‏:‏
هل كان الناس يعرفون النفاق فيهم ‏؟‏ قال ‏:‏ نعم ، والله إن كان الرجل ليعرفه من أخيه ومن أبيه ومن عمه وفي عشيرته ، ثم يلبس بعضهم بعضا على ذلك ، ثم قال محمود ‏:‏ لقد أخبرني رجال من قومي عن رجل من المنافقين معروف نفاقه ، كان يسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث سار ، فلما كان من أمر الناس بالحجر ما كان ، ودعا رسول الله صل الله عليه وسلم حين دعا ، فأرسل الله السحابة فأمطرت حتى ارتوى الناس ، قالوا ‏:‏ أقبلنا عليه نقول ‏:‏ ويحك ‏.‏ هل بعد هذا شيء ‏!‏ قال ‏:‏ سحابة مارة ‏.‏
تقول ابن اللصيت
قال ابن إسحاق ‏:‏
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سار حتى إذا كان ببعض الطريق ضلت ناقته ، فخرج أصحابه في طلبها ، وعند رسول الله صل الله عليه وسلم رجل من أصحابه ، يقال له عمارة بن حزم ، وكان عقبياً بدرياً ، وهو عم بني عمرو بن حزم وكان في رحله زيد بن اللصيت القينقاعي ، وكان منافقا ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏ويقال ابن لصيب بالباء ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رجال من بني عبدالأشهل قالوا ‏:‏
فقال زيد بن اللصيت ، وهو في رحل عمارة ، وعمارة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ أليس محمد يزعم أنه نبي ويخبركم عن خبر السماء ، وهو لا يدري أين ناقته ‏؟‏ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم وعمارة عنده ‏:‏ إن رجلا قال ‏:‏
هذا محمد يخبركم أنه نبي ويزعم أنه يخبركم بأمر السماء وهو لا يدري أين ناقته ، وإني والله ما أعلم إلا ما علمني الله ، وقد دلني الله عليها ، وهي في الوادي ، في شعب كذا وكذا ، وقد حبستها شجرة بزمامها ، فانطلقوا حتى تأتوني بها فذهبوا فجاءوا بها ، فرجع عمارة بن حزم إلى رحله ، فقال ‏:‏ والله لعجب من شيء حدثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم آنفا ، عن مقالة قائل أخبره الله عنه بكذا وكذا ، للذي قال زيد بن اللصيت ، فقال رجل ممن كان في رحل عمارة ولم يحضر رسول الله صل الله عليه وسلم زيد والله قال هذه المقالة قبل أن تأتي ‏.‏
فأقبل عمارة على زيد يجأ في عنقه ويقول ‏:‏ إلي عباد الله ، إن في رحلي لداهية وما أشعر ، أخرج أي عدو الله من رحلي ، فلا تصحبني ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ فزعم بعض الناس أن زيدا تاب بعد ذلك ، وقال بعض الناس لم يزل متهما بشر حتى هلك ‏.‏
 خبر أبي ذر في غزوة تبوك
ثم مضى رسول الله صل الله عليه وسلم سائرا ، فجعل يتخلف عنه الرجل ، فيقولون ‏:‏ يا رسول الله ، تخلف فلان ، فيقول ‏:‏ دعوه ، فإن يك فيه خير فسيلحقه الله تعالى بكم ، وإن يكن غير ذلك فقد أراحكم الله منه ، حتى قيل ‏:‏ يا رسول الله ، قد تخلف أبو ذر ، وأبطأ به بعيره ؛ فقال ‏:‏ فإن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم ، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه ، وتلوم أبو ذر على بعيره ، فلما أبطأ عليه ، أخذ متاعه فحمله على ظهره ‏.‏
ثم خرج يتبع أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم ماشياً ، ونزل رسول الله في بعض منازله ، فنظر ناظر من المسلمين فقال‏:‏ يا رسول الله إن هذا الرجل يمشي على الطريق وحده ؛ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ كن أبا ذر ‏.‏ فلما تأمله القوم قالوا ‏:‏ يا رسول الله ، هو والله أبو ذر ‏.‏
فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ رحم الله أبا ذر ، يمشي وحده ، ويموت وحده ، ويبعث وحده ‏.‏
 موت أبي ذر ودفنه في الربذة ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ فحدثني بريدة بن سفيان الأسلمي ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن عبدالله بن مسعود ، قال ‏:‏
لما نفى عثمان أبا ذر إلى الربذة ، وأصابه بها قدره ، لم يكن معه أحد إلا امرأته وغلامه ، فأوصاهما أن اغسلاني وكفناني ، ثم ضعاني على قارعة الطريق فأول ركب يمر بكم فقولوا هذا أبو ذر صاحب رسول الله صل الله عليه وسلم فأعينونا على دفنه فلما مات فعلا ذلك به ثم وضعاه على قارعة الطريق ‏.‏
وأقبل عبدالله بن مسعود في رهط من أهل العراق عمار فلم يرعهم إلا بالجنازة على ظهر الطريق قد كادت الإبل تطؤها ، وقام إليهم الغلام ، فقال ‏:‏ هذا أبو ذر صاحب رسول الله صل الله عليه وسلم ، فأعينونا على دفنه ‏.‏
قال ‏:‏ فاستهل عبدالله بن مسعود يبكي ويقول ‏:‏ صدق رسول الله صل الله عليه وسلم ، تمشي وحدك ، وتموت وحدك ، وتبعث وحدك ‏.‏
ثم نزل هو أصحابه فواروه ، ثم حدثهم عبدالله بن مسعود حديثه ، وما قال له رسول الله صل الله عليه وسلم في مسيره إلى تبوك ‏.‏
 تخويف المنافقين المسلمين ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ قد كان رهط من المنافقين منهم وديعة بن ثابت ، أخو بني عمرو بن عوف ، ومنهم رجل من أشجع ، حليف لبني سلمة ، يقال له ‏:‏ مخشن بن حمير ‏.‏
- قال ابن هشام ‏:‏ويقال مخشي - يشيرون إلى رسول الله صل الله عليه وسلم وهو منطلق إلى تبوك ، فقال بعضهم لبعض ‏:‏ أتحسبون جلاد بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضا ‏!‏ والله لكأنا بكم غداً مقرنين في الحبال ، إرجافا وترهيبا للمؤمنين ، فقال مخشن بن حمير ‏:‏
والله لوددت أني أقاضى على أن يضرب كل رجل منا مائة جلدة ، وإنا ننفلت أن ينزل فينا قرآن لمقالتكم هذه ‏.‏
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما بلغني - لعمار بن ياسر ‏:‏ أدرك القوم ، فإنهم قد احترقوا ، فسلهم عما قالوا ، فإن أنكروا فقل ‏:‏ بلى ، قلتم كذا وكذا ‏.‏ فانطلق إليهم عمار ، فقال ذلك لهم ، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتذرون إليه ، فقال وديعة بن ثابت ورسول الله صل الله عليه وسلم واقف على ناقته ، فجعل يقول وهو أخذ بحقبها ‏:‏ يا رسول الله ، إنما كنا نخوض ونلعب ؛ فأنزل الله عز وجل ‏:‏ ‏(‏ ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب ‏)‏ ‏.‏
وقال مخشن بن حمير ‏:‏ يا رسول الله ، قعد بي اسمي واسم أبي ، وكان الذي عفى عنه في هذه الآية مخشن بن حمير ، فتسمى عبدالرحمن ، وسأل الله تعالى أن يقتله شهيداً لا يعلم بمكانه ، فقتل يوم اليمامة ، فلم يوجد له أثر ‏.‏
 الصلح مع صاحب أيلة
ولما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك أتاه يحنة بن رؤبة ، صاحب أيلة ، فصالح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاه الجزية ، وأتاه أهل جرباء وأذرح ، فأعطوه الجزية ، فكتب رسول الله صل الله عليه وسلم لهم كتابا فهو عندهم ‏.‏
 كتابه لصاحب أيلة
فكتب ليحنة بن رؤبة ‏.‏
بسم الله الرحمن الرحيم ‏:‏ هذه أمنة من الله ومحمد النبي رسول الله ، ليحنة بن رؤبة وأهل أيلة ، سفنهم وسيارتهم في البر والبحر ‏:‏ لهم ذمة الله ، وذمة محمد النبي ، ومن كان معهم من أهل الشام ، وأهل اليمن ، وأهل البحر ، فمن أحدث منهم حدثا ، فإنه لا يحول ماله دون نفسه ، وإنه طيب لمن أخذه من الناس ، وإنه لا يحل أن يمنعوا ماء يردونه ، ولا طريقا يريدونه ، من بر أو بحر ‏.‏
 خالد يأسر أكيدر دومة
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا خالد بن الوليد ، فبعثه إلى أكيدر دومة ، وهو ‏:‏ أكيدر بن عبدالملك رجل من كندة كان ملكا عليها ، وكان نصرانيا ، فقال رسول الله صل الله عليه وسلم لخالد ‏:‏
إنك ستجده يصيد البقر ‏.‏
فخرج خالد حتى إذا كان من حصنه بمنظر العين ، وفي ليلة مقمرة صائفة ، وهو على سطح له ، ومعه امرأته ، فباتت البقر تحك بقرونها باب القصر ، فقالت له امرأته ‏:‏ هل رأيت مثل هذا قط ‏؟‏ قال ‏:‏ لا والله ‏!‏ قالت ‏:‏ فمن يترك هذه ‏؟‏ قال ‏:‏ لا أحد ‏.‏
فنزل فأمر بفرسه ، فأسرج له ، وركب معه نفر من أهل بيته ، فيهم أخ يقال له حسان ، فركب وخرجوا معه بمطاردهم ‏.‏
فلما خرجوا تلقتهم خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخذته ، وقتلوا أخاه ، وقد كان عليه قباء من ديباج مخوص بالذهب ، فاستلبه خالد ، فبعث به إلى رسول الله صل الله عليه وسلم قبل قدومه به عليه ‏.‏
من نعيم الجنة ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة ، عن أنس بن مالك ، قال ‏:‏
رأيت قباء أكيدر حين قدم به على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعل المسلمون يلمسونه ، بأيديهم ويتعجبون منه ، فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ أتعجبون من هذا ‏؟‏ فوالذي نفسي بيده ، لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ ثم إن خالداً قدم بأكيدر على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فحقن له دمه ، وصالحه على الجزية ، ثم خلى سبيله فرجع إلى قريته ، فقال رجل من طيئ ‏:‏ يقال له بجير بن بجرة ، يذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالد ‏:‏ إنك ستجده يصيد البقر ، وما صنعت البقر تلك الليلة حتى استخرجته ، لتصديق قول رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏
تبارك سائق البقرات إني * رأيت الله يهدي كل هادى
فمن يك حائدا عن ذي تبوك * فإنا قد أمرنا بالجهاد
فأقام رسول الله صل الله عليه وسلم بتبوك بضع عشرة ليلة ، لم يجاوزها ، ثم انصرف قافلاً إلى المدينة ‏.‏
 وادي المشقق وماؤه
وكان في الطريق ماء يخرج من وشل ، ما يروي الراكب والركبين والثلاثة بواد يقال له وادي المشقق ؛ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏
من سبقنا إلى ذلك الوادي فلا يستقين منه شيئا حتى نأتيه ، قال ‏:‏ فسبقه إليه نفر من المنافقين ، فاستقوا ما فيه ، فلما أتاه رسول الله صل الله عليه وسلم ، وقف عليه فلم ير فيه شيئا ‏.‏
فقال ‏:‏ من سبقنا إلى هذا الماء ، فقيل له ‏:‏ يا رسول الله فلان وفلان ، فقال ‏:‏ ألم أنههم أن يستقوا منه شيئا حتى آتيه ‏!‏ ثم لعنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودعا عليهم ، ثم نزل فوضع يده تحت الوشل ، فجعل يصب في يده ما شاء الله أن يصب ، ثم نضحه به ، ومسحه بيده ، ودعا رسول الله صل الله عليه وسلم بما شاء الله أن يدعو به ، فانخرق من الماء - كما يقول من سمعه - ما إن له حسا كحس الصواعق ‏.‏
فشرب الناس واستقوا حاجتهم منه ، فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ لئن بقيتم أو من بقي منكم ، لتسمعن بهذا الوادي وهو أخصب ما بين يديه وما خلفه ‏.‏


... يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75783
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

غزوتا حنين والطائف...غزوة تبوك Empty
مُساهمةموضوع: رد: غزوتا حنين والطائف...غزوة تبوك   غزوتا حنين والطائف...غزوة تبوك Emptyالسبت 15 ديسمبر 2018, 9:50 pm

... تابع
غزوة تبوك


 ذو البجادين ودفنه وتسميته ‏:‏
قال ‏:‏ وحدثني محمد بن إبراهيم ابن الحارث التيمي ، أن عبدالله بن مسعود كان يحدث ، قال ‏:‏
قمت من جوف الليل ، وأنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، قال ‏:‏ فرأيت شعلة من نار في ناحية العسكر ، قال ‏:‏ فاتبعتها أنظر إليها ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبو بكر ، وعمر ، وإذا عبدالله ذو البجادين المزني قد مات ، وإذا هم قد حفروا له ، ورسول الله صل الله عليه وسلم في حفرته ، وأبو بكر وعمر يدنيانه إليه ، وهو يقول ‏:‏ أدنيا إلى أخاكما ، فدلياه إليه فلما هيأه لشقه قال ‏:‏
اللهم إني أمسيت راضيا عنه فارض عنه ‏.‏ قال ‏:‏ يقول عبدالله بن مسعود ‏:‏ يا ليتني كنت صاحب الحفرة ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏وإنما سمي ذا البجادين لأنه كان ينازع إلى الإسلام ، فيمنعه قومه من ذلك ، ويضيقون عليه ، حتى تركوه في بجاد ليس عليه غيره ، والبجاد ‏:‏ الكساء الغليظ الجافي ‏.‏
فهرب منهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما كان قريبا منه شق بجاده باثنين فاتزر بواحد ، واشتمل بالآخر ، ثم أتى رسول الله صل الله عليه وسلم فقيل له ‏:‏ ذو البجادين لذلك ، والبجاد أيضا ‏:‏ المسح ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏قال امرؤ القيس ‏:‏
كأن أبانا في عرانين ودقة * كبير أناس في بجاد مزمل
 حديث أبي رهم في تبوك
قال ابن إسحاق ‏:‏ وذكر ابن شهاب الزهري ، عن ابن أكيمة الليثي ، عن ابن أخي أبي رهم الغفاري ، أنه سمع أبا رهم كلثوم بن الحصين ، وكان من أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم الذين بايعوا تحت الشجرة ، يقول ‏:‏
غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك ، فسرت ذات ليلة معه ، ونحن بالأخضر قريباً من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وألقى الله علينا النعاس ، فطفقت أستيقظ وقد دنت راحلتي من راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيفزعني دنوها منه ، مخافة أن أصيب رجله في الغرز ، فطفقت أحوز راحلتي عنه ، حتى غلبتني عيني في بعض الطريق ونحن في بعض الليل فزاحمت راحلتي راحلة رسول الله صل الله عليه وسلم ، ورجله في الغرز ، فما استيقظت إلا بقوله ‏:‏ حس ، فقلت ‏:‏ يا رسول الله استغفر لي ‏.‏
فقال ‏:‏ سر ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألني عمن تخلف من بني غفار ، فأخبره به ، فقال وهو يسألني ‏:‏ ما فعل النفر الحمر الطوال الثطاط ‏.‏ فحدثته بتخلفهم ‏.‏ قال ‏:‏ فما فعل النفر السود الجعاد القصار ‏؟‏ قال ‏:‏ قلت ‏:‏ والله ما أعرف هؤلاء منا ‏.‏ قال ‏:‏ بلى الذين لهم نعم بشبكة شدخ ، فتذكرتهم في بني غفار ولم أذكرهم حتى ذكرت أنهم رهط من أسلم كانوا حلفاء فينا ، فقلت ‏:‏ يا رسول الله ، أولئك رهط من أسلم حلفاء فينا ، فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ ما منع أحد أولئك حين تخلف أن يحمل علي بعير من إبله امرأ نشيطا في سبيل الله ، إن أعز أهلي علي أن يتخلف عني المهاجرون من قريش والأنصار وغفار وأسلم ‏.‏
 أمر مسجد الضرار عند القفول من غزوة تبوك ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏
ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل بذي أوان ، بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار ، وكان أصحاب مسجد الضرار قد كانوا أتوه وهو يتجهز إلى تبوك ، فقالوا ‏:‏ يا رسول الله ، إنا قد بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاتية ، وإنا نحب أن تأتينا ، فتصلي لنا فيه ؛ فقال إني على جناح سفر ، وحال شغل ، أو كما قال صل الله عليه وسلم ، ولو قد قدمنا إن شاء الله لأتيناكم ، فصلينا لكم فيه ‏.‏
فلما نزل بذي أوان أتاه خبر المسجد ، فدعا رسول الله صل الله عليه وسلم مالك ابن الدخشم ، أخا بني سالم بن عوف ومعن بن عدي ، أو أخاه عاصم بن عدي ، أخا بني العجلان ، فقال ‏:‏ انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله ، فأهدماه وحرقاه ، فخرجا سريعين حتى أتيا بني سالم بن عوف ، وهم رهط مالك بن الدخشم ، فقال مالك لمعن ‏:‏ أنظرني حتى أخرج إليك بنار من أهلي ‏.‏ فدخل إلى أهله ، فأخذ سعفا من النخل ، فأشعل فيه ناراً ثم خرجا يشتدان حتى دخلاه وفيه أهله ، فحرقاه وهدماه ، وتفرقوا عنه ، ونزل فيهم من القرآن ما نزل ‏:‏‏(‏ والذين اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين ‏)‏ إلى آخر القصة ‏.‏
وكان الذين بنوه أثنى عشر رجلا ‏:‏ خزام بن خالد ، من بني عبيد بن زيد أحد بني عمرو بن عوف ، ومن داره أخرج مسجد الشقاق ، وثعلبة ابن حاطب من بني أمية بن زيد ، ومعتب بن قشير من بني ضبيعة بن زيد ، وأبو حبيبة بن الأزعر ، من بني ضبيعة بن زيد ، وعباد بن حنيف ، أخو سهل بن حنيف ، من بني عمرو بن عوف ، وجارية بن عامر ، وابناه مجمع بن جارية ، وزيد بن جارية ، ونبتل بن الحارث ، من بني ضبيعة ، وبحزج ، من بني ضبيعة ، وبجاد بن عثمان ، من بني ضبيعة ، ووديعة بن ثابت ، وهو من بني أمية بن زيد رهط أبي لبابة بن عبدالمنذر ‏.‏
 مساجد الرسول صل الله عليه وسلم ‏:‏
وكانت مساجد رسول الله صل الله عليه وسلم فيما بين المدينة إلى تبوك معلومة مسماة ‏:‏ مسجد بتبوك ، ومسجد بثينة مدران ، ومسجد بذات الزراب ، ومسجد بالأخضر ، ومسجد بذات الخطمي ، ومسجد بألاء ، ومسجد بطرف البتراء ،من ذنب كواكب ، ومسجد بالشق ، شق تارا ، ومسجد بذي الجيفة ، ومسجد بصدر حوضى ، ومسجد بالحجر ، ومسجد بالصعيد ، ومسجد بالوادي ، اليوم ، وادي القرى ، ومسجد بالرقعة من الشقة ، شقة بني عذرة ، ومسجد بذي المروة ، ومسجد بالفيفاء ، ومسجد بذي خشب‏

أمر الثلاثة الذين خلفوا وأمر المعذرين في غزوة تبوك
 نهي الرسول عن كلام الثلاثة المتخلفين
وقدم رسول الله صل الله عليه وسلم المدينة ، وقد كان تخلف عنه رهط من المنافقين ، وتخلف أولئك الرهط الثلاثة من المسلمين من غير شك ولا نفاق ، كعب بن مالك ، ومرارة بن الربيع ، وهلال بن أمية ‏.‏
فقال رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه ‏:‏ لا تكلمن أحدا من هؤلاء الثلاثة ، وأتاه من تخلف عنه من المنافقين فجعلوا يحلفون له ويعتذرون ، فصفح عنهم رسول الله صل الله عليه وسلم ، ولم يعذرهم الله ولا رسوله ، واعتزل المسلمون كلام أولئك النفر الثلاثة ‏.‏
 حديث كعب بن مالك عن تخلفه وصاحبيه
قال ابن إسحاق ‏:‏ فذكر الزهري محمد بن مسلم بن شهاب ، عن عبدالرحمن بن عبدالله بن كعب بن مالك ‏:‏ أن أباه عبدالله وكان قائد أبيه حين أصيب بصره ، قال ‏:‏ سمعت أبي كعب بن مالك يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله صل الله عليه وسلم في غزوة تبوك وحديث صاحبيه قال ‏:‏
ما تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها قط ، غير أني كنت قد تخلفت عنه في غزوة بدر ، وكانت غزوة لم يعاتب الله ولا رسوله أحدا تخلف عنها ، وذلك أن رسول الله صل الله عليه وسلم إنما خرج يريد عير قريش ، حتى جمع الله بينه وبين عدوه على غير ميعاد ‏.‏
ولقد شهدت مع رسول الله صل الله عليه وسلم العقبة ، وحين تواثقنا على الإسلام وما أحب أن لي بها مشهد بدر ، وإن كانت غزوة بدر هي أذكر في الناس منها ‏.‏
قال ‏:‏ كان من خبري حين تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنه في تلك الغزوة ، ووالله ما اجتمعت لي راحلتان قط حتى اجتمعتا في تلك الغزوة ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما يريد غزوة يغزوها إلا ورى بغيرها ، حتى كانت تلك الغزوة ، فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد ، واستقبل سفراً بعيداً ، واستقبل غزوة عدو كثير ، فجلى للناس أمرهم ، ليتأهبوا لذلك أهبته ، وأخبرهم خبره بوجهه الذي يريد ، والمسلمون من تبع رسول الله صل الله عليه وسلم كثير ، لا يجمعهم كتاب حافظ ، يعني بذلك الديوان ، يقول ‏:‏ لا يجمعهم ديوان مكتوب ‏.‏
قال كعب‏:‏ فقل رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أنه سيخفي له ذلك ما لم ، ينزل فيه وحي من الله ، وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة ، حين طابت الثمار ، وأحبت الظلال ، فالناس إليها صعر ، فتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتجهز المسلمون معه ، وجعلت أغدو لأتجهز معهم ، فأرجع ولم أقض حاجة ، فأقول في نفسي أنا قادر على ذلك إذا أردت ، فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى شمر الناس بالجد ، فأصبح رسول الله صل الله عليه وسلم غاديا ، والمسلمون معه ، ولم أقض من جهازي شيئاً ، فقلت ‏:‏
أتجهز بعده بيوم أو يومين ، ثم ألحق بهم ، فغدوت بعد أن فصلوا لأتجهز ، فرجعت ولم أقض شيئا ، ثم غدوت فرجعت ولم أقض شيئا ، فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا ، وتفرط الغزو ، فهممت أن أرتحل ، فأدركهم ، وليتني فعلت ، فلم أفعل ، وجعلت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله صل الله عليه وسلم فطفت فيهم ، فيحزنني أني لا أرى رجلاً مغموصا عليه في النفاق ، أو رجلا ممن عذر الله من الضعفاء ،
ولم يذكرني رسول الله صل الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك ، فقال وهو جالس في القوم بتبوك ‏:‏
ما فعل كعب بن مالك ‏؟‏ فقال رجل من بني سلمة ‏:‏ يا رسول الله ، حبسه برداه ، والنظر في عطفيه ‏.‏
فقال له معاذ بن جبل ‏:‏ بئس ما قلت ‏!‏ والله يا رسول الله ، ما علمنا منه إلا خيراً ، فسكت رسول الله صل الله عليه وسلم ‏.‏
فلما بلغني أن رسول الله صل الله عليه وسلم قد توجه قافلا من تبوك ، حضرن بثي ، فجعلت أتذكر الكذب ، وأقول ‏:‏
بماذا أخرج من سخطة رسول الله صلى الله عليه وسلم غداً ، وأستعين على ذلك كل ذي رأي من أهلي ، فلما قيل إن رسول الله صل الله عليه وسلم قد أظل قادما زاح عني الباطل ، وعرفت أني لا أنجو منه إلا بالصدق ، فأجمعت أن أصدقه ‏.‏
وصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، وكان إذا قدم من سفر ، بدأ بالمسجد ، فركع فيه ركعتين ، ثم جلس للناس ، فلما فعل ذلك جاءه المخلفون ، فجعلوا يحلفون له ويعتذرون ، وكانوا بضعة وثمانين رجلا ، فيقبل منهم رسول الله صل الله عليه وسلم علانيتهم وإيمانهم ، ويستغفر لهم ، ويكل سرائرهم إلى الله تعالى ‏.‏
حتى جئت فسلمت عليه ؛ فتبسم ، تبسم المغضب ، ثم قال لي ‏:‏ تعاله ، فجئت أمشي حتى جلست بين يديه ، فقال لي ‏:‏ ما خلفك ، ألم تكن ابتعت ظهرك ، قال ‏:‏ قلت ‏:‏ إني يا رسول الله ، والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا ، لرأيت أني سأخرج من سخطه بعذر ، ولقد أعطيت جدلاً ، لكن والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديثا كذباً لترضين عني ، وليوشكن الله أن يسخطك علي ، ولئن حدثتك حديثاً صدقاً تجد علي فيه ، إني لأرجو عقباي من الله فيه ، ولا والله ما كان لي عذر ، والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك ‏.‏
فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ أما هذا فقد صدقت فيه ، فقم حتى يقضي الله فيك ‏.‏
فقمت ، وثار معي رجال من بني سلمة ، فاتبعوني ، فقالوا لي ‏:‏والله ما علمناك كنت أذنبت ذنباً قبل هذا ، ولقد عجزت أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر به إليه المخلفون ، قد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لك ، فوالله ما زالوا بي حتى أردت أن أرجع إلى رسول الله صل الله عليه وسلم فأكذب نفسي ، ثم قلت لهم ‏:‏
هل لقي هذا أحد غيري ‏؟‏ قالوا ‏:‏ نعم ، رجلان قالا مثل مقالتك ، وقيل لهما مثل ما قيل لك ، قلت ‏:‏ من هما ‏؟‏ قالوا ‏:‏ مرارة بن الربيع العمري ، من بني عمرو بن عوف ، وهلال بن أبي أمية الواقفي ، فذكروا لي رجلين صالحين ، فيهما أسوة فصمت حين ذكروهما لي ‏.‏
ونهى رسول الله صل الله عليه وسلم عن كلامنا أيها الثلاثة ، من بين من تخلف عنه ، فاجتنبنا الناس ، وتغيروا لنا ، حتى تنكرت لي نفسي والأرض ، فما هي بالأرض التي كنت أعرف ، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة ‏.‏
فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما ، وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم ، فكنت أخرج وأشهد الصلوات مع المسلمين ، وأطوف بالأسواق ولا يكلمني أحد ، وآتى رسول الله صل الله عليه وسلم ، فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة ، فأقول في نفسي ‏:‏ هل حرك شفتيه برد السلام علي أم لا ‏؟‏ ثم أصلي قريباً منه ، فأسارقه النظر ، فإذا أقبلت على صلاتي نظر إلي ، وإذا التفت نحوه أعرض عني ‏.‏
حتى إذا طال ذلك علي من جفوة المسلمين ، مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة ‏.‏ وهو ابن عمي ، وأحب الناس إلي ، فسلمت عليه ، فوالله ما رد علي السلام ‏.‏
فقلت ‏:‏ يا أبا قتادة ‏:‏ أنشدك بالله ، هل تعلم أني أحب الله ورسوله ‏؟‏ فسكت ، فعدت فناشدته ، فسكت عني ، فعدت فناشدته ، فسكت عني ، فعدت فناشدته ، فقال ‏:‏ الله ورسوله أعلم ، ففاضت عيناي ووثبت فتسورت الحائط ، ثم غدوت إلى السوق ، فبينا أنا أمشي بالسوق إذا نبطي يسأل عني من نبط الشام ، ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة ، يقول ‏:‏ من يدل على كعب بن مالك ‏؟‏ قال ‏:‏ فجعل الناس يشيرون له إلي ، حتى جاءني فدفع إلي كتاباً من ملك غسان ، وكتب كتاباً في سرقة من حرير فإذا فيه ‏:‏
‏(‏ أما بعد ‏:‏ فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك ، ولم يجعلك الله بدار هوان ، ولا مضيعة ، فالحق بنا نواسك ‏)‏‏.‏
قال ‏:‏ قلت حين قرأتها ، وهذا من البلاء أيضا ، قد بلغ بي ما وقعت فيه أن طمع في رجل من أهل الشرك ، قال ‏:‏ فعمدت بها إلى تنور فسجرته بها ‏.‏
فأقمنا على ذلك حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين ، إذا رسول رسول الله يأتيني ، فقال ‏:‏
إن رسول الله صل الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك ، قال ‏:‏ قلت ‏:‏ أطلقها أم ماذا ‏؟‏ قال ‏:‏ لا ، بل اعتزلها ولا تقربها ، وأرسل إلى صاحبي بمثل ذلك ، فقلت لامرأتي ‏:‏ الحقي بأهلك ، فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر ما هو قاض ‏.‏
قال ‏:‏ وجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله صل الله عليه وسلم فقالت ‏:‏ يا رسول الله ، إن هلال بن أمية شيخ كبير ضائع ، لا خادم له ، أفتكره أن أخدمه ‏؟‏ قال ‏:‏
لا ، ولكن لا يقربنك ؛ قالت ‏:‏ والله يا رسول الله ، ما به من حركة إلي ، والله ما زال يبكي منذ كان من أمره ما كان إلى يومه هذا ، ولقد تخوفت على بصره ‏.‏
قال ‏:‏ فقال لي بعض أهلي ‏:‏ لو استأذنت رسول الله لامرأتك ، فقد أذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمه ، قال ‏:‏ فقلت ‏:‏ والله لا أستأذنه فيها ، ما أدري ما يقول رسول الله صل الله عليه وسلم لي في ذلك إذا استأذنته فيها ، وأنا رجل شاب ‏.‏
قال ‏:‏ فلبثنا بعد ذلك عشر ليال ، فكمل لنا خمسون ليلة ، من حين نهى رسول الله صل الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا ، ثم صليت الصبح ، صبح خمسين ليلة ، وعلى ظهر بيت من بيوتنا ، على الحال التي ذكر الله منا ، قد ضاقت علينا الأرض بما رحبت ، وضاقت علي نفسي ، وقد كنت ابتنيت خيمة في ظهر سلع ، فكنت أكون فيها إذ سمعت صوت صارخ أوفى على ظهر سلع ، يقول بأعلى صوته ‏:‏ يا كعب بن مالك ، أبشر ، قال ‏:‏ فخررت ساجداً ، وعرفت أن قد جاء الفرج ‏.‏
