القرارات الدولية التي تؤكد شرعية عودة اللاجئين والنازحين الفلسطينيين إلى ديارهم
كانت مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وليدة تضافر المؤامرات الاستعمارية والصهيونية المتتالية، منذ وعد بلفور حتى صدور قرار تقسيم فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة، مروراً بعصبة الأمم والانتداب البريطاني على فلسطين.
وقد تضمن ميثاق منظمة الأمم المتحدة نصوصاً واضحةً بشأن حقوق الشعب والأفراد، فقد عبر في مقدمته عن " إيمان الأمم المتحدة بالحقوق الأساسية للإنسان، وبكرامة الفرد وقدْرِه، وبما للرجال والنساء والأمم -كبيرها وصغيرها- من حقوقٍ متساويةٍ كما أن المادة الأولى من الميثاق التي أكدت بدورها " احترام المبدأ الذي يقضي بالتساوي في الحقوق بين الشعوب، وبأن يكون لكل منها حق تقرير مصيرها" و "احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعا، والتشجيع على ذلك إطلاقاً بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين، وبلا تفريق بين الرجال والنساء". ومع ذلك فقد أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار تقسيم فلسطين رقم 181 ( الدورة - 2 ) بتاريخ 29/11/1947، وإثر صدوره صعدت العصابات الصهيونية ووسعت عمليات الإرهاب والقتل والإبادة ضد الشعب الفلسطيني، وبعد أن انسحبت بريطانيا من فلسطين ونشبت فيها حرب عام 1948 بلغت العمليات ذروتها، مما أدى إلى اقتلاع معظم أبناء شعب فلسطين من وطنهم وأراضيهم وجعلهم يعيشون في الشتات حياة البؤس والشقاء، أو يسعون إلى رزقهم في البلاد العربية ومختلف بقاع العالم.
ولا بد من التشديد على عامل أساسي له صلة قانونية وواقعية كبرى بحقوق اللاجئين وتحديدها وتثبيتها، فقد زاد من حدة مشكلة اللاجئين وأبعادها، احتلال القوات الصهيونية بعد 10/4/1948 مناطق عربية واسعة ومختلفة، وبعض هذه المناطق عربية، تقع بموجب قرار تقسيم ضمن الدولة العربية، وبعضها كانت تقطنها أكثرية عربية ساحقة، فالجليل الغربي كان يقطنه 123 ألف فلسطيني، ويافا سكنها 114 ألفاً، ويزيد عدد سكان هذه المدن الفلسطينية التي تم احتلالها عن 200 ألف فلسطيني، كما احتلوا مئات القرى الفلسطينية الصغيرة التي هدم معظمها، وبدلت بأسمائها أسماء عبرية، فأزيلت من خريطة فلسطين خلافاً لاتفاقية جنيف الرابعة.
ونتج عن احتلال الكيان الصهيوني مناطق ومدناً وبلداناً وقرى فلسطينية ً ـ خصصت بموجب قرار التقسيم للدولة الفلسطينية ـ إخراج وتهجير واقتلاع ما لا يقل عن 600 ألف فلسطيني، وبعبارة أخرى فإن ثلثي اللاجئين الذين شردوا عام 1948، قدموا من مناطق عربية تقع خارج حدود إسرائيل، وقد أكد هذه الحقائق الوسيط الدولي برنادوت في التقرير الذي رفعه في 16/9/1948 إلى الجمعية العامة في دورتها الثالثة، وفيه حمل الكيان الصهيوني مسؤولية العدوان، حين قال: " إن أية تسوية لا يمكن أن تكون عادلة وكاملة ما لم يتم الاعتراف بحق اللاجئ الفلسطيني في أن يعود إلى المنزل الذي طرد منه، نتيجة لما رافق النزاع المسلح بين الفلسطينيين واليهود في فلسطين من أخطار". لقد جاءت الأكثرية الساحقة للاجئين الفلسطينيين، من مناطق تقع وفقاً لقرار التقسيم بتاريخ 29/11/1947 في الدولة اليهودية، وإنه لخرقٌ فاضحٌ لأبسط مبادئ العدالة أن ينكر على هذه الضحايا البريئة حق العودة إلى منازلها، في حين يتدفق المهاجرون اليهود إلى فلسطين، ويشكلون -في الواقع- خطر استبدال دائم للاجئين الفلسطينيين الذين لهم جذور في الأرض منذ قرون.
