الفصل الثالث:
تمهيد :
أدى التطور السريع الذي عرفه العالم في نهاية القرن الحالي إلى تعاظم وسائل الإعلام و ازدياد الحاجة إليها و لم
تمض سوى عقود قليلة حتى تبوأت وسائل الإعلام مكانة بارزة في الحياة اليومية للإنسان المعاصر و صار الاعتماد
عليها ضرورة أملتها ظروف التقدم و التطور السريع فبواسطتها أصبح العالم مثل قرية كونية صغيرة . ولقد أدت سرعة
تطور وسائل الإعلام و الاتصال بصفة عامة إلى وصف هذا العصر بعصر الاتصالات أو عصر المعلوماتية ، وقد أدى
التطور التكنولوجي الكمي و النوعي إلى أن أصبحت الاتصالات فورية تتم في التو واللحظة و نتيجة لذلك أصبح العالم
مرتبطا ، تؤثر الأحداث في أي جزء منه على بقية أجزائه و أصبح الاعتماد على وسائل الإعلام في أي نشاط اقتصادي
أو سياسي أمرا لابد منه لما لهذه الوسائل بما تمثله من صحافة مكتوبة أو إذاعة مسموعة أو مرئية و غيرها من قدرة
على التأثير في الجماهير فهي الوسيط الذي يشرح و بالتغيير و يأتي و بأفكار جديدة وذلك عن طريق الدعاية و الإعلان
و مختلف البرامج الإذاعية .
المطلب الأول :
1) تعريف وسائل الإعلام :
بغض النظر عن عشرات التعريفات المختلفة التي وردت للإعلام ، فلعلنا لسنا في حل من أن نعرفه و لكن ببساطة ،
نقول انه عبارة عن مجموعة من الوسائل التقنية و المادية و الإخبارية و الفنية و الأدبية و العلمية المؤدية للاتصال
الجماهيري بالناس ، بشكل مباشر أو غير مباشر ، ضمن إطار العملية التثقيفية و الإرشاد للمجتمع .
فالإعلام هو عملية تفاهم تقوم على تنظيم التفاعل بين الناس و تجاوبهم وتعاطفهم في الآراء فيما بينهم و هو في هذه
الحالة ظاهرة طورتها الحضارة الحديثة و جعلتها خطيرة و دعمتها بإمكانات عظيمة ، حولتها إلى قوة لا يستغنى عنها
لدى الشعوب و الحكومات على حد سواء .
وسواء كانت الوسائل الإعلامية مقروءة أو مسموعة أو مرئية فان الغاية الإعلامية تتمثل في المضمون الذي تقدمه هذه
الوسائل ، ومدى مسايرته لروح العصر و الفعالية الموضوعية و الأبعاد التثقيفية ، والشكل الفني الجميل و الملائم فيه و
يتم نقد هذا الجهاز الإعلامي و تقويمه عموما .
1.1) الإعلام :
يعرف الإعلام في اللغة " بأنه الاطلاع على الشيء ، فيقال اعلمه الخبر أي أطلعه عليه ، في المصطلح الدارج هو
اطلاع الجمهور بإيصال المعلومات إليهم عن طريق وسائل متخصصة بذلك ، فينقل إليهم كل ما يتصل بهم من أخبار و
معلومات تهمهم و ذلك بهدف توعية الناس بأمور الحياة "(1) . و للإعلام و وسائل تعينه على تحقيق معناه في المجتمع
، تسمى وسائط أو أجهزة تؤدي دورها في إعلام الجمهور فتنقل المعلومات إليه و من ابرز هذه الوسائل :
*الوسائل سمعية :
تعتمد على السماع في إيصال المعلومات التي يراد إعلام الناس بها وهي من أكثر الوسائل شيوعا في حياة الانسان
حيث كان الرواة قديما من الحفظة يقومون بهذا الدور و رواية ما يحفظون ، يستمع إليهم الناس و يتعرفون على ما
يقولوه و يصبحون على علم به .
* الوسائل البصرية :
سميت هذه الوسائل بهذه التسمية لاعتمادها على حاسة البصر كمصدر رئيسي في الإعلام فهي وسيط إعلامي يرتبط
بهذه الحاسة الهامة في حياة الإنسان حيث أن المشاهدة العينية للشيء تضيف قوة في الإثبات و المعرفة لهذا الشيء
المشاهد ، ولذلك تلقى الوسيلة الإعلامية البصرية قبولا لدى المشاهدين أكثر من سواها .
وتدخل القراءة و المشاهدة في باب الوسائل البصرية كالصحيفة و المجلة و الكتاب و المطبوعات الأخرى ، كذلك
النشرات و الخرائط و الرسومات .
* الوسائل السمعية البصرية :
سميت هذه الوسائل بهذه التسمية لاعتمادها على حاستي السمع و البصر في وقت واحد
وهذه الوسائل هي الأكثر تأثيرا و أبلغها وضوحا في الإعلام ، فقد ثبت علميا ان اشتراك أكثر من حاسة في الاطلاع
على الشيء يساعد على معرفته و العلم به .
2.1) الاتصال :
هو العملية أو الطريقة التي تنتقل بها الأفكار و المعلومات بين الناس داخل نسق اجتماعي معين يختلف من حيث الحجم
و من حيث المحتوى المتضمنة فيه ، بمعنى أن هذا النسق الاجتماعي قد يكون مجرد علاقة ثنائية نمطية بين شخصين أو
جماعة صغيرة أو مجتمع محلي أو مجتمع قومي أو حتى أو حتى المجتمع الإنساني ككل ، حيث يوجد أنماط معينة من
انتقال الأفكار و المعلومات و أهمها :
- انتقال المعلومات و الأفكار من مركز إصدار أو إرسال إلى مركز استقبال بحيث يكون الإرسال هو البعد الايجابي .
- العملية الموجودة عملية تبادل للأفكار أكثر منها انتقال أو تبادل في المعلومات ببساطة هي عملية تفاعل مستمر .
و قد تناول موضوع الاتصال العديد من العلماء "ويلي رايس" إلى انتقال المعاني بين الأفراد هو الذي يحدد العلمية
الاجتماعية بل يحدد الأشكال المختلفة حيث يصبح بقاء الحياة الإجتماعية و استمرارها متوقفا على انتقال الرموز ذات
المعنى ويتبادلها بين الأفراد ، كما و أن النشاط الجماعي ، أيا كان نوعها متوقفة إلى حد كبير على الخبرات المشتركة
من المعاني ، و الاصطلاح السوسيولوجي الذي يشير إلى انتقال الرموز ذات المعنى بين الأفراد هو الاتصال أو
التواصل أما "تشارلز كوبي" فانه يعني بالاتصال :
" ذلك الميكانيزم الذي من خلاله توجد العلاقات الإنسانية و تنمو و تتطور الرموز العقلية بواسطة وسائل نشر هذه
الرموز عبر المكان و استمرارها عبر الزمان ، وهي تتضمن تغييرات الوجه و الإيماءات و نغمات الصوت و الكلمات
و الطباعة و الخطوط الحديدية و الطرق و التلفزيون ، وكل يلك التدابير التي تعمل بسرعة و كفاءة على قهر بعدي
المكان و الزمان "(1).
المطلب الثاني : وسائل الإعلام
إن السمة الرئيسية التي اتسم بها عصرنا الحالي ، بفضل تطور تقنية الاتصالات و الالكترونيات هي انه عصر الاتصال
، تبوأ صناعة الاتصال الجماهيري أهمية خاصة من خلال ما تستقطبه و سائلها من تعرض واسع لها ، و لما تتركه من
آثار على النفس الإنسانية و المجموعة البشرية و بسبب التوسع في استعمال وسائل الاتصال الجماهيري ، أخذت
المعاهد الأكاديمية تعن بدراسة تلك الوسائل و تدريسها ، ليس التعرف على آثارها الاجتماعية المختلفة فحسب ، بل و
لتسخيرها لخدمة الإنسان بفعالية أكبر ، ثم لتهيئة الكوادر المدربة على القيام بعملها على الصورة الصحيحة و من أهم
وسائلها :
1) الصحافة :
تعد وسيلة من وسائل الاتصال الجماهيري ، فهي تقنية إعلامية حديثة النشأة غايتها خدمة الثقافة و المعرفة و تزويد
المجتمعات بالمعارف و الأخبار و ربطهم بشتى المناطق في العالم ، إما الصحافة الجزائرية فكانت في فترة الاستعمار
حكر على المستعمر بنسبة كبيرة و مع ذلك نجد صحافة جزائرية تابعة لجمعية العلماء المسلمين ناطقة باللغة العربية و
صحافة تابعة لحزب الشعب ناطقة بالفرنسية ، و بمجيء الاستقلال و استرجاع السيادة الوطنية استغلت هذه الأخيرة في
تحديد الهوية و بعث الروح الوطنية من خلال تجديدها و تطويرها و إعطائها صبغة حديثة لتساير التحولات التي تطرأ
على الساحة الداخلية و الخارجية ، فظهرت إسهامات جديدة متمثلة في جريدة الشعب الناطقة بالعربية و جريدة المجاهد
الناطقة بالفرنسية ، وبمرور الوقت و تحسن الأوضاع ظهرت جرائد وطنية جديدة .
2) الإذاعة :
ظهرت ثلاث قضايا محددة لوجود الإذاعة كوسيلة إعلام و هي :
الأولى : أن هناك عوامل اجتماعية معقدة عمقت الحاجة إلى وسيلة الاتصال فورية تنتقل عبر القارات .
الثانية : أن هناك سلسلة من الابتكارات العلمية و التقنية التي تراكمت ، حيث أن كل اخترع يؤدي إلى اختراع آخر .
الثالثة : مرتبطة بالأحداث التي نتج عنها تحول تكنولوجيا التلغراف اللاسلكي (التلغراف البرقي ) التجاري و الهاتف
اللاسلكي إلى وسيلة جماهيرية (1).
إن أولى جذور الإذاعة ترجع إلى اختراع الأمريكي " صامويل ف. ب. موريس " للتلغراف حيث صنعه في ورشة
خاصة به ، و بعد تمويله انتقلت أول رسالة بين واشنطن و بولتيمور في 24 مايو 1844 م (2)، كما ترجع إثبات العلم
الألماني " هنريش هرتز " للوجود الفعلي للموجات الكهرومغناطيسية ، و صمم جهازا لتوليدها و اكتشافها و اخترع "
ماركوني" جهاز اللاسلكي عام 1897 م (3). و بعد ذلك تم نقل الصوت البشري عبر اللاسلكي ، وذلك عام 1906 م ،
ثم تحت صناعة جهاز استقبال الراديو و حقق ازدهار خاصة في الثلاثينات و الأربعينات(4).
بين 1927- 1940 م أدخلت التحسينات على الإذاعات فتحسنت الوسائل ، البرامج و الموسيقى و الأنباء خاصة في
أوربا ، و أنشئت البرامج التمثيلية و الحقيقية و المنوعة(1) .
أما في الجزائر فقد بثت البرامج الإذاعية لأول مرة عام 1925م و كانت باللغة الفرنسية حتى عام 1943م (2). و قد
كانت نسخة من البرامج التي تبث في الإذاعة الفرنسية و لمواجهة ذلك أوجدت جبهة التحرير الوطني إذاعة سرية كانت
تنقل من مكان إلى آخر هروبا من المستعمر .
و بعد الاستقلال تغيرت تسمية الإذاعة من( راديو الجزائر) إلى (الإذاعة و التلفزة الوطنية ) و ذلك ابتداء من 01
نوفمبر 1962م ، و في جوان 1963م قررت السلطات وضع الإذاعة و التلفزة الجزائرية تحت إشراف وزارة الإعلام
و احتكار البث الإذاعي و استمرت الإذاعة في التطور حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن من اتساع البث و حسن
الصوت و غيرها من تبعات التطور التكنولوجي ، إضافة إلى الكفاءة و ذلك بفضل التكوين و الخبرة و تخصصت فمنها
الإخبارية ، الثقافية و المحلية و الشاملة و غيرها .
المطلب الثالث : التلفزيون
1) نشأته :
لا يمكن الحديث عن ظهور التلفزيون كوسيلة إعلامية دون الحديث عن الوسائل التي سبقته و التي ساهمت في ظهوره
، بشكل أو بآخر و من هذه الوسائل السينما و التلفزيون :
السينما :
السينما هي كلمة لاتينية " كيينما " بمعنى الحركة ، و السينما " ظاهرة مركبة ذات جوانب جمالية و سيكولوجية و
اجتماعية فالأفلام تعد بمثابة وثائق " تشمل على صورة و قصة مصحوبة بكلمات و موسيقى ، و هي بهذا تعد إنتاجا معقد
التركيب متعدد الأبعاد و قد لعب الفيلم على مر تطوره و قبل ظهور الوسائل الأخرى دورا متعدد الوجوه من حيث ما
يقدمه من معلومات و مسرحيات و موسيقى وما إلى ذلك " و كجميع وسائل الإعلام لم تأت السينما إلى الوجود كما هي
عليه الآن و على هذا التفوق التقني و الفني الكبير، و إنما كانت نتاجا لعدة عبر عدة مراحل قبل أن تظهر السينما و
يقدم إلى الجمهور أول عرض سينمائي و الذي كان من طرف المصورين الفرنسيين " اوغست و لويس لومبير " في يوم
28 ديسمبر 1985م في مقهى "الجراند كافيه" بباريس ، ولم يكن هذا العرض الأول من نوعه فلقد سبقه عرض " ماكس
سكلانوفسكي " الألماني الذي اخترع جهاز(البيوسكوب).
و عرض به أفلاما قصيرة ، و كان ذلك في نوفمبر 1985م كما سبقهم في شيكاغو ، وعرض فيه الصور المتحركة ،
غير لن النقاد و مؤرخي السينما أجمعوا أن التاريخ الرسمي لميلاد السينما هو تاريخ عرض" لوميير" .
يصف محمد الرميحي السينما بأنها هي حياة الناس في القرن 20م و ما بعده ، وهي المحاكاة الحقيقية للحياة أكثر من
أي فن آخر . فهي أكثر رحابة من المسرح و أكثر تسلية من الكتاب .
إن الحديث عن السينما كوسيلة إعلامية يحكمها نظام تقني و فني و تجاري عالمي لا يمنع من الرجوع إلى السينما في
بداياتها ، أو قبل بداياتها ، و ذلك من خلال المحاولات الكثيرة التي قام بها العديد من العلماء و الباحثين و المخترعين و
الهواة من اجل الوصول إلى تحريك الصور ، و قد ارتبط تطور السينما بثلاث مشكلات علمية و تقنية كان يجب حلها
قبل أن يتم اختراع آلة العرض السينمائي و هي :
1- مبادئ عرض صور الظلال :
سعى الباحثين إلى إظهار وعرض صور الظلال باستخدام (البروجكتور،projecteur)
و هو جهاز تسليط الضوء ، و الصور على الشاشة البيضاء ، حيث يمر الضوء عبر فتحة فتظهر الصورة على الشاشة
العاكسة في غرفة مظلمة ، كما ظهرت بعد ذلك كاميرا الغرفة المظلمة و طورها " ليوناردو ديفنتش" و حلت مشكلة
الظلال من طرف العالم
" أثاناسيوس كيرشر" المولود عام 1601م بترتيبه الطرق التي من خلالها تسرد القصص في أثناء عرض الشرائح
بالبروجكتور و طور العلماء هذا الجهاز و جعلوه للتسلية ، و بالتالي تم التحكم في مبادئ عرض صور الظلال و هذا
عام 1645م (1).
2- وهم الحركة المستمرة :
اهتم الباحثون بكيفية عرض سلسلة من الصور بسرعة أمام العين البشرية , وتعتمد على الخداع البصري الذي يحدث
خلال عمليات الإدراك العصبي إلى إظهار الصور المتتالية كأنها صورة واحدة تتحرك وقد اخترع البلجيكي ( جوزيف
بلاتو ) جهاز يحتوي على قرص كبير فيه سلسلة من الصور حول محيطه , بحيث تكون كل صورة منها مختلفة على
الصورة التي قبلها اختلافا طفيفا وعندما تعرض تعطي وهم الحركة , وقد سمي ( بلاتو ) جهازه بـ :
fantscope أوphénelaistiscopes , وكان أول جهاز سينمائي حقيقي للعرض
السينمائي(2) .
3- التصوير:
اخترع ( لويس داجير ) عام 1839 أول صورة على لوح مصقول من النحاس المغطى بالفضة , وجاء بعده المخترعون
, فطوروا تكنولوجيا التصوير حتى انتشرت الكاميرا الصغيرة , وكاميرا الهواة , ومع وجود الفيلم المرن الذي اخترعه
( ويستمان ) أصبح تطوير السينما أو الصورة المتحركة اقرب (3).
وبصناعة راديسون الكاميرا السينمائية , وجهاز العرض السينمائي في العقد الأخير من القرن آلـ 19 صارت السينما
حقيقة وتطورت وتنوعت صناعتها وإنتاجها تحول المجتمعات وتطورها , ضمن الأفلام البسيطة الصامتة إلى أفلام
الواقعية التي ترصد الحياة بايجابيتها وسلبيتها إلى أفلام الخيال العلمي والخيال الفلسفي (4).
وقد اهتم العالم العربي بالسينما مباشرة بعد أول عرض سينمائي لها , وحاول المهتمون بهذا الفن الذي يقترب من ’فن
خيال الظل’ الذي كان مألوفا في العالم العربي –أن يعربوه ويجعلوا من هذه الوسيلة طريقة للتعبير عن الثقافات
القومية للشعوب ,ومما يدعو إلى الاهتمام والدهشة انه قبل نهاية 1986 كانت السينما قد انتشرت في معظم اتحاد العالم
العربي (1).
أما السينما الجزائرية فقد بدأت في ساحات القتال ,عندما أسس السينمائي الفرنسي المناضل (رينيه فوتيه) مدرسة
للسينما في معسكرات جبهة التحرير , بالقرب من حدود تونس , وأنتجت أول فلم جزائري بعنوان’ الجزائر تلتهب ’
عام 1958 ومن أول السينمائيين الجزائريين ’الأخضر حامينا وجمال شندرلي , ولما تأسست تونس حكومة موقسة
للثورة الجزائرية اشتملت على وزارة الإعلام بها قسم خاص بالسينما , وذلك عام 1959 (2)وبعد الاستقلال
تراوحت السينما الجزائرية بين التطور تارة والتدهور تارة أخرى.
ب- وظائفه:
الوظائف الايجابية :
1- وظيفة ترفيهية :
الترفيه حاجة أساسية لدى الإنسان يبحث عن تلبيتها وهو مرتبط بوقت الفراغ ويقوم على أسس تتوافق مع معطيات
وقوانين العلوم الإنسانية ومع خصائص وسائل الإعلام الجماهيرية المختلفة , وخاصة التلفزيون الذي يقدم للمشاهد مادة
تروح عنه وتريح أعصابه وتحفف من توتره وتعبه اليومي بعد العمل والدراسة كما أنها تجمع الأفراد الأسرة أم التلفاز
لمشاهدة برامج التسلية ولكن هذه البرامج يجب أن لا تكون عبثية تهدف إلى الإضحاك فقط بل على المسئولين عن
صناعة التسلية أن يقدموا أمورا للمشاهدة تتعلق بواقعه و مجتمعه و عصره و عالمه في طابع الهزلي كوميدي يربحه و
يفيده و هذا هو ما يصطلح به "الترفيه الصحي و النظيف"(3) . وقد أشارت الدراسات إلى أن شراء جهاز تلفزيون لم
يكن بغرض متابعة الأخبار السياسية بل من أجل التسلية و الترويج و شغل أوقات الفراغ(4) و تحتل البرامج الترفيهية
جزءا كبيرا من برامج التلفزيون و هي تنوع بين الإنتاج المحلي و الإنتاج الأجنبي المستورد ، و يتمثل في الأفلام ،
المسلسلات ، الأغاني ، المسرحيات ، برامج الأطفال ، حصص الألعاب و غيرها و يختلف الترقية من برنامج لآخر
فلكل مجتمع طريقته في التسلية لان ثقافة المجتمع هي التي تحدد برامج الترقية المقدمة في التلفزيون .
2-وظيفة تربوية و تثقيفية :
التلفزيون كمعلم يعطي للدارسين إحساسا بالتماثل مع المدرس لان التلفزيون يعتمد على الصوت و الصورة و يمكن أن
يوحي للمتعلم بان القائم بالتعليم يتحدث إليه شخصيا مما يجعله وسيلة فعالة لان الدراسات أثبتت أن مجموع اثر الرسالة
الاتصالية في الملتقى هو 7% شفهي( كلمات فقط ) و 38 % صوتي ( بما في ذلك نبرة الصوت ، تغييرها و بقية
الأصوات ) و 55 % غير شفهي أي بصري (5).
* يتيح للتلفزيون الفرصة للأدبيين لكي يتعلموا معارف جديدة من خلال برامجه كما يمكن استخدامه في محو الأمية ،
كما فعل العراق في تجربة محو الأمية عام 1978م حيث ساهم التلفزيون بمواضيع و برامجه فعالة في إنجاح التجربة
أن التلفزيون الياباني مازال إلى اليوم يقدم دروسا في مختلف العلوم (1).
* التلفزيون يقدم الكثير من المعلومات مثل : المعلومات التي تدرس في مجال الدراسة في المدارس مما يجذب إليها
المشاهد بغرض توسيع معلوماته في مجال دراسته .
* يساهم ببرامجه في عملية التنشئة الاجتماعية لذلك فهو يلقب بالأب الثالث .
3- وظيفة إعلامية :
يدخل التلفزيون ضمن وسائل الإعلام الجماهيرية و يعتبر أهمها بسبب مكانته و انتشاره و لأنه لا يستطيع نقل الأحداث
بالصوت و الصورة مباشرة أو مسجلة و برامجه الإعلامية متنوعة و أبرزها البرامج الإخبارية و تظهر أهمية الوظيفة
الإعلامية للتلفزيون في اهتمام تلفزيونات العلم بقسم الأخبار و تزويده بالأجهزة كما يحظى مقدموا الأخبار بمكانة و
مرتبات مرتفعة مقارنة بزملائهم في الأقسام الأخرى و يبرز دور التلفزيون إعلاميا بشكل كبير عند بروز الأحداث
للساحات الإعلامية كالنزاعات بين الدول و المجاعات و الحروب و البطولات الرياضية .
4- وظيفة تجارية :
يمكن أن تدخل هذه الوظيفة ضمن الوظيفة الإعلامية للتلفزيون و تتمثل الوظيفة التجارية في الإعلانات التي تتعلق بمواد
تهم المشاهد و تغريه و هذه الوظيفة تعود بالفائدة على المستهلك و التلفزيون و الجهة العارضة لمواد الإعلانات .
5- وظيفة اجتماعية :
تستطيع زيادة الاحتكاك و التواصل الجماهيري من خلال برامجه كما يجعل الأسرة تجمع و تتنافس حول مادته المقدمة
إضافة إلى ترسيخه لبعض القيم كالتعاون و الترابط الأسري و حله الكثير من المشاكل الاجتماعية .
الوظائف السلبية :
على الرغم من كل السلبيات التي يتمتع بها التلفزيون كوسيلة اتصال جماهيري إلا انه واجه العديد من الانتقادات حتى
انه قد تأسست جمعيات للهجوم عليه و رفضه في كل أنحاء العالم و قد صدر في الولايات المتحدة كتاب بعنوان " أربع
حجج لإلغاء التلفزيون " كما طلب المستشار الألماني السبق "هلموت شميت " بوقف الإرسال التلفزيوني عدة مرات في
الأسبوع بسبب انه قد أساء للعلاقات الاجتماعية .
و يمكن تلخيص بعض سلبيات التلفزيون فيما يلي :
- خطورة مشاهدة التلفزيون من الناحية الصحية فهو يؤثر سلبا على البصر ، الظهر
- تفكيك الروابط الاجتماعية .
- يؤثر على التنشئة السليمة للطفل بسبب تقديمه في أغلب الأحيان عالما مخالفا للعالم الحقيقي الذي يعيشه كما يعلمه
بعض العادات السيئة كالعنف .
- التأثير على التحصيل الدراسي و المراجعة و النشاط عند الطفل كما يكسبه الخمول و الكسل .