منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية Empty
مُساهمةموضوع: الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية   الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية Emptyالخميس 21 مارس 2019, 9:42 am

الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية



أطلق الشريف الحسين بن علي حاكم مكة الرصاصة الأولى لما بات يُعرف بالثورة العربية الكبرى على الثكنة العثمانية في مكة يوم العاشر من شهر حزيران/يونيو عام 1916م؛ التي ساهمت في سقوط الدولة العثمانية وهزيمتها في الحرب العالمية الأولى،  وكان من نتائجها إلغاء الخلافة الإسلامية، ومنصب الخليفة الذي استمر منذ عهد سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه إلى يوم الإثنين 27 رجب 1342هـ الموافق 3 آذار/مارس 1924م، هذا السقوط الذي أدى إلى تجزئة المشرق العربي بين الاحتلالين الإنجليزي و الفرنسي والذي كان من الأسباب الرئيسية أيضاً لوجود الكيان الصهيوني على أرض فلسطين .
فكيف بدأت هذه الثورة وماهي أسبابها؟ وما الأحداث التي أدت إلى انطلاقها؟ وكيف كان للتدخل الإنجليزي الدور الحاسم في انتصارها؟ وإلى ماذا انتهت؟!!

أولاً : أوضاع الدولة العثمانية الداخلية والخارجية قبيل الحرب العالمية الأولى


تولت جماعة الاتحاد و الترقي الحكم بعد انقلابهم على السلطان عبد الحميد الثاني فيما عرف بالانقلاب الدستوري عام 1908م ثم عزله ونفيهم إياه إلى سالونيك عام 1909م وتنصيب أخيه محمد الخامس رشاد سلطاناً شبه منزوع الصلاحيات، ثم استولت على مقاليد الأمور بشكل كامل بعد انقلاب عسكري في 23 كانون الثاني/يناير1913م والمعروف أيضاً بـانقلاب الباب العالي والذي أدى إلى الإطاحة بالحكومة الائتلافية (الوزارة التي كانت تحكم منذ 21 تموز/يوليو 1912 م) والصدر الأعظم كامل باشا من السلطة ومقتل وزير الحربية ناظم باشا وتنصيب أنور باشا مكانه، وبهذا تكون حكومة الباشوات الثلاثة قد بدأت حيث أن وزارة كامل باشا كانت قد أبعدت قيادة جمعية الاتحاد والترقي عن السلطة مؤقتا.
وكانت الأحداث تتسارع حول الدولة العثمانية التي تعيش حالة سيئة جداً من الصراعات الداخلية والتحزبات بين القوميات ضمن الأراضي العثمانية التي بدأت في التآكل فخسرت إقليم البوسنة والهرسك في تشرين الأول/أكتوبر 1908م  لصالح الإمبراطورية النمساوية-المجرية في ما عُرف بالأزمة البوسنية، ثم خسرت ليبيا عام 1911م وفقدت بعدها كامل البلقان في حربي البلقان الأولى و الثانية 1912-1913م وخرجت ألبانيا مستقلة كنتيجة للحرب عام 1913م وبذلك لم يتبقى للدولة العثمانية في الجانب الأوروبي إلا منطقة تراقيا الشرقية فقط التي استعادتها بعد حرب البلقان الثانية 1913م.
الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية %D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%AB%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AC%D9%86%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AB%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%B3%D8%A8%D9%8A%D9%84-%D9%84%D9%86%D9%87%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%B1%D9%88%D8%A7%D8%AA
بعد انتهاء الحرب البلقانية كانت الدولة العثمانية قد خرجت مستنزفة بشكل كبير ومحرومة من جزء مهم من مواردها البشرية والمالية والاقتصادية فلهذا اتجه الاتحاديون إلى محاولة إعادة بناء الدولة والبحث عن سبل جديدة للبقاء فعملوا على تدعيم سلطتهم بشكل كبير وقمعوا أحزاب المعارضة ونفوا زعماءها وأعدموا الكثير من أعضائها .

ثانياً : بداية نشوء وتبلور الأفكار القومية


برزت في بداية العهد الجديد بعد عزل السلطان عبد الحميد الثاني 1909م عدة أمور وأحداث على الصعيد الداخلي كان من أهمها عودة من كان منفياً في الخارج من أعضاء تركيا الفتاة وعدد كبير من اللاجئين السياسيين الأرمن و البلغار وكذلك أتراك روسيا الذين وجدوا في فكرة اتحاد الشعوب التركية في مناطق آسيا الروسية القوة الضرورية لمقاومة خطر الجامعة السلافية التي ينادي بها القياصرة الروس، فظهر صراع كبير في الاتجاهات السياسية و الفكرية العامة و أخذت العاصمة إسطنبول تموج بالأفكار والتيارات الجديدة والتي كانت تنطلق بشكل عام من مثقفي جماعة الاتحاد و الترقي كالتجديد الإسلامي العثماني الذي كان أحد رموزه مراد بيك ميزانجي (1854-1917م) والتيار التغريبي الكامل والذي كان أبرز رموزه أحمد رضا بيك (1859-1930م) وعبد الله جودت (1869-1932م).
وكذلك كانت تلك المرحلة بداية ظهور التيار ذي النزعة القومية التركية الطورانية على المسرح السياسي الفكري والذي كان انطلاقه معتمداً على دمج أفكار ما اصطلح على تسميتهم بأتراك روسيا بالإضافة لبعض المفكرين القوميين من أتراك ألبانيا و مقدونيا والقوقاز مع حركة علمية فكرية تتجه إلى استكشاف ماضي الأتراك وهويتهم والتي انطلقت متأثرة بالأفكار القومية التي كانت منتشرة في ذلك الوقت و خصوصاً في فرنسا المعقل الأساسي السابق لحركات المعارضة ضد السلطان عبد الحميد الثاني، وكان من رموز هذا التيار ضياء كوك ألب (1876-1924) و يوسف أقجورا (1876-1935م) وخالدة أديب (1884-1964م) و حمد الله صبحي طانروفر (1885-1966م).

ثالثاً : الحركة القومية العربية والاتحاديين


كانت الآراء بين المثقفين والزعماء العرب في نهاية العهد الحميدي وبداية العهد الدستوري منقسمة ومتنوعة تنوعاً كبيراً منها من يدعو إلى خلافة عربية كعبد الرحمن الكواكبي أو انفصال للبلاد العربية و تأسيس دولة تحت حماية الدول الأوروبية كمسيحيي لبنان وأيضاً كان هناك من يدعو إلى إصلاحات خاصة للمناطق العربية بينما كان هناك أطراف من زعماء العرب يدعون لإصلاحات عامة في جميع الولايات ومنها الولايات العربية مثل رفيق بك العظم وحقي بك العظم وعبد الرحمن الشهبندر بالإضافة لضباط و سياسيين آخرين وكثير من الموظفين من سوريا و العراق، بل إن هناك مَن قَبِل أن تكون اللغة التركية هي اللغة الرسمية للبلاد كالدكتور شبلي شميل و سليمان البستاني (1)
ثم لما ظهر استيلاء حركة الاتحاد و الترقي على الحكم بشكل كامل بعد الإنقلاب العسكري في عام 1913م وبداية حركة القمع ضد المناوئين و المعارضين من الأتراك وغيرهم وظهور النزعة الطورانية التركية واشتداد أثرها ضمن المجتمع العربي من خلال قوانين فرض اللغة التركية في المدارس الحكومية و نظام القضاء والإدارة المحلية، دعت الجمعية العربية الفتاة (تأسست في باريس عام 1911م) إلى عقد المؤتمر العربي الأول في باريس والذي انعقد لأربع جلسات في الفترة من 17 إلى 23 حزيران 1913م وشارك فيه حزب اللامركزية الإدارية العثماني (تأسس في القاهرة كانون الثاني/يناير1913م) برئاسة عبد الحميد الزهراوي ومجموعة من الجمعيات والشخصيات العربية الفاعلة والتي كان أغلبها من سوريا (الطبيعية) والعراق.
الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية %D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%83-%D9%81%D9%8A%D8%B5%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84-%D8%A3%D8%AB%D9%86%D8%A7%D8%A1-%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%AC%D8%AF%D9%87-%D9%84%D8%AD%D8%B6%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D8%AA%D9%85%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84
الملك فيصل الأول أثناء تواجده لحضور المؤتمر العربي الأول
وعندما شعر الاتحاديون بخطورة المؤتمر العربي الأول في باريس (1913) خصوصاً مع ما تمر به الدولة وقتها من حرب البلقان “فرأت الحكومة ألا تزيد مشاكلها بمشكلة العرب وهم تقريباً نصف الدولة أو يزيدون أخذوا يهادنون العرب ويتقربون إليهم، حتى وصلوا إلى ما أطلق عليه (الوفاق التركي العربي) بين ممثل الاتحاديين مدحت شكري باشا وممثل المؤتمر العربي عبد الكريم الخليل” (2).
لكن ما إن قامت الحرب العالمية الأولى في عام (1914) حتى ساءت العلاقة بينهم وبين العرب المتمثلين بالجمعيات والأحزاب العربية، وكان انضمام تركيا إلى ألمانيا ضد دول الحلفاء التي انضم لها العرب الأثر الكبير في جعل الصدام بين جمعية الاتحاد والترقي والجمعيات العربية حتمياً.
“قام جمال باشا بعد معلومات قدمها فيليب زلزل ترجمان القنصل الفرنسي ببيروت بمداهمة قنصلية فرنسا في بيروت فعثر على أوراق مدفونة في حائط الغرفة، ومن بينها مخابرات القنصل والسفارة ووزارة الخارجية، ثم أمر جمال باشا بمداهمة القنصليتين البريطانية والفرنسية في دمشق، وحصل منهما على وثائق سياسية هامة؛ فيها أسماء الزعماء العرب الذين اتصلوا بفرنسا  للعمل في سبيل الاستقلال عن الدولة العثمانية” (3) .
“وكان من المعروف أن الجمعيات العربية في الشام كانت على صلة بالقنصل الفرنسي بيكو في بيروت وكان حزب اللامركزية على صلة مباشرة باللورد كتشنر المعتمد السياسي البريطاني في مصر”(4)
وفي ديسمبر عام 1913 اجتمع شفيق بك المؤيد العظم (أحد الشخصيات العربية البارزة وعضو البرلمان العثماني عن مدينة دمشق) مع السفير الفرنسي في الأستانة واستفسر منه عن موقف فرنسا في حال حدوث ثورة عربية وإن كانت فرنسا سترسل قوات عسكرية إلى حلب للتدخل.(5)
وما كانت إعدامات جمال باشا في (14 آب/اغسطس 1915، و6 أيار/مايو 1916) لقادة وبعض أعضاء الجمعيات القومية العربية وزعمائها إلا تسريعاً في إنهاء العلاقة العثمانية العربية التي دامت (400) سنة، حيث أعلن الشريف حسين الثورة في حزيران/يونيو 1916).

رابعاً : شريف مكة و الاتحاديين


رفض السلطان عبد الحميد الثاني منذ عام 1905م تعيين الشريف حسين شريفاً لمكة وقال “إني راض بتعيينه أميراً على مكة اذا اكتفى الشريف حسين بذلك بل إني اعتقد أنه لن يكتفي بالإمارة فحسب بل يطمع إلى أكثر من ذلك ويهدد يوماً ما عرشي”(6)
الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية %D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A
السلطان عبد الحميد الثاني
وبعد بداية العهد الدستوري عام 1908م استقال شريف مكة علي بن عبد الله ولجأ إلى مصر خشية على نفسه من أن يعمد رجال الاتحاد و الترقي إلى الانتقام منه لأنه كان وثيق الصلة بالسلطان عبد الحميد ثم توفي الشريف عبد الإله بن محمد وهو يتجهز للسفر بعد تعيينه في منصب الشرافة تم تعيين الشريف حسين كحاكم و شريف لمكة
اقتباس :
بسبب شخصيته البارزة الموقرة فضلاً عن مكانته في المجتمع وسمو نسبه و لسبب أهم هو ما كان معروفاً من كره السلطان له، فاختاره أعضاء جمعية الاتحاد والترقي الذين كانوا في الحكم ليكون شريفاً في مكة(7)
وبعد خلع السلطان عبد الحميد عن الحكم عام 1909م “توترت علاقة الشريف حسين مع الاتحاديين بسبب محاولاتهم المتكررة للحد من سلطاته ونفوذه في الحجاز وكان الحسين يعمل على أهدافه الخاصة لضمان وضع مستقل ذاتياً للحجاز تحت سلطته وضمان التوارث المباشر لعائلته للإمارة”(Cool
فقد كانت سياسة الاتحاديين تقوم على المركزية وربط الولايات العثمانية شبه المستقلة بمركز الدولة، وهذا الأمر سيؤدي بطبيعة الحال إلى الحد من نفوذ الشرافة في مكة ” ازدادت العلاقات سوءاً  بين الشريف حسين وحكومة الاتحاديين خصوصاً بعد تعيينهم وهيب باشا واليًا على الحجاز، على أن يجمع في يده السلطة المدنية والعسكرية، ويحاول القضاء على الشرافة، ومن هنا فإن الصدام بينهما كان على وشك الوقوع، وتطلع الشريف حسين إلى دولة كبرى تساعده.”(9)
ويشير ديفيد فرومكين في كتابه سلام ما بعده سلام إلى أن:
اقتباس :
الحسين أمر بإعلان الثورة عندما اكتشف أن  في نية قادة تركيا الفتاة أن يخلعوه(10)

المصادر

[list="box-sizing: border-box; margin-bottom: 1rem; text-align: right; padding-right: 0px; list-style: none; color: rgb(51, 51, 51); font-family: Greta; background-color: rgb(255, 255, 255); margin-top: 10px !important; line-height: 28px !important; font-size: 18px !important;"]
[*]العرب و الترك في العهد الدستوري العثماني – توفيق علي برو ط 1960، ص 77-79.

[*]صحوة الرجل المريض – موفق بني المرجة ط 1984، ص 322.

[*]المصدر السابق ص 328.

[*]العرب و الدولة العثمانية من الخضوع إلى المواجهة – د. احمد زكريا الشلق ط 2002، ص 290 + الدولة العثمانية والشرق العربي 1514-1914 – د. محمد أنيس ط 1985، ص 271

[*]تاريخ النكبة والقضية الفلسطينية – سمير ذياب إسبيتان، ط 2016، ص 73.

[*]مقدرات العراق السياسية – محمد طاهر العمري ط بغداد 1925 مجلد 1/ ص 177.

[*]يقظة العرب – جورج انطونيوس ط 1987، ص 178 + الدولة العثمانية والشرق العربي 1514-1914 ص 224.

[*]أعيان المدن والقومية العربية – فيليب خوري ط 1993، ص 124 + دور النواب العرب في مجلس المبعوثان العثماني 1908-1014م – د. عصمت عبد القادر ط 2006 ص 264.

[*]الدولة العثمانية والشرق العربي 1514-1914 ص 277 + الحجاز في العهد العثماني – عماد عبدالعزيز يوسف ط 2014 ص 161-162.

[*]سلام ما بعده سلام – ديفيد فرومكين ط 2001 ص 267.

[/list]


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الخميس 21 مارس 2019, 9:56 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية   الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية Emptyالخميس 21 مارس 2019, 9:44 am

الثورة العربية الكبرى: كيف ضرب شريف مكة خلافة المسلمين؟



خامسًا: شريف مكة والحركة القومية


كانت الجمعيات العربية السرية تعتبر العهد الحميدي عهد استبداد ورجعية ولا تكن هذه الجمعيات ومن أهمها (جمعية العربية الفتاة وجمعية العهد) أي احترام للعهد الحميدي بل كان مؤسسوها مع المحتفلين بسقوط السلطان عبد الحميد الثاني وإعلان العهد الدستوري عام 1908م (11) وقد ذكرت مجلة الهلال ذات الطابع القومي احتفال الجمعيات العربية بسقوط السلطان ووصفته بمنبع الاستبداد (12). يقول محمد عزة دروزة (من مؤسسي جمعية العربية الفتاة) والمقصود هنا هو السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله:
اقتباس :
كانت الدولة ظالمة غاشمة وامتلأ قلوب الناس بالرعب والعدوان على أموالهم وحرياتهم والسلطان سار بالأسلوب الاستبدادي الذي لا رقابة للشعب عليه.(13)
ونجد أن موقف الأمراء العرب (في شبه الجزيرة العربية) كان سلبياً من الجمعيات والأحزاب وتضارب مصالحهم ومفاهيمهم مع أهداف الجمعيات والأحزاب وخططها وانشغالهم بالاتصال مع دول الحلفاء (وخصوصاً بريطانيا) التي كانوا يجدون في الاتصال بها مسألة مصيرية لا تقل أهمية عن الاتصال بالحركة العربية وجمعياتها (14)
وقد رأى الشريف حسين أن يستعين بزعماء الحركة القومية العربية بعد أن كانت هناك زيارات سابقة لموفدين من جمعية العربية الفتاة إلى مكة فأرسل ابنه الأمير فيصل في زيارة رسمية إلى القسطنطينية في أيار/مايو 1915 ولكن الهدف الأساسي منها كان الاجتماع في دمشق مع قادة الجمعيات العربية والاتفاق على الرؤية المستقبلية.
الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية %D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%83-%D9%81%D9%8A%D8%B5%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84-%D8%A8%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D9%86-e1463220677750
الملك فيصل الأول بن الحسين
وقد تم له ذلك وانتسب فيصل شخصياً إلى العربية الفتاة وعند عودته من استانبول تسلم النقاط الأساسية التي اتفق عليها الأطراف على شكل ميثاق وهو ما عرف لاحقاً باسم (بروتوكول دمشق1915م) وهو عبارة عن المطالب التي أرادوا من الشريف حسين أن يتفاوض عليها مع بريطانيا  ويتضمن:

  • اعترافها باستقلال البلاد العربية، من مرسين وأضنة إلى الخليج فالمحيط الهندي، عدا عدن، ثم البحر المتوسط.
  • مع إلغاء الامتيازات الأجنبية.
  • وعقد تحالف دفاعي بين بريطانيا والدولة العربية المستقلة، ومنح بريطانيا أفضلية اقتصادية.
  • كما تم تسليم الأمير فيصل خريطة توضح  هذه الحدود التي ستتم المفاوضات على أساسها.



سادسًا: بداية التواصل بين الحسين والإنجليز


كان الاتصال الأول بين الشريف حسين والإنجليز هو من خلال ابنه عبد الله الذي قابل في شباط/ فبراير عام 1914 عندما كان متجهاً من مكة إلى القسطنطينية مروراً بالقاهرة  اللورد كيتشنر المعتمد البريطاني في مصر والسير رونالد ستورز سكرتير الشؤون الشرقية في دار الاعتماد البريطاني آنذاك، وحاول بأسلوب حذر أن يعرف موقف الإنكليز إن قام الأتراك بعزل والده من شرافة مكة وقيام ثورة عربية في الحجاز نتيجة لذلك، ورغم أن هذه المحادثات لم تنته إلى نتيجة عملية لكنها كانت ذات أثر فعال في سير الحوادث المستقبلية، فقد كتب كتشنر إلى حكومته يقول: “إن من المفيد مراقبة التطورات لأن العرب يبدون متحمسين”، كما أشار ستورز في مذكراته:
اقتباس :
أن الأمير عبدالله سأله إن كانت بريطانيا على استعداد لتقدم إلى الشريف الأكبر دزينة أو حتى نصف دزينة من المدافع الرشاشة للدفاع ضد الأتراك.(15)
ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى أرسل ستورز بناءً على تعليمات اللورد كتشنر رسولاً سرياً إلى الأمير عبد الله يسأل عن موقف الشريف الأكبر في حال دخول الدولة العثمانية الحرب إلى جانب ألمانيا ضد بريطانيا وهل سيكون “معنا أم علينا”، ثم تلقى الأمير عبد الله رسالة أخرى من السير ريجنالد وينجيت الحاكم الإنجليزي العام للسودان، لكن الشريف حسين في هذه المرحلة اكتفى بالحياد وعدم تقديم أي مساعدة للدولة العثمانية التي كانت قد دخلت الحرب فعلياً في 29 تشرين أول/ أكتوبر 1914م.

سابعًا: مراسلات الحسين-مكماهون


في 14 تموز/ يوليو 1915م أرسل الشريف حسين مذكرة إلى مقر المعتمد البريطاني في القاهرة اشتملت على النقاط الأساسية لبرتوكول دمشق والتي يشترطها العرب لاشتراكهم في الحرب ضد الدولة العثمانية وحلفائها مع إضافة شرطين يتعلقان به شخصياً وهما:(16)

  • أن تدعم إنجلترا إعلان خليفة عربي للمسلمين.
  • وأن البنود الخاصة بالمساعدة المتبادلة تظل سارية مدة خمسة عشر عاماً، وقد تتمدد باتفاق الطرفين. 



كان ستورز في تعقيب له على هذه الرسالة “ينبغي للحسين أن يرضى بأن نسمح له بالاحتفاظ بولاية الحجاز” وأيضاً:
اقتباس :
“إن الحسين يعرف أنه يطلب كأساس للمفاوضات أكثر بكثير مما له الحق أو لديه الأمل أو عنده القوة التي تسمح له بتوقعه. (17)
على الرغم من جميع الانتقادات والمناقشات في مقر المندوب السامي البريطاني جاء رد السير هنري مكماهون في 30 آب/ أغسطس 1915م وبدافع إبقاء الخيوط متصلة مع الحسين مراوغاً فلم يتضمن رداً صريحاً بالقبول أو الرفض، ذاكراً له “أن مصالح العرب هي مصالح إنجلترا، ومصالح إنجلترا هي مصالح العرب” وإن بحث الحدود ينبغي تأجيله إلى ما بعد انتهاء الحرب.
بعد ذلك الرد المراوغ أرسل الحسين رسالة أخرى إلى مكماهون تعبر عن دهشته مما في رده من “غموض وبرودة و تردد” واتهمه فيها بالإحجام عن مناقشة موضوع الحدود موضحاً أن تلك المطالب والاقتراحات ليست صادرة عن شخصه وحده “بل هي مقترحات شعب بأسره” وأن قضية الحدود المطروحة تعتبر شرطاً أساسياً تتوقف عليه نتيجة المفاوضات من حيث الموافقة أو الرفض، فكان رد مكماهون هذه المرة في 24 تشرين أول /أكتوبر 1915م يتضمن اقتراحات ومناقشة لموضوع الحدود حيث أشار إلى أن:

  • بريطانيا ستعترف باستقلال العرب ضمن المنطقة التي حددها الشريف حسين باستثناء أجزاء معينة وتحديداً ولايتي أضنة والاسكندرونة.
  • كذلك المنطقة الواقعة غرب خط دمشق حمص حماه حلب والتي تعتبر ذات أهمية عند الحلفاء ولا تعتبر عربية محضة.
  • بالإضافة إلى وجود مصالح لبريطانيا العظمى في ولايتي البصرة و بغداد وسيتم إقرار ترتيبات إدارية خاصة فيهما.
  • وأوضح أيضاً أن تلك المناطق التي ترتبط بمعاهدات الحماية على شواطئ الخليج العربي يجب ألا تدرج ضمن النقاشات كما أشار بوضوح إلى استثناء مستعمرة عدن من المفاوضات .



وكان رد الحسين على رسالة مكماهون في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1915م، أوضح فيها موافقته على استثناء ولاية أضنة (التي تضم ميناء مرسين) ولم يوافق على ما تبقى من استثناءات إلا تلك التحفظات الخاصة بالأمراء العرب المرتبطين بمعاهدات مع بريطانيا.
اقتباس :
أما بخصوص العراق فقد وافق أن تحتلها القوات البريطانية لفترة ما بعد الحرب تلك الأجزاء على أن يكون احتلالا مؤقتاً وتدفع بريطانيا مقابل ذلك معونة مالية للدولة العربية الناشئة.
أعرب مكماهون في رده عن ارتياحه لاستثناء مرسين من حدود البلاد العربية، ولكنه ظل مصرا على تحفظه في موضوع المناطق الساحلية الواقعة في سورية الشمالية لوجود مصالح فرنسية فيها، وأن بريطانيا لن تبرم صلحاً على أسس لا تكفل “حرية الشعوب العربية”.
فرد الشريف حسين في رسالته الرابعة والمؤرخة في 1 كانون الثاني /يناير 1916م “إن ما يتعلق بقضية العراق وقضية التعويض الذي افترضناه لقاء احتلاله فإن بي رغبة في تقوية ثقة بريطانيا بنوايانا ادع أمر تقدير المبلغ إلى حكمتها وعدالتها” أما بالنسبة للمناطق الساحلية من بلاد الشام فأشار إلى أنه حريص على اجتناب ما يعكر صفو العلاقات بين فرنسا و بريطانيا العظمى لذلك فهو مستعد لغض الطرف عنها حالياً إلى ما بعد انتهاء الحرب.
كان جواب مكماهون على هذه الرسالة والمؤرخ في 25 يكانون الثاني / يناير 1916م مكرراً عما سبقها وأثنى فيها على رغبة الشريف حسين تجنب كل ما من شانه الإساءة إلى تحالف إنجلترا وفرنسا.
الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية %D9%88%D8%B7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%B3%D8%A7%D9%8A%D9%83%D8%B3-%D8%A8%D9%8A%D9%83%D9%88-e1474946735409
بالرسالة السابقة تكون المفاوضات قد ختمت وبقي رسائل الاتفاق حول متطلبات الإعداد للثورة من سلاح وذخائر وأموال ومؤن والتي كان آخرها رسالة هنري مكماهون بتاريخ 10 آذار/ مارس 1916م والتي قال فيها “وقد يسرني أن أخبركم بأن حكومة جلالة الملك صادقت على جميع مطالبكم، وأن كل شيء رغبتم الإسراع فيه وفي إرساله فهو مرسل مع رسولكم حامل هذا، والأشياء الباقية ستحضر بكل سرعة ممكنة وتبقى في بورسودان تحت أمركم لحين ابتداء الحركة وإبلاغنا إياها بصورة رسمية (كما ذكرتم) وبالمواقع التي يقتضي سوقها إليها والوسائط التي يكونون حاملين الوثائق بتسليمها إياهم. “(18)
لم يتم التوقيع على أية وثيقة في تلك المراسلات كما لم يجتمع الفرقاء الرئيسيون فيها وكانت العهود البريطانية من المرونة والميوعة بحيث لا يمكن اعتبارها وثائق في أية محكمة قانونية. فكانت بداية مشؤومة لتحالف تم إعداده تحت ضغط الحرب فترك آثاره إلى عصرنا الراهن.
كان كيتشنر واتباعه ومكماهون ومن خلالهم الحكومة البريطانية بحاجة ماسة إلى كسب التأييد العربي ولكنهم لم يكونوا مستعدين لدفع الثمن المطلوب بل كانت هناك مفاوضات أخرى تجري بشكل سري بنفس الفترة الزمنية ما بين 23 تشرين الثاني /نوفمبر1915م و16 أيار/مايو 1916م بين الدبلوماسي الفرنسي فرانسوا جورج بيكو والبريطاني مارك سايكس والروسي سيرغي سازونوف لتقسيم تركة الدولة العثمانية بينهم.

[rtl]

المصادر

[/rtl]
[11] جمعية العربية الفتاة السرية – د. سهيلة ريماوي ط 1988 ص 66، دور النواب العرب في مجلس المبعوثان العثماني 1908-1014م ص 81.
[12] مجلة الهلال – الجزء الثاني السنة 17 – 1/11/1908م ص 71.
[13] نشأة الحكومة العربية الحديثة – محمد عزة دروزة ط 1993 ص 177.
[14] جمعية العربية الفتاة السرية ص 267 + الدولة العثمانية والشرق العربي 1514-1914 ص 239.
[15] الملوك الهاشميون – جيمس موريس ط 2011 ص 28-29.
[16] يقظة العرب ص 252.
[17] سلام ما بعده سلام ص 208.
[18] يقظة العرب ص 251-266 + دراسات تاريخية في النهضة العربية الحديثة – محمد بديع شريف وآخرون ص 121-132 + الدولة العثمانية والشرق العربي 1514-1914 ص 281-284.


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الخميس 21 مارس 2019, 9:55 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية   الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية Emptyالخميس 21 مارس 2019, 9:48 am

الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر ممن خانوا المسلمين طمعًا في الحكم



ثامنًا: بداية الثورة ثم مرحلة الجمود

أطلق الشريف حسين فجر اليوم العاشر من حزيران /يونيو 1916م عدة طلقات من مسدسه باتجاه الحاميات العثمانية معلناً بداية الثورة وكان للعثمانيين مدفعية قوية في القلعة التي احتشد حولها الثوار الذين تم تسليحهم بواسطة الدعم الإنجليزي العسكري.
كانت قلعة أجياد استسلمت بعد قصف أحدث ثغرة في جدارها في الرابع من تموز/يوليو 1916 بعد أن أرسل السير ريجينالد وينغيت نائب الحاكم العام البريطاني في السودان سريتي مدفعية من سرايا الجيش المصري وتم سحب مدفعان منها إلى مكة فكان لهما الأثر الحاسم إلى استسلام الثكنات العثمانية فيها.
وهاجم الأميران فيصل و علي المدينة المنورة، وهاجم الأمير عبد الله الطائف، وهاجم الشريف عبد المحسن البركاتي دار الحكومة وثكنات العثمانيين في مكة، والشريف محسن بن أحمد مدينة جدة التي سقطت كأول مدينة بيد قوات الشريف حسين بمساعدة القصف الجوي والبحري من الطائرات والسفن الحربية البريطانية. وتم تسليم الطائف في 22 أيلول/سبتمبر بعد أن فرض عليها الحصار وكانت قد سقطت كذلك كل المدن الساحلية كرابغ التي أقام الإنجليز فيها مطاراً عسكرياً و ينبع والقنفذة والليث بمساعدة الأسطول البريطاني، وبذلك تكون الغايات العسكرية المباشرة قد تحققت وتكون كل مدن الحجاز قد سقطت بيد قوات الشريف ما عدا المدينة المنورة.
“كان مقر المعتمد البريطاني في القاهرة قد عمل مدة تقرب من 9 أشهر من أجل إشعال شرارة الثورة، وعندما بلغ القاهرة نبأ الثورة في الصحراء قال ويندهام ديدز: إنها نصر عظيم لكلايتون.
لكن الثورة العربية التي كان الحسين يأمل في حدوثها لم تحدث إطلاقاً، فلم تنضم إليه أي وحدات عربية في الجيش العثماني، ولا انضم إليه وإلى الحلفاء أي شخصيات سياسية أو عسكرية من الدولة العثمانية، وبقيت قواته مؤلفة من بضعة آلاف من رجال القبائل غير المدربين الذين يحصلون على دعم مالي من بريطانيا، والعدد الضئيل من الضباط غير الحجازيين الذين انضموا إلى جيشه كانوا إما أسرى حرب أو منفيين سبق أن عاشوا في أراض خاضعة للحكم الإنجليزي.”(19)
أما خارج الحجاز وما جاورها من القبائل فلم يكن هناك أي تأييد منظور للثورة في أي جزء من العالم العربي، “في حين أن السوريين عموماً لم يكونوا راغبين في الثورة على الأتراك واستمر بعض القيادة السياسية في المدن السورية بتعريف نفسه بالأيديولوجيا العثمانوية، واختار بعضهم الآخر عدم اتخاذ موقف بانتظار نتيجة الحرب وحافظ الكثيرون على مناصبهم طوال الحرب ونظروا إلى ثورة الجنوب بحذر وازدراء بل وصموها بالخيانة، وكان الزعماء السياسيين في سوريا لا يثقون بالطموحات الهاشمية السياسية”(20)
واستقر الوضع على هذا الحال خلال عدة أشهر بينما القوات العثمانية يتم تعزيزيها في المدينة المنورة وبدأت تقارير المخابرات الإنجليزية تصل إلى القاهرة بأن ثورة الحجاز كانت تنهار بأسرع مما كان متوقعاً…

تاسعاً: لورنس العرب والانطلاق نحو دمشق



Embed from Getty Images




أصيب المكتب العربي في مقر المندوب السامي البريطاني في القاهرة بخيبة الأمل لأن زعامة الحسين فشلت في إثبات وجودها وترسيخ مكانتها وانضمام العرب لها بشكل يناسب الدعم الذي قدمته بريطانيا الذي وكما يقول ستورز في مذكراته أنه قد بلغ أحد عشر مليون جنيه إسترليني.
خلال عدة أشهر من انطلاق الثورة استقرت بعثات بريطانية وفرنسية في مدينة جدة لمساعدة ثورة الشريف ثم وصل في تشرين أول/أكتوبر من نفس العام ضابط المخابرات الإنجليزي والعامل في المكتب العربي في القاهرة الكابتن توماس لورنس والذي أصبح فيما بعد مستشاراً حربياً للأمير فيصل واشتهر باسم “لورنس العرب” وقد كان برفقة سكرتير الشؤون الشرقية السير رونالد ستورز.
“يذكر لورنس في كتابه أن القائد العام للقوات البريطانية في مصر السير ارشيبالد مري لم يكن مؤمناً بالثورة العربية ولا ظهر له أن يبذل المال والرجال والسلاح في سبيلها بل كان يعتبرها بشيء من الاستخفاف والتحقير عملاً هامشياً مربكاً، ولاح للناس أن الثورة العربية ماتت في المهد.”(21)
وفي 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1916م أعلن الشريف حسين نفسه ملكاً على العرب وطالب الحلفاء والدول المحايدة الاعتراف بهذا اللقب فكان جوابهم في 3 كانون الثاني/يناير الاعتراف به ملكاً على الحجاز فقط.
سقط ميناء الوجه الواقع ما بين تبوك والمدينة على ساحل البحر الأحمر يوم 25 كانون الثاني/يناير 1917م بيد قوات الشريف المدعوم بالبوارج البريطانية و250 جندي إنجليزي واتخذ منها الأمير فيصل والكابتن لورنس مقراً للعمليات ولضرب العثمانيين في مدائن صالح، وسيطروا بعدها على ضبا والمويلح وبذلك لم يبقى في يد العثمانيين في الحجاز إلا المدينة المنورة والحاميات في محطات سكة حديد الحجاز.
عمل لورنس على تعليم العرب كيفية استعمال المتفجرات لتخريب سكة الحديد والي أدى إلى تضييق الخناق على الجنود المحاصرين في المدينة والحاميات العثمانية في محطات خط الحديد الحجازي.
سقطت العقبة في 6 تموز/يوليو 1917م واتخذها الأمير فيصل ومعه لورنس العرب مقراً لقيادة قواته وتسليحها بحراً من القوات البريطانية في مصر والتي أصبح يقودها الجنرال ادموند اللنبي وحضر إلى العقبة عدد من الضباط الإنجليز والفرنسيين لمساعدة قوات الأمير فيصل.
الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية %D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%83-%D9%81%D9%8A%D8%B5%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84-%D8%A8%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D9%86-e1463220677750
الملك فيصل الأول بن الحسين وبجواره لورنس العرب
في 11 كانون الأول/ديسمبر 1917 سقطت مدينة القدس ودخلها الجنرال اللنبي ماشياً مع القوات الإنجليزية من بوابة يافا وكانت قد سقطت قبل ذلك مدن غزة والخليل ويافا وبيت لحم حيث احتلت القوات البريطانية مع نهاية 1917 كامل سنجق القدس.
وقف أهل معان مع العثمانيين وتطوعوا معهم في صد هجوم جيش الأمير فيصل وبقوا ثابتين كما صمدت كل القوات في الحاميات العثمانية جنوب معان كقلعة الحسا وحامية تبوك وحامية العلا والقوة الأساسية بقيادة فخري باشا في المدينة المنورة، “وفي الأسبوع الأول من نيسان /أبريل 1918 قام العرب بقيادة اللفتاننت كولونيل ألان دوني بتخريب الخط الحديدي جنوب معان وشمالها تخريباً يستحيل إصلاحه وبذلك تكون معان قد عزلت، أي أنه تم تدمير 50 جسراً وقنطرة و3000 مفصلة من خط الحديد الحجازي”(22)
وهزم الأمير عبد الله قوات ابن الرشيد أمير حائل الموالية للعثمانيين قرب منطقة تيماء في شهر حزيران /يونيو 1918م ، ثم اتجه جيش الأمير فيصل مصحوباً بالوحدات البريطانية الحاوية على عربات مصفحة ورشاشات وفصائل إشارة باتجاه الشمال من معان والهدف المرسوم كان مدينة درعا فوصل في 12 أيلول /سبتمبر 1918م إلى مسافة 12 كم من درعا وبدأت مجموعات التخريب في تدمير سكة الحديد شمال درعا وجنوبها لعزل الحامية العثمانية فيها، وذلك لمساعدة القوات البريطانية المتقدمة باتجاه شمال فلسطين والذين احتلوا العفولة وبيسان.
ثم في 25 أيلول /سبتمبر احتل الإنجليز عمّان وانسحب الجيش العثماني منها و من معان باتجاه درعا سيراً على الأقدام بعد أن تم تدمير خط سكة حديد الحجاز، وعلى أبواب مدينة درعا اجتمع جيش الأمير فيصل والجيش الإنجليزي يوم 28 أيلول /سبتمبر ثم توجهوا إلى دمشق ودخلوها في أول  تشرين أول /أكتوبر، ثم ما لبث أن تم احتلال سوريا كلها قبل نهاية الشهر وكان آخر منطقة تحتلها قوات الحلفاء شمالاً محطة المسلمية في حلب وهي المنطقة التي تتفرع منها سكة الحديد إلى القسطنطينية و سوريا والعراق حيث وقعت الدولة العثمانية في اليوم التالي هدنة مدروس.

عاشراً: نهاية الثورة

كان صدور وعد بلفور من وزارة الخارجية البريطانية و الذي يتعهد فيه بقيام وطن قومي لليهود على أرض فلسطين و اتفاقسايكس بيكو من الأمور التي حدثت أثناء ما سُمّي اصطلاحاً بالثورة العربية وكان يجب أن يكون لها الأثر الكبير في معرفة طبيعة السياسة الاستعمارية لقوات الحلفاء و للإنكليز خصوصاً. لكن هذا كله لم يؤثر على حُسن ظن الشريف حسين بنوايا الحلفاء “حتى أنه عندما وصلت إليه بعد سبعة أشهر من توقيعها رسائل من جمال باشا فيها تفاصيل اتفاقية سايكس بيكو لم يفعل شيئاً سوى أنه أرسلها إلى المندوب السامي البريطاني في مصر سائلاً عن حقيقة هذه الاتفاقية “(23).
 أما بخصوص وعد بلفور فكان رد الحلفاء هو رسالة من نائب الملك إلى الشريف حسين أعادت له الهدوء وأيدت الرسالة حقوق عرب فلسطين السياسية و الاقتصادية وقد أذاع منشوراً في جريدة القبلة الناطقة باسمه في 23 آذار/مارس 1918 دعا فيه عرب فلسطين إلى الهدوء والاطمئنان وإلى التعاون مع الجيش البريطاني.
اقتباس :
كان ثمن الثورة بالنسبة إلى العرب غالياً على المدى الطويل والقصير، دفعوا جميعاً هذا الثمن مع أن أقل من 10% منهم اشتركوا في الثورة. حتى في الحجاز لم يكن الرأي العام وراء الحسين.
وليت الشريف حسين وأنصاره كسبوا حتى فخر هذا العمل الذي قاموا به في نظر الإنجليز والفرنسيين، ذلك أن البطل الحقيقي لهذه المأساة كان في نظر الغرب رجلاً إنجليزياً غريب الأطوار هو الكولونيل لورنس.
وهكذا نجد أنه إرضاء لمطامح حفنة من العرب وأوهام حفنة من الخطباء المتحمسين على منابر دمشق دفع العرب-كل العرب – ثمناً باهظاً وما زالوا يدفعونه، و 10 حزيران /يونيو 1916 كان دون شك يوماً مشؤوماً كان من نتاجه أن أصبحت إسرائيل هي معضلة العرب الكبرى وهي نتيجة مباشرة لهذه الخطوة التي خطاها الشريف حسين بن علي، فقد تقاسمت فرنسا و إنجلترا ميراث الدولة العثمانية في البلاد العربية (عدا الجزيرة) وحولتها إلى مستعمرات تحت أسماء شتى.
وتربع أحد أبناء الحسين على عرش العراق بعد أن طردته فرنسا عن عرش سوريا وأصبح ابنه الثاني أميرا على شرق الأردن وكلاهما تحت الحكم البريطاني “(24) الذي وثق به الحسين وكان مخلصاً له، أما هو فقد تخلت عنه بريطانيا ورفضت الاعتراف به خليفة للمسلمين بعد أن ألغى مصطفى كمال الخلافة العثمانية في 3آذار/مارس 1924م ولم يعد يتلقى أي ردود على رسائله إلى الحكومة البريطانية بل أصبحوا يعدونه هدفاً للسخرية ومثاراً للإزعاج، في حين تقدمت جيوش عبد العزيز آل سعود إلى الحجاز فدخلوا مكة في 15 تشرين أول /أكتوبر 1924م ثم حاصروا جدة لمدة عام تقريباً وتم تسليمها في 17 كانون أول /ديسمبر 1925، وبتسليم جدة انتهى حكم الأشراف في الحجاز.
أما الملك الحسين بن علي فقد كان تنازل عن العرش لابنه علي يوم 4 تشرين أول/أكتوبر 1924  ثم سافر إلى ميناء العقبة بعد بضعة أيام من تنازله وبقي فيها ثمانية أشهر وفيها أعلن نفسه خليفة في 11 آذار /مارس 1924م بعد عدة أيام من إلغاء كمال أتاتورك لمنصب الخلافة لكن هذه الدعوة لم تلق أي صدى أو تجاوب من أي جهة ثم أن الحكومة البريطانية أبلغته أنه غير مرغوب ببقائه هناك فاختار أن يذهب إلى قبرص وأقام فيها إلى 1930 منفياً وبعد أن أصيب بنوبة حادة تم نقله إلى عمّان وهو في الخامسة والسبعين من عمره حيث توفي في 14 من كانون الثاني /يونيو 1931 ودفن في القدس .

خاتمة

كانت نهاية ما أصبح يعرف تاريخياً بالثورة العربية الكبرى أن تمت تجزئة سوريا الكبرى إلى مناطق تحت الحكم الفرنسي قاموا بتجزئتها إلى دويلات حلب و دمشق ودولة جبل الدروز ودولة العلويين على الساحل ودولة لبنان الكبير ثم جمعتها في دولتي سوريا و لبنان الكبير ومناطق تحت الاحتلال الإنجليزي جعلوها ممالك منفصلة تحت رعايتهم وشرعوا ينفذون وعدهم لليهود على أرض فلسطين، بل أن الشريف حسين نفسه خسر الإمارة التي حكمها أجداده الأشراف ألف سنة إلّا أربعة عشر عاماً من سنة 358 هـ / 968م من حكم جعفر بن محمد إلى نهاية حكم علي بن الحسين سنة 1344 هـ / 1924م.
بقيت سيطرة بريطانيا على مشيخات الخليج والجنوب العربي وذهبت أحلام القوميين العرب ومؤسسي الجمعيات السرية الذين فرحوا بخلع السلطان عبد الحميد الثاني وعدوه من أكبر الانتصارات لهم كل ذلك ذهب أدراج الرياح و “تروي الروايات التاريخية الندم الشديد الذي أصاب الشريف حسين في نهاية حياته، وهو أمر طبيعي في ظل ما آلت إليه أحلامه الكبيرة بل وضعه الشخصي، فهل يتعظ الذين يتحالفون اليوم مع الصهيونية ضد إخوتهم ظانين أن نهايتهم ستكون وردية” ؟!! (25)


المصادر

[19] سلام ما بعده سلام ص 267-269.
[20] أعيان المدن والقومية العربية ص 126.
[21] الثورة العربية الكبرى -أمين السعيد ج1/ ص 212 + يقظة العرب ص 314.
[22] يقظة العرب ص 334.
[23] الحجاز في العهد العثماني ص 229.
[24] تاريخ قريش -د. حسين مؤنس ط 1988 ص 783-784 ،787.
[25] السلطان والتاريخ -شعبان صوان ط 2016 ص 547.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية   الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية Emptyالخميس 21 مارس 2019, 9:50 am

في الذكرى المئوية للثورة العربية الكبرى: دلالة الموقف العربي



“ليس من الصواب القول بأن التيارات القومية التركية والعربية والأرمنية والكردية، كانت وراء تضعضع الدولة العثمانية وانهيارها بعد سنة 1914، صحيح أن بعض الأرمن كانوا يدعون إلى إنشاء وطن قومي للشعب الأرمني، لكن أغلبيتهم الساحقة استمرت في رغبتها في البقاء داخل الحظيرة العثمانية، ثم إن قلة قليلة من الأكراد كانت تدعو إلى الاستقلال الذاتي، ونستطيع القول أيضاً إن غالبية العرب كانت تود البقاء ضمن الكيان العثماني بالرغم من تعالي أصوات بعض القادة والمفكرين العرب بضرورة إلغاء المركزية ومنح الأقاليم شيئًا من الاستقلال الذاتي، على حين قام آخرون بالدعوة لإحياء الهوية الثقافية العربية.
Embed from Getty Images




خلاصة القول إن معظم الرعايا العثمانيين في سنة 1914 لم يكونوا يطمحون إلى الانفصال عن الإمبراطورية بل ظلوا محافظين على هويتهم في إطار المجتمع العثماني “[1]،  “ويبدو أن هناك شبه إجماع على أن معظم العرب لم يكونوا راضين عن النهاية التي آلت إليها الدولة العثمانية ولم يشاركوا طوعاً في القضاء عليها “[2].

المواقف العربية ودلالاتها



  • شرق الأردن






يقول المؤرخ يوجين روجان في كتابه  “العرب من الفتوحات العثمانية إلى الحاضر”
اقتباس :
“إن فيصل بن الحسين اتخذ من العقبة مركزًا للقيادة ، وانطلقت قواته لشن الغارات على المراكز العثمانية في معان والطفيلة وسكة الحجاز، ولكن جنود الجيش العربي لم يتمكنوا قط من التغلب على دفاعات العثمانيين والاستيلاء على معان حيث كانت المقاومة مستميتة “
 
إضافة إلى هذا فقد واجهوا مقاومة من القبائل العربية وأهل المدن المتحالفين مع العثمانيين، وفي مدينة الكرك القريبة كونت القبائل وأهل المدينة ميليشيا من خمسمائة رجل في 17 يوليو / تموز 1917، وساروا بحماس إلى حيث ينتظرهم قتال فيصل وجماعته.
الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية %D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%83-%D9%81%D9%8A%D8%B5%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84-%D8%A8%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D9%86-e1463220677750
الملك فيصل الأول بن الحسين
خاض متطوعو الكرك حربًا استمرت ثلاث ساعات ضد القوات التي قادها الهاشميون، وأعلنوا النصر بعد قتل تسعة رجال من الجيش العربي وغنم اثنين من الخيل، كشفت هذه المعركة الصغيرة إلى أي مدى قسمت الثورة العربية ولاء أهل البلاد ما بين مؤيد للعثمانيين ومؤيد للهاشميين، وفي أغسطس / آب 1917 اتفقت المخابرات البريطانية والفرنسية على أن قبائل شرق الأردن هي في معسكر العثمانيين قطعاً، وعلى هذا فشلت دعوة الجهاد المضادة التي تبناها الشريف حسين في كسب تأييد العرب جميعاً “[3].

  • جنوب العراق






في شهر كانون الأول 1915 حاصر الجيش العثماني الجيش البريطاني في مدينة الكوت في العراق، وذلك ضمن أحداث الحرب الكبرى الأولى، واستمر الحصار حتى استسلام الإنجليز في نهاية نيسان 1916، وعن ذلك يقول الدكتور عبد الله فهد النفيسي
اقتباس :
“إن حصار الكوت أرغم الحكومة البريطانية على إيجاد أي وسيلة ممكنة من شأنها أن تخفف الضغط على الجيش المحاصَر ورفع معنوياته”
وأوضح أنه من الأمور التي جرى تداولها: “الانتفاع بالثورة العربية التي كان يتزعمها الشريف حسين، ولكن تقادير ضباط الاستخبارات العسكرية كانت أفادت أن الثورة التي نشبت في الحجاز لم يكن لها أي وقع في نفوس القبائل العراقية التي كانت في معظمها من الشيعة… حتى إن القبائل السنية الصحراوية التي كانت على اتصال بالزبير والخميسية تلقت خبر نشوب الثورة …بفتور وعدم مبالاة، وفي مدينة البصرة ذاتها انقسم الرأي العام فكانت الأقلية تقف إلى جانب الثورة العربية، بينما اعتبرت الأكثرية ثورة الحسين ضد العهد، وهو عمل غير جائز” [4].
ولم يكتف العراقيون بعدم المشاركة في الثورة ضد الدولة العثمانية بل شاركوا في القتال إلى جانب العثمانيين ضد بريطانيا، على عكس الثوار العرب. وعن حصار الكوت نفسه يقول الدكتور:
اقتباس :
“كان سكان الكوت، وغالبيتهم من الشيعة، يتعاونون سراً مع الأتراك لإبلاغهم مركز القيادة في المدينة التي كان الأتراك يحاولون قصفه كل يوم”

في السابع من شهر كانون الثاني


أرسلت قوة بريطانية قوامها 9 آلاف جندي في قيادة الجنرال أيلمر الذي حاول يائساً أن يفك الحصار عن المدينة، ولكنه عجز عن إنجاز مهمته بعد أن فقد 7 آلاف إصابة بين قتيل وجريح، ولقد لعبت القبائل الشيعية دوراً بارزاً في محاربة المدد البريطاني… وحاول البريطانيون مراراً أخرى رفع الحصار عن إخوانهم في الكوت ولكن من دون جدوى، وكان السبب الرئيسي في فشل المحاولات هذه مقاومة القبائل الشيعية…. وتجدر الإشارة هنا إلى أن العرب الشيعة من أهل الكوت الذين لعبوا دوراً بارزاً في الحصار كجواسيس للأتراك كان في استطاعتهم دخول المدينة والخروج منها ليلاً… وكان سكان الكوت يلجئون إلى كل وسيلة في وسعهم للتعبير عن عدائهم للإنجليز…

في التاسع والعشرين من شهر نيسان


استسلم  13.309 من الجنود والضباط البريطانيين إلى الأتراك الذين أصدروا أوامرهم بأن يسيروا إلى الأسر مشياً على الأقدام مسافة تبلغ ألفاً ومئتي ميل عبر صحار وجبال، وقد مات سبعون في المئة من الإنكليز وأربعون في المئة من الكتائب الهندية، وينبغي القول إن عرض فدية للأتراك في مقابل فك الحصار الذي تقدم به الإنكليز أفقد الإنكليز هيبتهم الدولية وسمعتهم لأن خصومهم من الدول استغلوا الحادث في العالم إلى أقصى ما تكون عليه الدعاية في التفاخر والتباهي، هذا على الرغم من أن الحكومة أخفت الخبر كلياً عن الصحافة الإنكليزية، وجعلت منه الصحف موضوعًا للصور الكاريكاتورية وللمقالات الافتتاحية”
وبعدما تباطأ القائد التركي في ملاحقة فلول الإنجليز ردوا على هزيمتهم بالاستعداد لاحتلال بغداد لترك انطباع مضاد عما خلفته هزيمتهم في الدردنيل (غاليبولي) والكوت، ولمحو عار الفدية التي عرضوها وبلغت مليوني ليرة إسترلينيه، ومن شأن احتلال بغداد  “إحباط أي محاولة يقوم بها الأتراك والعرب في سبيل ائتلاف إسلامي تحت راية الجهاد، وكان النفوذ التركي في إيران من الأمور التي كانت تقلق خواطر أعضاء اللجنة في وزارة الحرب البريطانية “[5].
Embed from Getty Images




يقول المؤرخ دونالد كواترت:
اقتباس :
“ولم يهمل السلاطين العناية بشئون رعاياهم من المسلمين الشيعة، وبذلوا ما أمكنهم للحفاظ على الأماكن الشيعية ورعايتها في كل من النجف وكربلاء، وبقوا على هذا النهج إلى ما بعد القرن السادس عشر “[6].

النتيجة:


اقتباس :
شتان ما بين مسلمي الجامعة الإسلامية زمن الخلافة ومسلمي الطائفية زمن الاحتلال الأمريكي.



المصادر

[1] دونالد كواترت، الدولة العثمانية 1700-1922، مكتبة العبيكان، الرياض، 2004، ترجمة: أيمن أرمنازي، ص 333-334.
[2] نفس المرجع، ص 341.
[3] يوجين روجان، العرب من الفتوحات العثمانية إلى الحاضر، كلمات عربية للترجمة والنشر، القاهرة، 2011، ترجمة: محمد إبراهيم الجندي، ص 196.
[4] الدكتور عبد الله فهد النفيسي، دور الشيعة في تطور العراق السياسي الحديث، ذات السلاسل، الكويت، 1990، ص 104-105.
[5] -نفس المرجع، ص 99-107.
[6] -دونالد كواترت، ص 184.


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الخميس 21 مارس 2019, 9:53 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية   الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية Emptyالخميس 21 مارس 2019, 9:52 am

في الذكرى المئوية للثورة العربية الكبرى: دلالة الموقف المصري



تحدثنا في الجزء الأول عن دلالة الموقف العربي وذكرنا اليمن والعراق، نتابع معًا باقي المواقف العربية ودلالاتها حيث سيكون محور حديثنا هنا: هو الموقف المصري من الثورة العربية الكبرى.

الموقف المصري


  • الحرب ضد الدولة العثمانية



عندما دخلت الدولة العثمانية الحرب الكبرى إلى جانب دول الوسط دفاعًا عن وجودها ضد أطماع الحلفاء، قامت بريطانيا باتخاذ إجراءات مضادة منها إعلان الحماية على مصر وإنهاء السيادة العثمانية عليها وخلع الخديوي عباس حلمي بتهمة الميل للجانب المعادي وتنصيب حسين كامل صاحب الميول البريطانية سلطانًا على مصر، كما سخرت بريطانيا إمكانات مصر لخدمة المجهود الحربي البريطاني، وفي ذلك يقول المؤرخ البريطاني بيتر مانسفيلد إن
اقتباس :
“المصريين المتحمسين أرادوا المساهمة في المجهود الحربي، فشاركت القوات المصرية في الدفاع عن قناة السويس ضد الهجوم التركي الأول والوحيد، كما خدم أكثر من عشرين ألف مصري في النقل بقوافل الجمال وهيئة العمل في فلسطين وفرنسا، وتكبدوا أثناء ذلك خسائر جسيمة “[7].


Embed from Getty Images




ولكن مؤرخين آخرين يعطون صورة مختلفة عن هذا  “الحماس” المصري الذي يتحدث عنه مانسفيلد، فالمؤرخ البريطاني أيضاً يوجين روجان يقول:
اقتباس :
“كان البريطانيون يتطلعون إلى إضعاف نفوذ السلطان العثماني عن طريق تعزيز السلطان المصري، مثلما تطلعوا إلى إضعاف الدعوة إلى الجهاد ضد بريطانيا وفرنسا التي أطلقها السلطان (العثماني) عن طريق إطلاق الشريف حسين دعوة للثورة”
غير أن هذه الحيلة لم تترك أثرًا كبيرًا على مسلمي مصر ولا على المسلمين عامة، إذ ظلوا يبجلون السلطان العثماني بصفته خليفة المسلمين، وبمجرد أن اندلعت الحرب وقع الجزء الأكبر من عبء دعم مصر للبريطانيين على الطبقة العاملة، صودرت المحاصيل لدعم المجهود الحربي، وجُند الفلاحون في فرق عمل تزود الجبهة الغربية بالدعم اللوجستي، وأدى التضخم ونقص البضائع إلى انخفاض مستوى معيشة جميع فئات الشعب، وصار كثير من المصريين في حالة عوز، امتلأت القاهرة والإسكندرية بالجنود البريطانيين وجنود الكومنولث الذين احتشدوا في مصر…وأدى كبر عدد الجنود إلى زيادة درجة التوتر بينهم وبين أهل البلاد “[8].

Embed from Getty Images




ويقول المؤرخ زفي يهودا هرشلاغ إن الحرب أتت باضطرابات اقتصادية على شكل أزمات وانتعاشات متعاقبة، وإن اضطرار مصر لتقديم سلع رخيصة في بداية الحرب أدى إلى أزمة  “هددت بالثورة “، فعالجت السلطات ذلك ببعض الإجراءات التي أدت إلى انتعاش مؤقت
اقتباس :
“لكن الوضع تدهور مرة أخرى قرب نهاية الحرب عندما بدأت مصادرة المحاصيل والماشية والاستيلاء عليها تؤثر أيضًا على الطبقات الأفقر وصغار المنتجين، وتحولت التعبئة إلى نوع من السخرة أدى إلى الهرب من القرى تخلصًا من الاستدعاء، أو إلى الفرار من معسكرات الجيش بعد التجنيد “[9].
وتقول الدكتورة تهاني شوقي عبد الرحمن: إن مصر انقسمت في نظرتها للدولة العثمانية بعد اندلاع الحرب الكبرى
اقتباس :
“فنجد رجال خفر السواحل المصريين ينضمون إلى قوات الجيش الرابع التركي، وانضم آخرون إلى السنوسيين في هجومهم على القوات البريطانية في الغرب، بينما وقف الجيش المصري كي يدافع عن القناة ضد عبور العثمانيين، وكان لهذا الانقسام بين صفوف العرب أثره في الحركة العربية فيما بعد “[10].


Embed from Getty Images




ولكن موقف الجيش المصري لم يكن معبراً عن موقف الشعب المصري، فقد كانت حربه تحت لواء بريطانيا ضد السودان الذي كان جزءاً من الوطن المصري (وادي النيل) قبل أن تقسمه بريطانيا (1899) وقتله آلاف السودانيين موقفاً آخر يؤكد أنه لا يعبر عن موقف مصر (كيف يمكن أن تقتل مصر أبناءها وتطعن ذاتها؟) لاسيما عندما نقرأ عن التجنيد الإجباري والفرار من الجندية، ويؤكد ذلك أيضاً موقف شعب مصر السلبي جدًا من تنصيب حسين كامل سلطاناً وإعلان الحماية البريطانية.

  • موقف مصر من السلطان حسين كامل



الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية %D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%86-%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D9%86-%D9%83%D8%A7%D9%85%D9%84
السلطان حسين كامل
يقول المؤرخ السوفييتي فلاديمير لوتسكي في كتابه تاريخ الأقطار العربية الحديث إن بريطانيا قامت بعد اندلاع الحرب الكبرى وفرض الحماية على مصر بإجراءات تعسفية فيها كمصادرة القمح والماشية والابتزازات القسرية والتجنيد ونهب الريف المصري وفرض نظام الإرهاب والديكتاتورية العسكرية، مما أدى إلى إثارة سخط عميق في البلاد.
اقتباس :
ولكن كبار الملاك والبورجوازية الكبيرة راكموا الثروات ودافعوا عن بريطانيا وهادنت صحفهم وأحزابهم السياسية السيادة البريطانية وامتنعت عن أي كفاح ضد المحتلين، ولم تحاول الحكومة أو أعضاء المجلس التشريعي الاعتراض على فرض الحماية[11]
ولعل هذا هو الجانب المظلم الذي عممه المؤرخ البريطاني بيتر مانسفيلد على مصر دون تمحيص، كما سبق ذكره، ووصفه بالحماس المصري لمشاركة بريطانيا في المجهود الحربي، وهو ليس سوى حماس الطبقة العميلة المستفيدة من الاحتلال كما في جميع البلاد المستعمَرة.
ويكمل لوتسكي إن نظام الإرهاب العسكري والتوقيفات والإبعادات وغلق الصحف ضيق من إمكانات الوطنيين إلى درجة كبيرة، فحصروا خياراتهم بالدعاية من الخارج وأعمال العنف في الداخل، فقاموا بمحاولتين لاغتيال السلطان حسين كامل ومحالة لاغتيال رئيس وزرائه حسين رشدي ومحاولة لاغتيال وزير الأوقاف[12].
الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية %D8%AD%D8%B3%D9%8A%D9%86-%D8%B1%D8%B4%D8%AF%D9%8A-e1464957517768
حسين رشدي رئيس وزراء السلطان حسين كامل
وتشير الدكتورة أمل فهمي إلى جوانب أخرى فتقول إنه  “بإعلان الحماية على مصر دخلت في مرحلة جديدة: حيث أعلن الوطنيون في مصر استياءهم من حسين رشدي وعدُّوه مسئولاً عن إعلان الحماية البريطانية، كما استاء المصريون من عزل عباس، واعتبروا تنصيب رجل آخر طعنة في حقوق مصر؛ لذلك:
[list="box-sizing: border-box; margin-bottom: 1rem; text-align: right; padding-right: 0px; list-style: none; color: rgb(51, 51, 51); font-family: Greta; background-color: rgb(255, 255, 255); margin-top: 10px !important; line-height: 28px !important;"]
[*]كتب محمد فريد-زعيم الحزب الوطني وخليفة مصطفى كامل باشا-مقالًا في صحيفة توران باستنبول ضد حسين رشدي وحسين كامل: طلب في ختامه إصدار فتوى بأنه خارج على الخليفة وأن دمه أصبح مهدرًا (ولعل هذا يفسر محاولات الاغتيال آنفة الذكر).
[*]كما ذكر محمد فريد أنه بإعلان الحماية تعلقت قلوب المصريين انتظاراً لقدوم الجيش العثماني لتخليص مصر من الوجود البريطاني “[13]
[*]كما ارتدى طلبة المدارس الثانوية أربطة سوداء يوم الاحتفال بعيد الجلوس السلطاني.
[*]كذلك امتنع العلماء عن إصدار فتوى بعزل الخديوي عباس.
[*]ولم يرفع الأهالي العلم المصري الجديد.

[/list]
وربما كانت هذه الأحداث غير مرتبطة بثورة الشريف حسين مباشرة إلا أنها عبرت عن موقف مغاير لها من الدولة العثمانية آنذاك ولا يمكن فصل هذه الحوادث عن بعضها البعض.
يقول الدكتور محمد محمد حسين:
اقتباس :
إنه بعد إعلان الحماية على مصر وخلع الخديوي عباس اجتمع مجلس الوزراء المصري برئاسة السلطان حسين كامل وقرر إلغاء وظيفة قاضي قضاة مصر العثماني، وانقطعت بذلك آخر علاقة بالخليفة

ولكن…

 “ظل الرأي العام في مصر مع ذلك على ولائه للخلافة، وإن كان إعلان الأحكام العرفية ووضع الصحف تحت الرقابة، ثم إغراق مصر بجيوش الاحتلال بمصر، قد كمم الأفواه وكبت هذا الشعور. ويستطيع المراقب لتطورات الأمور في مصر في ذلك الوقت أن يلاحظ كثيراً من الأمارات التي تدل على ضيق المصريين بالإنجليز ضيقاً يوشك على الانفجار… وقد تجاوز سخط المصريين الإنجليز إلى السلطان حسين:

  • لاستمداده ولايته من سلطة مسيحية بعد أن كان يستمدها من الخليفة.
  • ولقبوله منصبه بخطاب من القائم بأعمال الوكالة البريطانية بعد أن كان الخديويون يرتقون العرش بفرمان سلطاني يحمله مندوب خاص من عند الخليفة.


وعبر المصريون عن هذا السخط حين:

  • امتنع طلبة الحقوق عن الذهاب إلى كليتهم لاستقباله في اليوم الذي حدد لزيارته  “18 فبراير (شباط/ فيفري) سنة 1915 “
  • وحين أطلق عليه النار شاب يدعى  “محمد خليل “-وهو تاجر خردوات بالمنصورة- وذلك عند مرور موكبه بشارع عابدين في 8 أبريل (نيسان/ أفريل) سنة 1915
  • ثم لم يمض على هذا الاعتداء شهران حتى وقع عليه اعتداء آخر في الإسكندرية حين ألقيت قنبلة من نوافذ أحد المنازل في شارع رأس التين على مركبته وهو في طريقه لصلاة الجمعة.
  • ولم يمض وقت طويل حتى وقع اعتداء على وزير الأوقاف فطعن بسكين في محطة القاهرة في 5 ديسمبر (كانون الأول) سنة 1915.


ويستطيع المتأمل في تاريخ هذه الفترة أن يجد كثيرًا من المظاهر التي تصور هذا السخط، فمنها مثلاً:
[list="box-sizing: border-box; margin-bottom: 1rem; text-align: right; padding-right: 0px; list-style: none; color: rgb(51, 51, 51); font-family: Greta; background-color: rgb(255, 255, 255); margin-top: 10px !important; line-height: 28px !important;"]
[*]ما يُروى من أن أحد الخدم القدماء بقصر عابدين قد حاول أن يحرقه.
[*]ومنها أن النشرات التي تهدد السلطان حسين قد استطاعت أن تجد طريقها داخل القصر.
[*]ومنها أن بعض قبائل العربان قد رفضوا أن يقسموا يمين الطاعة للإنجليز.
[*]وأن الضباط والجنود المصريين في الإسماعيلية رفضوا إطلاق النار على إخوانهم الأتراك.
[*]واحتجبت صحيفة  “الشعب” عن الظهور احتجاجًا على إعلان الحماية، ورفض أمين الرافعي إصدارها حين طلب منه السلطان حسين ذلك.

[/list]
وقد كانت السلطات المحتلة تعرف من مصر هذا العطف على تركيا، ولذلك فقد اعترفوا بذلك وأعلنوه منذ اللحظة الأولى في تبليغهم الأول إلى السلطان حسين كامل حيث:
أوهموا المصريين بأنهم لا يحاربون الخليفة المغلوب على أمره: إذًا فلماذا ناوأوا منصب السلطنة العثمانية نفسه بمنصب السلطنة المصرية؟!
ولكنهم يحاربون حكومة الاتحاديين التي استأثرت بالسلطة دونه: إذًا فلماذا حاول الإنجليز الاستئثار بمنصب السلطنة دونه أيضاً؟!
فقد جاء في هذا التبليغ:
اقتباس :
ولا أرى لزومًا لأن أؤكد لسموكم بأن تحرير حكومته (أي حكومة الملك البريطاني) لمصر من ربقة أولئك الذين اغتصبوا السلطة السياسية في الآستانة لم يكن ناتجًا عن أي عداء للخلافة
وهو نفس تبرير الشريف حسين فيما بعد لثورته بأنها ليست ضد الخليفة بل ضد الاتحاديين. [14]  والكتاب مشحون بتفاصيل أخرى من مظاهر سخط مصر على الإنجليز والسلطان حسين وبمظاهر النفاق التي قام بها المنتفعون من الاحتلال والتي أدت لوهم “الحماس” المصري في المجهود الحربي البريطاني الذي تكلم عنه المؤرخ البريطاني بيتر مانسفيلد.

  • الموقف المصري الشعبي من القومية العربية



يقول الدكتور رءوف عباس إن مصر في مطلع القرن العشرين كانت تتبنى فكرة الجامعة الإسلامية التي كانت بندًا رئيسًا في طرح الحزب الوطني، ومضمونها هو الحفاظ على سلامة الأراضي العثمانية ووحدتها وانتماء مصر إلى دولة الخلافة الإسلامية، ذلك أن الحزب الوطني بنى نضاله على أساس عدم شرعية الوجود البريطاني في مصر الخاضعة للسيادة العثمانية.
وكان التمسك بالتبعية العثمانية هو طوق النجاة من الاحتلال البريطاني، كما كان التحزب للجامعة الإسلامية التي دعا إليها السلطان عبد الحميد مواكبًا للتمسك بالتبعية العثمانية وغالبًا على فكرة القومية المصرية التي دعا إليها أحمد لطفي السيد بخجل قبل الحرب الكبرى الأولى، كما كان التحزب للجامعة الإسلامية رفضًا لفكرة القومية العربية بصفتها دعوة إلى تمزيق أوصال الدولة العثمانية إلى كيانات قومية، ولو نجحت ستكرس الوجود الاستعماري البريطاني في مصر والفرنسي في شمال إفريقيا
الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية %D8%A7%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%AF
أحمد لطفي السيد
اقتباس :
“لذلك وصمت الحركة الوطنية المصرية دعاة القومية العربية بالخيانة والعمالة للدول الأوروبية الاستعمارية، ونفرت من الدعوة إلى القومية العربية “[15].

  • الموقف المصري الشعبي من الثورة العربية



ويقول الدكتور أنيس صايغ مؤكداً ذلك في كتابه الفكرة العربية في مصر: “أما موقف المصريين حيال القضية العربية وعلاقات العرب مع الأتراك، فكان، بوجه عام، مغايرًا لموقف أحرار العرب، من المقيمين في سوريا أو الحجاز أو مصر…ولم يكن لثورة الحسين أثر كبير عند المصريين، بل إن الشعب وقف موقفًا عدائيًا منها، ولكن الصحف لم تتمكن من مهاجمة الثورة لأنها كانت تخضع للرقابة العسكرية (البريطانية)… ويعترف جورج أنطونيوس مؤرخ الثورة العربية وصديق الذين قاموا بها، بأن عداء المصريين للثورة كان حقيقيًا واضحًا، وأن كره المصريين للإنكليز غذى ذلك الشعور “.
ويعلق الدكتور فكتور سحاب على ذلك بالقول:
اقتباس :
“لم يكن الإعراض عن القومية العربية كله إذن في ذلك الزمن، للانكفاء عنها إلى موالاة الغرب أو تمسكًا بمشاعر إقليمية انفصالية، بل كان بعضه لموقف معاد للإنكليز ولشبهة “الإصبع “الإنكليزية –كما كان يقال-في تحريك الثورة “العربية ” ضد السلطنة العثمانية “.
وعن موقف السوريين الذين لجئوا إلى مصر هربًا من السلطان عبد الحميد يقول الدكتور صايغ
اقتباس :
“تميز جهاد هؤلاء الأحرار بالانفصال التام عن جهاد المصريين في سبيل الحرية والاستقلال، فلم تلتق طرقهما مع أنها كانت متوازية “[16].

المصادر

[7] -بيتر مانسفيلد، تاريخ الشرق الأوسط، النايا للدراسات والنشر، دمشق، 2011، ص 175
[8] -يوجين روجان، ص 210.
[9] -ز. ي. هرشلاغ، مدخل إلى التاريخ الاقتصادي الحديث للشرق الأوسط، دار الحقيقة، بيروت، 1973، ص 277.
[10] -ز. ي. هرشلاغ، مدخل إلى التاريخ الاقتصادي الحديث للشرق الأوسط، دار الحقيقة، بيروت، 1973، ص 277.
[11] -لوتسكي، تاريخ الأقطار العربية الحديث، دار الفارابي، بيروت، 2007 ، ص 410-411.
[12] -نفس المرجع، ص 411
[13] -الدكتورة أمل فهمي، العلاقات المصرية العثمانية على عهد الاحتلال البريطاني، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2002، ص 336.
[14] -الدكتور محمد محمد حسين، الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر، مكتبة الآداب، القاهرة، ج2 ص 6-8.
[15] -رءوف عباس، صفحات من تاريخ الوطن، دار الكتب والوثائق القومية، القاهرة، 2011، تحرير: عبادة كحيلة، ص 243.
[16] – الموسوعة الفلسطينية، القسم الثاني، الدراسات الخاصة، ج 3 (دراسات الحضارة) ص 672 (فكتور سحاب، الفكر السياسي الفلسطيني بعد عام 1948: الكتابات السياسية الفلسطينية حول قضايا أخرى، القومية العربية).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية   الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية Emptyالخميس 21 مارس 2019, 9:59 am

في الذكرى المئوية للثورة العربية الكبرى: دلالة المواقف البريطانية


الثورة العربية الكبرى بعيون بريطانية


  • لورنس العرب




يقول جيمس نيكلسون James Nicholson في كتابه سكة حديد الحجاز The Hejaz Railway: “إنه بعد اندلاع الثورة العربية الكبرى بأشهر تراجع أداؤها في مواجهة التحصينات العثمانية في المدينة المنورة وقررت القيادة العليا البريطانية في القاهرة أن الثورة لم تكن سوى حادثة ثانوية غير مدروسة (طائشة) ذات قيمة ضئيلة للمجهود الحربي العام (في الحرب الكبرى الأولى)، ورفضت تلك القيادة التدخل لنصرتها”
وبحلول شهر أكتوبر/ تشرين الأول أصبحت قوات فيصل المحبطة والمتناقصة بسرعة في وادي صفراء هي خط الدفاع الحقيقي النهائي، وبدا أن الثورة العربية التي بدأت بنجاح باهر قبل أربعة أشهر فقط، أصبحت على حافة الانهيار. ولدى وصول لورنس العرب من القاهرة، كانت الثورة العربية على حافة الكارثة، وكان تدخل الضباط الإنجليز هو البداية الحقيقية للحرب على سكة الحجاز ، وحضور الإنجليز وحده هو الذي أفقد الأتراك المهاجِمين أعصابهم ، وعن مكانة لورنس يقول المؤلف نفسه:
اقتباس :
“إنه امتلك إمكانات مكنته من التأثير على الحوادث في زاوية صغيرة (هي موطن الثورة) في الحرب لصالح الحلفاء”[17].

Embed from Getty Images


ويؤكد الدكتور حسن صبري الخولي ما سبق بالقول نقلاً عن جورج أنطونيوس في كتابه يقظة العرب:
“وكان القائد البريطاني العام سير أرشيبولد موراي على قدر كبير من الغرور والضعف وكان قليل الثقة في الثورة العربية ونظر إليها أول الأمر (أي قبل التدخل البريطاني كما مر) في شيء من التحقير على أنها عمل جانبي يثير مضايقات لقوات بريطانيا وحليفاتها”[18].
ويقول دزموند ستيوارت إن الثورة العربية كانت “ذات قيمة كبيرة للحلفاء، ذلك بأن رفض أمير أقدس مدينة إسلامية للجهاد، ساعد على منع حركة تمرد في الجيش الهندي، ثم إن احتلال مكة وجدة اضطر الأتراك وحلفاءهم الألمان إلى إرسال الجنود والذخائر إلى الجنوب وإهمال خططهم الأخرى ضد قناة السويس.

  • عرب الحجاز في عين المفاوِض




بدا عرب الحجاز في نظر رونالد ستورز-مسئول المكتب العربي البريطاني الذي قام بدور هام في التفاوض مع الشريف حسين لإقناعه بالثورة-جبناء وغير منظمين. كانت الثورة العربية ذات قيمة للحلفاء، وخصوصاً لبريطانيا التي بالغت في تقدير فتح جبهة جديدة في بحر مجهول، فجاءت الثورة مقويًا حين كانت المعنويات العامة منخفضة. إن نهوض أبناء الصحراء الشجعان لتأييد بريطانيا عوض عن المذابح المستمرة في الجبهة الشرقية”
الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية %D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D9%81-%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D9%86
الشريف حسين
ويعلق الدكتور حسين مؤنس بقوله:
اقتباس :
“وليت الحسين بن علي وأنصاره كسبوا فخر هذا العمل الذي قاموا به في نظر الإنجليز والفرنسيين الذين قدموا إليهم-دون أن ينتبهوا-خدمة لا تقدر”
مستشهداً بقول ستيوارت
اقتباس :
“ذلك أن البطل الحقيقي لهذه المأساة كان -في نظر الغرب- رجلًا إنجليزيًا غريب الأطوار هو الكولونيل لورنس “[19].

التحالف مع الأجانب بين الأحلام والحقائق وصحوة فوات الأوان


  • مغزى الثورة العربية على الأتراك:




يقول الدكتور حسين مؤنس إن ممثل بريطانيا في مصر هنري مكماهون أدرك مغزى الثورة العربية على الأتراك:
اقتباس :
فوافق موافقة شكلية على مطالب القوميين العرب المتحمسين وأصحاب الخيالات والأوهام ليدخلهم في الفخ، وكان موقفه منهم استعماريًا بريطانيًا، وقد أدرك العرب خداع مكماهون.
وحسب المؤرخ دزموند ستيوارت فقد قيدوا أنفسهم بقيدين على استقلالهم هما: معاهدة دفاعية تربط الدولة العربية ببريطانيا ومنح بريطانيا مكانة مفضلة في هذه الدولة، ولكن هناك أيضًا:

  • التحفظات على استقلال بعض الأجزاء العربية في آسيا الصغرى وسوريا والكويت وحماية الأماكن المقدسة.

  • الاستعانة بالمستشارين الإنجليز.

  • القبول بإدارة خاصة في بغداد والبصرة والتنازل عن عدن.

  • استثناء الجناح الغربي في شمال إفريقيا كله بداية من مصر من مطالب الاستقلال العربي.


وفي نهاية الأمر يرى دزموند ستيوارت أن:
اقتباس :
” إسرائيل أصبحت هي معضلة العرب الكبرى، وهي نتيجة مباشرة لهذه الخطوة التي خطاها الحسين بن علي، لأن تركيا لم يكن قد انقطع الرجاء فيها (واستشهد بانتصاراتها في غاليبولي 1915)”
في ذلك الظرف قام الحسين بن علي بحركته فهدم الجبهة التركية الشرقية هدمًا، وتبين الأتراك أن العرب هم سبب الهزيمة، ورجل مثل مصطفى كمال نفض يده من العرب من ذلك الحين…وكان لذلك نتائجه الوخيمة…وهكذا –وإرضاء لمطامح حفنة من العرب وأوهام حفنة من الخطباء المتحمسين على منابر دمشق دفع العرب-كل العرب-ثمنًا باهظًا ولا زالوا يدفعونه.

  • تقاسُم الميراث




5يونيو (حزيران/ جوان) 1916 كان دون شك يومًا مشؤومًا… وتلك هي بداية ما سماه أمين سعيد بالثورة العربية الكبرى. لقد تقاسمت فرنسا وإنجلترا ميراث الدولة العثمانية في البلاد العربية، عدا الجزيرة، أما لبنان فقد احتلته فرنسا تحت نفس الاسم، وبدأت تحدث فيه تغييرًا جوهريًا، وهذا التغيير أصبح فيما بعد من أكبر مشاكل لبنان…وإلى يومنا هذا يعاني لبنان من هذا الوضع غير الطبيعي الذي فرضته فرنسا ولا تزال تؤيده “.

  • العرب يدفعون الثمن




ويقول المؤرخ دزموند ستيوارت: “كان ثمن الثورة بالنسبة إلى العرب غاليًا في المدى الطويل والقصير، دفعوا جميعًا هذا الثمن مع أن أقل من عشرة بالمائة منهم اشتركوا في الثورة، حتى في الحجاز لم يكن الرأي العام مع الحسين، ولكن خروجه على الأتراك وما تبعه من فرار الضباط العرب وبعض الضباط الأكراد من الجيش العثماني حطم ما تبقى من الفكرة العثمانية وفتح الطريق في المدى البعيد إلى تركيا التركية “.
ويتابع الدكتور حسين مؤنس:
اقتباس :
“عندما أدخل العمال الأتراك خط سكة الحديد من القدس إلى مكة فالمدينة، كان الحسين بن علي يحرض الأعراب على تدمير القضبان والمحطات، وقد رحبوا بذلك لأنهم كانوا يعتقدون أن سكة الحديد ستسهل الحج على الحجاج وتوصلهم إلى مكة والمدينة آمنين، فلا يستطيعون ابتزازهم وفرض الإتاوات عليهم ونهبهم.”
ولم يكن تفكير الحسين بن علي بأعلى من ذلك فقد كان يخشى أن سكة الحديد تسهل على الأتراك الوصول إلى الحجاز ومكة والمدينة.
اقتباس :
“وإنه لمِمَّا يدعو إلى التعجب ويثير الألم أن سكة حديد الحجاز التي أنشأها الأتراك قام بتدميرها الأعراب ومن ورائهم الشريف حسين “[20].
لم يعترف الحلفاء للشريف حسين بمنصب ملك العرب (1916)، رغم الوعود التي أغدقت عليه كم الحكومة البريطانية ومنته بذلك بل بالخلافة الإسلامية، واقتصر اعترافهم على كونه “ملك الحجاز ” (1917)، كما لم يعترفوا بخلافته العربية التي أعلنها بعد إلغاء الخلافة العثمانية (1924) رغم الجهود الحثيثة التي بذلتها بريطانيا في الدعوة للخلافة العربية لمناوأة العثمانيين، ولكن لما انتهت الخلافة العثمانية لم يعد هناك أهمية للخلافة العربية فنبذت.
وقد صرح لورنس العرب بحقيقة أهداف الغرب من حركة الشريف حسين، ففي تقرير كتبه في يناير/كانون الثاني/جانفي 1916 تحت عنوان سياسات مكة قال: “إن تحرك (الشريف حسين) يبدو مفيداً لنا، لأنه ينسجم مع أهدافنا المباشرة: تحطيم الجبهة الإسلامية الموحدة وهزيمة وتمزيق الامبراطورية العثمانية، ولأن الدول التي سيقيمها (الشريف) خلفاً لتركيا ستكون غير ضارة بنا كما كانت تركيا قبل أن تصبح أداة في أيدي الألمان.
اقتباس :
إن العرب أقل توازناً من الأتراك، وإذا عولج أمرهم بشكل مناسب فإنهم سيظلون في حالة من الشرذمة السياسية، نسيج من الإمارات الصغيرة المتحاسدة غير القابلة للتوحد، ومع ذلك يمكنها الاجتماع في مواجهة أية قوة خارجية “[21]
وهذا الاجتماع الذي يقلق لورنس ورؤساءه هو ما يعمل الغرب جاهداً لمنعه منذ تلك الأيام.
ويختم تقريره قائلا إن الشريف حسين:
اقتباس :
“يفكر يومًا بالحلول محل السلطة التركية في الحجاز، ولو تمكنا من ترتيب هذا التغير السياسي ليكون بالعنف، سنقضي على خطر الإسلام بجعله ينقسم على نفسه في عقر داره، وسيكون هناك خليفة في تركيا وخليفة في الجزيرة العربية في حالة حرب دينية، وسيصبح عجز الإسلام كما كان عجز البابوية عندما كان الباباوات في أفنيون”[22]
وفترة أفنيون: هي فترة تراجعت فيها هيمنة البابوية وسميت الأسر البابلي للكنيسة 1309-1377 تشبيها بأسر بني إسرائيل على أيدي البابليين في القرن السادس ق.م، وقد أعقبها انقسام وصف بالعظيم نتيجة وجود بابا في روما وآخر في أفنيون 1378-1417.
اقتباس :
وليس من العجيب بعد ذلك أن تنكث بريطانيا بوعد إقامة الخلافة العربية بعدما استنفدت أغراضها منها.

  • محاولات لورنس البائسة




يقول المؤرخ يوجين روجان: “مع اقتراب نهاية الحرب العالمية الأولى، كانت الحكومة البريطانية تتطلع إلى إبرام تحالف رسمي مع الملك حسين (بن علي) وأسرته الهاشمية، فأرسلت بريطانيا الكولونيل توماس إدوارد لورنس، الشهير باسم “لورنس العرب ” الذي لعب دور حلقة الوصل بين الحكومة البريطانية والهاشميين خلال الثورة العربية، لفتح باب المفاوضات مع حسين.
 “بين يوليو/ تموز (جويلية) وسبتمبر / أيلول 1921، حاول لورنس عبثاً إقناع الملك حسين بتوقيع معاهدة تقر بالحقائق الجديدة لتسوية ما بعد الحرب، ورفض حسين جميع ملامح الشرق الأوسط بعد الحرب تقريباً باعتبارها خيانة من بريطانيا لوعودها له: رفض أن تقتصر مملكته على الحجاز؛ واعترض على طرد ابنه، الملك فيصل، من دمشق وإعلان الانتداب الفرنسي على سوريا؛ ورفض الانتداب البريطاني على العراق وفلسطين، التي كانت تضم شرق الأردن في ذلك الوقت، واعترض على سياسة إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. أقدم البريطانيون على محاولة أخيرة للتوصل إلى معاهدة في عام 1923، لكن الملك العجوز الصارم رفض التوقيع أيضاً، ونتيجة لذلك خسر الحماية البريطانية في الوقت الذي بدأ فيه ابن سعود حملته لغزو الحجاز “[23].
الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية %D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%83-%D9%81%D9%8A%D8%B5%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84-%D8%A8%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D9%86-e1463220677750
الملك فيصل الأول بن الحسين وبجواره لورنس العرب

  • الشريف حسين مادة للسخرية البريطانية




وعن وضع الشريف حسين آنذاك يقول المؤرخ جورج أنطونيوس: “ولما وجد نفسه دون معين توجه بنظره إلى إنجلترا فلم تستجب له، عندئذ كان الشعور في  “هوايت هول” (مقر الحكومة البريطانية) قد صرح بمعاداته، وأصبحت الحكومة البريطانية تعده هدفًا للسخرية ومثارًا للإزعاج، وجرت على أن تشيع حكايات مضحكة على نزوات الرجل الشيخ وبوادره، وفيها ما يثير الضحك حقًا، وكلما دارت الحكايات ولدت حكايات أخرى وخلقت رغبة في مزيد، كما هي الحال في القصص المضحكة عادة.
الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية %D8%A7%D8%A8%D9%86-%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF
ابن سعود
وجاء هذا في وقت أصبحت فيه تقارير المعتمد البريطاني الدورية عن الحال في الحجاز مفعمة بمادة للضحك الرسمي، فتلقى رواجًا في مكاتب “هوايت هول ” ويتناقلها الموظفون لما لها من قيمة هزلية، كذا أصبح حسين أضحوكة ولم يعد الموظفون ينظرون إليه بجد. فلما استؤنفت المفاوضات في عام 1923 كان موقف الموظفين منه أولًا مهاودة من يتسلى به، ثم صبرًا برمًا، ثم-بعد أن مرت الشهور وهو متشبث برأيه لا يتحلحل عنه-سخط المغيظ وتقزز المتخم… وحث حسين الحكومة البريطانية على أن تتدخل لتكبح جماح ذلك الرجل المغير (ابن سعود)، كما فعلت في الماضي، ولكن توسلاته ذهبت هباء “[24].
تروي الروايات التاريخية الندم الشديد الذي أصاب الشريف حسيناً في نهاية حياته [25]، وهو أمر طبيعي في ظل ما آلت إليه أحلامه الكبيرة بل وضعه الشخصي.
اقتباس :
فهل يتعظ الذين يتحالفون اليوم مع الصهيونية والاستعمار ضد إخوتهم ظانين أن نهايتهم ستكون وردية؟

المصادر

[17] – James Nicholson, the Hejaz Railway, Stacey International, London, 2005, p. 93-96
[18] -دكتور حسن صبري الخولي، سياسة الاستعمار والصهيونية تجاه فلسطين في النصف الأول من القرن العشرين، دار المعارف بمصر، 1973، ج1 ص 167.
[19] -الدكتور حسين مؤنس، تاريخ قريش، دار المناهل للطباعة والنشر والتوزيع والعصر الحديث للنشر والتوزيع، 2002، ص784
[20] نفس المرجع، ص 777-787.
[21] Phillip Knightley and Colin Simpson, The Secret Lives of Lawrence of Arabia, McGraw-Hill Company, New York, 1969, p. 60-61
[22] -نفس المرجع، ص70-71.
[23]-يوجين روجان، ص 232.
[24] -جورج أنطونيوس، يقظة العرب: تاريخ حركة العرب القومية، دار العلم للملايين، بيروت، 1978، ترجمة: الدكتور ناصر الدين الأسد والدكتور إحسان عباس، ص 455.
[25] –مصطفى أرمغان، السلطان عبد الحميد والرقص مع الذئاب، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت،2012، ترجمة: مصطفى حمزة، ص 144-145.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
الثورة العربية الكبرى: أحداث وعبر من الانقلاب على الدولة العثمانية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الثورة العربية ضد الخلافة العثمانية
»  الثورة العربية الكبرى..
» الثورة العربية الكبرى ومركزية فلسطين
» تغطية الاحتفالات الرسمية لمئوية الثورة العربية الكبرى
» الثورة “الإسلامية” الكبرى في برازيل القرن 19

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: التاريخ :: التاريخ الاسلامي-
انتقل الى: