منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:17 am

قضايا الصراع

اللاجئون والنازحون

الاستيطـان

الأسرى

المفاوضات والاتفاقات مع الجانب الإسرائيلي

فلسطينيو 1948

الـقدس

المياه

الأمن

الحدود







اللاجئون والنازحون
شهادات الذاكرة

المخيمات الفلسطينية

الاسباب التى أدت الى عملية اللجوء

وصف عملية اللجوء

النازحون

الاسباب التى أدت الى النزوح

القرى والمدن الفلسطينية التي احتُلت وطُرد أهلها في عام 1948

القرى الفلسطينية المدمرة حسب القضاء

القرارات الدولية التي تؤكد شرعية عودة اللاجئين والنازحين الفلسطينيين

موقف منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية من قضية الاجئين

دراسات وتقارير حول اللاجئين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:20 am


اللاجئون والنازحون
شهادات الذاكرة



المسن شحادة يستذكر مرارة "النكسة"

بعد "النكسة" بسنوات قليلة، دمرت قوات الاحتلال الاسرائيلي منزل عبد الرحمن شحادة في مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة، وأبعدته قسراً خارج وطنه بعد أقل من 20 عاما على تشريده طفلا صغيرا برفقة أسرته من بلدة "حمامه" الساحلية جنوب فلسطين التاريخية.
ما زال شحادة الذي اصبح اليوم شيخا كبيرا يبلغ من العمر (80 عاماً)، يتذكر تفاصيل "نكسة حزيران" وكيف شردت قوات الاحتلال مئات الأسر الفلسطينية في العراء وخارج الوطن.
كان منزل شحادة يتكون من ثلاث غرف وحمام ومطبخ ومسقوفا بـ "القرميد" قبل أن تدمره الجرافات الاسرائيلية وتبعده قسراً خارج القطاع بحجة مقاومته للاحتلال.
وأقيم مخيم الشاطئ للاجئين عام 1952 على مساحة لا تزيد عن الكيلو متر مربع، بعد تشريد سكانه عن مدنهم وقراهم وبلداتهم في 1948.
كما لم يتوقف الأمر بعد النكسة على هدم وتدمير منازل "الفدائيين"، بل تعداه الى عقاب سكان المخيم بتدمير مئات المنازل بحجة توسيع الشوارع.
وفي هذا الصدد، يقول شحادة وهو أديب وشاعر:" لم يكن الهدف عسكريا وأمنيا فقط من تدمير المنازل بل كان أيضا سياسيا وهو افراغ المخيمات وتصفية قضية اللاجئين."
في بداية العام 1970 يتذكر شحادة بالضبط ما حدث، مشيرا الى تدمير جرافات الاحتلال لمئات المنازل في منطقة سكناه "مربع السوق حالياً" وتشريد أكثر من 150 عائلة بعدما شردت أيام "النكبة".
ويتابع المسن شحادة: "شرد جزء كبير من أصحاب المنازل المدمرة الى العريش وسيناء ودول عربية أخرى" وتحولوا الى ما كان يعرف حينها باسم "النازحين".
ويضيف، "هناك عائلات لم تترك غزة بل بقيت فيه عند أقاربها أو حصلت على قطعة أرض صغيرة من أصحاب الأراضي وبنت عليها غرفة ومنافعها."
وظهر مصطلح "النكسة" بعد الحرب التي نشبت بين إسرائيل وكل من مصر وسوريا والأردن بين الخامس من حزيران 1967، وأدت إلى احتلال إسرائيل لسيناء والجولان وقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، وتعتبر ثالث حرب ضمن الصراع العربي الإسرائيلي.
ومن الأهداف الأخرى لتدمير منازل اللاجئين حسب شحادة، هو توسيع شوارع وأزقة المخيم للسماح بمرور آليات الاحتلال بحرية ومطاردتها للفدائيين.
اضافة الى التأثير المادي المباشر على السكان بعد هدم منازل، كانت هناك تأثيرات نفسية واجتماعية كما يقول شحادة، لافتا الى أن عمليات الهدم نكأت جراح اللاجئين وذكرتهم بـ "النكبة، وكذلك تمزيق الروابط والأواصر الاجتماعية للأسر الفلسطينية بعد تشرد أفرادها داخل القطاع وخارجه.
وعن مرارة "الغربة" يقول شحادة: "بعد ابعادي عن غزة توجهت الى جمهورية مصر العربية، وتنقلت بين العديد من العواصم العربية والأجنبية"، مشيرا الى أنه لم يذق طعم الراحة والحرية الا في وطنه بعد عودته الى أرض غزة في 1995.
وبعد النكسة واحتلال قطاع غزة استولت قوات الاحتلال على مساحات شاسعة من أراضي القطاع وأقامت عليها العديد من المستوطنات."
وبقول شحادة: سعى الاحتلال منذ سيطرته على القطاع الى تصفية قضية اللاجئين وافراغ المخيمات من سكانها ومن ضمن ذلك اقامة حي الشيخ رضوان ومنح سكان المخيم أراض بالمجان للبناء عليها مقابل هدم منازلهم في المخيم لكن هذا المشروع باء بالفشل."
وعن أوضاع قطاع غزة بعد النكسة والاحتلال، يؤكد شحادة ان قوات الاحتلال مارست أبشع أنواع الظلم والاضطهاد، مشيرا الى حملات الاعتقال والاعتداء على الشباب والرجال والتضييق على السكان لإجبارهم على الرحيل والنزوح خارج القطاع.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:20 am

لاجئو لبنان .. آلام الماضي وحنين للوطن

لم تغب المجازر التي تعرض لها شعبنا الفلسطيني في عام 1948 عن ذاكرة المسنين والشيوخ الذين عاصروا النكبة، ولا تكف ألسنتهم عن رواية فصول قصة أول تهجير قسّري للفلسطينيين من أرضهم.
ذاكرة هؤلاء ما زالت حية وتؤرخ لأيام من القتل والتدمير والتهجير لم يشهد لها التاريخ مثيلا، خاصة أنها مازالت جاثمة على صدور الأبناء والأحفاد بعد الآباء، ذلك لأن الحدث الذي لم يكن عاديا كما يقول المؤرخون، وشرد شعب عن أرضه، لم يتوقف مسلسله حتى يومنا هذا .
ويستذكر أبو عدنان مسعد (80 عاما) من بلدة الكساير، لاجئ مع عائلته في مخيم برج الشمالي جنوب لبنان قصته مع النكبة قائلا zzz*zدخل المسلحون الإسرائيليون علينا وهم مدججون بالسلاح، وأطلقوا النار علينا وهدموا منازل المدنيين العزل دون رحمة، ارتكبوا المجازر وقتلوا الأطفال بدم باردzzz*z.
وفي مكان آخر من مخيم الرشيدية قرب مدينة صور، قال الحاج أبو عمر ظاهر zzz*zأنا استعد للمشاركة في الحملة التي ستنطلق اليوم من لبنان إلى الحدود، سأتنشق هواء فلسطين، وسأطلق نظري إلى الديار التي هجرت منها قبل 63 عاما، حيث لا يستطيع أحد أن يمنعني من هذه النظرة التي تغص حسرةzzz*z.
وتزينت المخيمات الفلسطينية في لبنان بالأعلام الفلسطينية، ونقشت على جدران منازلها عبارات أكدت حق اللاجئين في العودة ، وخصت أزقة المخيمات بشيوخ ورجال عاشوا النكبة بتفاصيلها المريرة، ويتذكرون بصمت حسرة تهجيرهم قسرا عن ديارهم، لكنهم ورغم آلام الماضي يرون الأمل والعزيمة في عيون الأطفال وإرادة الشباب بأن الحق لا يموت مهما طال الزمن.
وتروي أم سمير قدورة 85 عاما شاهداتها عندما أجبرت مع أهلها ترك منازلهم واللجوء إلى لبنان وتقول zzz*zأطلقوا علينا النار، وهددوا بقتلنا وتدمير بيوتنا، والاعتداء علينا، خرجنا من منازلنا إلى لبنان لحماية النساء والأطفال والمدنيين العزل بعد ما تناقلته الأخبار عن مجازر في قرى ومدن فلسطينيةzzz*z.
وقال الحاج أبو عمر الأسعد لاجئ في مخيم برج البراجنة  لـzzz*zوفاzzz*z عن سنوات النكبة العجاف zzz*zسنوات قاسية نعيشها منذ العام 1948، وحياة قاسية نعيشها منذ ذلك الوقت في مخيمات البؤس واللجوء بانتظار استعادة حقوقنا الوطنية والإنسانية بعودتنا إلى ديارناzzz*z.
وأضاف zzz*zلن ننسى اللحظات الرهيبة التي عشناها عندما أشهرت العصابات الصهيونية بنادقها على صدورنا، ونسفوا منازلنا ودور العبادة، وأطلقوا النار على المدنيين العزل وأجبرونا على الرحيلzzz*z.
وتقاطعه الحاجة أم إسماعيل معروف zzz*zأنا من بلدة دير القاسي، وأعيش لاجئة منكوبة في لبنان، حقنا في الحياة وفي وطن حر مستقل هو الحل الوحيد لنكبتناzzz*z.
وأضافت zzz*zلا سلام ولا استقرار بالمنطقة دون حل عادل للقضية الفلسطينية ودون أن يمنح شعبنا حقه الطبيعي بحياة حرة كريمة كباقي شعوب العالمzzz*z
كثيرة هي الخواطر في نفوس اللاجئين من أبناء شعبنا الفلسطيني في لبنان، وغزيرة هي المشاعر التي يصعب وصفها في لحظات الحسرة والألم، لكنها حتما ستبقى حية مادام شعبنا لم يســــــتعد حقه المشروع في إقامة دولته المستقلة وعاصــــمتها القـــدس وعدوة اللاجئين إلى ديارهم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:21 am

طابو شمسي .. تحول لكرت لجوء أبدي

لم يتركوا لي شيئا أورثه لأحفادي سوى قصص نضال هذا الشعب، ورسم صورة عن البلاد التي أتمنى أن ينعموا بالحياة فيهاzzz*z، هذا ما قاله الحاج محمد عليان (87 عاما) من قرية البرج بمحافظة اللد، والتي بنت إسرائيل على أراضيها مستوطنة zzz*zمودعيمzzz*z.
عايش عليان النكبة وكان في عامه 22 ويقول zzz*zانضممت أنا و9 من شبان القرية للقتال إلى جانب 30 من القوات العربية رغم شح السلاح والذخيرة، وقالوا لنا لن نستطيع الصمود أمام الإسرائيليين ولا نملك السلاح دعونا نستسلمzzz*z.
ويضيف، zzz*zلقد كنا نملك الكثير من الأراضي، وقسمت أراضي البلدة البالغة مساحتها 10800 دونم على الفلاحين في القرية بطابو شمسيzzz*z.
وأضاف عليان، zzz*zلقد كنا نسمع عن المجازر التي تقترفها العصابات الإسرائيلية في القرى والمدن المجاورة والتي يبلغ عددها 531 بمحافظة اللد، ما دفع الأسر في القرية إلى المغادرة بحثا عن الأمان وبأمل أن تنجح القوات العربية في صد الهجوم التي تتعرض له قرانا، فيما رفض 4 من كبار السن مغادرتها واستشهدوا فيهاzzz*z. 
ويقول عليان والذي تستطيع أن ترى فلسطين كلها في عيونه، zzz*zكانت أياما جميلة، في يوم جاء القائد عبد القادر الحسيني وخطب بالمقاتلين في قرية جمزو بمحافظة الرملة، وحثنا على الصمود والدفاع عن فلسطينzzz*z.
ويقول الحاج عليان الذي رسمت النكبة واللجوء تجاعيد وجهه، zzz*zغادرت عائلتي البرج واتجهت إلى كفر نعمة ورمون والطيبة ثم إلى مخيم قلندياzzz*z.
ويضيف، zzz*zبعد 5 سنوات من الهجرة زرت البرج وكانت إسرائيل قد أحرقت الأراضي الزراعية والمنازل ودمرتها تدميرا شاملا بعد مغادرتنا لها بأربعة أعوامzzz*z، ويواصل قائلا zzz*zأذهب الآن لأرى البرج من تلال صفا المطلة عليهاzzz*z.
zzz*zوبما أنني لم أعش في البرج فأنا أتمنى أن أدفن بها فلا أعرف غيرها وطناzzz*z، هكذا اختتم عليان حديثه عن قريته وعن ماض مؤلم لا يمكن لكلمة نكبة أن تختزله.
أما شاهر الخطيب 72 عاما، فهو أب لـ11 ابنا وابنة وجد لأربعين حفيدا من ذات القرية والذي غادرها قسرا وهو في الثامنة من العمر، ويقطن على بعد أمتار من الحاج محمد عليان، يصف لنا رحلة شقائه، zzz*zإسرائيل قامت بإغلاق ثلاث جهات من القرية وفتحوا جهة واحدة وهي جهة الأردن فخرجنا إلى بيت عور، التي تقف عندها الحرب بحسب الهدنة، سكنا تحت الأشجار في عين عريك وعندما حل الشتاء دخلنا الكهوف حيث جاورنا الحيوانات البرية وكانت المأساة عندما غادرنا لعين كينيا فكانت مياه الأمطار والصرف تنزل الوادي فارتفعنا في الجبال فلاحقنا البعوض والحشرات ثم انتقلنا لمخيم قلندياzzz*z.
وعن البرج يقول، zzz*zلم أزرها بعد هجرة 48 بل مررت بها خلال زيارتي لحفيدي المعتقل في سجن مجدو، والغريب أنني لم أجد بها إلا نباتات الصبر وثلاثة قبور لأهل القريةzzz*z.
 والجدير بالذكر أن عصابات zzz*zالاتسل والارغون والهاغاناهzzz*z الإسرائيلية ارتكبت ما يقارب الستين مجزرة هاجر على إثرها 531 قرية وحولتهم للاجئين، وتشير سجلات وكالة الغوث (الأونروا) إلى أن عدد اللاجئين الفلسطينيين قد بلغ في نهاية عام 2009 نحو 4.8 مليون لاجئ، وهذه الأرقام تمثل الحد الأدنى لعدد اللاجئين الفلسطينيين المنتشرين في 58 مخيما تتوزع بواقع 12 مخيما في لبنان، و10 في الأردن، و9 في سوريا، و27 في الأراضي الفلسطينية، موزعة بواقع 19 في الضفة الغربية و8 في قطاع غزة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:22 am

شهود يستذكرون لحظات الاقتلاع من قراهم المدمّرة

رسم محمد صالح العرجا (أبو عاطف) معالم قريته الفالوجة قضاء غزة، التي ولد فيها عام 1934: zzz*zكان عدد سكانها  خمسة آلاف، وفيها بلدية، ومدارس ثانوية وابتدائية للبنات، ومركز صحي، ومحكمة، ومسلخ للحوم. كانت متطورة، وتعيش على الزراعة والتجارة.zzz*z
وأضاف zzz*zفي إحدى أيام شهر نيسان، كانت الجو ربيعيا وكنا نلعب في المزارع، عندما أوقفتنا سيارة عسكرية للجيش المصري، فسألني الضابط (يا جدع وين المستعمرة)، فأشرت له إلى مكانها، وصعد إلى خزان المياه في البلدة لينظر بالدربيل (المنظار) ثم ينزل. بعد أيام قليلة بدأ الجيش يدخل البلدة، وطلب من الناس أن يحفروا خندقا حولها، وظلوا يقومون بهذا العمل لشهر، حتى أنهوه.zzz*z
حظي العرجا بفرصة للاحتكاك بالجنود المصريين، وكان يبيت بينهم في منزل أسرته، وتعرف على الأسلحة، وشاهد مدفع (أبو الستة رطل)، وراح يجر صناديق الرصاص معهم، وتعرف إلى الضابط القبطي zzz*zوحيدzzz*z، وشحاتة من المنصورة، وسعيد القادم من السويس.
وقال: عشنا تحت الحصار والقصف ستة أشهر، وكانت البلد كلها ساحة معركة، وصد الجيش المصري العصابات الصهيونية مرات كثيرة، وشاهدت بعيني الشهداء والجرحى والطائرات، وكان يظن الجنود المصريون أن الطائرات الإسرائيلية التي تقصفهم هي مصرية. وخرجنا من البلدة أنا وأمي وعمتي واخواني، وظل أبي فيها مع الجيش المصري. عدت إلى الفالوجة لمساعدة قريبتي العجوز فاطمة البعم، التي قالوا لها إن زوجها استشهد، فما أن دخلنا البلدة إلا وإصابتها قذيفة، وشاهدت كيف شطرت جسدها إلى نصفين، واحترق شعر رأسها، وجاء زوجها الذي تبحث عنه ليدفنها بنفسه.
استمر ترحال العرجا، ليتنقل بين الدوايمة، ويصل دورا ثم مدينة الخليل، فأريحا، ثم سوريا، فالأردن، وانتهاء بأريحا، حيث فرضت عليه الإقامة الجبرية واعتقل لفترة، ثم استقر به الحال في مخيم الفارعة، بانتظار العودة التي نفذها بعد النكسة عدة مرات، فكان يفتش خلالها عن بيته، والمسجد حيث تلقى دروسه، وضريح وليها العراقي.
 
الريحانية وأم الزينات: عشق وألم
وتستعيد السبعينية بهية صالح قريتها الريحانية القريبة من حيفا، والتي كانت تشتهر بصبرها وزيتونها وخروبها وحقولها، فتقول: كانت البلد كلها عيون، عائلتنا كانت كبيرة، ونشتغل ونزرع ونقلع.
ومن أراضي الريحانية التي لا تنساها: البطيحة، والصفصافة، والنتاشة، والحج حسن، والجرماشة، وذراع نجم، ووادي الملح، والصوانة.
فر أبناء عائلتها وأهالي قريتها إلى بير الناطف، واحتموا ببيت المختار أسعد المصطفى، وسقطت عليهم القنابل، فأصيبت جميلة الخليل، وصفية الخليل، وشقيقها يوسف، الذي جرته مسافة قصيرة بعد عجزها عن رفعه، وحمل الشبان والرجال الجرحى على ظهورهم، وفروا.
تتابع: تبرع رجل اسمه القطاوي بكشف طريق البلد، وعاد ليخبرنا بأن الطريق أمان، وركضنا على أم الشوف، وكانت أغراضنا كلها، نحن ودار الفحماوي، وبيت محمود المصلح، على جمل واحد.
حين وصلت الحاجة صبح، وفق روايتها، ومن معها إلى بئر أم الشوف، سمعوا خالد الذيب قرب بئر القرية وهو يصرخ، ويقول لليهود من العذاب والقهر: zzz*zتعالوا اذبحونا، إحنا هونzzz*z، وتركوا البلد.
تروي بحزن: في عانين (غربي جنين) لم نجد بيتا، وبحثنا عن كهف قديم، نظفناه وعشنا فيه مع دار خالتي، وانتقلنا إلى مخيم جنزور (قرب قباطية)، وعشنا فيه حتى عام 1950، حتى نزل الثلج فوق الخيام وخربها، ونقلنا الجيش الأردني إلى جنين، وصارت وكالة الغوث توزع علينا الفحم والزبيب والخبز، وانتقلنا إلى جامع جنين 3 أيام، ورجعنا إلى جنرور. وبعد فترة مشينا من الصبح إلى العصر حتى وصلنا الفارعة، ولم نجد شيئاً نأكله غير اللوز الأخضر.
وبحسب رواية آمنة وراد صبح (كانت في التاسعة من عمرها لحظة النكبة)، فإن أهالي قريتها الريحانية المجاورة لحيفا، قرروا الانتقال لقرية أم الزينات المجاورة، بعد أن سمعوا إشاعات وأخبارا عن دير ياسين، وكيف تقتل العصابات اليهودية النساء والرجال والحوامل. ولكن حينما علموا بهجوم العصابات اليهودية على حوّاسة، بدأ الناس يفرون.
واستناداً للرواية، فقد رحل أهالي القرية في الساعة الرابعة فجراً، بعد سماع أصوات إطلاق النار. ووصلت عائلتها إلى منزل خالها، الذي كان يعمل في رعي الأغنام بأراضي أم الزينات، فنصب لهم بيت شعر. ولم يكن معهم شيئاً، فقد تركوا أغراضهم وبقراتهم التسع وحتى ملابسهم في المنزل.
تقول: كانت الدنيا صباح يوم الهجرة خطيطة (ضباب)، ولم نكن نشاهد لمسافات طويلة، ووصلنا بعد مدة قصيرة إلى إجزم المجاورة، وصارت الناس تسرق حالها، وترجع لإحضار الملابس والأغطية. وأقمنا فيها مدة شهر تقريباً، ولا أنسى كيف خرجنا منها، فقد كنا نستعد لتناول طعام الأفطار في رمضان، حين هاجمت الطائرات اليهودية القرية، ولم نأكل إفطارنا، وفرّ الناس، وكنت أشاهد القيزانات (القذائف كما كانوا يطلقون عليها)، وهي تسقط في الحارة الغربية. وبعد ثلاثة أيام من الإقامة في دالية الكرمل تحت الشجر، ودون أغطية وأي شيء، أغارت الطائرات علينا، وكان الكبار يقولون لنا (نمن بين السمسم)، أما الرجال فيحتموا وراء الرجوم (أكوام الحجارة)، ثم أقمنا في المدارس ليلة، وعدنا منها عند غروب الشمس، ومشينا حتى منطقة (بيرة قطينة) في مرج ابن عامر، وشاهدنا الدبابات خلال الليل من بين حقول الذرة، ثم كشفتنا أضواؤها.
وأضافت:كنا نمشي في الليل، ووصلنا إلى قريتي عارة وعرعرة قرب أم الفحم، وكان الأولاد حفاة ويمشون على الأشواك، وحين شاهدنا الجيش العراقي على الحدود، أخذ يطلق علينا النار، ظناً منه أننا يهود، قبل أن يصرخ عليهم الرجال (احنا عرب.. احنا عرب). ووصلنا إلى عانين ومكثنا فيها سنتين، وأمطرت الدنيا علينا وعشنا في المغر.
قنير: حنين جارف
تنقل يُسر توفيق صلاح (الشوبكي)، 86 عاماً، قصة هجوم العصابات الصهيوينة على قنير المجاورة لحيفا: كانت الدنيا وجه الصبح، عندما هجم اليهود على البلد، وطلع الناس منها دفعة وحدة، بعدما سمعوا أصوات  إطلاق النار، وطلعت أنا وأبي وأمي وأخوتي: رشدي ورشيد ومحمد، وأخواتي: لطيفة ورشيدة. ركبت أنا وأخواتي على الحمار، وأخوتي على الفرس، ووصلنا كفر قرع، وقعدنا في بيت زوج خالتي (شحادة) 20 يوماً، وكانت الناس تقول لبعض: بعد أسبوع يعود كل واحد إلى أرضه وداره!
تضيف: بعدها، انتقلنا إلى عرعرة  لشهر، ثم وصلنا طوباس، ولم نُخرج من بيتنا أي شيء، وظل كل شيء على حاله فيها. وكنا نسكن غرب عين الماء، وعندنا 3 غرف وحمام ومطبخ، وحولنا أشجار العنب والتفاح والزيتون، وكان أبي جمّالاً، وأخذني عدة مرات على حيفا، وشاهدت zzz*zالهادرارzzz*z، والبحر، ومصفاة البترول. ولا أنسى، حتى اليوم، مشاهد الناس التي فرّت من قنير، وكانت مثل المسبحة التي انفرطت حباتها، والقلة، والذلة، والخوف، والكحل الأسود.
صبارين: بوح حزين
ويرسم عبد القادر حمد عبد الهادي، الذي ولد عام 1932، مشهد اليوم الأخير لصبارين القريبة لحيفا، حينما طوقت العصابات الصهيونية البلدة من جهة جبل الُلبيدة، وراحت تهاجمها مع أم الزينات والكفرين والسنديانة.
مما سمعه وشاهده: حكاية يوسف أبو صيام، الذي كان يركب على عربة يجرها حمار، ثم أخذه اليهود ووضعوه تحت شجرة خروب وقتلوة. وقصة طفل اسمه فؤاد الفارس، حينما  وصلت له العصابات الصهيوينة، وسألوه عن صاحب المنزل المجاور لبيتهم، فلم يعرف، وكان وقتها يأكل الخبز والجبن، فقالت لهم أمه، هذا طفل لا يعرف الجيران، أتركوه يأكل، فقتلوه قبل أن يكمل ما في يده. ومشهد رجل اسمه ارحيم، لما علموا أنه فلسطيني أطلقوا عليه النار من مسافة قريبة.
وقال: كانت أمي تهرب وخلفها رجل من بلدنا اسمه جميل عبد المالك (أبو جمال)، واليهود خلفها يطلقون النار، وحين جاءت إلينا، شاهدنا عدة رصاصات ثقبت كوفيتها البيضاء وأجزاء من ثوبها. ولا أنسى  كيف وزعت في بلدنا 500 بارودة على الشبان وصلت من سوريا، حين وضعت على البنادق الأرقام، وكتبت على أوراق أخرى أرقام مماثلة، وكان على الشاب أن يختار إحدى اليدين، ليُعطى الباردة المحددة. لكن المفارقة أن السلاح لكم يكن فعالا، غير ثلاث بنادق فقط!
وتابع: حفر أخي محمد قرب البيت خندقاً، وأراد أن يدافع عن الحي، لكن أخبار قصف الاحتلال للقرى المجاورة بالطائرات، جعل والدي يخاف عليه، ولم يسمح له بالبقاء وحيداً. وبعدها احتجزت العصابات نساء القرية اللواتي لم يخرجن، ووضعهن تحت شجرة خروب، وقتل بعضهن.
مما لا ينساه عبد الهادي، كيف أن منزلهم بقي على حاله، ولم يأخذوا أي شيء منه، فقد كانوا يربون سبع بقرات و35 رأساً من الأغنام، واعتادوا على صنع الزبدة والسمن والجبن واللبنة والعسل أيضا والبيض. كما لا تغادر ذاكرته حين خرح للعمل في أرضه بخلة عبيد، وطوقتهم كتيبة يهودية، فهرب أخوه محمد للاحتماء خلف رجم حجارة، ولم يكن يحمل سلاحاً، ففروا جميعاً، وانبطحوا أرضاً.
ينهي بقصيدة طويلة، كتبها حين كان يحيي بعض الحفلات الشعبية بالمخيم قبل سنوات، تفوح حنيناً لقريته، ومنها: zzz*zلأكتب كتابي لصبارين وأوديه، هي اللي سلبت عقلي وشدني هواها، من ماء أنهار صبارين يقطرن قوافي، ومن مفجّر عيونها رشوا مياها...zzz*z
مصمص: ذاكرة من وجع
ويستجمع عبد الرحمن محمد خطيب، المولود عام 1941، حكاية قرية مصمص التي رحل عنها قسراً، فيقول: انتقلنا إلى إجزم المجاورة، وحين بدأ قصفها بالطائرات، رحلنا مع موعد أذان المغرب، وأذكر أننا كنا في شهر رمضان، وبدأنا نمشي في عز الليل، ولا أنسى كيف شاهدنا سيدة كان طفلها يرضع على صدرها، وهما يغرقان في دمهما. ومشينا خطوات أخرى، ورأينا عجوزاً مقتولاً هو ودابته، التي كانت تحمل لحفاً وفراشاً.
كان خط سير نكبة خطيب من إجزم، نحو قنير، ثم عارة وعرعرة، وصولاً إلى رمانة قرب جنين،  فمنطقة جنزور قرب مثلث الشهداء، حتى الفارعة، تخللته مشاهد قهر وألم ومعاناة لم تنته رغم مضي 66 عاما.
شحمة: جرح مفتوح
وترسم آمنة يوسف أبو هنية (85 عاماً) مقاطع من الرحيل المر عن قرية شحمة جنوب فلسطين، والتي كانت تجاور: المغار، وقطرة، وبشييت، والمسمية، ويبنة. فتقول: كان أبي يزرع الكرسنة والعدس والسمسم والخضراوات، ولا أنسى ألعاب العرائس والسيارات، التي أشتراها لي والدي.
تقول: كان زوجي يعمل مزارعاً، وعنده بئر ماء، وحين قررنا الرحيل بعد هجوم اليهود، عاد لإطفاء الماتور، وقال: هي يوم أو يومين ونعود. ثم واصلنا، وكانت الناس حافية، وخرجت في ملابسها، وكان صوت البارود خلفنا، وسمعنا عن نساء حملن المخدات بدل أولادهن من شدة الخوف. وأخفت أمي الكواشين والذهب والمال في العقود (مبانٍ عالية الارتفاع وسميكة الجدران). وركبت أنا وأختي صبحية على الحمار، وركب أخوتي وأبي على الخيل. وشاهدنا امرأة مقتولة على جانب الطريق. ورأينا عجوزاً رفضت مغادرة منزلها، بعد أن حرقها اليهود داخل بيتها.
فرت العائلة وأهالي شحمة نحو خربة (مغلس)، ثم إلى بيت جبرين، فعجور، ثم وصلنا بني نعيم (بمحافظة الخليل)، وسكنا فترة في المغر، وأثلجت الدنيا علينا وكسرت الزيتون من قوته، وكان جارنا شاكر عوض محاصراً في المغارة، وصار يطلق بالفرد النار ليفتح الطريق بالثلج.
الكفرين: وجع الذاكرة
ولا يكف أحمد عبد الله دغمان (المولود عام 1937)، عن نسيان مسقط رأسه الكفرين القريب من حيفا، والتي تعني بالتسمية القديمة (نجمة الصبح) كما يقول.
يشرع، وهو يتسلح بخريطة لبلدته، التي أعدها له رجا مصطفى صالح: الكفرين هي كل حياتي، ولا أستطيع أن أنساها ولو للحظة، وحتى اليوم أردد أسماء أراضيها الشعبية، كالحواكير، والمرشقة، وتلة الزعترة، وأم القرامي، وطريق العرب الذي كان يربط بلدنا بمرج ابن عامر ويافا، والبيادر، وبئر خميس، ووادي البزاري، وعين البلد، ووادي العرائس، ووادي الحنانة. كانت القرية تشتهر بالزراعة، وبخاصة  الحبوب والحنطة والذرة البيضاء والملوخية، ولكنها تميزت بالفجل الذي كان يتضخم كثيراً ويتجاوز  وزنه 2 كيلو غرام، ويذهب إلى أسواق حيفا.
وقال: قبل أن نجبر على ترك الكفرين، منعنا والدي من أخذ أي أغراض، وقال لنا zzz*zسنعود بعد يومين على الأكثرzzz*z. ورحل معظم الناس إلى أم الفحم، وانتقلنا منها إلى سيلة الحارثية ورمانة، وبعضنا إلى جنزور (قرب  مثلث الشهداء)، ثم إلى مخيم نور شمس، فالفارعة عام 1957.
مما لا ينساه دغمان من صور: الشاب  محمد العسوس، الطويل والجهم، والمشهور بـ(السفياني)، الذي راهن جنود الجيش العراقي، الذين كانوا يدافعون عن القرية، قبل الانسحاب، أن يحضر لهم المجندة الصهيوينة
التي كانت تطلق النار من فوق جبل بيت راس، فما كاد أن يصل لها، إلا وظنه جندي عراقي من العصابات الصهيوينة، فأطلق عليه النار، ليتدحرج من فوق الجبل، إلى قاع الوادي مثل الكرة.
بعلين: فصول مُرّة
فيما أعادت السبعينية زينب حسن جوابرة، رسم ملامح قرية بعلين المُدمرة خلال نكبة عام 1948، بتفاصيل دقيقة لبيوتها وبساتينها وشوارعها وعاداتها وتقاليدها ولحظات الاقتلاع منها.
وقالت جوابرة، التي ولدت عام 1942، إن بيت جدها المختار جبر حسن جوابرة، كان عدة غرف متجاورة من الطين ومسقوفة من قصب وادي البرشين القريب وتل الصافي، تتوسطه ساحة كبيرة، وسكنته أربع عائلات، وقبل وقت قصير من النكبة رممته العائلة، التي كانت تعيش معاً، وتجتمع على مائدة واحدة، في منزل تعلوه عدة أقواس. فيما كان الرجال يتسامرون في الديوان، وليس ببعيد منه خصص المختار مربطاً لخيول ضيوفه.
تبدل حال القرية في صيف عام 1948، حين شرع الأهالي بالخروج منها نحو كرومهم  أول الأمر، لكنهم سرعان ما خرجوا منها. واختارت عائلة جوابرة الذهاب نحو (دير الغربان) حيث عمتهم، وما أن وصلوها إلا وجدوها تستعد للرحيل، فخرجت الأم كما الأهالي، نحو الخليل.
 كانت زينب (الرواية) تمسك بثوب أمها من جهة، وشقيقها عوني الذي يكبرها بسنتين من جهة أخرى، وتحمل أخيها على رقبتها، وأخيها الأصغر الرضيع محمد (40 يومًا) في حضنها، فيما رفض عمها أحمد الخروج. وأخذت العائلة تسير وسط الظلام، دون أن تدري أين تذهب، إلى أن فقدت عوني.
تقول الحاجة زينب: سألتني أمي عن أخي، فقلت لها إنه يمسك بثوبها، فلم تجده، وصارت تصرخ وتقول ضاع عوني، وكنا في وادٍ، وسمعنا جوابًا من بعيد، يقول إن عوني مع أم يوسف. وفي الصباح لحقنا أبي، بعد أن انتهت ذخيرته، ورجع للبحث عن أخي، ولم نجده إلا بعد 3 أيام. ووصلنا لبيت جبرين، ثم أخرجونا منها، وواصلنا المشي إلى ترقوميا وإذنا، ثم إلى الخليل، وأقمنا في حلحول شهراً، ولم نجد ماءً، وانتقلنا لعقبة جبر، ولم نجد خياماً، وجلسنا في العراء، وانتشرت العقارب، وتوفي الطفل مصطفى إسماعيل بلدغة منها. وصار  الناس يشتكون من العقارب، وحين جاء المسؤولون، رأيتهم وهم يُنزلون خيوطا في شقوق الأرض لتخرج بعقربين، وطلعنا من العوجا إلى الفارعة، ووصلناها بعد أكثر من سنة ونصف من رحلينا.
تاريخ شفوي
بدوره، قال منسق وزارة الإعلام في طوباس عبد الباسط خلف، إن zzz*zذاكرة لا تصدأzzz*z استطاع خلال سنتين، وبشكل دوري كل شهر، توثيق أكثر من 45 رواية شفوية لشهود عيان عاصروا النكبة، وأعادوا بناء ملامح قراهم ومعالمها الدقيقة ونقلوها لأحفادهم، بقالب إنساني مؤثر يحفل بالدلالات.
فيما أكد نافز جوابرة من اللجنة الشعبية، أن البرنامج تحدث عن المدارس، ومواسم الزراعة، والعلاقة بالأرض، وحكايات المهن، ومواسم الشتاء، وطقوس رمضان والأعياد، وعادات الزواج، والكثير من تفاصيل الحياة التي كانت سائدة قبل 66 سنة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:23 am

روايات النكبة وحلم العودة

الحديث عن النكبة بعد 67 عاما موجع للقلب، للراوي وللمستمع تذرف عيون من اكتوى بنارها، وتحرك بها المشاعر والذكريات والشجون، ذكريات تحمل قصة اقتلاعهم من أرضهم، وتحويلهم إلى لاجئين في شتات الأرض، حملوا مفاتيح بيوتهم على أمل العودة القريبة، واحتفظوا بها ليرووا لأحفادهم حكاية أرض لن تنسى على مر الزمان.
الحاج أبو محمود حسنية (78 عاما) من قرية كدنا قضاء الخليل يروي قصة تهجير قرى: تل الصافي، وزكريا، وعجور، ومغلس، ودير الدبان، ورعنا، وبيت جبرين، وخربة أم برج، ودير نخاس، وذكرين، والقبيبة، وبيت نتيف، والدوايمة، وزيتا، وكدنا.
وقال إن قريته كدنا، تعتبر منطقة أثرية رومانية، كما تلك القرى المجاورة لها، وزراعية غنية ببياراتها وبساتينها ومزارعها ووديانها.
وأضاف zzz*zلا يحق إلى من لا يملك الأرض بيع الأرض ويقصد الإنجليز لليهود لتصفية حسابات بينهم. وتابع: كان لليهود من يسلحهم في هذه الحرب، ونحن لا نملك السلاح، وتركوا لنا الخشب لنقاتل به.
وأشار إلى سياسة الاستعمار الإنجليزي في تلك الفترة المتمثلة بالتضييق على المواطنين الفلسطينيين، مثل إغراق البلاد بالقمح المستورد  في سنين الخصاب، وبيعه بأثمان غالية في سنوات المحل، لدفع المواطنين لبيع الأرض من أجل  لقمة العيش.
كما أشار إلى الضعف العربي، والخيانة الدولية لحقوق الفلسطينيين، وقال: كم عاما ونحن نستغيث.. ولكن ما من مجيب.
وتابع الحاج حسنية: خرجنا من بلادنا في الهدنة.. وإسرائيل استغلت الموقف،  لقد تم ترحيل 14 قرية من حولنا في منطقة الخليل دفعة واحدة.
وقال zzz*zالجيش المصري انسحب من الجهة التي كنا فيها. بعض العائلات كانت تملك سلاحا بسيطا، تم إخراج الأطفال والنساء وكبار السن لخارج القرية، وبقي المقاومون، والإشاعات عن خطف النساء واغتصابهن ساعدت بشكل كبير في  خروج الناس لحماية العرض، فهاجر الناس إلى أن تهدأ ألأوضاعzzz*z.
 وأضاف zzz*zتركنا طيور الحمام والدجاج، ووضعنا لها الماء والقمح إلى أن نرجع.. ونادت هيئة الأمم برجوع اللاجئين وإلى اليوم لم نرجعzzz*z.
وقال متنهدا: رحلة الهجرة كانت عبر 20 مرحلة إلى أن استقرينا عام  1954 في مخيم العروب شمال الخليل، وما زلنا نعاني منذ تلك الأيام.
وأشار إلى التشرد الذي ضرب العائلة وشتتها، وقال: لم أستطع فراق كدنا. كنت كل يوم أتسلل إليها، أشرب من مائها، وآكل من بياراتها، وأزور مقابر العائلة. قبر أمي وأبي وجدي.. كل العائلة. كان عندنا 21 رأس بقر، و20 دونم أرض، بالإضافة إلى خلايا النحل، والأغنام، والبيوت.
وقال حسنية بحسرة: آه  لو ارجع إلى بلدي. السنين لا تضيع حقا. نحن الكنعانيون قبل اليهود في هذه البلاد، وجاء الرومان ورحلوا كما غيرهم ممن سكنوا البلاد،ولكن نحن الأصل، الفلسطيني لا ينسى أبدا بلده، وسوف ترجع الأرض بأبنائنا وأبناء أبنائنا. الأرض في عقلنا وتفكيرنا.. الأرض هي عرضنا ولن نفرط بها أو نتنازل عنها، فلترجع  يا ليبرمان إلى روسيا. هذه ليست أرضك...
وحول مقولة أن الكبار يموتون والصغار ينسون، قال: الأرض للقوي وهي مجبولة بدم الشهداء والصحابة، وهي مقدسة ولن نفرط بها ما حيينا.
من جانبها، قالت الحاجة أم عبد الله (90 عاما) إنها خرجت من قرية عراق المنشية شمال شرق مدينة غزة. كنا نملك أرضا، وجرون القمح، وبيوتنا كانت طبقات. خرجنا في فترة الهدنة لبضعة أيام على أمل العودة.
 وتابعت: zzz*zخرجت وابني على يدي كان عمره 40 يوما.. لم استطع أن أرضعه من شدة الصدمة والحزن على ترك البلاد. أصبحنا لاجئين مشتتين في أصقاع المعمورة، نعيش على كرت المؤنzzz*z.
وأضافت: عندما دخل اليهود البلاد قتلوا شابين على نبع الماء بالقرية، وبلغوا المخاتير بأمر خروجنا من البلاد. كانت قرية عراق المنشية آخر القرى التي سقطت بيد العصابات الصهيونية بعد عام كامل من النكبة، وظلت صامدة حتى عام 1949 تحت القصف والدمار بصمود المقاومين فيها، والجيش المصري والسوداني، وتم تشريد أهلها البالغ عددهم حوالي 2300 نسمة، أقام الصهاينة على أنقاضها مستعمرة zzz*zكريات غاتzzz*z.
وتابعت أم عبد الله: حمل سكان القرية أموالهم وحلالهم وتركوا القمح والغلة في الأرض، إلى أن تهدأ الحرب. لو كنا نعرف أننا لا نستطيع العودة إليها لما تركناها حتى لو متنا فيها.
وعن زيارتها للقرية التي هجّرت منها، قالت أم عبد الله: قبل 15 عاما ذهبت إلى القرية. لم يدع اليهود شيئا على حاله، ولكن بيارات العائلات ما زالت على حالها، وهناك دلالات للتنقيب عن الآثار، وأخرى بنيت عليها منطقة صناعية،  كما زرعوا الوديان بأصناف عديدة من الفواكه، وعرفت جميع المناطق في القرية وكأنني لم أغادرها طيلة تلك الفترة. هنا  بيارة علي حسين، وأخرى لعائلة الطيطي.. بجوارها ارض أعمامي ومنطقة العرين الجبل، وجرن الخربة.
وقالت:  zzz*zاقتربت من بيارة أبي ونزلت لأقطف البرتقال. اقترب مني أحد المستوطنين الذين احتلوا أرضنا وبيوتنا، وقال: ليش بقطف برتقال؟ قلت : هذا برتقال أبوي، هو الذي زرعه. فقال هذا برتقال أبوك؟ zzz*zعمره أبوك ما بوخذهzzz*z. هذه بيارتي. فقلت له سبحان الذي يغير ولا يتغير.. لا بد أن يتغير الحال وترجع الدار إلى أصحابها.
قطفت أم عبد الله من  البرتقال والليمون لصديقاتها في المخيم اللواتي اشتقن إلى رائحة برتقال البلاد.
وتقول: كيف لها أن ننسى هذه البلاد التي كانت رمز عزتهم ومصدر رزقهم؟ وكيف لها أن تنسى ذكريات الأحبة والثرى الذي يحتضن الشهداء والأجداد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:24 am

خيرية وهدان.. حنين لـ zzz*zزرعينzzz*z وألم لا يبارح الذاكرة

ما زالت ذاكرة السبعينية الحاجة خيرية وهدان تختزن التفاصيل الدقيقة لقريتها زرعين، إذ إنها كانت فتية وابنة 12 عاما يوم حدثت النكبة تعيد ذاكرتها zzz*zالمتفتحةzzz*z عجلة التاريخ إلى الوراء بنبرة أسى وحنين:zzz*z كنا أسرة مكونة من خمسة أفراد، أبي وأمي وأخوين، نعيش حياة هادئة بسيطة، حياة الفلاحين البسطاء، نفلح أرضنا ونعتاش من مواسمها، وحين لا تواتينا المواسم، كان والدي يذهب للعمل بمدينة عكاzzz*z.
السنين الطويلة لم تفلح في أن تنسي الحاجة خيرية (75 عاما) حجم الفجيعة والألم التي لحقت بالعائلة بعد تشريدها ومئات العائلات الأخرى من قريتها وقرى مجاورة، بفعل عصابات الهاجانا الإسرائيلية، وتقول: zzz*zحاول المحتلون إخفاء معالم جريمتهم، بجريمة أخرى، وقاموا بنسف بيوت قريتنا التي لم يبق منها سوى معالم بسيطة لعين الماء والمسجدzzz*z. لافتة أنها تستقوي على معاناتها المستمرة منذ ثلاثة وستين عاما، بأملها الكبير في العودة، وأضافت zzz*z أننا نعيش بأجسادنا في المخيم لكن عيوننا تنظر إلى هناك.. إلى زرعينzzz*z.
في تلك الليلة السوداء التي لن أنساها ما حييت، تقول خيرية، هاجمت العصابات الصهيونية، بلدتنا وهددتنا بالقتل الجماعي، على غرار الجريمة التي نفذتها تلك العصابات بدم بارد في دير ياسين، لإجبارنا على الرحيل عن أرضنا.
وتابعت وهدان التي تعيش مع أبنائها وأحفادها في مخيم جنين للاجئين شمال الضفة: zzz*zتعرضت قريتنا لهجمات العصابات الصهيونية مرات عدة، لكن رجال القرية وجيش الإنقاذ بقيادة المرحوم فوزي القاقجي الذي جاء من سوريا لمساندتنا، قاوموا هذه العصابات بإمكانياتهم البسيطة، ونجحوا في ردعهم وطردهم، وفي إحدى ليالي شهر أيار بينما كانت سنابل القمح تموج في سهل زرعين مبشرة بموسم جيد، عاودت العصابات اليهودية هجومها على البلدة بالأسلحة والدبابات، وجرت معركة غير متكافئة حتى طلوع الفجر، وتمكن الغزاة من دخول القرية، وقاموا بطرد ألأهالي ونقلهم بالشاحنات وألقت بهم خارج القرية.
وتقول وهدان في سياق سيرة ترحيلها من قريتها زرعين إن والدها لحق بها وأفراد العائلة عند أقاربهم في الجلمة شمال مدينة جنين، ومن هناك انتقلت إلى منطقة جنزور جنوب غربي جنين، ثم إلى مخيم جنين حيث ما زالت تقضي بقية العمر.
وتتشابك حكاية الحاجة خيرية مع حكايات كثيرة لمواطنين يقطنون في مخيم جنين ومحيطه، ومنهم الحاج محمد الرشيد (80عاما) من قرية زرعين أيضا، والحاجة رسمية خليل النعجة (70عاما) من قرية سولم، الذين لا يزال حتى اللحظة الدفيئة شبح المجازر الإسرائيلية تطاردهم، وتشعل في ذاكرتهم المتقدة حتمية عودتهم وأبناءهم، مهما طال الزمن أو قصر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:25 am

إصرار على العودة..لاجئون يستذكرون قريتهم zzz*zاسطنبول فلسطينzzz*z

تقيم الحاجة أم عبد الكواملة (95 عاما) بعد أن هجرها الاحتلال عام 1948 من قريتها المدمرة زكريا، في مخيم العزة وسط مدينة بيت لحم مستذكرة تفاصيل الحياة في قريتها قبل 64 عاما.
وتقول الكواملة لـــzzz*zوفاzzz*z، قريتي زكريا كانت تسمى zzz*zاسطنبول الصغرىzzz*z لكثرة المثقفين والقارئين والشعراء فيها، ممن تعلموا في مدرسة مختلطة بنيت بداية العشرينيات من القرن الماضي وكانت تسمى zzz*zمدرسة زكريا الأميريةzzz*z.
تعود الحاجة أم عبد بذاكرتها إلى أول هجوم تعرضت له القرية خلال الأيام الأولى من الحرب، حيث بدأت المعارك جنوب بيت لحم، وحاصرت العصابات الصهيونية خلالها قرى زكريا ودير آبان وبيت نتيف، انتقاما لكمين نصبه الثوار بجوارهما.. وتتابع بألم واضح...zzz*zكان الانتقام منا فظيعا وتواصل لثلاثة أيام وصمدت القرية قبل أن يجري تهجيرهاzzz*z، وأردفت بإصرار وعزيمة واضحين zzz*zسنعود إليها أو يعود إليها أبناؤنا في النهايةzzz*z.
ويذكر وسام شمروخ أحد المهجرين من قرية زكريا أن قريته قائمة على منحدر يقع فوق واد منبسط فسيح أحاطته بساتين الزيتون، على شكل مستطيل، ومنازلهم شيدت من الحجارة والطين، وكان مركزها يتكون من مسجد، ومقام لشيخ يدعى حسن، وسوق ومدرسة، وحفر بها بئران: بئر السفلاني الذي حفر قرب وادي عجور، وبئر الصرار إلى الشمال من القرية.
ويضيف: zzz*zبجوار القرية عدة مواقع أثرية قديمة، وعلى بعد كيلومتر إلى الجنوب الغربي كان يقع تل زكريا الذي يرتفع 117 مترا فوق سهلها الذي يمتد الى الشرق منها، ويوجد بها وادي البطم الذي قاتل به داوود جالوت.
وقال، zzz*zأحكم الاحتلال سيطرته على زكريا وأجزاء من تلال الخليل المؤدية إلى القدس عندما اقتحمت وحدات إسرائيلية القرية في 23 تشرين الأول أكتوبر 1948 وسقط الكثير من الشهداء في المعارك التي دارت بين أهالي القرية وجيش الاحتلال.
ويتابع حديثه عن تهجير القرية: zzz*zلم نهجر نحن أهالي زكريا في السنوات الأولى من الاحتلال، إلا أن الغطرسة الإسرائيلية استمرت حتى طرد أهالينا وأهالي القرى المجاورة لنا من بيوتهم وانتقل العديد منا إلى الرملة، وبعضنا لجأ إلى مدن الخليل وبيت لحم وأريحا، وانتشر أبناء القرية فيما بعد في الأردن والدول العربية وأميركا واستراليا وغيرها من بلاد الشتات، إلا أننا تعلمنا من آبائنا ونحن الآن نعلم أبناءنا أن يحيا الوطن فينا دائما، وتعلمنا أن zzz*zزكرياzzz*z هي الوطن والأرض وأن العودة إليها قريبة وحاصلة بإذن الله.
ويسهب شمروخ في شرحه عن القرية: zzz*zرغم إنشاء الاحتلال مستعمرة zzz*zزخارياzzz*z على أراضي قريتنا عام 1950، إلا أن مسجدنا الذي رفع الاحتلال علمه على مئذنته، ومجموعة من منازلنا المهجورة ما زالت شاهدة على تاريخنا العريق الذي شيدناه هناك... وسنعود لها حتماzzz*z.
بدوره يؤكد المواطن علي رشاد رمضان والذي هجرت عائلته من قرية الفالوجة المدمرة انهم سيعودون الى مدنهم وقراهم التي هجروا منها طال الزمن ام قصر كما قال الرئيس الشهيد ياسر عرفات zzz*zيرونها بعيدة ونراها قريبة وانا لمنتصرون وعائدونzzz*z.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:25 am

النكبة تنكأ جراح المهجرين


وقف الحاج محمد علي زبون (88 عاما) من بلدة علار المهجرة ويعيش حاليا في مخيم عايدة شمال بيت لحم، امام بيت في منطقة zzz*zعين الحنيةzzz*z المهجرة الواقعة في حدود قرية الولجة غربا، قابضا على مفتاح منزله zzz*zمفتاح العودةzzz*z، في مشهد يؤكد تمسك الفلسطيني المهجر بالعودة.
رغم حالته الصحية السيئة وصعوبة التحرك ابى الحاج زبون الا ان يشارك في احياء الذكرى الــــــ67 للنكبة في منطقة zzz*zعين حنيةzzz*z يقول: zzz*zليل نهار وانا احلم بمسقط رأسي وهذا المفتاح الذي احتفظ به سيأتي يوم لأفتح باب منزلنا ان بقي. 
ويضيف: zzz*zامنيني ان اعرم حفنة تراب من ارض قريتي ومن ثم اموت.. اطرق رأسه للحظة وقد بدى انه يريد ان يخفي شيئا في عينيه ثم استدرك قائلا: كانت لدينا اراض شاسعة.. كنت اذهب مع والدي نفلحها ونزرعها بالملفوف، والباذنجان، والخيار، والكوسا والعنب وكل ما تشتهي به النفس  لكن حسبنا الله ونعم الوكيل على كل ظالمzzz*z يقول الحاج زبون.
يعود زبون بذاكرته لأيام النكبة قائلا: zzz*zذكرى النكبة تذكرني دوما بأحياء وشارع وارض القرية ..أتذكر اننا هجرنا من قريتنا في شهر تشرين ثاني توجهنا الى قرية الخضر وقتها كان الجو باردا وماطرا، افترشنا الارض والتحفنا السماء، كانت اياما قاسية تصعب ان تمحى من الذاكرة.
ولم يتمكن الحاج زبون من زيارة قريته علار منذ النكبة سوى مرتين، وهو يحرص يحرص على حث ابنائه واحفاده على التمسك بحق العودة وعدم نسيان قريتهم ويقول بعزيمة واصرار كبيرين zzz*zسنعود لقريتنا طال الزمن او قصرzzz*z.
الحاجة عيشة الاعرج (85 عاما) تسكن في قرية الولجة غرب بيت لحم، وهجرت من منطقة zzz*zوعر القصاصzzz*z في zzz*zعين حنيةzzz*z تستذكر يوم النكبة بالقول: zzz*zعشنا اياما كلها خوف ورعب، هاجمتنا عصابات الاحتلال وقتلت أكثر من 8 مواطنين، هربنا الى بيت جالا القريبة وسكنا في منطقة واد احمد.
لم تخفي الحاجة الاعرج لهفتها وشوقها للأيام الماضية التي سبقت النكبة، وحاولت استحضار تلك اللحظات بالركون الى زاوية في منطقة zzz*zعين الحنيةzzz*z قرب منزل هدمه الاحتلال، ومن ثم اوقدت نارا ووضعت صاج حديد عليها لتبدأ بإعداد خبز الصاج امام مرأى جنود الاحتلال، مرددة بعض اهازيج الماضي: zzz*zياما بلوحي سجاد الحرم ....ياما بلوحي سجاد الحرم على بلاده روح كل واحد لاجئ ....على بلادي روح ..zzz*zعلى عين الحنيه جيتك اخوي ....وحياتك يا اخوي مالي في الهجرانيةzzz*z.
ويقول رئيس هيئة شؤون الاسرى والمحررين الوزير عيسى قراقع: zzz*zإن يوم النكبة هو يوم اسود في تاريخ شعبنا ووصمة عار في جبين العالم الذي لا يحرك ساكنا لإنصافه واعطائه حقوقه التي كفلتها المواثيق والاعراف الدولية.
.ويرى قراقع ان إحياء هذه الذكرى الأليمة في حياة شعبنا يأتي بهدف تذكير العالم بان هناك مأساة حصلت لشعب على يد العصابات الإسرائيلية في العام 1948 وهي مستمرة حتى اليوم، مؤكدا بان أبناء الشعب الفلسطيني لن يهدأ لهم بال حتى تحقيق عودتهم الى مدنهم وقراهم التي هجروا منها مع زوال الاحتلال
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:26 am

النكبة ذاكرة لا تموت

يروي الشيخ محمد محمود حرب (75 عاماً) من مخيم بلاطة للاجئين شمال الضفة الغربية، لأولاده وأحفاده، ما تحمله ذاكرته عن مسقط رأسه zzz*zمسكةzzz*z التي هجر منها قسرا عام 1948، وكله أمل باقتراب يوم عودته إليها.
وقال zzz*zلامني أبنائي وأحفادي حين حدثتهم عن zzz*zمسكةzzz*z وكيف كنت أصحو على زقزقة العصافير فجرا..وعن فاكهة البيارات التي كانت أناملي تداعبها وأنا أقطفها قبل أن أتوجه بها إلى سوق يافا؛ لاموني وسالت دموعهم كما سالت دموعي قهرا وسألوني بمرارة: لماذا غادرتم الأرض ولم تصمدوا ؟zzz*z
وأضاف الشيخ حرب وهو أب لـ13 ابناً وابنة استشهد منهم خليل وإياد في الانتفاضة الثانية، ويقبع جمال وحسام في السجون الإسرائيلية، zzz*zسنعود لأرضنا وأملي بالله كبير، وبشائر عودتنا عادت لتظهر مع اشتعال الثورات العربيةzzz*z.
وأضاف وهو يحمل مفتاح منزله في مسكة zzz*zلن أبيع وأولادي ما وهبنا الله من أرض فهي حق لنا مهما طال الزمن، فالعودة إلى ديارنا التي شردنا منها حق لا يسقط بالتقادم ولا يمكن الاستغناء عنهzzz*z.

ويتذكر الشيخ حرب قصته مع النكبة قائلا zzz*zكان موسم الحصاد عندما بدأت معركة في المنطقة الواقعة بين دير زلمة والطيرة التي أوقعت الكثير من القتلى، وعلى إثرها اختار كبار البلدة التي كانت تضم آنذاك 4 عائلات أي ما يقارب (800 نسمة) المغادرة للطيرة، خاصة بعد التهديدات التي تلقوها من ضابطين أحدهما انجليزي والآخر إسرائيلي بمغادرة القريةzzz*z.
وأضاف:zzz*z قبل أن يغادر أهل القرية، قاموا بحفر ساحات منازلهم وطمروا أثاثهم وكل ما يملكون بنيّة العودة، ولم نحمل معنا إلا ما توفر لنا من النقود، وحملت والدتي zzz*zكواشينzzz*z الأرض معها لتودعها في الأردن عند أهلها، ولم نتمكن بعدها من العثور عليها.zzz*z
ووصف الشيخ حرب رحلة أهل قرية zzz*zمسكةzzz*z بالشاقة والطويلة فمن قرية حنوتة إلى الطيبة بالقرب من طولكرم إلى مغاير في خط معزول من تلك النواحي، وقال zzz*zعائلتي مكثت نحو شهر في تلك المنطقة قبل أن نذهب إلى قرية جماعين ثم إلى مخيم عقبة جبر في أريحا إلى أن بدأت حرب الـ(67)، وانتهت رحلتنا في مخيم  بلاطة في نابلسzzz*z
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:27 am

الحاج خليل من خيمة اللجوء إلى خيمة التشرد وما زال يحلم بالعودة لبئر السبع

ما زال الحاج الستيني خليل حمد يعيش في خيمة أقيمت على أنقاض منزله الذي دمر خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أواخر عام 2008، ليعيش المأساة ذاتها التي عاشها عام 1948 عندما هجر قسرا من مدينة بئر السبع في النقب إلى القطاع.
وتربى الحاج حمد عند هجرة ذويه في خيمة إلى جانب خيام أخرى أقامتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة لتتطور شيئا فشيا خلال أعوام وتصبح منازل تصلح للسكن ولو بأدنى مقومات الحياة.
ومنذ الحرب التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة في 27 ديسمبر عام 2008 والتي استمرت أكثر من
22 يوما، مازال الحاج حمد يعيش في خيمة إلى جانب مئات الخيام التي أقامتها الوكالة الدولية أيضا لمن دمرت منازلهم خلال الحرب.
ويقول الحاج حمد، zzz*zهجرنا مرتين الأولى كانت في عام 1948 والثانية في الحرب على قطاع غزة بعد تدمير منزلي  هذه حياة الفلسطيني لا يوجد بها استقرارzzz*z.
ويضيف zzz*zهو ظلم الاحتلال حرمنا من أراضينا في بئر السبع ولم يكتف بذلك ليحرمنا مرة أخرى منزلا بالكاد يحقق متطلبات الحياة الإنسانية في المخيمzzz*z.
وفي أعقاب الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، استقر 35 ألف لاجئ في مخيم جباليا معظمهم كانوا قد فروا من القرى الواقعة جنوب فلسطين، وفق إحصائيات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
واليوم، فإن حوالي 108 آلاف لاجئ مسجل يعيشون في المخيم الذي يغطي مساحة من الأرض تبلغ فقط 1.4 كيلومتر مربع، وهو يعكس طابعا حضريا، لكنه مكتظ بالسكان بدرجة كبيرة الأمر الذي يشكل أحد هموم القاطنين فيه.
وليس ببعيد عن خيمة اللجوء الثانية التي يعيش فيها الحاج حمد وأولاده وأحفاده، ما زال منزل قيد الإنشاء أقيم مكان المنزل الذي هدم على قوات الاحتلال ينتظر رفع الحصار عن قطاع غزة بعد اتفاق المصالحة الفلسطينية الذي وقع في الرابع من ايار/مايو الجاري لدخول مواد البناء ليحتضن العائلة المنكوبة للمرة الثانية.
ويقول الحاج حمد، zzz*zفرحنا كثيرا باتفاق المصالحة الذي سيعيد بالأساس الوحدة الوطنية لشعبنا، وسيعمل كذلك على إدخال مواد البناء لإعادة إعمار قطاع غزةzzz*z، معربا عن أمله أن يشمل ذلك منزله الذي لم يستطع إكمال بنائه إلى حد الآن.
لكن الحاج حمد يشدد على أن منزله الواقع في أطراف مخيم جباليا zzz*zلن يكون بديلا عن منزله في مدينة بئر السبع مسقط رأسه وآبائه، معتبرا أنه مؤقت إلى حين تحقيق حل عادل لقضية اللاجئينzzz*z. 
ويشير الحاج حمد وهو جالس في خيمته بين أبنائه وأحفاده، zzz*zهجرت من السبع عندما كان عمري ثمانية سنوات، والآن التاريخ يعيد نفسه لذات المشهد لكن الفرق أنني كنت حينها طفل والآن جدzzz*z.
وتعتبر بئر السبع أكبر مدن منطقة النقب الصحراوية حيث تسمى أحيانا zzz*zعاصمة النقبzzz*z وهي المركز الإداري والتجاري لمحافظة الجنوب الإسرائيلية، التي تمتد جنوبا حتى مدينة إيلات).
ويستذكر الحاج حمد منزل والده الذي ترعرع فيه إلى سن الثامنة في بئر السبع، وطردهم من قبل العصابات الصهيونية التي استولت عليه ليستقر به الحال في خيمة بمخيم للاجئين.
ويشير بيده شرقا وهو يقول بمرارة، zzz*zالبيت يبتعد عني قرابة 60 كيلو متر، أشتاق إليه جدا وأحن إلى شجر الزيتون الذي كان مزروعا فيه وحولهzzz*z.
ويضرب الحاج حمد كفا بكف ودمعة حزن تذرف من عينه قائلا، zzz*z أخشى أن تلك الأيام الجميلة لن تتكرر أبداzzz*z، لكنه يعود فيبتسم قليلا ويقول، zzz*zما زال الأمل موجود وإن لم أستطع العودة فلا بد أن يعود أبنائي أو أحفادي يوما إلى هناك حيث دفن جدي، وأراضينا الخصبةzzz*z.
ويضيف الحاج حمد بعبارات من التحدي zzz*zبلادنا فلسطين احتلها العديد من الغزاة والمحتلين ولكن جميعهم رحلوا وتركوها وبقي أصحابها الأصليين، والاحتلال الإسرائيلي حتما إلى زوال لأنه باطل ونحن سننتصر بالنهاية لأن هذه الأرض فيها أرواح أجدادناzzz*z.
ووفقا للتعريف العملي (للأونروا) فإن اللاجئين الفلسطينيين هم أولئك الأشخاص الذين كانوا يقيمون في فلسطين خلال الفترة ما بين حزيران/يونيو عام 1946 وحتى أيار/مايو عام 1948، والذين فقدوا بيوتهم ومورد رزقهم نتيجة حرب 1948.
ويمثل اللاجئون ثلثي سكان قطاع غزة البالغين مليون ونصف نسمة، ويلاحظ، رغم تركزهم داخل مخيمات اللجوء، مدى الانصهار الكبير بينهم وبين المواطنين الأصليين للقطاع كما في الضفة الغربية.
ووصل عدد اللاجئين الفلسطينيين حاليا نحو 4.3 مليون لاجئ فلسطيني يعيش معظمهم في 52 مخيما في كل من قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، والأردن، وسورية، ولبنان.
وتتولى (الأونروا) تقديم الخدمات لكافة أولئك اللاجئين المسجلين لديها ويقيمون في مناطق عملياتها، كما أن ذرية أولئك اللاجئين الأصليين يستحقون أن يتم تسجيلهم في سجلات الوكالة.
ويشدد الرئيس محمود عباس، على أن القيادة الفلسطينية zzz*zلن تفرط أبدا بحق عودة اللاجئين zzz*z، مؤكدا على أن zzz*zالوطن هو وجهتنا الأخيرةzzz*z.
ويظل ملف اللاجئين وحق العودة الذي تصر عليه القيادة الفلسطينية وترفضه إسرائيل أكثر ملفات عملية السلام تعقيدا رغم قرارات الشرعية الدولية وخاصة القرار 194 .
يذكر أن الجمعية العامة للأمم المتحدة تبنت قرار 194 في كانون أول/ ديسمبر من العام 1948 ويقضي بـzzz*zوجوب السماح بالعودة في أقرب وقت ممكن، للاجئين الراغبين في العودة إلى بيوتهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى بيوتهم، وعن كل مفقود أو مصاب بضرر.zzz*z
وكانت الأمم المتحدة تجدد قلقها حول عدم تنفيذ القرار كل عام تقريبا، ولكنها لم تتخذ أي خطوات عملية لتنفيذه. 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:28 am

أبو الهيجا والسعدي: أكثر من ستين عاما من اللجوء

ناهز محمود مرعي أبو الهيجاء، وزميله نمر السعدي في مخيم جنين للاجئين الثمانين عاما من العمر، لكن 63 عاما منها، هي عمر zzz*zالنكبةzzz*z عندما طردا من قريتيهما zzz*zعين حوضzzz*z وzzz*zالمزارzzz*z في فلسطين التاريخية لدى قيام إسرائيل، لا تعد عندهما عمرا عاشاه.
وقال أبو الهيجا (84 عاما)، من مخيم جنين شمال الضفة الغربية الذي يقيم مع نحو 14 ألف لاجئ آخرين، لوكالة وفا zzz*zإن حياته، منذ الهجرة تحولت إلى مسلسل من المعاناة والمأساةzzz*z.
وسرد رحلته مع اللجوء قائلا zzz*zبعد أن حاصرت عصابات zzz*zالهجاناةzzz*z العنصرية قرية عين حوض التي كانت تعد (800 نسمة)، أخرجنا النساء والشيوخ والأطفال من القرية لتجميعهم في منطقة سهلية تجنبا من المجازر التي كانوا يرتكبوهاzzz*z.
وأضاف zzz*zثم خرجنا هائمين على وجوهنا، مشيا على الأقدام إلى قرية إجزم جنوب مدينة حيفا التي دمرتها العصابات الصهيونية وحرقت المحاصيل الزراعية ودمرت المنازل كما فعلت في عين حوضzzz*z. وتابع zzz*zالبعض ذهب إلى اليامون غرب جنين، ومنا من عبر الحدود إلى الأردن وغيرها من الدول العربيةzzz*z.
 
وروى عن الرحلة إلى اليامون وقال zzz*zأقمنا في كهوف استأجرتاها مقابل 25 قرشا بسبب عدم وجود منازل تأوينا في قرية عارة في المثلث داخل أراضي الـ48، ومكثنا خمسة أيام دون مأوى نبيت تحت الشجر ومن ثم توجهنا إلى اليامون وعانينا أيضا مشكلة عدم وجود مساكن تأوينا، بعد أن عشنا في الكهوف المستأجرة في ظروف لا تمت إلى الإنسانية بأية صلة حيث فقدت طفلتي التي توفيت بسبب انتشار مرض الطاعون، وكما توفي أكثر من عشرين كهل نتيجة للأمراضzzz*z.
ويقول أبو الهيجاء إنه zzz*zبسبب الأوضاع المأساوية التي عشناها في بلدة اليامون بعد أن هجرنا من قرية عين حوض قسرا، تمنيت آنذاك لو متنا في قريتنا التي هجرنا منها ولم نخرج، حيث اضطررت لبيع مصاغ زوجتي لنوفر قوت أطفالناzzz*z.
وتابع قائلاً zzz*zبعدها اضطررنا التوجه مشردين ومهجرين إلى مخيم zzz*zجنزورzzz*z الواقع بين مثلث الشهداء وقرية بئر الباشا على بعد 10كم من جنوب جنين، وفي عام 1950، zzz*zسنة الثلجةzzz*z، اقتلعت الرياح خيمنا في الليل حين كنا نياما، فانتقلنا إلى مخيم جنين حيث مازلنا نعيش حتى اليومzzz*z. 
وعن انتقاله للعيش في مخيم جنين، قال أبو الهيجاء zzz*zالحياة كانت بدائية وبسيطة للغاية وكانت تقتصر على تحصيل الحاجات الأساسية والمخيم كان عبارة عن خيام تناثرت هنا وهناك وبعض البيوت الطينيةzzz*z.
وفي بداية الخمسينات، بدأت وكالة الغوث بتقديم بعض الخدمات كإقامة حمامات عامة في أحياء المخيم، ومن ثم أقامت خياما لتدريس الأولاد، كما أقامت خيمة لتقديم الخدمات الصحية الأولية.
وقال zzz*zأدركنا أن السلاح الأساسي الذي يجب أن نوفره لأنفسنا ولأولادنا هو سلاح العلم، كي نضمن مستقبلنا ومستقبل أولادنا، وبدأ المخيم يتطور بشكل بطيء، لكن جاءت حرب حزيران 1967، فتشرد قرابة 25% من سكان المخيم الذين لجأوا إلى الأردن، وبقي في المخيم في تلك السنة قرابة 3 آلاف نسمةzzz*z.
وأضاف zzz*zخلال كل هذه السنوات، كان هم اللاجئ الأول تحصيل لقمة العيش، إلى أن تهيأت فرص العمل داخل أراضي الـ48 بعد عام 72، لكن ذلك لم يسهم في تطوير الظروف المعيشية، وكما ترى يعيش غالبية السكان أوضاع اقتصادية بائسة، تصل حد الجوع في كثير من البيوتzzz*z.
ومثل أبو الهيجا، يتحدث اللاجئ نمر حسين السعدي (82 عاما)، من سكان مخيم جنين الذي هجر قصرا من قرية المزار.
وقال السعدي zzz*zبدأت عصابات zzz*zالهاجناةzzz*z في عام 1947 تهاجم قريتنا وعدد سكانها آنذاك ما يزيد عن 400 نسمة وهم من عائلة السعدي وكنا نمتلك آلاف الدونمات، وكانت القرية ذات موقع إستراتيجي تقع على سفح جبل عالية تطل على فلسطين قاطبة، في ساعات الليل من خلال إطلاق الأعيرة النارية وقيامهم بحرق المحاصيل الزراعية وأشجار الزيتونzzz*z.
وأضاف zzz*zكنا نشكل فرق حراسة ليليلة بعد أن نجمع النساء والشيوخ والأطفال في سهل القرية، واستمرت العصابات الصهيونية قيامها بالترهيب وأعمال الحرق وبعد أن قامت العصابات بارتكاب مجازر في قرى فلسطينية، اضطررنا أن نترك القرية مشيا على الأقدام إلى قرية دير أبو ضعيف شرق جنين ومكثنا دون مأوى نعيش في سهل القرية لمدة أشهر في ظروف لا تمت إلى الإنسانية بأي صلةzzz*z.
وأضاف zzz*zمن ثم توجهنا إلى قريتي عرانة وعربونة وبعدها إلى مخيم جنزور بجنين ومن ثم لجأنا إلى مخيم جنين بعد أن تم إنشاؤه من قبل وكالة الغوث الدوليةzzz*z.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:31 am

67 عاما وحنين العودة شمس لا تغرب

قيل لبعضهم ستعودون بعد ساعتين، ولآخرين بعد يومين أو ثلاثة، ومرت 67 سنة، على تشتيت 800 ألف فلسطيني، بين الضفة الغربية وغزة والقدس ولبنان والأردن ومصر وسوريا.. مات كثيرون وهم يحلمون بالعودة، وكبر كثيرون وهم يحلمون بحقهم.
يُطلق الذين هجروا من ديارهم قبل 67 عاما، وساروا لمسافات طويلة في الطرق الوعرة، وقطعوا السهول والجبال للوصول إلى مكان آمن على ذلك اليوم zzz*zيوم القيامةzzz*z، ويطلق الذين شاهدوا قراهم ومدنهم وهي تتعرض للقصف والتدمير وتتبدل معالمها وملامحها zzz*zيوم الزلزالzzz*z، وهناك إجماع على أنه zzz*zيوم النكبةzzz*z.
وبين هذا وذاك تقترب وتتشابه قصص اللجوء والتشريد من بعضها البعض، وتصب جميعا في قالب من الشجن، حاولت zzz*zوفاzzz*z تلمسه: 
اللد في صورتها الأولى
بغصة يقول رجب غانم المولود عام 1935: أنا من اللد، ولدت وعشت أول 12 سنة من حياتي فيها، قبل أن يطردنا اليهود منها، أتمنى من الله أن يعيدني إلى اللد، اللد هي كل شيء... طوقوها ثلاثة أيام ثم أخرجونا منها، وكل من حمل معه مالا أو مصاغا ذهبيا أخذوه منه تحت تهديد السلاح، وكان أناس كثيرون يمشون في جماعات الى خارج اللد، دون أن يعرفوا أين يذهبون.
zzz*zأخرجونا في يوم صيام، كانت أمي تعد للإفطار أربع دجاجات محشية، لكننا بعد الظهر تركنا المطبخ والبيت واللد والدجاجات الأربع المحشوةzzz*z، قال الرجل.
يفرك الحاج رجب، عينه اليسرى بقوة، ويتمتم بصوتٍ منخفض: zzz*zآه يا عيني لو أفتحك وألقاكِ في اللدzzz*z. ويضيف: zzz*zنمنا ليلتنا الأولى في كروم العنب بعد أن مشينا عدة ساعات بعيدا عن اللد، وفي الصباح عاودنا المشي، رأى أبي شارعا على بعد 3 كم فمشينا إليه، وصادفتنا حافلة أوقفناها وقلنا لسائقها: zzz*zخذنا مطرح منتا رايحzzz*z، فأوصلنا الى رام الله، وجدنا رام الله صغيرة، وقال لنا الناس: هنا لا يوجد عمل وقد تموتون من الجوع، فتوجهنا إلى مخيم البريج في غزة، بعد أن سمعنا أن الوضع هناك افضل للاجئين، وتسلل والدي من البريج إلى دكاننا في اللد بعد بضعة أشهر من النكبة، وكان يخفي تحت حجارتها مبلغا من المال، وعاد بسلام الى البريج وفتح دكانا جديدا فيه، وفي العام 1974 انتقلنا إلى مخيم الأمعري في رام الله.
يتكئ الحاج رجب على برميل تآكل من الصدأ، يحدق في شجرة مشمش قريبة وشجرة لوز ضخمة جدا، يصمت قليلا، ويتابع: هذا البرميل أعطتنا إياه الوكالة مع بيت الطوب المسقوف بالصفائح المعدنية قبل 51 سنة، وزرعنا مشمشا ولوزا وعنبا، لكن توافد المزيد من اللاجئين الى الأمعري قلل المساحة الزراعية المتوفرة لنا، واضطررنا لاجتثاث الشجر ليتسع المكان لعائلات أخرى، وبقيت هذه اللوزة وهذه المشمشة.
عمل الحاج رجب في البناء في مدينة الرملة، وكان يختلس النظر وهو في الطريق الى اللد، دون أن يقو على دخولها، يقول: سنحت لي الفرصة مرات عدة لزيارتها لكني رفضت، لا أريد عودة مؤقتة، ولا أريد أن أرى التغيير الكبير الذي حصل لها، أريد لصورتها التي أحفظها منذ أيام الطفولة أن تظل حية في ذاكرتي، كان لدينا دونم مزروع بنبات الكوسا والبطاطا والتوت والزيتون، لا أريد أن أمحوه من خيالي حين اصطدم بمبنى ضخم أو مول تجاري حل محله.
بئر معين صارت مستوطنة zzz*zموديعينzzz*z
الحاج أبو جبر فؤاد (88 عاما)، من قرية بير معين المهجرة قرب الرملة، يعيش في مخيم قلنديا وسط رام الله، يقول: تشرد أهل بلدة القباب الى بلدنا بير معين، ظنا منهم أن بلدتنا ستسلم، وبعد اسبوع واحد خرجنا منها سوية، وذلك بعد مناوشات بين الجيش الاردني والعصابات الصهيونية، كانت بئر معين تعد 500 نسمة وكان فيها 400 بقرة للحراث والحليب والدراس، ونحو أربعة آلاف رأس من المواشي و5 جمال، كانت المواشي والبقر والأرض كافية لنعيش حياة كريمة.
ويضيف أبو جبر: كانت أيامنا أيام نخوة، وكان يكفي أن يصرخ أي صوت في البلدة مناديا: فزعة. لتلتم البلد بأكملها، كما حدث حين حاصر الجيش البريطاني عددا من المناضلين في جسر عاكف على طريق وادي صرار القريب من اللطرون، حيث انسحب الجيش البريطاني بعد أن شاهد أهل البلدة يهرعون بالعصي والسلاح الأبيض.
يعود الحاج أبو جبر في العام 1956 الى بير معين بحثا عن قبر والده، ولا يجده، ويستدل على مكان البلدة من شاهدها الوحيد: مقام ولي يطلقون عليه zzz*zمقام مناعهzzz*z، فقد تحولت بئر معين والقرى القريبة إلى مستوطنة zzz*zموديعينzzz*z.
المالحة بلد الورد ودقاقي الحجر
مصطفى اعمر مواليد العام 1934، في بلدة المالحة المهجرة، جنوب غرب القدس، يقول: خيمتنا كانت أول خيمة في المخيم، خرجنا من المالحة في يوم صيام، وسكنا لدى أقارب في سلوان، وبعد استشهاد خالتي في راس البساتين، كانت العصابات الصهيونية تطلق النار من منطقة النبي داوود اتجاه حي الثوري وسلوان لترويع الناس، فانتقلنا إلى مخيم عين السلطان في أريحا، ثم جبل الحسين في الأردن، ثم عدنا الى مدينة البيرة، ونمنا أول ليلة فيها تحت شجرة، واستقررنا بعدها في مخيم الامعري.
يضيف مصطفى: كانت المالحة تشتهر بالورد، والسماق، ودق الحجر، وكنا نمشي من المالحة الى القدس سيرا على الأقدام، عبر حي القطمون والطالبية وحتى باب الخليل، وكانت في منتصف الطريق شجرة بلوط تستخدم كاستراحة، وكان عبد الفتاح درويش شيخ البلدة، وله هيبته، ورفض الخروج منها، وكان يطلق النار من عليته على اليهود، الذين حاصرونا، وهددونا فخرجت معظم البلدة ولم يتبق فيها سوى بعض الكبار في السن، ثم رحلهم اليهود الى بيت جالا وبيت صفافا، وسكنها يهود عراقيون.
في البرج القمح أخضر
يقول الحاج شاهر الخطيب (75 عاما) المهجر من قرية البرج، قرب الرملة، إلى مخيم قلنديا: تركنا وراءنا القمح أخضر وطويلا، والشعير مجموع في أكوام على البيدر، وكان بيتنا اخر بيت نزح عن القرية، أنا وأشقائي الثمانية وأمي. 
يضيف الخطيب، الذي يملك دكانا صغيرا وسط المخيم: نزح عدد من أهالي القرى القريبة منا ك
بئر أم معين وبرفيليا وأبو شوشة وجمزو وعنابة واستقروا في البرج لبضعة أيام، قبل أن نخرج جميعا منها بعد محاصرتها واطلاق النار عليها من جهة قرية برفيليا، حملنا الأولاد وسقنا عددا من المواشي والجمال، وتمكن البعض من أخذ بقج الملابس، وكانت الناس تواسي بعضها البعض في الطريق zzz*zيومين ونرجع، اسبوعين ونرجعzzz*z، ومشينا سيرا على الأقدام لأقرب قرية وهي صفا، ومكثنا فيها أسبوعا، نفترش الأرض وننام، ثم انتقلنا إلى بيت عور، ثم إلى خربثا، قبل أن نستقر في مخيم قلنديا عام 1957.
وبحسب جهاز الإحصاء المركزي، فإن 1.4 مليون فلسطيني كانوا يقيمون في فلسطين التاريخية عام 1948 في 1,300 قرية ومدينة فلسطينية.
وتشير البيانات الموثقة إلى أن الإسرائيليين قد سيطروا خلال مرحلة النكبة على 774 قرية ومدينة، حيث قاموا بتدمير 531 قرية ومدينة فلسطينية، كما اقترفت القوات الإسرائيلية أكثر من 70 مذبحة ومجزرة بحق الفلسطينيين، أدت إلى استشهاد ما يزيد عن 15 ألف فلسطيني خلال فترة النكبة.
وتظهر المعطيات الإحصائية أن نسبة اللاجئين الفلسطينيين في دولة فلسطين تشكل 43.1% من مجمل السكان الفلسطينيين المقيمين في فلسطين نهاية العام 2014، كما بلغ عدد اللاجئين المسجلين لدى وكالة الغوث في الاول من تموز للعام 2014، حوالي 5.49 مليون لاجئ فلسطيني، يعيش حوالي 29.0% من اللاجئين الفلسطينيين في 58 مخيما تتوزع بواقع 10 مخيمات في الأردن، و9 مخيمات في سوريا، و12 مخيماً في لبنان، و19 مخيما في الضفة الغربية و8 مخيمات في قطاع غزة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:32 am

شاهدان على النكبة يرسمان أم الزينات والفالوجة



أعاد الحاجان السبعينيان محمد حمد صبح، ومحمد صالح عرجا، رسم قريتهما أم الزينات والفالوجة، بتفاصيلها الدقيقة، وسهولها، ومبانيها، وأسواقها، وحقولها، وجبالها، وعائلاتها. واستعاد صبح والعرجا لحظات سقوط القريتين بأيدي العصابات الصهيونية عام 1948.
 واسترد صبح، الذي خرج إلى الحياة عام 1932، تكوينات أم الزينات، جنوبي حيفا، التي قضى فيها طفولته، وتذكر كرملها وزيتونها ولوزها وخروبها. فيما لا تزال ذاكرته تختزن معالم خلة الزرد، وزيتون المقشور، والرجم، والانجاصة، وجرن البارود، وكرم ظاهر، والحساسنة، ودار أحمد القاسم، وخلة الجاج، وبير الناطف، وأراضي الروحة، وغدران العليق، ووادي أبو نمر، والشقاق، والصفصافة، وبير الهرامس، وشمهورش، اللذين أخذا اسميهما من أسطورة الجن والخرافة.
درس أبو منصور في قريته حتى الصف السابع، بعدها انتقل لمدرسة البرج الثانوية بحيفا لإكمال الأول ثانوي، وسكن في حي حواسة، وحافظ على تفوقه وتحصيله المتقدم، فكان في مقدمة التلاميذ. وحين كان يذهب أساتذته إلى حيفا للحصول على معاشاتهم، تولى بنفسه تدريس التلاميذ بطلب من المدير.
وقال: zzz*zفي إحدى ليالي أيار، كنا ننام في بيتنا، وبجنبي أبي وأخي وابن عمي محمد مصطفى، وعند الفجر دخل علينا أخي الأكبر مسرعا، ليخبرنا أن العصابات دخلت البلد، لنسمع بعدها صوت إطلاق النار من سلاح zzz*zبرينzzz*z البريطاني، فهربنا إلى أحراش الكرمل، ثم انتقلنا إلى إجزم، ودالية الكرمل والفريديس، وأمضينا نحو أربعة أشهر في إجزم، التي ظلت تقاوم اليهود بشراسة، لنذهب منها إلى أراضي الروحة، ونقيم في أم الفحم حتى شتاء عام 1948. بعدها اتجهنا نقصد بلدة الكرامة في الضفة الشرقية، غير أن الجنود الأردنيين أعادونا، ورجعنا إلى النويعمة قرب أريحا.zzz*z
ويتذكر صبح مشاهد قتل زعيم أم الزينات عبد الغني بشر، وتصفية محمد سليم حردان وهو نائم، ومشاهد الرعب، والمحنة، والشتاء الحزين.
عمل صبح مدرسا للغة العربية والاجتماعيات، في مدرسة مخيم الجلزون للاجئين منذ آب 1949، ثم انتقل إلى مدرسة مخيم الفارعة، قبل أن يفصله قرار حكومي أردني عن العمل، لانتمائه للحزب الشيوعي بعد ثماني سنوات.
وتابع: zzz*zكنت أحرص على العودة إلى أم الزينات، وعلّمت تلاميذي أنهم ينحدرون منها ومن القرى المدمرة، واصطحبتهم بعد النكسة (1967) إليها في رحلة، وفتشت عن المدرسة، وعثرت على فناجين القهوة، والجرن الخشبي في دارنا. وقلت ليهودية مستوطنة هذا هو بيتنا، وأنتم سرقتموه.zzz*z
ورسم محمد عرجا، معالم قريته الفالوجة، التي ولد فيها عام 1934: zzz*zكان عدد سكانها خمسة آلاف، وفيها بلدية، ومدارس ثانوية وابتدائية للبنات، ومركز صحي، ومحكمة، ومسلخ للحوم. وكانت الفالوجة متطورة، وتعيش على الزراعة والتجارة.zzz*z
وفق عرجا، فإن لبلدة قصة تاريخية، عمرها أكثر من ثمانية قرون، فحين فتح القائد صلاح الدين الأيوني القدس، جاء معه من العراق أحمد بن محيي الدين البطالحي (الأشهب)، ومات في الفالوجة، ودفن في منطقة اسمها زريق الخندق، تبتعد عن بلدنا نحو ثلاثة كيلومترات غربا، وانتشر أولاده فيها، وظل مقامه مكانا يرتبط بالنذر، وإيفاء الدين، وحل النزاعات، والتقاضي.zzz*z
ويعدد عرجا مناطق قريته التي تقع شمال غزة وغرب الخليل: الشومرة، والخصاص، وأم النعاج، والرسوم، وخربة الشلف، ودار كركية، وأبو الغربان، ومليطة، والقبال. وفي كل يوم خميس ينعقد سوق البرين، وفيه يتوافد الناس من البلدات والمدن المجاورة للمتاجرة بالسلع المختلفة، كالقماش واللحوم والذهب والخضار.
وقال: zzz*zكنا نشاهد مواسم وادي النمل، والمنطار، أسدود، والنبي روبين، والرملة، التي كانت مثل العرس، وتعقد في شهر أيار، وفيها سباقات خيول على البحر، ودبكة، وأناشيد دينية للفرق الصوفية، وبيع، وشراء.zzz*z
 وتابع: zzz*zكنت أشاهد الناس والتجار في سوق البرين، وكنا نلعب بالفخاخ، ونصطاد العصافير من الحقول. وما زلت أتذكر يوم اجتمع الأهالي، وقرروا قبل النكبة إرسال الشيخ محمد عواد، رئيس البلدية إلى مصر لشراء السلاح، بعد أن جمعوا المال، وقرروا تدريب 360 من الشبان على استخدامه.zzz*z
ويستذكر: zzz*zفي أحد أيام شهر نيسان، كان الجو ربيعيا، وكنا نلعب في المزارع، عندما أوقفتنا سيارة عسكرية للجيش المصري، فسألني الضابط: يا جدع وين المستعمرة، فأشرت له إلى مكانها، وصعد إلى خزان المياه في البلدة، لينظر بالدربيل (المنظار)، ثم ينزل بعد أيام قليلة بدأ الجيش يدخل البلدة، وطلب من الناس أن يحفروا خندقا حولها، وظلوا يقومون بهذا العمل لشهر، حتى أنهوه.zzz*z
 حظي عرجا بفرصة للاحتكاك بالجنود المصريين، وكان يبيت بينهم في منزل أسرته، وتعرف على الأسلحة، وشاهد مدفع zzz*zأبو الستة رطلzzz*z، وراح يجر صناديق الرصاص معهم، وتعرف إلى الضابط القبطي وحيد، وشحاتة من المنصورة، وسعيد القادم من السويس.zzz*z
وقال: zzz*zعشنا تحت الحصار والقصف ستة أشهر، وكانت البلد كلها ساحة معركة، وصد الجيش المصري العصابات الصهيونية مرات كثيرة، وشاهدت بعيني الشهداء والجرحى والطائرات، وكان يظن الجنود المصريون أن الطائرات الإسرائيلية التي تقصفهم هي مصرية.zzz*z
ويتذكر: zzz*zطلعنا من البلد أنا وأمي وعمتي وإخواني، وظل أبي في البلد مع الجيش المصري، وروحنا على الدوايمة، وفقدنا عمتي في الطريق، قبل أن نعثر عليها. وعدت إلى الفالوجة لمساعدة العجوز فاطمة البعم، التي قالوا لها إن زوجها استشهد، فما أن دخلنا البلد حتى أصابتها قذيفة، وشاهدت كيف شطرت جسدها إلى نصفين، واحترق شعر رأسها، وجاء زوجها الذي تبحث عنه ليدفنها بنفسه.zzz*z
 استمر ترحال عرجا، ليتنقل بين الدوايمة، ويصل دورا ثم مدينة الخليل، فأريحا، ثم سوريا، فالأردن، وانتهاء بأريحا، حيث فرضت عليه الإقامة الجبرية واعتقل لفترة، ثم ليستقر به المقام في مخيم الفارعة، بانتظار العودة التي نفذها بعد النكسة عدة مرات، فكان يفتش خلالها عن بيته، والمسجد حيث تلقى دروسه، وضريح وليها العراقي.zzz*z
 وقال مدير وزارة الثقافة في طوباس عبد السلام العابد، إن الندوة نجحت في نقل تفاصيل النكبة للأجيال الجديدة، وعبرت عن ألم الذاكرة وجرحها، وتناولت مظاهر الحياة الفلسطينية ورقيها.
 فيما تحدث منسق وزارة الإعلام في طوباس عبد الباسط خلف عن أهمية التاريخ الشفوي، في صياغة رواية فلسطينية، تتسابق مع الزمن، وتخشى من رحيل الشهود الذين عاصروا النكبة، وسجلوا وحشية الاقتلاع.
 وأشار إلى ندوة مماثلة، ستعقد بداية حزيران القادم، ستتناول النكسة وتفاصيلها، وتجمع شهادات من رجال ونساء، عاشوا مرارتها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:33 am

نكبة سحماتا

إعداد فادي اليماني
     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Suhmatah-2
تقع قرية سحماتا على قمتي تلّتين في قلب الجليل الأعلى تطلان على ينابيع القواطيع (وادي الخرب) في الغرب، وعلى كروم التين والزيتون والصبار غابات أشجار البطم والغوردة. يمر بمحاذاتها طريق عام يربطها بمدينة صفد، وبمدينتي نهاريا وعكا وبعض القرى الأخرى. ترتفع سحماتا عن سطح البحر 575م، وتبعد عن عكا للشمال الشرقي 30كم، وعن نهاريا للشرق 18كم. تحدها قرى ترشيحا غرباً، كفر سميع والبقيعة جنوباً، بيت جن جنوب شرق، وحرفيش وسبلان شرقاً، ودير القاسي وفسوطة شمالاً.
بلغت مساحتها 135 دونما.. وكانت تتكون من حارتين أساسيتين تفصل بينهما البرك وساحة القرية (الرحبة) التي كانت تعقد في رحابها أفراح الأعراس والمناسبات الهامة.
كان سحماتا تتكون من حارتين أساسيتين؛
الحارة الغربية (التحتا) يتوسطها المسجد والكنيسة المتجاوران، وكانت تضم مدرسة ابتدائية أسسها العثمانيون عام 1886، والدراسة فيها كانت حتى الصف الرابع. والحارة الشرقية (الفوقا) التي تقع في أعاليها القلعة التي بناها الصليبيون، وفي القرب منها، جنوبا كانت المدرسة الزراعية التي تأسست أيام الانتداب البريطاني وتحيطها حديقة مساحتها عشرة دونمات لتدريب الطلاب على طرق الزراعة العملية،
وتربية الدواجن والنحل بالأسلوب الحديث.
وفي شرق جنوب الحارة الشرقية تقع المقبرة الإسلامية للقرية التي تبلغ مساحتها 30 دونما، لم يبق منها الا حوالي 8 دونمات تحوي بقايا قبور أسلافنا المبعثرة هنا وهناك، وأما أكثر من ثلثيها فقد غرسته دائرة أراضي إسرائيل بالصنوبر لتغيير معالمها، وفي الحارتين كانت هناك عدة طرقات رئيسية يكسوها البلاط.
كانت سحماتا إبان الحكم العثماني تتبع لقضاء صفد، وبعد انتهاء الحرب العالمية الاولى، أعادت حكومة الانتداب البريطاني تقسيم الألوية والأقضية، وألحقتها بقضاء عكا - لواء الجليل.
     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Suhmatah-3
عام 1948 أصابت النكبة سحماتا وأهلها فاضطروا للجوء الى الدول المجاورة (لبنان وسوريا) والى مدن وقرى الداخل الفلسطيني.
هنا مجموعة من الشهادات الحية التي يرويها بعض أهالي سحماتا عن ذكرياتهم التي ما زالوا يحتفظون بها عن وقائع حدثت خلال الفترة التي سبقت نكبة سحماتا والأيام التي رافقتها.
على الرغم من تعرض القرية للقصف، إلا أن عددا من الأهالي يقدر عددهم بـ 40 نفرا من الذين  التجأوا تحت الأشجار، وفي الكهوف أو في القرى المجاورة ظلوا يحاولون العودة مرارا إلى بيوتهم، إلا أن الجيش كان يمنعهم من ذلك.. وبقوا على هذه الحال حتى اوائل عام 1949.
تقول أم عفيف عن أولئك: "حوالي 40 نفر ضلوا بسحماتا.. الكبار في العمر وشباب كمان..  كانوا يشتغلوا في قطف الزيتون، يأخذوا أجرهم 12 قرش بالنهار... ضلوا تقريبًا لعيد الميلاد.. ليلتها اجا الجيش وطوّق كل البلد.. جابوا اليهود شاحنتين مكشوفات، الدنيا كانت تشتي بشكل قوي.. حطّوهم على الشاحنات ورحّلوهم...  بين المطرودين كانت زكية محمد علي حمادة وكانت مريضة، حسّت بالعطش على الطريق وطلبت ماء... فصارت ندى السمعان (امي) تملأ كفها من ماء المطر وتسقيها، بعديها طلبت أن يضيئوا شمعة لأنها ما بتشوف شيء... بعد دقائق مدّت أمي ايدها عشان تحس جسد زكية... كان بارد مثل الثلج وهيك ماتت زكيّه...  وصلت الشاحنات إلى كفر برعم.. قالوا لهم "يلاّ عَ لبنان" وصاروا يطخوا عليهم والشاطر يركض.. أمي وكمان نساء تنتين ما قبلوا يرحلوا قرروا يدفنوا زكية... بس ما لاقوا لا منكوش ولا منجل.. شافوا مرباج حطب.. صاروا يهيلوا بالحطب.. حطّوها بنص الحطبات وصاروا يقيموا الحطب ويحطّوا عليها...  دفنوها ونزلوا على رميش".
بعد ثلاث سنوات من تهجير أهالي القرية، دمرت القرية تدميرا كاملا حتى يفقد الأهالي الأمل في العودة إليها. وأقيمت على أراضيها مستوطنتان هما: (حوسن وتسورئيل)، والجناح الشرقي من مستوطنة (معلوت)، وكذلك البحيرة الاصطناعية.
     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Suhmatah-1
لم يفلت أهالي سحماتا من تعذيب وهمجية جيوش الانتداب البريطاني، خاصة أن أهالي القرية ناضلوا وثاروا ضد الانتداب وتحيزه للحركات الصهيونية. عن معاناة القرية من الجيش البريطاني حدثتنا المسنة نجية اسعد سليمان: "لما كانت تصير مشاكل.. كان الانجليز يجمّعوا الرجال عند البركة والنسوان عند الجامع... في ناس كانت توكل قتله وفي ناس كانت تنفذ وما تنضرب.. كانوا كتير يحبسوا الرجال... مرّه حبسوا اخوي ضاهر. مركز الانجليز كان بترشيحا، قريب منّا... بتذكَّر بالشتا اجا جندي انجليزي وقعد على الروزنه وين بطلع الدخان... صار الدخان يدخل على دارنا... اجت أمي ودخلّت حديده من الروزنه وغزته.. صار يصرخ وهرب... أيام الثورة كانوا يدخلوا على البيوت ويحرقوا الفراش والمنتوج... مره اجو على البلد بالشتا، جمعّوا الرجال وصاروا يرموهم بالبركة... ولما اجو بدهم يرمو رشيد المتولي صار يصرخ ويقول: "يا أولادي بدي اموت"... نزلوا بعد هيك أولاد البلد وطلعوه من المي"
عن مظاهر الرعب في عيون ابناء سحماتا حدثتنا أم عفيف (83 عاما): "بنيسان.. قبل شهور من احتلال سحماتا.. بدأت الناس تحس بخطر وخوف... كل ما شافوا اشي حوالين البلد كانت الناس تخاف وتقول اجت [قوات] الهاجاناه.. في مرّة كان في بنات راحوا مع بغلتهم عشان يجمعوا الدخان... كانت الدنيا تمطر وكانوا حاطين أكياس على راسهم.. الناس فكرّت انه الهاجاناه اجت.. وصاروا يهربوا... بهاي الفتره كانت الناس خايفه لانه كانت تسمع عن المجازر بدير ياسين وعن القتل اللي بصير...".
أهل سحماتا كانوا يطلعوا دوريات كل ليلة علشان يحموا البلد.. ما كان في سلاح ..السلاح كان كثير بسيط ومرّات يكون خربان.. ضلّت الناس بحالة قلق لحتى تشرين أول... صارت الناس تقلق أكثر وأكثر.. أخذوا قرى الكابري وجدين وما بقي غير قرية معليا.. الناس كانت تشتغل وهي قلقانه.. مرّة أمي كانت عم بتملّي على البيدر (عنا كان بير)، اجا واحد على فرس وطلب من أمي ماء للحصان.. وشوية تبن... أخذ من القمحات.. قالت له "ليه تأخذ من القمحات، خذ من التبن..." قال لها: والله يا خالتي ما راح توكلوا ولا اشي منه انتوا بتتعبوا لغيركم.. وهيك صار !..القمح عنا بقي على البيدر.. دخّلنا القمح وعبينا دخان وكل المونه ضلت بالبيت".
قامت الطائرات بقصف سحماتا من الجو في 28 تشرين اول 1948، ثم دخلتها قوات الاحتلال في الـ 29 منه بإشراف القائد الصهيوني يتسحاق رامون. من ذاكرة أم عفيف، حدثتنا عن تلك الايام:
"يوم القصف برمت الطيارة حوالي البلد.. صارت الناس تركض وين الحواكير ووين الزيتون.. تصاوب عمي يوسف أبو عواد (أخو أبوي).. مات عمها لامي .. كان قاعد تحت التينة.. لمّا شفنا هاي الشوفة ضبينا أغراضنا وصارت الناس تركض وتتخبا بأرض الزيتون، صُرتْ أسمع القنابل حوالينا وكان زوجي أبو عفيف يقللي ما تخافي.. هذا جيش الإنقاذ عم يضرب!. بدون ما نحس احتلوا سحماتا كلها.. وقفوا الشباب اللي معنا وقالوا يلاّ لازم نبعد.. اهل البلد كلهم ضلوا ماشين… في وحدة من بلدنا .. أمه لمحمد انقتلت على بركة الدير.. لحقوها قبل ما تقطع الشارع وطخّوها إعدام على مرأى من الوالد والأهالي".
بلغت حصيلة مجزرة سحماتا 16 شهيدا، وعن إحدى حوادث القتل اخبرنا وجيه مبدا طنوس سمعان (70 عاما): "بعدني لليوم بذكر حادثة صارت مع شاب اسمه محمد عبد الرحمن حسين قدورة، كانت إصبعه مجروحة وكان لاففها. اجو اليهود واعتقلوه وادعّوا انه كان يقاوم، بعدها صلبوه قدام أبوه وأهالي القرية وطخوه، علشان الناس تخاف وترحل. اليهود قتلوا كمان مجموعة من الأهالي، من بينهم مصطفى علي، لما كان راجع من المرعى مع بقراته. وقتلوا حسن الموسى قدام بيته، في الحارة الشرقية، وعبد الوهاب سلمون وعطا لله موسى، وزوجة نعيم الموسى".".
وتضيف نجية اسعد سليمان: "كتير اجو لاجئين ع بلدنا.. من قرى الكويكات.. الغابسيه وعمقا والبروه حوالي أربعين عائله اجت عنا. اشي ينام عنا على السدة واشي ينام على الأرض معنا.. وفي اللي كانوا يناموا بالبيوت الفاضية بسحماتا اللي طلع أهلها ع لبنان.. إحنا حسينا بالخطر لما سقطت ترشيحا.. لو ما سقطت ترشيحا ما طلعوا أهل سحماتا.. الناس كانوا يقولو راحت علينا طلعوا أهل ترشيحا... إحنا طلعنا على لبنان ونمنا بالأرض وصرنا نشوف من بعيد قصف البيوت.. أبوي كان مريض وما قدر يطلع.. بقي تحت شجرة زيتون نايم وقلنا إطلعوا انتو... بس بعد بفتره رجعنا تسلل وجبناه على بعلبك وهناك مات... الناس طلعت مثل المجنونة.. اللي مرّكب أولاده على كتفه واللي على ظهره.. شو بدها تحمل العالم لحتى تحمل.. البيوت مليانه كانت... الناس صارت بالطريق ترمي أغراضها على الأرض .. الطريق طويلة للبنان...الطيارات لحقتنا على لبنان تقصف علينا، احنا نمنا 11 يوم بالحاكورة بقرية لبنانية صغيره اسمها دبل.. بعدها طلعنا من دبل وسكنا بمنطقه اسمها عين قبل، سكنا حوالي 8 أيام.. بعدين رحنا على بنت جبيل 6 أيام... الأطفال كانت تمشي بالقوة.. مساكين مين بدّو يحملهم...اللبنانية ما استقبلونا وما بدهم نبقى هون.. رحنا بعدها على صور وقعدنا بصور... بعد هيك جابوا باصات حتى يوخدونا على بعلبك.. المسافة كانت كبيره كتير.. قعدنا ببعلبك ثلاث سنين وكنا نايمين على الأرض لا في مؤمن ولا اشي.. بعد هيك رجعنا على بلادنا عن طريق الصليب الأحمر.. رجعنا عن طريق الناقورة".
الترحيــل مرّه أخــرى ومــوت زكيــة حمـــادة
بالرغم من القصف، وتشبثا بالبقاء في القرية، حاول من تبقى من الأهالي العودة إلى بيوتهم، فالتجأوا تحت الأشجار، وفي الكهوف أو في القرى المجاورة.. إلا أن الجيش منعهم من ذلك.. وبقوا على هذه الحال حتى أوائل عام 1949، وعن الرحيل حدثتنا ام عفيف: "حوالي 40 نفر ضلوا بسحماتا.. الكبار في العمر وشباب كمان.. كانوا يشتغلوا في قطف الزيتون، يأخذوا أجرهم 12 قرش بالنهار... ضلوا تقريبًا لعيد الميلاد.. ليلتها اجا الجيش وطوّق كل البلد.. جابوا اليهود شاحنتين مكشوفات، الدنيا كانت تشتي بشكل قوي.. حطّوهم على الشاحنات ورحّلوهم... بين المطرودين كانت زكية محمد علي حمادة وكانت مريضة، حسّت بالعطش على الطريق وطلبت ماء... فصارت ندى السمعان (أمي) تملأ كفها من ماء المطر وتسقيها، بعديها طلبت أن يضيئوا شمعة لأنها ما بتشوف شيء... بعد دقائق مدّت أمي ايدها عشان تحس جسد زكية... كان بارد مثل الثلج وهيك ماتت زكيّه... وصلت الشاحنات إلى كفر برعم.. قالوا لهم "يلاّ عَ لبنان" وصاروا يطخوا عليهم والشاطر يركض.. أمي وكمان نساء تنتين ما قبلوا يرحلوا قرروا يدفنوا زكية... بس ما لاقوا لا منكوش ولا منجل.. شافوا مرباج حطب.. صاروا يهيلوا بالحطب.. حطّوها بنص الحطبات وصاروا يقيموا الحطب ويحطّوا عليها... دفنوها ونزلوا على رميش (لبنان)".
تم إسكان اليهود في بيوت القرية إلى أن تم الانتهاء من بناء مستوطنات لهم على أراضي القرية، بعد ثلاث سنوات، دمرت القرية تدميرا كاملا حتى يفقد الأهالي الأمل في العودة إليها. أقيمت على أراضي القرية مستوطنتان هما: (حوسن وتسورئيل)، والجناح الشرقي من مستوطنة (معلوت)، وكذلك البحيرة الاصطناعية.
مُهجــرون في الوطـــن
بقي حوالي 7 % من أهالي سحماتا مهجرين في وطنهم، ينتمون إلى عائلات سمعان، موسى، قدورة، سليمان، عبد الوهاب، الجشّي، محمود، وأحمد يبلغ تعدادهم اليوم حوالي 600 نسمة ويكوّنون 140 عائلة. يقيمون في قرى فسوطة، ترشيحا، البقيعة، كفر سميع، الرامة، المكر، شعب، المزرعة، وفي مدن حيفا، وعكا، وشفا عمرو. عاشوا كبقية شعبهم ليل الحكم العسكري حتى العام 1966 إذ حرموا من العودة إلى قريتهم، حتى ومن زيارة الأطلال فيها. ولا زالوا يتعرضون لسياسة القهر والتمييز العنصري التي تلم بشعبهم. وبالرغم من الحالة التي مروا بها وضيق ذات اليد، فقد نجح العشرات من مهجري سحماتا في استكمال دراساتهم العليا ومن بينهم عدد من ذوي الكفاءات العلمية العالية في شتى المواضيع.مثل دكتور مبدا سمعان مهنا واخرون و هناك عدة عائلات استقرّت في بعض مدن وقرى فلسطين أبرزها فسوطة والبقيعه ولاحقا لحيفا ومركزهم حي بوابة الدير وابرز العائلات تلك آل سمعان...وقد منح أهل أمي وبالذات خالي خليل احد بيوتهم والاحتياجات لسنوات لعائلة قيصر سمعان /أم عفيف وعندنا بدار سيدي ولد ميخائل وإميل ونجاح...
قطع الأهالي عهدا على أنفسهم للقيام بأعمال تطوعية للمحافظة على المقدسات والمقابر، التي لم تتورع السلطات عن تدنيسها وإدخال الأبقار والحيوانات إليها. والأنكى من كل ذلك قيام عدد من المستوطنين بسرقة شواهد القبور وآثار سحماتا ووضعها في ساحات بيوتهم للزينة، في معلوت وتسوريئيل وغيرهما.
أهالــي سحمــاتا فــي الشتـــات
حوّلت النكبة التي طالت الشعب الفلسطيني معظم أهالي سحماتا إلى لاجئين في المنافي والشتات، قسم منهم وصل إلى سوريا، وتوزع بعد فترة على مواقع في ضواحي دمشق. وأما الغالبية العظمى منهم فقد حطّت بهم الرحال في لبنان وتوزعوا على المخيمات.
ومن بين لاجئي سحماتا في الشتات احمد اليماني (أبو ماهر) الذي كان وجها بارزا في قريته قبل النكبة والذي يعمل جاهدا على خدمتها. كان في حينه شابا يافعا يساهم في النضالات الطبقية والقومية والسياسية التي سادت فلسطين؛ وكما قال ابو عفيف، سمعان قيصر سمعان، أن احمد "بذل جهودا كبيرة من اجل إبقاء أهالي سحماتا في بلدهم مما دفع الجيش "الإسرائيلي" الى ربطه بزيتونة تمهيدا لقتله". وقد لمع اسمه وهو في ديار الغربة، وأصبح رمزا نضاليا من الرموز الفلسطينية، وأحد قادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كرّس جلّ حياته حتى وفاته في الشتات من اجل عودة اللاجئين الى بيوتهم وديارهم التي اخرجوا بالقوة منها. إن أهالي سحماتا في الوطن يتشبثون برموشهم بحقهم في العودة الى قريتهم والى لقاء أهلهم في الشتات على أرض قريتهم الغالية. إنهم يخوضون معركتهم العادلة من خلال جمعية أبناء سحماتا التي تأسست عام 1996.سحماتا، قرية فلسطينية مهجرة تقع في قلب الجليل الأعلى، ناهضة على قمتي تلّتين، وترنو بعزّة وشموخ الى مرجها في الجنوب، وعلى ينابيع القواطيع (وادي الخرب) في الغرب. تطل على كروم التين والزيتون وصبرها المشهور، وتسلّم على الوهاد والتلال والجبال، وعلى الغابات التي تتهادى بها أشجار البطم والغوردة المحيطة بها. يمر بمحاذاتها طريق عام يربطها بمدينة صفد، وبمدينتي نهاريا وعكا وبعض القرى الأخرى. تحدّها قرية ترشيحا غرباً، وكفر سميع والبقيعة جنوباً، وبيت جن جنوب شرق، وحرفيش وسبلان شرقاً، ودير القاسي وفسوطة شمالا.
أصــل التسميــة
ذكر المؤرخ الفلسطيني مصطفى الدباغ في كتابه "بلادنا فلسطين" ان أصل تسمية سحماتا قد يكون قد حرّف من "سماحا" السريانية بمعنى النور والاشراق. اما الشيخ سمعان، ابوعفيف (1912-1999) فيقول:
كانت القرية القديمة موجودة على الجهة الشمالية من القرية الحالية، هناك كان في كنيسة بعود تاريخها الى ما قبل أكثر من 1500 سنة وكان اسمها قرحاتا، يمكن الاسم بيزنطي...
وكان عايش فيها وجيه اسمه متى.. مرض متى مرض قوي كتير وعجز المطببون عن علاجه، فنقلوه الى تلة جنب القرية، فيها هواء نقي وماء نظيف وطبيعة حلوه كتير.. بعد فتره شفي متى… فصارت الناس تقول: "صح متى، صح متى"… بعدين تحولت الصاد لسين ووصلوا الكلمتين فصارت سحماتا، والله اعلم".
"نحــن علــى ديــن قيصــر"
بلغ عدد سكان القرية في العام 1948 حوالي 1200 نفرا؛ الأغلبية من الطائفة الاسلامية، ولكنها كانت مثالا يحتذى في التسامح والترفع عن الطائفية، والتعصب الديني. فرغم أن فيها ثلاثة مخاتير فقد كانت الكلمة الاخيرة للمختار قيصر السمعان، المنتمي الى الطائفة المسيحية. فقد كان موضع ثقة الناس ومرجعاً لحل مشاكلهم، حتى المعاملات الشرعية كانت تتم عن طريقه، لدرجة جعلت القاضي الشرعي في عكا، يلفت نظر مشايخ سحماتا الى هذه الظاهرة.. فما كان منهم الا ان لخّصوا موقفهم بكلمات بسيطة معبرة: "نحن على دين قيصر"، فاعجب القاضي بهذا الموقف ووعدهم بأنه سيعطي الأولوية للمعاملات التي تحمل توقيع قيصر السمعان.
"الحيــاة الزراعيـــة"
اشتهرت سحماتا قبل العام 1948 بأشجار الزيتون حيث كانت تغطي أكثر من 2110 دونما. كان اخضرار الزيتون الدائم، بالاضافة الى اخضرار السنديان والبطم والزعرور يزيد جمالهاً جمالا؛ فكانت سحماتا دائما بهجة للناظر وبلسماً لأهلها. عن الحياة الزراعية حدثتنا لطفية مبدا سمعان (75 عاما):
"احنا كنّا فلاحين، كنا نزرع دخان، قمح، عدس، شعير، حلبه، فول، حمص، سمسم، تين، صبر وعنب…. بأيامات زرع الدخان كنّا نزرع سمسم كمان بالأرض اللي صعب فيها زرع الدخان.. لما نخلّص من الدخان كنا نروح على ارض التين ونقطفه.. بشهور تموز اب وايلول كنا نحوّش تين وصبر وعنب. كان في ناس عندها، أرض وناس ما عندها.. يعني مثلا لما كنا نزرع بصل وبطاطا وفول كنّا نقول للناس اللي ما في عندها أرض ييجو يزرعو بأرضنا ... كانت جارتنا مثلا تيجي تساعدنا بالارض وتوخذ شوي من المنتوج لأولادها. النسوان والرجال كانوا يشتغلوا سوا بالارض وكنا نجيب الأكل ونوكل بالأرض واحنا نشتغل. بشكل عام أهل بلدنا ما كانوا يبيعوا المنتوج الزراعي، بس الدخان كنا نبيعه.. لما يخلص شهر الدخان، بالشتاء، يبدأ الناس يكرسوا الدخان ويعبّوه ببالات [بالة دخان] كل واحد يعبي له 20 او 30 باله حسب قديش زارعين. لما طلعنا من سحماتا تركنا بالبيت معلق 600 كبش دخان، لا كرّسناه ولا ورّدنا".
وعن دور النساء الشاق في العمل حدثتنا نجية اسعد سليمان (74 عاما): "النسوان كانت تغسل وتطبخ وتزرع وتحطّب وتيجب المي من البير، لما كانوا يروحوا على الارض كانوا يحطوا سرير الطفل الخشب على راسهم والزواده تحت إجرين الطفل، وتحت إيدها كانت تحمل المي... كانت النسوان تتعب كتير".
تكونت سحماتا من حارتين أساسيتين تفصل بينهما البرك وساحة القرية الرحبة التي كانت تشهد ليالي الاعراس. الحارة الغربية (التحتا) يتوسطها المسجد والكنيسة.. وكانت تضم المدرسة الابتدائية التي اسسها العثمانيون في العام 1886، والدراسة فيها كانت حتى الصف الرابع.. وتضم ايضا المنزول (الديوان). والحارة الشرقية (الفوقا) التي تقع في اعاليها القلعة التي بناها الصليبيون، وفي القرب منها جنوبا كانت المدرسة الزراعية التي تأسست أيام الانتداب البريطاني تحيطها حديقة مساحتها عشرة دونمات لتدريب الطلاب على طرق الزراعة العملية، تربية الدواجن (الدجاج والحمام)، وتربية النحل بالاسلوب الحديث.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:34 am

طيرة حيفا

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Maream1
مريم محمد عباس زيدان (أم حسين) من مواليد طيرة حيفا عام 1912، كانت عشية لجوئها الى سوريا عام 1948 في السادسة والثلاثين من عمرها.
في دمشق، وقبيل وفاتها عام 2003 أدلت الحاجة أم حسين أمام حفيدتها ضياء ببعض ذكرياتها عن الأيام الأخيرة التي سبقت رحيلها مع أطفالها الخمسة الى سوريا، عبر الأردن.
في هذه الشهادة المروية الكثير من التفاصيل الخاصة/ العامة، والمعايشات الشخصية التي تتشابه مع ما عاشه عموم اللاجئين في تلك اللحظة الحاسمة في التاريخ الفلسطيني.
الدار اللي بنيناها ما قعدناش فيها شهرين (عام 1948)، وبَقينا داهنين البواب.
كان البيت من حجر، اه، كلو من حجر. ليش، حدا كان بيسترجي ما يبني بيتو من الحجر!، بيشمتوا فيه الناس.
في ناس سكروا بيوتُن وخبّوا المفتاح. أنا ما خبيت المفتاح؟، لأ، ماني (لأنني) دشّرت هناك ولادي وابوهُن، والمفتاح بقي معهن، ولمنهن (وحين) طلعوا لما صار عليهن الهجوم، كانوا بالحرس بريت (خارج) البلد. ظلوا طالعين ودشروا بيتنا (مفتوح)، وما طلّعوا معُن مفاتيح. امبارح، وهم يقحوشوا بالدور لاقوا ثلاث مفاتيح بسنسالي؛ (واحد) أصفر مصدي،  (وواحد) أسود كنت حاطيتوا برقبتي، (كان ذلك) مفتاح الخزانة، مشان (التي كنت ناوية) أسكّرها لمن نروح نهرب.
إحنا (كنا نسكن) عطرف البلد لبرّا، والبلد لجوّا. مرّة هجموا بالليل اليهود من دون ما حدا يدري هبّطوا (دمروا) دار، وقتلوا تلاتعشر (13) نفر، وقاموا (قرروا) الأهالي يعملوا حرس بالليل. ليراقبوا (من ييحاول مهاجمة البلدة). الحراس عمك أبو غسان وعمك حسين وغيرهم، كلهم عملوا حرس عالبلد. كانوا يغيّْروا؛ هاد (أحدهم) ينعس يروح ينام ويجيبوا هداك (آخر)، بقوا ولاد هذول بعدهم ودوبهم ما كانش الشعر بعدو خاطط شواربهم، ويروحوا يعملوا حرس.
اليهود كانوا بوقتيها (في ذلك الوقت) ساكنين بحيفا. اليهود كانوا بحيفا وبالكرمل، فوق بالجبل. بقوا يبنوا بالجبال مشان (كي) ينزلوا على البلاد (البلدات العربية) نزول (خلال المواجهات). هنّي، لو ما بريطانيا يا ستي بيقدروا يستجروا (يجرؤون على المواجهة)، بس ما هيّي بريطانيا سلمتهم سكة الحديد وسلمتهم بواخر البحر وسلمتهم الكمومة (الكمامات) اللي بقت عاملتها للحرب. تلقى (الحيّ) الألماني والمحلات كلياتها ملانة، من أولها لآخرها، بالذخيرة والماغنات (البنادق) والدبابات والسيارات. طلعوا البريطانيون) هيك (هكذا)، كل واحد (من جنود الانتداب) حامل شنتايتوا، بس (فقط) بإيدوا، وخلّوا كل خير الانجليز لليهود. إحنا ما حدا (ساعدنا)، إلا اللي كل من معاه قرشين اشترى (بهما) برودة. وشو بدها تسوي البرودة مع هالناس!.
يوم هجموا اليهود (في المرة الأولى) بقى عمّك حسين عمرو تلات تشهر. هاي (كانت) أول الحرب. وتقاتلوا يهود وعرب حيفا مع بعض (ضد بعض). اجى الخبر لأهل بلدنا. كانوا رجال قوايا ما يقدرلهم حدا. والخبر (الذي ورد كان مفاده) هيك هيك متعدين اليهود عالعرب.
قالوا وين راحت الشباب؛ اللي حمل برودة واللي حمل عصاي واللي حمل منكوش واللي حمل...، وهمّوا تيروحوا عحيفا يقتلوا اليهود. صاروا (فيما كانوا) بنص الطريق كان صار الضرب (المواجهة) مع الجيش البريطاني. وبلشت الطيرات من فوق وصار ببور السكة ينزّل عسكر والطيارات من فوق بتضرب. ومن يومها، عاد، وقعت الثورة، وصاروا (الرجال) يتسلقوا الجبال تعات الطيرة.
بأي سنة؟، سنة ما كان عمك حسين بعدو أول مشيه بالثلاثينات. والله بعرفش (بالضبط)، انسيت، بقلك الواحد بضيّع بس يكبر. كنّا بنقول: "يا يهودي يا ابن الكلب، شو جابك عبلاد الحرب".
إحنا طلعونا (بعدما) أجا أمر من الملك عبد الله انو طلعوا الحريم والأطفال منشان تخلو الشباب للحرب. بقوا (حينها) صاروا عمك حسين وعمك عبد الرحمن يحملوا البارود شوفي عاد من وقت الطفولة لوينتا وإحنا بالحرب وبالبيوت. ومن هون لهون طلعنا. وأجا الجيش العربي تاع الأردن، تاع الملك عبد الله. (وانتشر) على شط البحر ببلد كان بنيها الألمان (الحي الالماني بحيفا). جاب الجيش السيارات وحطوها، وقالوا: يللا!، اللي بدو يروح عند الملك عبد الله، (يركب). عشان ما يصفى بالبلد الا الرجال. قال حياة سيدك يومها لأ، لا توخدوا اشي (معكم)، تلات أيام بس بدكم تغيبوا. بس تلاتة. يعني هيك أمر الملك عبد الله، وبترجعوا. اللي دشّروا دوابهم، اللي دشروا غنمهم، اللي دشروا بقرهم، اللي دشروا مصاريهم، اللي دشروا بيتهم. قلنا، شو تلات أيام!، بعين الله.
رحنا وظلو الشباب بالبلد حرس، ويكافحوا عن البلد (مرابطين)على ظهر (أسطح) الدور عاملين مراصد وحاطين البواريد ويشوفوا؛ بس ييجي حدا يضربوا. اليهود عجزوا، بعثوا واحد بقولولو سبكتر مختار اليهود ومعاه واحد كمان، ومعاه اثنين كمان، هدول مسؤولين رفعوا رايات السلام ومشيوا توصلوا عأول الباب ورفعوا الرايات البيضا. وهاذ اللي إسمو سبكتير قال: يا أهل الطيرة، إحنا، كل عمرنا، اليهود، عايشين إحنا والعرب سوا سوا ومبسوطين؛ البيض من الطيرة، الحليب من الطيرة، الخضرة من الطيرة، القمح والشعير، كله من الطيرة.
 بينا وبينكم عيش وملح، خلينا نعيش سوا سوا وبتشوفوا، انتو، عاد، مين أحسن حكمنا ولا حكم الانجليز. بتجربوا أول، جربوا، (إن) لاقيتو حكمنا ما منيح بتحاربونا وبنحاربكن، وان لاقيتوا حكمنا منيح بنعيش بسلام. قالولو: ما بدنا. ودقوا طبل الحرب؛ إحنا بدنا نحارب. طب هنّي ماخدين كل عدة الحرب تعات بريطانيا، أعطاهن إياها، وإحنا ما في معانا غير اللي بيشتريه الواحد من هون ومن هون. وكل تموين بلدنا من حيفا، وهنّي (اليهود) سكنوا حيفا وسكروا الطريق ومن وين بدهم يجيبوا، عادت، يشتروا الذخيرة تبعتهن.
 ثمانتعشر باص (كانت تعمل على الخط بين حيفا والطيرة)، غير التكسيات اللي بتسحب روحة جية (تذهب وتعود) على حيفا. طيب، هاي (الباصات والتكسيات) ما عادت تروح وتيجي. (فـ) من وين بدها تعيش الناس، هيّي وولادها ودنياتها. لو رضيوا إنّا نعيش إحنا وياهُن سوا سوا، كان وقت اللي بصير الحكم بنكون إحنا عرفنا نتحلحل، واعرفنا ندبٍّر حالنا. وبهديك الساعة (نرى إن كنّا) بنقدرلهم يا بيقدرولنا. بس، قال لأ، ما فيش.
     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Abu-hassan1
بالليل سلّطوا المدافع عالبلد. هنّي عظهر الجبل من فوق، وإحنا تحت. مرّة (خلال السبعينيات) حياة عمّك ابو مشهور (الشهيد سعيد البطل) راح لهناك (على الطيرة، أثناء عملية فدائية). قال تخبينا هناك بالمغاير، ببلدنا (توجد) مغاير عزمان اللي ما كاين في بِنا، كاينين يحفروا بالصخر ويعملوا بيوت بالصخر و(في) مطرح فيّو جرار ومطرح مصاطب ومطرح فيه آثار قديمة كثير كثير.
بالليل دبكوا (هجموا) علينا قواص قواص. إحنا صاروا مطلعينا عباب الدار؛ ركّبوا الحريم والأطفال بسيارات الملك عبد الله. ركبونا وسيّرونا وأخذونا بسيارات على الأردن. من الأردن تفرقوا، إشي أجا عبيروت، واشي عحلب، وإشي وقفوهُن يقولوا لهُن وين بدكُن؟. 
إحنا ليش جينا عالشام؟، وصلنا عالاردن، (والأردن) ما عادت تسع.
ليش ما رُحنا عبيروت؟. بيروت شو بدها توسع امِّة!، الناس جايين من بلاد مش بلد وبلدين وتلاتة وأربعة. كل الساحل طلع. الساحل كلوا رحل. قالوا (إرحلوا) لحين ما يتصافوا، (وحينها) بنرجع. إحنا رحنا، واللي كان معاه قرشين بحش ودفنهن لحد ما يرجع، وراحن عليه.
عمك حسين، ما هوي، يا ولدي، تصاوب يومها عقب ما طلعنا. أجا الهجوم عليهون وهنّي على ظهر العراق، فوق عراق عالي، عالجبل فوق، وجاي القنبلة هون. قلّي جدك بتحطي إيدك لهون الحفرة (التي أحدثتها القنبلة). عقبها طلعنا، وبعد عشر سنين (على اصابة حسين) أجا لهون (الى دمشق، تسللا).
مين اللي خسر (في المواجهة)؟، إحنا. لأنو إحنا قلنا ما بدنا نعيش معكم (مع اليهود)، إحنا ما بنخلي اليهود تحكمنا. طب خلينا تنجرب نشوف شو بصير.
والله هاد اللي قلولهم إياه؛ نعيش إحنا وإياكم سوا سوا. وقلولهم (أيضا): من بعد ما تسلموا، ويصير سلام بينّا وبينكم، صوص جاج ما يروحلكم، بس نعيش سوا. قالولهم (لليهود): ما بدنا!. هاي العنادة. لازم الواحد يوخد ويلين بالعنادة.
ببلدنا بقينا نزرع الأرض قمح، نوكل منّو كل السنة. (كنّا) نزرع خضرة (في) أرضنا هاي. بقت (أرضنا) بحدّ البلد؛ كنا زارعين فيها، والله، قمح. زارعين تموين للبيت. فيها بندورة وفيها مرمية وفيها بصل وفيها فجل وفيها سبانخ، حتى الترمس. الله يرحمها عمتي فاطمة زرعت لفت والكزبرة. والقمح هيك يكون واقف ولما مرقت الواحدة من بلدنا كانوا يجو يشتغلوا بالكم من الذرة من هون وهون يقولوا الله يهدّي بال صحابك عليك يا هالقمح هيك من طول السبلة يموج.
يا ستي منيح اللي بعدو فينا روح. يعني إن أنا مرضت وغيري مرض من الهمّ ما هو قليل. الواحد خربت ديارو. (الناس) دشروا القمح اللي عالبيادر مدروس واللي محصود ومكوّم. دشروه كلياتو، واليهود اخدوه. كيف بدهم يرجعوا. طلع جدك (من البلاد) واحد؛ وأبوكي (حسن البطل) بقا (ابن) تلات سنين، وحياة عمك سعيد كان يرضع، وحسين وعبد الرحمن كانوا صاروا بأول شبابهم. طيب، اطلّعي شو صار الواحد قديش إلو ولاد. من هون ومن هون طلع واحد صار وراه عشرين، شو بدهم يرجعوا تيرجعوا!. قال عمك حسين: وقعت البلد واستلموها اليهود. وكان مع المجاريح، لمّا اجتوا القنبلة قال يايامّا!. اجو علينا واحد بمحل تلا (قرب) الجامع وقلّو لعمك حسين:
يلّا قوم. 
قلّو حسين: 
ما بقدر أقوم، أنا ما بقدر أوقف.
قلّو: 
قوم يلعن أبوك، أنت واحد عراقي!، انت من الجيش العراقي. 
بفكروا انو هاللي كان يقاوم كان من الجيش مش من البلد.
اه، عمك حسين طلع من (البيت)، من عند الشباك. قلّي كان فيه (في البيت) تلات مناخل معلقين والدرج اللي بطلع من تحت بعدو واقف، هاد الدرج اللي فوق المطبخ. قلتلو: يمّا، منخل شاش لكعك العيد، ومنخل للخبز اللي (كنّا) نعجنوا كل يوم ومنخل لتصفاية البندورة. كنا بنعمل البندورة على ايدينا ونصفيه وننشّف بندورة؛ نمعك كل لجن هيك، نمعك ونمعك ونعصرو ونصفيه من البزر. منخل بخزوق اكبر منشان ينزل البندورة الناعمة. منشان كعك العيد (منخل) واحد، ومنشان العجين واحد. كل يوم (كنّا) نعجن ونخبز بالفرن. 
بتعرفي، يا ستّي، تنكات الزيت الكبار كنت مفتحتهن، تلات تنكات مغسولين والهن رف بالخزانة حدّ برميل الطحين. برميل الطحين (كان دائما) يكون ملان، وقبل مايخلص (كنّا) نعمل طحنة تانية. وهناك، في رف محطوط عليه التنكات؛ هاي تنكة فيها برغل مطحون وبرغل ناعم، وتنكة فيها حمص ملانة، وتنكة فيها فاصوليا ملانة، وتنكة فيها عدس ملانة، وتنكة فيها عدس مطحون، وشوال بطاطا هون وشوال بصل بحدّو.
قلتلو (لزوجي): 
طيب لليه جبت البطاطا والبصل!، ما احنا عنا زارعين. 
قال: 
بعدها لسا ما طلعتش. زرعنا وبعدنا ما قلعنا. وبلكي صار علينا حرب، بنلاقي عنّا حاطين شوال ملان بطاطا وشوال ملان بصل ورا الباب وسبع تنكات زيت وشوالين طحين كندي.
كنّا بعدنا ما حصدنا، كان بدنا شهر تنحصد. بلكي صار علينا اشي هدول حاطينهن منشان نوكل وما نجوعش. مكنّاش عارفين حالنا، بس البيت (كان) متل الرمانة؛ ملان ملان كل اشي،  وحملنا حالنا وهربنا. رحنا على باب النار واجت السيارات تعات الملك عبدالله حملتنا واللي ما لاقى سيارة من عند الملك عبد الله استأجر سيارة. وراحت هالناس ودشّروا الشباب. و(حتى) هالختيارية اللي ما بقدروا يطلعوا طلعوا. واللي متل جدك وعمامك ظلوا.
قلتلو (لجدك): 
خلّي واحد (من هالشباب) يروح معاي، أنا عمري ما طلعت لحالي من بلدنا لحيفا. 
قلّي: 
ما انتو رايحين عند الملك عبد الله.
كيف بدي اطلع مع هالناس وما معي حدا!. (كان) معي ولاد صغار؛ ابوكي ابن تلات سنين، وعمك ابن سنة، وعمّاتك فاطمة وزينب وامنة ووفيقة. وحسن وسعيد صغار معاي كلياتهن، وانا شو بدي أسوي فيهن. وهياتنا قضينا هالعمر هون، يا ستي، إسا إحنا بألف نعمة عن أول. حرق الأبدان ولا فرقة الأوطان، يا ستي. تَعبنا وشقانا وأرضنا اللي بحدّ البلد، أرضنا اللي كنا بنزرع فيها.
قبل (رحيلنا) بيومين رُحت على الأرض، لاقيت اللفت هيك كل راس عوجه الأرض. خلعت شوي وروّحت وغسلتهن وخرطهن وملحتهن وكبستهن. جاب جدك ليّات خروف؛ خمس ليّات. فرمتهن وسيحتهن وعبيتهن بقدرة تانية. (كل هذا) قبل يومين، و(في اليوم) الثالث رحلنا ودشرناهن ملانات. كبسنا زتون، عملنا دبس موّنا تنكة حمص ملانة. خلّينا هالمطبخ ملان، والفراش خليناه. الفراش ما كانش زي اليوم؛ كل واحد وفرشتو، كان عنّا مطوى فراش، ويظل زيادة. يعني إذا أجا حدا عندوا يفرش له، دايما الإم تريها تشد فراش تشد ملاحف زينة البيت. نقول فراشو ونحاسو السمندرة من هون لهوناك بدل الحرام مطوي هالفراش عليه هالشرشف المقطع بالخرز ومطرز ومدرج، وشو..، فرجة!.
بعدين، بقا في شارع من حيفا ليافا يروح عالبحر. (كنّا) نقعد على ظهر السنسلة، (وكان) يمروقو اليهود. بقاش في سيارات، ولا إشي. نلاقي اليهودي، بدقنو هيك، يكون راكب على ظهر البغلة ولّا الحمارة، نصير نراجدو بالحجارة، ونقوللو: 
يا يهودي يا ابن الكلب، ليش تيجي عبلاد الحرب.
وهاليهودي ماكانش يحكي ولا يشكي. مهني من تحت لتحت، آآ، غُلهن غميق، وتفكيرهن غير شكل عننا إحنا. إحنا، اللي في قلبنا بنطلعه، انشالله يكون من حيفا ان شالله يكون من يافا من وين ما كان يكون. هاليهود، يا ستي، ولا إشي، ولولا الانكليز اللي عملوا هالعملة مكانش اليهود بقدروا يعملوا إشي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:37 am

خليل عثمان خلايلي: شاهدًا ومؤرخًا وباحثًا ومربيًا


     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Othman-kh

مواليد 1933 – قرية الجش قضاء صفد.
مؤلف كتاب "تاريخ جسكالا" (الجش).
أمنيتي وأنا في هذا العمر أن أرى قريتي(الجش)، وأن ادفن في مقبرتها، مقابل جبل الجرمق؛ تعبنا وتعذبنا كثيرًا؛ ولكن حين نشاهد بلادنا محررة سيزول عنا كل ذاك التعب والمعاناة.  رافقنا في رحلة العذاب عام 1948 كلبنا؛ وعندما اجتزنا الحدود مع لبنان وقف ذاك الكلب على تلك الحدود، ثم أدار وجهه نحو  "الجش"، وعاد مسرعا إلى القرية ولم يتجاوز الحدود مترًا واحدًا.
  مستوطنة "عين زيتيم" كانت شبه معزولة عما حولها، "وعين الزيتون" كانت تقف عائقا أمام الصهاينة للدخول إلى صفد، وكانت هذه القرية مسلحة أكثر من غيرها من القرى الفلسطينية، وكان مقاتلوها أشداء يشهد لهم كل من حولهم؛ فكان لا بد من إزالة هذا العائق.
في مساء 6 أيار من عام 1948، وبينما كنا  نجلس على أطراف قريتنا؛ شاهدنا غمامة سوداء تمشي على الأرض. هذه الغمامة لم تكن إلا لنساء كثيرات كنّ يتشحن بالسواد، جئن إلى "الجش" يصرخن ويبكين ويستنجدن، ويرددن عبارات تختلط فيما بينها (القتل... المجزرة... الشباب... الرجال النساء... الأطفال... الدم... الجامع... اليهود... العصابات الصهيونية... )؛ وعندما وصلوا القرية؛ سمعنا منهم تفاصيل ما حدث في قريتهم (عين الزيتون): لقد داهمت العصابات اليهودية من قوات "البالماح"، على حين غرّة، القرية، بقوة مدججة بالسلاح المتوسط والثقيل، ترافقهم الدبابات، وكان قوام قوتهم الـ 900 مجند، مدربين أفضل تدريب.  وعند وصولهم ساحة القرية؛ قاموا بتجميع العشرات من شبان القرية، ثم أطلقوا عليهم النار عليهم جميعا؛ فخروا صرعى.  احتمى بعض الأهالي من النساء والأطفال والشيوخ، بمسجد القرية؛ قام الصهاينة بتلغيمه ونسفه؛ فتهدم على من فيه، وأخذوا يطلقون النار بشكل عشوائي؛ فهرع الناس مذعورون إلى القرى المجاورة .
سقطت قرية عين الزيتون بعد أن ارتكب الصهاينة فيها مجزرة فظيعة راح ضحيتها العشرات من أبناء القرية.  وبسقوط هذه القرية، تمهد الطريق أمام الصهاينة لاحتلال مدينة صفد.
 وبالفعل؛ وبعد خمسة أيام فقط؛ في 11\أيار؛ سقطت تلك  المدينة الجميلة الوادعة .
أهالي قريتنا (الجش) أدركوا معنى سقوط صفد وبعض القرى المجاورة؛ أخذوا يعدون العدة؛ لأنهم أدركوا أن الدائرة قريبا ستدور عليهم: جمعوا المال من الأهالي، وذهبوا يجوبوا القرى لشراء السلاح، ومنهم من ذهب إلى سورية من أجل ذلك.  وتمكنوا من شراء  بعض القطع، منها اثنتان من نوع "توميغان"؛ وأربعا أخرى لم اعد أتذكر ما نوعها؛ ولكن لم يكن هذا  ليكفي حتى نواجه تلك القوات الصهيونية المدججة والمدربة، والذين يسيرون ضمن خطط عسكرية دقيقة ومحكمة.
 دخل جيش الإنقاذ قريتنا (الجش) والقرى المجاورة (ميرون والصفصاف ورأس الأحمر) ، وحاول هذا الجيش بقواته المتواضعة تحرير صفد؛ لكنه فشل؛ وأقام في قريتنا الاستحكامات القوية المبنية من الاسمنت والحجارة.  واختيرت منطقة "المرج" من أراضي القرية لتلك الاستحكامات، وانتشرت قوات جيش الإنقاذ في الجش والقرى الأخرى، وكان قوام تلك القوات قرابة الـ700 جندي، مدعومين بحوالي 800 مدافع من القرى الأربعة (الجش، وميرون، والرأس الأحمر، والصفصاف)؛ وبقي الحال على حاله حتى مساء 29 تشرين أول، هذا اليوم الذي كان مفصليا بالنسبة لنا وللقرى الثلاثة الأخرى؛ فبينما كنا نلعب أنا وأصدقاء لي بالقرب من المدرسة في مساء ذاك اليوم؛ جاءت من جهة الجنوب الشرقي للقرية طائرتين ومروا فوق القرية، وفوق جبل الجرمق؛ فتصدى لها جيش الإنقاذ وأطلق نحوها بعض القذائف، ولكن لم تكن لتصل لتلك الطائرات؛ بل كانت تنفجر بالجو، ولم تكن أيضا لتخيف الطيارين الصهاينة؛ حيث تابعوا التحليق في سماء القرية والمنطقة كلها. 
 وعلى ما يبدو، كان هدفها الاستكشاف؛ لأنه وبعد ساعات من طلعاتها؛ بدأ اليهود يقصفون القرية قصفًا شديدًا وحاولوا التقدم نحو القرية من جهة المرج؛ أي من جانب الاستحكامات العسكرية التي أقامها جيش الإنقاذ.  تصدى لها المقاومون وجيش الإنقاذ ومنعوهم من التقدم؛ فارتدوا إلى "طريق ميرون- صفد"، ومنها تحولوا إلى قرية ميرون، وأخذت الدبابات الصهيونية تقصف هذه القرية، حتى شاهدنا النيران والدخان يتصاعد منها؛ وإثر ذلك هرب أهالي قرية ميرون (هذه القرية الصغيرة والمؤلف سكانها من عائلة واحدة، هي عائلة كعوش مع وجود بعض الفلاحين من خارج القرية).
لقد حرق اليهود المهاجمون قرية ميرون واحتلوها، واتجهوا بعد ذلك إلى قرية الصفصاف المجاورة. وعند الشارع الرئيسي للقرية هذه، كان ينصب مدفع أطلق منه طلقة واحدة باتجاه الدبابات المهاجمة؛ لكن القذيفة انفجرت بالمدفع ذاته.  واستمر زحف الدبابات الصهيونية دون أي عائق، ثم قاموا بتطويق القرية وقصفها، ومن ثم الدخول إليها.
 واستبسل جيش الإنقاذ والمدافعين عن القرية واخرجوا الصهاينة منها؛ وسقط الكثير من الشهداء دفاعا عن هذه القرية؛ ثم أعاد الصهاينة الكرة، واحتلوها مرة ثانية؛ لكن كان إصرار المدافعين أشد؛ فحرروها مرة ثانية.
أتت للصهاينة تعزيزات إضافية؛ فهاجموها للمرة الثالثة، بعد أن استبسل المدافعون، وقدموا خلال ذلك أكثر من سبعين شهيدا، ونفذت الذخيرة منهم؛ ليستسلموا بعد محاصرتهم وليساقوا إلى شوارع القرية، ولتدوسهم جنازير الدبابات اليهودية المهاجمة وهم أحياء.
 بعد أن ارتكب الصهاينة مجزرة في قرية الصفصاف؛ اتجهت دباباتهم  إلى قريتنا (الجش)، وكانت تبعد عنا كيلو مترا واحدا.  حاولوا تطويق جيش الإنقاذ الموجود في منطقة المرج عند الاستحكامات؛ ولكن تنبه لهم أحد الرقباء، الذي استطاع أن يسحب القوة المدافعة إلى خارج المنطقة، ولولا ذلك الرقيب وتنبهه، لأبيدت هذه القوة بالكامل.
انسحبت قوات جيش الإنقاذ عن طريق الرأس الأحمر إلى الحدود اللبنانية؛ أما أهالي القرية، فهربوا أثناء ذلك.
وكانت ليلة  29 -30 تشرين أول 1948، ودخل الصهاينة القرية مطلقين نيران رشاشاتهم وقذائف دباباتهم على كل شيء في القرية، ليدمروها ويعبثوا فيها وبمنازلها وخيراتها.
 خرجنا أنا وأهلي إلى قرية "بنت جبيل" ولحق بنا أبي بعد ثلاثة أيام.  أقمنا  في هذه القرية عند صديق لأبي مدة يومين، ثم تابعنا سيرنا إلى الشمال، ومررنا خلال ذلك بالعديد من  القرى؛ حتى وصلنا إلى قرية "تبنين".  تعبنا خلال ذلك تعباً شديدا، ومن شدة التعب؛ نمنا تحت شجر الزيتون، مقابل قلعة تبنين.  كان عددنا بين عشرون أو ثلاثون رجلاً وامرأة  وطفلًا.
 في صباح اليوم التالي؛ جاء إلينا أحد قادة جيش الإنقاذ، وكان يعرف أبي؛ فسأله عن أحوالنا؛ فشرح  أبي له عن ما حل بنا.  ذهب  الرجل وعاد بعد قليل وهو محمل بالمواد الغذائية والماء من مؤن الجيش، وقال لنا: غداً كونوا مستعدين للانتقال من هنا.  وفي الصباح: جاء الضابط ومعه باصًا.  ركبنا فيه، واتجهنا إلى مدينة صور اللبنانية.  وهناك وفي محطة القطار؛ التقينا بالكثيرين من سكان قرى الجليل، والتي سقطت في تلك الأيام القليلة الماضية، والتي بلغ تعدادها الــــ 86 قرية.
 ركبنا القطار متجهين نحو الشمال، وكان يرافقنا لجنة كانت مهمتها توزيع اللاجئين على المدن اللبنانية.  وعند وصولنا مدينة صيدا؛ أنزل مجموعة؛ وفي بيروت أنزل مجموعة أخرى؛ وفي طرابلس انزل مجموعة ثالثة.  أما نحن فبقينا في القطار متجهين إلى مدينة حلب السورية. وعند وصولنا هناك؛ كان في استقبالنا من سبقنا من اللاجئين، خاصة من مدينة صفد، واسكنونا في منطقة تسمى "قشلة الترك" وبقينا فيها مدة ستة أشهر، نقلونا بعدها إلى "مخيم النيرب"، وأعطوا  لكل عائلة بيت صغير.  واستقر بنا المقام في هذا المخيم البائس والذي ذقنا فيه شتى أنواع العذابات.
تلك  المعاناة  والقهر، وتلك المشاعر فجرت فيّ الشاعر خليل خلالي.  لقد صقلت هذه المسيرة المليئة  بالآلام  إنسانا مكافحًا، سلاحه العلم والثقافة والأدب.  لقد خضت في هذه الحياة معارك على أكثر من صعيد مع العلم؛ فدرست ونلت أعلى الشهادات: مع السياسة انتظمت الأحزاب وعانيت فيها ما عانيت؛ و مع الكتابة كتبت فأنجزت العديد من المؤلفات شعرا وبحثا، منها: كتاب عن  قريتي بعنوان (تاريخ جسكالا - الجش) ومنها كتاب (خليل خلايلي سنديانة من أرض كنعان).
وبعد  هذه المسيرة وبعد فراق قريتي منذ63 عاما؛ أقول: انه مهما طال الزمن بيننا وبين قرانا، لا بد من العودة إليها؛ ومهما طال استعمار هذه المنطقة من قبل اليهود، فإنهم زائلون، لا يمكن أن يظلوا في أرضنا؛ لقد بقي الصليبيون قرابة 200 سنة؛ ولكنهم زالوا، وأصبحوا أثرا بعد عين؛ واليهود الصهاينة اليوم لن يبقوا، صدقوني، سيأتي اليوم الذي يصبحوا  فيه أحاديث الناس الغابرة.  وإن هذا يتطلب منا الكثير؛ لأن ما أخذ بالقوة لا يمكن أن يسترد إلا بالقوة.  وأنا إذ أقول هذا، أتذكر قصة كلب لنا تعلمت الكثير من مواقفه: فأثناء هجرتنا عام 1948 كان لدينا كلب عاش عندنا أكثر من عشر سنوات.  رافقنا خلال الهجرة.  وحين وصلنا إلى الحدود اللبنانية؛ توقف وذاك الكلب، ولم يدس الأراضي اللبنانية.  نظر إلينا، وحرك ذنبه، ثم أدار رأسه إلى الجنوب، وعاد راكضاً باتجاه القرية.  وقيل لي فيما بعد أن دورية يهودية جاءت إلى بيتنا وأرادوا نسفه؛  فهاجمهم  ذاك الكلب؛ فأطلقوا الرصاص عليه؛ فمات. 
 نصيحتي  لشبابنا اليوم: لقد رأيت الحفلات التي تقام في أوروبا، ورأيت الأولاد الصغار يعيشون قراهم وتراثهم، ويتمسكون بكل ذلك مثل الكبار وأكثر.  وصيتي لهم ولأبناء شعبي هنا في المخيمات وفي كل مكان: أن نظل متمسكين بحقنا بعودتنا لأرضنا لقرانا لمدننا.  ولدي إيمان عميق بأن العودة آتية آتية، وقريبة جدًا إنشاء الله.
أنا وصلت إلى ما وصلت إليه من العمر، وأكثر ما أشتهيه اليوم تلك المقبرة التي دفن فيها أجدادي مقابل جبل الجرمق وكم أتمنى لو أراها وأدفن فيها.
واختم بهذين البيتين الشعريين:

 لقن فؤادك حيث شئت من الهوى                          ما الحب إلا للحبيب الأول    
كم منزل في الأرض يألفه الفتى                             وحنينه أبدا لأول  منزل   

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:38 am

الدكتور محمد توفيق البجيرمي (ابن اجزم)

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Tawfek-bojaerami
 أحمد الباش/دمشق 
 اجزم، قرية من قرى حيفا العريقة، تبعد مسافة 25 كم إلى الجنوب منها، وتبعد عن البحر مسافة 3 كم.  تحيط بها قرى: أم الزينات، وجبع، وعين غزال.  وهي، كباقي قرى فلسطين، زراعية بالدرجة الأولى، تكثر فيها أشجار التين واللوز والرمّان، إضافة إلى الحبوب والخُضار.  كانت بيوتها مبنية على تلال ترتفع قليلاً عن سطح البحر.  بلغ عدد سكانها عام 1948 أكثر من 5000 نسمة. 
يقول الشاهد الدكتور محمد توفيق البجيرمي (ابن اجزم والمولود فيها عام 1938م): كان بيتنا مؤلَّفاً من طبقة واحدة، وكنت أجلس على سطحه عند المساء؛ لأستمتع برؤية البحر.  أقرب مستوطنة يهودية إلى قريتنا هي مستوطنة "زمّارين"، وتبعد عن القرية عدة كيلومترات.
 تاريخ البلدة 
لم تكن بيننا وبين ساكني مستوطنة زمّارين أية علاقة، ولم نختلط بهم، ولم يكن هناك أي نوع من الاتصال معهم.  ومنذ عام 1936 وانطلاق الثورة العربية الكبرى في فلسطين؛ انخرط أهل القرية في الثورة، وسقط منهم الجرحى والشهداء، مثل: الشهيد توفيق مشينش.  وكان الأهالي يحتضنون الثوار ويقدمون لهم المأوى والطعام، وكانوا يحمونهم من الجواسيس.  وكان المحتل الإنكليزي يطلق الأحكام العالية الظالمة على أبناء القرى؛ لمجرد حيازة أحدهم سكيناً.
وأذكر، في قريتنا، أن أحداً أبناء القرية يكنى بـ"علي الزيبق" تسلل مرة إلى معسكر بريطاني، واستولى على بارودة للجيش؛ فعلموا به؛ ولكنه هرب إلى جبل شنّة؛ وجاء الإنكليز على أثرها وطوقوا القرية، وفتشوها تفتيشاً دقيقاً؛ بحثاً عن ذاك الرجل وعن تلك البارودة؛ لكنهم لم يجدوا الرجل ولا البارودة. وظل علي الزيبق متخفياً في الجبال مدة من الزمن.
سلاح الثوار والمدافعين عن القرية كان يأتي بعدة طرق، منها: على طريقة علي الزيبق (من المعسكرات الإنكليزية)؛ ومنها ما كان يُشترى من سورية ومصر؛ وكان ذلك يكلف أبناء القرية الكثير من المال؛ لأن ثمن البارودة كان مرتفعاً جداً.
وحين أحدق الخطر بقريتنا (اجزم) والقرى المجاورة لها؛ أدرك الأهالي أن لا سبيل إلا بمواجهة الصهاينة؛ فراحوا يتدربون في الجبال. وأذكر أن مسؤولية الدفاع عن القرية توزعت على الجميع، وخاصة آل جياب وآل زيدان. وأذكر أنه برز منهم  حسن الجياب.  وقد حفر المدافعون عن القرية الخنادق، وبنوا الاستحكامات، وخاصة فوق المدرسة التي وضعوا فوقها أكياس التراب. 
وأذكر أن المدافعين عن القرية كانوا بضع عشرات من الرجال الأقوياء المدربين والمسلحين بالأسلحة الفردية وبعض الرشاشات الخفيفة؛ ورغم قلة عددهم؛ كانوا يخرجون لمؤازرة القرى المجاورة حين كانت تتعرض للهجوم من العصابات الصهيونية. ومن هذه القرى: عين حوض، التي صدّت هجوماً للصهاينة، أوقع المدافعون عنها إصابات كبيرة في صفوف الصهاينة، وغنم الثوار خلالها دبابتين.
في الأشهر الثلاثة التي أعقبت سقوط حيفا في 22 نيسان من عام 1948؛ لمع في القضاء نجم قرى ما سمي «مثلث الصمود الصغير» (قرى: جبع ،وعين غزال، واجزم)؛ وذلك لما أبلته في معركة الدفاع عن تلك القرى، ولمساندتهم للقرى المجاورة، إضافة إلى ما فرضه موقعهم الاستراتيجي على طرق الإمداد الصهيوني بين يافا وحيفا عل الطريق الساحلي. 
لقد صمدت تلك القرى أكثر من ثلاثة أشهر، واستعمل الصهاينة لاحتلالها كل صنوف الأسلحة المتوافرة لديهم.
سقطت قرية "طيرة حيفا" في 17 تموز، وجاء أهلها إلى "اجزم"، واستقبلناهم واحتضناهم.  وكانت تربطنا بهذه القرية علاقة أنساب وصداقات قوية.  ولم تمض أيام إلا كان الهجوم الشامل على قرانا الثلاث (جبع، واجزم، وعين غزال)، اندلعت في خلاله معارك شرسة قدّم فيها أبناء تلك القرى بطولة نادرة، استنجدنا خلالها بوحدات الجيش العراقي القريبة منا؛ وكان الاتصال معهم بجري عبر جهاز اللاسلكي، الذي كنا نسميه وقتها "الوايلس"؛ وكان يأتي الرد من قائد الوحدة: «إنّا قادمون»! لكن تبين في ما بعد أن ثمة قراراً متخذاً من قبل قيادتهم بعدم التدخل؛ فالجواب بالمختصر وباللهجة العراقية: "ماكو أوامر". 
ازداد الضغط على تلك القرى، وازداد معه القصف، ونفدت الذخيرة من أيدي المدافعين، ولا نجدات من الجيوش العربية، ولا من الهيئة العربية العليا؛ فاضطر بعدها المدافعون إلى الانسحاب عبر الطرق الوعرة مشياً على الأقدام متجهين إلى جنين، حيث كان يتمركز الجيش العراقي.
 بقيت النساء والأطفال والشيوخ في القرية، رغم سماعهم عمّا يرتكبه الصهاينة من مجازر بحق المدنيين؛ ودخلت العصابات الصهيونية القرية في 27 تموز، وجمعت الأهالي وأتت بباصات ركبنا فيها مثل أكياس البطاطا، وأُخذنا إلى منطقة "اللّجون" في قضاء جنين.
 وقد لفت نظري حين نزلنا من الباصات أن بيادر القمح في تلك المنطقة قد أحرقت تماماً وأضحت متفحمة.  أُنزل الجميع، وبدأ الصهاينة يطلقون الرصاص فوق رؤوسنا ويصرخون: «اخرجوا من هنا».  وأنا أذكر تماماً كيف كان صوت الرصاصات يمرّ من فوق رأسي.
 رحلة الشتات 
اتجهنا من قرية "اللجون" إلى قرية "زلفة"، ثم إلى قرية "رمّانة"، ومنها إلى جنين؛ كل ذلك كان مشياً على الأقدام، في جوٍّ حارّ جداً مع قلة من الماء بين أيدينا. 
المعاناة كانت أكبر مما يتصوره العقل، ولم نجد أمامنا من ملجأ إلا الجيش العراقي المرابط في تلك المنطقة.  ومكثنا بجواره حتى اعتبرنا بالنسبة إليه مصدر شغب؛ فما كان منه  إلا أن أتى بشاحنات من نوع "لوري" تابعة له، وصل عددها إلى ما بين 30 و35 شاحنة. وكان بعضها مكشوفاً والآخر مغطى، وحملونا فيها واتجهوا بنا إلى بغداد.
وصلنا هناك بعد ثلاثة أيام من المشقة والتعب والقهر، وكان ذلك في شهر آب، وكنا نتيجة لموقفهم منا في الحرب قد اتهمناهم بالخيانة؛ فما كان منهم إلا أن أشاعوا بين العراقيين في العراق أننا بعنا أراضينا؛ حتى يغطوا تقصيرهم في الدفاع عن فلسطين.
أنزلونا بداية في مدارس "دار المعلمين"، وتكفلت بنا وقتها وزارة الدفاع العراقية؛ باعتبارنا أبناء عائلات للمجاهدين، وصرفت علينا فترة من الزمن؛ بعدها تكفلت بنا وزارة الشؤون الاجتماعية وعدّتنا وقتها لاجئين.
بقينا في المدارس مدة بسيطة من الزمن، ثم نقلونا إلى مخيمات وبيوت مهجورة كان يسكن بعضها يهود عراقيون غادروا إلى فلسطين.
هذه البيوت لم تكن صحية؛ كانت ضيقة وعبارة عن غرفة واحدة للعائلة الصغيرة؛ وغرفتين للعائلة الكبيرة.  والغرفة نفسها مطبخ، وحمام، وللغسيل؛ أما دورات المياه فكانت مشتركة، غير أنها مفصولة بين النساء والرجال. وكانت الشوارع في هذه المنطقة معبَّدة.
وزارة الشؤون الاجتماعية العراقية كانت توزع على العائلات الفلسطينية في تلك الحقبة من الزمن ثلاثة دنانير للفرد، وكانت تقطع حين تعلم من قبل عملائها أن ربّ الأسرة تسلّم عملاً.  والأعمال التي مارسها الفلسطينيون بداية هي: التدريس بعقد عمل خاص لمن كان يتقن اللغة الإنكليزية؛ والأعمال الحرة لمن يتقن حرفة.
معاملة أهل العراق تحسنت بعد ذلك، وخاصة بعد أن استطعنا أن نفنّد كذبة بيعنا لأراضينا، وأن نبدّدها من أذهانهم.
وأخذت بعض العائلات ممن عمل رب الأسرة فيها تتحسن أوضاعها، فقام البعض باستئجار بيوت أفضل من التي كانوا يسكنونها.
لا عودة إلا بالمقاومة
لا طريق لعودتنا إلا بالمقاومة، وهذه المقاومة مستمرة حتى الآن لم تنقطع.  قال الصهاينة والأميركيون: إن العرب سينسون فلسطين بعد جيل أو جيلين؛ لكن ها نحن في الجيل الرابع؛ ولم ينس أحد قريته أو مدينته. وما زال الجميع متحفزاً للعودة؛ لأنهم ببساطة رضعوا مع حليب أمهاتهم كلام آبائهم وأجدادهم عن حلمهم بالعودة.  الصغار لم ينسوا على الإطلاق، وهذا مدعاة فخر لنا بين شعوب الأرض كافة.
لا شيء يعوّض الفلسطيني عن أرضه.  لقد اجتهد الفلسطيني في طلب العلم، وحصل على وظائف عالية، وقام بترقية نفسه في القراءة المستمرة والملاحقة المتتالية في إبقاء قضيته حية باستمرار؛ رغم محاولة الصهاينة تذويب القضية وإنهاءها.
المجتمع الدولي إلى الآن لم يقدم أي شيء، سوى أنه يعي هذه الآلام ويعي المصاعب ويتعاطف معها؛ لكن عملياً لم يُفعَل أي شيء.
 نصيحتي للأجيال المتعاقبة من أبناء شعبنا: أن استمروا بالتمسك بحق العودة، واستمروا بالمقاومة، واستمروا في شرح قضيتكم وشرح آلامكم للرأي العالمي بلغة الأرقام والتواريخ. مطلوب من كل واحد منكم، في المكان الذي يوجد فيه، أن يوعّي الناس، ويوعّي الرأي العام؛ لكي تبقى قضيتنا حية في ضمائر شعوب العالم كلها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:39 am

كمال حصان في ذاكرة الأيام: العودة إلى فلسطين كاملة لا تتحقق إلا بالمقاومة

      قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Kamal-hesan
أحمد الباش - دمشق:
يستعيد كمال حصان ذاكرة النكبة؛ حين كان في الثامنة من عمره، فيقول: خرجنا من القرية مذهولين غير مصدقين ما حصل.  خرجنا حفاة عراة، لم نكن نرتدي إلا ما كان يستر جلودنا من هذا البرد القارس من أيام شباط القاسية. (هذا المشهد لم يكن  ليغيب عن بالي لحظة واحدة حتى اليوم). اتجهنا مع أبي وبعض الأقارب مباشرة إلى قرية بجوار قرية دورا الخليل، تجاوزناها إلى أن وصلنا قرية دورا، وكان ذلك صباحاً.
من الفالوجة
في فلسطين، في قرية الفالوجة التي تقع إلى الشمال من مدينة غزة، ولد كمال حصان.  هذه القرية التي تبعد عن مدينة المجدل 19كم، كانت مساحتها 517 دونماً، ومساحة أراضيها  38038 دونماً؛ أما عدد سكانها فبلغ عام 1945 قرابة 4670 نسمة، وهي بذلك ثانية قرى القضاء بعدد السكان. 
بعد إعلان الكيان الصهيوني دولته المزعومة في 15 أيار من عام 1948؛ دخل الجيش المصري قرية الفالوجة، وكان في استقباله أهالي القرية الذين كانوا قد أقاموا التحصينات اللازمة، وحفروا الخنادق، وتسلحوا، وبدأوا عملياتهم ضد العصابات الصهيونية.  ومما أذكره حينها: أن المدافعين عن القرية هاجموا باصاً لعصابات الهاغاناة الصهيونية، كان يمر عبر الطريق العام، وقتلوا كل من فيه.
ومع دخول الجيش المصري القرية؛ قطعت قواته طرق الإمداد الصهيونية التي كانت تأتي من شمال فلسطين إلى المستعمرات الجنوبية في النقب، ونشرت عناصرها على الطرق، ونصبت الكمائن من قرية  بيت جبرين حتى الفالوجة.  وقد كان رد الصهاينة على ذلك بأن حاصروا قريتنا (الفالوجة)، حصاراً شديداً، استمر ستة أشهر متتالية. تقاسمنا مع الجيش المصري خلالها لقمة الخبز والصمود معاً.
كان في أرض الفالوجة لواء مصريًا؛ كان بقيادة السيد طه، الذي كان يُلقَّب بـ"الضبع الأسود". وخلال هذه الفترة الزمنية؛ وقعت في القرية ثلاث معارك عنيفة جداً:
الأولى: في تشرين الأول عام 1948؛ استبسل فيها المدافعون عن القرية مع  الجيش المصري، وقدموا أروع البطولات، وسقط منهم خيرة رجالاتهم، وقد بلغوا مئة شهيد: 40 شهيداً من الجيش المصري؛ والباقي من أبناء  القرية التي كان تعدادها وقت ذلك قرابة خمسة آلاف نسمة.
ووقعت بعد ذلك معركتان أخريان، استبسل فيه أيضاً المدافعون من أهل القرية بمساندة اللواء المصري الموجود في القرية.  وقد كان لقائد اللواء المصري (السيد طه) دور كبير في تكبيد العصابات الصهيونية خسائر كبيرة في الأرواح؛ ففي معركة واحدة، استطاع هذا الضابط، بخديعة عسكرية منه، أن يستدرج هذه العصابات إلى ثغرة كان قد فتحها لهم، ليطبق بعدها على المهاجمين، ويكبدهم أكثر من مئتي قتيل صهيوني.
بقيت الفالوجة صامدة، لم تتراجع، ولم تستسلم؛ رغم الحصار الشديد، حتى يوم 26/2/1949، (يوم توقيع اتفاقية رودس بين الحكومة المصرية والعصابات الصهيونية)، وقد اتفق فيها الجانبان على انسحاب الجيش المصري من القرية؛ وبالتالي سقطت بأيدي الصهاينة. وكان هذا اليوم يوماً مشهوداً لأبناء القرية الذين صعقوا بذلك؛ إذ لم تسقط قريتنا الفالوجة بمعركة عسكرية، بل وفقاً لـ"اتفاقية فصل قوات".
بداية الشتات 
وفي صباح ذاك اليوم المشؤوم؛ أذكر وقتها أنني كنت موجوداً إلى جانب والدي، وكان الجو ممطراً وبارداً جداً. بدأ الجيش المصري ينسحب من القرية باتجاه غزة، والضابط المصري (قائد اللواء السيد طه) كان موجوداً في مقدمة تلك القوات.
أثناء الانسحاب؛ ذهل اليهود مما شاهدوه؛ لقد كانوا يظنون أن عدد جنود الحامية المصرية كبير جداً، مقارنة بالصمود الأسطوري لتلك القوات أثناء حصار القرية، ومقارنة بما أوقعوه في صفوفهم من خسائر بشرية فادحة؛ لقد رأوا أن عدد جنود الحامية المصرية أقل بكثير مما توقعوا، وكان ذهولهم أكبر من ذلك؛ حين رأوا عتاد تلك القوات الذي اقتصر على بعض الأسلحة الفردية الخفيفة. وهذا ما حدا بأحد الضباط الصهاينة إلى أن يرفع يده تحية لهؤلاء الأبطال.
 لقد كانت إرادة هؤلاء الحفنة من الرجال أقوى من أسلحة الصهاينة الثقيلة والمتنوعة؛ بل كان إيمانهم بالنصر لا يعتريه شك؛ لكنها المؤامرة.
أهالي القرية انقسموا في الرأي؛ فمنهم من فضل الخروج  مع الجيش المصري؛ خوفاً من الفتك بهم والانتقام منهم، ليتجهوا إلى منطقة "دورا"، وبقي قسم آخر ينتظر؛ ولكن لم يدم هذا طويلاً؛ فسرعان ما دخل الصهاينة القرية، ونسفوا منازلها جميعاً ودمروها تدميراً كاملاً. ولم يبق ظاهراً منها سوى ركام مسجد الشيخ أحمد الفالوجي وقاعدة  مئذنته؛ وبالتالي أجبروا من بقي على الرحيل إلى مدينة غزة.
خرجنا من القرية مذهولين غير مصدقين ما حصل؛ خرجنا حفاة عراة، لم نكن نرتدي إلا ما كان يستر جلودنا من هذا البرد القارس من أيام شباط القاسية. (هذا المشهد لم يكن  ليغيب عن بالي لحظة واحدة حتى اليوم).  اتجهنا مع أبي وبعض الأقارب مباشرة إلى قرية بجوار قرية دورا الخليل، تجاوزناها إلى أن وصلنا قرية دورا، وكان ذلك صباحاً.
والدي كان مصراً على ألا يدخل قرية دورا، رغم وجود أصحاب له فيها.  لم يكن يريد أن يدخلها  لكي لا يشاهده أحد ممن يعرفه ويراه على هذه الحال؛ فوالدي كان وجيهاً في قريته ومجاهداً فيها؛ بل كان رئيساً لبلديتها. وكان أيضاً إضافة إلى كل ذلك، من كبار مالكي الأراضي فيها. 
ولسوء الحظ؛ عندما خرجنا من القرية، بعد حصار دام ستة أشهر؛ لم يكن لدينا كما يقال: "شروة نقير"، أي لا شيء. عزّت على أبي نفسه؛ فقال لنا وقتها: لن أذهب إلى أي مكان يعرفني فيه أحد.
وجدنا في أطراف قرية دورا مغارة كبيرة كانت تقع شمال القرية.  ذهبنا إلى هذه المغارة، وتجمع كبار العائلة وأخذوا يتشاورن فيما بينهم.  ودخل أحدهم إلى المغارة فوجدها مليئة بالأشواك؛ فأشار عليهم بحرق المغارة لكي يتخلصوا من الأشواك، وما يسكنها من الأفاعي والعقارب والحشرات الضارة.   أشعلوا النيران فيها، وقد رأيت بأم عيني، أثناء حرقها، بعض الأفاعي تخرج منها.  بقيت النار مشتعلة في المغارة حتى الظهيرة، بعدها انطفأت، ودخلت النساء إليها، وبدأن بتنظيفها. ودخل بعد ذلك الجميع من أطفال ونساء ورجال؛ ليقوا أنفسهم برد تلك الأيام القاسية.  وأثناء وجودنا في المغارة؛ ذهب بعض الشبان إلى قرية دورا وأحضروا بعضاً من الطعام. 
بعد ثلاثة أيام قضيناها في المغارة؛ قال لنا والدي: لن نبقى هنا؛ سنذهب إلى بلد لا يعرفنا فيه أحد، سنذهب إلى سورية، إلى منطقة حوران؛ فهناك لنا أبناء عمومة يمكن أن نسكن عندهم ونتدبر أمرنا. انطلقنا في صباح اليوم التالي؛ وسرنا حتى وصلنا إلى مدينة أريحا، وكنا متعبين جداً؛ فأقمنا هناك في بساتينها ليلتين.  كنا جياعاً، ولا مال لدينا، والأطفال يتضورون.  أذكر وقتها أن ثلاثة من رجال العائلة ذهبوا إلى الأراضي الزراعية القريبة على حمار، وأحضروا خرجاً (وعاء جلدي يوضع على ظهر الحمار) مليئاً بالفجل والبصل الأخضر، وأكواماً من الخبز جلبوها من أهالي المدينة، وكان الناس يأكلون الفجل وعليه التراب، وذلك لعدم وجود الماء لغسله، ويغمسون الفجل وأوراق البصل مع الخبز.
آه، آه، آه (يتنهد الشاهد كمال حصان بحرقة السنين الطوال. يتنهد تنهيدات ذاك الطفل الذي لم يتجاوز الثماني سنوات عند وقوع النكبة، ويرصد ويسجل في تلك الذاكرة الوقادة كل تلك التفاصيل المؤلمة الحزينة المفجعة)، ويتابع، فيقول: "هذه المشاهد لم تذهب عن بالي لحظة واحدة، وكأني أراها الآن حية  أمامي".
في اليوم الثاني؛ كان الطعام  أيضاً كاليوم الأول (فجل وبصل وخبز). عندها، قال والدي: علينا أن نستمر قاصدين درعاً.
في أريحا استأجرنا سيارة شحن كبيرة، وركب الأولاد والنساء والشيوخ والرجال.  انطلقنا لنصل ليلاً إلى منطقة الرمثا الأردنية الحدودية مع سوريا، نزلنا هناك في ضواحيها، علم أهالي المنطقة بنا وعرفوا أننا لاجئون فلسطينيون ننوي الذهاب إلى أقاربنا في درعا؛ تطوع أحد رجال المنطقة وذهب إلى درعا وأخبر أقاربنا بوصولنا إلى الرمثا.  وبالفعل، جاء معه أحد الأقارب من درعا، وأحضروا لنا دواب وركب النساء والأطفال ومشى الرجال خلفهم.  طبعاً؛ لم نستطع دخول سورية من الطريق النظامي، بل دخلنا تهريباً؛ لأننا لم نكن نحمل معنا أية وثيقة تثبت شخصيتنا؛ فلا  جواز سفر ولا هوية ولا أي شيء من هذا القبيل.
في مخيم درعا
لم نسكن بداية في مخيم درعا، ولكن بعد ستة أشهر، وبعد أن كثرت أعداد اللاجئين هناك، وخاصة من قرى حيفا (اجزم وجبع وعين غزال)؛ عُيِّن أبي مديراً على المخيم (كان يسمى ضابط المخيم وقتذاك)؛ وذلك بسبب نشاطه وتشكيله "لجنة شعبية" من أبناء المخيم؛ تعنى بشؤون اللاجئين.   فسكنّا المخيم.  وقد زرته مرة في مكتبه، الذي كان عبارة عن خيمة، فيها طاولة وكرسي وبعض الأوراق. وسعى والدي خلال ذلك إلى إيجاد أرض للاجئين، بالتنسيق مع الحكومة السورية ووكالة الغوث.
ومما أذكره في تلك الأيام؛ مطعم الأونروا الذي كان يقدم الوجبات الغذائية التي كان بعض اللاجئين يعتمدون عليها كلياً، ويبقون على تلك الوجبة إلى اليوم الثاني؛ إلى أن تقدم لهم وجبة النهار الجديد. أيام قاسية عشناها؛ البرد، والجوع، والقهر، والحالة النفسية، وبقجة الألبسة، وحلم العودة الذي لم يفارقهم لحظة واحدة.
على الصعيد الشخصي؛ دخلت المدرسة وأكملت دراستي الابتدائية في مدارس الأونروا، أكملت الدراسة وحصلت على "شهادة الكفاءة" (الإعدادية)، وكنت أدرس في النهار؛ وأعمل في الليل في التهريب بين درعا و الرمثا؛ أشتري خمسة أو سبعة كيلوغرامات من السكر من الرمثا وأقطع 15 كم لأعود بها إلى درعا، فأبيعها في الصباح لأربح نصف ليرة سورية، أقتات بها طوال النهار أنا ووالدتي؛ إذ كان أبي كان غادر درعا إلى مخيم حماة، حيث عين ضابطاً للمخيم هناك، وتزوج فيه امرأة ثانية.
أكملت دراستي وحصلت على الشهادة الثانوية، وكنت من العشرة الأوائل على المحافظة في دولة الوحدة عام 1959.  وللمفارقة؛ إن ستةً من بين العشرة الأوائل آنذاك كانوا من اللاجئين الفلسطينيين. 
بعد ذلك انتقلت إلى دراسة "الهندسة" في جامعة حلب، وحصلت على منحة دراسية مقدارها 75 ل.س. من الحكومة السورية، كنت أرسل إلى أمي منها 30 ل.س.، وأعيش  بالباقي. تخرجت عام 1965، وانتقلت إلى دمشق لأنخرط في حياتي العملية موظفاً أتدرج من خلال ذلك أعلى المناصب الإدارية والنقابية حتى يومنا هذا.
للشاهد الأستاذ كمال حصان مسيرة نضالية زاخرة بالعطاء، بدأت بالمشاركة في المسيرات والتظاهرات؛ ولم تنته برئيس الدائرة التنظيمية لمنظمة الصاعقة، ولا بمواكبة حركة العودة في الشتات (وهو أحد مؤسسيها)؛ لأن هذه المسيرة من العطاء ما زالت مستمرة ومعطاءة وتقدم الجديد في المواقف، والكثير من الخبرات، وستكون لنا أحاديث طويلة عن تلك المسيرة لاحقاً.
لكن، بكل اختصار؛ يلخص الشاهد (الأستاذ كمال حصان) رؤيته لحق العودة فيقول: إن هذا الحق واجب مقدس، وهو لب القضية الفلسطينية، وإن  العودة إلى الفالوجة وفلسطين كاملة، لا يمكن أن تتحقق إلا بالمقاومة؛ وبالمقاومة وحدها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:40 am

لحاج عز الدين فرحان سلام: شارك والده في ثورة 1936، ويحمل لأحفاده أمل النصر والعودة

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Ez-aden-farahat
 أحمد الباش  / دمشق:
حين أخذ يتذكر الوطن؛ قال لنا: إن قريته (المجيدل) هي قرية جميلة، من قرى قضاء الناصرة، تحاذيها قريتا: معلول، وصفورية؛ وبعض المستعمرات اليهودية مثل: خنيفيس، وجباتا، وجنجار، وفولة، والعفولة؛ وأنها تبعد عن مدينة الناصرة نحو سبع كيلومترات؛ وأنها غنية بالينابيع مثل: عين الحلوة. ويقول: كان عدد سكان القرية عند خروجنا منها عام 1948 قرابة 1650 نسمة؛ وأن أراضيها جزء من أراضي مرج ابن عامر، ذات الطبيعة الجميلة والغنية بمزروعاتها، والتي تُعَدّ الأخصب في فلسطين.
 نحن والمستعمرات والإنكليز  
يقول الشاهد عز الدين سلاّم؛ ابن الحاج المجاهد والشاعر الشعبي (فرحان أحمد سلاّم): نظراً لكون القرية محاطة بالمستعمرات اليهودية؛ فقد فرض هذا الواقع علينا (نحن أبناء قرية المجيدل) علاقة ما، مع هذه المستعمرات؛ ويمكن وصف تلك العلاقة (بالطبع قبل اندلاع أحداث 1948) بالعلاقة الودية إلى حد ما، ولكن لم تكن طبيعية.  صحيح أننا كنا نعيش في ما بيننا بسلام، لكن لم تتطور لتصل إلى حد تبادل الزيارات.  إضافة إلى ذلك؛ كان هناك بعض التوجس والخوف اللذين كانا يخيمان في الأفق، وكانا ينذران بالخطر.

 وقد أدى الإنكليز دوراً كبيراً في تأجيج الكراهية بيننا وبين اليهود، كما أدوا دوراً أكبر في تسليح هذه الكُبَّانِيَّات (المستعمرات اليهودية).  هذا الدور كانت تقوم به بريطانيا عن الغرب عموماً، وعن الحركة الصهيونية خصوصاً. 
 
حكاية مع الوطن
يتابع الحاج عز الدين فرحان سلاّم قائلاً: أنا من مواليد 1935. لم أكن أعي أحداث ثورة 1936 في القرية! ولكن أبي كان من الذين انخرطوا في صفوف الثورة في وقت مبكر، وقد شارك في أعمالها، وكان يحدثني عنها وعن أحداثها كثيراً، فيقول: إن الاشتباكات في قريتنا (المجيدل) كانت تدور رحاها بين كروم الزيتون في أراضي القرية، وكان ثوار القرية ينصبون الكمائن للإنكليز واليهود هناك، ويطلقون النار ثم يختبئون، أو ينسحبون، حسب طبيعة الموقف.
ومن المهمات التي أوكلت إلى والدي أثناء الثورة، شراء الأسلحة من الشام. وبالفعل، حصل أثناء زياراته على عدد من البنادق، لكن لم يكن ليحصل لهذه البنادق على ذخيرة، (وإحنا كان عنا بارودة كندية، وكان معها 15 فشكة، وما كان في غيرهن. وبعدين؛ صار عرس؛ فضربنا خمس فشكات منهم، فما ظل غير عشر فشكات فقط. كانت مشكلتنا بالفشك. وقد ذكر لي أحد الثوار (أظنه من بيت الزغل) قائلا: "يشهد علي الله أنو ذهبت للمعركة، وما كان معي غير فشكة واحدة". وهذا الوضع لم يكن في قريتنا فحسب؛ بل في أغلب القرى الفلسطينية.  وهذا من أهم الأسباب يلي سببت هجرتنا عن بلادنا.
يضيف الحاج عز الدين سلام فيقول: وكان لأبي في ثورة 1936 مهمة أخرى غير القتال، والمهمة كانت تنبع من كونه شاعراً شعبياً معروفاً وذائع الصيت في كل البلاد؛ فأثناء الثورة، كان يلهب بأشعاره مشاعر المقاتلين والثائرين، وتطور به الأمر إلى القيام بجولات على بعض الحكام العرب، وخاصة في دول الخليج العربي، وكان يلقي عليهم أشعاره التي يتحدث فيها عن الإنكليز واليهود وعن جرائمهم في فلسطين؛ فيستعطف مشاعرهم، ويؤلبهم على الإنكليز.  ومن شدة تأثيره فيهم؛ لاحقه الإنكليز وسعوا إلى اعتقاله، وعندما شعر أبي بذلك، ذهب بنا إلى الشام، وهناك أقمنا فترة من الزمن، عدنا بعدها إلى القرية، وكان ذلك بعد أن اندلعت الحرب العالمية الثانية.
في أثناء الحرب العالمية؛ استغلت العصابات الصهيونية الأوضاع في المنطقة والعالم، وبدأت بالتسلح استعداداً لاحتلال بلادنا، وبدأت تقيم المستعمرات والمعسكرات بكثافة، وتدرب عصاباتها أفضل تدريب.  واستمرت الحال على هذا المنوال إلى أن حطت الحرب العالمية الثانية أوزارها، وقد عزز ذلك انتصار الإنكليز، وحلفاؤهم من المستعمرين الآخرين، على الألمان.
على أبواب النكبة   
ما إن صدر "قرار تقسيم فلسطين" في تشرين الثاني من عام 1947؛ حتى كانت العصابات الصهيونية على أتم الاستعداد للانقضاض على بلادنا؛ فأخذت تروّع القرى والبلدات والمدن، وارتكبت بحق الشعب الفلسطيني أبشع المجازر، التي من أهمها مجزرة دير ياسين التي وقعت في نيسان عام 1948.
نحن في قريتنا (المجيدل)؛ عندما سمعنا بخبر مجزرة دير ياسين؛ اجتمع رجال القرية كلهم في دار المختار، وكان من عائلة كسّاب، وتدارسوا الأمر، وقرروا التباحث مع القيادة العسكرية في الناصرة، التي لم تجدِ شيئاً، وكان بعض الشبان من القرية يمتلكون بعض القطع من السلاح، ولكنها كانت بسيطة وقليلة.
عندما هوجمت قريتنا (قرية المجيدل) أول مرة، هرع هؤلاء المسلحون من شباب القرية ليدافعوا عنها بما لديهم من الأسلحة والذخائر، وبالفعل، استطاعوا أن يصدوا الهجوم عن القرية؛ لكن إثر هذا الهجوم؛ خرج بعض الأهالي بنسائهم وأطفالهم إلى مدينة الناصرة القريبة من القرية، وبقي بعض الرجال يحرسون القرية.
بعد ذلك؛ حصل هجوم آخر، قاومه الشبان بما لديهم من ذخيرة؛ لكنها سرعان ما نفدت من جعبهم وبنادقهم، وأصبحت البنادق تلك في أيديهم كالعصي؛ بدون رصاص؛ ما اضطرهم إلى الانسحاب واللحاق بأهاليهم وعائلاتهم إلى الناصرة.
معظم أبناء عائلات قريتنا (قرية المجيدل)، لجأوا إلى أقرباء لهم في المدينة، وسكنوا معهم في بيوتهم؛ والبعض الآخر استأجروا بيوتاً أو غرفاً.  بالنسبة إلينا، كان لعمتي في الناصرة بيت واسع، سكنّا فيه مدة أسبوع واحد. بعدها، استأجر أبي عقدين (غرفتين)، وسكنّا فيهما حتى وصلت المعارك إلى مدينة الناصرة.
وصل جيش الإنقاذ إلى المدينة، وهذا الجيش لم يكن لديه الإمكانات الكبيرة؛ فلم يدخل في معارك كبيرة تغير ميزان المعركة مع العصابات الصهيونية التي كانت مدججة بالسلاح. لذلك، لم يمضِ وقت طويل حتى سقطت مدينة الناصرة.
وجع التهجير
  بعد سقوط المدينة، خرجنا منها واتجهنا في سيرنا نحو الشمال باتجاه القرى اللبنانية القريبة، من الحدود مع فلسطين، وكان مشياً على الأقدام. وخلال خروجنا؛ كانت تلاحقنا بعض الطائرات اليهودية، وكانت تقصف وراءنا؛ لتمنعنا من مجرد التفكير بالعودة إلى الخلف (إلى قرانا ومدننا). بالطبع؛ كان ذلك ضمن خطة مدروسة ومحكمة.
 وصلنا بعد هذا المسير الشاق إلى قرية "بنت جبيل" اللبنانية، ونزلنا عند أحد معارف أبي في القرية، حيث سكنّا في غرفة لمدة 15 يوماً. 
بعد ذلك؛ جاء الجيش اللبناني ووزعَنا على المدن اللبنانية، وذهبنا نحن إلى مدينة بيروت، حيث بقينا فيها قرابة سنة أو أقل بقليل، انتقلنا بعدها إلى الشام (دمشق)، وهناك نزلنا في منطقة تسمى "الهامة"، وقامت الدولة آنذاك بإعطائنا بيتاً وبستاناً كانا لأحد المغتربين السوريين الذي كان يسكن خارج البلاد، وبقينا هناك سنة كاملة، قام أبي بعدها بتسجيلي أنا وأخويّ (الأكبر والأصغر)، في المدارس. وقد أرهقتنا منذ البداية مصاريف التنقل إلى المدينة؛ فاضطررنا للانتقال إلى منطقة "جوبر" في ريف دمشق، وسكنا في بيت يقع على "نهر تورا"، وصرنا نتابع دراستنا هناك في الوكالة (الأونروا). وعمل أبي بعد ذلك في الإمارات العربية. 
  
أنا مفعم بالأمل
اليوم، بعد 63 سنة، ما زلت أذكر بيتنا حتى الآن، وكان مؤلفاً من غرفتين: واحدة من طين، والأخرى من حجر؛ وما زلت أذكر باب بيتنا الخشبي والقنطرة من فوقه، وكم أحنّ اليوم له! وكم أتمنى أن أعود إليه! صحيح أن اليهود هدموه؛ ولكن حين أرجع إلى أرضي سأبنيه من جديد، وأملي في ذلك كبير.
 وأنا على اقتناع، بأن أول طريق لتحرير فلسطين هو توحيد العرب بيد واحدة ، "والله عندما يتوحدوا لو كل واحد عربي جاب سطل مي ورشه على (إسرائيل) لغرّقوا اليهود يلي فيها؛ ونحن مستحيل نرجع إلا إذا كان العرب يد واحدة، ونحنا أملنا بالجيل الصاعد، وأنا وبهذا العمر لو يصح لي أقاتل أقاتل؛ لأنه بغير القتال، فلسطين لا يمكن أنو تتحرر، واليهود ما رح يقولوا للفلسطينيين: خذوا بلادكوا، وإحنا طالعين منها".
 بالنسبة إلى أبي؛ كما قلت: كان شاعراً شعبياً، ومن الأسماء الذائعة الصيت، وأشعاره كلها حماسية. كانت تلهب الثوار في المعارك؛ وقد حمل لقب "شاعر وثائر" بجدارة، وشارك في مجريات حرب الـ 36، وفي مجريات الحركة الوطنية الفلسطينية في ما بعد، وكان أبي قوية البنية يلبس (الديماية) (القمباز)، ويركب الخيل، ويجيد الحداء. ومن أشعاره المعروفة جداً: 
 
إن كان بلفور يجهل قيمة الأوطان 
 إحنا بأرواحنا نحمي أراضينا 
نبيع أرواحنا بأبخس الأثمان 
حقاً على الله نصر المؤمنينا
يقول الحاج عز الدين سلاّم: رغم أن والدي كان حدّاء القرية (المغني الشعبي للقرية)، كان يحب أن يحضر في أعراسنا باقي الحدائين من القرى الفلسطينية الأخرى، مثل: أبو سعيد الحطيني، والريناوي، وعازف اليرغول (أبو شهاب)؛ وذلك لإظهار روح التحدي في ما بينهم. وكان والدي، إضافة إلى ذلك، محط احترام ورأي لدى رجالات القرية جميعاً، وكانوا يستشيرونه في كثير من أمورهم.
بعد النكبة، وفي عام 1958؛ تواصل أبي مع الفنان أبو عرب؛ وأصبحا يعملان معاً في إذاعة "صوت العرب، في القاهرة، في ركن بإذاعة فلسطين؛ وقد شاركهم أيضاً المغني الشعبي (أبو سعيد الحطيني)، وقد سجلوا للإذاعة آنذاك بعض الأغاني الفلسطينية الوطنية والتراثية، في برنامج اسمه "أهازيج ومكاتيب".  أخيراً؛ رحم الله والدي، ورحم الله الحطيني، وأطال الله في عمر الفنان أبو عرب.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:41 am

حاج حسن مرعي أحد شهود نكبة قريته: لا أقبل عن قريتي بديلاً وأقول لأحفادي أكملوا مشوار العودة

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Haj-hassan
أحمد الباش: دمشق
 هو وادي المشيرفة الذي يفصل بين قريتينا التوأمتين: كرّاد الغنّامة، وكرّاد البقارة. هاتان القريتان اللتان عاشتا المأساة تلو المأساة، والتشرد تلو التشرد، ناضلتا وصمدتا وقدمتا الشهداء.  لقد أصرّ أهالي القريتين على أن يبقوا بالقرب من أراضيهم، حتى بعد سقوطهما في نيسان 1948؛ لكن العدو الصهيوني بدوره كان أكثر إصراراً على تعقب الأهالي وإبعادهم واقتلاعهم من جديد.
  
الخروج من القرية
خرجنا من القرية إلى قرية "الجديبينة" على الحدود السورية، ثم إلى منطقة "الصنابر"، لنعود مرة أخرى إلى القرية. أرغمونا بعد ذلك على الانتقال إلى قريتي: شعب ودنّون قضاء عكا، وشفا عمرو في قضاء حيفا؛ لكن عنادنا كان أكبر؛ فأرغمنا العدو الصهيوني على إعادتنا من جديد إلى القرية.
 لم نفرح كثيراً بهذه العودة؛ لأن المحتل كان لنا بالمرصاد دائماً، فتقرر إخراجنا من جديد، ولكن هذه المرة خارج فلسطين إلى الجولان السوري. وبعد 19 عامًا؛ فُجعنا بضياع بقية فلسطين بعد هزيمة حزيران عام 1967، وكأن الحرب كانت تقصدنا نحن من جديد؛ فخرجنا هذه المرة من الجولان إلى المنافي حيث مخيمات البؤس واللجوء.
موقع القرية
يصف حسن مرعي حسن الكردي أحد شهود النكبة قريته (كرّاد البقّارة) فيقول: إنها تقع على سفح تل بركاني صخوره سوداء داكنة، يشرف على سهول واسعة خضراء خصبة.  في عام 1948 لم يكن يتجاوز عدد سكان القرية 450 نسمة. 
أما القرى التي كانت تحيط بنا فهي: قرى المنصورة، وكرّاد الغنّامة، والحسينية، والعلمانية، والملاّحة وعرب الزبيد، وعرب الهيب، وعشيرة الزنغرية.  تعود عشائر القرية إلى أصول بدوية كردية، من هذه العشائر: الرواشدة، والبلازية، والبدور، والعوايدة، والقرينات، والحمايدة، وغيرهم.  علاقات أبناء القرية مع محيطهم وصفت بالجيدة حتى مع اليهود الفلسطينيين الذين كان يعمل بعض أبناء القرية عندهم بالزراعة، (كمرابعين مزارعين) وفي رعي الأبقار.
بدأت فصول المعاناة إبّان الاحتلال البريطاني؛ حيث تغلغل الصهاينة في جيشه؛ ما أتاح لهم دخول القرى الفلسطينية ضمن هذا الجيش؛ وعرفوا من خلال ذلك جغرافية هذه القرى، وأهلها، وتحصيناتها وقدرتها على المقاومة، وتمكنوا من مراقبة تسليحها، ومن ثم التنكيل بأهلها وإرهابهم.
بداية الأحداث
مما أذكره من الحوادث التي لا تنسى في قريتنا، حادثتان اثنتان جرتا في عام 1937، بينتا مدى الحقد والعداوة التي كان يكنّها لنا هذا المحتل الغاصب، يدفعه بذلك أولئك الغرباء الذين قدموا من أقاصي الأرض ليبنوا دولتهم المزعومة على أنقاض قرانا العامرة: الأولى: في إحدى الليالي قام الجنود الإنكليز بتفتيش القرية بحثاً عن أسلحة، وأثناء التفتيش؛ وجد عند أحد أبناء القرية بارودة، وكان اسم صاحبها "عبد الله العلي"؛ فاعتُقل على الفور.  الثانية: بعد أيام من الحادثة الأولى، وبينما كان إبراهيم الماردي وأحمد الوادي من أبناء القرية يقفان أمام نبع ماء، وكان أحدهما يربط فرسه، فمرت بجانبهما دورية إنكليزية، فتنبها لذلك وصادف أن كان بحوزة أحدهما مسدسان فألقاهما على الفور في ساقية الماء.
انتبه أحد الجنود إلى ذلك، فأوقفهما وسأل الرجل: ماذا ألقيت في الماء؟ قال: لا شيء.  وعندما نظر الجندي إلى أسفل الساقية؛ شاهد المسدسين فأخرجهما من الماء؛ وبذلك أسندت التهمة لكل منهما حمل مسدس حربي، وسيقا إلى السجن؛ وبعد أيام قليلة جيء بالثلاثة إلى القرية: عبد الله العلي (صاحب البارودة)؛ وأحمد الوادي، وإبراهيم الماردي (أصحاب المسدسات)، وهناك وأمام مرأى ذويهم وأبناء القرية جميعاً؛ نُفَّذ حكم الإعدام فيهم، وقام الأهالي بدفنهم في مقبرة القرية.
أحداث النكبة
خلال الأحداث التي وقعت عام 1948 أذكر أنه بينما كنا نسهر عند المختار في إحدى الليالي؛ وإذ بِدَوي انفجارات هائلة تهز الأرض من تحتنا، وكان مصدرها قرية الحسينية المجاورة؛ فهبت قريتنا والقرى المجاورة إلى الحسينية لمعرفة ما حدث؛ فكان ما شاهدناه منظراً مروعاً؛ حيث رأينا مباني في القرية هُدمت على من فيها من سكان! وعلى الفور؛ بدأنا نبحث عن الناجين وعن جثث القتلى، وبقينا هكذا حتى عصر اليوم الثاني.  وأذكر من المناظر التي شاهدتها تحت الردم؛ منظر أم تحتضن طفلها الرضيع، وهما ميتان.  بعد ذلك جمعت الجثث وأخذنا بدفنها في مقبرة القرية.  هذا المنظر لم يفارقني طوال حياتي.

بعد مجزرة الحسينية تنبه الناس أكثر لما يجري؛ فأخذوا يتسلحون ويشترون السلاح؛ وخاصة من سورية، وكان من لديه بقرة أو أغنام يبيعها ليشتري بارودة؛ ومن لم يكن يملك مالاً كان يستدين ليشتري بارودة أو مسدساً.

ومما أذكره أن السلاح الذي كان بحوزة الرجال في القرية هو البارودة الإنكليزية التي كانت تُشترى من بعض الجنود في المعسكرات الإنكليزية؛ والبارودة الفرنسية والألمانية التي كانت تُشترى من سورية.
 أخذت المعارك تشتد في ما حولنا.  وكانت طبريا أول مدينة فلسطينية تسقط، وتبعتها حيفا.  بعد مجزرة عين الزيتون في قضاء صفد، والقريبة من قريتنا؛ اشتدت المعارك في ما بيننا وبين العصابات الصهيونية.  ولعدم التكافؤ ولقلة الذخيرة؛ سقطت قريتنا في نيسان 1948، وانسحبنا إلى قرية جديبينة السورية.
استعادة القرية
بقينا في هذه القرية قرابة عام واحد حتى جاءت قوة عسكرية من الجيش السوري، وطلبت توفير أشخاص لمعرفة الطرق، سعياً منها لتحرير القرية؛ ومن ثم الوصول إلى مستعمرة كعوش المجاورة. وبالفعل؛ دخلت القوات العسكرية السورية، ورافقهم عدد من المقاتلين، أذكر منهم: محمد أبو وردة، وكريم الحميدي، وخليفة الخلف، وهادي جبر العلي.  وقد استشهد منهم خليفة الخلف أثناء استرجاع القرية والمستعمرة المجاورة.
انتقل أهالي قريتنا بعد ذلك إلى "منطقة الصنابر" القريبة من قريتنا، وبقينا فيها حتى عام 1951. صرنا خلالها ننزل إلى أراضينا ونحصد القمح ونؤمن بعضاً من الخبز ليقتات به أطفالنا وعوائلنا.  بعد ذلك وقعت الهدنة بين سورية والكيان الصهيوني، وتم بموجبها اعتبار كعوش وكرّاد البقارة، منطقتين محرمتين دولياً يعود أهلهما إليهما مع وجود مراقبين دوليين فيهما. وبموجب هذا الاتفاق؛ عدنا إلى قريتنا التي كانت مهدمة تماماً. 
  
تهجير ولجوء داخلي 
 لم نفرح كثيراً بهذه العودة، ففي آذار 1951 طوق الصهاينة القرية، وكان معهم قائد لواء الجليل، وأمرونا بعدم التحرك خارج القرية. وجيء بعدها بسيارات كبيرة، وطلبوا منا تحميل كل أمتعتنا ومواشينا. وسيق بنا إلى منطقة في العمق الفلسطيني، وأنزلونا في قرية عرفنا بعدها أنها قرية "شعب الفلسطينية"، التي تقع في قضاء عكا، والتي هجرها أهلها أثناء أحداث عام 1948.
وقاموا بتوزيعنا على غرف في القرية المهجورة هذه.
علمت القوات السورية بعملية التهجير تلك، وعدّتها مخالفةً لما اتفق عليه في اتفاقية الهدنة؛ الأمر الذي دفعها إلى رفع شكوى إلى الأمم المتحدة، التي أرسلت بدورها من يحقق بهذه الشكوى. وبالفعل لحق بنا بعض المراقبين الدوليين، وتحدثوا معنا، وطال الأمر بين أخذ وَرَد مدة ثلاثة أشهر. بعدها قام الجيش الصهيوني بتقسيم أهالي القرية إلى ثلاثة أقسام: قسم بقي في قرية شعب، وقسم نقل إلى قرية دنون قضاء عكا، وقسم إلى قرية شفا عمرو قضاء حيفا. 
  
الخروج من القرية مجدداً 
 في عام 1952 أعادونا إلى قريتنا، وبدأنا بناءها من جديد، وبقينا فيها حتى عام 1956.
وأثناء العدوان الثلاثي على مصر اتهمنا الجيش الصهيوني بأننا طابور خامس لسورية؛ ننقل إليهم الأخبار والتقارير العسكرية؛ وبناءً على ذلك تقرر ترحيلنا من القرية. وبالفعل؛ قام الصهاينة بتدمير القرية مرة أخرى، وبطردنا هذه المرة إلى الأراضي السورية.
انتشر أهالي قريتنا (كرّاد البقارة) في قرى الجولان، وتقاسم الشعب السوري هناك معنا رغيف الخبز. وبقينا نرقب أراضينا من بعيد من على سفوح الجبال حتى عام 1967؛ حيث وقعت حرب حزيران واحتل الجولان السوري؛ وأصبحنا نشعر بأن الحروب تقام من أجل ترحيلنا نحن بالذات، لنُهجر مرة أخرى إلى عمق الأراضي السورية إلى مدينة دمشق، حيث استقر بنا المقام بين أهالينا الذين سبقونا في عام 1948 في "مخيم جرمانا" القريب من دمشق؛ والذي لازلنا فيه حتى الآن.
مسيرة من التشرد والضياع ذقنا فيها ما ذقناه، من المرارة والألم. لم نكن لنستقر في منطقة حتى يأتي الاحتلال الصهيوني ويهجرنا إلى أخرى وهكذا. 
  
رسائل قصيرة 
 بعد هذه المسيرة كلها؛ ماذا عسانا فاعلين؟ أرادوا منا أن ننسى؛ أرادوا منا أن نذوب في المجتمعات العربية؛ أرادوا منا أن نغفر ما ارتكبوه من قتل ومجازر؛ ولكننا أمام كل ذلك نقول بعض الكلمات وبعض الرسائل:
أولاً: لهؤلاء الصهاينة المتغطرسين أقول: تريدون منا أن نستسلم ونرضخ وننسى أوطاننا! هذه ستبقى أمنيات لكم.  نحن لنا جذور، ولنا تاريخ في فلسطين تاريخ الآباء والأجداد، فيها بلدتي وقريتي واسمها "كرّاد البقارة" التي لا أقبل لها بديلاً؛ وإن شاء الله سأرجع إليها، وسنحاكمكم على ما اقترفت أيديكم، وستدفعون لقاء استثماركم لأرضنا، ولقاء هذه المعاناة والقهر والحرمان، طوال هذه الأعوام الطويلة الماضية الكثير الكثير. 
 ثانياً: لمن يحاول بيعنا بثمن بخس أقول له: المفاوضات، والخنوع، والضعف لا تُرجّع بلادنا.  بالقوة وحدها ترجع لبلاد.  اليهود لا يعرفون غير لغة القوة.
ثالثاً: إلى أبنائي وأحفادي وأبناء قريتي، وخاصة منهم الشباب: "إحنا يا ولادي مش مخلدين، يعني إحنا راح نموت، عليكوا تكملوا المشوار. لا تقبلوا بديلاً عن العودة. والعودة مش لأي مكان! العودة إلى بلدكم وإلى قريتكم (كرّاد البقارة)، ولا أرض سواها
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:41 am

الحاج إسماعيل سلامة حسين شاهد عيان على مجزرة الصّبيح


     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Al-haj-ismaeal
 لن أنسى ولن أغفر مقتل أمي وإخوتي الأربعة، وصورتهم لا تزال ماثلة أمامي
 
أحمد الباش
مشاهد وفصول لملحمة بطولية سطّر ثلة من أبناء عشيرة الصبيح، وترويها ذاكرة واعية وقارئة للحاج إسماعيل سلامة حسين، شاهد العيان الذي جمع بين البصر والبصيرة.
التاريخ فجر السادس من أيار عام 1948، ساحة المعركة بيوت ومضارب عشيرة الصبيح في قضاء الناصرة.
دماء ودموع
بدا المشهد يومها قاتماً، أبي وأخي خليل مصابان بجروح إثر المواجهة الدامية في الدفاع عن القرية، وينقلان إلى مستشفى الناصرة. أنا في السادسة من العمر، وأخي حسن في الرابعة، نختبئ خلف الباب، نراقب ما يحدث، ثرثرة جنود في الخارج، لغة لم نعتد سماعها.  جنديان من العصابات الصهيونية يدخلان البيت من الباب الحديدي مدججين بالأسلحة والذخائر. يتقدمان نحو أمي وإخوتي.  المشهد لا يزال ماثلاً أمامي وكأنَّه حصل بالأمس القريب: إخوتي الثلاثة يقتلون، لكل واحد منهم رصاصة في رأسه: حسين ابن الإثني عشر ربيعاً؛ وخالد ابن العاشرة؛ وغانم ابن الثامنة، وأمي.   أمي يطلق عليها رشقات من رشاش غادر وهي تحمل رضيعها! تسقط أمي صريعة على الفور، أحمل أنا وأخي حسن أخي الرضيع حسني وهو مصاب وينزف، سرعان ما يفارق الحياة بين أيدينا.
 بعد أن خرّب الجنود محتويات البيت، وكسروا جرار الزيت الذي اختلط بدماء أمي وإخوتي؛ انتقل الجنود الصهاينة إلى بيتنا الثاني، وكان فيه خالتي عليا النمر، أطلقوا عليها النار على الفور فألقوها صريعة أيضاً؛ حاول ابنها أن يفتح الباب ليخرج من البيت ويهرب؛ فأمطروه بوابل من الرصاص وأردوه قتيلاً.  انسحب الصهاينة إلى الخارج. وبعد قليل خرجنا من البيت وذهبنا إلى بيت جارنا أبو عباس، وكان عندهم «تصوينة» كبيرة. رأيت الجنود متمركزين على تلك «التصوينة» يجمعون بعضهم وينقلون قتلاهم وجرحاهم من ساحة المعركة إلى خارج القرية، وأذكر أنه كان بينهم مجندات يهوديات اشتركن في المعركة.
هذا جزء من المشهد، والمشهد بالكامل كان يقول: إنَّ الخطر الداهم بات على الإنسان وعلى الأرض معاً. 
  
مستوطنة (بيت كيشت) شرارة المعركة الأولى:
بدأت الشرارة الأولى عندنا بعد أن بُنيت على أطراف القرية مستوطنة سميت "بيت كيشت" في بداية الأربعينيات من القرن الماضي؛ حيث بدأ المستوطنون يزحفون بحدود مستعمرتهم على أراضي القرية ومضارب العشيرة، وبدأوا يحرمون أبناءها مراعيهم المعتادة في أراضيهم.  لم يصبر أبناء عرب الصبيح على ذلك، وأخذوا يتحدون تلك العصابات بإرادة وتصميم؛ ما أدى إلى تسارع الأحداث، وصولاً إلى المعركة الحاسمة.
أول معركة خاضها عرب الصبيح كانت خارج مضاربهم، وعلى "طريق عين ماهل"، وقد وقعت حين هبّ رجال العشيرة لنجدة إخوانهم في القرى المجاورة (كفر كنّا، وعين ماهل)؛ حيث قامت مجموعة من رجال عرب الصبيح بقيادة القائد علي النمر برصد عودة الصهاينة إلى المستعمرة، فنصبوا لهم كميناً محكماً كانت من نتيجته تكبّد العدو خسائر فادحة، بينما لم يصب أحد من رجال العشيرة.  وقد عُرفت تلك الخسائر من آثار الدماء في أرض المعركة، ومن الأسلحة التي خلفها الأعداء وراءهم؛ راح اليهود يبحثون عن وسيلة ينتقمون بها من هذه العشيرة المجاهدة، فقرروا منع المواشي والرعيان منعاً باتاً من دخول المراعي التي صادروها لهم من قبل؛ وعلى الفور كان رد الرجال في القرية المواجهة السريعة؛ وذلك لتلقين هذه العصابات درساً لا ينسونه أبداً، وقد يضطرهم بعد ذلك إلى الرحيل.
أدخل الرجال بعضاً من قطعان الماشية إلى أراضيهم التي منعوا من دخولها، وفي الوقت نفسه نصبوا كميناً للمستوطنين الصهاينة من مستعمرة "بيت كيشت".  رأى الصهاينة تلك المواشي، فهبّوا لمصادرتها، ووقعوا في الكمين الذي نصب لهم؛ فأمطرهم المقاتلون بقيادة القائد علي النمر بوابل من الرصاص؛ فقتلوا منهم سبعة مستوطنين؛ بينما فرّ الباقون مذعورين مهزومين، وتركوا قتلاهم في أرض المعركة. ثم سحبت الجثث إلى مكان المقاتلين.  حاول الصهاينة مراراً وتكراراً الإغارة على العشيرة لتخليص جثث قتلاهم ولم يستطيعوا ذلك، فلجأوا أخيراً إلى التفاوض، ووسّطوا لذلك البريطانيين والصليب الأحمر الدولي، واستطاعوا بذلك استرداد جثث قتلاهم. 
 
تفاصيل المعركة الكبرى 
 بعد هذه المعركة التي أطلق عليها معركة الصبيح الأولى، والتي وقعت في 3 آذار 1948م؛ أخذ الصهاينة يسلحون أنفسهم أكثر فأكثر، واستقدموا لذلك تعزيزات إضافية من أمهر ضباطهم وجنودهم من عصابات البالماخ (التي هي نخبة عصابات الهاغانا)، وبدأوا يُعدّون العدة لخوض لمعركة كبيرة وواسعة؛ انتقاماً لما حصل معهم في المعركة السابقة على أرض الصبيح؛ بينما وصل بعض الأسلحة الخفيفة إلى المدافعين عن القرية من مدينة الناصرة.  ومع بزوغ فجر السادس من أيار من عام 1948؛ فاجأ الصهاينة أبناء العشيرة بهجوم كبير كان واضحاً أنه غير متكافئ، لا بالعتاد ولا بالرجال؛ وبعد قتال عنيف استبسل فيه المدافعون، وسقط فيهم الشهداء والجرحى، ومع نفاذ الذخيرة؛ اضطر المقاتلون إلى الانسحاب إلى خارج القرية.
جرح في المعركة القائد علي النمر، وكان بجانبه ابنه (حسين) الذي قام بتغطية انسحاب أبيه من القرية.  بعدها دخل الصهاينة إلى الساحات، وحاصروا بيت علي النمر، ومن ثم لغّموه ونسفوه. وكل ذلك كان من أجل قتل هذا القائد؛ وبالتالي كسر معنويات المقاتلين المدافعين عن العشيرة. طبعاً اليهود ظلوا متابعين زحفهم وتغلغلوا بالمضارب، وأصبحت المقاومة أثناءها من بيت إلى بيت؛ لكن، كما قلت: "المعركة كانت غير متكافئة". 
  
شهداء وجرحى من القرية:
استعمل الصهاينة خلال الهجوم على القرية، المدافع المتوسطة والأسلحة الرشاشة؛ لذلك وقعت خسائر كبيرة بالمدافعين عن القرية ما بين شهيد وجريح، وخاصةً بحمولة الضهرات (أحد الفروع الخمسة لعشيرة الصبيح). وأذكر من الشهداء على سبيل المثال لا الحصر: حامد اجليّل، ومحمود العيد، وإبراهيم الحمد، وياسين الساري، وعلي الذياب، ومحمد أسعد القاسم، وسليمان الشمسي، ومحمد عقاب البياضي؛ أما جرحى المجزرة فأذكر منهم: حسن سعيد الحساني، ووالدي (سلامة حسين)، وأخي (خليل سلامة حسين)، وتوفيق النهار، وساري العقلة، وإسماعيل ساري العقلة، وإبراهيم النهار، ومحمود اشتيوي، وذياب الشكور، وحسن سعيد إحساني. 
بعد أن انتهت المعركة؛ عاد المقاتلون من أبناء العشيرة، الذين كانوا قد ذهبوا لنجدة إخوانهم في قريتي (لوبية والشجرة)، ومعهم نجدات من تلك القرى، ليلتقوا في القرية مع نجدات أتت من قريتي: 
"عين ماهل"، و"كفر كنّا"؛ وذلك بعد أن وصلتهم أنباء القتل والدمار الذي لحق بعشيرة الصبيح وأهلها، وبدأوا يحصون الخسائر ويجمعون جثث الشهداء من المنازل والساحات من النساء والأطفال والشيوخ، وأذكر منهم: غزالة النمر (زوجة سلامة حسين الخليل)، وأولادها الأربعة: حسين، وخالد، وغانم، وحسني؛ وعليا النمر (زوجة علي محمد الخليل)، وابنها (محمود علي المحمد)؛ وعدلة السعيد (زوجة محمد الخليل)، وأولادها الثلاثة: صالح، وسمية، وشمسية؛ وعمشة صعوب (زوجة أحمد حسين الخليل)؛ والشيخ الضرير (رجا الفارس)؛ والشيخ عايد الموسى؛ وعلي الخروب؛ أما الجرحى فأذكر منهم: حمدة إبراهيم (زوجة ياسين حوران)؛ وحمدة الخضر؛ والطفل عيد المحمود، والطفلة صالحة محمد الخليل، التي ضربت رجلاها بالفؤوس.
جمعت جثث الشهداء وكانوا بحدود ثلاثين شهيداً، نقلوا جميعاً بدون جنازة، ودُفنوا في مغارة في مدفن جماعي على أطراف القرية من الجهة الشمالية الغربية، وأغلقوا بابها.
هذه المجزرة جعلت الجميع في العشيرة يشعر بأن القرية أصبحت غير آمنة، وخاصة بعد أن دمرت العصابات الصهيونية من البالماخ، بيوتها وخربوا أرضها ونهبوا خيراتها، واستولوا على قطعان الماشية فيها؛ لذلك بدأ الجميع بالرحيل تحت جنح الليل؛ خوفاً من المزيد من القتل لأبنائهم ونسائهم. خرجوا من جهة الأرض الوعرة. وقد ساعد في التغطية على تحركاتهم وانتقالهم إلى مناطق أخرى أكثر أمناً حالة الطقس، إذ خيم وقتئذ ضباب كثيف على المنطقة كلها.
وفي مقام الشهداء؛ دعني أذكر أنَّ شهيدين سقطا خلال النجدات التي ذهبت من عشيرة الصبيح إلى قرية "لوبية" المجاورة، إضافة إلى الشهيدين: حسن المعارك، وذياب الشكور، اللذين سقطا في معركة الشجرة في قضاء طبرية. 
 
بداية التغريبة
خرجنا من القرية إلى قرية عين ماهل، وبقينا فيها فترة من الزمن، بعدها انتقلنا إلى منطقة اسمها "وادي صلاميا".  الرجال كانوا يروحوا ويرجعوا؛ يلي إلو بقايا محاصيل زراعية أو بقايا فراش؛ واللي عندوا بقايا مواشي راح جابها؛ رغم أن الأغلبية سلبت من قبل المستوطنين.  وأذكر في هذا المجال على سبيل المثال: أن جدي سلب منه أربعمائة رأس غنم.
التقيت أبي وأخي، التقينا في مستشفى الناصرة، وذهبنا باتجاه "وادي الصلاميا" أو "وادي صلاما"، بعد ذلك؛ اجتزنا الحدود باتجاه الأراضي اللبنانية، وانتقلنا فيها من مكان إلى آخر، حتى وصلنا الحدود السورية؛ فدخلناها، وكنا نسمع في الطريق أن المجازر الصهيونية قد عمت أغلب القرى الفلسطينية، ونسمع أيضاً عن سقوط القرى الفلسطينية الواحدة تلو الأخرى، والمدينة بعد المدينة، لتحط بنا الرحال (وأية رحال نحملها!!) إلى مخيم "خان الشيح" الذي ما زلنا نعيش به حتى الآن بانتظار العودة. 
 
قسم وعهد
بعد مسيرة العذاب ومسيرة المعاناة في خيام الذل وطوفان الشتاء علينا، إلى بيوت الطين، إلى ألم الفراق والحسرة، بعد هذا كله، يريدون منا أن ننسى وأن نغفر! لا والله، فأنا لن أنسى ولن أغفر ما دام فيّ قلب ينبض بالحياة.  والله إن المشاهد التي رأيتها تشيب لها الولدان، وإنها والله محفورة في الذاكرة ولن تمحى أبداً، وسأورثها للأجيال جيلاً وراء جيل، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:43 am

أبو نبيل لو عاد بي الزمن لفضلت الموت على اللجوء

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Abu-nabeel
 نابلس - لينا الحاج محمد وهبة أبو غضيب
ستة ملايين لاجئ في فلسطين والمهجر يعيشون ذكرى البحث عن وطنهم المفقود وأرضهم المسلوبة.... في ثالث يوم رمضان  من عام 1948، الاستعداد إلى صوم يوم جديد تحول إلى الصوم عن بيتهم وأرضهم 64 عاماً على التوالي. 
  
التجاعيد تحت عينيه، والسواد يغمرهما، والدموع تترقرق في عينيه، والرجفة لا تفارق يديه اللتين جار عليهما الزمان، ليرسم له واقعاً مريراً؛ لكن رغم كل ذلك؛ ما زالت ذاكرة أبو نبيل الطيراوي (79 عاماً) من مخيم بلاطة (شرق مدينة نابلس، شمال الضفة الغربية) تنبض بتفاصيل يوم الرحيل ورحلة اللجوء.
 وما إن بدأت "العودة" بسؤاله عمّا عاشه خلال أيام النكبة عام 48، بدأت ذاكرته تروي قصة الهجرة بتفاصيلها، وكأنها حدثت بالأمس القريب.  حكاية عاشها أبو نبيل، وهو لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره؛ حيث كان يسكن مع عائلته في قرية "طيرة دندن" قضاء مدينة اللد؛ لينتهي بهُم الحال للعيش في حيّ بلاطة البلد بجانب مخيم بلاطة في نابلس، وهو أكبر مخيمات الضفة الغربية.

تنهيدة وابتسامة بسيطة رسمت على وجه أبو نبيل في بداية حديثه عن بلده الطيرة، القرية التي وصفها بـ"جنة فلسطين الخالدة"؛ بطقسها الجميل، وأراضيها وبياراتها الخضراء، وحياة مثالية بأوضاع مالية ممتازة، وأراضٍ مزروعة بالقمح والذرة والصبار والزيتون كان يملكها والد أبو نبيل الذي كان يعمل تاجر مواشٍ في الطيرة.
 بداية الحكاية
يقول الشيخ الهرم لـ"العودة": كانت بداية خروج جزء من أهل القرية لما سمعوه عن وحشية اليهود في دير ياسين غربي القدس المحتلة، فيما بقيت أنا وعائلتي وباقي أهل البلد في القرية، حتى فاجأتنا العصابات اليهودية ثالث أيام شهر رمضان قبل أذان الفجر، حيث دخلوا القرية من منطقة الغرب؛ فاستيقظ الناس مذعورين على صوت إطلاق نار كثيف كالمطر، لم يتوقف للحظة ولم يميز بين كبير وصغير".
يتابع وصف ذلك المشهد وكأنه يراه أمامه، ويقول: "خرجنا من البيت كلنا حفاة ومن دون وعي، ولم يكن بحوزة والدي سوى مبلغ صغير من المال، إضافة إلى المرتينة (بندقية تحوي 20 طلقة)، تاركين وراءنا كل ما نملك من أراضٍ وأثاث ومواشٍ".
ولشدة الذعر والهلع الذي انتشر بين الناس لدى هجوم العصابات الصهيونية؛ أشار أبو نبيل إلى أن عدداً من العائلات خرجوا تاركين أطفالهم في البيوت، ولم يتذكروا أطفالهم إلا بعد قطع مسافة كبيرة، وبعدما حلّ القصف على كل حجر في القرية، ومنهم من ضاعوا عن أطفالهم وتفرقوا ولم يستطيعوا رؤيتهم أبداً".
 ويضيف: "اتجهنا نحو جبال القرية، لكني لم أستطع أن أبقى بعيداً عن المنزل وأترك الخراف التي كنت أعتني بها وألاعبها وأسرح بها في الأراضي والجبال لترعى. لم أستطع أن أتركها وحيدة هناك، فقررت العودة إلى المنزل لأخذ الخراف، لكن القصف اشتد أكثر من كل نواحي القرية وازدادت الاشتباكات بين الثوار في القرية والعصابات اليهودية، حينها أجبرت على ترك الخراف وسط القرية وهربت مسرعاً؛ وأثناء طريقي، رأيت امرأة تجمع القمح فصرخت عليها بذعر: ماذا تفعلين؟ هل جننت وصوت القصف فوق رأسك؟ اهربي قبل أن تقتلي، فتركت ما بيدها واتجهنا نحو الجبل.  لقد كان كل ما يدور في عقلي هو اللحاق بوالدي ومحاولة تجاهل صوت القصف المرعب".
 ويشير أبو نبيل إلى أن كبار السن في قريته لم يستطيعوا الهرب مع أهالي القرية، وبقوا في بيوتهم، وقال: "كانوا نحو 20 مسناً، منهم امرأة واحدة ومسن ضرير، وعند وصول اليهود إلى القرية جمعوهم وأرسلوهم إلى مدينة اللد، لكنهم أصروا على العودة إلى قريتهم مشياً على الأقدام، وأثناء عودتهم؛ تغلب مرض المرأة المسنة عليها وفارقت الحياة قبل أن ترى بلدتها ومنزلها مرة أخرى، وقاموا بدفنها في الطريق، واستمروا في سيرهم إلى أن وصلوا إلى أطراف القرية.  وقبل استنشاقهم رائحة أرضهم؛ فجأة غطى الرصاص رؤوسهم، وكان آخر ما استنشقوه رائحة دمائهم العطرة التي روت أرضهم. 
 
الأرض فراشنا والسماء غطاؤنا 
التقى أبو نبيل بأهله وأكملوا طريقهم إلى دير طريف (جانب قرية الطيرة)، وعلى كتفه أخوه الأصغر البالغ من العمر 4 سنوات.  وعندما حلّ الظلام؛ منهم من نام داخل الكهوف؛ ومنهم من نام تحت شجر الزيتون، ووصف حالهم حينها قائلاً: "لقد افترشنا الأرض وكانت السماء غطاءنا. وعند بدء نهار جديد، بدأنا بالسير لثلاثة أيام متتالية، شهدنا خلالها قصصاً مؤلمة لوفاة عدد من الأطفال بسبب التعب والحر والجوع والعطش، ولولا مساعدات الفلاحين وسكان القرى لمات الكبار أيضاً من الجوع والعطش. كان الأهالي يعملون المستحيل لتدبير القليل من الطعام والماء لصغارهم، حتى وصلنا إلى قرية "دير عمار" غرب مدينة رام الله".

أما عائلة "أبو نبيل"، فقد أنقذها ذلك المبلغ الصغير الذي كان يحمله والده بجيبه عند خروجه من منزلهم، فبدأ بشراء المواشي وذبحها وتعليقها على شجر الزيتون ليبيعها لأهالي القرى.
ويشير إلى أنه "في ذلك الوقت عمّ قرية الطيرة هدوء نسبي، فأرسلني والدي إلى القرية مع حمار حتى يجلب لهم ما يستطيع إحضاره من المنزل. كنت أشعر بخوف ورعب شديدين، لكن رائحة زهور برتقال البيارات التي تملأ المكان كانت تهدئ من روعي قليلاً".
ويتابع وصف مشهد دخوله القرية بشيء من التأثر والانفعال، وكأن ما حدث لا يزال يراود خياله بكل لحظة: "أثناء دخولي القرية رأيت ما تقشعر له الأبدان؛ كنت أخطو خطوة وأرجع للخلف خطوتين، متردداً وخائفاً ينتابني شعور غريب، ولكني أكملت الطريق، وإذ بي أنظر تحت قدمي أدوس جثة شيخ من القرية؛ فيما كان هناك نساء وأطفال تغطيهم الدماء في كل مكان".
أثناء الحديث؛ تأثر أبو نبيل وصمت لوهلة والدموع بعينيه، مختصراً حديثه بأنه استطاع إحضار 100 كيلو طحين وطعام يكفيهم، متردداً على القرية لثلاثة أيام على التوالي، حتى حان موعد إكمال هجرتهم ليصلوا إلى نابلس، ويسكنوا داخل "حي بلاطة البلد" قرب مخيم بلاطة؛ بعد شهرين.
خيام المخيم أبشع ما رآه أبو نبيل
وبعد سنوات قليلة، توفي والد أبو نبيل، بينما كبر هو وتزوج وأصبح لديه طفل، فاضطر إلى أن يسكن هو وزوجته وابنه في خيمة داخل مخيم بلاطة؛ بعد حدوث بعض المشاكل العائلية بينه وبين زوجة أبيه.  ويضيف: "الخيمة كانت الحل الأخير لي، لكني لم أستطع تحمل وضع الحياة فيها من دون مرافق صحية، ولا حتى مكان للطبخ، وكلما هبّت الرياح لا تبقى أي خيمة في مكانها. كانت ظروف الحياة فيها مزرية وبشعة وصعبة لا تحتمل؛ وكانت زوجتي صغيرة بالعمر وأنا أخاف عليها من هذا المسكن، فانتقلت للسكن عند عمي حتى جاءت الأونروا وقدمت مساعدات، وبنت لنا بيوتاً محل الخيام التي كنا نطلق عليها اسم وحدات".

وعاد أبو نبيل ليسكن وأسرته في وحدته داخل المخيم، وأكمل عمل والده في تجارة المواشي؛ حتى أصبح يمتلك ملحمة لبيع اللحوم.
عاش أهل المخيم فترة من الاستقرار النسبي لم تدم؛ حيث اقتحم اليهود مخيم بلاطة عام 1967؛ فهرب الأهالي مرة أخرى من بيوتهم؛ خوفاً من القتل، وخشية على أعراضهم، وتوجهوا نحو قرية "بيت فوريك" (شرق مخيم بلاطة).  ويذكر أبو نبيل موقفاً حينها، قائلاً: "حملت زوجتي العجين الذي كانت تحضره لتخبزه قبيل الاقتحام، لكنه لم يفِ بغرضهم وتعفن في الطريق ورمته وهي تبكي بشدة، حيث لم يبق معها ما تطعمه لأطفالنا".
ويشير أبو نبيل إلى أنه لدى عودتهم إلى المخيم بعد أيام، قرر أن يشتري منزلاً خارج المخيم ويسكن فيه؛ حيث سكن في منطقة بلاطة البلد. 
أبو نبيل: الدول العربية سبب في ضياع أوطاننا
وعند سؤال "العودة" أبو نبيل عن وصف شعوره وهو بعيد عن أرضه وبلده الأصلي، كان رده بعصبية، منقلبة نبرة صوته، يظهر بعيونه الندم لخروجه من بلده ومتمنياً لو مات هناك ولم يخرج منها لما رآه وعاشه من واقع مر بقي في ذاكرته 79 عاماً.
ويقول: "أنا أقول لأحفادي: إننا نحن من تركنا أرضنا لليهود، ونحن السبب في توطنهم في فلسطين، ونحن من بعناهم أراضينا وكروم العنب والزيتون والبيارات. كانوا أقل عدداً منا، إلا بعض الفلسطينيين استسلموا للملايين التي دفعوها اليهود لهم، وبنوا مستعمراتهم فيها".
اشتد غضب أبو نبيل وارتجفت يداه وتساءل: "ألم نكن السبب في استيلائهم على باقي أراضي فلسطين؟ فعند بيعك بلاطة أرض واحدة لعدو حقير فأدرك أنك ستبيع باقي أرضك وبلا إحساس، فأصبحوا اليهود يمتدون ويتوسعون أكثر في بنائهم نحو باقي الأراضي حولهم وبعدوانية بشعة، والسبب في حالنا هي الدول العربية؛ التي وقفت في مكانها ولم تساعدنا، مع أنها تمتلك القدرة في المساعدة"
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:44 am

أبو سليمان حكاية النكبة من القدس إلى نابلس

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Abu-slman
 محمد أحمد ترابي/ الضفة الغربية
 تلك السنة التي حولت حياة الفلسطينيين إلى جحيم لا ينسى، وأصبحت ذكرى في أذهان من عاشها، ومن سمع قصصها، يتخيلها ويعش أيامها في مخيلاته، ويرسم في ذهنه صورة الحياة المؤلمة التي عاشها الفلسطينيون آنذاك، الذين قُتلوا وهُجّروا وطردهم الاحتلال الإسرائيلي من بلداتهم عام 1948 ليحل مكانهم الإسرائيليون.
محمد سليمان عثمان "أبو سليمان" (81 عاماً) من مواليد مدينة القدس، كان يسكن في "قرية قالونيا" (الواقعة في الشمال الغربي من المدينة المقدسة، وهي ضاحية من ضواحي القدس الغربية)، شعره أبيض كالثلج، تملأ وجههُ تجاعيد تخبرك كل منها بحكاية من حكايات النكبة التي عاشها، أو شيئاً من الهموم التي مر بها؛ كما تحمل لوحات رسمتها ذكريات الزمن الجميل.
  كان "أبو سليمان" يعيش مع عائلته المكونة من ثمانية أفراد: والده، ووالدته، وأختان وأربعة إخوة،  هو أكبرهم.  كانت عائلته تعتمد على زراعة اللوزيات، كالمشمش، والخوخ؛ إضافة إلى تربية الأبقار. في ذلك الوقت، كان أبو سليمان إبن سبعة عشر عاماً، وكانت مهمته رعاية الأبقار وحلبها وبيع الحليب لمصنع كان يمتلكه يهودي قرب حائط البراق في مدينة القدس.  والمهمة الأخرى التي كانت توكل إليه هي قطف ثمار الأشجار من المشمش والخوخ، وبيعها للتجار في أسواق مدينة يافا التي تقع على الساحل الشرقي للبحر المتوسط.   يروي "أبو سليمان" حكايته لـ"العودة"، مسترجعاً مع كل كلمة يقولها ذكريات الزمن الجميل، ويقول: "كانت عائلتي تمتلك في قرية قالونيا ثلاثة محالّ، كانت تسمى "بيت العيلة"، كان يجتمع فيها جميع أفراد الأسرة. لقد كانت جلسات رائعة جداً تجمعنا كلنا ونتبادل أطراف الحديث والقصص" .
بداية النكبة
لكن ما إن بدأ أبو سليمان بوصف ما جرى في قريتهم، لدى هجوم العصابات الصهيونية على القرى الفلسطينية؛ حتى بدأت الدموع تنحصر في عينيه، وقال: "كان بجانب قريتي مستعمرة يهودية، كانوا يسمونها في ذلك الوقت "الكومينة"، كان يفصلنا عنها طريق واحد، هو "شارع يافا القدس".  وفي ذلك الوقت، كانت الأوضاع متوترة، بسب الأنباء التي تحدثت عن دخول اليهود على القرى المجاورة لنا والمجازر التي تحصل فيها، وكانت الأخبار المتداولة في ذلك الوقت عن دخول اليهود إلى بلدة "القسطل"، التي تعتبر من مداخل القدس الإستراتيجية، وهي مجاورة لقريتنا".
أضاف: "ثم سمعنا أصوات الأعيرة النارية وأصوات الناس يصرخون ويقولون: "جاؤوا جاؤوا"، وفي ذلك الوقت أخذ رجال قرية قالونيا بالتسلح، وأحاطوا مداخل القرية بأسلاك شائكة لمنع اليهود من دخولها، لكن اليهود وصلوا إلى قناة المياه التي يشرب منها الأهالي، وهددوا بتفجير القناة؛ لكن قمنا بإطلاق الرصاص عليهم وفروا إلى مستعمرتهم المجاورة لقريتنا.  وفي ذلك الوقت وصلت معلومات لأهالي القرية عن أن الأوضاع في بلدة دير ياسين (غربي القدس) سيئة جداً.  كان هناك أعداد كبيرة من الشهداء والجرحى؛ إضافة إلى ذلك، أصبح اليهود يطلقون الرصاص بالبنادق الرشاشة على بيوتنا من المستعمرة المجاورة لنا. حينها ساد الخوف والرعب عند الجميع، وجاء والدي "سليمان عثمان سمور" وطلب من العائلة أن تجهز نفسها للرحيل، فقمنا بتجهيز بعض الأغراض والأطعمة لأخذها معنا".
وتابع أبو سليمان حديثه وكأنه يعيش مرة أخرى تلك الأحداث، قائلاً: "عندما خرجنا من القرية، وفي طريقنا، مررنا بمجموعة كبيرة من الثوار، كانت معهم دواب محملة أسلحة، وكان قائدهم هو "عبد القادر الحسيني" - من مواليد إسطنبول في 1910 ميلادي - كانوا في طريقهم إلى قرية القسطل التي استولى عليها اليهود، وحدثت فيها معركة كبيرة بينهم وبين اليهود، استمرت ثمانية أيام متواصلة، إلى أن استُشهد فيها القائد الحسيني وهو ممسك بسلاحه، فأخذ الثوار الجثة ونقلوها إلى قرية "عين كارم" (من ضواحي القدس)؛ حتى لا تقع جثة الشهيد عبد القادر الحسيني بأيدي الإسرائيليين ويساوموا الثوار عليها، ثم دفن بعد ذلك في القدس بجوار قبر أبيه (موسى كاظم الحسيني).
ويواصل أبو سليمان سرد مجريات رحلة الهجرة ويقول لـ"العودة": "وبينما نحن سائرون، طلب والدي مني الذهاب وحيداً، ومعي الأبقار، إلى قرية "بيت غور التحتا"، التي تقع في الجهة الغربية من مدينة رام الله. كان هنالك مكان توضع فيه الأبقار؛ بينما ذهب والدي مع بقية العائلة إلى بلدة بيت سوريك التابعة لمدينة القدس، وانتظرت سبعة أيام متتالية حتى جاء والدي برفقة العائلة بأجمعها بسيارة كبيرة كنا نسميها "طرق"، ركبت معهم وذهبنا مباشرة إلى مدينة نابلس، وهناك استقبلتنا عائلة معروفة واسمها "جعارة"، تسكن في الجبل الشمالي من مدينة نابلس؛ وفي ذلك الوقت لم يكن في نابلس سوى البلدة القديمة، وكان المسؤول عن المدينة هو "أحمد الشكعة".  
ظروف معيشية صعبة   
وأكمل حديثه عن صعوبة الحياة والظروف التي مرّ بها هو وعائلته، وقال: "في ذلك الوقت كان عمري 17 عاماً، حيث لم يكن هناك فرص عمل في مدينة نابلس، وواجهنا صعوبة في تلبية الاحتياجات اللازمة للأسرة.  ومع مرور الأيام؛ باع والدي الأبقار التي كانت لدينا، ثم أقنعني بأن أتزوج؛ لأنني الولد الأكبر بين إخوتي. وفعلاً، خطبت وأنا في عمر سبعة عشر عاماً فتاة تسكن في مدينة نابلس، وبعد ذلك انتقلنا إلى شخص كان متعهداً في البناء وتجارة الأبقار(عادل القادري)، قمنا بشراء بقرة واحدة من عنده وكانت رخيصة الثمن (50 جنيهاً فلسطينياً)، وكنت اهتم بها، وأقوم بحلبها ومن ثم أبيع الحليب في البلدة القديمة في مدينة نابلس؛ حتى نتمكن من شراء لقمة العيش. وقد بقينا على تلك الحال مدة سنة؛ ومن ثم استأجرنا بيتاً خاصاً للعائلة عام 1949؛ وفي ذلك الوقت تزوجت خطيبتي (فاطمة) في عشرين رمضان عام 1949.
وكان أول طفل وهبني إياه الله سبحانه وتعالى عام 1952 وسميته "سليمان" على اسم والدي.  وفي عام 1965 قررت عائلتي السكن في مدينة رام الله، ولم أذهب معهم؛ لقد بقيت مع عائلتي الصغيرة في مدينة نابلس، والآن أصبحت عائلتي "ثمانية أفراد": خمسة أولاد وثلاث بنات، ومن ثم انتقلت للسكن في مخيم عسكر شرق نابلس، ثم توظفت في الأشغال العامة في المخيم، وبقيت على ذلك الوضع حتى هذه اللحظة".
بين الماضي والحاضر وبهدف استمرار التواصل وعدم الانقطاع عن الأهل والأصحاب والجيران بعد التشتت والهجرة، أنشأ أهالي قرية قالونيا المهجرة جمعية خيرية في مدينة البيرة القريبة من مدينة رام الله، وهو مكان يجتمع فيه أهالي القرية المهجرة في المناسبات والأعياد، إضافة إلى أن تلك الجمعية تضم الكثير من الأنشطة المتنوعة الثقافية والاجتماعية، ومن ثم إحياء حق العودة وتاريخ القرية   وحاضرها في نفوس الجيل الجديد، إضافة إلى تكريم طلبة المدارس والمتخرجين من الجامعات.   
"بالأول، لا يوجد فلوس وكان يوجد هدات بال؛ أما الآن؛ فيوجد فلوس، ولا يوجد هدات بال"، هكذا تحدث "أبو سليمان" عن الأوضاع الاقتصادية قديماً؛ مقارنة بالظروف الحالية التي يعيشها، وقال: "أبنائي سافروا إلى الخارج: منهم من سافر إلى السعودية، ومنهم من سافر إلى أميركا للعمل وتحقيق فرص أفضل للحياة؛ وبقيت أنا وزوجتي في المخيم ولا ينقصنا أي شيء؛ لأن أولادي يرسلون إلينا الأموال باستمرار، لكن الآن لم يعد هناك طعم للحياة".
وكان للسياسة نصيب من حوار "العودة" مع أبو سليمان؛ حيث تحدث بلغته البسيطة عن حق الفلسطينيين بإقامة الدولة، وعن استحقاق الدولة على حدود عام 1967 الذي تسعى السلطة الفلسطينية إليه منذ سنوات، وتندّر بمثل شعبي يقال "العور ولا العمى"؛ وتابع: "لقد عشت مع الإسرائيليين كثيراً، وأنا أعرفهم.  لن يخرجوا من هذه البلاد إلا بالقوة فقط؛ إنهم لا يسمحون لي بزيارة قريتي إلا من خلال حصولي على تصريح منهم!"، وأضاف: "لو أعطونا حدود 67 شو استفدت أنا؟ سوف تبقى عيني على بلاد لا تنسى.
تلك الكلمات كانت كفيلة بأن تُدمع عيني أبو سليمان، حيث لم ولن ينسى بلدته المقدسية "قولونيا"، التي وصفها برائحة ورد "الكولونيا" الذي لن يفارقه إلا بعد موته (كما قال).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:45 am

الحاج موسى أبو سلـطان: “النكبة” كأنَّها اليـوم وحلم العودة في مخيلتي

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Musa-abu-saltan
 بالرغم من عبور الحاج موسى أبو سلطان الثمانين خريفاً من عمره؛ إلا أنه ما زال يعيش على أمل العودة إلى بلدته الأصلية (حمامة)، موقناً أن هذا اليوم لا بد أن يأتي، وأن الحق لا بد أن يعود لأصحابه.
 ولا يملّ الحاج موسى أبو سلطان من توصية أولاده وأحفاده بعدم التفريط بشبرٍ واحد من أرضهم، ويزرع فيهم أمل العودة إلى أراضيهم، مهما طالت السنين.
 وفي حوارٍ مع "العودة" قال أبو سلطان: "أمنيتي أن أرجع إلى الوطن، وأتمنى أن أعود؛ ولا يوجد شيء أغلى عندي من الوطن؛ ومستحيل أن أنسى وطني؛ وعندي أمل دائماً بالله أن يرجع الحق لأصحابه، مهما طال الزمن".
 وأكد أبو سلطان أنه رغم أكثر من خمسين عاماً على الهجرة و”النكبة”؛ إلا أنه ما زال يذكر تلك اللحظات، وكأنها حدثت اليوم، وهو الوجع المحفور بقلبه على مدى السنين، وعلى يقين تام بأن "ما أُخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة". وفي ما يأتي نص الحوار:
العـودة: بدايةً أعطنا بطـاقة تعريفية عنك؟
أنا الحاج موسى إبراهيم أبو سلطان.  ولدت يوم 1936/4/6 في بلدة "حمامة"، قضاء المجدل، شمال فلسطين المحتلة. ومتزوج ولدي خمسة أولاد وبنتان وأكثر من خمسين حفيداً.  عندما هجِّرنا إلى غزة كان عمري 12 عاماً.

العـودة: قبل التهجير واللجوء ومرارة “النكبة”؛ كيف كانت حال بلادكم؟ صف لنا الحياة قبل “النكبة”. كيف كانت؟
حمامة قرية تقع شمالي المجدل، وتشتهر بالزراعة وصيد الأسماك. عدد السكان في تلك الفترة كان 9000 مواطن تقريباً.  وكان في قريتنا مدرسة واحدة فقط، كان التعليم فيها لغاية الصف السادس؛ بعدها يأتي من يريد أن يكمل تعليمه إلى غزة؛ لأنها كان فيها كلية.  كانت المودة والمحبة تجمع أهل القرية. 
كنا نعيش في بيوت من الطين، لكن هناك بعض الناس كانوا يبنون بيوتاً من الباطون، فكانت بئر الماء في وسط البلد لكل أهل القرية، وكانت كل عائلة تدفع "شلن" كي تحصل على الماء"، أو يجمعون خمسة قروش. وبعدها بدأ الناس بحفر الآبار في أراضيهم.
وكانوا يتوظفون بشهادة الصف السابع فقط بعد تخرجهم من كلية غزة؛ أما أنا فتوقفت عند الصف الخامس فقط.  وكان أبناء حمامة متواضعين طيبين.  وفي صغري كنت أحب دائماً أن أجلس مع الكبار والمخاتير، وكنت أحب أن أسمع أحاديثهم عن عام 1936 أيام الثورة الكبرى.
 وكان في قريتنا مجموعة من الشباب أطلق عليهم "المناضلين"، كانوا يقاومون اليهود الذين يسكنون المستعمرات.  في ذلك الوقت؛ كان المناضل يبيع كل ما يملك من أرض، وذهب زوجته، كل شيء؛ ليشتري قطعة سلاح وباروداً؛ ليقاتلوا كل إسرائيلي جاء ليحتل الأرض.
العـودة: حدثنا كيف كان هؤلاء الشباب يقاتلون رغم قلة العدة وضعف الإمكانات في ذلك الوقت.
في ذلك الوقت؛ كانت البلدة تفتقر إلى وسائل القتال الحديثة، وحتى الخبرة اللازمة لتشكيل جيش أو ما شابه؛ لكن شباب البلدة لم يعجزوا عن تصنيع الكحل والفتيل، وجاءتهم الفكرة من طريق الصيادين الذين كانوا يستخدمون المتفجرات في صيد السمك؛ وهي عبارة عن صندوق خشب بمساحة 40 × 40 سم، ويضعون في الصندوق كحلاً وكبسولة وفتيلة، ويمدون به سلكاً طويلاً وينسفون به الآليات العسكرية.  ومن أكبر المعارك التي شهدتها- ولن أنساها- معركة "جولس"، وهي عبارة عن قرية صغيرة تحدّ "حمامة" من الناحية الشمالية، وكان المعسكر يأتي بالجيش إلى جولس -حيث توجد مستوطنة نتساريم- ونصب الشباب كميناً للقافلة؛ حتى يقطعوا الطريق على الأعداء، وجاءت أربع آليات إسرائيلية من مستوطنة "هربيا" في بيت "داراس" إلى مستوطنة نتساريم، وكانت هناك عبّارة كبيرة في الأسفلت، فجاء المناضلون ووضعوا المتفجرات والعبوات فيها؛ وخططوا للاستيلاء على القافلة، وذلك بتفجير بداية ونهاية القافلة، وبعدها جرى الاستيلاء على وسط القافلة، فأول قافلة تركوها، والمناضلون كامنون في الشجر، فنسفوا العبارة، وسيطروا على القافلة الثانية، وحاصروا من فيها، وأخذوا يطلقوا النيران عليهم.
العـودة: كيف حدثت “النكبة”، وما الذي حدث فيها، بالتفصيل؟
في أواخر عام 1947؛ جاء اليهود فجأة إلى البلد، وعلمنا بقدومهم من خلال مذياع، هو الوحيد الذي كان موجود بقرية حمامة، وأخذ الناس يصرخون ويفرون من القرية؛ حيث قتلوا في بداية دخولهم مختار قرية حمامة على باب بيته، ثم بدأوا يطلقون النار في كل الاتجاهات ويقتلون كل كائن حي يجدونه أمامهم.
وهجر معظم الأهالي البلدة، مستخدمين الحمير والجمال؛ وكنا من بين الذين غادروا، ووصلنا إلى غزة، وجلسنا في حي الشجاعية؛ حيث مكثنا عندهم ليلتين، وبعدها أخذنا عمي وسكنّا في رفح واستقررنا فيها؛ فجاءت وكالة الغوث إلينا في رفح؛ فأخذوا يعطوننا ما نشاء من مخازن التموين حتى ينسونا قريتنا. 
العـودة: "الكبار يموتون والصغار ينسون"، هذا ما يراهن عليه دوماً الاحتلال، فماذا تقول؟
أقول لإسرائيل: إن سياستكم هذه فاشلة وخاسرة؛ ولقد قالها موشي ديان "سيموت الكبار وينسى الصغار"، وسنعود إلى أرضنا مهما طال الزمن؛ فالحق لا بد أن يعود إلى أصحابه، ولو مرت مئات السنين.  وكل ما أتمناه الآن هو ن أرجع إلى أرضي، وأرى بيتنا ومدرستي؛ فلا يوجد شيء أغلى عندي من الوطن، ومستحيل أن أنسى وطني.  وعندي أمل دائماً بالله أن يرجع الحق لأصحابه مهما طال الزمن؛ وما زلت أحتفظ بكواشين الأرض والطابو التي تركها لي والدي وعمي؛ وسأورثها لأولادي وأحفادي من بعدي، وسنبقى نحتفظ بها جيلاً بعد جيل، إلى أن يحين وقت العودة إلى بلداتنا الأصلية، وتعود فلسطين من النهر إلى البحر.

 أسوأ مرحلة مرت علينا نحن الفلسطينيين هي الهجرة و”النكبة”، وخروجنا من أراضينا واحتلال إسرائيل لها؛ بالإضافة إلى خذلان الجيش المصري لنا في حرب 67، واحتلال إسرائيل كافة الأراضي الفلسطينية.
 والآن نمرّ في مرحلة سيئة جداً، وأثرت على كل الملفات الفلسطينية، كالقدس واللاجئين وحق العودة، وهي الخلافات والانقسامات بين الإخوة الفلسطينيين وانقسام الشعب الفلسطيني.  
العـودة: ما المطلوب سياسياً من أجل نصرة اللاجئين؟ 
 المطلوب أولاً من الشعب الفلسطيني، التلاحم والترابط لنكون يداً واحدة؛ لنستطيع التغلب على الاحتلال وطرده من بلادنا إلى الأبد؛ فنحن شعب واحد وكلنا مستهدفون، سواء كان ابن "فتح"، أو ابن "حماس"؛ فإسرائيل لا تفرق بين "حمساوي" و"فتحاوي"، ولا "جهادي"، وتقتل كل شيء: البشر، والشجر؛ والحجر.  كل ما نريده من فصائلنا هو الوحدة، وأن يلتفتوا إلى هموم الوطن، وترك الخلافات جانباً؛ لأن الاحتلال هو المستفيد الأول والوحيد من الانقسام
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:46 am

الحاجة "أم حافظ": خرجنا من بيوتنا خوفاً على أعراضنا وحياتنا

      قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Alhajah-om-hafth
لبابة ذوقان - نابلس
رغم ما تعانيه الحاجة أم حافظ من مرض ألزمها الفراش منذ عدة أسابيع؛ إلا أنها بدت تصف حكاية النكبة التي عاشتها وهي ابنة خمسة عشر عاماً، وكأن ما حصل، في الأمس القريب، حكاية يخيل لك، وأنت تسمعها، أنك تتابع قصة فيلم من "أفلام هوليود".
 تفاصيل صغيرة كانت كافية لتنقل للأجيال والأحفاد ويحفظوا معها حقهم الذي سُلبوه.  ومن على فراش مرضها في بيتها الكائن في "مخيم عسكر" للاجئين الفلسطينيين، شرق مدينة نابلس، شمال الضفة المحتلة؛ تحاملت الحاجة أم حافظ (79 عاماً) على أوجاعها ومرضها، وبدأت تروي لـ"العودة" قصتها عندما هاجرت برفقة عائلتها من بيسان جنوب فلسطين المحتلة إلى مدينة نابلس، وكأنها تريد أن تقول: إن كل ألم ووجع يهون أمام ألم الهجرة والنكبة. 
 
إننا الآن في بيسان عام 1948.  لم تكن "أم حافظ" قد تجاوزت عامها الخامس عشر عندما أنجبت ابنتها البكر (خولة). كانت تعيش هي وزوجها (المرحوم خليل حافظ) حياة بسيطة؛ حيث كان يعمل موظفاً في المحكمة الشرعية هناك؛ ليعول أسرته ووالدته وإخوته.

لكن حياتهم الهادئة لم تستمر طويلاً؛ حيث انقلبت حياتهم إلى خوف دائم من العصابات الصهيونية التي جاءت إلى فلسطين لاحتلالها.
إقامة "الكُبَّانِيَّات" حول المدن:
تصف الحاجة أم حافظ تلك الأيام قائلة: "كنا نعيش في بيسان؛ لكن حول المدينة؛ بدأ اليهود بإقامة المستوطنات التي كنا نطلق عليها "الكُبَّانِيَّات"؛ وكانت تشكل هذه الكُبَّانِيَّات خطراً علينا، وخاصة عندما يحل المساء؛ حيث يطلقون النار باتجاه بيوت الفلسطينيين.  وكان الثوار، بدورهم، يحملون أسلحتهم وبنادقهم البسيطة، ويتجهون صوب تلك المستوطنات، ويشتبكون مع اليهود بالرصاص والقنابل".
 وتتابع: "كان شقيق زوجي يخرج مع الثوار حينها كل مساء؛ كان يحمل بندقيته ويذهب باتجاه اليهود، ويطلق النار عليهم. كان الثوار مصرين على طرد اليهود من أرضنا، لكنهم لا يملكون السلاح الكافي". 
 
الحفاظ على العرض
تصمت الحاجة قليلاً، وتعضّ على أوجاعها التي ألمّت بها نتيجة اشتداد مرضها، وربما أيضاً للألم الذي يرافق تلك الذكريات، وتقول: "كانت الاشتباكات بين الثوار واليهود عبارة عن مناوشات ليلية؛ لكن بعد فترة؛ وصلتنا أخبار المجازر في دير ياسين، والفظائع التي ارتكبتها العصابات الصهيونية، وكان أكثر ما أخاف الأهالي حينها ليس القتل، بل حوادث الاغتصاب التي شاع نبؤها آنذاك".
 وتابعت: "عندما كثر الحديث عن قرب اليهود ونيتهم اقتحام بيسان، وقتل العرب، واغتصاب الفتيات، قررت والدتي الهرب إلى مدينة نابلس، حيث كان لنا بيت هناك.  وفي أحد الأيام؛ جاءت إلى والدي وقالت لحماتي: "أنا أخاف على بناتي؛ فهن جميلات؛ واليهود يرتكبون الفظائع وأخشى عليهن وعلى عرضهن؛ وأريد أن آخذهن وأذهب لنابلس".
وهذا ما حدث؛ حيث استقلت الأم وابنتاها وحفيدتها "خولة" -التي كان عمرها 11 شهراً- سيارة أجرة تعمل على خط بيسان - نابلس بعد أن حزمن أمتعتهنّ، وبقي زوج السيدة أم حافظ في بيسان، برفقة والدته؛ حيث "لم يتمكن من الذهاب معهن؛ لطبيعة عمله في المحكمة الشرعية، وبقي الاتصال مقطوعاً بيننا، ولا نعلم عن بعضنا أي شيء، حتى هجروا من بيسان".
وتقول: "وصلنا إلى بيتنا في البلدة القديمة في نابلس.  وبعد مرور ما يقارب شهرين؛ اشتدت الحرب، وسقطت البلاد كاملاً، وشُرد الناس من بيسان واللد والرملة ويافا وحيفا وصفد؛ وجاء زوجي وعائلته إلى نابلس".
الهروب حفاة
وتكمل وصفها حال من خرجوا من بلادهم تحت نيران القصف والقنابل، وتقول: "وصل زوجي وعائلته وعشرات العائلات من بيسان وباقي المناطق: قسم منهم جاء إلى مناطق الضفة؛ وقسم هرب باتجاه إربد في الضفة الشرقية.  لقد خرجوا من بيوتهم لا يحملون شيئاً معهم، خرجوا بملابسهم التي يرتدونها فقط، وفي ذلك الوقت؛ تعرض الكثير من المنازل للسرقة والنهب، فأهلها تركوها، وفيها كل ما يملكون من نقود وجواهر وأثاث وكل شيء".  ولاشتداد حالة الرعب من الموت القادم إليهم، ولعلمهم بأن القاتل لا يحمل في قلبه أي مشاعر إنسانية؛ تعددت قصص الأمهات اللواتي هربن من بيوتهن ونسين أطفالهن الرضع فيها من شدة الخوف الذي ألم بهن.

وتروي "أم حافظ" قصة إحدى النساء: امرأة أنساها الخوف ابنتها الرضيعة في البيت عندما هرب الناس لدى هجوم العصابات الصهيونية عليهم، وقالت: "كانت هذه المرأة هاربة مع أطفالها وعائلتها، وعندما قطعوا مسافة لا بأس بها؛ التفتت حولها وصارت تصرخ باسم ابنتها التي نسيتها في البيت، فأصرت على العودة إلى البيت وحدها؛ تحت القصف وإطلاق النار العشوائي باتجاه البيوت والأهالي العزل، وعندما وصلت إلى البيت وجدت ابنتها تبكي وحدها؛ فحملتها وعادت مسرعة حيث مكان اختباء العائلة في الجبال القريبة".
وتشير الحاجة أم حافظ إلى أن كثيراً من الأطفال الرضّع توفوا في أحضان أمهاتم، وهم في رحلة الهروب التي كانت في شهر حزيران، وقالت: كانت حرارة الطقس عالية جداً، والشمس فوق رؤوس الناس، ولا شيء يقيهم من حرارة الشمس، ولا من نيران اليهود ورصاصهم، وكثير من الأطفال، وخاصة الرضع، توفوا خلال الطريق بسبب الحرارة المرتفعة.  
ومن القصص التي ترويها الحاجة عن رحلة الهجرة، والتي تشير إلى مدى الصدمة التي عاشها اللاجئون لعدم تمكنهم من العودة إلى بيوتهم: "كان الناس على يقين من أنهم سيعودون إلى بيوتهم؛ حتى إن بعض النسوة كنّ قبل الخروج من منازلهن يطهين الطعام، ومنهن من كانت تخبز الخبز، وعندما هجمت العصابات الصهيونية؛ تركن ما في أيديهن وغطين الخبز بأغطية خفيفة قائلات: "اتركوه حتى نعود في المساء". 
 وتضيف: "أهالي يافا واللد والرملة كانوا من أكثر الناس الذين عانوا خلال الهجرة؛ حيث خرج معظمهم وهم حفاة ولا يحملون معهم أي شيء، خرجوا بملابسهم التي عليهم فقط؛ كانوا يعتقدون أن رحلتهم لن تتجاوز يوماً أو يومين، ليعودوا إلى حياتهم الطبيعية مرة أخرى". 
  
الهروب إلى الجبال: 
لكن مع اشتداد الحرب والقصف؛ أُجبر الناس على اللجوء إلى مناطق الشمال؛ حيث أُخليت المدارس من الطلبة وحوِّلت إلى مساكن مؤقتة للاجئين. 
وتتابع أم حافظ قائلة: "بعد وصول اللاجئين؛ استمر القصف علينا، وكانت الطائرات تكثف من قصفها ونيرانها أثناء الليل؛ ما دفعنا للجوء إلى المغر والكهوف في الجبال المحيطة بنابلس؛ حيث مكثنا فيها مدة طويلة.  وكانت عائلتي تتقاسم المغارة مع عشرين عائلة أخرى، كل عائلة اتخذت لها جانباً في الكهف، وحاولوا صنع سواتر لكل عائلة".
وتتابع: "خلال النهار؛ كان القصف يتوقف لعدة ساعات، نقوم خلالها من شباب ونساء بالنزول لبيوتنا في البلدة القديمة، ونحضر الطعام، ونخبز الخبز؛ ونجلب ما نريده من ملابس أو مياه، وما شابه، ونعود إلى المغارة مرة أخرى؛ بينما يبقى كبار السن والأطفال داخل الكهوف بانتظارنا".
وبعد أن هدأت الأوضاع وتوقفت الغارات الليلية؛ تمكنّا من العودة إلى بيوتنا، بينما توزع اللاجئون على المدارس.
وجاءت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين -التي تكفلت بتوفير المؤن لهم وتوزيع البطاقات عليهم- ووفرت لهم الطحين، والحليب، والسكر، والحمص، والعدس، والمواد التموينية الأولية التي تحتاجها كل عائلة، وهكذا، حتى أُنشئت المخيمات، وسكن الأهالي في خيم مؤقتة، ومن ثم بناء البيوت لهم في مساحات محدودة في مختلف مناطق الضفة؛ وخارج فلسطين (في الأردن وسوريا ولبنان).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:47 am

الحاجة بهية عبدو رشدان: قرية لوبية، في عيون أبنائها، هي أجمل بقاع الأرض

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Al-hajah-baheah
 أحمد الباش: 
لوبية قرية فلسطينية من قضاء مدينة طبريا، تقع على مسافة 13كم للغرب منها، على طريق طبريا الناصرة.  ترتفع 325 متراً عن سطح البحر.  مساحتها 210 دونمات. ولها أراضٍ واسعة تبلغ مساحتها 39629 دونماً، منها 1163 للطرق والوديان.  تحيط بأراضيها أراضي قرى: نمرين، وطرعان، والشجرة، وكفر سبت، والمنارة، وحطين.  غرس الزيتون في 1520 دونماً من أراضيها.  وصف مؤلفا كتاب “جغرافية فلسطين” أراضيها بقولهما: “أراضٍ فسيحة ومخصبة وقمحها مشهور”.
كان في لوبيا في عام 1922م 1712 نسمة؛ وفي عام 1931 ارتفع عدد سكانها إلى 1850: منهم 953 ذكور؛ و897 إناث؛ يسكنون 405 بيوت.  في عام 1945؛ قُدِّر عدد سكان لوبيا بـ 2350 فلسطينيا عربياً مسلماً.
تأسست في لوبية في العهد العثماني مدرسة ذات بناء حسن تابعت عملها في العهد البريطاني، وكانت صفوفها في العام الدراسي 1942 - 1943 إلى الصف الخامس الابتدائي.
وتمتاز لوبيا بموقعها الأثري الذي احتوى على “مدافن منقورة في الصخر، ومعاصر خمر، وصهاريج، وقطع معمارية، ونحت في الصخور”؛ وتقع على مسافة كيلومترين للشرق من لوبيا بقايا بناء لخان يعرف باسم “الخان” أو “خان لوبيا”، يحتوي على “أسس خان، وبركة متهدمة، وصهاريج، وآثار بناء مبني بالحجارة الكبيرة الضخمة، ويقع فوق هضبة”.
سقطت قرية "لوبيا" في تموز من عام 1948، وأخرج أهلها منها، ودمرها الصهاينة تدميراً كاملاً، وأقاموا على أراضيها.  في شباط من عام 1949 أُنشئت مستعمرة دعوها باسم “Lavi” (بمعنى الأسد).  كان فيها عام 1961م، 254 يهودياً.
وقرية لوبية في عيون أبنائها هي أجمل بقاع الأرض، كما تقول الشاهدة على النكبة (بهية عبدو رشدان)، التي غادرت القرية وهي في السادسة عشرة من عمرها.  وتضيف الشاهدة: بيتنا (أي بيت زوجي) كان ملاصقاً لبيوت الأقارب والجيران، وممن أذكرهم: دار ديب العبد الله، ودار أحمد الشناشري، ودار أهلي (عبدو الرشدان). كنا كلنا بجانب بعضنا؛ وما زلت أذكر باب بيتنا الخشبي، والبيت الذي تزوجت فيه، كان فيه قاع دار كبيرة (باحة الدار).
كانت علاقة أهل البلد بعضهم ببعض علاقة قوية ومتينة، وظهرت قوتها أثناء الثورة وأثناء المعارك مع اليهود والإنكليز، وبتعاملهم مع الثوار، وبالدفاع عن البلد؛ فقد التحق شباب لوبية بالثورة مبكراً، وكانت لهم مشاركات في عدة معارك، وخاصة معارك ثورة  الـ36 (ثورة القسام)، واستشهد منهم العديد، وجرح واعتقل العديد أيضاً.

و(زي) ما كانت علاقتهن ببعض (مليحة)، كانت علاقتهم مع القرى المحيطة أيضاً (كتير كتير مليحة)، وخاصة قرى: الشجرة، والمغار، وعرب المواسي، وعرب الوهيب، وغيرهم؛ وكان شباب لوبية يفزعوا (يناصرون) لهذه القرى في معاركهن ضد الإنكليز واليهود.
بداية المناوشات
وأذكر في إحدى الليالي؛ سمعنا صوت ينادي -وكان الصوت لناطور البلد- وأخذ يصيح ويقول بأمر من مخاتير البلد: أخرجوا النساء والأطفال من القرية، وخليهم يتوجهوا إلى قرية (عين آبون) على طريق فلسطين لبنان، وممنوع أي زلمة يطلع من البلد.
وعندما اجتمع أهل القرية؛ أخبرنا بعض الوجهاء أنه وصلتهم أخبار من بعض الجواسيس العرب عند اليهود بأن اليهود راح يهجموا الليلة على القرية.
وبالفعل انتشر الشباب والرجال على أطراف القرية واستعدوا لصدّ أيّ هجوم يأتي من قبل اليهود، وإحنا (النساء والأطفال) خرجنا على عين آبون، ونمنا (هذيك) الليلة هناك.  وصارت تلحقنا الأخبار من القرية، وسمعنا أنه اليهود هاجموا البلد وقتلوا حسن العبد واحتلوا بيته؛ رغم أنه كان عامل خندق حول البيت وقاعد فيه، وسمعنا أنه قتلوه بنفس الخندق؛ وجرت بين المدافعين عن القرية والعصابات اليهودية المهاجمة معركة قوية استمرت من المساء لثاني يوم الساعة 11 الصبح، بعدين انسحب اليهود.  وجاء رجل من البلد وقال ارجعوا على البلد لحتى تشوفوا مين استشهد ومين انجرح؛ لأنو اليهود طلعوا منها.
رجعنا على البلد ولقينا الشباب كلها منتشرة تحت الزيتون، وكان القتلى اليهود على الأرض وكان في شهداء من عنا أيضاً.  ويبدو أن المعركة كانت وجهاً لوجه.
جمعنا الشهداء من أبناء البلد، و(اجينا) بدنا نقبرهن؛ لكن المقبرة موجودة على تلة ومكشوفة لليهود، وإذا شافونا عمنقبرهن، راح يغافلونا ويقصفونا بالمدافع، أو ممكن يهاجمونا؛ فقرر رجال البلد إنو يقبروهن في المغر، وقريتنا (لوبية) كانت مليانه بالمغر القديمة اللي كنا نسميها مغر كفرية.  أخذنا الشهداء ووضعناهن بالمغر بلباسهن، بجنب بعضهم، في صف واحد، وأغلقنا تلك المغر.
وبعدين جمعوا القتلى اليهود واللي كان من بينهم مجندات يهوديات، كانوا لابسين خوذ على رؤوسهن.  وبعد ساعات قلائل؛ جاء أفراد من الصليب الأحمر يتفاوضوا مع رجال البلد؛ حتى يسلموهن جثث القتلى اليهود، وبعد مفاوضات معهن؛ ما توصلوا لحل؛ وخرجوا من البلد بدون الجثث.  طبعاً اليهود كانوا عم براقبوا بالنواضير من بعيد.  واحتار رجال القرية بتلك الجثث، وفي النهاية قرروا حرقها.  وجمعت النسوة أغصان الزيتون ووضعوهن فوق الجثث وتم إشعال النيران بها حتى احترقت.
طبعاً الشهداء كان أغلبهم من الحارة القبلية؛ لأن الهجوم الصهيوني كان من جهة تلك الحارة.  وبذكّر بهالمعركة استشهد ثلاث أخوة، وأيضا أخيهن وأبوهن، واستشهد زوج أختي، وابن عمي (سلفي) (أخو زوجي).  وبذكّر استشهد واحد من الحارة الشمالية من دار سلامة البراهيم.
وظلينا هيك (بين صدّ ورد) إحنا واليهود، وصامدين أمامهم مدة أربعة أشهر متتالية.
إرهاصات سقوط القرية
وبعدين عرفنا أنه سقطت صفد، وسقطت حيفا والناصرة، وقلنا: إذا هالمدن الكبيرة سقطت، واللي كان عندها سلاح كثير، وإحنا ما عنّا إلاّ كم بارودة ورشاش شو بدنا نساوي!.
وفي يوم، وبعد هالأحداث المتسارعة: بعث اليهود إلنا وطلبوا منا نسلم، فخفنا ينتقموا منا، وخاصة لا ذخيرة ظل مع الشباب، ولا مدد من أحد؛ فقررنا الخروج من البلد إلى عين آبون، وبالفعل، طلعنا  ونمنا ليلة في هذه القرية، ومن هناك أكملنا إلى الحدود اللبنانية، وكان طول ما إحنا ماشيين؛ الطيارة الحربية الإسرائيلية تلاحقنا؛ حتى دخلنا الحدود اللبنانية مع فلسطين؛ عندها عادت إلى الأراضي الفلسطينية.

التغريبة
وبهالطريق ياما شفنا مناظر أليمة كثير! (المرأة اللّي حاملة ابنها على كتافها؛ واللّي حاملة بقجة أواعي لولادها؛ واللي حامله خبز على رأسها؛ واللّي حافية، مناظر يمّا تدمي القلب. 
دخلنا الأراضي اللبنانية ونمنا أول ليلة بقرية "رميش".  أهالي المنطقة لم يتحمّلوا بقاءنا في أراضيهم؛ فاضطررنا إلى السير إلى قرية "يارون"، وصلنا هناك متعبين منهكين جوعانين، واسترحنا تحت شجر التين، وكانت ثمار تلك الأشجار تتدلى أمامنا؛ ولكن لم نستطع أن نأكل منها شيئاً؛ لأن نسوة القرية كانت ترقبنا وتشتمنا إن مددنا أيدينا لنقطف منها حبة واحدة.  كنا نقول لهم لا نريد شيئا إلاّ شربة ماء لهؤلاء الأطفال، فيبيعوننا طنجرة الماء بخمس قروش (أي بشلن)، فنطعم أولادنا خبزاً وماءً، وبقينا هناك شهر، خلالها لحق بنا الصليب الأحمر، وكان يوزعلنا الخبز والحلاوة.
غادرنا تلك المنطقة إلى منطقة "القرعون"، وركّبونا بالباصات كل أبناء قرية مع سوى بباص؛ فأبناء صفورية مع بعضهم؛ وأبناء لوبية كذلك؛ وهكذا؛ أقمنا فيها شهراً ذقنا فيه الأمرين.
بعدين أجا واحد من الشام من اللاجئين، وقلّنا: والله العيشة بالشام غير(أفضل)، وأهلها غير.  وحملنا حالنا ورحنا عالشام. كان ذلك في أوائل سنة 1949. ونزلنا في منطقة "المرجة" وسط دمشق، ولقيناهم ناصبين شوادر للاجئين، وبنفس الساعة؛ حطّولنا الأكل والشرب، وضيفونا ثلاث أيام.  بعدها قالولنا: بدنا نوخذكو على "النيرب" في حلب.  في ناس قبلت، وفي ناس ما رضيت تروح.  وإحنا ركبنا الحنطور؛ لأنو ما كان في سيارات وقتها، وقعدنا ندوّر وين في فلسطينية (فلسطينيين).  وبهذاك الوقت كان يبنو في الشام "مستشفى الغربا"، وكان بعدو على البلوك، وكان قاعد فيه بعض العائلات الفلسطينية.  وعلى باب هالمشفى شفنا واحد من بلدنا، هو "رشيد العايدي"، ونزلنا وقفنا عنده، وقَلّنا: وين رايحين؟ قلنالو: ما منعرف، في ناس راحت قعدت بالتكية السليمانية، وفي ناس راحت على الجوامع.  فقال لنا: تعالوا اقعدوا معانا.  وبالفعل؛ قعدنا في هذا المكان مدة سنتين، خلّفت فيهن ولادي (خالد، وعمر).

بعدين؛ تركنا المستشفى و(تشنططنا) بين الخشش والزقاقات.  وبالآخر؛ أخذنا غرفة مع حصيرة في منطقة "برزة"، وقعدنا فيها شهر.  وبعدين؛ طلعنا على منطقة "الشيخ محيي الدين" في حي الصالحية، واستأجرنا غرفة، واشترينا فرشتين، وتخت حديد، وخزانة حديد، وأقمنا هناك حتى عام 1956، انتقلنا بعده إلى مخيم اليرموك، وهناك عمرنا بيت، وصارت الوكالة توزعلنا "إعاشة"، وبدأت حياتنا تتحسن شوي شوي.
واليوم، وبعد هالسنين الطويلة ورحلة العذاب والشقا يقولولي: ترجعي؟ بقولهن: بَرجع وبَنصب خيمة فوق أرضي.  شقفة الأرض اللّي عنّا اسمها "أرض المعترضة" بتمتد من لوبية حتى طبريا.  ورغم العمارات اللّي عمرناها هون، وهالبيوت الحلوة؛ بلادنا وترابها أحلى وأغلى من كل إشي بهالدنيا.
حنين وأمل
أنا ما شُفت أرضي من يوم ما اطلعنا منها.  ومرة بنت ابني جابت شريط مصور للوبية، ولما شفته طار عقل راسي، وصرت ابكي وكأني اليوم مفارقة البلد؛ الوطن غالي يا ولادي، وبلادنا حلوة، أحلى من كل البلاد. ومثل ما عمرو ولادي بهالبلاد، راح يعمروا بأرضهن مثلها وأحسن منها إنشاء الله.
راح ترجع فلسطين؛ لكن لما تصير قلوبنا على قلب رجل واحد؛ لما نرجع إيد واحدة؛ ولما نحب بعضنا زي زمان؛ ولما أنا بقوى بأخوي، وأخوي يقوى فيّي؛ ساعتها مننتصر على اليهود.
 وإحنا لو خيرونا بلوبية بكل الدنيا ما مقبل إلا لوبية؛ هي بلدي، مش غيرها، حتى لو قالولي: ترجعي على الضفة الغربية، أو على غزة؟ ما برجع إلا على لوبية؛ رغم إنها أرض فلسطينية.
وبحب أقول: إنو فلسطين عمرها ما بتتحرر بالمفاوضات؛ لأنو هدول اليهود كذابين.  ما بتتحرر فلسطين إلا بحدّ السيف.  وحتى الزعماء العرب ما برجعونا لبلادنا؛ لأنو أصلاً هنّ اللّي سلّموها لليهود، كيف بدهن يرجعوها!.  وأخيراً نصيحتي لشبابنا إنو لا تخلو حدا يضحك عليكو، انتو اللي راح تحرروا بلادكو، مش غيركو. وعليكوا يا ولادي تتسلحوا بالعلم؛ لأنوا السبيل لتحرير بلادنا.  وأنا بقولكو: ما يحك جلدكو غير ظفركو.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:48 am

الحاجّة سعاد سليمان: هناك من باع فراش بيته ليشتري قطعة سلاح. لو ملأوا الدّار ذهباً مقابل ذرة من تراب حيفا؛ ما قبلت

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Alhajah-su3ad
 أحمد الباش/دمشق
"حيفا، تلك المدينة الفاتحة ذراعيها لكل الغرباء، كانت تقف شامخة أمام أمواج البحر العاتية، تصدها عندما تشعر بالخطر، وتحتضنها عندما كانت تأمن لها". بهذه الكلمات افتتحنا لقاءنا بـ"الحاجة سعاد سليمان، المقيمة مؤقتاً في مخيم العائدين في حمص- سورية" (كما يحلو لها أن تعرف نفسها)، مؤكدة أن الإقامة مؤقتة.
 البدايات
تقول الحاجة سعاد: سكنّا هناك في أحد أوديتها التاريخية والجميلة (وادي روشميا). كنا نعيش الأمن والأمان، وكنا نعرف أن للمرأة دوراً واحداً هو رعاية الزوج والأولاد، والقيام بخدمتهم وراحتهم؛ لكن الغرباء مثلما قتلوا طفولة الأطفال، قتلوا أنوثة النساء فينا؛ امتشقنا السلاح، وقمنا بالحراسة مثل الرجال في الليالي الظلماء، ودافعنا عن بيوتنا وعن أرضنا وعن عرضنا.
 وتتابع: جاء إليها الغرباء من أوروبا وأمريكا. أتوا  بأولاد وبنات بلا آباء ولا أمهات، قالوا لهم: إن آباءكم وأمهاتكم قتلهم العرب الفلسطينيون المسلمون؛ فربّوهم على الحقد والكراهية والعنصرية؛ وقد كانوا هم من قتل آباءهم وأمهاتهم. كل ذلك لكي يجلبوهم إلى أرض "العسل واللبن" (كما سمّوها).

وتقول: إني ما زلت أتذكرهم، حين كانوا يجمعونهم ذكوراً وإناثاً في غرفة واحدة، ويقتطعون لهم من أراضينا ويعطونهم إياها، على أنها أرض آبائهم وأجدادهم.  كنت في الثانية عشرة، أو أكثر بقليل، حين وقعت مجزرتا: "الحسبة" (سوق الخضار)، و"حواسه" في حيفا. 
المجازر
المشهد الأول كان في وسط مدينة حيفا: في أحد صباحاتها الجميلة؛ فرض الإنكليز واليهود حظر التجوال على سكانها لمدة ساعة فقط، امتدت من الساعة السادسة إلى الساعة السابعة صباحاً. أعطيت التعليمات بإطلاق النار على كل من يفتح باب بيته، أو حتى شباكه ليرى ما يُعَدّ لهذه المدينة الآمنة؛ كنا نسمع في الشوارع هدير الدبابات وسيارات نقل الجنود، وتمتمات لألسن غريبة. وبعد ساعة رُفع حظر التجوال، وأخذ الناس يتوافدون بكثرة على الأسواق.  دخل أبناء حيفا الحسبة، ليشتروا حاجاتهم اليومية. 
وعند السابعة والربع؛ أي بعد ربع ساعة فقط؛ تحول السوق ومن فيه إلى ركام وأشلاء ونهر من الدم يسيل في الشوارع؛ تفجير لم يسبقه تفجير بهذا الحجم في وسط المدينة. براميل مُلئت بالمتفجرات؛ الرؤوس والأيدي والأرجل تطايرت في كل مكان! الأحشاء تراها معلقة على أسلاك الكهرباء وتلتصق بالجدران؛ ومن بقي حياً، وقف مذهولاً أمام ما حدث، وأخذ يجمع الأشلاء وهو يصرخ.
 المشهد الثاني كان في حواسة (قرب حيفا)؛ حيث تسكن بعض العائلات الفلسطينية في بيوت من التنك، وكان بعض ملاك الأراضي في تلك المنطقة، يبنون البيوت البسيطة ويؤجرونها للعمال الذين جاؤوا من القرى والبلدات البعيدة عن حيفا: في ليلة ظلماء، تسلل بعض اليهود من عصابات "الهاغاناة" إلى تلك المنطقة، وأخذوا يذبحون تلك العائلات المسالمة بالسكاكين والسلاح الأبيض، فذهب ضحية ذلك العشرات.
النكبة
وبدأت أحداث 1948م، وبدأت معها المشاهد الفظيعة تتوالى. وكان العمال  يهوداً وعرباً  يشتغلون في الميناء، وكان الإنكليز يوقفون الباصات في الخارج، ويفصلون الركّاب اليهود، ويركبونهم في الباصات؛ بينما يركبون الركاب العرب في الشاحنات. 
وهناك؛ عند الميناء، كانت تحدث العديد من الحوادث بين أولئك العمال، حيث تبدأ بالحجارة، وتنتهي بالسلاح الأبيض والفؤوس وأدوات العمل. 
قسمت حيفا في تلك الآونة إلى قسمين: أعطيت المناطق المرتفعة لليهود؛ والمناطق المنخفضة للعرب.  وفي هذه المرتفعات انتشر القناصة اليهود، وبدأوا عمليات القتل والتنكيل بأبناء المدينة.
وأصبحت بعض الشوارع من الصعب المرور بها، وخاصة في الليل.  وأتذكر حادثتين جرتا في تلك الأيام العصيبة:
الأولى: جرت في حارة "الغزازوة" في "وادي روشميا"، حيث جلس ثلاثة قناصين يهود، وأخذوا يطلقون النار على كل من يمر في تلك المنطقة.  وبينما كان يمر بائع كاز وقاعد عم بنادي على الطنبر: كاز... كاز، وما شفنا غير أطلقوا عليه النار بالقناصة، يا حرام! إلا هو واقع على الأرض، والنساء صاروا بدهم يطولوه.  وكان كل واحد  يريد أن يطوله يطلقون عليه الرصاص.  بعد ذلك قامت امرأة قوية رجالية وزحفت زحف على الأرض على بطنها، وشدته من رجليه وسحبته، وأدخلته بين البيوت، وما بعرف شو صار فيه بعدين.
أما الحادثة الثانية: فكان في واحد حوراني حامل كيس الطحين، ونحنا وراء بيت عمي؛ ورايح ينقلوا من مكان لآخر، وقام القناصة أطلقوا الرصاص عليه، ولا هيّة جاي في عينه، يا حرام! وما بعرف مات ولا طاب. المهم: أسعفوه إلى المستشفى. 
في الطيرة

بعد تلك الحوادث المتتابعة، تركنا حيفا وذهبنا إلى قرية أبو كايد (زوجي) (قرية الطيرة) المجاورة، وقعدنا فيها حوالي الشهرين أو الثلاثة؛ وصاروا اليهود ينزلوا ويتسللوا علينا، ويرموا قنابل ويحرقوا ويفجروا البيوت المتطرفة في البلد؛ وصرنا ننام على شط البحر في بعض الأيام؛ لأنه كان هناك بعض المعسكرات للجيش الإنكليزي.
 كان زوجي يعمل سائق سيارة، ينقل الخضار والفواكه من القرى إلى المدن الفلسطينية.  وفي الطيرة؛ وجدنا الأهالي يعدون العدة للتصدي لليهود الصهاينة.
وكنت أنا منذ صغري (عفريتة)، قوية القلب، جريئة، لا أخاف؛ لذلك، أخذت أساعد أبو كايد في تهريب السلاح للقرية. وكنت ألبس لباس أهل المدن، وأخبئ السلاح، مثل: الرشاش أبو ستة وثلاثين طلقة، تحت ملابسي (تحت الكبوت)؛ فلا يفتشونني، ويكتفون بتفتيش أبو كايد (زوجي).  كان إقبال الناس على السلاح كبيراً، "وأذكر والله العظيم إنو في ناس باعت فراش بيتها؛ حتى تشتري قطعة سلاح".
 تهريب السلاح والتدرب عليه:
 كان بعض الشبان يذهبون لشراء السلاح من مناطق بعيدة عبر الجبال مشياً على الأقدام، وكان أبو كايد يعلمني على السلاح كلما كان يأتي من عمله؛ وعندما يسافر بسيارته عدة أيام؛ كنت أتدرب وحدي، فأضع تنكة بين الأحجار، وأرسم عليها دائرة ونقطة في وسطها، وأطلق عليها من المسدس الذي كنت أحمله. وكنت أعرف أضرب على البارودة، وعلى الرشاش كمان، وكنت أعرف أستخدمه منيح؛ بس كانت البارودة تهدلي كتفي عندما أطلق الفشكة منها.
  أعطاني أبو كايد المسدس مع 15 فشكة، وأعطاني معه مخزنين رصاص؛ وكنت أيامها أطلع حرس في الليل، وأقول لأبو كايد: "روح نام، وأنا بوقف حرس محلك؛ من شان تروح على شغلك الصبح".  وكان يوصيني عندما يذهب الصبح ويقول لي: "ضعي المسدس يا مرة تحت المخدة، وكوني حذرة؛ لأن اليهود يأتوا في الليل مثل الحرامية، ويتسللوا للبيوت ويقتلوا من فيها".   
لقد جعلتنا تلك الأوضاع في بلادنا كالرجال، وقد شجعنا ذلك حين كنا نرى اليهوديات في حيفا يجلسن وراء الرشاشات، مثل الرجال وندرك أننا لسنا أقل منهن شجاعة.
وفي حادثة لا زلت أذكرها حول تهريب السلاح: حصلت مع شخص اسمه "سرور" من حيفا ، وكان مرة مهرب السلاح مع الخضار مع سيارتين أخريات؛ وكان السلاح جاي من سورية وقتها، عن طريق عكا- حيفا؛ وكان هناك عملاء؛ ففسدوا عليه، فأوقف اليهود والإنكليز السيارات وفجروهم بحمولتهم.
 وطلعنا من البلاد بعد ما قصفوا الطيرة بالطيران، والمدفعية، ومن البحر بالزوارق، وتشردنا وذقنا مرارة فراق الوطن، لحتى وصلنا على هالبلاد في هالمخيم.
 في انتظار العودة
واليوم، بعد ثلاثة وستين سنة، ما زلت أنتظر أي لحظة لأرجع فيها إلى مدينتي، وإلى قرية زوجي وأولادي وأحفادي، ومستعدة أن أنصب شادر وأقعد هناك.  أريد أن أشم رائحة التراب يلّي ريحته عطر، ويلّي ريحته بتشرح القلب، ويلّي ارتوى بدم أولاد شعبنا؛ هذا التراب اللي لما كنا نمسكوا نلاقيه رطب، وإن كان بعز الصيف؛ الندى يلي كان ينزل من الزرع في الصباح يعبي أواعينا (ثيابنا) ميّ. بلادنا يا يمّا حلوة ما في زيّها بلاد. 
وأنا بقول للي بقولوا: إنو ارجعوا على الضفة أو غزة أو توطنوا بالبلاد اللي انتو فيها، أنا بقُلّْهم: بلدي حيفا وبلد زوجي وولادي الطيرة، وأنا بدي أرجع عليها، مو على غيرها. 
وأنا بسأل: كيف المسلمين  لليوم ساكتة ولا بتتحرك؛ واليهود عم يهدموا مقدساتنا ويمحو تاريخنا؟ أنا اليوم لما بتذكّر بلادنا وحياتنا فيها بَصْفُنْ، ولما بشوفها على التلفزيون ببكي.  والله لو ملأوا الدار هذه كلها مال وذهب مقابل ذرة من تراب حيفا ما  ببيعها؛ بلادنا غالية علينا. 
ومثل ما إجت ساعة وقالوا لنا: امشوا اطلعوا؛ الله -سبحانه وتعالى- قادر في نهار وليلة يقول لنا: ارجعوا لفلسطين لبلادكو، والله قادر على كل شي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:49 am

الحاجة فاطمة أرشيد من عرب المواسي: العصابات الصهيونية قتلت أبي، واثنين من أشقائي، وزوج أختي، وابن عمي

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Fatemah-ershaed
تم اقتيادهم من المنازل وأعدموهم دون أي رادع، وادعوا بأن المواطنين في عرب المواسي يخبئون الأسلحة لدعم جهات معادية؛ أهالي القرية أعلنوا استسلامهم ورفعوا الإعلام البيضاء؛ إلا أن الجيش الصهيوني رد بالسلاح والرصاص والقتل والدماء.
في المقبرة الإسلامية، وقبالة اللوح الرخامي المنصوب على القبر الجماعي لشهداء المواسي الـ 15، وقفت سيدة في السبعينات من عمرها، وحيدة بين الرجال، والدموع تتجندل من أعلى خديها؛ وكلما ذكر الشيخ أسماء الشهداء، أشارت إلى صدرها قالت: هذا أبي، ومن ثم تنهدت ومرة أخرى قالت: هذا أخي، ومرة ثالثة وشهقت نفسها وصفعت صدرها وقالت: هذا أخي، ومرة رابعة وتنهدت وقالت: هذا ابن عمي.  وأنصت الجميع من حول النصب التذكاري؛ لنسمع ما تقول، ولنعرف ما معنى "أبي وأخي مرتين، وابن عمي" فكان جوابها، وهي تكفكف دمعها:" أنها فاطمة عطية أرشيد، كيف لا يمكن لي أن أبكي، وقد شاهدنا شباب عائلتنا وهم جثث على بعضها، وقد قتلوا بدم بارد! فيومها كنت أبلغ من العمر 11 عاماً، وقد جمعوا الشباب الذين تواجدوا في البيوت واقتادوهم إلى مكان لم نعرفه، فما كان منا نحن الأطفال إلا الصراخ والبكاء؛ وكنا نسمع عن القتل والمجازر التي يتناقلها الناس من بلد إلى بلد.
في ليلة 3 تشرين ثاني؛ لم يعد أي من الشباب الذين غادروا المضارب، حتى علمنا فجر اليوم التالي أن الصهاينة قد أعدموهم بدم بارد، واتهموهم أنهم يساعدون المتمردين الفلسطينيين، ورفضوا التعاون مع اليهود؛ وقامت أمي بجمعهم وطلبت المساعدة من النساء، ودفنوا الشهداء قرب "مغارة عين ناطف" (في سهل البطوف)، وليتبين فيما بعد أن أحدا تواجد بين المجموعة؛ إلا أنه موه الجنود بأنه قتل، واسمه "سعد المواسي"؛ وبعد أن غادر الجنود؛ خرج وهو ينزف، وأكد أن الابن "معجل العطية" قد طلب من الجيش بإطلاق سراح والده (عطية حمود أرشيد) فرفضوا وقتلوهم جميعاً.
وقبل 15 عاماً قمنا بنقل رفات وعظام الشهداء بكيس، وأحضرناهم ودفناهم في قبر واحد، وأقمنا النصب التذكاري عليهم، وأوصت والدتي أن تدفن هي الأخرى بجانب والدي وشقيقَيّ (معجل، ومقبل)، وابن عمي (صالح عبد الله أرشيد)، ونايف أسعد عيسات (زوج أختي)، وهذا ما كان؛ فقد دفنا والدتي بجانب زوجها وابنيها ونسيبها".
 
وتقول فاطمة عطية حمود ارشيد: "الشباب لم يقتلوا أحداً، ولم يفعلوا شيئاً، سوى أنهم عرب وفلسطينيون، تم اقتيادهم من المنازل، وأعدموهم دون أي رادع، وادعوا بأن المواطنين في عرب المواسي يخبئون الأسلحة لدعم جهات معادية؛ وكانت البلد قد رفعت الإعلام البيضاء؛ دليل الاستسلام. 
 وعندما دخلها الجنود؛ ظن الجميع انهم سيحترمون ذلك؛ إلا أنهم سرعان ما جعلوا عليها طوقاً وبدأوا بتلاوة أسماء عدد من البلدة، كان بينهم أفراد عائلتي: والدي، واثنين من أشقائي، وابن عمي، وزوج أختي، واحد عشرة آخرين من العشيرة؛ واقتادوهم لجهة لم يعرفها أحد؛ ولم يعد منهم إلا "سعد المواسي"، الذي اخبر الجميع عما حدث معه، وكيف أنه ألقى بنفسه أرضا وكتم نفسه؛ بالرغم من إصابته، وبقي كذلك حتى جن الليل، وغادر الجنود المكان، ليحدث بأن الجنود أوقفوا الشباب صفاً واحداً وأطلقوا النار عليهم من الرشاشات.
وفي ليلة الخاتم من شهر تشرين أول؛ تم تجميع أهالي بلدة "عيلبون" في ساحة الكنيسة بالبلدة القديمة، بعد أن طلب منهم الجنود التجمع.  وهناك تم طرد أهل البلدة جميعاً نحو الشمال؛ وبالمقابل كانت صرخات الأطفال تتعالى خوفاً، والنساء في حالة من الذعر من الموقف، وأبقوا على عدد من الشبان. 
وبعد مضي فترة من الوقت؛ بدأوا باستدعاء الشبان، كل ثلاثة منهم على حدة، وإطلاق النيران عليهم من قبل قائد الكتيبة ليردي 14 شاباً.  وحينها؛ كان الشبان الآخرين يسمعون الطلقات النارية، ولا يعرفون ما الذي يجري، ولم يعرف المهجرون شيئاً عن أبنائهم إلا بعد مضي وقت طويل ووصولهم إلى لبنان، فلم تتجاوز فترة التهجير تلك إلا عدة أسابيع بعد أن تدخلت جهات دولية، وتمت إعادة أهل البلدة إلى  موطنهم.

الحاج مسعود مواسي
     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Mas3od-mowasi

 
 
ويقول مسعود عطية المواسي: إن السبب الذي تذرع به اليهود باقتحام عيلبون وعرب المواسي، هو أن هناك من قام بقتل جنديين من العصابات اليهودية.
 وبعد هذه المعركة سقطت عيلبون؛ فقامت سرية من المشاة بجمع سكان عيلبون؛ بتهمة قتل الجنديين من العصابات الصهيونية. وكانت بين القوة التي احتلت عيلبون، جندية قتل شقيقها في المعركة؛ فطلبت أن تنتقم لمقتل الجنديين، واحدهما أخاها؛ فقتلت أكبر عدد من العرب، تمكنت منهم (وعددهم 14 شاباً من عيلبون، كان من بينهم محمد الأسعد من حطين المجاورة)، ولم يكتفوا بقتل الـ 14 شاباً؛ بل ألقوا القبض على شباب من المواسي، واتهموهم بالتعاون مع "جيش الإنقاذ" ومساعدتهم بقتل الجنديين اليهوديين؛ فاعتقلوا 16 شاباً واقتادوهم لجهة مجهولة وأجهزوا عليهم، ما عدا واحد فقط (الذي استطاع الهرب).
 ويؤكد عطية المواسي أن الجنود ادعوا أنهم فتشوا بيوت العشيرة، ووجدوا عند عطية الحمود ذخيرة الجنديين اليهوديين اللذين قتلا في اشتباك مع جيش الإنقاذ (وهذا السبب في قتلهم إياه، وابنيه (معجل، ومقبل)، وهي قصة كاذبة تم ابتداعها؛ بهدف الانتقام من عرب المواسي، لدعمهم جيش الإنقاذ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:50 am

الحاجة فاطمة الخضراء: الأمل موجود وكبير، فلسطين راح ترجع

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Fatemah-alkhadra
 أحمد الباش: دمشق 
بكلمات عامية بسيطة، عبّرت الحاجة فاطمة الخضراء، ابنة صفد، عن أملها الكبير بالعودة إلى فلسطين.  التقيناها في مخيم اليرموك حيث تعيش مؤقتاً بانتظار تحقق الأمل والحلم الذي راودها منذ خروجها من فلسطين؛ فكان هذا اللقاء الذي حاولنا ألا نغيّر في كلماته البسيطة والعامية. 
  
صفد وحاراتها 
حارات صفد عديدة و(كتيرة)، وكانت كلها مرصوفة بالحجر. وهذه الحارات هي: حارة الألعة (القلعة)، وحارة الصواوين، وحارة الجورة، وحارة الأكراد، وحارة الوطا، وحارة السوق، وحارة النصارى.  وكنا إحنا ساكنين بحارة الصواوين؛ بالإضافة إلى هذه الحارات؛ كان يوجد عندنا حارة تسمى "حارة اليهود"، وهي حارة قديمة، سكانها من اليهود الفلسطينيين، وكانت حارة كبيرة، وكانت علاقتنا مع أبناء هاي الحارة (منيحة)، ومثل كل الحارات الأخرى؛ وكنا نشتري من دكاكينهم ويشتروا من دكاكينّا.  وكان اليهود في صفد مشهورين ببيع القماش والملاحف والألبسة، وحتى تجهيز العروس كنا نجهزها من عندهم؛ لأنو كنا نجد كل شي عندهم.  ووصلت علاقتنا فيهن لدرجة إنو واحد من بيت سعد الدين تجوز يهودية من تلك الحارة، وكانت تعمل خياطة، وبعد ما تجوزها أسلمت؛ فكانت صفد مثالاً للتآخي بين كل الأديان.  
وأذكر أن عمي العبد كان محبوباً لدى اليهود، وكانوا يكنّون له كل الاحترام، لأنه كان ما يفرق بين الفلسطينيين من مسيحيين أو يهود أو مسلمين.  وكان اليهود يشتكوا عنده على اللي يؤذيهم، وكان يحق الحق؛ وكان اليهود عندنا يتكلموا العربية مثلنا، وما سمعتهم ولا مرة بتكلموا غير ذلك.
وعد بلفور المشؤوم
لكن من يوم ما أعطاهم هالغدّار (بلفور البريطاني) الوعد، بأن يحتلوا فلسطين؛ بلّشنا (بدأنا) نشوف وجوه غريبة في بلادنا.  طبعاً، شعبنا رفض وعد بلفور، وبدا يقاتل الإنكليز واليهود اللي عم بيجو (الذين بدءوا بالهجرة) على فلسطين؛ وفي عام 1929 قامت ثورة، واستشهد فيها من صفد: فؤاد حجازي، ورفقاته (عطا الزير، ومحمد جمجوم)؛ وثارت وقتها صفد وهاجموا على أثرها حي اليهود؛ وأصيب عمي (أبو زوجي) بطلقة إنكليزية في فخذه في الشريان (الثخين) وظل ينزف يوم وليلة، وما قدروا أهلنا يسعفوه؛ لأنو ممنوع التجول، وممنوع يتعالج في المستشفيات؛ لأنو يا بيعتقلوه يا بيقتلوه؛ وظل في البيت حتى فارق الحياة (كما رووها لي أهلي).  ولما مات؛ إجو بدهن يدفنوه، ما استطاعوا يدفنوه بالمقبرة الجديدة؛ لأنو ما كانوا يقدروا يوصلوها؛ فدفنوه فوق والده في المقبرة القديمة.
وتطورت الأحداث بعدين؛ ومرة كنت في المدرسة، وحصلت اشتباكات بين العرب من أهالي صفد وعصابات اليهود المدعومين من الإنكليز؛ فلم نكن نستطيع العودة إلى بيوتنا، إلا ومعانا الشرطة اللي وصّلت كل طالب أو طالبة لحاراتها وبيتها.
 بهالفترة كان الحي اليهودي في صفد قد امتلأ بالمقاتلين اليهود، وتحصنوا (منيح)؛ وكانوا عاملين في بيوتهن طاقات ومنها يقنصوا الفلسطينيين، وكانوا عم بعدّوا حالهم للمعركة الكبيرة.
 قرار التقسيم
بعد قرار التقسيم عام 1947؛ هجم أهل صفد على الحي اليهودي؛ رداً على القرار؛ ومن يومها أخذ أبناء صفد يتسلحوا (كتير)، وصارت في عنا حراسات بالليل والنهار.
 في نيسان عام 1948، سمعنا عن "مجزرة دير ياسين"، والفظائع إللي قاموا فيها العصابات الصهيونية بالقرية.  وبصفد بعد هذه الأخبار؛ بدأت معنويات الناس تنهار، وبدا العجز ظاهراً على وجوه الناس.
والسلاح بذكر لما كان يجينا بتكون البارودة فرنسية، والطلقات إنكليزية؛ أو يبعثولنا بواريد إنكليزية والطلق فرنسي؛ وتصبح البارودة كالخشبة بإيد المدافع عن المدينة، إضافة إلى الفشك الخربان (الفاسد).
وصار الناس يقولوا: شوفوا اليهود صار عندهن طيارات ودبابات وأسلحة كتير، وإحنا ما عنا غير هالبارودة. شو بدها تساوي؟  أخوتي كان عندهن بارودة واحدة يداولوها بينهن، والفشك اللي عندهن خلص. وبدأ الناس بعد هالمجزرة تخرج من المدينة.  وبذكر يوم ما طلعنا؛ كانت الدنيا برد، وكنت لابسة فستان صوف اشتغلتوا على إيدي، وكنت لابسة الملاية الصفدية، والعباية تبع جوزي (أبو سمير)؛ وهدول الأواعي (الألبسة) اللّي طلعت فيهن من فلسطين وطلعتهم معي من صفد.  وكنت أقول لجوزي: بس لو أطلعلي غيار واحد مع اللي لابسيتهن. يقولّي: شو... إحنا رايحين نشم الهوى! إحنا طالعين يومين وراجعين، ولا توخذي شي معاكي. حتى بذّكّر إنو قلينا السمكات وحطيناهم   بالنملية (خزانة الأكل)، وما خلاني جوزي أطلِع حتى الأكل معي.
التغريبة:
وطلعنا من صفد: أنا، وجوزي، وأخوته؛ وظلت هناك خواته الثنتين وأولادهن وأمه.  ومن صفد طلعنا على قرية السموعي، ونمنا ليلة فيها، وكانت القرية عالية ومشرفة على حارة اليهود بصفد.  وكنا نشوف حارة اليهود وهي ضاوية وكأنها نهار؛ بينما نحن قطعت الكهرباء عندنا.
وفي صباح اليوم التالي؛ طلعنا بالسيارات على منطقة "بنت جبيل" اللبنانية، ومنها إلى قرية "خان أرنبة" الموجودة في الأراضي السورية، وهناك كان أبو سمير (جوزي) بعرف واحد من بيت (مريود)؛ فسأل عنو رجل من بيت السعدي من القرية، وأخذنا الرجل، وما رضي إلاّ ينزلنا عندوا، وكنا بالسيارة وقتها؛ ثلاثين شخص (نسوان، ورجال، وولاد)، وكلّنا من بيت الخضراء؛ وكان في ورانا (خلفنا) سيارتين أخريات، وبتنا (ونمنا) بـ"خان أرنبة" ليلتين؛ وبعدين راحوا رجال العيلة، واستأجروا بيوت في مدينة القنيطرة، وراحوا سكنوا هناك، وبقيت أنا وأبو سمير بخان أرنبة؛ لأنو صحابه ما خلوه يروح؛ وبقينا هناك حوالي أسبوع؛ وبعدين جاء أخوي وأخذنا على القنيطرة، واستأجرنا هناك غرفة، وقعدنا تقريباً شهر؛ وبعدين الحكومة السورية قالت إلنا: كلّ اللاجئين لازم ينزلوا عالشام، وإجينا وقتها على "دوما" في ريف دمشق، وأعطونا بيوت هناك وقعدنا فيها قرابة سبع سنين.
 بعد رحلة العذاب؛ حصل أبو سمير على سفرة على السعودية، ورحنا أنا وإياه، وقعدنا خمس سنين. رجعنا بعدها لدوما، وسجلنا أسماءنا بوكالة الغوث (الأونروا).
الحنين إلى صفد
وبعد هالعمر، وبعد ثلاثة وستين سنة من التعب والشقا والعذاب والتشرد والقهر، بعد كل هذا؛ ما زلت أحنّ لصفد، أحنّ للبيت الذي خرجت منه، واللي عمروا ما راح من بالي، بتذكروا وكأنه قدام عيني، الغرفة اللي كانت أكبر من غرف اليوم بثلاث مرات، وبتذكّر الشباكين وتحتهم المصطبة اللي كنا نجتمع عليها عند العصر وعند غروب الشمس ونسهر تحت ضو القمر، ونشم هوا بلادنا.
صحيح زي ما خبرنا ابن أخت زوجي: إنو اليهود هدموا بيتنا؛ لأنو عمي كان مع الثوار واستشهد معهم؛ لكن بدي أرجع لو أعيش فوق الركام؛ وأعيش وأنصب خيمة بأرضي، ولا أظل بهالبيوت.   يوخذوا كل هالبيوت اللي صارت عنا بهالبلاد، بس يرجعوني على صفد. على صفد مش على غيرها، على حارة الصواوين، على أرض بيتنا اللي هدموه.
بلادنا يابنييّ حلوة! ياريت نرجعلها اليوم قبل بكرة، هاي فلسطين بلادنا، نولد فيها أجدادنا وأبو أجدادنا منذ انخلقت هالدنيا.  بدنا نرجع كل واحد على مدينته وقريته وحارته. 
وبالنهاية؛ قد ما طالت بدها ترجع بإذن الله، يا بنيّي، ليش بدها ترجع؟ لأنو الله وعدنا إنو ترجع، وهذا مكتوب بالقرآن في سورة الإسراء. بقول رب العالمين: وإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم، (بقلهن لليهود) وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة، وليتبروا ما علو تتبيرا. صدق الله العظيم. راح ترجع لما الله يريد؛ وإحنا علينا نستعد ليوم الله ينفّذ إرادته بهاليهود. والأمل موجود وكبير. راح ترجع فلسطين؛ لكن إذا أنا ما رجعت وقدرت أشوفها، أكيد أولادي أو ولاد ولادي، يشوفوها.
راجعين بإذن الله
وكلمة أخيرة بوجهها لكل أولاد شعبنا: عليكو يا ولادي بالعلم، والشهادات الكبيرة؛ علشان تعرفوا شو صاير بالدنيا، تعرفوا كيف راحت فلسطين وكيف بدها ترجع، وكيف بدها تتحرر؛ وعليكو تتمسكوا بدينكو وببلادكو؛ لأنو ربنا راح يدلكو على الطريق الصحيح.
وأُنهي كلامي برسالة بعثها واحد صفدي من أصدقاء زوجي لزوجي قال فيها:
كتبت كتاب الشوق مني إليكم
 ويوم فراقكم ياما بكينا
 ويوم فراقكم صعبٌ علينا
 ويا فرحي إذا فيكم لقينا
 قلت: يا فلسطين أين أهلك غدوا
 قالوا: في سوريا صاروا لاجئينا
 قلت: يا دار أين المنتهى قالت
 عندما يريد رب العالمينا
 سألت الله يجمعنا بكم
 ونبقى في محل واحد يا ربي ساكنينا
 وتمحي من الخارطة يا ربي اسم "لاجئينا"
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:50 am

خميس جرادات غادرت فلسطين جسداً بلا روح

      قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Khames-jaradat
فايز أبو عيد – دمشق
الشوق، الحنين، عشق الوطن، الغربة؛ هي عناوين لا يمكنك تجاوزها وأنت تحاور من أدمن حب فلسطين حتى باتت تعشّش في ثنايا شرايينه؛ هي خبزه اليومي.  محال أن يمر يوم دون أن يبكي على ضياع الأرض والوطن.  إنه اللاجئ الفلسطيني ابن قرية "الزنغرية" (خميس جرادات) (أبو غصاب)، من مواليد عام 1933، الذي خرج من بلده مكرهاً، ولكن قلبه بقي معلقاً بها.
أبو غصاب كان لنا حديث معه عن شوقه وحنينه للعودة إلى الوطن:  بعد غربة دامت أكثر من أربعة وستين عاماً؛ أصبح هذا الفتى شيخاً، لكن صورة وطنه لا تزال ماثلة أمامه، وحلمه بالعودة إلى فلسطين ما فتئ يكبر يوماً بعد يوم.
الرحيل
حب الإنسان لوطنه لا يعادله شيء في الوجود، وقد لاحظت ذلك من خلال حديثك عن يوم هجرتك من فلسطين، كنت تتمنى الموت قبل أن تجبر على مغادرتها، حبذا لو تحدثنا عن يوم رحيلك عن أرض الوطن.
لا أدري ماذا أقول؛ فلساني عاجز عن وصف تلك المشاعر والأحاسيس التي راودتني في تلك اللحظات؛ فعندما غادرت فلسطين، غادرتها جسداً بلا روح؛ لأن روحي تركتها تهيم في محراب عشقها.  خرجت منها وأنا لا أعرف بأي اتجاه أسير.
كنت بين الفينة والفينة؛ أنظر خلفي لأرى فلسطين تغيب عني شيئاً شيئاً.  في ذلك الوقت؛ خالجني إحساس بالمرارة والغربة، وشعور بالذل والهوان، كان الموت عندي أهون من أن أخرج من أرض الوطن ذليلاً مكسور الجناح، لقد كان يوم خروجي من فلسطين من أقسى أيام حياتي على الإطلاق، ما زالت صورته تلوح أمامي ولا تفارق خيالي.
الغربة
الإنسان من دون وطن وعائلة ينتمي إليها، لا يمكن أن يحيا بسلام وأمان؛ فهل تحدثنا عن غربتك خارج وطنك؟
"من لا وطن له لا حياة له"، بهذه العبارة يمكن أن ألخص لك غربتي خارج وطني؛ دائماً يشعر الإنسان خارج وطنه بأنه مسلوب الحرية، يعيش على الذكريات والشوق والحنين، هذا الحنين إلى الوطن، يبقى مثل نار متقدة داخل الإنسان، لا يطفؤها إلا بعودته إلى وطنه وبيته وأرضه.
فأنا، بعد مرور أربعة وستين عاماً على مأساتي، التي تمثلت بخروجي من فلسطين، لا أعرف معنى الاستقرار؛ لأن استقراري الوحيد هو في عودتي إلى أرض الوطن؛ وغير ذلك أعدّه ضرباً من المحال. 
واأسفاه على كل ورقة زيتون لم ترها عيني قبل خروجي من وطني، وعلى كل عشبة، وحجر، وكل شجرة لم أتلمسها بيدي قبل مغادرتي فلسطين. فعندما أعود (وأقول أعود رغم كبر سني؛ لأن الأمل يراودني بأن العودة قريبة)؛ فإنني سأعانق جميع الأشياء فيها؛ لأنها جزء من دمي وكياني وحياتي.
الحديث عن الوطن له نكهته الخاصة؛ والحديث عن هجرة الوطن حديث له طعم أشد مرارة من طعم الحنظل؛ لأن الإنسان عندما يتذكر وطنه يتذكره بكل ما فيه من حلاوة ومرارة، يتذكر وديانه وسهوله وجباله؛ وهذه الذكريات لا يمكن محوها من الذاكرة، فمن هنا يأتي طعم المرارة والعلقم.
النهوض مرة أخرى
العزيمة والإصرار هما الدافعان إلى تحمل أية محنة مهما كانت.  وعلى هذا الأساس كان الشعب الفلسطيني يقاتل عدوه؛ ولكن هذا القتال في البداية لم يكن منظماً؛ وإنما جاء بدافع حب الوطن، فهلا تحدثنا عن بدايات الثورة الفلسطينية.
العواطف الجياشة، وحب الوطن، والحماسة هي الدوافع الأساسية التي كانت تحرك الشبان الفلسطينيين لقتال العدو الصهيوني.
 رغم الأسلحة الخفيفة وغير المتطورة التي كنا نحملها، إلا أننا كنا نقاتل عن جيش كامل، ويكفي أننا كنا نحمل في داخلنا حب فلسطين.  وهذه العزيمة والإصرار على القتال لم يكونا ليحميانا من اختراقات العدو الصهيوني لصفوفنا؛ لأننا كنا نقاتل بالحماسة لا بالتنظيم؛ فكل جماعة كانت تقاتل العدو وحدها تريد أن تخرجه من أرض فلسطين.  بهذه الروح والعواطف كان الشاب الفلسطيني قد بدأ ثورته، وهذه الثورة حققت في ما بعد له عدة مكاسب، وكان أولها اعتراف العالم بالقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني.
الغربة والجيل الجديد
برأيك، ما مدى ارتباط الأجيال الجديدة، التي ولدت خارج فلسطين بأرضها؟
إن ارتباط الأجيال الجديدة بوطنها يقع على عاتق الأهالي؛ لأن الأهل وحدهم قادرون على غرس حب الوطن في قلب الطفل منذ ولادته، وبدورهم يعلمونه القيم العربية الأصيلة والروح الثائرة على العدو.  على هذا الأساس، كان للتوعية المنظمة دور مهم في تحديد اتجاهات الشباب وميولهم؛ فأنا وصلت إلى درجة اعتقدت فيها أن الشباب الفلسطيني في هذا العصر لا يعرف ماذا يريد، وأنه قد ابتعد تدريجاً عن قضاياه الوطنية، وعزوت السبب في ذلك إلى تلك الطفرة التقنية والتكنولوجية التي باتت سمة العصر؛ لكن هذا الاعتقاد زال تماماً؛ بعد أن شاهدت بأم عيني ماذا فعل هؤلاء الشباب في مسيرة العودة الأولى والثانية، التي قدموا فيها أرواحهم رخيصة من أجل العودة إلى تراب فلسطين.  وأنا أقول لك بكل ثقة: بأننا بتنا للعودة أقرب من أي وقت مضى؛ لأننا أمام جيل أثبت أنه متمسك بحقه في العودة إلى فلسطين، مهما كلفه ذلك من تضحيات.
الداخل والخارج
في هذا الإطار، ما هو التعاون الذي يمكن أن يكون بين شعبنا في داخل الأراضي المحتلة وخارجها، لنتمكن من طرد الكيان الصهيوني؟ 
إن مقولة "شعب الداخل"، و"شعب الخارج"، هذه مقولة غير مقبولة؛ لأننا شعب واحد، مهما اختلفت الأوطان التي نعيش فيها حالياً، فالجميع يحمل المصير نفسه، وينتمي إلى فلسطين؛ فهذه العبارة قيلت؛ حتى يفصلوا القضية عن محورها الأساسي.
أما في مجال التعاون مع أهلنا الذين يعيشون داخل الأراضي المحتلة، والذين يعيشون خارجها؛ فيجب على كل فرد أن يشارك ويسهم ويقدم روحه في سبيل تحرير هذه الأرض المقدسة.  وهذه التضحية لا تأتي إلا من طريق التنسيق والتعاون المنظم ما بين الداخل والخارج؛ فالمطلوب من أبناء الشعب الفلسطيني الآن، التكاتف والتلاحم ونبذ الخلافات وتوجيه بوصلتهم نحو كيفية العمل على مقاومة هذا الغاصب بكل الطرق والأساليب، لتعريته أمام العالم، ومن ثم طرده من فلسطين.
حلم العودة
يبدو أن فلسطين بالنسبة إليك هي امتداد لأحلامك وآمالك التي هي جزء من آمال الشعب الفلسطيني وأحلامه، وهذا ما ظهر جلياً من خلال مشاركتك في مسيرة العودة الأولى والثانية، فما هي كلمتك للحالمين بالعودة إلى أرض الوطن؟
فلسطين تعيش في عقلي ووجداني، لم أنسها يوماً قط؛ فمن عاش فيها يعرف ما تعنيه كلماتي.  أتمنى أن أعود إليها، وأعيش ولو في ظل حجر من أحجار قريتي (الزنغرية).  أتمنى أن ألمس تراب فلسطين وأتنسم هواءها؛ ففلسطين تسكن بداخلي، وتشكل لدي هاجساً دائماً؛ فهي حاضرة في كل أحاديثي وحركاتي وتصرفاتي؛ لذلك، عندما علمت بأن هناك مسيرة للزحف إلى حدود فلسطين؛ لملمت بعض أغراضي وأشيائي، وحملت مفتاح بيتي وكواشين أرضنا في الزنغرية، وذهبت، رغم مرضي، مع الزاحفين للمشاركة في مسيرة العودة الأولى يوم 2011/5/15، ودخلت مجدل شمس؛ والثانية يوم 2011/6/5، وكلي أمل بأن أعود إليها.  وعندما وصلنا إلى أرض الجولان تنسمت هواء فلسطين، وعادت بي الذكريات إلى أجمل أيام عشتها فيها، ولم أدر بنفسي إلا وأنا مع هؤلاء الشباب نقتحم الحدود، ونقتلع السياج الشائك، ونتصدى لرصاصات هذا الغاصب اللعين بصدورنا، وكأننا بعثنا من الرماد المحترق عنقاء جديدة يجمعنا حب فلسطين، ويوحدنا أمل العودة إليها، وكأن لسان حالنا يقول للعالم: إن من كان له أذنان فليسمع؛ ومن له عينان فليرَ؛ فنحن عن حق العودة لن نتخلى، وبكل ذرة من تراب فلسطين متمسكون.
أخيراً أقول: إن من عاش في فلسطين وتنسم عبق أرضها وبياراتها،لا يمكن أن ينساها أبداً؛ فأنا رغم مرور أربع وستين سنة على اغتصاب فلسطين، عندي يقين تام بأن فلسطين ستعود إلينا؛ ولهذا تركت وصيتي لأولادي وأحفادي بأن أدفن في تراب فلسطين؛ أو أن ينقلوا عظامي إليها ويدفنوها في قرية الزنغرية عندما تتحرر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:51 am

محمد يوسف محظية: أتمنى أن أرجع إلى قريتي )الملّاحة(، ولو زاحفاً، وحتى لو افترشت الأرض والتحفت السماء

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Mohamad-yousef
 أحمد الباش - دمشق
لم تغب عن باله يوماً؛ فهي حاضرة في وجدانه وفكره؛ يحدث عنها في حله وترحاله؛ يصف البيت والحاكورة، يتذكر جلساته في فسحة الدار، يتشوق لرؤيتها ليسبح في نهرها البارد، ويشرب من بركتها، ويسير في سهلها الأخضر، ويقبل ترابها الأكثر خصوبة في العالم؛ هذه هي حال الحاج محمد يوسف محظية، ابن قرية "الملاحة" (إحدى قرى سهل الحولة).
التقينا الحاج محمد يوسف محظية، في مخيم "دنون" فبث لنا كل هذه الشجون:
وصف القرية
قريتنا (الملاّحة) قرية وادعة جميلة وصغيرة، ترتبط بعلاقات وطيدة مع باقي القرى المحيطة بها. ليس بجانبنا (كُبّانِيَات) يهودية، وأقربها تبعد عن قريتنا 7 كم؛ أي لا توجد أي كوبانية على أراضي القرية أو ملاصقة لها.  ومن هذه الكُبّانِيَات: الحارة، وجاحولا (التي أقيمت على أراضي قرية جاحولا العربية)، وزبيد الحارة، ونجمة الصبح.  وهذه الكُبّانِيَات كان بعدها يراوح عن القرية ما بين 7 إلى 15 كم.
كان يسكن هذه الكُبّانِيَات يهود شرقيون؛ وجزء منهم كانوا فلسطينيين، وكانت علاقتنا بهم كعلاقة القرى العربية المجاورة؛ أي علاقة حسنة يسود فيها التعاون.  وكنا نستعين بهم ويستعينون بنا أثناء زراعة الأرض وفلاحتها، وحين الحصاد. وكانوا عندما احتدمت المعركة بيننا وبين العصابات الصهيونية؛ ينصحوننا بعدم الخروج من قرانا، وكانوا يتهمونهم بالكفر، فيقولون لنا: (هؤلاء كفار أتوا من روسيا وبولونيا ليأخذوا قراكم ومدنكم).
منذ أن حلّ الإنكليز في أرضنا واحتلوها عنوة؛ كان للشعب الفلسطيني موقف حازم من هذا الاحتلال؛ فقاومه بكل الوسائل التي أتيحت له، فكانت له مواقف ووقائع مشرفة بذلك.  ومما أذكره من أحداث ومشاركة؛ تلك الهبات والثورات في قريتنا: 
مشاركة في ثورة الـ36
انخرط أبناء الملّاحة في ثورة الـ36 (ثورة القسام).  وممن أذكرهم من الثوار: ثلاثة شبان اشتركوا في معارك الثورة في القرى المجاورة، وهؤلاء هم: شقيقي (علي محظية، أبو يوسف)، وأبو علي الشاويش وياسين الرميّض. وكان من مهمات هؤلاء شراء السلاح من سورية؛ وذهبوا لذلك الأمر عدة مرات. وقد طوردوا وتخفوا في الجبال القريبة من قرانا.  وأذكر أن أبي وأخي اعتقلا ودخلا السجن؛ بتهمة التعامل مع  الثوار.
كانت دوريات الإنكليز حين تدخل قريتنا، كما باقي القرى؛ تجمع  أهل البلد جميعاً في ساحة القرية، ويقوم الجنود بتخريب محتويات البيوت؛ تحت حجة التفتيش عن الأسلحة والثوار، ومن ثم يعتقلون الشباب لإرهاب الأهالي جميعاً.  ومرة، -وقد كنت صغيراً- أتذكر أنهم دخلوا  بيت عمي، وكانت عنده كميات من مادة الدخان(التبغ)، فجمعوها وأحرقوها، وكسروا محتويات البيت.
أحداث النكبة
في أحداث الـ48؛ كنت أكبر سناً وأكثر وعياً؛ فبعد قرار التقسيم عام1947، أدرك شعبنا الفلسطيني ما يحاك له من مؤامرات كان هدفها في النهاية إخراجنا من أو قريتنا (الملاّحة).  كان أهل البلد مدركين ذلك، لكن لم يكن لديهم حيلة، لا المال ولا السلاح ولا الدعم؛ إلا أنهم كان لديهم إجماع على عدم  مغادرة القرية  تحت أي ظرف كان.
 بدأت عصابات "الهاغاناة" الصهيونية تتحرش بقرانا؛ وكان هذا التحرش على شكل هجمات متفرقة. لكن بعدها؛ تطورت فأصبحت مركزة ومؤذية، وصلت إلى حد ارتكاب المجازر، ودخلت على أثرها الجيوش العربية ممثلة بـ"جيش الإنقاذ"، وتمركزت وحدة منه بجانب قريتنا (الملّاحة)، وتحديداً على مرتفعات "قرية النبي يوشع" المجاورة.
 أبناء القرية تفاءلوا بذلك، وقالوا: جاء المدد، وتوقعوا من هذا الجيش تسليحهم والمدافعة عنهم. وفوجئ الجميع بما قدموه للقرية، وقد تلخص هذا الدعم بطلبهم من أهل القرية الخروج من القرية؛ لأن جيش الإنقاذ ينوي سحق اليهود؛ وطلبوا منا الخروج جمعة زمان؛ لأنه بعدها سيعيدهم الجيش إلى قريتهم معززين مكرمين.
وأمام ضغط ضربات اليهود، وقصفهم لقريتنا والقرى المجاورة بقذائف الهاون، وأمام سماع أخبار الفظائع التي ارتكبت في مجزرتي دير ياسين، والخصاص المجاورة لنا في سهل الحولة؛ وأمام قلة السلاح بل انعدامه لدينا، وأمام تعهد جيش الإنقاذ، وإصراره على خروجنا؛ تحت ذريعة أنهم خائفون علينا؛ خرج أبناء قريتنا من القرية، وسقطت القرية من دون قتال يذكر، وكان ذلك، على ما أعتقد، بتاريخ 25 أيار 1948.

التغريبة
خرجت أنا وأمي وأخي إلى لبنان، ومررنا أثناء ذلك بقرية "ديشوم" الفلسطينية، ومن ثم  "المالكية"، والتقينا بكثير من العائلات الفلسطينية من قريتنا ومن القرى المجاورة. وكان الكثير منهم حفاة.  تجاوزنا بعدها الحدود اللبنانية متجهين إلى قرية "بليدا" اللبنانية، وبقينا هناك فترة من الزمن؛ لاحقتنا بعدها العصابات الصهيونية، فغادرنا المنطقة إلى "برعشيت"، ومنها أكملنا الطريق إلى سوريا، وكان ذلك في شهر أيلول من عام 1948.
في سوريا نزلنا في قرية الدرباشية الواقعة على الحدود الفلسطينية السورية، وهي تبعد عن الحدود 2 كم فقط، وأقمنا فيها عدة أشهر، حصلت خلالها مناوشات عدة بين الصهاينة والجيش السوري، اضطررنا على أثرها إلى الانتقال إلى منطقة "سحم الجولان"، وبقينا فيها حتى عام 1950.  وقتها؛ قاموا بتسجيلنا كلاجئين فلسطينيين.  وأذكر أن الموظف (وهو من مدينة صفد) سألنا عن أعمارنا، ومن لم يكن يعرف، كان يقدّر عمره تقديراً.
بعد ذلك انتقلنا إلى منطقة "الكسوة" في ريف دمشق، وبقينا فيها حتى عام 1955؛ العام الذي انتقلنا فيه إلى مخيم "خان دنون"، الذي نعيش فيه حتى الآن.
أمل وإصرار على العودة 
اليوم، بعد مرور ثلاثة وستين عاماً على خروجي من الملاّحة؛ لم أنس يوماً بيتنا الذي ما زلت أذكره تماماً: الغرفتان وبوايكة الدواب الثلاث (الزرائب) وفسحة الدار. أذكره وأذكر كل من كان يجلس فيه من أعمامي وجيراننا، إضافة إلى أمي وأبي وأخي.  أتمنى أن أرجع إليه، ولو زاحفاً؛ أرجع إليه لو التحفت السماء وافترشت الأرض.
 الوطن غالٍ يا أولادي.  إني أتشوق إلى رؤية قريتي (الملاّحة) ونهرها البارد، وبركة المربط، والحلفا والبابير والجواميس؛ أتشوق لرؤية سهل الحولة الأخضر وترابه الأخصب من أراضي هذا العالم.  والله لو أعطوني شوالات من المال، لما بدلت ذلك بحفنة تراب من أرضنا الطاهرة الزكية.
والله إنه ليحدوني الأمل وأنا في هذا العمر، أن أراها قبل أن أموت.  وأنا متأكد أن العودة ليست بعيدة؛ لكن ينبغي أن نكون جميعاً على قلب رجل واحد، ونجاهد بالسلاح وبالمقاومة؛ عندها؛ ترجع فلسطين إن شاء الله.
الملّاحة:
قرية فلسطينية من قرى سهل الحولة في قضاء صفد. بلغ عدد سكانها عام 1948، حسب مصادر أبناء القرية، 1100 نسمة؛ بينما تشير المصادر الرسمية لعام 1945 إلى أن العدد لم يتجاوز 890 نسمة، بمن فيهم "عرب الزبيد". 
تبعد قرية الملاّحة عن مدينة صفد قرابة 15 كم. وهي تقع في الشمال الشرقي لتلك المدينة، على الطريق العام الذي يربط سهل الحولة بصفد.  تحيط بقرية الملاحة قرى: جاحولا، والعلمانية، وعرب الزبيد، وديشوم؛ جبال قرية "النبي يوشع".  يقسم النهر المسمى "نهر البارد" القرية إلى قسمين: شمالي وجنوبي.
من عائلات القرية: الخطايبة، العزازمة، البراهمة، العباس، محظية،الحميدان، الدامس، الهندي (عبد العال)، وغيرها من عائلات القرية. 
مساحة قرية الملاحة 2168 دونماً، ويعمل أبناؤها في الصيد النهري وصناعة الحصر والزراعة والرعي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:52 am

محمود علي حسين يوسف: صحيح صارلنا 63 سنة طالعين من بلادنا، لكن عندي أمل نرجع ونشوفها

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Mahmod-ali
يبدأ الحاج محمود علي حسين يوسف، من مواليد 1933 مزقة حطين، قضاء طبرية؛ من عشيرة عرب المواسي، الذي يعيش مؤقتاً في مخيم "خان الشيخ" حديثه قائلاً: قريتنا (مزقة حطين) قرية صغيرة، تقع على تلة اسمها "مزقة"، بالقرب من قرية حطين التاريخية. تبعد عن مدينة طبرية ما بين (15 إلى 20 كم).  تحيط بـ"مزقة حطين" قرى: الوعرة السودا، وعيلبون، ودير حنا؛ ومناطق: سيبانة، وسهل البطوف.
ويتابع: أما عشيرتنا؛ فهي "عشيرة عرب المواسي" الفلسطينية، وهي من العشائر الكبيرة، وتكاد تكون الأكبر في الجليل الفلسطيني.  تتألف العشيرة من عدة حمائل وعوائل تعود جميعها إلى العشيرة الأم. ومن هذه العوائل: العوايدة، والزهران، والعيسات، والبطاطخة، وغيرها من الفروع الأخرى.  وكانت تتوزع مساكن العشيرة ومضاربها في مناطق: مزقة حطين، والوعرة السودا، ووادي الحمام.

بعد وعد بلفور  
كانت تحيط بقريتنا كُبّانيات يهودية عديدة منها: "كنصار" و"المجدل" و"تل ناحوم"، وقد ربطتنا بتلك (الكُبّانيات اليهودية) علاقة جيدة في البداية؛ لأن أغلب سكانها كانوا يهوداً عرباً فلسطينيين؛ لا أجانب؛ فعاداتهم هي عاداتنا، وكانوا يفلحون الأرض ويزرعونها مثلنا، ويلبسون لباسنا الشعبي (الحطة والعقال)؛ حتى إن البعض منهم كان يتمسك ببعض العادات التي تُعَدّ من أساس عاداتنا، كضيافة القهوة المرة. وكنا نستضيفهم ويستضيفوننا، وكان بيننا وبينهم تبادل على مختلف المستويات.  وظلت العلاقة هكذا، حتى جاء اليهود الغربيون بعد وعد بلفور، واستوطنوا بلادنا.
 طبعاً، لما جاء اليهود الوافدون؛ كانوا يأتون خفية أو بمساعدة الإنكليز، الذين فتحوا لهم المعسكرات وسلّحوهم ودربوهم تدريباً جيداً، كل ذلك؛ ليسهل عليهم الانقضاض على أهل القرى والمدن الفلسطينية.
 وعندما أتمّ الانتداب البريطاني مهمته؛ انسحب ليترك البلاد لليهود ليعيثوا فيها فساداً.  وأذكر أن العرب في طبرية، شعروا بما يحاك لهم، ووعوا الدور الذي يقوم فيه الإنكليز؛ فهاجموا مركز البوليس في المدينة؛ ولم يكن الرد على ذلك من الإنكليز؛ بل كان من  اليهود مباشرة؛ حيث بدأوا يهاجمون القرى الفلسطينية ويحرقونها ويهدمونها على أصحابها؛ للضغط على أهالي تلك القرى للخروج والهجرة إلى مناطق أخرى. 
  
قبل النكبة
جيش الإنقاذ عندنا، اللي كان على رأس كتائبه "أديب الشيشكلي" من سورية، و"وصفي التل" من الأردن، كان كلما يرجّع قرية محتلة، يوقفوا القتال ويقولوا: هدنة.  ارجعوا يا عرب مطرح ما كنتوا" ييجي ثاني يوم اليهود ويحتلوا تلك القرية، ويعملوا هدنة ويبقوا فيها.  وكل ذلك بأمر الملك عبد الله "قائد الجيوش العربية آنذاك".  وهكذا ظل اليهود يوخذوا فلسطين؛ قطعة قطعة، قرية قرية، مدينة مدينة.
معاركنا مع اليهود كانت تصير تقريباً كل يوم في منطقة جبل الطاقية، وكل يوم كنا نوقع في صفوفهن إصابات.  
وفي يوم؛ كان أحمد النادر (أحد أفراد عشيرة المواسي في المزقة) عامل غدا لأهل البلد؛ بمناسبة مجيئه ولد بعد عشر سنين من الانتظار، وأقام الغذاء على ذاك الجبل، وكان يوم سبت، واليهود ما كانوا يأتوا إلى الجبل.  وعندما بدأوا ينزلوا الغداء؛ وما حسينا إلا الدبابات بدأت تطوق البلد، وبعدين دخلوا البلد واعتقلوا ست وثلاثين شاب.  وما كان فيهم واحد عمره فوق الأربعين سنة. واقتادوهم في الدبابات إلى قرية مغار حزور.  وهناك بدأوا يفرزوهن، ويتشاوروا عليهم، ويصنفوهم: هذا إعدام؛ وهذا مؤبد؛ وهذا كذا.  وانتقوا 17 شابًا منهم؛ وحكموا عليهم بالإعدام؛ و12 أو 13 مؤبد؛ والباقي لا أدري ما هي أحكامهم.  وقام الصهاينة بإعدام الشباب، والمعتقلين اخذوا إلى سجنين في "تلحوم" و"طبرية"، ولم يبقوا طويلاً هناك؛ حيث هربوا بمساعدة يهود يمنيين كانوا يحرسوهم؛ ووصل هؤلاء إلى سورية بسلام.
 علمنا نحن أبناء العشيرة بما حصل، وذلك من  شاب حضر إعدام الشباب، هو محمد أبو السعود؛ فقام بعض الرجال بالبحث عن جثث الشهداء في منطقة تسمى باب الدورات (كانت تبعد عن عيلبون مسافة كيلو ونصف) (كما وصفها لنا الشاب محمد).  وعندما وصلنا هناك؛ لم نجد أحدًا من الشهداء.  ووسعنا دائرة البحث؛ وإذا بأحد الشباب السبعة عشر ملقى تحت شجرة، ومضمخ بدمائه؛ فتعرفنا إليه؛ وكان اسمه "سعد محمد ديب" (أبو سودي)؛ والمفاجأة أنه رغم الإصابات الكثيرة التي كانت في جسده؛ كان لا يزال حياً، وكان ضخم الجثة، طوله يتجاوز 180 سم، وقد كسرت رجلاه ويداه؛ ولم نستطع حمله معنا؛ بسبب كسوره والطريق الخطرة. عدنا إلى الأراضي السورية حيث الأراضي التي هُجِّر إليها أبناء العشيرة، وأخبرناهم بما رأينا.
في اليوم الثاني؛ أخذ بعض الرجال فرساً، وذهبوا إلى مكان سعد ووضعوه في خرج الفرس، وجاؤوا به إلى سوريا. أما باقي الشهداء؛ فقد علمنا بعد ذلك أن أهالي عيلبون من المسيحيين الفلسطينيين، نقلوا جثثهم إلى مغارة قريبة من القرية، وقاموا بإغلاقها بالحجارة والطين.
نتيجة للمجزرة 
 طبعاً بعد هذه المجزرة المروعة؛ غادر أبناء العشيرة القرية، وخرجنا بأبنائنا إلى الجولان السوري، وبقينا هناك مدة سنة كاملة، نقلتنا بعدها الحكومة السورية إلى مخيمات: "خان دنون"، و"خان الشيح".
من خلال هذه المسيرة من التشرد والمرارة والألم والعذاب، وبعد ثلاث وستين سنة من فراق قريتنا؛ أما آن لنا أن نرتاح، وأن نعود إلى أراضينا؟ يقولون لنا: صار عندكم بيوت وعمارات خارج فلسطين انسوا بلادكوا.  وأنا بقول: والله لو كان عنّا قصور لنتركها ونقعد على الحجار، بس بأرضنا؛ ببلادنا. وأنا بعتقد إنه ما في فلسطيني بتتوفر له الرجعة وما بيرجع.
 واليهود إذا اعتمدنا انو يسمحوا إلنا بالرجعة، ما راح نرجع؛ لأنو أصلاً الفلسطينيين اللي بقوا هناك لو طالع بإيدين اليهود لطالعوهن من زمان، وأنا إذا بدّي أرجع ما برجع، إلا إلى قريتي "مزقه حطين" مش غيرها.  والضفة الغربية والقطاع أرضنا؛ بس يا دوبها واسعة أبناءها.
الأمل موجود
صحيح إنو صارلنا 63 سنة طالعين من بلادنا؛ بس لليوم ولبكرة عندي أمل إنو نرجع ونشوفها؛ لأنه إيماني بربنا كبير إنو ينصفنا ويرجّع إلنا حقنا؛ واللي ما بدو يرجع على بلده، بكون فقد ضميره ومبادئه. 
وأنا قناعتي: فلسطين بترجع لما يتوحدوا العرب على كلمة واحدة، ويضعوا  نصب أعينهم إنو ما يحرر فلسطين إلا المقاومة، متسلحين بإيمان بأنوا النصر من عند ربنا؛ ليس من عند غيره.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

     قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون        قضايا الصراع   -   اللاجئون والنازحون Emptyالأحد 10 مارس 2019, 10:53 am

المصادر


مركز المعلومات الوطني، من ضياء حسن البطل

دائرة شؤون اللاجئين/ منظمة التحرير الفلسطينية

مجلة العودة

 تجمع العودة الفلسطيني(واجب) 
قسم التوثيق والتاريخ الشفوي/ تجمع واجب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قضايا الصراع - اللاجئون والنازحون
» قضايا الصراع -
» قضايا الصراع - الاستيطان
»  قضايا الصراع - المخيمات الفلسطينية في غزه
» قضايا الصراع - المخيمات الفلسطينية في سوريا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: قصة قضية فلسطين :: قضايا الصراع-
انتقل الى: