الزمان/ 9 شعبان - 1335هـ
المكان/ مكة المكرمة
الموضوع/ الشريف حسين أمير مكة يعلن الثورة العربية الكبرى على الخلافة العثمانية .
الأحداث/
مفكرة الإسلام : عندما قرر الصهاينة المجتمعون في مؤتمر بازل بسويسرا اتخاذ فلسطين وطن قومي ليهود العالم وذلك في سنة 1317هـ وجدوا أنه يوجد أمام تنفيذ مخططهم الخبيث عقبتان كلاهما كؤود , العقبة الأولى هي الخلافة العثمانية والثانية هي وحدة العالم الإسلامي وقوة الإيمان في قلوب أبنائه .
فبدأ التحالف اليهودي الأوروبي في التعامل مع كل عقبة بما يناسبها فبدأوا العمل على إسقاط الخلافة فبدأوا بالعمل على إقصاء السلطان عبد الحميد الثاني عن الحكم وتبنى حركة الاتحاد والترقي التي قامت بانقلاب عسكري على الخليفة عبد الحميد وخلعه مما مهد السبيل لإسقاط الخلافة كلها بعد ذلك , أما العقبة الثانية فكانت أرسخ وأقوى تحتاج لعمل طويل دءوب .
لقد أدرك أعداء الإسلام أن تمزيق الأمة المسلمة لا يمكن أن يتم من خلال مواجهة عسكرية معها وإنما يكون بالمكر والخديعة واستغفال بعض أبناء العرب السذج فالفكرة لا يمكن أن تتم إلا من داخل الأمة وعلى يد أبنائها كما قال القس زويمر في مؤتمر التبشير العالمي في القاهرة سنة 1324هـ 'الشجرة يجدب أن يقطعها أغصانها' من خلال هذه المقولة والفكرة بحث أعداء الإسلام عن شخصية وزعامة يكون لها ثقل داخل الوطن الإسلامي قادرة على توجيه مشاعر الجماهير المسلمة لتحقيق مخطط الأعداء وتحقق لهم ما أرادوا ووجدوا بغيتهم في شخص 'الشريف حسين بن علي الهاشمي' وابنيه فيصل وعبد الله, وكان الشريف حسين يتصف بالدهاء والذكاء والطموح والكره للعثمانيين وكان السلطان عبد الحميد الثاني يستشعر خطره وضرره على الأمة المسلمة وطموحه الكبير فحدد إقامته في الأستانة فبدأ المخطط بضغط إنجلترا حامية اليهود في العالم على السلطان عبد الحميد الثاني من خلال حزب الاتحاد والترقي لتعيين الشريف حسين أميراً على مكة واضطر عبد الحميد تحت الضغط الداخلي والخارجي أن يوافق ثم قال كلمته الشهيرة بعد صدور قرار تعيين الشريف حسين أميراً على مكة 'لقد خرجت الحجاز من يدنا واستقل العرب' وتشتت ملك آل عثمان بتعيين الشريف حسين أميراً على مكة المكرمة ويا ليته يقنع بإمارة مكة المكرمة وباستقلال العرب فقط ولكنه سيعمل بدهائه إلى أن ينال مقام الخلافة نفسه .
بمجرد تولي الشريف حسين منصبه حرصت إنجلترا على توثيق علاقتها به ومن خلال ذلك أوعزت إليه أن يكون خليفة على دولة عربية مترامية الأطراف لأن الخلافة يجب أن تكون في العرب وصادف ذلك هوي في نفس الشريف حسين وتدور مكاتبات ورسائل بين الطرفين توضح حقيقة الخداع الإنجليزي فهنري ماكماهون نائب ملك إنجلترا على مصر يرسل للشريف يقول له 'إنا نصرح مرة أخرى أن جلالة ملك بريطانيا العظمى يرحب باسترداد الخلافة على يد عربي صميم من فرع تلك الدوحة النبوية المباركة ' وينخدع حسين بهذا الكلام ويبدأ في التفكير في كيفية تولية أمر الخلافة .
إنجلترا توفد جاسوسها اليهودي الأصل 'لورانس' ليجتمع مع الشريف حسين ويقنعه بإعلان الثورة على الدولة العثمانية أثناء الحرب العالمية الأولى والتي دخلت فيها تركيا بجانب ألمانيا ضد إنجلترا وفرنسا ليدخل العرب مع أعداء الخلافة العثمانية في الحرب العالمية , وذلك ليتحارب المسلمون فيما بينهم فتتمزق وحدتهم وتضيع قوتهم ويتدمر إقتصادهم ويصبح الطريق ممهداً أمام قوات اليهود والإنجليز والفرنسيين لاحتلال فلسطين وسوريا .
الشريف حسين يلتقط الطعم ويقع في المصيدة ويعلن ما يسمى بالثورة العربية الكبرى وذلك في 9 شعبان 1335هـ , والمسلمون العرب بتخطيط وتوجيه 'لورانس' وقيادة فيصل بن الحسين يخرجون من جزيرة العرب باتجاه بلاد الشام لقتال إخوانهم المسلمين الأتراك وبمساعدة الإنجليز وبالسلاح الحديث يتم إفناء وتشريد الجيوش العثمانية الثالث والسابع والثامن التي طالما حفظت العالم العربي من كيد الأعداء وبتوجيه من الإنجليز عبر الجاسوس 'لورانس' تم تدمير خط سكة حديد المدينة المنورة مع الشام , قائد الجيوش العثمانية بالشام أحمد جمال باشا يبعث برسالة إلى الشريف حسين يحذره من المؤامرة ولكن الشريف حسين لا يستجيب , والمؤن تنهال على مواني الحجاز عبر السفن الإنجليزية .
العجيب أن الشريف حسين كان فهمه لتلك الثورة فهماً إسلامياً محضاً لأنه طمح للخلافة التي يجب أن تكون في قريش وهو ما استغله الأعداء في بادئ الأمر لإشعال الثورة ثم انفضوا عنه إلى ابنه 'فيصل' وذلك من أول لقاء بين لورانس وحسين مما أدى إلى فساد العلاقة بين الشريف حسين وابنه فيصل واتهمه حسين بالخيانة والعمالة وأفاق الشريف حسين على الخديعة الكبرى ولكن بعد ما فات الوقت وحيث لا ينفع الندم وتغلبت النزعة القومية المتمثلة في 'فيصل' على النزعة الدينية المتمثلة في 'الحسين' ولا عزاء للمغفلين .