إن مسؤولية الحكومة الإسرائيلية المؤقتة لإعادة الممتلكات الخاصة لمالكيها الفلسطينيين، وفي التعويض على أولئك المالكين عن الممتلكات التي دمرت عمداً، مسؤوليةً واضحةً تماماً، بصرف النظر عن التعويضات التي قد تطالب بها حكومة إسرائيل الدول العربية. واستناداً إلى هذا التقرير صوتت الجمعية العامة في 11/12/1948 على القرار رقم 194 (دورة ـ 3) الذي ضمن حق العودة للاجئين وحق التعويض، وكررت الفقرة 11 من هذا القرار تقريباً ما جاء في تقرير الكونت برنادوت، وأنشأ القرار 194 لجنة توفيق دولية، "من أجل السعي لتحقيق السلام في فلسطين"، وجعلت الجمعية العامة تطبيق الفقرة 11 من بين المهام الرئيسية للجنة التوفيق، فقد نصت تتمة الفقرة على ما يلي " وتصدر الجمعية العامة تعليماتها إلى لجنة التوفيق، بتسهيل إعادة اللاجئين وتوطينهم من جديد، وإعادة تأهيلهم الاقتصادي والاجتماعي وكذلك دفع التعويضات ".
وربما كانت الفقرة 11 الهامة، من أكثر ما يستشهد به في مناقشات الأمم المتحدة حتى اليوم، وقد أكدتها الجمعية العامة سنة تلو الأخرى منذ عام 1949، فأصدرت أكثر من 30 قراراً رئيسياً حولها، عدا ما استشهد به منها في قرارات أخرى، تأكد جميعها حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة و التعويض، وقامت الدائرة القانونية في الأمانة العامة للأمم المتحدة بوضع 6 دراسات بين عامي 1949 و1950 حول تفسير الفقرة 11 وتطبيقها، والسوابق في القانون والعرف الدوليين لمساعدة لجنة التوفيق في سعيها لتطبيق الفقرة المذكورة التي ما زالت قائمة كتشريع دولي. وقد عالجت إحدى الدراسات الست المشار إليها مبادئ العودة والتعويض والسوابق والشواهد التاريخية بإسهاب قبل الحرب العالمية الثانية وبعدها، وتشير هذه الدراسة إلى ما تم سنه وتنفيذه في دول المحور السابقة والدول التي كانت محتلةً من قبل دول المحور ( فرنسا، رومانيا، إيطاليا، بلغاريا، تشيكوسلوفاكيا، هولندا، يوغسلافيا ) من قوانين بين تشرين الثاني 1944 وأيار 1945 بشأن التعويض عن اللاجئين أو إعادة ملكيتهم إليهم، كما تشير إلى أنه أقر عام 1949، وفي المنطقة الخاضعة للاحتلال الأمريكي من ألمانيا قانوناً عاماً لدفع التعويضات لضحايا النازية، الذين عانوا من أضرار الحياة أو لحقهم أذىً في صحتهم أو حريتهم أو أملاكهم أو ممتلكاتهم أو في تقدمهم الاقتصادي. إن التطور الجديد البالغ الأهمية الذي طرأ على معالجة حقوق العرب وقضية فلسطين، هو ما وقع في دورة الجمعية العامة الرابعة والعشرين (1969)، فقد كسر الطوق الروتيني الذي كانت تناقش قضية فلسطين ضمنه بعد عام 1952، وهو تطور عكس داخل الأمم المتحدة التطور الذي طرأ على قضية فلسطين خارجها، فقد أصبحت قضية فلسطين قضية ثورة ومقاومة وشعب يطالب بحقوقه عن طريق الكفاح المسلح لا قضية لاجئين وإغاثة.
ففي 10/12/1969 صوتت الجمعية العامة على القرار رقم 2535 ـ في (الدورة ـ 24 ) نتيجة مناقشة بند " التقرير السنوي لمدير وكالة الانروا "، وقد جاء في القرار أن" الجمعية العامة إذ تقر بأن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين نشأت عن إنكار حقوقهم الثابتة التي لا يمكن التخلي عنها، والمقررة في ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان- تعود وتأكد الحقوق الثابتة لشعب فلسطين" وهذا هو أول قرار صريح من الأمم المتحدة بأن اللاجئين الفلسطينيين شعب لا مجرد كتلة من اللاجئين، وأن لهذا الشعب حقوقه بموجب ميثاق الأمم المتحدة، وفي عام 1970 خطت الأمم المتحدة خطوات أبعد في توضيح هذه الحقوق وتفصيلها حين صوتت على قرارها رقم 2672( الدورة ـ 25 ) في 8/12/1970، بعد مناقشة بند " التقرير السنوي لمدير وكالة الاونروا "، فقد حدد هذا القرار بوضوح أكبر حقوق الشعب الفلسطيني، فالجمعية العامة بعدما استذكرت قرارها السابق رقم 1535 ـ ب ( الدورة ـ 24 ) وما جاء فيه أكدت: "ضرورة الأخذ بمبدأ تساوي الشعوب في الحقوق وحقها في تقرير المصير المكرس في المادتين 1 و55 من ميثاق الأمم المتحدة، والمعاد تأكيده في الإعلان الخاص بمبادئ القانون الدولي المتعلقة بعلاقات الصداقة والتعاون بين الدول وفقاً للميثاق" و "اعترفت لشعب فلسطين بالتساوي في الحقوق وبحق تقرير المصير وفقاً لميثاق الأمم المتحدة " وأهمية الإشارة إلى المادة (1) من الميثاق هي في أنها ترد في فصله الأول الذي تضمن (مبادئ الهيئة ومقاصدها)، ونص على أن: "إنماء العلاقات الودية بين الأمم على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالتساوي في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها حق تقرير مصيرها"، فجعل المشروع في هذه المادة " المساواة في الحقوق بين الشعوب" و"حق تقرير المصير " دعامتين من دعائم السلم العالمي.
وصوتت الجمعية العامة في السنة ذاتها على القرار رقم 2628 (الدورة ـ25) في 4/ 11/1970 نتيجة لمناقشة بند " الوضع في الشرق الأوسط"، وقد نصت الفقرة (3) منه على أن الجمعية العامة " تعترف بأن احترام حقوق الفلسطينيين، هو عنصر لا غنى عنه من أجل إقامة سلام عادل و دائم في الشرق الأوسط "، وهذا الاعتراف مهم لأنه جاء ضمن تصور حلٍ شاملٍ لمشكلة الشرق الأوسط، ونص على أن احترام حقوق الفلسطينيين عنصر أساسي لا في التوصل إلى السلام فحسب، بل في إقامته وتوطيده، ويتضح من ذلك كله أن الجمعية تخطت قرار مجلس الأمن رقم 242 لعام 1967. ويزيد من أهمية هذين القرارين، قرار ثالث اتخذ في الدورة نفسها في القرار رقم 2649 ( الدورة ـ 25 ) الصادر بتاريخ 30/11/1970، الذي جعل قضية فلسطين قضية استعمارية، واعتبر نضال شعبها من أجل تقرير المصير نضالاً مشروعاً ضد استعمار أجنبي، فقد أكدت الجمعية العامة في مقدمة هذا القرار " أهمية التحقيق العالمي لحق الشعوب في تقرير المصير، وضرورة الإسراع في منح الاستقلال للشعوب والبلاد المستعمرة "، واستذكرت القرارات الأساسية الصادرة عنها حول إنهاء الاستعمار، ولا سيما القرار 1514 (الدورة ـ 15) الصادر في 14 /12/1960 والمتضمن " إعلان منح الاستقلال للشعوب والبلاد المستعمرة "، واستناداً لهذه المقدمات أكدت الجمعية العامة " شرعية نضال الشعوب الخاضعة للسيطرة الاستعمارية والأجنبية والمعترف بحقها في تقرير المصير، لكي تستعيد ذلك الحق بأية وسيلة في متناولها "، و" حقها في البحث عن أنواع المعونة والمادية وتلقيها"، ودعوة " جميع الحكومات التي تنكر حق تقرير المصير على الشعوب الخاضعة للسيطرة الاستعمارية والأجنبية إلى الاعتراف بذلك الحق واحترامه ". وانتهى القرار إلى النص على أن الجمعية العامة " تدين تلك الحكومات التي تنكر حق تقرير المصير على الشعوب المعترف لها بذلك الحق، خصوصاً شعوب جنوب أفريقيا وفلسطين". وفي عام 1971 عادت الجمعية العامة فأكدت بقرارها 2787 (الدورة ـ 26) الصادر في 6/12/1971 " شرعية نضال الشعوب لتقرير المصير والتحرر من الاستعمار والسيطرة والتسلط الأجنبيين، ولا سيما في جنوب أفريقيا وفي فلسطين بكل الوسائل المتوافرة والمنسجمة مع الميثاق". كما أكدت الجمعية العامة جميع القرارات المتخذة في السنوات السابقة، وعبرت في القرار 2792 (الدورة ـ 26 ) الصادر في 6/12/1971 عن " قلقها البالغ لعدم السماح لشعب فلسطين بالتمتع بحقوقه الثابتة التي لا يمكن التخلي عنها، ولعدم ممارسته حق تقرير المصير".
وبذلك تكون الجمعية العامة قد أكدت لشعب فلسطين، إلى جانب حق تقرير المصير، شرعية النضال لانتزاع هذا الحق من مغتصبيه وممارسته. وقد استمرت الجمعية العامة في تكرار حقوق الشعب الفلسطيني هذه، ولا سيما حق اللاجئين في العودة والتعويض ( المادة 11 من القرار194 ) عند مناقشة بند " تقرير المفوض العام للاونروا "، وبند " الحالة في الشرق الأوسط "، وإذ قررت إعادة إدراج قضية فلسطين كبند مستقل على جدول أعمالها في الدورة 29 (1974) و أصدرت قرارها 3236 بتاريخ 22/11/1974 بشأن " الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني "، وقد تضمن في فقرته الثانية ما يلي: " تؤكد الجمعية العامة من جديد أيضاً حق الفلسطينيين الثابت في العودة إلى ديارهم، وممتلكاتهم التي شردوا عنها واقتلعوا منها، وتطلب بإعادتهم "، وهذا بعد أن أكدت الجمعية العامة في الفقرة الأولى من القرار " حقوق الشعب الفلسطيني الثابتة في فلسطين، ولا سيما:
1- الحق في تقرير مصيره دون تدخل خارجي.
2- الحق في الاستقلال والسيادة الوطنيين.
وفي عام 1975 حدث تطوران هامان، فقد أصدرت الجمعية العامة انطلاقاً من قرارها رقم 3151 ـ ز (الدورة ـ 28) الصادر بتاريخ 14/12/1973 الذي دانت فيه " التحالف الأثيم بين العنصرية بين أفريقيا الجنوبية والصهيونية "، ومن القرار 77 (د ـ 12) الذي اتخذه مجلس رؤساء دول وحكومات منظمة الوحدة الأفريقية في دورته العادية الثانية عشرة، التي عقدت من 28/7 ـ1/8/1975 ورأى فيه "أن النظام العنصري الحاكم في فلسطين المحتلة والنظامين العنصريين الحاكمين في زيمبابوي و أفريقيا الجنوبية، ترجع إلى أصل استعماري مشترك، وتشكل كياناً كلياً، ولها هيكل عنصري واحد، وترتبط ارتباطاً عضوياً في سياستها الرامية إلى إهدار الإنسان وحرمته "، وانطلاقاً من أن " الإعلان السياسي وإستراتيجية تدعيم السلم والأمن الدوليين الذين تم اعتمادهما في مؤتمر وزراء خارجية دول عدم الانحياز المنعقد في ليما في الفترة من 25 إلى 30 آب 1975 قد أدانا الصهيونية بأقصى درجة، بوصفها تهديداً للسلم والأمن العالميين وطالبا جميع البلدان مقاومة هذه الأيديولوجيا العنصرية الإمبريالية "، وأصدرت الجمعية العامة بتاريخ 10/11/1975 قرارها رقم 3379 (الدورة ـ 30)، الذي جاء في فقرته الأخيرة بعد سرد الحيثيات المذكورة: " تقرر أن الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري".
أما التطور الثاني فقد تمثل بإصدار الجمعية بتاريخ 10/11/1975 قراراً برقم 3376 (الدورة ـ 30) شكلت بموجبه لجنة تعنى بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه الثابتة، وكلفتها إعداد برنامج تنفيذي يكون القصد منه تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة الحقوق المعترف بها في قرار الجمعية العامة 3236 (الدورة ـ 29)، آخذة بعين الاعتبار كل السلطات التي خولها الميثاق للهيئات الرئيسية في الأمم المتحدة، وقد قدمت اللجنة تقريرها الأول إلى مجلس الأمن بواسطة أمينه العام، فبحث التقرير وناقش التوصيات في حزيران 1976 ووافق عليها بالأكثرية، غير أن مشروع القرار سقط بالنقض الأمريكي. بدأت هذه اللجنة تقدم في كل عام تقريراً إلى الجمعية العامة، فقدمت تقريرها الأول المذكور، مع النتيجة التي آلت إليه مناقشات مجلس الأمن في حزيران1976، إلى الدورة الحادية والثلاثين (1976) فأقرت الجمعية العامة توصيات اللجنة في قرارها 31/20 (الدورة ـ31) الصادر بتاريخ 24/11/1976، وحثت مجلس الأمن على بحث التوصيات مرة أخرى "، بغية اتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ توصيات اللجنة لكي يتحقق في وقت مبكر تقدم نحو حل قضية فلسطين، وإقرار سلم عادل ودائم في الشرق الأوسط ". تضمن تقرير اللجنة برنامجاً تنفيذياً يمارس الشعب الفلسطيني على أساسه حقوقه الثابتة، وفيها حق العودة، وقد تضمن البرنامج مرحلتين لعودة اللاجئين:
1- المرحلة الأولى: لعودة اللذين نزحوا نتيجة حرب حزيران 1967، وهي عودة غير مربوطة بأي شرط، ويتم تنفيذها فوراً.
2- المرحلة الثانية: لعودة اللذين نزحوا في الفترة الواقعة بين عامي 1948 و 1967، وتتولى الأمم المتحدة -بالتعاون مع الدول المعنية ومنظمة التحرير الفلسطينية- اتخاذ الترتيبات اللازمة لتمكين اللاجئين من العودة إلى ديارهم و ممتلكاتهم، وأما اللذين لا يختارون العودة فيدفع لهم تعويض عادل و منصف.
بحث مجلس الأمن توصيات اللجنة بناءً على طلب الجمعية العامة أربع مرات خلال الفترة من عام 1976 حتى عام 1980، وفي كل مرة كانت مشاريع القرارات التي تؤيد التوصيات وتقرر تنفيذها تفوز بأكثرية أصوات أعضاء المجلس، إلا أن حق النقض الذي كانت الولايات المتحدة تستخدمه ضد هذه المشاريع كان يؤدي إلى إسقاطه.
وفيما يتعلق بحقوق النازحين فقد تضمنت القرارات الإنسانية " حقوق الإنسان الأساسية الثابتة"، ويشمل ذلك حق عودة السكان الذين فروا من مناطق القتال أو من المناطق التي احتلتها إسرائيل، عودة فورية " غير مرتبطة بأي شرط "، كما يشمل عودة اللاجئين القدامى إلى مخيماتهم، وهما الحقان اللذان أكدتهما الجمعية العامة في كل قرار صوتت عليه بعد عام 1967، وتشمل الحقوق كذلك جميع الحقوق التي عددتها وأكدتها اتفاقيات جنيف المعقودة في 12/8/1949، لحماية المدنيين في حالة الحرب، و إسرائيل طرف فيها.
انعقدت الجمعية العامة في الدورة الاستثنائية الطارئة الخامسة في تموز 1967 بعد أن فشل مجلس الأمن؛ بسبب موقف الولايات المتحدة العدائي، في اتخاذ القرارات اللازمة لإدانة عدوان إسرائيل، وقد صوتت الجمعية العامة على القرار رقم 2252 (الدورة الاستثنائية الطارئة ـ 5) بتاريخ 4/7/1967، وهو قرار طويل استند إلى قرار مجلس الأمن 237 (1967) بتاريخ 14/6/1967 فأكد كل ما جاء فيه، وبصورة خاصة " حقوق الإنسان الأساسية الثابتة، واجبة الاحترام حتى أثناء تقلبات الحرب". وتنفيذاً لقرار مجلس الأمن (237) وقرار الجمعية العامة في دورتها الطارئة (2252) بالتحقيق في ممارسات إسرائيل في المناطق المحتلة تمت الإجراءات التالية:-
في 6/7/1967 عين الأمين العام نلسن غوران غاسينغ ممثلاً خاصاً له ليزور المناطق المحتلة ويقدم تقريراً عن الأوضاع فيها.
نظر مجلس الأمن مرة ثانية في أوضاع المناطق المحتلة وممارسات إسرائيل ضد السكان العرب واتخذ القرار 259 (27/9/1968) الذي أعرب فيه عن قلقه الشديد على سلامة وخير وأمن المهجرين النازحين الناشئ عن حرب حزيران 1967، وأعرب عن أسفه لعدم تنفيذ القرار 237 (1967).
شكلت الجمعية العامة عام 1969 لجنة خاصة من سيريلانكا، يوغسلافيا و الصومال لزيارة المناطق المحتلة، والتحقيق في ممارسات إسرائيل فيها وانتهاك حقوق النازحين، وقد رفضت إسرائيل التعاون مع هذه اللجنة، ولكن اللجنة قامت بعملها بالرغم من مقاطعة إسرائيل لها، وقد أعربت الجمعية العامة في قرارات عدة، استناداً إلى تقرير اللجنة، عن قلقها البالغ العميق للانتهاكات التي ارتكبتها (إسرائيل) في المناطق المحتلة، ووجهت إليها دعوة شديدة للكف فوراً عن إجراءاتها التعسفية ضد السكان العرب، ودعتها إلى التقيد تقيداً دقيقاً باتفاقيات جنيف لعام 1949 للمحافظة على حقوق النازحين.
شكلت لجنة حقوق الإنسان في آذار 1969 ـ نتيجة لدراستها قضايا حقوق الإنسان في المناطق المحتلة ـ شكلت فريق عمل مؤلفاً من النمسا، بيرو، تنزانيا، السنغال، الهند ويوغسلافيا؛ للتحقيق في انتهاكات إسرائيل المستمرة لحقوق الإنسان، ولاسيما لاتفاقيات جنيف الرابعة، ورغم عدم تعاون إسرائيل مع هذا الفريق فقد قام بعمله، وقدم تقريراً مفصلا في 20/1/1970، يؤكد انتهاكات إسرائيل لهذه الاتفاقية، وأيدت لجنة حقوق الإنسان النتائج التي توصل إليها فريق العمل الخاص.
استنادا إلى ذلك كله أصدرت عدة هيئات ومجالس ولجان ومؤتمرات دولية، عدة قرارات أكدت فيها انتهاكات إسرائيل المستمرة لحقوق الإنسان وأدانتها، كما أكدت سنة بعد سنة حقوق النازحين، وأعربت عن قلقها الشديد لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي ودعت إسرائيل بصورة متكررة إلى الكف فوراً عن اتخاذ أي إجراء يؤدي إلى تغيير الطبيعة القانونية للأراضي العربية المحتلة، أو تشكيلها الجغرافي، أو تركيبها السكاني (القرار رقم 36/147 تاريخ 16/12/1981). أما حق النازحين بالعودة غير المشروطة إلى منازلهم وأراضيهم، وهو الحق الذي صرح به وثبته مجلس الأمن منذ 14/6/1967 بقراره 237 والجمعية العامة بقرارها رقم 2252 (الدورة الخامسة الطارئة) في 4/7/1967، فما زال موضوع التأكيد المتكرر في الجمعية العامة التي تدعو إسرائيل سنة بعد سنة ودورة بعد دورة إلى " اتخاذ خطوات فعالة لإعادة النازحين إلى بيوتهم دون أي تأخير ". واستنكرت الجمعية العامة بقرارها رقم 2792 ج (الدورة 26) بتاريخ 6/12/1971 الترحيل القسري للاجئين من غزة، ودعت إسرائيل إلى " التوقف فوراً عن هدم ملاجئ اللاجئين، وعن ترحيلهم عن أماكن سكناهم الحالية " وطالبت باتخاذ خطوات فورية لإعادة اللاجئين المعنيين إلى الملاجئ التي رحلوا عنها، وإلى تهيئة ملاجئ مناسبة لإقامتهم"، وتكررت مثل هذه الطلبات في دورات لاحقة. وغني عن الذكر أن فئة النازحين التي تتشكل من لاجئين فلسطينيين قدامى طردوا من مخيماتهم وأصبحوا للمرة الثانية أو الثالثة، وفئة النازحين من الأراضي الفلسطينية والأراضي العربية الأخرى التي احتلت عام 1967، إنما تنطبق عليهم الحقوق التي ورد بحثها في حقوق اللاجئين، بالإضافة إلى القرارات التي أكدت حقوق النازحين، باعتبار اللاجئين القدامى من الذين شردوا للمرة الثانية أو الثالثة " لاجئين جدد " تنطبق عليهم هذه القرارات.