منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط-

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- Empty
مُساهمةموضوع: تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط-   تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- Emptyالأربعاء 20 مارس 2019, 4:29 pm

[rtl]تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- الجزء الأول[/rtl]

[rtl]الأندلس شبه الجزيرة التي تقع في الجنوب الغربي للقارة الأوروبية، تحيطها المياه من كل الجوانب عدا الشمال الشرقي يوجد به جبال البرانس التي تفصلها عن فرنسا. إسبانيا والبرتغال كانتا تعرفان قديماً باسم “شبه جزيرة إيبيريا”؛ نسبة إلى الإيبيريين الذين سكنوها. وعندما حكمها الرومان أطلقوا عليها “إسبانيا” من تعبير فينيقي يعني شاطئ الأرانب؛ حيث يقال أنهم عند نزلهم لشاطئ الجزيرة وجدوا كثير من الأرانب. ولكن كان يسمى الجزء الجنوبي “بتيكا”، وبعد أن أغارت قبائل الوندال عليها، سموها “وندلس”، ولما دخلها المسلمون سنة 711م وضموها للدولة الأموية، قاموا بهمز أول الكلمة، فصارت “أندلس” بدلاً من “وندلس”. وبعد خروجهم سنة 1492م بسقوط غرناطة، بقى الاسم كما هو، ولكن حدثت فيه بعض التغييرات، فأصبح “أندلثيا” لا “أندلس”، وكان يلق على الجزء الجنوبي فقط وليس شبه الجزيرة كلها.[/rtl]
 

[rtl] ما قبل الفتح:[/rtl]


[rtl]بعدما وصل المسلمون في عهد الوليد بن عبد الملك إلى المغرب الأقصى -المواجه لشبه جزيرة أيبيريا-، وحققوا تقدم واسع في شمال أفريقيا، بقيادة “حسان بن النعمان” –فاتح أفريقيا-، تم استبداله بالقائد “موسى بن نصير”، بعد أن غادر مصر مع أبنائه الأربعة، وقام بعدة أعمال لتدعم وجود الجيش الإسلامي في المنطقة استعداداً لفتح الأندلس. فعمل على تثبيت عقيدة الإسلام في نفوس البربر-الذي جاء منهم “طارق بن زياد”-، وجعل منهم حلفاء له وأكثر غيرة على الإسلام من العرب أنفسهم، واعتمد تقوية البحرية الإسلامية، ومن ثم جعل القيروان قاعدة له في أفريقيا. وفي خلال هذا قام ببعض الفتوحات واستولى على القلاع والحصون، ولكن عصت مدينة “سبتة” على المسلمين؛ ومن أهم المدن التي استولى عليها المسلمون مدينة “طنجة”، وأصبحت تمثل مركز عسكري للحملات ومنها حملة أرسلها “موسى بن نصير” بقيادة “طارق بن زياد” بجيش من البربر والعرب.
مدينة سبتة كانت تتبع الإمبراطورية البيزنطية إلا أنها فقدت تأثيرها عليها؛ بسبب بعدها عن العاصمة، وهذا جعل حاكمها “يوليان” يستقل بها ويلجأ إلى مملكة القوط –ممتدة عبر إسبانيا والبرتغال وجزء من فرنسا-، وكان على صلة حسنة مع ملوكها السابقين، عدا “لذريق” الذي يكن له حقد وعداوة؛ بسبب اعتداء “لذريق” على ابنة “يوليان” واغتصابها بعد أن أرسلها إلى طليطلة لتتربى تربية الأميرات. ولما وصل المسلمون على حدود سبتة، وجد “يوليان” فيهم خير من يساعده لينتقم من “لذريق”، فاتصل بـ “طارق بن زياد” وعرض عليه مساعدته بغزو “أيبيريا”، فبادر “طارق بن زياد” بالاتصال بـ “موسى بن نصير” ليبلغه بالعرض، ولكن لابد أن ينال موافقة الخلافة في دمشق؛ لذا كتب “موسى” إلى الخليفة “الوليد بن عبد الملك”، وكان رده بالتروي ويختبر هذه البلاد بالسرايا ليعرفها. بناءً على ذلك، أرسل “موسى” قوة عسكرية في مهمة استطلاعية على ساحل أيبيريا الجنوبي بقيادة “طريف بن مالك المعافري”، وتقدم فيها وعاد بالغنائم، وذلك حمس “موسى بن نصير” فأرسل قوة عسكرية ثانية بقيادة “طارق بن زياد”، وسيطر على الجبل الذي حمل اسمه إلى الآن “جبل طارق”، وكذلك “مضيق جبل طارق”. أقام عدة أيام فيه؛ لينظم خلالها الجيش ويعد خطته للتوغل في عمق الجزيرة الأيبيرية، ونجح في ضم القلاع والحصون حتى وصل إلى “وادي لكة” وعسكر فيه. وعلم عن طريق جواسيسه بحجم الحشود التي أعدها “لذريق”، فطلب النجدة من “موسى بن نصير” بعد أن بدا الفرق واضحاً بين الجيشين، فأمده بخمسة آلاف مقاتل.
التقى الجيشان وجرت بينهم معركة طاحنة انتهت بانتصار المسلمين والقضاء على جيش القوط والملك، وفتح الانتصار على المسلمين أبواباً كثيرة للدخول إلى عمق الجزيرة، وفتحت:
[/rtl]
اقتباس :
“قرطبة، مالقة، إلبيرة، طليطلة، أريولة، والعاصمة القوطية”

[rtl]وطارد الهاربين، لتنتهي عملية فتح أيبيريا. وكتب “طارق بن زياد” إلى قائده “موسى بن نصير” ليخبره بما حقق من انتصارات، فأمره بألا يتجاوز مكانه إلى أن يلحق به. وتحرك في رمضان سنة 93هـ، بجيش يقدر بثمانية عشر ألف مقاتل، وسلك طريقاً غير التي سلكها “طارق بن زياد”؛ ليفتح مدناً غير التي فتحت، مثل “قرمونة، إشبيلية، برشلونة، أربونة، قادش، وجليقية”. وعندما اقترب من “طليطلة” –التي يعسكر فيها “طارق بن زياد”- خرج لاستقباله، وجدد له إمرة الجيش واشتركا في حملة عسكرية على “سرقسطة”، وتم فتحها وفتحوا من ورائها من كثيرة إلى أن وصلوا إلى مدينة “ليون”، جاءه أمر من الخليفة الأموي بأن يتوقفا ويعودا أدراجهما إلى دمشق، وهكذا انتهت فتوحات الأندلس الأساسية.[/rtl]
[rtl]تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- %D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%AF%D9%84%D8%B3[/rtl]
 

[rtl]الإمارة الأموية في الأندلس:[/rtl]


[rtl]أصبحت بعد الفتح تابعة لولايات الدولة الأموية حتى عهد “هشام بن عبد الملك”، عندما ضعفت الحكومة المركزية في دمشق وانهمك الولاة بشؤونهم الداخلية. فأصبح مسلمي الأندلس في حاجة للدفاع عن أنفسهم بأنفسهم، فحصلت بينهم وبين الإفرنج عدَّة وقعات انتصر المسلمون في بدايتها، ثم اشتبك المسلمون والفرنجة في معركة عنيفة انهزم فيها المسلمون، وتوقَّف المد الإسلامي باتجاه أوروبا. وفي 11 جمادى الآخرة سنة 132هـ، انهارت الدولة الأموية بعد ان انهزموا في معركة الزاب أمام العباسيين، ودخلوا إلى دمشق وقضوا على من تبقى من أمراء بني أمية، لكن أحدهم نجا من هذه المذبحة وتوجه ناحية المغرب ليستقر فيه بعيداً عن نفوذ العباسيين، وهو “عبد الرحمن بن معاوية” الذي كان يخطط لإنشاء دولة أموية في إفريقيا، لكن والي المغرب “عبد الرحمن بن حبيب الفهري” تشدد في معاملتهم وضيق الخناق عليهم وقتل بعضهم وصادر أموالهم، فآثر “عبد الرحمن بن معاوية” التوجه إلى “الأندلس” التي كانت تتعرض في ذلك الوقت إلى هجمات المسيحيين في الشمال، ولم يكن من السهل أن يجتمعوا حول أحد، فاستغل “عبد الرحمن بن معاوية” هذا وأرسل مولاه ليعرض عليهم مأساة الأمويين ويشيد بمواصفات أميره كحفيد لـ “هشام بن عبد الملك”، ووافق اليمانية على هذا واحتشدوا لنصرته. وعندما دخلها أحدث رد فعل إيجابي من جانب أنصاره وتوافدوا للسلام والبيعة. وبلغ هذا مسامع “يوسف الفهري” آخر ولاة الأندلس، فحاول التفاوض معه، ففشل، فدخل الطرفين في معركة حاسمة انتهت بانتصار “عبد الرحمن بن معاوية” وتقدم نحو “قرطبة” وتربع في قصر الإمارة وأعلن قيام الدولة الأموية أثناء تأديته لصلاة الجمعة في المسجد الجامع.
عرف باسم “عبد الرحمن الداخل” لأنه دخل (هاجر) إلى الأندلس، ومنذ ذلك دخل المسلمون في عهد جديد وبدأت الأندلس تسير في طريق الحضارة، وبات الأندلس بعيداً عن الخلافة العباسية التي لم تحاول السيطرة عليها إلا بمحاولات عابرة لم تحقق شيء. وتوقفت حركة الفتوح لينظم المسلمون أوضاعهم، فظهر منصب الحجابة والوزارة، والبرحية الأندلسية، وتطورت التنظيمات العسكرية والاهتمام بالثغور والأساطيل. اتبع سياسة حكيمة مع الدولة العباسية، بوصفها صاحبة السيادة على العالم الإسلامي. فدعا للخليفة العباسي “أبي جعفر المنصور”، ولكن لمدة قصيرة حيث قطع الدعاء للعباسيين وأعلن الانفصال عن الدولة العباسية.
ولكن إلى جانب هذا، شهدت عدد من الثورات، ذات طابع عرقي وبعضها طابع ديني واجتماعي. وعاود الفرنجة الهجوم على الأندلس وتمكنوا من السيطرة على “برشلونة”، وصارت قاعدة للاستيلاء على المدن الأخرى، فكانت ضربة قاسية للمسلمين، وفشلت محاولاتهم في استعادتها. كما حاول النورمان غزو الأندلُس عبر مدينة “أشبونة”، فصدَهم والي المدينة، لكن غاراتهم استمرت لمدة شهرين إلى أن هزمهم المسلمون وطلبوا الصلح منهم. كذلك شهدت هذه الفترة ثورة –من أشهر الثورات في تاريخ الأندلُس- ثورة “عُمر بن حفصون” التي استمرت بعد وفاته بعشر سنوات. ومن أواخر القرن الثاني الهجري، زادت حركة المجاهدين الأندلسيين ضد الإمبراطورية الكارولنجية، وأصبح نفوذهم بنهاية القرن يمتد من “لانجدوك” إلى الأراضي السويسرية شمالاً، وإيطاليا شرقاً، فتحكموا في معظم الممرات في جبال الألب، وطريق المواصلات بين فرنسا وإيطاليا.
[/rtl]
 

[rtl] الخلافة الأموية في الأندلس:[/rtl]


[rtl]بويع الأمير “عبد الرحمن بن محمد”، وتولى منذ ذلك اليوم إصلاح أحوال الأندلس، فأعلن في منشور التأكيد على التسامح وإسقاط كافة الجرائم التي ارتكبت بحق الدولة، وهذا ما أعلن الثائرون موافقتهم عليه ودخلوا تحت لواء السلطة المركزية في قرطبة، عدا جماعة “عمر بن حفصون” فاضطر الأمير لسحقه وتطويع الأقاليم والحصون له. وبعد ذلك، اتخذ قراراً لم يتجرأ أحد من أسلافه عليه، وهو تلقيب نفسه بلقب الخليفة، ولقب أمير المؤمنين، وأضاف اللقب الشرفي “الناصر لدين الله” إلى اسمه، وأمر بتضمين ذلك في خطبة الجمعة. واستمر ذلك حتى اختفاء دولة الأمويين من الأندلس.
وبذلك خرج عن الأصل النظري للمذهب السني للخلافة، ولكن العلماء والفقهاء السنة أجازوا بتعدد الخلافة في حال وجود مصلحة عامة للمسلمين. ومن الأسباب التي دفعته لإعلان الخلافة:
[/rtl]
[rtl]-ضعف الدولة العباسية.[/rtl]
[rtl]-وأن الإمام “عبيد الله المهدي الفاطمي” بويع بالإمامة في إفريقيا لينافس عدوه في بغداد. وهذه الحادثة كانت الأخطر لأنهم أعلنوا الخلافة على أساس شيعي إسماعيلي، وهو ما مثل تهديد عسكرياً ودينياً.[/rtl]
[rtl]ولمواجهة هذا، حصن الموانئ الجنوبية للأندلس وضم لها موانئ المغرب في “سبتة ومليلة وطنجة”، ودعم البربر المعادين للفاطميين. واستطاع التصدي لأطماع الممالك المسيحية، ونجاح حملاته عليها وكانت تعود محملة بالغنائم والأموال. ووصلت الأندلس إلى حالة كبيرة من الاستقرار وتحسنت أحوال البلاد الزراعية والصناعية حتى بلغت جباية الأندلس من الكور والقرى خمسة ملايين وأربعمائة وثمانين ألف دينار، ومن ضريبة الأسواق سبعمائة وخمس وستين ألف دينار، بالإضافة إلى ما كان يدخل خزائن الدولة من أخماس الأغنام. بنيت مدينة الزهراء شمالي غرب قرطبة، لِتكون قاعدة ملكيَّة جديدة بعدما ضجَّت قُرطُبة بساكنيها وازدحموا بها. وفي هذا العهد، تقدم المسلمون تقدماً كبيراً وملحوظاً في عمق القارة الأوروبية؛ وبهذا نهض الملوك والأُمراء والأباطرة لدفع المسلمين إلى الجنوب، فتمكَن “هيو” ملك إيطاليا بالتعاون مع الإمبراطور البيزنطي “رومانوس الأوَّل” من هزيمة المسلمين، وكاد يقضي على سلطانهم في تلك الأنحاء لولا اضطراب الأوضاع الداخلية في بلاده، فاضطر أن يعقد صلحًا مع المسلمين مقابل أن يتمركزوا في رؤوس الألب ويغلقوا الطُرق بوجه خصومه. وبذلك استعاد المسلمون بعض قلاعهم. أما في الشمال، فقد أنشأ المسلمون في الأراضي التي سيطروا عليها سلسلةً من القلاع القويَّة لِتكون مركزًا لغزواتهم في “سويسرا”.
واصل “المستنصر بالله” سياسات أبيه، فكان عهده ثقافة وعمران، إلا أنه أخطأ حين اختار ابنه الوحيد الطفل “هشام المُؤيَّد بالله” لولاية عهده، فاستغل بعض رجال الدولة صغر سنِه وعدم قدرته على الحكم، وفرضوا على الخلافة وصاية أُم الخليفة “صُبح البشكنجيَّة”، واستأثروا هم بكل السلطات. ثم انفرد “محمد بن أبي عامر” بكل السلطات بعد أن تخلَّص من كل شركائه في الحكم، وأصبح الحكم الفعلي له الذي تلقب بلقب “الحاجب المنصور”. واستطاع أن يؤسس دولة داخل الدولة حتى أن بعض المؤرخين سماها الدولة العامرية. سيطر البربر على المناصب القيادية في الجيش واختفاء القيادة العربية، واستمر ذلك حتى تولية “عبد الرحمن شنجول” ولم يمض شهر حتى أجبر الخليفة إعلانه ولاية العهد لشنجول، وهذا أثار غضب الأمويين ما دفعهم بانقلاب عليهم بقياة “محمد بن هشام” الذي حرض على التنكيل بكل من كان في جيش “الحاجب المنصور” من العامريين والبربر، وهذا دفع العامريين للفرار إلى شرق الأندلس وتأسيس إمارة لهم، بينما التف البربر حول أمير أموي آخر، لتدخل الأندلس في صراع بين الأمويين والبربر والحموديين على السلطة، واستمرت الفتنة إلى أن سقطت الخلافة في الأندلس نهائياً وتفتت إلى دويلات صغيرة عرفت باسم “دولة الطوائف”.
[/rtl]
 

[rtl] دولة الطوائف:[/rtl]


[rtl]من أكثر عهود الأندلس تشابكاً واضطراباً، انفرط فيها عقد البلاد وقسمت على 26 دولة، وكان لكل مدينة حاكمها المستقل، ودبت الحروب بينهم فالقوي انقض على الضعيف وسلب أملاكه، فلجأ الضعيف إلى التحالف مع جاره القوي. وكانت الممالك المسيحية تتزايد في القوة وتتدخل في شئون البلاد. وفي دولة الطوائف قسم المؤرخون الأسر حسب الحالة الاجتماعية إلى أربع فئات: الأرستقراطية العربية، موالي بني أمية، بقايا أسرة الحاجب المنصور، والبربر وهم ثلاث مجموعات: البربر المستعربون، البربر حديثي الوفود، والعرب المتبربرين.[/rtl]

[rtl]تكونت سبع دول رئيسية غلبت جميع الدويلات الأخرى، وهي:[/rtl]




[rtl]دولة بنو جهور في قرطُبة وما يجاورها من المدن والأراضي الوسطى.
دولة بنو عباد في إشبيلية.
دولة بنو ذو النون في طليطلة.
دولة بنو زيري في غرناطة ومالقة.
دولة بنو هود في سرقسطة.
دولة بنو الأفطس في بطليوس.
دولة بنو عامر في بلنسية ومرسية.
وهذه التجمعات الأسرية لم تسترشد بسياسة إسلامية في تعاملاتها، وكانوا في نزاع مستمر فيما بينهم، فلم تكن دولاً بالمعنى المعروف ولكنها كانت أقرب إلى وحدات الإقطاع، ومن ثم لم تكن بها حكومات منظمة تعمل لشعبها وإنما تعمل لمصلحة الأسر الحاكمة. ومن أمثلة تهاونهم تجاه أمتهم ما فعله “محمد المعتمد بن عباد” صاحب إشبيلية عندما تعاهد مع ملك قشتالة على غزو مملكة طليطلة. وما فعله “يحيى القادر بن إسماعيل” عندما تنازل لـ “ألفونسو السادس” عن بعض الحصون مقابل دعمه ضد ملوك الطوائف الأخرى، وكان ألفونسو يطمح للاستيلاء على طليطلة نفسها، فحاصرها ثلاث سنوات انتهت بتسليم “يحيى القادر” المدينة للقشتاليين. وكان لسقوطها أثر في حماس الممالك المسيحية
[/rtl]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط-   تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- Emptyالأربعاء 20 مارس 2019, 4:32 pm

تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- الجزء الثاني



استكمالً للمقال السابق “تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- الجزء الأول ” الذي تناولنا فيه ما قبل الفتح، ثم تكوين الإمارة الأموية في الأندلس، ثم تحول الإمارة إلى خلافة أموية، ختاما بدولة الطوائف، أكثر العهود تشابكاً واضطراباً. الأن نواصل عرض قصة الأندلس حتى السقوط ومحاولات العثمانيين لاستردادها.
 