 توبة الله على المخلفين ‏:‏
قال ‏:‏ وآذن رسول الله صل الله عليه وسلم الناس بتوبة الله علينا حين صلى الفجر ، فذهب الناس يبشروننا ، وذهب نحو صاحبي مبشرون ، وركض رجل إلى فرساً ، وسعى ساع من أسلم ، حتى أوفى على الجبل فكان الصوت أسرع من الفرس ‏.‏
فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني ، نزعت ثوبي فكسوتهما إياه ، بشارة ، والله ما أملك يومئذ غيرهما ، واستعرت ثوبين فلبستهما ، ثم انطلقت أتيمم رسول الله صل الله عليه وسلم ، وتلقاني الناس يبشرونني بالتوبة ، يقولون ‏:‏
ليهنك توبة الله عليك ، حتى دخلت المسجد ، ورسول الله صل الله عليه وسلم جالس حوله الناس ، فقام إلي طلحة بن عبيد الله ، فحياني وهنأني ، ووالله ما قام إلي رجل من المهاجرين غيره ‏.‏ قال ‏:‏ فكان كعب بن مالك لا ينساها لطلحة ‏.‏
قال كعب ‏:‏ فلما سلمت على رسول الله صل الله عليه وسلم ، قال لي ووجهه يبرق من السرور ‏:‏ أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك ، قال ‏:‏ قلت ‏:‏ أمن عندك يا رسول الله ، أم من عند الله ‏؟‏
قال ‏:‏ بل من عند الله ، وكان رسول الله صل الله عليه وسلم إذا استبشر كأن وجهه قطعة قمر ، قال ‏:‏ وكنا نعرف ذلك منه ‏.‏
قال ‏:‏ فلما جلست بين يديه ، قلت ‏:‏ يا رسول الله ، إن من توبتي إلى الله عز وجل ، أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله ، وإلى رسوله ‏.‏
قال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ أمسك عليك بعض مالك ، فهو خير لك ، قال ‏:‏ قلت ‏:‏ إني ممسك سهمي الذي بخيبر ‏.‏
وقلت يا رسول الله ، إن الله قد نجاني بالصدق ، وإن من توبتي إلى الله ، أن لا أحدث إلا صدقاً ما حييت ، والله ما أعلم أحدا من الناس أبلاه الله في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أفضل مما أبلاني الله ، والله ما تعمدت من كذبة منذ ذكرت ذلك لرسول الله صل الله عليه وسلم إلى يومي هذا ،وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقي ‏.‏
 ما نزل في ساعة العسرة والمخلفين
وأنزل الله تعالى ‏:‏ ‏(‏ لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم وعلى الثلاثة الذين خلفوا ‏)‏ إلى قوله ‏:‏ ‏(‏ وكونوا مع الصادقين ‏)‏ ‏.‏
 ما نزل في المعذرين
قال كعب ‏:‏ فوالله ما أنعم الله علي نعمة قط بعد أن هداني للإسلام كانت أعظم في نفسي من صدق رسول الله صل الله عليه وسلم يومئذ ، أن لا أكون كذبته ، فأهلك كما هلك الذين كذبوا ، فإن الله تبارك وتعالى قال في الذين كذبوه حين أنزل الوحي شر ما قال لأحد ‏:‏ قال ‏(‏ سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين ‏)‏ ‏.‏
قال ‏:‏ وكان خلفنا أيها الثلاثة عن أمر هؤلاء الذين قبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حين حلفوا له ليعذرهم واستغفر لهم وأرجأ رسول الله صل الله عليه وسلم أمرنا ، حتى قضى الله فيه ما قضى فبذلك قال الله تعالى ‏:‏ ‏(‏ وعلى الثلاثة الذين خلفوا ‏)‏
وليس الذي ذكر الله من تخليفنا لتخلفنا عن الغزوة ، ولكن لتخليفه إيانا ، وإرجائه أمرنا عمن حلف له ، واعتذر إليه فقبل منه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
غزوتا حنين والطائف...غزوة تبوك
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حنين الزعبي
» حنين محمد عبدالكريم البطوش
» الروائح منارات من حنين ، وجسور نعبرها إلى ضفاف التذكر
» غزوة بدر الكبرى
» غزوة بدر 2 هجريه

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة العلوم والمعارف :: الموسوعة الإسلامية الشاملة :: موسوعة السيرة النبوية-
انتقل الى: