من أعلى اليمين: عبد الرؤوف الروابدة، عبد السلام المجالي، فايز الطراونة، عون الخصاونة، أحمد عبيدات، زيد الرفاعي، طاهر المصري، عبد الله النسور
القصر الملكي الأردني مع «الخبرة» وجهاً لوجه: «عاتبون» وملاحظون وغائبون من «نادي الرؤساء» على طاولة «الملك»
بدت الرسالة الملكية الأردنية ظهر الاثنين واضحة الملامح ومباشرة لأعضاء نادي رؤساء الوزارات السابقين، وفكرتها: تفضلوا.. لا أحد يمنعكم من العمل من أجل وطنكم ودولتكم، وثمة قرار سياسي لحراك إيجابي مع المجتمع.
يمكن طبعاً وببساطة استنتاج هذا الخطاب من الخبر الرسمي الذي أعقب لقاء نادراً ومهماً في القصر الملكي جمع هذه المرة الملك عبد الله الثاني شخصياً بجميع أعضاء نادي الرؤساء السابقين وبدون أي إستثناء كما كان يحصل في الماضي.
الهمس يتحول إلى مصارحة و«الديناصور» يستطيع العمل و«مؤسسة ولاية العهد» تتحرك
قبل اللقاء الذي استعرض على الأرجح بصراحة كل الملفات، بعدة أسابيع، اجتمعت شخصيات متعددة في منزل عميد عائلة المجالي وبحضور الدكتور عبد السلام المجالي. وكانت فكرة المجالي التي يوافق عليها نظيره المخضرم عبد الرؤوف الروابدة ولا يعارضها بالقراءة نفسها رفيقهما طاهر المصري كانت تتمحور حول السؤال التالي: «مع من نتحدث في القرار اليوم؟».
السؤال في حال تسييسه يبدو استنكارياً. وأحد أبرز المصرّين على طرحه المخضرم جداً أحمد عبيدات، الذي ابتعد عن سياق الدولة وإيقاعها الرسمي منذ توقيع اتفاقية وادي عربة عام 1994، ونادراً ما شارك في حوارات مرجعية. سأل أحد الحراكيين البارزين عبيدات عن ابتعاده واعتزاله شؤون الحكم وإدارة الدولة والنصائح لصاحب القرار، فطرح السؤال نفسه: مع من نتحدث اليوم ومن يوصل الرسالة؟
حتى محنك من وزن الروابدة طرح الملاحظة نفسها، لكنه حاول تلوينها عندما ألمح في مناسبة اجتماعية إلى أحد الموظفين الكبار في مكتب الملك بالملاحظة التالية: نطالب على أساس أننا نمثل الديناصورات بالتحرك والقيام بالواجب.. وعندما نفعل تعبرون عن انزعاجكم. كانت تلك واحدة من أجرأ الملاحظات في تشخيص حالة غياب الكيمياء بين طبقة المسؤولين الحاليين في دوائر القرار ومن يتم اختيارهم وبين حرس الدولة الأقوياء من أصحاب الخبرات وقدامى النخب في عهد الملك الراحل حسين بن طلال، الذين يعتقد كثيرون بأن خبراتهم مطلوبة وبإلحاح هذه الأيام.
«مع من نتحدث من أبناء جيل اليوم؟» سؤال متكرر وسط النخب الكلاسيكية والمؤثرة في إدارة الدولة الأردنية. وهو سؤال استفهامي أيضاً، ولا يقف عند حدود الاستفهام، حيث «جيل جديد» من المسؤولين في المواقع التنفيذية المتقدمة يحاولون بنشاط «تجاهل» الخبرات المتراكمة عند أعضاء نادي رؤساء الحكومات الذين تجمع أربعة منهم على الأقل على هامش نشاط لجمعية الشؤون الدولية وقرروا المشاركة مع جنرالات متقاعدين في تقديم وثيقة «إصلاحية» أو تنصح بالإصلاح للقصر الملكي.
في كل حال، نظم المكتب الملكي الاثنين اجتماعاً مثيراً من حيث خلطته ونكهته السياسية، بعدما بقي في حدود رموز نادي الرؤساء السابقين الذين جمعتهم طاولة القرار والقصر رغم التباينات والاختلافات الكبيرة بينهم، وبصيغة توحي بأهمية وخطورة الظرف الإقليمي الذي تمر به المنطقة، والأهم توحي بضرورة الاستعداد لأجندة قد تكون استثنائية قريباً على المستوى الدولي والإقليمي. ثمة مفاجآت ببعد شخصي في هذا اللقاء، فقد حضره القطب الذي أصبح أقرب للمعارضة طوال سنوات أحمد عبيدات. وعاد من خلاله للدائرة صاحب الخبرة الكبيرة زيد الرفاعي، الذي انسحب من المواقع العامة قبل سنوات قبل ظهوره مجدداً، فيما حضر أيضاً رئيسان من وزن عبد الكريم الكباريتي وعون الخصاونة.
كما شاهد الأردنيون الرئيس علي أبو الراغب في حوار ملكي مع أقرانه بعد غياب لعدة سنوات. وظهر أيضاً أكثر أعضاء النادي حضوراً وتفاعلاً وشباباً وسناً، سمير الرفاعي إلى جانب معروف البخيت ونادر الذهبي ومعهما عبد الله النسور وفايز طراونة. ومثل هذه «التركيبة» تصبح «خبراً» بحد ذاتها عندما تجتمع على مائدة حوار ملكية. ويولد أصلاً مثل هذا اللقاء؛ لأن الحاجة ملحة أولاً للاستعداد لمرحلة جديدة، وثانياً، لأن الظروف تتطلب مثل هذا اللقاء بهذا التركيب، ولأن صاحب القرار المرجعي ثالثاً قرر إظهار أنه يلتقط كل الرسائل التي توجه مباشرة أو تطرح همساً في صالونات كبار رموز طبقة رجال الدولة القدامى. إن مثل هذا اللقاء، بصرف النظر عما تردد وقيل فيه، ينظم في ظل أزمة اقتصادية خانقة محلياً وظرف إقليمي ودولي معقد وبعد تنامي شعور نادي الرؤساء السابقين بأن الدولة لم تعد تستمع لهم ولا تشاركهم بأي معلومات أو تقديرات أو خبرات.
وليس سراً أن اللقاء يعقد أيضاً في ظل الحراك النشط في المجتمع وبنيته وفي الأطراف والمحافظات لمؤسسة «ولاية العهد». كما يعقد لكي تقف تفاعلات «العتب السياسي» عند المخضرمين من رجال الدولة وبيوت الخبرة، وضمن سياقات رسالة يمكن القول إنها تتضمن عملياً الإيحاء الأهم بأن الساحة مفتوحة للعمل وبأن على بقية الأجهزة أن تتوقف عن إعاقة الخبرة عندما تتصرف أو تحاول التحرك