التغير المناخي واثره على الكائنات الحية
خلق الله ـ عز وجل ـ الأرض بل الكون أجمع وفطر عناصره ومكوناته على التغير والتحول، زيادة ونقصاناً تارة ووجوداً وعدماً تارة أخرى (فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).
والعناصر الجوية للغلاف الجوي لكوكب الأرض محط تغير نسبي دائم عبر دورات زمنية قصيرة وأحياناً طويلة لأسباب داخلية أرضية وأحياناً خارجية كونية ولقد جعل الله الشمس هي المصدر الأساسي للطاقة و منبع الحياة مرسلة أشعتها عبر الفضاء، ولله في خلقه شؤون ولكن لا تصل أشعة الشمس التي تسقط على الغلاف الجوى كلها إلى سطح الأرض، إذ أنه من ميزات هذا الغلاف انه يسمح بمرور الأشعة ذات التردد المنخفض ويمنع ذات التردد العالي. إن الأشعة القادمة من الشمس والتي تكون عادة ذات تردد منخفض تمر من خلاله نحو الأرض، وعند وصولها الأرض تمتص الأرض جزء من طاقة الأشعة وتعكس الباقي إلى الجو مره أخرى ولكن بتردد عالي على شكل أشعة تحت حمراء حيث يتم امتصاصها في هذا الغلاف الغازي مما يؤدي إلى اكتسابه بعض طاقتها ويقوم بدوره بإعادة إرسالها نحو الأرض مما يشكل مصدر إضافي للطاقة. إنّ النتيجة النهائية لهذه العملية هي إعادة توزيع الطاقة بحيث يجعل الحرارة في الطبقة ما بين الغلاف والأرض مرتفعة والتي فوق الغلاف منخفضة. إن هذه الظاهرة وما يرافقها من ارتفاع في درجة حرارة سطح الأرض تجعل من الأرض كوكب مناسب لكافة أشكال الحياة. فينعكس حوالي 25% من هذه الأشعة إلى الفضاء، ويمتص حوالي 23% أخرى في الغلاف الجوى نفسه. وهذا معناه أن 52% فقط من أشعة الشمس تخترق الغلاف الجوى لتـــصل إلى سطح الأرض .
ومن هذه النسبة الأخيرة ( 52 % ) نجد أن 6% منها ينعكس عائدا إلى الفضاء، بينما يمتص الباقي ( 46% ) في سطح الأرض ومياه البحار ليدفئها . وتشع هذه الأسطح الدافئة – سطح الأرض و مياه البحر – بدورها الطاقة الحرارية التي اكتسبتها على شكل أشعة تحت حمراء ذات موجات طويلة، ونظرا لأن الهواء يحتوى على بعض الغازات بتركيزات شحيحة ( مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان وبخار الماء ) و التي من خواصها عدم السماح بنفاذ الأشعة تحت الحمراء، فإن هذا يؤدى إلى احتباس هذه الأشعة داخل الغلاف الجوى . وتعرف هذه الظاهرة باسم ” الاحتباس الحراري ” أو الأثر الصوبي ولولاه لانخفضت درجة حرارة سطح الأرض بمقدار 33 درجة مئوية عن مستواها الحالي – أي هبطت إلى دون نقطة تجمد المياه – ولأصبحت الحياة على سطح الأرض مستحيلة.
تغير مناخ العالم
تغير المناخ هو الاختلاف سواء في متوسط حالة المناخ أو في تذبذبه أو في الاستمرار لفترة طويلة والتي، عادة ما تكون عقودا أو أكثر. ويشمل زيادات في درجة الحرارة ( “الاحتباس الحراري العالمي”) ، وارتفاع مستوى سطح البحر والتغيرات في أنماط سقوط الأمطار ، وزيادة تواتر الظواهر الجوية المتطرفة.
ولم تكن التغييرات التي حدثت في العصر الجليدي / في آخر 1.8 مليون سنة والتي ظهرت في صورة طفرات كبيرة في حدود انتشار الأنواع وفي إعادة تنظيم متميز للعوالم البيولوجية وفى المناظر الطبيعية والمجتمعات البيئية المتماثلة (Biome) قد حدثت بشكل مجزأ كما هو الحال عليه اليوم بسبب الضغوط الناجمة عن الأنشطة البشرية المختلفة.
ومع رصد التغيرات في النظام المناخي ، خلال العقود الأخيرة من القرن العشرين (مثل: زيادة تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وزيادة درجة حرارة الأرض والمحيطات ، والتغيرات في مواسم هطول الأمطار ، وارتفاع مستوى سطح البحر) وخصوصا في درجات الحرارة الإقليمية الأكثر دفئـًا …كل ذلك اثر على توقيت التكاثر من الحيوانات والنباتات و / أو على هجرة الحيوانات وطول موسم الزراعة وتوزيعات الأنواع وأحجام السكان، وتواتر تفشي الآفات والأمراض.
إن التغيرات المتوقعة في المناخ خلال القرن الحادي العشرين سوف تكون أسرع منها في الماضي على الأقل أسرع مما حدث للمليون سنة الماضية وسيرافق هذه التغيرات التغير في استخدام الأراضي وانتشار الأنواع الغريبة الغازية، ومن المرجح أن تحد هذه التغيرات من قدرة الأنواع على الهجرة وكذلك قدرتها على الاستمرار في العيش في موائل مجزئة، كما سيؤدي إلى انقراض كثير من الأنواع التي كانت معرضة من قبل لخطر الانقراض، تأثر بعض النظم الايكولوجية الهشة بوجه خاص بتغير المناخ ، مثل الشعب المرجانية ، الدب القطبي وأشجار المنجروف ، والنظم الايكولوجية لأعالي الجبال وغيرها.
ولسوف تتأثر سلبيا معيشة كثير من المجتمعات الأصلية والمحلية وستتضرر طالما أدي تغير المناخ وتغير استخدام الأراضي إلى خسائر في التنوع البيولوجي.
لذا يتحتم على المجتمع الدولي المضي قدما في تطبيق البروتوكولات و الاتفاقيات البيئية للحد من ظاهرة تغير المناخ و الاحترار العالمي و الحفاظ على التنوع البيولوجي الذي بات مهددا لعدة أسباب من أهمها ظاهرة الاحتباس الحراري. و يجب أن يتخذ كل فرد التدابير اللازمة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري و لحماية التنوع البيولوجي داخل نطاق بيئته بالتعاون مع المؤسسات و الهيئات الحكومة و غير الحكومية المعنية بذلك.