حقائق مقلقة عن التغير المناخي

هيئة التحرير – (الواشنطن بوست) 27/12/2016
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
تتسم النظم الطبيعية لكوكب الأرض بالكثير من التعقيد، إلى درجة أنه قد يكون من الصعب إثبات الصلات بين حالات معينة من سوء الأحوال الجوية وبين التحول طويل الأمد لدرجات الحرارة العالمية التي يتسبب بها البشر. لكن ذلك لا يعني أن هذه الصلات غير موجودة، أو أن ارتفاع درجة حرارة الكوكب لا يحدث. وفي حقيقة الأمر، أخذ أداء الخبراء في علم "إسناد المناخ" بالتحسن، كما يظهر تقرير جديد صدر عن الجمعية الأميركية للأرصاد الجوية.
جمعت الجمعية أوراقاً بحثية من عدد كبير من الباحثين في تقريرها المعنون "تفسير الأحداث المتطرفة للعام 2015 من منظور مناخي". وكما في السنوات السابقة، ربط العلماء بين التغير المناخي وبين الحرارة الشديدة، وحققوا في مجموعة متنوعة من التغيرات الصغيرة التي طرأت على درجات الحرارة خلال العام الماضي. ومع أن العام 2015 شهد ظهوراً ملحوظاً لظاهرة النينو، التي تنجم عن التذبذب المتكرر لدرجات حرارة مياه المحيط الهادي، والتي تميل إلى التأثير على مجموعة متنوعة من الظواهر الجوية، فقد تمكن الباحثون من التمييز بين تأثيرات النينو وبين الحالات الأخرى من التقلبات الطبيعية التي يمكن أن تكون ناجمة عن التغير المحتمل للمناخ. ومن بين أشياء أخرى، وجد الباحثون أن ارتفاع درجة حرارة الأرض تسبب في قدوم فصول صيف حارة بشكل غير متوقع في اليابان، وفق احتمالات أكثر بمقدار 1.5 إلى 1.7 مرة.
يحقق العلماء في الصلة بين التغير المناخي وبين مجموعة متنوعة من الأحداث الطبيعية. وقد وجدوا أن ظاهرة الاحتباس الحراري عززت احتمالات حدوث الأعاصير الشديدة في المحيط الهادئ، وسلطت الضوء على فيضانات "اليوم المشمس" في ميامي الأميركية. ولاحظ التقرير: "حتى من دون وجود غيمة واحدة في السماء أو عاصفة تتجمع في الأفق، يُحتمل كثيراً أن تشهد ميامي وفلوريدا فيضانات من المد، بسبب ارتفاع مستوى البحر على المدى الطويل، بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي". ويستخدم العماء الماضي المناخي في السنوات الأخيرة للتنبؤ بالظروف المستقبلية. وعلى سبيل المال، حدث "جفاف التراكم الثلجي" في جبال كاسكيد في العام الماضي، لأن درجات الحرارة المرتفعة شجعت سقوط الأمطار بدلاً من الثلوج على تلك الجبال، وهو نوع من الأشياء التي يمكن أن تحدث بطريقة أكثر تكراراً مع ارتفاع درجات الحرارة في العالم.
كما يحاول الباحثون أيضاً أن يكونوا أكثر دقة وتحديداً، كلما أمكنهم ذلك، فيما يتعلق بتأثيرات الأحداث التي يربطونها مع التغير المناخي. ولاحظ التقرير أن المحققين أجروا مشاورات مع خبراء الصحة العامة لتحديد الصلات بين التغير المناخبي وبين التأثيرات المباشرة على الكائنات البشرية، ووجدوا أن مئات عدة من الوفيات التي حدثت في لندن وباريس خلال موجة الحرارة في صيف العام 2003 عزيت إلى التغير المناخي. ويأتي هذا النوع من البحث مقترناً بمواطن كثيرة من عدم اليقين، لكنه يجب أن يؤكد بينما يصبح أكثر شيوعاً وأفضل نوعية، أن الاحترار الكوني سوف يؤدي إلى أكثر من مجرد بضعة أيام حارة بشكل غير متناسب.
من المؤكد أن الباحثين لم يكونوا قادرين دائماً على تحديد صلة واضحة بين تغير المناخ وبين الأحداث التي قاموا بفحصها. كما أنهم يعترفون أيضاً بأن بعض الآثار التي حققوا فيها ربما تكون موضع ترحيب -على سبيل المثال، قدوم مزيد من الأيام المشمسة في شتاءات المملكة المتحدة.
على العموم، تعرض الصورة العامة مجتمعاً من الخبراء الذين شرعوا في بداية التعامل مع ارتياد حدود علمية جديدة: التوثيق في الزمن الحقيقي تقريباً للكيفيات التي تؤثر بها التغيرات التي يتسبب بها البشر في كيمياء الغلاف الجوي على طيف واسع من الأنظمة الطبيعية التي كان من الأفضل لو أنها تُركت لشأنها. وللأسف، من المرجح أن يكون البحث في هذه الظواهر مجالاً مزدهراً في المستقبل المنظور.