الواضح أن هدف "كاهل" يتمثل في تطوير أداة لقياس التغير في القيم باتجاه الحداثة
، ولقد تمكن من تطوير أداة تحوي على عدد من الأبعاد تتمثل في مجموعتين من
الخصائص إحداها تشير ألي النمط التقليدي ، والأخرى تشير إلي النمط الحديث
من الشخصية ، وهذه الأبعاد هي نتاج تلك التغيرات البنائية وتتمثل في :
(الفاعلية,ضعف الروابط الأسرية ، تفضيل الحياة الحضرية ، الفردية ، ضعف
التدرج الطبقي ، ارتفاع المساهمة في وسائل الأعلام ، وضعف فرص الحراك ،
الثقة في النفس ، تفضيل العمل اليدوي ، النفور من احتكار الشركات الكبرى
القدرة على المخاطرة من اجل الصالح الفردي ، اتجاهات ايجابية نحو تكوين
أسرة حديثة انخفاض مستوى التدين ،والارتقاء في السلم المهني (34 ) ولقد
اعتبر كل خاصية تمثل قيمة وكون لهل مقياسا واستخدم التحليل العاملي ليتمكن
من اختبار مدى اتساقه الداخلي.
وبالرغم من أن "كاهل" قد أكد امبريقيا قياس التحديث من خلال مدخله ألقيمي
متعدد الأبعاد إلا انه انتهى لتأكيد النتيجة التي انتهى أليها "ليرنر" عن
أمكانية وجود شخصية انتقالية حينما بين انه بالا مكان وجود بعض الأفراد
حديثين في بعض القيم وتقليديون في البعض الأخر (35 ) هذا وقد انتهى للقول
بان متغيرا التعليم والمهنة هما أكثر ارتباطا من مكان الإقامة بالتحديث
الاجتماعي (36 ).
الشخصية
لعل الشخصية سوا كانت للفرد أو للجماعة أو حتى للثقافة أو المجتمع لعلها
من هذا المفهوم ، موضوعا مستهدفا لدراسة ليس فقط من علم الاجتماع وإنما من
جانب كثير من العلوم الإنسانية الأخرى .
ولذلك فليس غريبا أن يكون موضوع الشخصية قاسما مشتركا بين مختلف العلوم
سواء في ذلك الإنسانية أو الطبيعية لكننا هنا سوف نتناول الشخصية بمفهومها
الاجتماعي ،والذي نعنيه بالمفهوم الاجتماعي هنا ((الشخص)) أي الإنسان الذي
يعيش في جماعة وضمن مجتمع يتفاعل من خلال سلوكيات معينة يؤثر خلالها
ويتأثر بمختلف القيم والسمات والأنماط الثقافية والاجتماعية وفي إطار من
الأنساق المجتمعية العامة .
تعريف الشخصية :
1-يعرف البعض الشخصية استنادا على ما تتسم به تلك الشخصية من سمات وعادات
وسلوك ، حيث يرون الشخصية باعتبارها ((تنظيما يقوم على اتجاهات وعادات
الشخص وسماته ، وينهض على العديد من العوامل الاجتماعية والثقافية
والبيولوجية ))
2-ويرى البعض إن الشخصية تتكون نتيجة للعديد من المؤثرات الاجتماعية التي
تتفاعل مع الكيان العضوي للشخص ، لذلك فالشخصية هي(( مجموعة قيم الشخص
وسماته غير العضوية ))
3 – وقد تعني الشخصية ((ذلك التكامل الاجتماعي والنفسي لسلوك عند الإنسان
)) وتعبر هذه الشخصية عن نفسها من خلال الادات والشعور والاتجاهات كما
تتضح من خلال التفاعل مع الشخصيات الأخرى(37 ).
إن الشخصية سواء اعتبرت تعبير عن السمات أو أنها نتاج للمؤثرات الاجتماعية
فسوف تبقى الشخصية تعبيرا عن ذلك الإنسان الذي يحيا في مجتمع له أنماطه
وسماته الثقافية.
سمات الشخصية العصرية
إن المجتمع الحديث يتطلب أفراد أو شخصيات حديثة ولكن من هو الفرد الحديث وما الذي يجعله كذلك ؟
اختلفت الإجابات عن هذا السؤال وهذا أمر طبيعي لان مفهوم الحداثة هو أمر
نسبي ومتجدد دائما ،لأنه يتناول الي جانب حياة الإنسان الخارجية أو
الظاهرية القيم والسلوك والمشاعر الإنسانية ، ومع انه لا يوجد تعريف جامع
مانع للإنسان العصري فان هناك بعض الخصائص التي يتصف بها هذا الإنسان فقد
حاول الباحثون عدة محاولات لتحديد أهم خصائص الشخصية العصرية (38 ) ومن
ابرز تلك المحاولات التي قام بها "محمد عاطف غيث _ومحمد علي" التي حددو من
خلالها أهم خصائص الشخصية العصرية فيما يلي :
1 - حرية الرأي والتفكير :فالإنسان الحديث لا يحصر نفسه ضمن دائرة ذاتية فيخلد الي أفكاره الخاصة دون الإصغاء الي أفكار غيره .
2 - القدرة الذاتية :يؤمن الإنسان الحديث بإمكانية العلم والتطور لدرجة
كبيرة حتى يستطيع أن يسيطر على عالمه ومشاكله ويتوصل الي أهدافه ومنطلقاته.
3 -الكرامة الفردية : أن من سمات الشخصية الحديثة هو أنها تهتم بحقوق
وكرامة الغير ويظهر ذلك واضح من خلال المواقف التي يتخذها حيال المرآة
والطفل
4 - الوقت : فمن مميزات الشخصية الحديثة كذلك التقيد بالوقت فهو يضع لبرامجه تنظيما محداد .
5 - الإصلاح: يؤمن الإنسان ذات الشخصية العصرية بان العالم قابل للإصلاح وانه بامكاننا التخفيف من اثر المشاكل الاجتماعية (39 ) .
ويرى سمير عبده في كتابه تحديث الوطن العربي أن من أهم سمات الإنسان
الحديث هي العلمية والتجريبية (40) فالشخصية الحديثة كما يرها البعض هي
شخصية فردية مبدعة متوجهة نحو الإنجاز وتحقيق ألذات وتتأثر بالحياة العامة
وبوسائل الأعلام وقادرة على الاستجابة بسرعة والتكيف معهم(41 ) .
وهناك من يرى إن الشخصية الحديثة تتميز بأنها ذات أحساس مميز بفاعليتها
وكفايتها،وهي واثقة من أنها قادرة على أحداث التغيير سواء على الصعيد
الشخصي أو الاجتماعي ,سواء كان ذلك بالمجهود الفردي أو بالتعاون مع
الآخرين ,إضافة الي كونها تتميز بتقبل التغيير وتتطلع إليه وتعمل من اجله
,وهي مرنة فكريا حيث تهتم بالتجديدات وخاصة الاختراعات التقنية والفنية
,وتقبل على استخدامها فهي شخصية تؤمن بالعلم والتقنية وتعمل جاهدة على
دعمهما وتشجيعهما ماديا ومعنويا كما أنها شخصية تثق بالآخرين(42 ) .
كذلك يؤكد "لويس ورث" على إن أهم ما يميز الشخصية العصرية عقلانية التفكير
أي يغلب عليها طابع التفكير العقلاني حيث تعتمد على المنهج العلمي للوصول
الي الحقائق العلمية وتحترم المعرفة التي توصف بالعلمية ولديها استعداد
لتقبل النقد وتوجيهه للآخرين ,كما لديها الاستعداد لتغيير الأهداف
والوسائل بما يمكنها من سهولة التكيف مع الظروف المتغيرة .
كما أنها تتميز بالتأكيد على المصلحة الشخصية والمتمثلة في البحث عن
النجاح المادي فيدخل الفرد مع الآخرين في علاقات من نوع تبادل المصالح
,كذلك تتميز بحب التنافس وتخصيص العمل ,أي أن الشخص العصري يتخصص في مجال
عمل محدد وذلك بحكم التخصص في مجال التعليم كما تتسم علاقات الشخصية
العصرية بالتأكيد على العلاقات الثانوية وهي علاقات في معظمها سطحية وغير
شخصية أي يغلب عليها الطابع الرسمي(43) .
ويرى كل من "انكلز وسمث" لن من أهم سمات الشخصية العصرية هي الرغبة في
المغامرة والتهيؤ للدخول في أنشطه جديدة والاتجاه نحو التحرر من القيود
التقليدية كسلطة الأسرة , والأيمان بقدرة العلم على حل مشكلات الحياة كذلك
ارتفاع درجة التطلعات والطموح ليصل الفرد وأبناؤه الي أعلى المستويات
والميل الي الانظباط في العمل مع الاهتمام باكتساب المعارف العلمية
والإطلاع على مجريات الامور (44)
خلاصة القول :- إن الشخصية العصرية هي شخصية طموحة وفاعلة ، وميالة نحو
الاستقلالية ، وتتبنى اتجاهات حديثة حول حقوق المرآة ، وتنظيم الأسرة ،
واكتساب أنماط استهلاكية حديثة .
الهوامش
1- مرتضى معاش ،
تموجات الاصلاح والتجديد ،موقع مجلة النباء الاكتروني
www ,qnnqpqq,org
2- معن زيادة ، معالم على طريق تحديث الفكر العربي ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ،الكويت ،1987م ، ص67
3 – سناء الخولي ، التغير الاجتماعي والتحديث ،دار المعرفة الجامعية (أسكندرية)
1993م ، ص262
4 – لوجلي صالح الزوي ،المدينة المتغيرة ، مرجع سابق ، ص86
5 – سناء الخولي ، مرجع سابق ، ص ص 263- 265
6 – عبداللة الهمالي ، التحديث الاجتماعي ، ص19
7 – محمد صالح ،جماعات التحديث الاجتماعي في وسط أفريقيا ، المركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر ،طرابلس، 1991 م ، ص103
8 – السيد محمد الحسيني وآخرون ، دراسات في التنمية الاجتماعية ،دار المعارف مصر، 1975م ،ص262
9 – اندرووستر ،مدخل ألي علم الاجتماع التنمية ،ترجمة:عبد الهادي والي, والسيد الزيات ، دار المعرفة الجامعية ،1992م ،ص 118
10- السيد محمد الحسيني ,مرجع سابق , ص 363
11– محمد توفيق السمالوطي , قضايا التنمية والتحديث في علم الاجتماع المعاصر ,دار المطبوعات الجديدة ,1990م ,ص 39
12 – عبد الله الهمالي ,مرجع سابق , ص17
13 – جهينة سلطان العيسى ,التحديث في المجتمع القطري ,شركة كاظمة للنشر والتوزيع ,1979م ,ص86
14 – الهمالي ,مرجع سابق , ص18
15 – ف ,ف, كوستيلو ,التحضر في الشرق الأوسط ,ترجمه: رمضان خلف ,وأمين ألطيبي ,ط1 ,المنشاة العامة للنشر (طرابلس) 1984م ص 134
16 – محمد صالح ,مرجع سابق ,ص106
17 – حسن صعب ,تحديث العقل العربي ,دار العلم للملاين ,ط2 , 1980م, ص186
18 – محمد صالح ,مرجع سابق ,ص ص 106- 107
19 - كوستيلو ,مرجع سابق ,ص136
20 – السمالوطي, مرجع سابق , ص39
21 – المرجع السابق ,ص 122
22 – الخولي , مرجع سابق ,ص283
23 – السمالوطي, مرجع سابق ,ص ص 123 – 124
24 – محمد صالح , مرجع سابق ,ص86
25 – أفريت هاجين : حول نظرية التغير الاجتماعي ,ترجمه : عبد المغني سعيد , مكتبة الانجلو المصرية ,1979م ,ص ص 10- 87
26 – محمد صالح ,مرجع سابق ,ص ص 91- 92
27 – المرجع السابق ,ص 108
28 – المرجع السابق , ص ص 109-112
29 – السمالوطي , مرجع سابق , ص 127
30 – محمد صالح , مرجع سابق , ص ص 94-96
31 – أفريت روجرز ,الأفكار المستحدثة وكيف تنتشر , ترجمه: سامي ناشد, عالم الكتب ,القاهرة , 1962م ,ص ص10-87
32 – جهينة العيسى ,مرجع سابق ,ص 99
33 – عبداللة احمد المصراتي ,التحديث الاجتماعي وعلاقته بالجريمة ,رسالة ماجستير غير منشورة ,جامعة قاريونس ,2002م ,ص 92
34 – المرجع السابق ,ص ص 89 – 90
35 – جهينة العيسى ,مرجع سابق , ص 92
36 – الهمالي ,التحديث الاجتماعي ,مرجع سابق , ص20
37- صلاح الفول ,علم الاجتماع بين النظرية والتطبيق ,الطبعة الأولى,دار الفكر العربي ,1996م ,ص ص 120- 121
38 – معن زيادة , مرجع سابق , ص69
39 – محمد عاطف غيث ,ومحمد علي محمد , دراسات في التنمية والتخطيط الاجتماعي , دار النهضة العربية ,1986م ,ص ص115- 116
40 – سمير عبده ,تحديث الوطن العربي "بين الميكانيكية العقلية
والميكانيكية الخرافية " ,منشورات دار الأفاق الجديدة ,بيروت ,1981م ,ص56
41 – عبدالواهاب ألمسيري ,ندوة ,الحداثة ومابعد الحداثة ,جمعية الدعوة الإسلامية العالمية ,1998م ,ص 84
42 – عمر الشيخ ,جهاد حلمي ,دور الجامعة الأردنية في تنمية اتجاهات الحداثة عند طلبتها ,مجلة العلوم الاجتماعية ,العدد4, 1986م ,ص180
43 - مصطفى التير , اتجاهات التحضر في المجتمع الليبي , المؤسسة العربية للنشر والإبداع , ط1 , 1995م ,ص ص62-63
44 – مصطفى التير ,مسيرة تحديث المجتمع الليبي "مواءمة بين القديم والجديد, معهد الإنماء العربي ,ط1, 1992م, ص ص 31 -32