المرابطون:

طلب الأندلسيون من دولة المرابطين في المغرب الأقصى المساعدة، بعدما انقض الفرنج على البلاد وتفرقت كلمت المسلمين، ولكن هذا الطلب لم يأخذوه بمحمل الجد خوفاً على عروشهم. لكن بسقوط طليلطة جعل الفقهاء الأندلسيون يعرضون على قاضي المدينة “عبيد الله بن أدهم” المساعدة من الهلاليين في إفريقية، واكنه خشي منهم تخريب الأندلس كما فعلوا بإفريقيا، وأشار عليهم الاتصال بدولة المرابطين، ففوضوه والتف العامة حولهم، وضغطوا على ملوك الطوائف إلى أن أرسلوا وفد إلى المغرب لمقابلة أميرهم “يوسف بن تاشفين” في مراكش، وطلبوا منه العبور إلى الأندلس بعد أن سلموه رسالة مكتوبة من “المعتمد بن عباد” يوضح ما تعرضت له المدن والحصون من الغارات. فأعلن الأمير “يوسف بن تاشفين” حالة النفير العام للجهاد في الأندلس بعد أن أطلع وزرائه على الرسالة، وكانوا متحمسين لدخول الأندلس والجهاد فيها واعتبروه واجب على كل مسلم قادر على القتال، فجاءت قوات كثيرة من مراكش ومن الصحراء والزاب عبر البحر ونزل في الجزيرة الخضراء وعمل على ترميمها وتحصينها، وتوجه إلى إشبيلية وجه خلالها رسالة إلى ملوك الطوائف يستحثهم على الجهاد، فكان أول من لبى ندائه صاحب غرناطة “عبد الله بن بلقين الصنهاجي” وأخوه “تميم” صاحب مالقة، وتبعهما أصحاب الدول الأخرى وحطوا عند سهل “الزلاقة”. وفي تلك الأثناء كان “ألفونسو السادس” يحاصر سرقسطة فرفع الحصار وعاد إلى طليطلة واستدعى قوات من الممالك الأخرى فجاءوه بمباركة الكنيسة، والتحم الجيشان في معركة “الزلاقة” 12 رجب 479هـ، انتصر فيها المسلمون انتصاراً أشبه بنصر القادسية واليرموك، ولقب “يوسف بن تاشفين” بأمير المسلمين. ورجع إلى المغرب ونصح ملوك الطوائف بالاتفاق والاجتماع على كلمة واحدة.
ولكن ما إن رجع إلى المغرب حتى تدهورت الأوضاع مجدداً، وازدادت الخلافات بين الملوك، وأفاق “ألفونسو” وأخذ يجمع قوته ويثأر لما ناله من المرابطين. فاضطر “يوسف بن تاشفين” بالرجوع مرة ثانية إلى الأندلس، ودعا الملوك للجهاد لكن لم يستجب له أحد سوى صاحبا مالقة وغرناطة وأمراء أقل أهمية. ولم يتوقف الأمر عند هذا بل عمد ملوك الطوائف بالغدر بابن تاشفين وقطعوا الإمدادات العسكرية عنه، وأبرموا اتفاقيات سرية مع “ألفونسو السادس” ومنحوه الهدايا والأموال ليساعدهم ضد التدخل المرابطي. فرأي “بن تاشفين” عزل ملوك الطوائف وتوحيد الأندلس مع المغرب، وهذا في الوقت نفسه الذي اشتكى الناس والفقهاء له وأجازوا له خلع ملوك الطوائف وتفكيك دولهم وجاءته فتاوى من علماء المشرق كالإمام “أبي حامد الغزالي” و “أبو بكر الطرطوشي” تؤيد رأيه. وبذلك هاجموا طليطلة وقطعوا طريق الإمداد على “ألفونسو السادس” وبدأوا يضمون المدينة تلو الأخرى فسقطت في أيديهم غرناطة، مالقة، دولة بني زيري، قرطبة وإشبيلية وسقطت دلوة بني عباد، وأرسل ابنه “محمد بن عائشة” للنضال في شرق الأندلس؛ لأنها كانت على وشك السقوط في أيدي الممالك المسيحية، فخلع صاحبها وسقطت بلنسية وبطليوس. وبذلك توحدت الأندلس تحت الدولة المرابطية، عدا سرقسطة بفعل وضعها الحدودي.
توفى “يوسف بن تاشفين” وخلفه ابنه “علي” وتابع بدوره سياسة أبيه فى محاربة النصارى، فأرسل حملته لغزو قشتالة وقضت على الجيش القشتالي وقتلت قائده “شانجة بن ألفونسو”، كان وقع الهزيمة ثقيلا على الملك القشتالي الذي لم يعش إلا أقل من سنة بعدها، وخلفته ابنته الذي تزوجها “ألفونسو الأراكوني” وتفجرت الخلافات بينهما بسبب السلطة وتطورت إلى حرب أهلية، فاستغل المرابطون هذا وهاجموا طليطلة ولكنهم فشلوا بسبب متانة أسوارها، ففتحوا عدد من الحصون والقلاع المجاورة. وفي ذات الوقت سار جيش آخر إلى البرتغال حليفة قشتالة ليقطعوا الإمدادات بينهما، وفي سنة 503هـ سيطروا على سرقسطة؛ نتيجة فتوى شرعية بعدم جواز مهادنة صاحبها لأنه تحالف مع الملوك المسيحيين، فلجأ إلى “ألفونسو الأراكوني” الذي حشد قوة أوروبية صليبية حاصرت المدينة ستة أشهر، فاضطر أهلها إلى الاستسلام وغادرها 50 ألفاً من المسلمين بعدما سقطت، وحاول السيطرة على غرناطة وبعض المدن والحصون الأخرى لكنه تكبد خسائر فادحة، فتطورت الحرب بينه وبين المسلمين إلى المناوشات الحدودية.
 

العهد الموحدي:

سقطت مراكش بيد “عبد المؤمن بن علي” زعيم الحركة الموحدية الثورية، وقتل آخر أمرائها “إبراهيم بن تاشفين”، وآلت إليهم أملاكهم بما فيها الأندلس، وكادت الأندلس في هذه الفترة على وشك أن تضيع بعد أن ضعفت الدولة المرابطية ونتيجة للثورات والممالك المسيحية. وبعد دخول الموحدين الأندلس، منع بعض أمرائها وصول المساعدات من المغرب لأن الأندلسيين كانوا يكرهون كل ما هو مغربي، واضطرتهم الظروف للاستعانة بالموحدين لطرد المرابطين آملين أن يغيروا الوضع السياسي، ولكن عندما تصرف الموحدين مثل المرابطين ثاروا عليهم. ولذلك أرسل “عبد المؤمن بن علي” تعزيزات عسكرية بقيادة “يوسف بن سليمان” وأمره بالقضاء على الثورات واستكمال ضد البلاد.
في بداية العهد الموحدي، فقد المسلمون جميع قواعدهم في الثغر الأعلى، ونقض “ألفونسو السادس” الهدنة التي كانت بينه وبين المسلمين، وحاصر بلنسية واضطر سكانها للاستسلام تحت الجوع والعطش والمرض، فدخلها الملك القشتال وجعلها مركزاً أسقفياً. وفي شوال 574هـ انعقدت اتفاقية كاسولا لرسم حدود مناطق الاقتطاع، فكان نصيب ملك أراكون أراضي شرق الأندلس، وملك قشتالة امتلك الأراضي وراء تلك البلاد، واستولى على حصن “شنتقيلة” وقال حينها : (الآن أخذ قرطبة وإشبيلية). وبعد وفاة “أبو يعقوب يوسف” تولى ابنه شؤون الدولة “أبو يوسف يعقوب المنصور”، وعقد صلحاً مع “ألفونسو الثامن” ليتفرغ لقتال البرتغال انتقاماً لوالده، وبعد أن استردَ بعض الحصون عاد إلى المغرب، فانتهز “ألفونسو الثامن” هذه الفرصة ونقض المعاهدة، وهاجم أراضي الأندلس حتَى جنوبها، وما إن علم الخليفة الموحدي بما يحدث في الأندلس، حتى التحم مع القشتالين بجيش بلغ أكثر من مائة ألف مقاتل، وهزمهم هزيمة ساحقة وقتل منهم ثلاثين ألف وأسر عشرين ألف جندي، وعاد وأطلق سراحهم جميعًا من دون افتداء.
تحالفت الممالك الصليبية إثر ذلك، وعقدوا الصلح فيما بينهم واتفقوا جميعاً على غزو الأندلس، وبارك البابا “أنوسنت الثالث” حملة صليبية على أيبيريا بقيادة رجال الدين، وقد تقلدوا الصليب. واحتشد في طليطلة أكثر من مائتي ألف مقاتل واستولوا على حصن العُقاب، والتقى الجمعان 15 صفر 609هـ في معركة طاحنة انهزم فيها المسلمون وانسحبوا إلى إشبيلية، وقضى هذا على سمعة الموحدين العسكرية هناك، كما فتحت المعركة الباب لاستئناف الهجوم على بلاد المسلمين. ومع وفاة “محمد الناصر” انهارت دولة الموحين في المغرب والأندلس، وجاء بعده خلفاء ضعاف.
 

الحروب الغرناطية وسقوط الأندلس:

انقسمت الأندلس بعد وفاة “محمد الناصر” بين ثلاثة من إخوته، “عبد الله” في بلنسية ودانية وشاطبة ومرسية، “أبو الحسن” في غرناطة، “أبو العلاء إدريس” في قرطبة. ودبت الخلافات والحروب بينهم، وتحالف “عبد الله” مع “فرناندو الثالث” ملك قشتالة، وهذا مكنه من الاستيلاء على عدد من الحصون أثناء غياب “عبد الله” في المغرب لمحاولته الاستيلاء على الحكم في مراكش، فانضو بما تبقى تحت راية “أبي العلاء إدريس” لكنه عجز أمام هجماتهم فهادنهم، وخرج على حكم أخيه ودعا لنفسه في إشبيلية وبايعه بعض ولاة الأندلس، وكتب لأشياخ الموحدين للفتك بأخيه وبيعته، فاقتحموا ليه القصر وقتلوه. لكن نشب الخلاف بينهم لأنه قلل من نفوذ الأشياخ وتطور الأمر إلى حرب أهلية، خلع “أبو العلاء” وأخذ مكانه ابن أخيه “أبو زكريا يحيى”، وعندما علم “أبو العلاء” ذلك عبر البحر إلى المغرب تاركاً بعض الحاميات قليلة العدد، واستعاد عرشه وقضى على خصومه، وألغى بعض النظم الموحدية، منها إبطال عصمة المهدي ومحمو اسمه من الخطبة، فكفره الشعب من أجل ذلك، وأدى هذا لانفصال المغرب وإفريقية عن الدولة الموحدية وخروج الأندلسيون على حكم الموحدين. وقام “محمد بن يوسف” –سليل أسرة بني هود- بالاستيلاء على مدينة “مرسية” كأميراً باسم “المتوكل على الله”، واستقطب الأندلسيون ودعاهم لقتال الموحدين، ودانت له مدن الأندلس، واستولى فيما بعد “محمد بن الأحمر” أمير غرناطة على الأجزاء الجنوبية للأندلس.
وفي وقت الثورات والحروب في الأندلس، استغلت الممالك المسيحية ذلك، واستولت على بعض المدن والحصون، وكل هذا يطمح للاستيلاء على قرطبة. سار جيش ميحي من “أبدة” وحاصروا عاصمة المسلمين القديمة، فاضطروا إلى التفاوض معهم للتسليم مقابل الأمان على أنفسهم. ودخل النصارى المدينة وغادرها سكانها وتفرقوا في أنحاء البلاد بعد أن حكمها المسلمون خمسمائة وخمسة وعشرين سنة. آل معظم تراث الأندلس إلى “محمد بن الأحمر” بعد وفاة “محمد المتوكل” واجتمعت تحت إمارته أشلاء الأندلس في دولة عرفت باسم “الدولة النصرية أو مملكة غرناطة “، وكانت آخر ممالك المسلمين استمرت لمائتين وخمسين سنة أخرى بفضل وعي حكامها وسياستهم.
وفي تلك الفترة، عزم “جايم الأول” على الاستيلاء على الجزائر الشرقية عبر السيطرة على الحصون، ثم في المرحلة الثانية ضرب عليهم الحصار حتى استسلم صاحبها. وفي جمادى الأولى 645هـ فرض ملك قشتالة “فرناندو الثالث” حصاراً شديداً على إشبيلية حتى استسلم أهلها دون قيد أو شرط، وبذلك سقطت إشبيلية بعد حكم للمسلمين دام خمسة قرون وثلث القرن. وسقوطها كان بمثابة التصفية النهائية لحكم المسلمين في شبه الجزيرة الأيبيرية. وفي الفترة بين سنتي 614 – 648 هـ، كانت جميع مدن وثغور غربي الأندلس قد سقطت في أيدي البرتغاليين، وتم القضاء على المسلمين في الأراضي البرتغالية، ولم يتبق في أيدي المسلمين سوى مملكة غرناطة الواقعة في الجنوب، وقد بقيت هذه المملكة لمدة قرنين ونصف على الرغم من حجمها وقلة سكانها، ويرجع صمودها إلى أسباب منها: بعدها عن متناول أيدي الممالك النصرانية، وقربها من المغرب وسهولة طلب العون منها وتدريب أهلها على القتال وحمل السلاح والتزامهم بالجهاد. وقد شهد هذا العصر ذروة الصراع بين المسلمين والقشتاليين؛ لأن “ألفونسو الحادي عشر” حاول اقتطاع جزءاً من أراضي غرناطة، الأمر الذي دفع أميرها للاستنجاد بسلطان المغرب الذي أمده بالعتاد والرجال، ولكنهم انهزموا في معركة “طريف”، وكانت نذيراً باقتراب نهاية الصراع. وخلال ربع القرن التالي توالت الهزائم على المسلمين وخسروا معظم أراضي مملكة غرناطة. وفي 12 صفر 897هـ،وقع الوزير “أبا القاسم بن عبد الملك” بالنيابة عن الملك “أبو عبد الله محمد بن علي” معاهدة مع “فرناندو الخامس” لتسليم غرناطة إلى القشتاليين، وبسقوها سقطت الأندلس نهائياً وأسدل الستار على تاريخ المسلمين فيها.
 
 

المحاولة العثمانية لاسترداد الأندلس:

كان المسلمون في الشرق يحققون النصر تحت راية الدولة العثمانية في الوقت الذي كانت تلفظ فيه الأندلس آخر أنفاسها، وفتحت القسطنطينية وجزءاً من البلقان، وبفضل “سليمان القانوني” بلغت الدولة العثمانية ذروتها وفرضت هيبتها على الإمبراطورية الرومانية وجميع الممالك المسيحية. فاتجه نحو أيبيريا واتفق مع أمير البحار “خير الدين بربروس” للانقضاض على إسبانيا، وكان قد شرع قبل ذلك بمهاجمة السفن الإسبانية والبرتغالية انتقاماً للمسلمين، وأوفد سفنه لحمل المسلمين واليهود الهاربين من محاكم التفتيش ومحاولات التنصير في أيبيريا. ولكن توفى السلطان سليم قبل هجومه على الأندلس، وتولى بعده ابنه “سليم” وكان الخيار بين توجيه الضربة إلى إسبانيا أو إلى الشرق، وكان خيار الدولة العثمانية هو التوجه إلى إسبانيا، مثلما قال المؤرخ “رنكة”:
اقتباس :
(كَانَت الوِجْهَةُ الأُولَى مِنْهُمَا ضِدَّ إِسْپَانِيَا، عَدُوَّةُ الإِسْلَامِ الأُولَى، وَالوِجْهَةُ الثَانِيَةُ شَطْرَ قِبْرِص الجَزِيْرَة التِي كَانَت تَابِعَةً لِلبُنْدُقِيَّة، فَأَهْمَلَ السُّلطَانُ الأُولَى، رُغَمَ مَا كَانَ يُقَدَّرُ لِتِلكَ الحَمْلَةُ مِنَ النَّجَاحِ الأَكِيْدِ، مِنْ جَرَّاءَ ثَوْرَةِ كَانَ المُسْلِمُونَ قَد أَضْرَمُوهَا هُنَاك، وَاختَارَ الثَّانِيَة التِي جّرَّت عَلَيْهِ المَتَاعِب)
وهكذا ضرب بخيار والده عرض الحائط، وأهمل الاعتبارات المنطقية والسياسية. وكانت الدولة العثمانية في حلف مع فرنسا، وإنجلترا في خصومة مع إسبانيا؛ بسبب إعلان “أليصابت الأولى” البروتستانتية مذهباً رسمياً للبلاد، وتحقد على البرتغال بسبب اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح وإزاحتها عن سيادتها التجارة البحرية. وخلال هذا الوقت، كانت “مدريد” تعيش ذعراً من احتمال وصول الجيش العثماني، وقال المسؤولون الإسبان أثناء حوارهم مع البابا “بيوس الخامس” إذا تدخل العثمانيون في إسبانيا فستسقط في أيديهم، غير أن توجيه الجيوش نحو الشرق للهجوم على اليمن وروسيا لاسترجاع “أستراخان وقازان”، ونشبت معركة بين الأسطولين العثماني والصليبي انهزم فيها العثمانيون وانتهى الطابع الهجومي للعثمانيين في البحر المتوسط وانتهت نهائياً فكرة الهجوم العثماني على إسبانيا وخطط استرداد الأندلس.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط-   تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- Emptyالأربعاء 20 مارس 2019, 4:40 pm

ما بين وقعة ” الأرك “و ” العقاب”



لقد حمل الرعيل الأول من أبناء هذه الأمة هم نشر الدين وفتح البلاد لإيصال كلمة التوحيد إلى العالم الأجمع وورثت هذه الأمانة لمن تلاها جيلا بعد جيل. لمع الكثير من القادة المحاربين على مر العصور ومن هؤلاء القادة العظماء قائد مات جسده وحيا ذكره إلى قرننا هذا. القائد الذى فتح إسبانيا وأطاح بملكهم وصارت لنا جنة الله في أرضه بفضل الله ثم بفضل عبقرية هذا القائد المغوار “طارق بن زياد” كان فتحا مؤزرا ونصرا عظيما دان له الكثير وتحدث به الجميع وهز أركان العالم الغربي ورموز الدولة الصليبية ورجال الكنيسة ..في الوقت الذى دخل فيه المسلمين الأندلس كانت تعانى من الحكم الجائر لها فنشر الإسلام عدله وسماحته على أرجائها حتى صارت آية في العلم والجمال.. لم يطب للصليبين خروجهم من الأندلس وترك هذه البقعة الخلابة لأيادي المسلمين فمرت بالأندلس حروب وهجمات عديدة خاضها الصليبيون ضد المسلمين ومن أبرز هذه المعارك معركتي الأرك والعقاب . تمثل معركتي الأرك والعقاب مفرق للطريق بين توطيد حكم الموحدين للأندلس وسقوط الأندلس من أيدى الموحدين من جهة أخرى. كانت حرب الفرس مع الروم في قديم الزمان سجالا بينهما وهكذا الحال في معركتي الأرك والعقاب كان النصر للموحدين في الأولى وللصليبين في الثانية. اختلفت المعركتان من حيث القادة والعدة والعدد والاستراتيجيات والروح المعنوية للجند لكن سبب الحرب كان متقارب فكلتيهما نشبت ثأرا لنقض العهد الذى نقضه الصليبين في كل مرة.

سبب المعركتين:

فسبب موقعة الأرك الواقعة عام 591 من الهجرة نقض العهد بين الأدفنش وأمير المؤمنين ونزول خيل الأدفنش تدوس في البلاد حتى عاثت في الأندلس كثيرا فما كان من أمير المؤمنين إلا أن يجهز جيشه وسار به من المغرب إلى الأندلس ونزل في إشبيلية حتى يقسم المال وينظم الجند ثم سار إلى طليطلة. وكذلك سبب حرب العقاب فبعد نصر الموحدون في الأرك طلب ألفونسو الثامن من المنصور عقد هدنة وبالفعل وافق المنصور عليها ثم عاد بعد نصره إلى المغرب وظن الجميع حينها استكانة الأمور لكن ألفونسو كان منشغلا بجمع الجند والأخذ بالثأر حتى جمع 300 ألف جندي وفى بعض الروايات بلغ عددهم إلى 500ألف جندي ودعا ملوك أراغون والبرتغال للوقوف بجانب القشتاليين وعندما اطمأن على عدته وعتاده اقتحم حصن رباح وسط الأندلس وأغار على جيان وبياسة وأجزاء من مرسية وماكان من المنصور وقتها إلا إعلان الجهاد والتأهب. وكذلك اختلفتا في استراتيجيات الحرب والاستعداد، ففي معركة الأرك كان جيش الموحدين أكثر نظاما من تنظيمه في العقاب. فقد أشير على المنصور أن يكون قائد الجيش من الأندلسيين لتوحيد الصفوف فاختار المنصور “أبو يحيى بن أبى حفص” وكان تنظيم الجيش

كالآتي:

“المقدمة للمتطوعين الرمي بالنبال وبدأ الحرب وفى الجناح الأيمن قوى الأندلس بقيادة عبد الله بن صناديد وفى الجناح الأيسر الجند العرب أما قوات أبو يوسق فكانت تحيط بالجيش وترابط خلف التلال وكانت مكونة من صفوة الجند والحرس الملكي أما قلب الجيش فكان من الموحدين
أما جيش النصارى فكان في مقدمته الخيالة تحت إمرة لوبيز دي هارو وقلبه ومؤخرته يضم 100 الف مقاتل يقودهم ألفونسو. وفى معركة العقاب كان الأمر مختلف تماما فكانت مقدمته من المتطوعين المغاربة وباقي الجيش من الموحدين بلا أي تنظيم والقيادة لـ” محمد الناصر” أما الجيش الصليبي فكون من قوتين يمثلان جناحي الجيش هما” نافارة وأرجوان” وطوقوا الموحدين كما اتحد ألفونسو مع منافسوه السياسيين ضد الموحدين مما جعل شوكتهم أقوى. كذلك اختلفتا في الروح المعنوية لدى الجنود اختلافا ملحوظا ففي الأرك كان لقيادة أبى حفص الأندلسي الأثر البالغ في حماية الصفوف من الانشقاق وقبل الحرب قام المنصور خاطبا فيهم طالبا منهم العفو والغفران فالموضع موضع له كما حثهم على الجهاد والاستشهاد حتى أبكاهم ونفرهم إلى الساحة كما قص عليهم رؤيا رآها ليلة الحرب بأن النصر والغلبة لهم مما أثار حفيظتهم على المضي قدما في سبيل الله أما في معركة العقاب فكانت الروح المعنوية للجند شبه منعدمة مما فعله وزير الناصر للقواد الأندلسيين بل أنه أثار حفيظة القوات المغربية نفسها بحبس أعطيات الجنود حتى ذكر في بعض الكتب ” أنهم لم يسلوا سيفا بل انهزموا لأول حملة الإفرنج عليهم قاصدين ذلك ” وبالنسبة للجنود الصليبين في موقعة العقاب فكانت الروح المعنوية مرتفعة جدا لمد العون لهم ولإعلانها حرب صليبية تجب المشاركة فيها من منطلق عقائدي لا يسامح فيه.

نتائج المعركتين:

أما نتائج المعركتين فكانت متباينة أيضا ففي موقعة الأرك على أصح الأقوال بلغ عدد الموحدين 50ألف جندي بينما بلغ عدد الصليبين 150 ألف جندي وكان عدد القتلى الصليبين 30 الف قتيل وبلغ عدد القتلى الموحدين 5 الأف كما غنم المسلمون معسكر الإسبان بجميع ما فيه واقتحام حصن الأرك وقلعة رباح وبناء مسجد أشبيليه من خمس الغنائم كما بنوا حصنا في مراكش كما توسع حكم المسلمين في الأندلس حينها وباتت تروخلو وبلاسينسيا وكونيكا وقلعة رباح تحت حكم المسلمين. وفى موقعة العقاب كان عدد المقاتلين الموحدين 400الف جندي بينما بلغ عدد المقاتلين الصليبين 300 الف وفى روايات 500 الف جندي وبلغ عدد القتلى في صفوف المسلمين 20 الف بين مصاب وقتيل لم تقتصر الخسارة على خسارة الجنود فقط ! بل احتل ألفونسو حصن اوبيدا وقتل 60 الف من أهلها واحتل قرطبة وجيان وإشبيلية وسقطت آركوس وقادس وصيدا الأندلسية كما احتلت جزر الباليار ومدينة بلنسية ولم يتبقى سوى مدينة غرناطة التي سلمت من أيديهم وسقطت عام 897من الهجرة وبسقوطها يكون قد سقط آخر كيان إسلامي في الأندلس واستيلاء الصليبين على الأندلس بعد 4 قرون من العلم والتقدم والازدهار.
الأندلس ليست الجرح الوحيد في قلب هذه الأمة فمصاب الأمة كثير وليست كذلك الذل الوحيد الذى لحق المسلمين بعد التفريط فيها وليس انشقاق الصفوف في عقاب واختلافهم وتناحرهم على ملك الأندلس هو الداعي الوحيد للخسارة لكنه الهوان…..هوان الدين فقلتُ لها ما أفكر في عِقاب…غدا سبباً لمعركة العُقاب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط-   تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- Emptyالأربعاء 20 مارس 2019, 4:46 pm

أحداث فاصلة في تاريخ الأندلس 



إن ما بين فتح الأندلس وسقوطها لآيات وعبرًا ينبغي للمسلم أن يتأملها، بل أن يدارسها ويعي ما تحويه من دروس،وفي هذه المقالة نسرد قصة هذا الفتح العظيم، ومتتبعين الأسباب التي أدت لنجاحه، وأيضًا أسباب هذا الازدهار المبهر الذي حظيت به هذه الدولة العظيمة، خاتمين بأسباب الهزيمة والسقوط، لعله يكون فيها العبرة والعظة.

معركة وادي لكا:

تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- %D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%AF%D9%84%D8%B3
يوم الأحد 28 رمضان 92هـ/19 يوليو 711م، ودامت ثمانية أيام كانت توجد هناك قرية صغيرة أطلق عليها المسلمون اسم لكة أو لكا. وبما أن المعركة دارت في كل تلك المنطقة السهلية، فقد أطلق عليها المؤرخون أسماء متعددة؛ فهي معركة شذونة عند بعضهم، ومعركة البحيرة عند آخرين، ومعركة وادي بارباط أو معركة وادي لكة عند غيرهم. ومهما تعددت التسميات فإن الذي يهمنا هو أن انتصار المسلمين فيها كان من أهم الانتصارات التي حققوها في فتوحاتهم، إذ تعد الحد الفاصل بين مقاومة القوط وتوسع الفتوحات الإسلامية. وقد أصبحت المقاومة بعدها ضعيفة، وأصبح الطريق معبداً أمام المسلمين، ليس في الأندلس فقط، بل بدأوا يتطلعون إلى بلاد الفرنجة، ما وراء جبال البرانس.
ومن هذا الفتح، يتبادر إلي الأذهان سؤال في غاية الأهمية، هل الإسلام قادر علي إقامة حياة حياتية راقية؟!
لن أحكم أنا ولن تحكم أنت، لنري بأنفسنا في نفس المكان الذي تم فتحه
دعنا نتحدث قليلاً عن مدينتي قرطبة عام (350 هـ)، وفاس عام (600) في ظلال الحكم الإسلامي في دولة الأندلس.

مدينة قرطبة:

تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- %D9%82%D8%B1%D8%B7%D8%A8%D8%A92
بها 28 ضاحية، كانت تسمي جوهرة العالم، بها مسجد قرطبة، قنطرة قرطبة، جامعة قرطبة،  شوارعها مرصوفة، مضاءة ليلا، وبها أسواق متخصصة، كان بها 50 مستشفى أي قبل باريس ب 700 سنة! وكان بها 300 مسجد،  هل تتصورون حجمها؟؟
مهما تحدثت لن أوفي ولن تتخيلوا، لكن دعونا نري معاً مشهد يبين لنا ولو جزءًا ضئيلًا من تلك العظمة
بعث ملك إنجلترا رسالة إلي هشام بن عبدالرحمن الثاني يرجوه فيها أن يعلم ابنته مجموعة من علماء إنجلترا في جامعة قرطبة ومضي في نهاية الرسالة ” خادمكم المطيع ملك إنجلترا”
يا لله! لقد تبدل الوضع الآن تمامًا، لأننا أصبحنا لهم تابعين نقلدهم في كل شيء ابتغينا العزة في غير الإسلام فأذلنا الله

مدينة فاس عام 600 هـ:

كانت من المدن الصناعية الأولي في العالم، ولكي تتخيل ما أعنيه ذلك فيجب أن تعرف أن مدينة فاس كان بها:
300 مصنع لنسج الثياب
47 مصنع صابون
116 دار للطباعة
86 مصنع لدبغ الجلود
135 مصنع جير للطلاء
400 مصنع للورق
188 مصنع للفخار
200 مكتبة
اقتباس :
“استطاع الإسلام وهو الدين الوحيد الذي استطاع ذلك، الجمع بين الدين والدنيا، علوم الشرع وعلوم الحياة، بناء الإنسان وبناء المصانع، المادة والروح، سعادة الدنيا وسعادة الآخرة”
ان فتح الأندلس من أعظم فتوحات المسلمين عبر التاريخ، وكانت بداياته معلمًا من معالم الحضارة في الإنسانية بصورة عامة والإسلام فيما بعد بصورة خاصة، حيث غير هذا الفتح وجه العالم، وكان بذرة لنقلات حضارية أحدث تغييرات جذرية على الكرة الأرضية، سواء أكان ذلك في العلوم أم الآداب أم المعمار؛ وهذا لأن طريق العالم كله اختلف بعد فتح الأندلس الذي يمثل أكثر الأماكن التي انتشرت فيها الحركة العلمية الإسلامية، وظهر فيها علماء في كل مجالات الشريعة والحياة، مثل الزهراوي، وابن رشد، وعلماء آخرون في الجغرافيا، والفلك، والهندسة. فكل هذه العلوم نمت في الأندلس بشكل بارز جدًّا، وانتقلت من الأندلس إلى أوروبا، وعلى أكتاف هذه العلوم قامت الحضارة الأوروبية الحديثة في القرنين: السادس والسابع عشر.
لقد علم المسلمون في الأندلس الأوروبيين مبادئ السلوك الراقي، ويكفي أن الأوروبيين الموجودين في شمال إسبانيا قبل دخول الإسلام كانوا لا يغتسلون إلا مرة أو اثنتين في السنة، لا يغتسل ويعتبر ذلك من البركة! إلى أن وجد المسلم يتوضأ خمس مرات في اليوم ويغتسل في مناسبات عديدة تبلغ أكثر من 18 غُسلاً.
انتقلت هذه النظافة إلى أوروبا وغيرت سلوكيات الأوروبيين، كما انتقل التعامل بالرحمة بين أفراد الأسرة إلى أوروبا، وبدأت الأسرة الأوروبية تتأثر بالجو الإسلامي، وحتى النظام والإضاءة في الشوارع ونظام الري والصرف في الزراعة. انتقلت الحياة اليومية للمسلمين إلى أوروبا بعد دخول الإسلام لأرض الأندلس.
تغيرت قصة الأندلس بعد دخول الإسلام، فأصبح الأندلس بلدًا راقيًا متحضِّرًا، وبعد حوالي مائتي سنة أصبح الأندلس الدولة الأولى في العالم في عهد عبد الرحمن الناصر -رحمه الله- والذي أعلن الخلافة الأموية في الأندلس، وأصبح أعظم ملوك أوروبا في القرون الوسطى بلا منازع لدرجة أن الإسبان سنة 1961م احتفلوا بمرور ألف سنة على وفاته اعترافًا بفضله على الحضارة الإسبانية والأوربية.
ولكن كالعادة، لكل شيء إذا ما تم نقصان، وحينما أخذ المسلمون بأسباب الرفعة والنهضة والانتصار كانوا في مقدمة الأمم، وحينما تناسوا أسباب القوة، ومعالم العظمة تضعضع ملكهم، وزالت سطوتهم، وأبدلهم الله من بعد عزهم ذلاً ومن بعد قوتهم ضعفًا، ومن بعد نصرهم هزيمة، فنزعت مهابتهم من قلوب أعدائهم، وأصابهم الوهن، وزال ملكهم عن مملكة الأندلس، وعادت إسبانيا من جديد ترضخ تحت حكم النصارى وتحكمهم واضطهادهم، حتى أبادوا من فيها من المسلمين، بل ومارسوا أبشع الوسائل في قتلهم وتعذيبهم والتنكيل بكبيرهم وصغيرهم، حتى ضرب المثل بمحاكم التفتيش الصليبية في الأندلس على البشاعة والدموية.

معركة الزلاقة: 479 هـ:

 
تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- %D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A9-%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%83%D8%A9
ظلّت الأندلس فترة من الزمان تحت حكم الخلافة الأموية منذ أن فتحها المسلمون في عهد الوليد بن عبد الملك، وبعد سقوط دولة الأمويين أسس عبد الرحمن الداخل خلافة أموية بالأندلس استمرت قرابة ثلاثة قرون، ثم انقسمت إلى دويلات وأقاليم صغيرة، وانفرد كل حاكم بإقليم منها، فيما عرف بعد ذلك بعصر ملوك الطوائف، وانشغل الحكام بعضهم ببعض، واشتعلت بينهم النزاعات والخلافات، مما أغرى بهم عدوّهم من الإسبان النصارى الذين كانوا يتربصون بهم الدوائر.
فسقطت طليطلة التي كان يحكمها بنو ذي النون في يد ألفونسو النصراني ملك “قشتالة”، بعد أن خذلها ملوك الطوائف ولم يهبّوا لنصرتها بسبب خوفهم من ألفونسو، وبسبب المعاهدات التي أبرموها معه، حتى وصل الحال ببعضهم إلى أن يدفع له الجزية، مقابل أن يكف اليد عنه وعن بلاده.
وفي الوقت الذي كان فيه ملوك الطوائف منقسمون على أنفسهم، يتآمر كل واحد منهم ضد الآخر، ويستعين بالنصارى ضد إخوانه من أجل الحفاظ على ملكه وسلطانه، كان النصارى قد بدأوا في توحيد صفوفهم والاجتماع على كلمة سواء، من أجل هدف واحد وهو القضاء على الوجود الإسلامي في بلاد الأندلس .
اقتباس :
“يا الله يستعينون بالنصارى علي إخوانهم المسلمين لأجل شيء هو حتما زائل”
وكان المعتمد قد عزم على الاستعانة بدولة المرابطين وأميرها يوسف بن تاشفين لمواجهة ألفونسو، فاجتمع بأمراء الطوائف وعرض عليهم الأمر، ولكنهم أبدوا تخوفهم من أن يسيطر “ابن تاشفين” على بلاده وينفرد بالسلطان دونه، فقالوا له: ” المُلْك عقيم، والسيفان لا يجتمعان في غِمْد واحد “، وقال له ولده:
” يا أبت أتُدخِل علينا في أندلسنا من يسلبنا ملكنا، ويبدّد شملنا”، فقال المعتمد: ” أي بني والله لا يسمع عني أبدًا أني أعدت الأندلس دار كفر ولا تركتها للنصارى فتقوم اللعنة عليّ في الإسلام مثلما قامت على غيري ” ، وقال : “يا قوم إني من أمري على حالتين: حالة يقين وحالة شك ولا بد لي من إحداهما، أما حالة الشك: فإني إن استندت إلى ابن تاشفين أو إلى الأذفونش فيمكن أن يفي لي ويبقى على وفائه، ويمكن ألا يفعل، فهذه حالة شك، وأما حالة اليقين: فإني إن استندت إلى ابن تاشفين فأنا أرضي الله، وإن استندت إلى الأذفونش أسخطت الله تعالى، فإذا كانت حالة الشك فيها عارضة فلأي شيء أدع ما يرضي الله وآتي ما يسخطه ؟! ” ثم قال كلمته المشهورة التي سجلها التاريخ :
اقتباس :
” رعي الجمال عندي- والله- خير من رعي الخنازير”
فأجاب ابن تاشفين النداء وقال: ” أنا أول منتدِب لنصرة هذا الدين” ، وعبر البحر في جيش عظيم، ولما علم ألفونسو بتحرك ابن تاشفين كتب إليه يهدّده ويتوعّده، فرد عليه ابن تاشفين بقوله: “الذي يكون ستراه “.
فلما عاد الكتاب إلى ألفونسو ارتاع لكلامه، فزاد استعداداً وتأهّباً، حتى رأى في منامه كأنه راكبٌ فيلا، وبين يديه طبلٌ صغير، وهو ينقر فيه، فقصّ رؤياه على القسيسين، فلم يعرف تأويلها أحد، فأحضر رجلاً مسلماً، عالماً بتعبير الرؤيا، فقصّها عليه، فاستعفاه من تعبيرها، فلم يعفه، فقال :” تأويل هذه الرؤيا من كتاب الله العزيز، وهو قوله تعالى : {أَلَمْ تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ}، وقوله تعالى: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ ﴿8﴾ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ ﴿9﴾ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ } ، ويقتضي هلاك هذا الجيش الذي تجمعه “.
فلما كان يوم الجمعة في العشر الأول من رمضان سنة 479 هـ تأهّب المسلمون لصلاة الجمعة، وخرج ابن تاشفين هو وأصحابه في ثياب الزينة للصلاة، أما المعتمد فقد أخذ بالحزم خشية غدر الرجل، فركب هو وأصحابه مسلحين وقال لأمير المسلمين ابن تاشفين: ” صلِّ في أصحابك، وأنا من ورائكم وما أظن هذا الخنزير إلا قد أضمر الفتك بالمسلمين “، فأخذوا في الصلاة فلما عقدوا الركعة الأولى ثارت في وجوههم الخيل من جهة النصار ، وحمل ألفونسو لعنة الله في أصحابه يظنّ أنه انتهز الفرصة، وإذا بالمعتمد وأصحابه من وراء الناس يصدّون هجوم النصارى، وأخذ المرابطون سلاحهم وركبوا خيولهم، واختلط الفريقان، وأظهر المعتمد وأصحابه من الصبر والثبات وحسن البلاء الشيء العظيم، فقاتل بنفسه في مقدّمة الصفوف، وأُثخن بالجراح، وهلك تحته ثلاثة أفراس كلما هلك جواد قدموا له غيره، وقاتل المسلمون قتال من يطلب الشهادة ويتمنى الموت، حتى هزم الله العدو، وأتبعهم المسلمون يقتلونهم في كل اتجاه، ونجا ألفونسو في نفر من أصحابه عند حلول الظلام، بعد أن أصابته طعنة في فخذه.
فهزمه الله شر هزيمة وأعز جنده المؤمنين في هذه المعركة، وكُتبت للأندلس بسببها حياة جديدة امتدت أربعة قرون أخرى، بعد أن كانت على موعد مع الفناء والاستئصال.
وكان هذا لأنهم أخذوا بالأسباب وأخلصوا النية لله تعالي وكان رضي الله والجنة هو هدفهم.

معركة الأرك جمادى الثانية 591 هـ:

لعل معركة الأرك 1195م الشهيرة كانت آخر بصيصٍ في الشمس الإسلامية بأرض الأندلس، فبعدها لم ينتصر المسلمون في معركة كبيرة أبدًا، حتى تم طردهم بشكل نهائي وإنهاء معالم الدين الإسلامي ومظاهره في الأندلس.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط-   تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- Emptyالأربعاء 20 مارس 2019, 4:49 pm

أحداث فاصلة في تاريخ الأندلس - الجزء الثاني



ذكرنا في المقال السابق” أحداث فاصلة في تاريخ الأندلس لابد أن تعرف عنها” أهم محطات قصة فتح الأندلس ومتتبعين الأسباب التي أدت للنجاح، الأن نستكمل باقي القصة خاتمين بأسباب الهزيمة والسقوط.

معركة بلاط الشهداء:

 
تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- %D8%B9%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%A8%D9%84%D8%A7%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%AF%D8%A7%D8%A1
التقى الجيشان؛ خمسون ألفًا من المسلمين أمام أربعمائة ألف استطاع “شارل مارتل” تجميعهم من كل شيء طالته يداه؛ فمحاربون ومرتزقة، وفرنجة وهمج قادمون من الشمال، وأمراء وعامة وعبيد، واندلع القتال بين الجيشين لمدَّة تسعة أيام لا غالب ولا مغلوب.
حتى إذا كان اليوم العاشر، حمل المسلمون على الفرنج حتى كادوا ينتصرون إلاَّ أن فرقة من فرسان الفرنجة استطاعت أن تنفذ إلى معسكر الغنائم في خلف الجيش الإسلامي، وهنا صاح الصائح ينادي على الغنائم، فقفلت فرقة من الفرسان في قلب الجيش الإسلامي إلى الخلف مدافعة عن الغنائم، فاهتزَّ قلب الجيش الإسلامي، ثم اهتزَّ وضع الجيش جميعه مع هذه الحركة المفاجئة، وما كان عبد الرحمن الغافقي –رحمه الله- ينادي على الناس ويحاول تجميعهم من جديد حتى أصابه سهم ألقاه من على فرسه شهيدًا، فصارت الطامَّة طامتان: ارتباك حركة الجيش، واستشهاد القائد العظيم.
وكان قائد المعركة الأخيرة عبد الرحمن الغافقي‏ آخر مسلم قاد جيشًا إسلاميًّا منظمًا لاجتياز جبال البرانس، ولفتح فرنسا، وللتوغُّل -بعد ذلك- في قلب أوربا. وهُزِمَ الغافقي‏.‏‏.‏ سقط شهيدًا في ساحة بلاط الشهداء‏ إحدى معارك التاريخ الخالدة الفاصلة‏.‏‏.‏ وتداعت أحلام المسلمين في فتح أوربا، وطَوَوا صفحتهم في هذا الطريق‏.‏‏.‏ وكان ذلك للسبب نفسه الذي استفتحنا به دروس الهزيمة‏.‏‏.‏ أعني بسبب الغنيمة. ومنذ تمَّ الاستقرار في المغرب العربي، وإسبانيا الإسلامية، وهم يطمحون إلى اجتياز جبال البرانس وفَتْح ما وراءها، هكذا أراد موسى بن نصير،‏ لكن الخليفة الوليد بن عبد الملك‏ خشي أن يُغَامِر بالمسلمين في طريق مجهولة، ثم فكَّر على نحو جدي السمحُ بن مالك الخولاني والي الأندلس ما بين عامي 100-102هـ‏‏، وتقدَّم فاستولى على ولاية سبتمانيا‏‏ إحدى المناطق الساحلية المطلَّة على البحر الأبيض المتوسط جنوب فرنسا، وعبر -بذلك-‏ السَّمْح‏ جبال البرانس، وتقدَّم فنزل في أرض فرنسا مُنعطِفًا نحو الغرب؛ حيث مجرى نهر الجارون، مُستوليًا في طريقه على ما يقابله من البلدان، حتى وصل إلى تولوز -في جنوب فرنسا- لكنه لم يستطع أن يستقرَّ فيها، وقُتِلَ السَّمْحُ، وتراجعت فلول جيشه تحت قيادة أحد قواده عبد الرحمن الغافقي‏‏ فكأن السَّمْح لم ينجح إلاَّ في الاستيلاء على سبتمانيا»

النصر الكارثي:

ربما يبدو هذا العنوان غريبًا على البعض؛ لكنه في الحقيقة كان ما أثبته الواقع وشهد به التاريخ، ولقد فطن إلى هذا المعنى بعض المنصفين من مؤرخي أوربا، قال أناتول فرانس:
اقتباس :
“إن أهم تاريخ في حياة فرنسا هو معركة بواتيه -بلاط الشهداء- حين هَزَم شارل مارتل الفرسان العرب -المسلمين- في بواتيه سنة 732م، ففي ذلك التاريخ بدأ تراجع الحضارة العربية أمام الهمجية والبربرية الأوربية بين التاريخ والواقع”
-الملاحظ أن المسلمين قد اغترُّوا بهذه الدنيا التي فُتحت عليهم فتنافسوها؛ ففي الحديث عن عمرو بن عوف الأنصاري أن رسول الله قال:
اقتباس :
«فَوَاللهِ! مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ أَخَشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ»
فسُنَّة الله في خلقه أنه إن فُتِحَت الدنيا على الصالحين؛ فاغترُّوا بها وتنافسوا فيها؛ فإنها ستُهلكهم لا محالة كما أهلكت مَنْ كان قبلهم
-أمر آخر كان في جيش المسلمين وكان من عوامل الهزيمة؛ وهو العنصرية والعصبيَّة القَبَلِيَّة، التي كانت بين العرب والأمازيغ (البربر) في هذه بلاط الشهداء، ولقد شاهد الفرنسيون أثر هذه العصبية ووَعَته كتبهم، وظلَّ في ذاكرتهم على مدار التاريخ
 

معركة العقاب 15 صفر 609هـ:

 
تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- %D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D9%83-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE
لقد شهدت بلاد الأندلس العديد من المعارك الحاسمة والتاريخية في مصير دولة الإسلام في الأندلس، والتي كانت بمثابة النقاط الفاصلة في حياة الأمة، وإن كانت معارك مثل وادي لكة وبلاط الشهداء وبرشلونة وفتح جليقية والزلاقة والأرك سببًا لتدعيم مكانة الدولة وزيادة قوتها، فإن معركة العقاب كانت فاتحة الانهيار الشامل لقواعد الأندلس الكبرى
فبعد الانتصار الباهر الذي حققه الموحدون حكام الأندلس والمغرب على صليـبي الأندلس في معركة الأرك سنة 591هـ، ركن الصليبيون للمهادنة انتظارًا للفرصة السانحة للوثوب مرة أخرى، وكان ألفونسو الثامن منذ هزيمة الأرك الساحقة يتوق إلى الانتقام لهزيمته وغسل عارها الذي جلل سيرته وفترة حكمه، فلما اشتعلت ثورة «بني غانية» وهم من أولياء دولة المرابطين التي كانت تحكم الأندلس والمغرب قبل الموحدين، في شرق الأندلس وشمال إفريقيا انشغل زعيم الموحدين «الناصر لدين الله» بقمع هذه الثورة، وذلك منذ سنة 595هـ حتى سنة 607هـ، وهي السنة التي قرر فيها ألفونسو الثامن الهجوم على الأندلس مرة أخرى.
بدأ ألفونسو الثامن حملته الصليبية على الأندلس بإزالة الخلافات العميقة بين ممالك إسبانيا النصرانية الثلاثة (قشتالة ـ ليون ـ أراجون) والتي كانت سببًا مباشرًا لهزيمة الصليبيين المدوية في معركة الأرك سنة 591هـ، ثم قام ألفونسو الثامن بطلب المعونة والمباركة من بابا روما، وهو البابا «إنوصان الثالث» وكان يضطرم بروح صليبية عميقة ويجيش بأحقاد عظيمة تجاه المسلمين الذين أفشلوا الحملات الصليبية على الشام وحرروا القدس، فوافق البابا على ذلك الطلب وأعلن شن حرب صليبية ضد مسلمي الأندلس، بعدها بدأت التحرشات الإسبانية.
اقتباس :
“ونلاحظ أنه لطالما كان تفرقنا وتنازعنا علي الدنيا سببًا لهزيمتهم ومحفزًا لهم علي توحيد صفوفهم “
 
وصلت الجيوش الموحدية لإشبيلية في آخر ذي الحجة سنة 607هـ، وهناك انضم إليه أعداد كبيرة من جنود الأندلس وأصبحت الجيوش في حالة تعبئة كاملة، وحدد الناصر هدف الهجوم. وهو قلعة شلبطرة في جبال الشارات «سييرامورنيا الآن»، وكانت هذه القلعة بيد فرسان المعبد الصليبي، وكانت نقطة إغارة دائمة للصليبيين على المدن الإسلامية بالأندلس، فطوق الموحدون القلعة وضربوها بالمجانيق حتى فتحوها بعد 51 يومًا من الحصار.
كان لفتح هذه القلعة أثر شديد في قلوب الصليبيين خصوصًا ألفونسو الثامن للأهمية الكبيرة لهذه القلعة، فقرر الهجوم على قلعة رباح وكانت نظيرة قلعة شلبطرة في الأهمية والمكانة عند المسلمين، وقد انضم لألفونسو آلاف المتطوعين من فرنسا وألمانيا وهولندا وإنجلترا ومجموعة كبيرة من الأساقفة والرهبان، إضافة للفرسان الأسبتارية والداوية الذين انتقلوا من الشام إلى الأندلس لحرب المسلمين، وأمر البابا إنوصان الثالث في روما بالصوم ثلاثة أيام التماسًا لانتصار الجيوش الصليبية على مسلمي الأندلس، وأقيمت الصلوات العامة وعمد الرهبان والراهبات إلى ارتداء السواد والسير حفاة في مواكب دينية بخضوع وتمهل ومن كنيسة إلى أخرى، وجاشت نفوس الأوربيين كافة بروح صليبية عارمة.
هجم الصليبيون بشدة على قلعة رباح وشددوا عليها الحصار حتى أجبروا حاميتها الصغيرة على الاستسلام نظير الأمان، وقد أدى هذا الأمان لغضب الصليبيين الفرنجة الذين جاءوا من أوروبا الذين أرادوا ذبح الحامية الإسلامية ورفض أي تسوية سلمية تحقن دم المسلمين، وتنامى هذا الغضب حتى انشق كثير منهم وتركوا ألفونسو الثامن وعادوا إلى بلادهم.
استعد الفريقان للصدام المرعب وكان الناصر الموحدي مزهوًا بنفسه واثقًا من النصر لحد الغرور المهلك نظرًا لضخامة الجيوش الموحدية «قرابة النصف مليون»، وكانت ثنية العقاب عند سفح جبال الشارات بالقرب من «مدريد» حاليًا هي موضع القتال الذي اندلع في 15 صفر سنة 609هـ، وهجم الموحدون بكل قوتهم على صفوف الصليبيين الذين صمدوا بروعة لهجوم الموحدين، ثم أخذوا في التراجع والانهزام أمام الموحدين، وبدا النصر قريبًا، ولكن كان الهجوم الخاطف الذي قاده ألفونسو الثامن بنفسه على ميمنة الموحدين ثم تلاه هجوم مماثل على ميسرة الموحدين قام به ملك أراجون، فاضطرب جناحا الجيش الإسلامي واختلطت صفوفهم، وعندها قام الأندلسيون بتنفيذ خطتهم في الفرار من أرض المعركة، وحاول الناصر الموحدي عبثًا تنظيم صفوف جيشه ولكنه فشل وكاد أن يقتل هو نفسه، وانتهت المعركة بهزيمة ساحقة للموحدين قتل فيها عشرات الآلاف، منهم معظم المتطوعين من المغاربة وقبائل العرب.
وكانت هذه الهزيمة الساحقة أول مسمار في عرش دولة الموحدين الكبيرة وإيذانًا بانهيار مملكتهم الواسعة وحول ميزان القوى بالأندلس لصالح الإسبان، وقد عم الابتهاج والفرح في أنحاء أوروبا وأقيمت صلوات شكر مخصوصة قام بها إنوصان الثالث بنفسه.
 

الأخطاء والعوامل التي أدت للسقوط والانهيار:

-لا بأس من الاستعانة بالنصارى على قتال المسلمين المجاورين في سبيل استعادة العرش، مع الخطأ العقائدي القاتل في هذا الأمر، إلا أنه في سبيل هذان يتوجب عليك تسليم مدينة أو ما يشترطون.
وفي سلسلة من الحوادث المؤسفة، كان السلطان أبو الحجاج يوسف يقف للصلاة في عيد الفطر، فاخترق الصفوف رجل من عامة الناس، وصار يطعنه بالخنجر حتى فاضت روحه البريئة 1354م. بموته انقطعت الصلات الوثيقة بين أهل غرناطة وحلفائهم المسلمين في البلاد الأخرى، ولم تزد العلاقات أكثر من التهنئة بالأعياد أو التعزية في مصاب.
-وأهم ما ساهم في رسم بداية الفصل المأساوي الأخير، وغروب شمس الإسلام من بلاد الأندلس، أن وقع الملك أبو عبد الله محمد أسيرًا في يد القشتاليين. وكان ضعيف الهمة، كلما أهمه هو الخروج من الأسر، واستعادة العرش مهما كانت الوسائل، وأيًا كان من يساعده. فهم أعداؤه هذا جيدًا فاحتفظوا به كورقة رابحة تستخدم من حينٍ لآخر، ولم يكفوا عن تقديم الوعود ذات البريق الزائف. واستطاعوا أن يُعيدوا تشكيل أفكار ذلك الملك الضعيف، وأقنعوه أن قشتالة هي أم الدنيا، والرابح من يسعى لإرضاء فرناندو وإيزابيلا. هذا بالطبع لمن أراد الدُنيا فسعى لها. وأصبح الملك مهيأً لفعل ما يطلبونه، مهما كان فيه من تفريطٍ في ما هو من واجب الدين، وما لا ينبغي على مسلمٍ تركه أبدًا.
وهذا تحديدًا ما كانت الملكة عائشة تخشى حدوثه، أن يقع ابنها تحت تأثير النصارى، ونفوذهم. ولعلها كانت تدرك عاقبة هذا الأمر في تبديل دين المرء فإنه مما روِي عن سفيان الثَّوري:
اقتباس :
“لما التقى يوسف ويعقوب عليهما السلام عانق كل واحد منهما صاحبه وبكى. فقال يوسف: يا أبت بكيت عليَّ حتَّى ذهب بَصرك. ألم تعلم أن القيامة تجمعنا؟! قال يعقوب: بلى يا بني. ولكن خشيت أن يُسلَب دينك، فيُحال بيني وبينك”
ولم يعلم كثيرٌ من الناس أن الملك قد خرج من أسره ضعيفًا مُتهالكًا، باع للعدو كل شيء مقابل العرش. فكان:
-يعترف بالطاعة والتبعية للتاج الإسباني.
-يدفع جزية سنوية قدرها 12 ألف دوبل من الذهب.
-يفرج عن أربعمائة أسير من أسرى النصارى.
-يقدم ولده الأكبر وأبناء بعض الأمراء رهينةً للوفاء.
-وظل يدعو الناس لمهادنة النصارى والتصالح معهم، من أجل العيش في سلام ورخاء!.
-ثم كان توقيع معاهدة التسليم بين جانب قشتالي قوي متشدد، وجانب غرناطي ضعيفٌ متهالك عام 1491م_897هـ
وكانت مليئة بالبنود المهينة، التي تضمن كل القوة للقشتالين، ولا تضمن شيئًا للمسلمين، اللهم إلا أن يظلوا مسلمين، ولا يحق لنصراني أن يدخل دور عبادتهم ويقتحمها، ومن يفعل يعاقب، وألا يكون لغير المسلمين سلطة أو ولاية عليهم!
وكعادة كل المعاهدات التي يصر حكامنا عليها، لم ينفذ فيها إلا ما يضمن للقشتاليين، مطامعهم. فخرقوها من أول يوم دخلوا فيه غرناطة، حيث أقاموا القداس في جامع غرناطة الكبير. ثم توالت الانتهاكات حتى صدر مرسومٌ بطرد المسلمين من الأندلس وإلقائهم على شواطئ المغرب.
-المشكلة أن المسلمين لم يكونوا مجبرين على التسليم أبدًا، وقد كان بإمكان المسلمين المقاومة ورد النصارى. ما نعرفه يقينًا أن الملك ومن معه من الوزراء كانوا أحد العوامل الرئيسية في تسليم غرناطة. ولعل النقطة الوحيدة التي تُحسب له أن رفض التنصير جملة وتفصيلًا، رغم كل ما فرط فيه، ورفضه الاستماع لمن نادى بالمقاومة والشهادة وعدم الموافقة على التسليم. ولو كان أخذ هذا الموقف الشجاع لوجد معه شعبًا عظيمًا يؤثر الشهادة على التسليم.
وهذا حال المعاهدات دائمًا وأبدًا، حكامنا يسلمون أراضينا، من أجل السلام والرخاء. ثم، لا سلام، ولا رخاء، بل مزيدٌ من الشقاء، والتبعية. وما معاهدة كامب ديفيد ببعيد، بل إنا نتجرع مُر السلام هذا كل آن.
ولا يزال ملوك بني الأحمر يحكمون البلاد الإسلامية، بأحقادهم وحرصهم على الملك والعرش، ويلعبون بمستقبل البلاد والعباد، والقشتاليون يكسبون في كل يوم أراضٍ جديدة. لم يعد أمام المسلمين من سبيل إلا واحدة واضحة، يجب التخلص من حكم بني الأحمر في كل بلاد المسلمين، ويجب القضاء على دول الطوائف التي زخر بها عالم المسلمين اليوم والجهاد طريقٌ إلى الجنة أو إلى حياة كريمة عزيزة أبية.
 

المصادر:

كتاب “وتذكروا من الأندلس الإبادة” لأحمد رائف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط-   تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- Emptyالأربعاء 20 مارس 2019, 4:52 pm

 ليلة سقوط غرناطة



تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- %D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%A1




في تلك الليلة ماذا حدث؟
وكيف مرت هذا الليلة على المسلمين؟
ساعات الليل قبل تسليم غرناظة أين قُضيت ومع من؟ أهل القصر والملك والوزراء والمجاهدين؟
ماذا فعلوا في تلك الليلة؟!
قد يسقط من التاريخ سهوا موقف أو شخص ما وذلك لقلة أو لعدم وجود من يسجل التاريخ في تلك اللحظة ولكن لا يمكن أن تسقط بلدًا سهوا بدون تسجيل ماذا حدث في تلك الليلة ومع ذلك لم يكتب التاريخ عن تلك الليلة إلا القليل، ليلة نهاية تاريخ وبداية تاريخ أخر، إنها ليلة سقوط غرناطة فهناك مدن لها تاريخ ولكن غرناطة هي التاريخ نفسه بقعة زكية من الأرض. أخذت من ثمرة الرمان لونها واسمها وكانت شاهدا على أفول حلم وبعث حلم جديد إنها آخر الممالك التي سقطت من الأندلس القديم بعد أن ظلت تقاوم وحدها أكثر من مائة عام.
في عام 896 هـ – 1491م أطبق النصارى الحصار على غرناطة بحراً وبراً ورابطت السفن الإسبانية في مضيق جبل طارق وعلى مقربة من الثغور الجنوبية ولم يكن ثمة أمل في العون من أفريقيا التي سقطت معظم ثغورها الشمالية في أيدي البرتغاليين فضلا عن ضعف إمارات المغرب وتفككها وقد اشتد البلاء والجوع بالمحاصرين داخل غرناطة ودب اليأس إلى قلوب الجند والعامة أوصد المسلمون أبواب غرناطة واحتموا بأسوارها في يأس وقلق وهم يرون شبح النهاية ماثلاً أمام عيونهم وكان قد مضى على الحصار حوالي سبعة أشهر وهم يغالبون الأهوال وقد جاءت آخر معاركهم لتبدد الأمل في الخلاص والنصر واشتد الجوع والمرض والحرمان.
وجعلت تنظر غرناطةُ إلى القصر البهي العظيمِ وهو آخر تلك القصور التي شغل رواؤها الأمراء وأنستهم سكناها أخلاق صحرائهِم الأُولَى فكانت مقابر لأمجادهم طَفقَت تنظر إليه فلا ترى من بناة الحمراء إلاّ رجل وأمه، فحولَت وجهها عنِ القصر إلى جِهة السور و تساءلت عائشة: هل عاد موسى؟
و فجأة جاء موسى من الظلام فإذا هو يلمع كالبدر المنير وكذلك يقذف هذا الشعب العربِي بالأبطال كلما حاقت الشدائد وإذا هو ملء السمع والبصر وإذا هو بطل المعركة دعا إلى القتال شعبا كل من هو قادر على القتال، هذا الشعب الذي علمه محمدٌ كيف يلبى كلّما دعِي إلى التضحية والجهاد لباه وتشققَت أَسمالُه البالية عن أُسود غاب وسباعِ عرين، ووقف بهؤلاء الأسود في وجه السيل الإسباني وما زال ثابتا ولكن أُسوده قد سقطوا صرعى في ميادين الشرف.
وقد كان موسى آخر سطر في سفر الحق والبطولة والمجد ذلك الذي كتبه العرب المسلمون في ثمانمائة سنة، فمحاه الأسبان في سنوات ولم يبق إلا هذا السطر فإذا طمس ذَهب السفر وباد وقد كان موسى آخر نفسٍ من أنفاس الحياة في الأندلس المسلمة؛ فإذا وقف هذا النفس الواحد صارت الأندلس المسلمةُ أثرا بعد عين وصارت ذكرى عزيزة في نفسِ كل مسلم وأمانة في عنقه إلى يوم القيامة.
ووصل موسى ذلك البطل الذي أخطأ طريقَه في الزمان فلم يأْت في سنوات الهجرة الأُولَى بل جاء في الأَواخر من القرن التاسع ولم يطلع في الحجاز التي كانت تبتدئ تاريخها المجيد بل في الأندلس التي كانت تختم تاريخها، وكانت تعلوه كآبة فأنصت الشعب واحترم كآبة هذا الرجل الذي لو سبق به الدهر لَصنع يرموكًا أُخرى أو قَادسية ثانية.
فإِذا هو يعلن النبأ المهول نبأ تسليم أبي عبد الله الصغير مفاتيح غرناطة! نبأٌ بدأ صغيرا كما تبدو المصائب فلم يدر الناس لهول المفاجأة ما أَثَر هذا وما خطَره ولكن القرون الآتيات درت ما أَثَر هذا النبأ ولم تفرغ إلى اليوم من وصف فواجعه وأهواله.
كان قلب موسى يدمى وهو يشهد تسليم غرناطة المسلمة إلى ملوك النصارى وكان أكثر ما يؤلمه ذلك التخاذل والضعف لدى الخاصة والعامة ويحس بالعجز إزاء الأحداث الرهيبة المتلاحقة وحين اجتمع الزعماء والقادة ليوقعوا وثيقة التسليم في بهو الحمراء لم يملك الكثيرون منهم أنفسهم من البكاء والعويل فصاح موسى فيهم قائلا “اتركوا العويل للنساء والأطفال فنحن لنا قلوب لم تخلق لإرسال الدمع ولكن لتقطر الدماء وحاشا لله أن يقال إن أشراف غرناطة خافوا أن يموتوا دفاعا عنها”.
ثم صمت موسى وساد المجلس سكون الموت وعندها قال الأمير الخائر الضعيف أبو عبد الله وصاح “الله أكبر لا إله إلا الله محمد رسول الله ولا راد لقضاء الله.. تالله لقد كتب عليّ أن أكون شقيا وأن يذهب الملك على يدي” وصاحت الجماعة على أثره “الله أكبر ولا راد لقضاء الله” وكرروا جميعا أنها إرادة الله ولتكن ولا مفر من قضائه ولا مهرب، لقد استخدموا القضاء والقدر في تبرير خوفهم وجبنهم عن نصرة الإسلام وحالهم كحال الجبرية الذين يقولون إننا مجبرون على المعاصي، وعندما رأى موسى بن أبي الغسان أن محاولاته ذهبت أدراج الرياح نهض مغضبًا ثم قال لهم مقولته الشهيرة.
نبوءة موسى : “لا تخدعوا أنفسكم ولا تظنوا أن النصارى سيوفون بعهدهم ولا تركنوا إلى شهامة ملكهم إن الموت أقل ما نخشى فأمامنا نهب مدننا وتدميرها وتدنيس مساجدنا وتخريب بيوتنا وهتك نسائنا وبناتنا وأمامنا الجور الفاحش والتعصب الوحشي والسياط والأغلال وأمامنا السجون والأنطاع والمحارق هذا ما سوف نعاني من مصائب وعسف، وهذا ما سوف تراه على الأقل تلك النفوس الوضيعة التي تخشى الآن الموت الشريف أما أنا فوالله لن أراه”.
وإذا بأطفال غرناطة ينشدون ذلك النشيد الذي لا يعرف من نظمه لهم، فيصغي الناس ويستمع الفَلَك الدائر:
“لا تَبْكِ يا أُمَّاهُ، إنَّا ذاهبون إلى الجنَّة.
إنَّ أرض غرناطة لن تَضِيقَ عن لَحْدِ طفل صغيرٍ مات في سبيل الله.
إن أزهار غرناطة لن تَمْنَعَ عِطرَها قَبْرًا لم يُمَتَّعْ صاحبُهُ بعِطْرِ الحياة.
إن ينابيعَ غرناطة لن تَحْرِمَ ماءَها ثَرَى لَحْدٍ، ما ارتَوَى صاحبُهُ من مائها.
أنتِ يا أرضُ غرناطة أُمُّنَا الثانيةُ فضُمِّينَا إلى صَدْرِكِ الدافئ الذي ضَمَّ آباءنا الشُّهَدَاء.
لا تَبْكِ يا أُمَّاهُ بلِ اضْحَكِي، واحفظي لِعَبَنَا، سيأتي إخوتنا فيلعبون بها.
فذَكِّرِيهِمْ بأنَّنا تركناها من أجل هذا الوطن، سنلْتَقِي يا أُمَّاهُ! إنَّكِ لن تُؤْثِرِي الحياة في ظلال الإسبان على الموت تحت الراية الحجازيَّة… ولن تَضِيقَ عَنَّا أرض غرناطة؛ ما ضاقت أرضُنَا بشهيد”.
ولم يعد يطيق موسى أكثر من ذلك فلَكَز فَرسه وانطلق إلى حيث لا يدري أحد كما جاء من حيث لم يدر أحد و كذلك ذَهب آخر أبطال الأندلس لم يخلف له قَبرا في الأرض، ولا سيرة واضحةً في التاريخ بل مر على الدنيا كالحلم بهيج!
وحده موسى بن أبي الغسان اختار الاحتجاج على تسليم غرناطة ووحده حمل السيف والدرع وخرج من الحمراء إلى حمراء أخرى، وحده موسى بن أبي الغسان اختار الطريق السهل وترك للملك الصغير الاختيار الأصعب، وتحقق لموسى الخلاص يوم بدأت المعاناة في غرناطة وجبال الجنوب وبلنسية والمرية في الساحل الشرقي، رحمةُ الله على موسى بن أبي الغَسَّان>

يوم تسليم مفاتيح غرناطة والرحيل


امتطى أبو عبد الله الصغير صهوة فرسه مولياً ظهره لقصر الحمراء الشهير في يوم بارد من أيام يناير 1492م. علت وجه أبي عبد الله سحابة كثيرة من الحزن وخيم على الركب الصغير صمت طويل ينبئ عما يكتنف قلوب هذا الركب من غم شديد. سار أبو عبد الله تتبعه امه وبعض من أهله وصحبه في ذلك الطريق الملتوي الطويل الذي يمر بين شعاب غرناطه وجبالها متجهاً إلى منفاه ليفارق غرناطة إلى الأبد.
كانت الشمس قد آذنت بالغروب وأخذت تعكس بأشعتها الذهبية على جدران قصر الحمراء لتكسي حجارته بصبغة حمراء باهتة فتضفي عليه سحراً وجاذبية.
توقف أبو عبد الله قليلاً عند تلة صغيرة تُشرف على وادي غرناطة المكتظ ببيوته البيضاء ليلقي نظرة وداع أخيرة على مدينته الحزينة التي يتوسطها قصره الشهير، تسارعت في ذهن أبي عبد الله ذكريات الصبا وأيامه الجميلة التي قضاها في صالات وأروقة هذا القصر وفي حدائقه الفناء الواسعة كان أبو عبد الله يعرف ان تلك الوقفة سوف تكون الأخيرة وان تلك النظرة ستكون النهائية إذ ليس يأمل أبداً بأن يرى مدينته المحبوبة ثانية، تمنى ابو عبد الله لو تطول تلك الوقفة لعله يستطيع أن يملأ عينيه بتلك المناظر الساحرة التي تثير في نفسه ذكريات الصبا، إلاّ أن الحزن الذي يعتصر قلبه سرعان ما استحوذ على عينيه وإذا بهما تنهمران دمعاً ساخناً حاول جاهداً إن يخفيه عن نظرات امه الحادة التي عاجلته بلسانها الذرب.
اقتباس :
ابك مثل النساء ملكاً مضاعًا، لم تحافظ عليه مثل الرجال.

نسيت عائشة الأم أنها كانت سبباً هاماً لسقوط غرناطة آخر معقل للإسلام في الديار الأندلسية بسبب غيرتها وتسلطها على ولدها أبي عبد الله وأحابيل مكرها التي كانت تنسج شباكه في غرف القصر وصالاته، وهكذا غادر أبو عبد الله آخر سلاطين بني الأحمر غرناطة تاركاً أهلها المسلمين لرحمة الأسبان الذين لم تعرف الرحمة يوماً إلى قلوبهم سبيلاً، ولتبدأ مرحلة بائسة طويلة مليئة بالأحزان والدموع، متسربلة بالدماء، وليسدل الستار أخيراً على الإسلام في الأندلس بعد بضعة قرون من السنين.
كان رحيل أبي عبد الله آخر ملوك بني الأحمر بداية النهاية للحكم الإسلامي في تلك البقاع.
ما كان أحد يظن أن شمس الإسلام التي أشرقت على أرض الأندلس ستغرب عنها يومًا، وأن كلمات الأذان الصادح من فوق قامات المآذن ستتحول إلى أصوات أجراس من فوق أعواد الكنائس، وما كان أحد يتصور أن ستغيب عن الأندلس حلقات العلم، ودروس الحديث والفقه في جوانب المساجد، وأن الأرض التي امتلأت جنباتها شعرًا ونثرًا عربيًا ستصبح غريبة الوجه واللسان، ولكن هذا ما كان!
ولا غالب إلا الله.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط-   تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- Emptyالأربعاء 20 مارس 2019, 4:55 pm

المقاومة الإسلامية في الأندلس  بعد سقوط غرناطة..
ثورة البَشَرَات الثانية 1568م




تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- %D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%AF%D9%84%D8%B3-%D9%84%D9%84%D9%85%D9%88%D9%82%D8%B9





سقطتْ مملكةُ غرناطة 1492م، وسَقط بسقوطها آخرُ معاقل المسلمين في الأندلس، وكانت معاهدة التسليم تضمنُ حريةَ العقيدة والعبادة لمسلمي الأندلس، اشتملت المعاهدة على سبعةٍ وستين شرطًا، حسب المصادر العربية، منها:
{تأمينُ الصغير والكبير في النفس والأهل والمال، وبقاءُ الناس في أماكنِهم ودُورِهم وعَقَارهم، وإقامةُ شريعتهم على ما كانت عليه سابقًا، ولا يَحكم عليهم أحدٌ إلا بقوانينهم، وأن تبقى المساجدُ والأوقاف كما كانت، ولا يُمنع مؤذنٌ ولا مصلٍ ولا صائمٌ ولا غيرُه من أمورِ دينه، وأن يوافقَ على كل هذه الشروط “صاحبُ روما” أي البابا}.
رأتِ الحكومةُ الإسبانية أن تسيرَ الأمور في بادئ الأمر على وفق شروط التسليم؛ حفاظًا على الهدوء والسكينة في المدينة ريثما تستقر الأمور.
ولكن هذا الهدوء لم يستمر سوى سبعة أعوام، ثم بدأ البطشُ والتنكيل، ونكثُ العهود، وخَلْفُ الوعود، ونقضُ العقود. فمُنع الأذانُ من المساجد، وأُخرج المسلمون من غرناطة إلى ما حولها من القرى والنواحي.
حاول أهلُ غرناطة التأقلمَ مع الوضع الجديد، بعد أن سيطر الإسبانُ على أرضِهم وممتلكاتهم، وفُرضتْ عليهم الضرائب ُوالرسوم، ومُنعوا من أداء شعائر دينهم، مع محاولاتٍ مستمرة لإقناعهم بالتخلي عن عقيدتهم وعروبتهم. فلما تبين للإسبان إصرارُ المسلمين على التمسك بدينهم ولغتهم جنحوا إلى سياسة العنف والمطاردة.
في عام 1499م طاف الجنودُ الإسبان على مسلمي غرناطة فجمعوا ما لديهم من مخطوطاتٍ عربية ومصاحفَ وحملوها إلى ساحةِ المدينة في ميدان “باب الرملة” فجُمعت عشراتُ الألوف من هذه الكتب في مختلف العلوم والآداب وأُشعلت فيها النيرانُ، ولم يُستَثنَ منها سوى ثلاثمائة من كتب الطب والكيمياء والرياضيات؛ لســدِّ النقص في الجامعات الإسبانية، وهكذا ذهبتْ ضحيةَ هذا الإجراء البربري عشراتُ الألوف من الكتب التي أنتجها الفكر الإسلامي في الأندلس.
وقد قدّر البعضُ عددَها بثمانين ألف مخطوطٍ عربي، في حين يُبالغ بعضُ مؤرخي الإسبان فيجعلها مليونًا وخمسة آلاف كتابا، والقصدُ عزلُ مسلمي الأندلس عن تاريخهم وتراثهم ولغتهم وحضارتهم العربية والإسلامية، ثم حُوّل مسجدُهم إلى كنيسة سميت باسم “سان سلفادور”، وأُكرهت فتياتُهم على الزواج من الإسبان، كما أُكره الرجالُ على الزواج من الإسبانيات؛ والهدفُ تذويبُ الهوية الإسلامية والعربية والقضاء عليها.
وفي نفس العام صدر القرار الملكي بفَرْض التنصير الإجباري على كل مسلمي الأندلس، أو ترحيلهم إلى المغرب إن رفضوا ذلك، وهكذا تم تنصيرُ خمسين ألف أندلسي، وحُولت مساجدُهم إلى كنائسَ، أو أُزيلت من الوجود.
اقتباس :
ثم أصدر الملك فرديناد عام 1508 مرسومًا يحظُر على الأندلسيين التحدث باللغة العربية، وارتداء الملابس العربية، وممارسة أي عاداتٍ أو طقوس إسلامية أو عربية.

قامت انتفاضاتٌ عديدة وحركاتُ مقاومةٍ عنيفة في جنوب إسبانيا، منها ثورة ألمرية، وثورة وادي آش، ثورة بسطة ورُندة، وثورة حي البيازين، (أحد أحياء غرناطة، وكان يسكنه عشرة آلاف أسرة مسلمة، أي حوالي خمسين ألف من المسلمين)، وثورة البَشَرات الأولى 1499. ولكن فشلتْ كلُّ هذه الثورات، وتمَّ إخمادُها بسبب عدم التنسيق بين القرى والمناطق، وانعدام التواصل بين مسلمي الأندلس وإخوانهم في بلاد الغرب الإسلامي.
[rtl]

ثورة البَشَرات الثانية 1568

[/rtl]
تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- Rebeli%C3%B3n_de_Las_Alpujarras
تنحصر منطقة البَشَرات Alpujarras في الأراضي المرتفعة بين جبال “سيرا نيفادا” والبحر المتوسط، ويبلغ طولها نحو تسعةَ عشر ميلًا، وتضم الكثير من القرى التي يقطنها العرب.
[rtl]

أسباب الثورة

[/rtl]
كان الملك فيليب الثاني مسيحيًا متعصبًا لكنيسته الكاثوليكية، خاضعًا لأهواء رجالها، فأَصدر في نوفمبر 1566 قراراتٍ تعسفية، وأمر أن تُطبع في ســريةٍ تامة ثم تُنشـر فجأة في جميع أنحاء غرناطة في الأول من يناير 1567 في ذكرى سقوط المدينة، ليصبحَ مناسبة قومية يُحتفل بها كل عام.
{أعطى هذا القانون مدة ثلاث سنوات لمسلمي الأندلس لتعلم اللغة القشتالية، وبعدها لن يُسمح لأحد أن يكتبَ أو يقرأ أو يتخاطب اللغة العربية، ولن يُعترف بأيّ عقودٍ أو معاملات تجري بهذه اللغة، كما يجب أن تُسلم جميعُ الكتب العربية خلال شهرٍ إلى رئيس المجلس الملكي في غرناطة، ومَنع القانون صُنعَ الثياب العربية الجديدة، وإتلاف ما تبقى منها، كما حظر الحجابَ على النساء، وأوجب فتحَ أبواب المنازل أيام الجمع والأعياد؛ ليتمكنَ رجالُ السلطة والقساوسةُ من رؤية ما يدور داخلها، كما تم حظر التخضيب بالحِناء، واستخدام الحمامات، بل يجب هدمُها سواءً كانت عامة أو خاصة! كما حظر عليهم استخدام الأسماء والألقاب العربية}.
حاول المسلمون إيقافَ تنفيذ هذه القرارات، وأرسلوا وفدًا إلى الملك فيليب الثاني، ولكن تم تجاهلُ شكواهم وقُوبلوا بالإهانة والازدراء، وهنا لم يعد أمامهم طريق إلا الثورة المسلحة أمام قراراتٍ تقضي على هويتهم الإسلامية قضاءً مبرمًا.
[rtl]

أحداث الثورة

[/rtl]
تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- Bubion__5875_940x600
نتيجة لتجارب العرب السابقة فقد أدركوا أن ســرَّ النجاح في الكتمان والإعداد، فقام أحدُ زعمائهم ويدعى “فرج بن فرج” هو صباغ عربي يرجع نسبُه إلى أسرة بني سراج العربية، بالدعوة إلى الثورة والمقاومة، واجتمع المسلمون على تولية “فرناندو دي فالو” ملكًا عليهم وقائدًا للثورة، وهذا اسمه الإسباني، لكنه كان عربيًا صميمًا ينتمي إلى بني أمية، فهرعتْ إليه الوفودُ من كل ناحية، واحتفل الموريسكيون بتتويجه في التاسع والعشرين من ديسمبر سنة 1568 في احتفالٍ بسيط مؤثر.
فُرشتْ فيه على الأرض أعلامٌ إسلامية ذات أهلة، فصلّى عليها الأميرُ متجهًا صوب مكة، وقبَّل أحدُ أتباعه الأرضَ رمزاً للخضوع والطاعة، وأقسم الأميرُ أن يموتَ في سبيل دينه وأمته، وتسمى باسمٍ عربي هو محمد بن أمية صاحب الأندلس وغرناطة، وتم الاتفاقُ أن تكونَ ساعة الصفر هي ليلة الخميس 14 أبريل 1568، وهو يومٌ مقدسٌ عند الإسبان ينشغلون فيه باحتفالاتهم، ولكن تمّ تسريبُ الخبر عن طريق أحد الجواسيس، فتم تأجيل الموعد.
استكمل الثوار عدتَهم، واتُّفقَ على إشارة بدء الثورة، وقُسِّم الثوارُ ثلاث مجموعات:
المجموعة الأولى: تسيطر على مركز الحاكم العام لولاية غرناطة.
المجموعة الثانية: تسيطر على المستشفى الملكي، ثم محكمة التفتيش، وتعتقل قضاتها وزبانيتها، وتحرر السجناء المعذَّبين.
المجموعة الثالثة: تقتحم سجن غرناطة، وتعتقل رجالَه وجلاديه، وتحرر السجناءَ المنكوبين.
ثم تجتمع المجموعاتُ الثلاثة في ساحة غرناطة، وينضم إليهم السكانُ ويتم الدفاع عن المدينة، وتم تحديد الأول من يناير 1569 ليكون يوم انطلاق شرارة الثورة والمقاومة، ولكن حدث شيءٌ عَجَّل بقيام الثورة، حيث قابل الثوارُ في 23 ديسمبر مفرزًة إسبانية مكونة من خمسين جنديًا، فأبادوها وانتشرت شرارة الثورة، وحاول الثوار تنفيذ مخطط الثورة فوصلوا إلى مدينة غرناطة، وبالفعل دخلوها، ولكن نظرًا لتقديم الموعد وتغييره أحجم السكانُ عن الانضمام إلى الثوار، فاضُّطر الثوار إلى الانسحاب من المدينة.
كان محمد بن أمية متحصناً بقواته في آكام “بوكيرا” الوعرة، وكان الموريسكيون رغم نقص مواردهم وسلاحهم، قد حذقوا حربَ الجبال ومفاجآتها، فما كاد الإسبانُ يقتربون حتى انقضوا عليهم، ونشبت بين الفريقين معركة عنيفة، ارتد الموريسكيون على أثرها إلى سهول “بطرنة”، وتخلف كثيرون منهم ولاسيما النساء، فَفتك الإسبانُ بهم فتكاً ذريعًا، وبعث إليه بعضُ المسالمين ليستسلم، فكتب الدون ألونسو فنيجاس “بنيغش” سليل الأسرة الغرناطية القديمة إلى ابن أمية يعاتبه، وأنه قد جانب العقلَ والحزم في القيام بهذه الحركة التي تعرضه وتعرض أمته للهلاك، ونصحه بالتوبة والتماس العفو!
وكان محمد بن أمية يميل إلى الصلح والتفاهم، وتبودلت بالفعل المكاتبات بينه وبين الماركيز “دي منديخار” في أمر التسليم، ولكن المتحمسين من أنصاره ولاسيما المتطوعين المغاربة رفضوا الصلح، فاستؤنفت المعارك، ورجحت كفة الإسبان، وهُزِم الموريسكيون مرة أخرى، وأعلن الماركيز “دي منديخار” أن الأسرى الموريسكيين يعتبرون رقيقاً، وفرّ محمد بن أمية، وأُســرت أمُّه وزوجُه وأخواته، وقَتل الإسبانُ من تخلَّف منهم أشنعَ قتلٍ، وكان ممن تخلف منهم زعيمٌ باسلٌ يدعى الزمار ” أسرَه الإسبانُ مع ابنته الصغيرة، وأرسلوه إلى غرناطة حيث عذبوه عذابًا وحشيًا إذ نُزع لحمُه من عظامِه حيًا، ثم مُزِّقت أشلاؤُه. وهكذا كانت أساليب الإسبان ومحاكم التحقيق إزاء العرب المتنصرين.
تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- %D8%BA%D8%B1%D9%86%D8%A7%D8%B7%D8%A9
واختفى محمد بن أمية في منزل قريبه “ابن عبو”، وكان من أنجاد الزعماء، وطاردَه الإسبان دون أن يظفروا به، ووقعت بين الفريقين عدة معاركُ شديدة، قُتل فيها كثيرٌ من الفريقين، ومُزِّق الموريسكيون، وفَتك الإسبان كعادتهم بالأسرى، وقتلوا النساء والأطفال قتلا ذريعًا.
ووقعتْ في نفس الوقت مذبحةٌ مروعة أخرى في غرناطة، فقد كان في سجنها العام نحو مائة وخمسين من أعيان الموريسكيين، فأذاع الإسبانُ أن الموريسكيين سيهاجمون غرناطة لإنقاذ السجناء، وعلى ذلك صدر الأمرُ بإعدام السجناء، فانقضَّ الجندُ عليهم وذبحوهم في مناظرَ مروعة من السفك الأثيم.
وكان لهذه الحوادث الأخيرة أثرٌ في إذكاء الثورة، وكان نذيراً جديداً للموريسكيين بأن الموت في ساحة الحرب خير من الذبح في أقبية السجون، فسرى إليهم لهيب الثورة بأشد من قبل، فانقضوا على الحاميات الإسبانية ومزقوها تمزيقاً، واحتشدت جموعهم مرة أخرى تملأ السهل والجبل، وعاد محمد بن أمية ثانية إلى قيادة الثورة، والتف حوله الموريسكيون أضعاف ما كانوا، وبعث أخاه عبد الله إلى القسطنطينية (إسطنبول) بطلب العون من سلطانها، وأرسل في نفس الوقت إلى أمير الجزائر وإلى سلطان مراكش يطلب الانجاد والغوث.
ولكن سلاطين القسطنطينية لم يلبوا ضراعة الموريسكيين بالرغم من تكرارها منذ سقوط غرناطة، وأرسل أمير الجزائر مشجعاً ومعتذراً عن عدم إمكان إرسال السفن، ووعد سلطان مراكش بالمساعدة والغوث، ولكن هذا الصريخ المتكرر من جانب الموريسكيين لم ينتج أثره المنشود، ولم يلبه غير إخوانهم المجاهدين في إفريقية، فقد استطاعت جموعٌ جريئة أن تجُوزَ إلى الشواطئ الإسبانية، ومنهم فرقة من الترك المتطوعين، وأن تهرعَ إلى نصرة المنكوبين.
وهكذا عاد النضالُ إلى أشده، وخشيَ الإسبانُ من احتشاد الموريسكيين في البيازين ضاحية غرناطة، فصدر قرار بتشريدهم في بعض الأنحاء الشمالية. وكانت مأساةً جديدة مُزقتْ فيها هذه الأُسـر التعسة، وفُرِّق فيها بين الآباء والأبناء والأزواج والزوجات، في مناظرَ مؤثرةٍ تُذيب القلب.
وبينما كانت هذه الحوادث والمعارك الدموية تضطرم في هضاب الأندلس وسهولها وتحملُ إليها الخرابَ والموتَ والدمار، إذ وقع في المعسكر الموريسكي حادثٌ خَطِر، هو مصرع محمد بن أمية، وكان مصرعُه نتيجة المؤامرة والخيانة، وفى الحال اختار الزعماءُ ملكاً جديدًا هو “ابن عبو”، واسمه الموريسكي “ديجو لوبيث”، فتسمى بمولاي عبد الله محمد، وأُعلن ملكاً على الأندلس بنفس الاحتفال المؤثر الذي تم سابقًا. وكان مولاي عبد الله أكثرَ فطنة وروية وتدبراً، فحَمل الجميعَ على احترامه، ونَظَّمَ الجيشَ، واستقدَم السلاحَ والذخيرة من ثغور المغرب، واستطاع أن يجمع حوله جيشاً مدرباً قوامه زهاء عشرة آلاف مجاهد.
وفى أواخر أكتوبر سنة 1569 سار مولاي عبد الله بجيشه صوب “أرجبة” وهي مفتاح غرناطة، واستولى عليها بعد حصارٍ قصير، فذاعت شهرتُه وهرع الموريسكيون في شرق البَشَرَات إلى إعلان طاعته، وامتدت سلطتُه جنوبًا حتى بسائطَ رُندة ومالقة، واشتَدَّتْ غاراتُ الموريسكيين على فحص غرناطة La Vega.
ولما رأى فيليبُ الثاني استفحالَ الثورة الموريسكية، وعجزَ القادة المحليين عن قمعها، عيَّن أخاه الدون خوان قائداً عاماً لولاية غرناطة، الذي اعتزم أن يسير لمحاربتهم بنفسه، فخرج في أواخر ديسمبر 1569 على رأس جيشه، وسار صوب وادى آش، وحاصر بلدة “جليرا” وهى من أمنع مواقع الموريسكيين، وكان يدافع عنها زهاء ثلاثة آلاف موريسكي، منهم فرقة تركية، فهاجمها الإسبانُ عدةَ مراتٍ وصوبوا إليها نارَ المدافع بشدة، فسقطتْ في أيديهم بعد مواقع هائلة، أبدى فيها الموريسكيون والنساءُ الموريسكيات أعظمَ ضروب البسالة، وقُتل عددٌ من أكابر الإسبان وضباطهم، ودخلها الإسبان دخول الضواري المفترسة، وقتلوا كل من فيها من النساء والأطفال، وكانت هذه المذبحة البشعة في فبراير سنة 1570.
وهنا رأت الحكومة الإسبانية أن تجنح إلى شيءٍ من اللين، خَشية عواقب هذا النضال الرائع، فبعث الدون خوان رُسُلَه إلى الثوار في أمر الصلح، وصدرَ أمرٌ ملكيٌ بالوعد بالعفو عن جميع الموريسكيين الذين يقدمون خضوعهم خلال عشرين يوماً، ولهم أن يقدموا ظَلَامَاتهم فتُبحث بعناية، وكل من رفضَ الخضوعَ قُضى عليه بالموت. فلم يصغِ إلى النداء أحدٌ؛ ذلك أن الموريسكيين أيقنوا نهائيًا أن اسبانيا لا عهدَ لها ولا ذمام.
تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- Castillopinarnueva-1024x680
بعد أسابيع أرسل الدون خوان رُسُولَه إلى مولاي عبد الله في أمر الصلح، فقال: إنه يترك الموريسكيين أحراراً في تصرفاتهم، بيد أنه يأبى الخضوعَ ما بقي فيه رمقٌ ينبض، وأنه يُؤثر أن يموتَ مسلمًا مخلصًا لدينه ووطنِه على أن يَحصلَ على مُلْك اسبانيا بأسره وقد تخلّى عن دينه وأمته.
ثارت الحكومة الإسبانية لهذا التحدي، واعتزمت سحقَ الثوار بما مَلكت، واجتَاح الإسبانُ في طريقهم كلَّ شيء، وأمعنوا في التقتيل والتخريب، وهدمِ الضياع والقرى والمعاقل، وأَتلفوا الأحراشَ والمزارعَ والحقول، حتى لا يبقى للثائرين مثوى أو مصدرٌ للقوت، وأخذتِ الثورة تنهار بسرعة، وفرَّ كثيرٌ من الموريسكيين إلى إخوانهم في إفريقية، ولم يبقَ أمام الإسبان سوى مولاي عبد الله وجيشه الصغير. بيد أن مولاي عبد الله لبث معتصمًا بأعماق الجبال، يحاذر الظهور أمام هذا السيل الجارف.
وفى مارس سنة 1571 كشف بعضُ الأسرى مكانَ مخبئه للإسبان، وهنالك استطاعوا إغراءَ ضابط مغربي من خاصته يدعى جونثالفو “الشنيش”، وأغدق الإسبان له المنحَ والوعود إذا استطاع أن يُسلّمَهم مولاي عبد الله حيًا أو ميتًا. وكان الإغراءُ قويًا مثيرًا، فدبَّر الضابطُ الخائن خطتَه لاغتيال سيدِه، وفى ذاتِ يومٍ فاجأه مع شرذمة من أصحابه، فقاوم مولاي عبد الله ما استطاع، ولكنه سقط أخيرًا مثخنًا بجراحه، فألقى الخونةُ جثتَه من فوق الصخور كى يراها الجميع.
ثم حملها الإسبانُ إلى غرناطة، وهناك استقبلوها في حفلٍ عظيم، ورتَّبوا موكباً أُركبت فيه الجثةُ مُسنَدةً إلى بغل، وعليها ثيابٌ كاملة كأنما هي إنسانٌ حي، ومن ورائها أفواجٌ كثيرة من الموريسكيين الذين سلَّموا عقِبَ مصرع زعيمهم، ثم حُملت إلى النَّطع، وأُجرى فيها حكمُ الإعدام، فقُطع رأسُها ثم جُرَّت في شوارع غرناطة، مبالغةً في التمثيل والنكال، ومُزقت أربعًا، وأُحرقت بعد ذلك في الميدان الكبير، ووُضع الرأسُ في قفصٍ من الحديد، ورُفع فوق ساريةٍ في ضاحية المدينة تجاه جبال البَشَرَات.
وهكذا انهارت ثورة البَشَرَات وسُحقت، وخَبَتْ آخرُ جَذوةٍ من العزم والنضال، في صدور هذا المجتمع الأبي المجاهد، وقضتِ المشانقُ والمحارقُ والمحنُ المروعة على كلِّ نزعةٍ إلى الخروج والنضال، وهبَّتْ روحٌ من الرهبة والاستكانة المطلقة، على ذلك المجتمع المهيض المُعَذب، وعاش الموريسكيون لا يُسمع لهم صوتٌ، ولا تَقوم لهم قائمة، في ظل العبودية الشاملة والإرهاق المطلق حتى صدر قرار الترحيل والإبعاد النهائي عام 1609.


المصادر
[list=row]
[*]حركة المقاومة العربية الإسلامية في الأندلس، د. عبد الواحد ذنون طه
[*]حرب غرناطة، أورتادو دي مندوثا
[*]الحرب ضد الموريسكيين، خينيس بيريث دي إيتا
[*]نهاية الأندلس وتاريخ العرب المتنصرين، محمد عبد الله عنان
[*]الموريسكيون الاندلسيون والمسيحيون 1492 – 1640م، د. لوي كاردياك
[/list]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط-   تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- Emptyالأربعاء 20 مارس 2019, 4:57 pm

كيف كانت مستشفيات قرطبة الإسلامية قبل ألف سنة؟



تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- %D9%85%D8%B3%D8%AA%D8%B4%D9%81%D9%89_%D9%82%D8%B1%D8%B7%D8%A8%D8%A9_%D8%B5%D9%88%D8%B1%D8%A9





كيف كان مستشفى قرطبة الإسلامية قبل 1000 سنة؟ أين كانوا وأين صرنا؟! سبحان الله الأمم تتطور وبلاليص ستان تتقهقر!
قال المؤرخ الفرنسي جوستاف لوبون في كتابه حضارة العرب: تمنيت لو أن المسلمين استولوا على فرنسا، لتغدو فرنسا مثل قرطبة في إسبانيا المسلمة!.
لقد كان في قرطبة وحدها 50 مستشفى وكانت مستشفيات مثالية وأطباء لم يرى لهم العالم مثيلا!
إن الأوضاع التي سنتطرق إليها في هذا المقطع تشبه إلى حد بعيد ما نراه في قرننا هذا في أحسن المستشفيات في العالم بل أفضل إذ أخذنا في الحسبان الجانب الإنساني والمادي، فلم يكن يدفع المرضى أي نقود للتداوي ولا فرق بين غني وفقير، و كان همّ الطبيب هو مداواة المريض وليس “شفط أمواله” كما هو معمول به اليوم للأسف في عصر المادة والظلم والفساد!
اقتباس :
وهذا هو الفرق بين الحضارة الإسلامية التي بنيت على الأخلاق والمبادئ وبين أي حضارة أخرى مادية صرفة!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط-   تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- Emptyالأربعاء 20 مارس 2019, 5:49 pm

[rtl]7 من العظماء الذين صنعوا تاريخ الأندلس[/rtl]

[rtl]تعد الأندلس واحدة من أكثر الصفحات المشرقة في تاريخنا الإسلامي، إن لم نقل أكثرها إشراقا وضياء، فهذه البلاد التي يمتد تاريخها عبر ما يزيد عن ثمانية قرون؛ صارت خير مثال شاهد على حضارة المسلمين العريقة ورقيها، فبداية تاريخ الأندلس كان نتيجة انطلاق الإسلام وتوسعه وفتوحاته، ونهاية هذا التاريخ أعتبر إيذانا بتراجع الحضارة الإسلامية وبداية ركود المسلمين، وما كانت الأندلس لتمتد كل هذا الزمن وتشمل هذا الكم من الصفحات في أغوار التاريخ وكنوزه الحضارية؛ لو لم يكن هناك رجال عظماء سطروا تاريخها بجهودهم الكبيرة وإنجازاتهم الفذة وحافظوا على حضارتها وعز إسلامها.[/rtl]

[rtl]طارق بن زياد وموسى بن نصير[/rtl]


[rtl]تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- Tarekbinziyad_610871612[/rtl]


[rtl]بعد إتمام فتح بلاد المغرب على يد موسى بن نصير؛ كان المسلمون يتطلعون نحو شبه جزيرة ايبيريا بعد أن قرر موسى فتحها بموافقة الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، وذلك في أواخر القرن الأول الهجري حيث انطلقت أولى السرايا الجهادية نحو الأندلس بقيادة طارق بن زياد، الذي انتدبه ابن النصير للغزو فتمكن المسلمون من التوغل في البلاد بعد الانتصار على حكامها القوط في معركة وادي برباط الفاصلة عام 92ه، وتم بذلك اكتساح الجنوب الأندلسي وفتح المدن والاستيلاء على القلاع، وبعد مدة تمكن طارق من فتح العاصمة طليطلة، وفتحت له أبواب شمالي البلاد لاستكمال الجهاد والغزو.[/rtl]

[rtl]ثم تبعه موسى -الذي كان واليا على المغرب-مباشرة ليعيد فتح الجنوب والسيطرة عليه، فسار كل منهما في خطه لنشر الإسلام وإزالة ظلم القوط للأهالي، وفي حدود 95ه استطاع البطلان استتباب الأمر في الأندلس واعلانه خاضعا للخلافة الإسلامية في دمشق، فبدأت بالتالي حكاية الاندلس المجيدة منذ هذا التاريخ.[/rtl]

[rtl]اقرأ أيضًا: طارق بن زياد و موسى بن نصير [/rtl]

[rtl]السمح بن مالك الخولاني وعبد الرحمن الغافقي[/rtl]


[rtl]استقر الإسلام بالأندلس وبدأ عصر الولاة بقرطبة، والذين تعينهم الدولة الاموية بالشام، وكان من أفضلهم وأشهرهم السمح بن مالك الخولاني الذي عينه الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز، ثم عبد الرحمن الغافقي القائد الكبير والأمير الشجاع، وعرفا بجهادهما واستشهادهما في فرنسا بعد توسع الفتح الإسلامي وعبر جبال البرانس.[/rtl]

[rtl] فكان السمح هو الوالي الرابع للبلاد الأندلسية، فأظهر كفاءته وحسن تدبيره في إدارته للولاية حيث شهد هذا القطر انطلاقة حضارية فكان من أثاره قنطرة قرطبة المشهورة، التي بناها بعد استشارته للخليفة عمر عام 101ه، كما أن من خيرة أعماله جهاده في سبيل الله، حيث غزى جنوب بلاد الفرنجة وهزم النصارى في معارك كثيرة واستشهد في يوم التروية سنة 102ه.[/rtl]

[rtl]تولى أمر الأندلس بعد الخولاني نائبه عبد الرحمن الغافقي، المعروف بجهاده وشجاعته ولم يبقى في الولاية سوى شهرين، ثم عاد إليها عام 112ه وجمع المسلمين وتوجه بهم نحو فرنسا فتمكن من غزو قرابة نصفها، فاستنفرت أوروبا قواها ومن ورائها البابا، فتحرك الصليبيون لوقف الزحف الإسلامي في معركة بلاط الشهداء الكبرى سنة 114ه، التي انكسر فيها المسلمون واستشهد أميرهم عبد الرحمن الغافقي بعد صمود واستبسال طويل، فكان هذا توقفا للفتوح الإسلامية وانحصر بعد ذلك حكم المسلمين في أقصى الجنوب الفرنسي، ليتراجع بعد مدة وجيزة نحو شبه الجزيرة الأندلسية.[/rtl]

[rtl]عبد الرحمن الداخل (صقر قريش)[/rtl]


[rtl]تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- 02_big-1[/rtl]

 

[rtl]تزعزعت الدولة الاموية في المشرق على إثر الاضطرابات التي عاشتها الأقطار الإسلامية في أواخر عمر الدولة، فكانت الأندلس بدورها تعج بالقلاقل نتيجة الانقسامات العصبية والقومية وكذلك حركات الخوارج، فكاد الأمر أن ينفلت من يد المسلمين لولا أن ظهر عبد الرحمن الداخل وأنقذ الأندلس بعد هروبه من بطش العباسيين في الشام، الذين تمكنوا من القضاء على حكم بنو أمية وتصفية أمرائهم.[/rtl]

[rtl]لقب عبد الرحمن بن معاوية بالداخل لدخوله قرطبة بعد فرار طويل عانى فيه كثيرا من المِحن، حيث هرب إلى بلاد المغرب ثم استطاع الاستيلاء على الأندلس وحكمها بعد مواجهات مع المنافسين والطامعين في السلطة عام 138ه، ليكون بذلك قد وحد البلاد وجمع المسلمين على كلمة واحدة بعد أن كادت الأمور أن تتخذ مجرى أخر، وبعزيمته وقوة ارادته وصلابته؛ استطاع إطفاء خمسة وعشرين ثورة قامت ضده في مدة حكمه ذات الثلاثين عاما، كما صد جيوش الفرنجة وامبراطورهم شارلمان في الشمال الشرقي للأندلس، ليتم بالتالي إعادة وحدة الأندلس الإسلامية لكن بانفصالها عن دولة الخلافة في المشرق، ليبدأ عصر الدولة الاموية في الأندلس حيث الانبعاث الحضاري الكبير.[/rtl]

[rtl]عبد الرحمن الناصر[/rtl]


[rtl]خلف عبد الرحمن الداخل بعد وفاته إمارة قوية حكمها من بعده أمراء أمويين بارزون؛ كالحكم بن هشام وعبد الرحمن الأوسط، واستمر هذا التقليد على إمارة الأندلس إلى غاية وصول عبد الرحمن الثالث (الملقب بالناصر) الى الحكم، وتحويله إلى خلافة فبدأ عصر الخلافة الاموية بقرطبة.[/rtl]

[rtl]تقلد عبد الرحمن الناصر حكم الأندلس عام 300ه، والبلاد في حالة انعدام الوحدة والاستقرار السياسي، فعمل على اخضاع المتمردين والجهاد ضد النصارى، كما تصدى لمناوشات العبيديين (الفاطميين) بالسواحل الجنوبية القادمة من المغرب، فألقى على عاتقه مهمة جمع شمل وحدة الأندلس وقضى على ثورة ابن حفصون –المتنصر-، ثم توجه شمالا لردع النصارى والممالك الصليبية: ليون ونفار، فقام بتوطيد ملك قوي شمل الأراضي الإسلامية الاندلسية بهمته وقوة ارادته، فأعلن بالتالي الخلافة عام 314ه بعد أن رأى ضعف الخلافة العباسية في المشرق، واستئثار العبيديين بالشمال الافريقي وتنصيب أنفسهم خلفاء، ليصير الناصر خليفة الأندلس بعد أن تسمى كل من قبله بلقب الأمير فقط.[/rtl]

[rtl]برزت الحضارة الاندلسية بشكل كبير في عهد الناصر، حيث تميزت فترته بنهضة عمرانية واسعة، وقد عرف عن عبد الرحمن حبه للعلم والمعارف واهتمامه البالغ بالعمران مع التقوى والخشوع لله، فكانت قرطبة في عصره مركزا للعلم ومقصدا للعلماء والادباء حتى باتت تنافس بغداد حاضرة الشرق، وتوفي سنة 350ه بعد خمسين عاما من الحكم القوي والذي أسس للأندلس حضارة مزدهرة.[/rtl]

[rtl]الحاجب المنصور[/rtl]


[rtl]تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- BySH7KcIUAAU9-f-1[/rtl]

[rtl]بعد وفاة الناصر تولى ابنه المنتصر أمور البلاد، وسار على نهج أبيه من تنظيم دولته وردع الاخطار الخارجية فمات عام 366ه، وخلفه ابنه هشام الصغير الذي لم يقدر على الحكم فتحكم الاوصياء والاعيان بأمور الدولة، وكان من بينهم الحاجب محمد بن أبي عامر الذي ما لبت أن استبد بالحكم وصار الحاكم الفعلي لبلاد الأندلس سنة 368هـ.[/rtl]

[rtl]حجب ابن أبي عامر عن الخليفة الصغير هشام وأمسك بمقاليد الملك بعد أن تخلص من منافسيه، لكنه كان خيرا للبلاد والعباد إذ أخد الأمور بعزم كبير وغزى النصارى وقضى على الفتن الداخلية، كما أنه قمع محاولات العبيديين بشمال المغرب الأقصى واستتب نفوذه هناك. لكن ما اشتهر به كثيرا الحاجب المنصور هو جهاده المتواصل ضد الصليبيين والممالك النصرانية من جليقية وليون، حيث فتح هذه الأخيرة عام 373ه واستولى على برشلونة وضيق بذلك الخناق على امارات النصارى في أقصى الشمال الاندلسي، حيث عرف بمهارته العسكرية الفذة وأساليب حصاره البرية والبحرية، ورويت عنه قصص بطولية تؤكد حرصه على المسلمين وأسراهم، وحبه للجهاد حتى إنه كان يجمع غبار المعارك في قارورة معه، وتوفي وهو يجاهد في سبيل الله عام 392ه.[/rtl]


[rtl]بعد وفاة الحاجب المنصور بدأت بوادر الفتن والاضطرابات تظهر على ساحة الأندلس وذلك بالتحديد بعد تولي ابنه عبد الرحمن (شنجول) الذي سبب الصراع بين المسلمين، فانقسمت صفوفهم وانهارت بالتالي الخلافة الأموية عام 422ه، ومرت البلاد بفوضى وانقسامات عقودا طويلة من القرن الخامس الهجري، فتمزقت الأندلس إلى دويلات عديدة حكمها ما عرف بملوك الطوائف المتنازعين باستمرار والمتواطئين مع العدو الصليبي على بعظهم البعض، وانعدمت –مع كل ذلك- محاولات فعلية لتوحيد المسلمين الاندلسيين، ليأتي الدور على رجال عظام قدموا من المغرب ونصروا الإسلام في الأندلس.[/rtl]

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط-   تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- Emptyالأربعاء 20 مارس 2019, 5:59 pm

موسى بن نصير.. فاتح الأندلس



في هذه الظلمة الحالكة والغمة المطبقة، التي شوهت فيها معالم الدين، ونُكست فيها الفطر، ودنست فيها القيم والأخلاق، حتى صرنا نأخذ تاريخنا من أفلامٍ مهلكة، ومسلسلاتٍ هابطة، وكتب لمنافقين حاقدين مشوِهة، حتى نُسّينا تاريخنا، وجهلنا ديننا، وتوهنا عن أُصولنا، فصار قدوتنا؛ ممثل داعر، أو لاعب كافر، أو ملحد بالكفر مجاهر، ونسينا أن لنا أجدادًا تتحاكى بهم، وتقفُ لهم الدنيا، بل عمروها مع أنهم عمروا آخرتهم، ومن هؤلاء أُعجوبة تاريخ الفتح، الولي الورع، الفذ البارع، موسى بن نُصير” رحمه الله”.

مولده ونشأته:

ولد موسى بن نُصير عام (19هـ=640م)، في قرية من قرى الخليل في شمال فلسطين، تُسَمَّى كفر مترى، في بيت علم وجهاد، فتعلَّم الكتابة، وحَفِظَ القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة، ونظم الشعر. وقيل: كان مولى امرأة من لخم. وكان أعرج مهيبًا، ذا رأي وحزم، وروي عن تميم الداري . حدث عنه ولده عبد العزيز، ويزيد بن مسروق. وكان والده نُصَير بن عبد الرحمن بن يزيد، مولى عبد العزيز بن مروان، وكان شجاعًا وممن شهد معركة اليرموك الخالدة، وكانت منزلته مكينة عند معاوية بن أبي سفيان، وبلغ في الرتب أن كان رئيس الشرطة في عهد معاوية حين كان واليًا على الشام في خلافة عمر وعثمان ، وفي روايات أخرى أنه كان رئيس حرس معاوية نفسه، وكذلك روى التاريخ لأمِّ موسى قصة بليغة في الشجاعة، فلقد شهدت هي -أيضًا- معركة اليرموك مع زوجها وأبيه، وفي جولة من جولات اليرموك التي تقهقر فيها المسلمون أبصرت أمُّ موسى رجلاً من كفار العجم يأسر رجلاً من المسلمين، تقول:
اقتباس :
“فأخذتُ عمود الفسطاط، ثم دنوت منه فشدخت به رأسه، وأقبلتُ أسلبه فأعانني الرجل على أخذه”
وهكذا تربى موسى بن نُصير على حب الجهاد، وترعرع بين أبناء القادة والملوك، فلم يُلهيه ذلك عن حمل هم الإسلام والدفاع عنه.
وقفات مع سيرته:
حينما تقرأ في سيرة هذا الفذ؛ تجد أن كبار الكتاب والمؤرخين تعجز أقلامهم، وتقف بلاغتهم حائرة في وصف هذه القامة الإسلامية الشامخة، فكيف بمن يتعلم منه كيف يكتب عنه !
موسى بن نصير؛ من درس أو قرأ تاريخ الأندلس عرف فضله ومنزلته، فهو الفاتح لها، وهو من ثبت دعائم الإسلام فيها، كما ثبته في بلاد المغرب بعد أن أعاد فتحها، فلولاه ما استقر فيها الفتح، وما كان لنا في الأندلس تلكم الحضارة، فقد تعلم من خطأ من سبقه، فكان منهجه في الفتوحات كمنهج خالد بن الوليد رضي الله عنه.
تولى وزارة مصر مع عبد العزيز بن مروان، فكان نعم الوزير، فتعلم وازدادت خبرته في أمور السياسة والحكم، وكانت له سمعة طيبة، جعلت الخليفة الوليد بن مروان يعينه وزيراً لأخيه بشر على العراق ورئيس الديوان، وفي الحقيقة كان هو الأمير الفعلي، حتى تولى ولاية البصرة، ثم عَيَّنَه صديقُه عبدُ العزيز بن مروان سنة تسع وسبعين واليًا على شمال إفريقية بدلاً من حسان بن النعمان، و حينما وصل إلى مقر القيادة خطب في الجند فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه:
اقتباس :
” إنما أنا رجل كأحدكم، فمَنْ رأى مني حسنة فليحمد الله، وليحضَّ على مثلها، ومَنْ رأى منِّي سيئة فليُنكرها، فإني أُخطئ كما تُخطئون، وأُصيب كما تُصيبون “
ولمَّا وصل إلى مدينة القيروان، صلَّى بالجند صلاة شكرٍ لله على النصر، ثم صعد المنبر وخطب قائلا:ً
اقتباس :
” وأيم الله! لا أُريد هذه القلاع والجبال الممتنعة حتى يضع الله أرفعها، ويذلَّ أمنعها، ويفتحها على المسلمين بعضها أو جميعها، أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين”
وانتشرت جيوش موسى بن نصير في شرق المغرب وشماله تفتح كلَّ ما يُصادفها من الحصون المنيعة؛ حتى أخضع القبائل التي لم تكن قد خضعت بعدُ للمسلمين، حتى استقر الأمر للمسلمين في بلاد المغرب، بدأ يتطلع إلى فتح بلاد الأندلس، وهكذا المسلم العالم العامل، تجده لا تحده الآمال ولا توقفه الظنون، ولا يعلم للمستحيل دليلاً، يعمل بقوله تعالى ” فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ” فشيد الأسطول، حتى نزل مولاه طارق بن زياد -قائدُ جيش موسى بن نصير- أرض الأندلس، وبعد عدَّة معارك فتح الجزيرة الخضراء، وعَلِمَ الإمبراطور لُذريق بنزول المسلمين في إسبانيا من بتشو حاكم إحدى المقاطعات الجنوبية، الذي بعث إليه يقول:
اقتباس :
“أيها الملك، إنه قد نزل بأرضنا قوم لا ندري أمن السماء أم من الأرض، فالنجدة.. النجدة، والعودة على عجل”
ولما خشي موسى بن نُصير على جيش طارق، عبر إليه على رأس حملة كبيرة، ولما لاقاه عاتبه، ثم عفا عنه، وأخذا القائدان يُتمان فتح الأندلس، ولما تمادى في سيره في الأندلس، أتى أرضا تميد بأهلها.
اقتباس :
“فقال عسكره: إلى أين تريد أن تذهب بنا؟ حسبنا ما بأيدينا، فقال: لو أطعتموني لوصلت إلى القسطنطينية”

  بن نُصير و تثبيت دعائم الإسلام في شمال أفريقيا:

لما تولى موسى بن نُصير قيادة الجيش في شمال أفريقيا، و قد رفرفت فيها راية الإسلام من قبل على يد عقبة بن نافع أولاً ثم على يد حسان بن النعمان، وجد موسى أن الجيوش عادت إلى القيروان بعد أن كانت قد بلغت البحر، وحتى القيروان كانت عبارة عن أكواخ شبه مهدمة قد أصابها الجزر، وقد أحاطها البربر من كل جانب، فأهلها في ترقب وخوف دائم من مداهمة العدو لهم، هُنا ظهرت فطنة وحكمة القائد الحقيقي، فقد انتهج نهج عمر بن الخطاب، شدة في غير ضعف وقوة في غير عنف، وتواضع في غير مذلة، ونهج سيف الله المسلول خالد بن الوليد؛ هدوء وحذر شديد، تعلم من أخطاء من سبقوه، فإنه لما بحث عن أسباب ردة غالب أهل المغرب عن الإسلام، وجد خطأين:
الأول: أن عقبة ومن معه كانوا يفتحون البلاد بسرعة كبيرة طمعاً في فتح مدن كثيرة، ولم يجعلوا لهم ظهر يحميهم، حتى انتبه البربر إلى ذلك فاجتمعوا عليه وقتلوه.
الثاني: وجد أن أهل هذه البلاد لم يتعلموا الإسلام جيداً، فبدأ بتعليمهم الإسلام؛ فكان يأتي بعلماء التابعين من الشام والحجاز ليُعَلِّمُوهم الإسلام ويُعَرِّفُوهم به، فأقبلوا على الإسلام وأحبُّوه، ودخلوا فيه أفواجًا، حتى أصبحوا جند الإسلام وأهله بعد أن كانوا يُحاربون المسلمين .
فلم يتعجل في الفتوحات، بل كان يفتح البلاد ثم يمكث حتى يُعلم أهلها الإسلام ، حتى فتح الله عليه قلوب العباد قبل بلادهم، فأخضع قبائل البربر التي لم تكن قد خضعت من قبل للمسلمين، وضمِن ولاء أهل المغرب وصدق إسلامهم، فكان الجيش الذي قاده ليفتح به الأندلس؛ نصفه من هؤلاء البربر.


الأندلس وبطل الفتح المظلوم:

نعم فكما كان لموسى السهم الأكبر في إيصال رسالة الإسلام في المغرب وتثبيتها، كان هو بطل فتح الأندلس الحقيقي، فهو الذي قد بعث طارق بن زياد للأندلس، ثم لما خشي من توغله في الأندلس عبر إليه في حملة كبيرة تعدادها ثمانية عشر ألفاً نصفهم من البربر، وكان شيخاً كبيراً قد جاوز السبعين، ولكنه كان كالأسد الكاسر، فأعلن موسى خطة الجريئة وهى اختراق أوروبا من الغرب إلى الشرق، وافتتاحها كلها، وكان ذلك ممكناً عسكرياً، ولكن قدر الله وما شاء فعل، ثم عاد بالغنائم إلى الخليفة في دمشق ليُكافأ على هذا الجهد العظيم، فكان ما كان.
محنته وموته:
بعد أن وصل موسى إلى الخلفية الوليد بن عبد الملك، ما لبث أن مات الوليد وتولى بعده أخوه سلمان بن عبد الملك، ومن هُنا بدأت محنة موسى حيث عمد سلمان إلى عقابه على خلاف كان بينهما، وهذه عادة الملوك الظالمة، لا يسلم منهم أحد حتى المقربين، فأمر به أن يظل واقفًا في حرِّ الشمس المتوهِّجَة، وكان قد بلغ الثمانين من عمره، فلمَّا أصابه حرُّ الشمس وأتعبه الوقوف سقط مغشيًّا عليه، وبعدها اندفع موسى يقول في شجاعة مخلوطة بالأسى للخليفة سليمان بن عبد الملك :
“أما والله يا أمير المؤمنين ما هذا بلائي ولا قدر جزائي “، وبقي عمر بن عبد العزيز يتألم له، فقال سليمان: لا يا أبا حفص ما أظن إلا أنني خرجت من يميني، وضمه يزيد بن المهلب إليه، ثم فدى نفسه ببذل ألف ألف دينار، وقيل له: أنت في خلق من مواليك وجندك، أفلا أقمت في مقر عزك، وبعثت بالتقادم. قال: لو أردت لصار ولكن آثرت الله ولم أر الخروج. فقال له يزيد: وكلنا ذاك الرجل – أراد بهذا قدومه على الحجاج .
وندم سليمان على ما فعله في حقِّ موسى، وكان يقول: “ما ندمتُ على شيء ندمي على ما فعلته بموسى ” وأراد سليمان أن يُكَفِّر عن ذنبه، فاصطحب موسى بن نصير معه إلى الحج في سنة (97هـ=715م)، وقيل: سنة (99 هـ= 718م لكنه لفظ أنفاسه الأخيرة في أثناء الرحلة، وهكذا طويت صفحة هذا الفذ القائد الكبير موسى بن نُصير، ولكن بقيت سيرته توقظ الهمم، وتعلم الأجيال جيلاً بعد جيل، فجزاه الله عنا وعن الإسلام خير الجزاء.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط-   تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- Emptyالأربعاء 20 مارس 2019, 6:02 pm

تعرّف على قاضي القيروان .. أسد بن الفرات فاتح صقلية



تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط- 46467_1



نسافر عبر التاريخ إلى تونس الخضراء، لنتعرف على تلك الشخصية  المسلمة، ذلك الذي جمع بين العلم والقضاء والجهاد في سبيل الله. كان يعتز باسمه واسم أبيه وجده، فيقول:
اقتباس :
 “أنا أسد وهو خير الوحوش، وأبي الفرات وهو خير المياه، وجدي سنان وهو خير السلاح”
إنه أسد بن الفرات قاضي القيروان.
 

مولده و نشأته:

وُلِدَ أسد بن الفرات في نيسابور145هـ، ثم انتقل إلى تونس، نشأ وترعرع في مدينة القيروان، وكان يتعلم الفقه، ويدرس الحديث والأثر، وتعلم الكثير على يد علماء تونس.
 

رحلته في طلب العلم:

أراد أن يأخذ العلم من منبعه، فسافر إلى المدينة ليلتقي بالإمام مالك. وصار يحضر حلقاته ويتتلمذ على يديه، وكان للإمام مالك هيبة، وامتازت حلقاته بإنصات تلاميذه وقلة المناقشة على العكس من علماء العراق، إلا أن أسد بن الفرات كان كثير السؤال. فأراد أن ينتقل إلى العراق ليلتقي بالإمام أبو حنيفة، فدخل على الإمام مودعًا سائلًا النصح. فقال له الإمام مالك:
اقتباس :
“أوصيك بتقوى الله، والقرآن، والنصيحة للناس”
فأوجز ووفى، فالعلم بغير تقوى وبالٌ على صاحبه، والقرآن دليل البشرية كتاب الله تعالى، والنصيحة رسالة الإسلام.
وحين وصل أسد بن الفرات، كان الإمام أبو حنيفة قد لقي ربه. فالتقى باثنين من أنبغ تلاميذه وهما القاضي أبو يوسف، ومحمد بن الحسن، محمد بن الحسن كان قد تصدر للتدريس حتى كان من تلاميذه الإمام الشافعي. كانت حلقة العلم تُعقد في المسجد، يحضرها عشرات التلاميذ، في زمان لا يوجد فيه مكبرٌ للصوت، فتارة كان أسد بن الفرات يسمع جيدًا، وتارة يفقد الصوت، فشكى ذلك لمحمد بن الحسن، فماذا كان رده؟ وهو معلمٌ كبير يحضر له الناس في كل يوم يستمعون إليه ويطلبون الفتوى؟ قال له:
اقتباس :
” قد جعلت النهار للعراقيين، وجعلت الليل لك! “
سمح له أن يعلمه ليلًا في منزله، فأخذه إلى بيته وكان يسهر معه الليل، ووضع إناء ماء فإذا نعس تلميذه، نضح وجهه ليصحو. صدق في البحث والسعي فيسر الله أمره، ولقي معلمًا مخلصًا متجردًا. آمن برسالته فكان تعليمه لابن الفرات، تعليمًا لأهل تونس. وكما تعلم منهم مذهب الإمام أبو حنيفة، فقد نقل إليهم مذهب الإمام مالك. ولما علم بوفاة الإمام ملك حزن حزنًا شديدًا، وندم على مفارقته. ثم رحل إلى مصر والتقى أشهب وابن القاسم من تلاميذ الإمام مالك، وكتب المدونة أو الأسدية، وشاء الله أن تكون أساس الفقه المالكي كله.
عاد إلى القيروان بعد رحلة في طلب العلم استغرقت عشرين عامًا، فجلس للتدريس يعطي للتلاميذ مثل ما أخذ من أساتذته، أفاض عليهم مما علمه رب العالمين. وفي هذه الفترة تولى منصب القضاء، وما منعه ذلك من مواصلة نشر ما أنعم الله به عليه من علمٍ وفقه في الدين. فالأمانة التي نحملها لا تكمن فقط في أن أصلي وأصوم وأقوم بأمر نفسي، بل أيضًا نشر هذا الدين
وحين كان في السابعة والستين من عمره، نادى منادي الجهاد في سبيل الله أن هلموا لفتح صقلية.

فتح صقلية:

كانت  صقلية على عهدٍ مع المسلمين أن يردوا كل أساري المسلمين، لكن البيزنطيون نقضوا العهد. فأعلن حاكم تونس زياد الله الأغلبي عن تجهيزِ جيشٍ كبير، ولما علم بن الفرات بذلك أراد الخروج معهم، وهو في عمره هذا الذي تضعفُ فيه القوى، لكنه وجد راحته في الجهاد في سبيل الله، ونشر دين الحق، والدفاع عن حرمات المسلمين. فلم يكن يعلم الناس كلامًا نظريًا، ثم يكون أول من يتخلف عن نصرة الحق، بل أكدت أقواله الفعال. فاللهم اجعلنا من الصادقين. أراد أن يتطوع جنديًا في هذا الجيش، لكن الأغلبي يعرف قدره، فأسند إليه القيادة

انطلق الجيش:

انطلقت السفن من ميناء سوسة، ووقف قبلها القائد يخطب في جنده، فقد كان القائد القاضي “أسد بن الفرات”، وأخذ يحض المجاهدين ويبين لهم منزلة  الشهداء. وقال:
اقتباس :
“والله يا معشر الناس ما ولي لي أبٌ ولا جد ولاية قط، وما رأي أحد من أسلافي مثل هذا قط، وما بلغته إلا بالعلم، فعليكم بالعلم، أتعبوا  فيه أذهانكم، وكدوا به أجسادكم، تبلغوا به الدنيا والآخرة”
سار الأسطول الإسلامي حتى بلغ شواطئ صقلية، فأصدر القائد أمره ببدء المعركة، ثم بدأ الجيش الإسلامي العظيم ينتقل من نصر إلى نصر حتى بلغ سرقوسة، وحاصرها المسلمون وشددوا قبضتهم عليها، وأثناء حصارها مرض القائد العظيم أسد بن الفرات، وصعدت روحه الطاهرة لتحتل مكانها بين الصديقين والشهداء والصالحين”بإذن الله”، وحسن أولئك رفيقًا. ولم يتم فتح الجزيرة كاملةً إلا في العهد الفاطمي. وقد أقام المسلمون في هذه البلاد حضارة من أفضل ما يكون رغم عدم استقرار الأوضاع، ومما يُذكر أن أهم معابر الحضارة لأوروبا، الأندلس وصقلية.
وسبحان الله، تجد في صفحات التاريخ أن تقدمنا وعلونا يرتبط بتمسكنا بعقيدتنا، وكل نكباتنا تقترن بابتعادنا عنها وتفريطنا في ديننا، فاللهم عودًا كسابق عهدنا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
تاريخ الأندلس من الفتح للسقوط-
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قصة الأندلس من الفتح إلى السقوط
» كتاب قصة الأندلس من الفتح إلى السقوط pdf
» تاريخ القدس منذ الفتح العربي
» تاريخ القدس منذ الفتح العربي
»  تاريخ الاندلس من الفتح الى السقوط القصة الحقيقية التي لاتعلمها

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث دينيه-
انتقل الى: