أبو مازن لتميم: مشعل يكذب!
وسط النار المشتعلة في غزة، حطّ أبو مازن في 21 آب الماضي في الدوحة يشكو لأميرها «(خالد) مشعل الكذّاب» الذي تدير حركته انقلاباً في الضفة. بدا محمود عباس متوتراً. وضَع «سمو الأمير» تميم بن حمد أمام «قضيتين لا نستطيع حلهما»: المفاوضات الفاشلة مع إسرائيل والعلاقة مع حماس. «حماس بدها تجنني»، قال عباس. أبلغ الأمير ما نقله له الصهاينة: «ألقوا القبض على 93 عنصراً من حماس قاموا بالإعداد لانقلاب في الضفة، يرعاهم صالح العاروري من تركيا، وصلة الوصل بينهم شخص في عمان اسمه «جواد». تفهّم الأمير رئيس السلطة: «أنت حكيت معلومات مصدرها إسرائيل، (إذاً) بالتأكيد صحيحة». لحظات ويدخل خالد مشعل ووفد حماس المرافق قاعة الاجتماع. توتّر عباس انسحب أمام «خصومه»... قدّم مطالعة أنهاها بجملة: «نفذتم الانقلاب بالاتفاق مع دحلان، وحتى الآن لكم علاقة معه...». يتدّخل القيادي الحمساوي موسى أبو مرزوق: أنت بعدك لغاية اليوم مصدق هالقصة؟ فيردّ أبو مازن: لا تقاطعني، لا تستفزني يا أبو عمر. تطول «الاستفزازات» والاتهامات لينهي «سمّوه» الاجتماع ريثما يفّك عباس عصبيته. «الأخبار» حصلت على محضر الاجتماع وتنشره في ما يلي:
بعد ترحيب الأمير تميم بالرئيس الفلسطيني، وسؤاله عن الأوضاع في غزة والضفة الغربية، دار الحوار الآتي:
ــــ أبو مازن: أشكر سموكم على المقابلة رغم كثرة مشاغلكم، لكن الوضع لا يطاق ولا يحتمل التأجيل. الأمور في قطاع غزة في غاية السوء، وكان البعض يرغب في تفجير الأوضاع في الضفة الغربية وكانت نواياهم خبيثة.
ــــ الأمير: نحن دائماً نلح ونطلب من حماس وقف إطلاق النار حفاظاً على الأطفال والنساء، لذلك أيدنا مفاوضات التهدئة في القاهرة، لكن الخطاب المصري شوية غير مريح، والفترة الأخيرة الأميركان يتواصلون معنا يومياً، وكيري كل يوم يتصل ألف مرة.
ــــ أبو مازن: الوضع الفلسطيني صعب. نحن أمام قضيتين أساسيتين لا نستطيع حلهما. الأولى: المفاوضات فشلت. 20 سنة نفاوض على حدود 67 ولم نتقدم خطوة واحدة، وأخيراً وافقنا على عرض كيري لتجديد المفاوضات 9 شهور، ووافقنا على طلب أميركا بعدم الذهاب للأمم المتحدة مقابل إطلاق الأسرى. لكن الإسرائيليين رفضوا إطلاق الدفعة الرابعة ووقف الاستيطان، وفشلنا، لذلك قررنا التصالح مع حماس برعاية سموكم، وتأليف حكومة وفاق وطني، إسرائيل رفضت التعامل معها، وذهبنا ووقعنا 15 معاهدة دولية، ومن أبريل حتى الآن لا تقدم في المفاوضات. ظل الأميركان يقولون سنعطيكم «Framework» وهم يماطلون ولم يعطونا هذا الإطار. قلنا نريد عرضاً مكتوباً لا شفهياً، فغضبوا منا. لم يعطونا سوى الكلام. إذا كانت أميركا تريد حلا فلتوافق على دولة فلسطينية في حدود 67، وعاصمتها القدس، وخلال شهرين أو ثلاثة على ترسيم الحدود، ثم نتفاوض على بقية النقاط. إذا وافقوا سنوقف التنسيق الأمني والتعاون مع إسرائيل، ونطلب من نتنياهو أن يأتي لتسلّم السلطة، ويرجع الوضع إلى ما كان قبل أوسلو. أبلغت رئيس المخابرات الإسرائيلية ذلك أثناء زيارته لي قبل أيام، وبدأت بإبلاغ الأميركان تدريجياً، وخلّيها تخرب على الكل.
الثانية: علاقتنا مع حماس. منذ مجيء السلطة وهم يعملون لإفشالها وإسقاطها، عرفات دعاهم للمشاركة في السلطة وانتخابات 1996 رفضوا وقالوا الديمقراطية حرام لأنها حكم الشعب، ونحن نريد حكم الشرع. بيعطوا فتاوى على كيفهم، وبيستخدموا الدين لخدمة أهدافهم. (...) ذهبنا إلى الكعبة، وأقسمنا على التمسك بالوحدة الوطنية، وبعد ثلاثة شهور انقلبوا على السلطة. حتى الآن كلما تحدثت عن مشعل أمام الملك عبد الله يقول لي: هذا مشعل كذاب.
خطفت حماس المستوطنين بهدف التخريب لضرب المشروع الوطني والسلطة
كلما اتحدث عن مشعل أمام الملك عبد الله يقول لي «هذا مشعل كذاب»
ثم حدثت حرب 2009 وبعدها حرب 2012 ونحن ضدها، ووقعوا اتفاقا من خلال جماعتهم و(محمد) مرسي وهيلاري كلينتون، ثم جئنا عندكم واتفقنا على إنجاز المصالحة. منذ أكثر من سنتين وهم يماطلون ولا يريدون انتخابات. رجعت الانتخابات حرام. (...) في الفترة الأخيرة حدث ما أخرجني عن طوري، فقد خطفوا ثلاثة مستوطنين وقتلوهم، وعندما سألنا مشعل أجاب: لا أعلم، ثم بعدها قال: لا أنفي ولا أؤكد! كذب ومراوغة، هذا كله رغم أن إسرائيل والأميركان قالوا لي حماس، فقلت لهم غير صحيح، وهاتوا أدلتكم. ومفاجأة الأمس صالح العاروري أعلن مسؤولية حماس عن الخطف من تركيا. يعني تركيا تقبل هذا الموضوع، وهيدا شريط فيه اعترافات العاروري، ونتيجة هذا العمل قتل 20 فلسطينيا واحراق محمد أبو خضير وهو حي. هدفهم تدمير الضفة وإحداث حالة من الفوضى لتنفيذ انقلاب علينا، حماس بدها تجنني، منذ اختطاف شاليط يتصلون بالإسرائيليين والأميركان والأوروبيين والألمان وغيرهم، يفعلون كل شيء من وراء ظهورنا. حتى ونحن في مفاوضات القاهرة، نحن مجرد طربوش خيال... يقولون لبقية الوفد نحن الموجودين في الميدان، نحن الذين نقاتل، هذا يعني أن السلطة لا تشارك في قرار الحرب ولا قرار السلام.
مدير المخابرات الاسرائيلي جاءني قبل اسبوعين إلى رام الله، وكانت زيارة خاصة، وقد أبلغته خطواتي السياسية التالية، فقال لي سأنقل رسالتك إلى رئيس الوزراء نتنياهو. وقال لي أريد أن أضعك في صورة مواضيع متعددة وخطيرة تهدد وجودك ووجود السلطة في الضفة، واحد منها أبلغني أنهم ألقوا القبض على 93 عنصراً من حماس أعدّوا لانقلاب على السلطة في الضفة، يرعاهم صالح العاروري من تركيا، وصلة الوصل بينهم شخص في عمان اسمه «جواد». وقال لدينا الاسماء والسلاح والانفاق التي جهزوها للانقلاب عليك.
لماذا يريدون الانقلاب؟ كنت أشعر بذلك، وأجهزتي الأمنية كانت تقدم إليّ تقارير عن ذلك، كل السلاح والمتفجرات التي أمسكناها لم تكن ضد إسرائيل، بل ضدنا، لكن لماذا الانقلاب؟! أين الشراكة بيننا؟ إلى أين نحن ذاهبون؟ لماذا هذه الطريقة الإيرانية في «التقية»؟ عام 2006 وضعوا لي متفجرات في الطريق، يريدون تفجيري، وأيضاً حفروا نفقا يصل إلى تحت منزلي في غزة، هذا شريط CD» مصور فيه كل شيء وتسمعهم يقولون هذا اللغم لابو مازن، إلى أين أنتم ذاهبون؟ نظام تقية لا ينفع معه الشغل (...) في مفاوضات القاهرة أرسل مشعل خمسة أعضاء. رغم ذلك، كلما احتجنا إلى قرار صغير عادوا إلى مشعل! نحن نريد هدنة قبل كل شيء، ثم نضع كل المطالب للبحث، ومشعل والأعضاء الآتون من الدوحة متعنتون، برغم أن وضع غزة صعب، ولكن لا يعنيهم ذلك، لأن الثمن يدفعه الناس البسطاء، أما هم فلا يعيشون في غزة، وكل هذا أدى إلى فشل مفاوضات التهدئة.
قبل الانقلاب كانوا متفقين مع دحلان على الانقلاب، وقبل شهرين طلبوا منه المغادرة، وقالوا له: نستطيع تنفيذ الانقلاب وحدنا، فخرج هو وجماعته، وحتى الآن بينهم تعاون، أقاموا عرسا جماعيا مشتركا والأموال من الامارات، واستقبلهم دحلان في الامارات ومعهم إخوان مسلمون واتفقوا على إقامة مشاريع مشتركة بأموال إماراتية، وأرسلت الامارات مستشفى ميدانيا وسلموه لاتباع دحلان، وهذه «صورة» تجمع أحد شيوخ الامارات مع أشخاص من حماس والجهاد، ماذا يعني هذا؟! لماذا التعامل والتعاون مع محمد دحلان؟! ما من نيات طيبة عند حماس. لا يمكن أن أعمل معهم بهذا الشكل، ولا أريد أن أبقى طربوشا. التجربة معهم تقول إن لا ثقة فيهم... حتى أثناء المفاوضات يقولون لوفد فتح: نحن نريد الشراكة، لكن أنتم كفّار بالنسبة لنا. نحن من يمثّل الاسلام.
ــــ الأمير: يا ليت كلامهم صحيح، ويمثلون الإسلام بحق.
ــــ أبو مازن: أنا بعرفهم كويس، لا علاقة لهم بالإسلام، من شيخهم الكبير إلى أصغرهم. (...) كثير من الدول العربية طلبت مني تهميشهم وإخراجهم من المشهد، السعودية ومصر والإمارات والأردن وآخرون اعترضوا على مصالحتي مع حماس، وأبلغت العرب أنني ماضٍ في اتمام المصالحة. بعد كل هذا يخططون للانقلاب عليّ في الضفة الغربية، ويؤلفون خلايا ضدي، يعملون على تدمير الضفة...
تميم لعباس: بصراحة أنت حكيت معلومات مصدرها إسرائيل، بالتأكيد صحيحة
ــــ الأمير: الوضع كما قلت لا يحسد عليه أحد. معلومات إسرائيل دائماً صحيحة، ولكن في النهاية حماس اخوتك وبالإمكان التفاهم معهم. البلاء كله من العرب، والكل يحاول إفشال جهودك في المصالحة...
ــــ أبو مازن: لماذا نتآمر على بعضنا بعضا وننفذ انقلابا؟
ــــ الأمير: بصراحة أنت حكيت معلومات مصدرها إسرائيل، بالتأكيد صحيحة.
ـــــ أبو مازن: هذه معلومات أكيدة، وأسأل ماجد مدير مخابراتي، لديه معلومات أيضاً، وليس إسرائيل وحدها، دائماً يقول لي اللواء ماجد ضبطنا خلايا حمساوية هدفها الانقلاب، وأقول له خذ سلاحهم واتركهم، ولديه معلومات عن خطف حماس المستوطنين الثلاثة بهدف التخريب لضرب المشروع الوطني والسلطة، ما مصلحتهم من خطف ثلاثة أولاد صغار؟... لماذا الانقلاب؟! أرسلت لمشعل التسجيل بالصوت والصورة، وأبلغته أنهم وضعوا لي لغما في الطريق، فقال لم يصلني شيء ولا أعرف عنه أي شيء! ــــ الأمير: الأخ خالد مشعل آت الآن، ولنتحدث بصراحة معه في كل الموضوعات.
ــــ أبو مازن: أود يا سمو الأمير أن اشكرك على تحويل الــ 50 مليون دولار، فقد جاءت في الوقت المناسب، نحن ننتظر مساعداتكم كل شهر، وكنتم وعدتم بفتح سفارة لفلسطين في الدوحة.
ــــ د. العطية: أنا أشرف على موضوع السفارة بنفسي، وستكون أكبر سفارة لفلسطين في المنطقة العربية.
ــــ الأمير: يجب أن تستعجل الامر وتنجز ذلك بسرعة.
(انضم السيد خالد مشعل والوفد المرافق له إلى الاجتماع، وقدم التحية للأمير، وحيّا الرئيس أبو مازن ومرافقيه).
ــــ الأمير: كنا نتحدث مع الرئيس أبو مازن وذكر نقاطاً كثيرة. خلاصة الكلام، نحن الآن أنجزنا مرحلة مهمة من المصالحة، وحدث العدوان. فخامة الرئيس ذكر العديد من النقاط، وأترك له أن يشرح، لكن الهدف أن نصل إلى حلول.
ــــ أبو مازن: أولاً المسار السياسي؛ بعد فشل تجربة 20 عاماً من المفاوضات، إسرائيل وأميركا لم يقدموا لنا شيئاً، والاحتلال ما زال قائماً، وهنا نضع استراتيجيتنا السياسية كالآتي: أن تقبل أميركا وإسرائيل خطياً بدولة فلسطينية على حدود 67، والقدس الشرقية عاصمتها، وبسقف زمني محدد، نبدأ مباشرة بترسيم الحدود خلال مدة محددة، ثم نناقش قضايا الوضع النهائي. فإذا قدموا لنا قبولاً خطياً كان به، وإذا لم يقبلوا سنعمل على الآتي:
1 ـــ وقف التنسيق الأمني والتعاون مع إسرائيل. 2ـــ ندعو نتنياهو إلى تسلم السلطة، وتتحمل إسرائيل مسؤولياتها كدولة احتلال.
ولدينا أيضاً قضية القدس (...) نتخذ نفس الخطوات السابقة: وقف التنسيق وحل السلطة، وهذا ما أكدته للملك الأردني عبدالله.
ثانياً العلاقة بيننا. هي حتى الآن بلا أساس. لا أريد العودة إلى الماضي، فقد شرحت لسموّ الأمير كل ما حصل منكم منذ عام 2006، والألغام التي وضعتموها لي، ونفذتم الانقلاب بالاتفاق مع دحلان، وحتى الآن لكم علاقة معه، وتعملون معه بأموال الإمارات.
ــــ موسى أبو مرزوق: بعدك لغاية اليوم مصدق هالقصة؟ قصص صراعكم الداخلي.
ــــ أبو مازن: لا تقاطعني، لا تستفزني يا أبو عمر.
ــــ مشعل: رجاءً أكمل أخي أبو مازن.
ــــ أبو مازن: لا أريد أن أعود إلى الماضي بكل حيثياته، فقد شرحته لسموّ الأمير بالتفاصيل. اتفقنا على حكومة وفاق وانتخابات، ويبدو أن ذلك مش راح يصير، تهربون السلاح والمتفجرات والمال إلى الضفة، ليس من أجل مواجهة إسرائيل، ولكن للانقلاب على السلطة. استمر ذلك إلى أن جاءني مدير الأمن الإسرائيلي قبل أسبوعين وأبلغني موضوع المجموعة التي اعتقلوها وتخطط للانقلاب، وهم مرتبطون بشخص اسمه جواد في الأردن، وهذا الشخص مسؤول عنه صالح العاروري في تركيا، وإضافة إلى ذلك لدى أجهزتي الأمنية دلائل. لماذا الانقلاب؟! هذا الموضوع يجب أن ينتهي. خطفتم ثلاثة أولاد وسألتك فقلت لي لا أؤكد ولا أنفي، وقلتَ سلمت أيادي من فعلوها، وبالأمس العاروري قال نحن الذين فعلناها، لماذا؟ ما الغرض من ذلك؟ تدمير الضفة وقتل عشرين شاباً وحرق محمد أبو خضير.
قال لي نتنياهو حماس، قلت لا، والعاروري يقول نعم. وانطلقت الحرب على غزة، أين نحن؟ أين الحكومة؟ ألسنا حكومة توافق؟ (...) حرب 2012 فعلتم ما تريدون وحدكم وكأننا غير موجودين، والآن نحن نعمل معكم «طربوش»... الوضع الآن لا يحتمل. لا أقبل أن أكون مجرد طربوش أو خيال. مش عاوزين هذا المشروع بلاش، أنا سأستمر في هذا الخط، مش فارقة معي، لم أعد قادراً على التحمل، لا منكم ولا من فتح ولا من إسرائيل ولا من العرب، وما بعرف من وين بدي أتلقاها؟ عندنا حكومة وحدة وطنية وتفكرون في الانقلاب عليّ، وتتشاركون في العمل مع الحقير محمد دحلان ضدي، وإذا بتقول فش منو، بقول لك عندي الصور. الأمور يجب أن تكون واضحة، وأنا بحكم تجربتي معكم غير مقتنع بذلك.
ـــــ مشعل: غير مقتنع بماذا؟
ــــ أبو مازن: مش مقتنع معي بوضوح، أنا واصلة معي لحد هون (يشير إلى أنفه). أبو عمر يقول في القاهرة للوفد أنتم كفار.
ــــ مشعل: قل ما شئت، وبعدها اسمع منا. نريد أن نتفاهم لا أن نتقاتل.
ــــ أبو مازن: نعم أسمعك.
ــــ مشعل: ليكون القطريين بدهم ينقلبوا عليك مثل حماس؟
ــــ أبو مازن: هم أهلي واحتضنوا عائلتي سابقاً، واليوم يحتضنون أحفادي.
ــــ صائب عريقات: نحن على مفترق طرق وفي سفينة واحدة. إذا أردنا أن تكون لنا دولة على حدود 67 وعاصمتها القدس، وبقرار من مجلس الأمن، فالسؤال عند الأميركان والأوروبيين: هل حماس جزء من المشروع الوطني؟ معالي الدكتور خالد العطية أبلغهم أن حماس جزء من الحل وليس المشكلة. نريد أن نكون قادرين على أن نقول أمام العالم إن حماس جزء من المشروع الوطني...
ــــ عزام أحمد: الأخ أبو مازن حكى كثير... يهمنا الحلول ووضع الأسس، وقد تحدثنا في القاهرة طويلاً، وأقترح أن نسمع أبو الوليد، وفي ضوء ذلك نناقش.
ــــ مشعل: أنا لا أعرف شيئاً عن تقارير الشاباك الإسرائيلي، ولا أحد أطلعني عليها. وبحكم الشراكة مع أبو مازن، واحتراماً لشخصه وكبر سنه من حقه أن يعتب. من حقه أن يكاشفنا، لكنه من بداية الاجتماع وهو منرفز. أما أن يتبنى موقفاً بناءً على رواية إسرائيلية حول انقلاب، ثم يقول أنا جاي ومش واثق فيكم، هذا لا يجوز!
ــــ أبو مازن: نعم مصدقينها.
ــــ مشعل: آسف أن تكون مصادر إسرائيل هي التي تعتمد عليها في تقييم الأمور. أنا بقول أمام سموّ الأمير وأمام قطر الرواية كاذبة مليون بالمائة. شكّلوا لجان تحقيق، وقطر تشارك فيها، ولو ثبت أي شيء منها فأنا مستعد أن أعلن بشجاعة الاعتذار للسلطة أمام الجميع، لكن إن ثبت كذبها أريد أن يخرج أبو مازن ويعلن ويقول إسرائيل كاذبة...
عندما التقينا هنا المرة الماضية أبلغتك أننا نعترض على المبادرة المصرية، وما زلنا، وليس لدينا اعتراض على الدور المصري، وحماس لا تريدكم طربوشاً، نريد الشراكة... نحن لا ننتظر أحداً، لا عربي ولا غيرو، الرسول أعطانا الضمانة عندما قال «لا يضرّهم من عاداهم»، ونحن أوفياء مع كل من يدعمنا. شرحت لك قضية دحلان أكثر من مرة، وخسئ أن يضع أحدنا يده بيديه، أما أن الإمارات ترسل مساعدات عن طريقه فأهلاً وسهلاً، فأنت تعرف أن أهل غزة في مجاعة...
ــــ أبو مازن: نعم، انقلاب حصل بالاتفاق معه، وطردناه و16 شخصاً من جماعته لهذا السبب.
ــــ مشعل: حقيقة ما حصل ليس انقلاباً يا أبو مازن، إنما حصلت إشكالات على الأرض.
ــــ أبو مرزوق: ادعاءات تصنعونها ضد بعضكم. الحقيقة أن الانقلاب حصل ضد حماس.
ــــ أبو مازن: اسمعوا، ضد حماس! كيف؟
ــــ مشعل: أنا أثق بعقلك يا أبو مازن، فهل تصدق أن حماس انقلبت عليك بالتعاون مع دحلان؟ هو الذي أراد أن ينقلب علينا بعد الهزيمة. في شهر مارس 2007 زارني في دمشق واحد فتحاوي كبير، وقال لي إن دحلان تعهد لأميركا وإسرائيل بشطب حماس قبل شهر 6 (حزيران). دحلان يريد أن يستفزّك، يقول أنا وحماس انقلبنا عليك.
ــــ أبو مازن: حققنا معه في القضية وهناك شهود، وابن نزار ريان كان الواسطة وحلقة الوصل بينكم.
ــــ مشعل: يا رجل طوّل بالك. أنت رئيس ورقم واحد في الشعب الفلسطيني، ما تاخذ الأمور كمسلّمات، وهذه القصة أيضاً مستعدون أن نعمل فيها تحقيقاً بشرط من طرف مستقل، وإذا ثبت ذلك فأنا مستعد أن أعلن اعتذاراً باسم حركة حماس.
ــــ خليل الحية: قضية ابن نزار ريان أعرفها بالتفصيل. أبو شباك كان يخطط لتشغيله مندوباً معهم في الوقائي.
ــــ أبو مازن: يا سلام، كان عميل مزدوج.
ــــ خليل الحية: يا رجل أنا شاهد على ذلك. الولد كان عمره 17 سنة. رشيد أبو شباك كان يريد إسقاط هذا الولد معهم في الأمن الوقائي، لأنه ابن القيادي نزار ريان. عمره 17 سنة وبدو يكون وسيط بين حماس ودحلان؟
ــــ أبو مازن: كيف 17 سنة؟ عندنا معلومات مؤكدة غير هيك.
ــــ الأمير: أنا رأيي إما يتسكر هذا الموضوع الآن، أو تشكيل لجنة تحقيق مستقلة، وأنا أفضّل أن يتم تسكير الموضوع، ورجاءً يا أبو مازن ومن كل الإخوان هذا الموضوع يتسكر.
ــــ مشعل: إذا لم تكن العلاقة قائمة على ثقة فلا جدوى منها. الماضي يبقى من الماضي، ومع ذلك أنا مستعد للتحقيق في أي قضية غلطت فيها حماس حتى نبني على صفاء وبياض. أما مسألة الـ93 وانقلاب في الضفة، فأنا لا أقبل أن أعمل مع هذا الرجل وهو يشك فيّ مسبقاً. أحنا مش جايين عشان هذا الكلام، أحنا جايين نشتغل مع بعض في الموضوع السياسي.
ــــ الأمير: كلام فخامة الرئيس، وكلامك مصدق عندي. هناك ضغوط على قطر بسبب وجود حماس عندنا، لكن هذا أكبر شرف لنا مهما كانت حماس... أميركا والعرب شانين علينا حملة لأجل حماس موجودة عندنا، وأنا أقول هذا شرف لنا. يا أبو مازن أنا أريد سماع كلمتك. تريد تحقيقاً أنا مستعد، لكن أشوف أن الموضوع يتسكر أفضل.
ــــ أبو مرزوق: يا سموّ الأمير، أبو مازن يقول اعتقل مئات من حماس وصادر سلاحاً وأموالاً، وعنده ماجد فرج، ونطلب أن يوضح لنا ماجد هل ظهرت ملامح مؤامرة خلال التحقيق مع هؤلاء المعتقلين؟ هؤلاء يتم اعتقالهم منذ سنوات، وتكرست الاعتقالات بعد الانقسام. لو كان لديهم نيّة استهداف للسلطة ولأبو مازن كانت بيّنت من زمان.
ــــ أبو مازن: أنا أجاوبك.
ــــ أبو مرزوق: يا سيدي، خلّي ماجد هو اللي يجاوب.
ــــ أبو مازن: لماذا يتم تهريب الأموال والسلاح ولا يستخدم ضد إسرائيل؟ أين المقاومة في الضفة؟
ــــ أبو مرزوق: جهودكم المباركة وتنسيقكم مع الإسرائيليين هو السبب.
ــــ أبو مازن: آه طبعاً، بطلوا ده واسمعوا ده!
ــــ مشعل: يا أبو مازن أي قضية عندك شك فيها في الماضي والحاضر في 2007 وقبله وبعده أنا مستعد للجنة تحقيق حيادية نزيهة...
ــــ أبو مازن: أنا لا أتحدث فقط عن ماض. ماذا عن القصة الأخيرة؟ لماذا التخطيط للانقلاب؟
ــــ مشعل: سموّ الأمير اقترح مسارين، يا نسكّر يا تحقيق، إذا ما زال في قلبك شك.
ــــ أبو مازن: ما عندي ليس شكاً، بل حقيقة.
ــــ مشعل: مع احترامي للجميع، إخواننا وشركائنا، مهما قلتم وتحدثتم معه، إذا كان لديه هذه القناعة، فكيف نبني شراكة معه على أساس هذه القناعة؟ أريد قضية الضفة الغربية، اتركني من موضوع غزة، أريد قضية اليوم، الكلام اللي أعطوك إياه الشاباك الإسرائيلي، إذا مقتنع إنو حقيقي واجبك تعمل تحقيق، حتى نبني على صفاء، أنا لا أقبل أن نمشي في شراكة وهناك شكوك، ها هو ماجد فرج اطلب منه أمامنا أن يقول لك الحقيقة.
ــــ أبو مازن: أنا أصلاً آخذ معلوماتي منه.
ــــ أبو مرزوق: طيب أعطيه فرصة يحكي.
ــــ خليل الحية: ممكن نسمع من ماجد قصة الضفة؟
ــــ مشعل: رجاءً يا إخوة ما حدا يحكي.
ــــ الأمير: أمامك حاجتان يا أبو مازن، يا يتسكر على الموضوع ونبدأ نشتغل مع بعض وأي واحد يخالف الاتفاق يكون مصارحة ويطلع بيان، أو الشيء الثاني لجنة تحقيق وأنا جاهز، ولكني لا أفضل ذلك، فلا يوجد وقت لذلك.
ــــ أبو مازن: أنا عارف ما في وقت... أريد وقف القتال، لكن عملياً ليس لي دور.
ــــ الأمير: لكن الآن موجود مصالحة وحكومة واحدة ونعمل مع بعض.
ــــ أبو مازن: أي حكومة! راح وزير الصحة لغزة، ضربوه حتى كاد يموت، ويقولون ما عنا خبر.
ــــ عزام الأحمد: رأيي أن ننطلق من اقتراح سموّ الأمير. نترك الماضي على جنب، ونحكي في ما بعد حكومة التوافق. أبو الوليد عنده حق يقول إنو بسبب القصة الأخيرة من الصعب أن تشتغلوا مع بعض وهناك شكوك. خلينا نحكي عن المستقبل.
ــــ الأمير: مثل ما قال، هل نبدأ صفحة جديدة؟ أم تريد لجنة تحقيق؟
ــــ أبو مازن: الموضوع ليس الماضي فقط. برعايتكم قبل 6 شهور شكلنا حكومة وحدة وطنية. طيب ليش تخطف ثلاثة أولاد وتنكر؟ وتعمل حرب وأنا ما ليش دعوة، بالأول لازم تعرف تداعيات ذلك. وأنا ناقشتكم ألف مرة، وقلت اللي يجيب سلاح سأعتقله. هل تعلم أن هناك تهريب سلاح حتى من الجيش الإسرائيلي لكم؟ قبل الرواية الإسرائيلية، أيضاً تريدني أن أقول سيبك منها؟
ــــ مشعل: بدأت بداية غير موفقة على الإطلاق، وغير مفيدة أيضاً. أولاً كل ما وقّعنا عليه في موضوع الوحدة والمصالحة ملتزمون به، صفقة متكاملة. ثانياً: نحن مستعدون أن يكون قرار الحرب والسلم مشتركاً نتفاهم عليه. ثالثاً: نضع استراتيجية نضالية مع بعض، وإذا ما وضعناها مع بعض ما تلومونا. رابعاً: القرار السياسي ما ينفرد فيه أحد، لا أنت ولا حماس.
ــــ أبو مازن: اتفقنا وقلنا مقاومة شعبية، وينها؟
ــــ مشعل: سيادتك مش راغب بجد فيها، وتمنعونها وتضيقون عليها، وأنا مستعد لفتح كل الملفات. قضية المستوطنين لا العاروري ولا كل قيادة حماس تعلم بها، حتى جاءتنا التحقيقات الإسرائيلية قبل أيام، والتي تقول إنهم تلقوا تعليمات من عناصر من حماس، لذلك عندما أجبتك كنت حذراً وقلت لا أؤكد ولا أنفي. أوغلو قال لي لماذا لا تنفي مسؤوليتكم؟ قلت له ليس لدي معلومات أكيدة، لكن تسلم أيد اللي عملها ضد الاحتلال، وأنت تعرف أنني لا أضحي بصدقيتي، العمل العسكري خيار استراتيجي، ولكن إذا اتفقنا على عمل سلمي، فأنا ألزم جماعتي بذلك، والأمير طرح مخرجا، إما أن تطوى الصفحة وتكون خارجة من نفسك، وإما تحقيق محايد.
ــــ الأمير: أبو مازن خلينا نخلص من هذا الموضوع، وما شي يطلع من خاطرك.
ــــ أبو مازن: إذا سمعت كلاما غير حقيقي فهذا يجنني أكثر، عندي CD وارسلته لمشعل ويقول ما وصلني.
ــــ مشعل: موضوع الشريط، خلي ماجد فرج يجيبه ويحكي اللي عنده، وخليهم يشوفوا الشريط.
ــــ أبو مرزوق: يا راجل هذه أنفاق ضد إسرائيل.
ــــ أبو مازن: كيف ضد إسرائيل؟ في التسجيل كانوا يقولون هذا اللغم لأبو مازن.
ــــ أبو مرزوق: يا أبو مازن كانوا بيهزروا معك.
ــــ أبو مازن: هو هذا الكلام فيه هزار؟
ــــ مشعل: أنا قلت للعاروري إنه أخطأ أن يعلن ذلك، ولكن هو لا علاقة له بالموضوع.
ــــ أبو مازن: لكن هو اللي طلع وقال الموضوع من عندنا.
ــــ مشعل: لم يكن عندنا معلومات، لكن الآن ثبت ذلك، شو المشكلة؟
ــــ أبو مازن: المشكلة أنا أنكرت لأميركا وإسرائيل أن تكون حماس وراء العملية.
ــــ مشعل: وأنا ما كنت أعرف. والآن تبين أنها من حماس، أنت ممكن تلومني أننا كقيادة فلسطينية لازم نلتقي ونقرر مقاومة شعبية فقط لا غير.
ــــ أبو مازن: هذا حصل.
ــــ مشعل: اتفقنا بالشراكة، وهذا لم يحصل، لم نتفق بالشراكة.
ــــ أبو مازن: لهون واصلة معي (إشارة إلى أنفه).
ــــ مشعل: ما هكذا تعالج الأمور، يا رجل أنت الرقم واحد في الشعب الفلسطيني.
ــــ أبو مازن: بدي أخلص من هذه القصة، بدي أخلص منكم ومن أميركا.
ــــ الأمير: طرحت نقطتين، خارطة طريق للمستقبل، أبو الوليد هل تجيب عنها؟
ــــ مشعل: أنا جاوبت سموكم عليها.
ــــ العطية: أنا وصائب نريد من الرئيس وأبو الوليد أن يضعانا في صورة المطلوب عمله في الأمم المتحدة.
ــــ الأمير: تمام يكون خالد مع صائب، ومن يريد من عند أبو الوليد، ويهمني الآن وقبل انهاء الاجتماع ان نعلن، إما تأليف لجنة وأنا قناعتي لا، أو تصفية الأمور ويتسكر الموضوع.
ــــ أبو مازن: لا استطيع إجابة سموكم الآن، لأني معصب.
ــــ الأمير: وإما أن تقول الموضوع انتهى.
ــــ أبو مازن: لا أقول انتهى، أريد إجابات، نتفق على مقاومة شعبية ومفاوضات، عملوا حرب في 2012 ولا علاقة لنا بها! كيف؟ ولماذا؟
ــــ الحية: المشكلة أنه أنت بتصدق أي إشي، كيف احنا بنعمل حرب واحنا اللي بنموت؟ مين حكالك انه احنا عملنا حرب 2012؟ مش هم اللي قتلوا الجعبري؟ والآن الحرب مش بدأت في الضفة وتحركت لعندنا؟ انت ما بدك ندافع عن أنفسنا؟
ــــ أبو مازن: أنتم من بدأتموها في الضفة لا إسرائيل.
ــــ مشعل: إسرائيل من بدأت في الضفة.
ــــ أبو مازن: لا، مش إسرائيل، إسرائيل تريد تدميرنا قبلكم، لكن أنا حريص على ألا أعطيها الذريعة لذلك، أنا حشرت إسرائيل في الزاوية بالسياسة.
ــــ الأمير: أرجوكم حتى ننهي الموضوع، أنت الآن معصب، مش في مزاجك، إلى متى ستبقى في الدوحة؟
ــــ أبو مازن: غداً مسافر إلى القاهرة.
ــــ الأمير: إذاً نجتمع الليلة، حضروا لاجتماع، ما يصير نترك الموضوع معلق.
ــــ مشعل: أنا مع اقتراح سمو الأمير، خلي أبو مازن يرتاح، يفك عصبيته، ما ينفع نتناقش واحنا معصبين.
ــــ أبو مازن: أنا حاضر، أقسم بالله أنا أنجنيت، خلص نلتقي الليلة.
■ التقويم والملاحظات:
ـــ بدأت الجلسة وانتهت بحالة عصبية من كلا الطرفين، وكادت أن تتطور الأمور لولا تدخل سمو الأمير حفظه الله.
ــــ كان بادياً على الرئيس الفلسطيني الخوف والقلق من خطوة عسكرية تقوم بها حركة حماس في الضفة الغربية لإنهاء حكمه هناك، وكان واثقاً بمعلوماته.
ـــ الوفد المرافق للرئيس الفلسطيني كان أكثر التزاماً خلال الجلسة، ولكن كان يبدو على أعضائه امتعاضهم من تطرق الرئيس الفلسطيني لتفاصيل وأحداث لا لزوم لها.
ـــ على خلاف السيد مشعل، الذي كان يستمع للرئيس أبو مازن حتى النهاية، فإن أعضاء وفده حاولوا المقاطعة في أكثر من موضوع وبطريقة حديث استفزازية.
ـــ كان بادياً على الرئيس الفلسطيني قلق بالغ من معلومات لديه عن علاقة حركة حماس بدحلان في الإمارات.
ـــ من خلال حديث على انفراد مع أحد أعضاء وفد حركة حماس، أكد أن جميع ما سرده الرئيس الفلسطيني من أحداث واتهامات لا أساس له من الصحة، وأنهم سيصرون في الجلسة الثانية على طلب إتاحة الحديث لرئيس المخابرات الفلسطينية، لأنه أبلغهم خلال تواصله معهم وأيضاً في القاهرة روايات مغايرة تماماً لما قاله أبو مازن، وأبلغهم أن مسؤول التنسيق الفلسطيني مع الإسرائيليين يتعمد نقل رواية مصنعة إسرائيلياً لإبقاء أبو مازن تحت الضغط.
ـــ في نهاية الجلسة الأولى وقّّع عضو وفد حركة حماس السيد موسى أبو مرزوق الرسالة التي طلبها الرئيس الفلسطيني بهدف الانضمام إلى ميثاق روما ومحكمة الجنايات.