منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 كيف صنع المسلمون خير حضارة دون أن ينبهروا بفارس والروم؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

كيف صنع المسلمون خير حضارة دون أن ينبهروا بفارس والروم؟ Empty
مُساهمةموضوع: كيف صنع المسلمون خير حضارة دون أن ينبهروا بفارس والروم؟   كيف صنع المسلمون خير حضارة دون أن ينبهروا بفارس والروم؟ Emptyالخميس 28 مارس 2019, 10:13 pm

كيف صنع المسلمون خير حضارة دون أن ينبهروا بفارس والروم؟


كيف صنع المسلمون خير حضارة دون أن ينبهروا بفارس والروم؟ Op15-islamic-empire



ما كادت تبدأ صفحة الثورة الصناعية الأوروبية إلا وتعالت معها موجةٌ من الأفكار والبواعثِ الفكرية التي انطلقت من مركزية الإنسان وحرّيته وحقه في التحرر الكامل، ومركزية كل ما هو مادي ملموس، وتهميش أي سلطة أو جانب روحي.ثم ما لبثت تلك الموجة إلا واختلطت بعقول لا يضبطها غير المصلحة الفردية؛ فربطت التقدم المادي بالتحرر الكامل من قيود الدين والأعراف بل والمصلحة الجمعية.
وسرعان ما تأثرت العقول؛ لتتغير معها النظرة الشاملة للحياة وضوابطها، حتى أضحى التقدم المادي والليبرالية والتنوير والفكر اليساري بل إن شئت فقلْ أيّ منتج صاغه العقل الغربي هو الموجة الفكرية الرائجة، والثقافة ذات السطوة على المشهد الفكري العالمي.
وفي خضم هذا، كان الفرد المسلم مُجرّدًا من صلته الوثيقة بالقرون الأولى، يتطلع بشغف إلى هذه الثورة ومكتسباتها؛ ما انعكس على ولعه بتقليد الغالب حضاريًا، فانبهر بتقدمه المادي، وهيَّأ نفسه كي لا يرى إلا ما هو مطبوع بشعار الثقافة الغربية؛ ما دفعه لاستيراد منظومة الغالب الفكرية والدينية؛ فسُحِق تحت عجلات التقدم المادي، وضاع في جنبات سطوة الثقافة الغالبة.
وحين تُعايشُ هذه الحال اليوم، فلا تتمالك نفسك من أن تنبهر بربعي بن عامر ذاك الشاب ذو الثياب الصفيقة. حينما دخل على رستم وهو جالس على سرير من ذهب، وعليه تاجه، وقد زينوا مجلسه بالنمارق والياقوت واللؤلؤ والزينة العظيمة. فلم يزل ربعي راكبًا فرسه القصيرة حتى داس بها على طرف البساط، ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد.
وأقبل وعليه سلاحه ودرعه وبيضته على رأسه. فقالوا له: ضع سلاحك. فقال: إني لم آتكم، وإنما جئتكم حين دعوتموني فإن تركتموني هكذا وإلا رجعت. فقال رستم: ائذنوا له، فأقبل يتوكأ على رمحه فوق النمارق. فقالوا له: ما جاء بكم؟ فقال: الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه، فمَن قَبِل ذلك قَبِلنا منه ورجعنا عنه، ومن أبى قاتلناه أبدًا حتى نفضي إلى موعود الله. فقال: أسيدهم أنت؟ قال: لا، ولكن المسلمون كالجسد الواحد يجير أدناهم على أعلاهم.
اقتباس :
فاجتمع رستم برؤساء قومه فقال: هل رأيتم قط أعز وأرجح من كلام هذا الرجل؟

أي عِزّة هذه التي امتلأ بها ربعي، وأي درع هذا الذي حصّن به قلبه، بل أي تربية هذه التي مكّنته من المرور على متاع الدنيا يدهسه بقدميه ورمحِه دون أن يلتفت له، ولا أن يحركه عن منهجه قيد أنملة.
فيعرض بعد هذا المشهد الفتّانِ ما جاء لعرضه، فيُحسن صياغة ما جاءت به رسالة الإسلام في عبارات تعلوها العزة، وتصحح موازين النظر، فتنقلب الأمور، وينبهر أصحابُ الثقافة الغالبة، بسطوة العزة والرجاحة في ثقافة هذا الذي استقلوا ثيابه الصفيقة حينما دخل عليهم؟!
[rtl]

وجه تسلط الثقافة الغالبة اليوم

[/rtl]
كيف صنع المسلمون خير حضارة دون أن ينبهروا بفارس والروم؟ PF_17.07.26_MuslimAmericans_lede_640x320
وإنه لمَن أول ما تشاهده عين المُطالِع لعالمنا الإسلامي اليوم، هو الهزيمة الفكرية والنفسية التي حطَّت رحالها ببلادنا، والتي أدَّت ببعض الشباب إلى الحرج من عرض تفاصيل وأحكام وحدود الشريعة الإسلامية، بل حتى إن اللغة العربية أصبحت غير المقرونة منها بعبارات إنجليزية دليلًا على قلة المستوى الثقافي للمتحدث، وهذا الذي لا يكاد يخلو حديثه من عبارات إنجليزية هو رأس الهرم في الثقافة والفكر بل والمستوى الاجتماعي. وصارت مادة الولاء والبراء تُعقد على قدر “التمدن”والمنجز الحضاري الذي يستطيع الآخر تقديمه، فيسير الولاء في علاقة طردية مع التمدن الحضاري، والبراء في علاقة عكسية مع هذا العامل.
وتحت سطوة هذه الثقافة الغالبة يجد بعض بل كثير من المسلمين حرج من العاملين للإسلام اليوم، عند مقارنة منجزهم الثقافي وطبيعة حديثهم، بالمنجز الحضاري للثقافة الغربية، وبخاصة حينما يجد تلك المركزية الرصينة للآخرة في الخطاب الإسلامي، مقابل وسيلية الدنيا، فيميل لإحداث التصورات وفقًا لمنظور غربي رافضًا حتى مراجعة ثغراته وغاضًّا طرفه عمّاأُثبِت من مآلات هذه الأفكار والتي ظهرت جلية في الغرب يجاهدون هم للتخلص منها، ويجاهد بعض المسلمين لجلبها إلينا.
وفي مآلات الخطاب المدني يُبدع الشيخ إبراهيم السكران في وصف هذا التسلط للثقافة الغربية وأثره على كثير من المسلمين فيقول:
اقتباس :
تَحوّل الوحي من حاكم على الحضارة إلى مجرد محامٍ عن منتجاتها، يبررها ويرافع عنها ولا يُقبل منه دور غير ذلك! وليس يخفى أن الحكم نوع من السيادة، أما المحاماة عن الغير فحالة تَبَع، يُقاس نجاحها بإمكانيات التبرير والتسويغ.
[size][rtl]

لماذا انبهروا؟

[/rtl][/size]
والحقيقة أن ليس ثمّة إشكال حقيقي في المنهج أو الخطاب الإسلامي يَحدُو بهؤلاء إلى الحرج من الدين الإسلامي ومحاولة تفسيره وفق منظور غربي، بل إن كثيرًا من الانحرافات المعاصرة في التعامل مع النص الشرعي ومحاولة تأويله لملاءمة الثقافة الغالبة، يقف خلفها محرِّك آخر، يكمن في نفوس المسلمين بعد هزيمتهم نفسيًا، يُسهم هذا المحرك في تشكيل القناعات والميزان الذي تُحاكَم إليه الثقافة والحضارة. ومن تأمل في كثير من الانحرافات الفكرية في هذا الزمان فسيجد أنها عائدة إلى مركب من أربعة أمور:
[list="box-sizing: border-box; margin-bottom: 1rem; padding-right: 0px; list-style: none; margin-top: 10px !important; line-height: 28px !important; font-size: 18px !important;"]
[*]هيمنة النموذج الثقافي الأجنبي.

[*]المغالاة في قيمة المدنية والحضارة.

[*]الجهل بحقيقة الإسلام.

[*]ضعف التسليم لله ورسوله–صل الله عليه وسلم-.

[/list]

يقول ابن خلدون في مقدمته:
اقتباس :
في أن المغلوب مولع أبدًا بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده: والسبب في ذلك أن النفس أبدًا تعتقد الكمال في مَن غلبها وانقادت إليه إما لنظره بالكمال بما وقر عندها من تعظيمه أو لما تغالط به من أن انقيادها ليس لغلب طبيعي إنما هو لكمال الغالب. فإذا غالطت بذلك واتصل لها اعتقادًا فانتحلت جميع مذاهب الغالب وتشبهت به وذلك هو الاقتداء. ولذلك ترى المغلوب يتشبه أبدًا بالغالب في ملبسه ومركبه وسلاحه في اتخاذها وأشكالها بل وفي سائر أحواله. حتى أنه إذا كانت أمة تجاور أخرى ولها الغلب عليها فيسري إليهم من هذا التشبه والاقتداء حظ كبير.
[size][rtl]

لماذا لم ينبهر الصحابة بفارس والروم؟

[/rtl][/size]
كيف صنع المسلمون خير حضارة دون أن ينبهروا بفارس والروم؟ Byzantine_and_Sassanid_Empires_in_600_CE-1024x505
في صحيح البخاري: يصف عمر بن الخطاب حال النبي –صلى الله عليه وسلم–عندما دخل عليه فقال:
اقتباس :
وإنَّهُ لعَلى حَصِيرٍ ما بينَهُ وبينَهُ شيءٌ، وتحتَ رأسِهِ وسادةٌ من أَدَمٍ حشوُهَا ليفٌ، وإنَّ عندَ رجليْهِ قَرْظًا مصْبُوبًا، وعندَ رأسهَ أَهَبٌ معلقةٌ، فرأيتُ أثرَ الحصيرِ في جَنْبِهِ فبكيتُ، فقالَ: (ما يُبْكِيكَ). فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّ كِسْرَى وقَيْصَرَ فيمَا همَا فيهِ، وأنتَ رسولُ اللهِ.

فلم يُرد النبي أن يطمئن عمر بن الخطاب بكلمات مرحلية، أو أنّ الله سيفتح عليهم غدًا أرضًا وبلادًا، ولكنّه أراد أن يربيه على منهج يستطيع معه أن يجابه ويصحح موازين النظر، وهو عمر الذي قال معاوية عن علاقته بالدنيا “وأمّا عمر فأرادته ولم يُردها“. ولم يرد عمر رضي الله عنه لنفسه شيئًا، وإنما أراد لرسول الله أن يكون له نصيبٌ من زينة الدنيا فهو رسول الله وأثر الحصير في جنبه، وقيصر وكسرى يتمرغون في نعم الله. فقالَ النبي–صل الله عليه وسلم–ما يقطع أي نظرة انبهار بأيّ حضارةٍ غالبة:
اقتباس :
(أمَا تَرْضَى أنْ تكونَ لهمْ الدنيا ولنَا الآخرةُ).

ومن هذا المبدأ يظهر لنا تلك التربية التي أسهمت في صياغة شخصية الصحابة رضوان الله عليهم، فصنعوا خير حضارة تعلَّم منها المشرق والمغرب، وفتحوا البلاد لينشروا دين الله، دون أن تدخل الدنيا قلوبهم، فهم وقَّافون عند حدود الله لا يتعدوها، ينظرون إلى الحضارة المادية في البلاد التي فتحوها بنظرة مستقيمة؛ فلا يتركوها كليّة ولا ينبهروا بها ويضعونها فوق قدرها، وإنما هي عندهم وسيلة لا تتعدى أبدًا لمكانة الغاية. وتتمثل تلك التربية في هذه النقاط:
[size][rtl]

التسليم والانقياد

[/rtl][/size]
فلم يكن لدى الصحابة موقف مسبق من غلبة هوى أو حظ نفس أو سلطة لثقافة غالبة قبل الإقدام على الوحي والنص الشرعي، وإنما كان إقدامهم إقدام المطيع الباحث عن الحق وعن مراد الله ومراد رسوله، والتسليم التام لما أمر أو حكم به، يقول تعالى:
اقتباس :
فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

ويتجلى هذا حينما نزلت آيات تحريم الخمر، وقد كان المشروب الرئيس عندهم، ويحكي أنس –رضي الله عنه–هذا المشهد البديع فيقول:
اقتباس :
كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة وكان خمرهم يومئذ الفضيخ فأمر رسول الله صل الله عليه وسلم مناديًا ينادي: ألا إن الخمر قد حرّمت. قال: فقال لي أبو طلحة اخرج فأهرقها فخرجت فهرقتها فجرت في سكك المدينة.

هكذا بدون تردد، بدون نقاش، بدون تأويل، بدون أن يسأل لربّما كان التحريم خاصًا بقوم دون قوم، بدون أن يعارض بأن التحريم كان خاصًا بالصلاة فقط كما كان سابقًا، ولا أن فارس والروم يشربونها فكيف سنفعل معهم حين يأتوننا زائرين… هكذا بكل تسليم وانقياد.. “اخرج فأهرقها، فخرجتُ فهرقتها”.
ولَمِنْ عظم تسليم الصحابة ما جاء في حادثة الإسراء والمعراج، حينما طارت العقول كيف أُسري بالنبي ثم أصبح بين ظهرانيهم، وعندها ظنّ المشركون أن المسلمين قد حُصِروا بهذه الحادثة، فسعى رجال من المشركين إلى أبي بكر رضي الله عنه، فقالوا: هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أُسري به الليلة إلى بيت المقدس؟ قال: أو قال ذلك؟ قالوا: نعم قال: لئن قال ذلك لقد صدق، قالوا: أو تصدقه أنَّه ذهب الليلة إلى بيت المقدس، وجاء قبل أن يصبح؟ فقال: نعم، إني لأصدقه ما هو أبعد من ذلك، أصدقه في خبر السماء في غدوة أو روحة.
يا له من تسليم لم يقرنه الصِدِّيق سوى بالتأكُّد من صحة الخبر لأن رجالًا من المشركين هم من أخبروه، فقال “لئن قال ذلك لقد صدق“، لم يتساءل الصِدِّيق كيف هذا؟ لم يتحرّج من الصدع بالتصديق حتى وإن توقف العقل عن تصور المشهد، حتى وإن كانت سطوة قريش وهم لهم الغلبة تأبى هذا الخبر، لم يتأوَّله، لم يقل لربما رأى النبي ذلك في رؤيا، لم يفعل سوى التسليم موقوفًا على صحة الخبر.
[size][rtl]

امتلاء القلب بتعظيم الله ودينه

[/rtl][/size]
لطالما كان الانبهار مقرونًا بمحرّك خفي يقوّي هذا الشعور، ويزيد تحت وطأته سطوة الانبهار ليصل حدّ تشكيل القناعة فلا يقف الأمر عند مجرد الانبهار، ألا وهو “مركب النقص“. وهو ما لم يشعر به الصحابة أمام أموال ونفوذ قريش، ولا أمام حضارة فارس والروم. والسؤال هو لِمَ؟ ما الذي حمى الصحابة من الشعور بمركب النقص. لماذا لم يشعروا بمركب النقص والإمكانيات الحضارية المتكدسة أمامهم تفرض عليهم النقص، وبعبارة أخرى لِمَ لَمْ تبهرهم؟
والإجابة تكمن في التعظيم، لقد امتلأ قلب الصحابة بتعظيم منهجهم، وتعظيم أمر ربهم، وتعظيم ما عظّمه الشرع، وتحقير ما حقّره حتى وإن كان زينة الحياة الدنيا، إنه امتلاء القلب بمنهج الإسلام وعزته فلا يبقى في قلب الصحابي موضع أنملة لرؤية وتعظيم ما سواه، فيمر ربعي بن عامر على الوسائد والنمارق دون أن تحرك فيه شيئًا، لِمَ لا وقد تربّى على قوله تعالى: «أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا»
[size][rtl]

وسيليّة العلوم المدنية ومركزية الآخرة

[/rtl][/size]
كيف صنع المسلمون خير حضارة دون أن ينبهروا بفارس والروم؟ Maxresdefault-1024x576
وفي مزلق الغاية من الدنيا ومكانة الحضارة المادية وقع كثير من المسلمين، في حين أن المُفتِّش في ترتيب أولويات الوحي وقضاياه المركزية، لا بد وأن يخرج بنتيجة مفادها أن الحضارة المادية ما هي إلا تبع، وأنها ليست قضيتنا المركزية التي خُلقننا من أجلها، وإنما نأخذ منها بقدر ما يحقق لنا سدّ الحاجة، وتحقيق المقاصد الشرعية بألا يعلو الغرب ولا غيره علينا.
وكم كان هذا المعنى حاضرًا في ذهن العلماء والأئمة، ومن باب أولى الصحابة والتابعين، يقول الإمام الشافعي عن مكانة علم الطب وأهميته وكذلك تقييد مكانه: (لا أعلم بعد الحلال والحرام أنبل من الطب، إلاَّ أنّ أهل الكتاب قد غلبونا عليه).فقيده بأنه يأتي بعد الحلال والحرام، ونبل الطب كامن في أثره والحاجة إليه، ويتأسف لأن أهل الكتاب غلبونا عليه.
ولقد حسم القرآن مادة النزاع بشكل واضح، حينما نصّ على مركزية الآخرة، ووسيلية الدنيا، ما يمنع أي انبهار بتقدم حضاري ليس له غاية أو لا يسير وفق مظلة الشرع، فيقول تعالى:
اقتباس :
وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُم مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ.

ورغم ذكر الله أنه أنعم عليهم بالتمكين في الأرض، إلا إن ذلك التمكين كان ابتلاءً وما أغنى عنهم من شيء حينما جحدوا بآيات الله وكذبوا بدينه.
وعلى هذا النحو تواترت آيات القرآن الكريم، في التعامل مع قضية الدنيا والآخرة، بل كم حقّر الله سبحانه من الدنيا، بل من أهل الحضارات أنفسهم حينما لم ينقادوا للشرع، فقال تعالى:
اقتباس :
هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ.

وقال تعالى:
اقتباس :
وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً ۚ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ.

فلم يعتبر الله لحضارتهم قدرًا حينما كفروا ولم يهتدوا.
اقتباس :
 أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ ۖ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ.

وحينما تحدّث سبحانه عن حال المؤمن قال:
اقتباس :
رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ.

وحينما حثّهم على عمارة الأرض وأمرهم بعدم الإفساد فيها، جعلها مرتبة تابعة للوحي لا تسبقه ولا تكون لها الأولوية عليه، بل هي خادمة له، يقول تعالى:
اقتباس :
وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا.

فجاءت قضية الاستعمار في الأرض امتنانًا من الله، يستحق الشكر لا التقديم على دينه وشرعه، ومع هذا كان الحثّ النبوي على عمارة الأرض ونفع الناس، حتى وإن ظننت غياب الأثر ويأست منه، ظاهرًا جليًّا، حينما قال:
اقتباس :
إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا.

وبهذه النظرة الشاملة للحياة الدنيا تنضبط رؤية المسلم، فلا يعطي المدنية والحضارة فوق قدرها فينبهر بثقافة أهل المدنية وسطوتهم ما يمنع عنه حتى مجرد مجاراتهم، لأن قلبه امتلأ تعظيمًا لهم ولحضارتهم وثقافتهم، ولا أن يترك الدنيا خرابًا فيُسبق ويكون لغيره يدٌ عليه في علم أو مادة يحتاج إليها.
[size][rtl]

فلا يكن في صدرك حرج منه

[/rtl][/size]
كيف صنع المسلمون خير حضارة دون أن ينبهروا بفارس والروم؟ Quran4-1024x576
اقتباس :
كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ

كتاب أُنزِل من عند الله، ونزل على رسوله وعمل به صل الله عليه وسلم، وعمل به صحابته الكرام، وعمل به السلف من بعدهم، وتناقلته الأمّة بالقبول والانقياد، ولم يُعرف عنهم معارضة صريح أمره، ولا صريح ما جاء عن رسوله تبعًا لذوق أو ثقافة غالبة، ولم يجد الواحد فيهم ضيقًا ولا ثِقلًا في الصدع بأمر ربه وشرعته، حتى وإن خالف هواه، حتى وإن أبته نظرة الليبراليين القاصرة، حتى وإن رفضه الغرب أو الشرق. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل:
اقتباس :
ففي الجملة: لا يكون الرجل مؤمنًا حتى يؤمن بالرسول إيمانًا جازمًا، ليس مشروطًا بعدم معارض، فمتي قال: أؤمن بخبره إلا أن يظهر له معارض يدفع خبره لم يكن مؤمنًا به، فهذا أصل عظيم تجب معرفته، فإن هذا الكلام هو ذريعة الإلحاد والنفاق.

وفي استحضار لمآلات إيقاف النص على عدم وجود معارض من ذي قوة أو سطوة وثقافة وحضارة غالبة، يقول ابن تيمية: “ولهذا تجد من تعود معارضة الشرع بالرأي لا يستقر في قلبه الإيمان“. ولسنا مأمورين بالخروج من الدنيا إلا بما أمرنا به ربنا ونبيه، وتحقيق الاستقامة كما أمر الله، لا كما جاء في قوانين وثقافة الغرب.
اقتباس :
فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

كيف صنع المسلمون خير حضارة دون أن ينبهروا بفارس والروم؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كيف صنع المسلمون خير حضارة دون أن ينبهروا بفارس والروم؟   كيف صنع المسلمون خير حضارة دون أن ينبهروا بفارس والروم؟ Emptyالخميس 28 مارس 2019, 10:16 pm

ما هي المساهمة الحضارية التي يمكن أن يقدمها الإسلام للعالم؟




كيف صنع المسلمون خير حضارة دون أن ينبهروا بفارس والروم؟ %D9%85%D9%81%D9%87%D9%88%D9%85_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B6%D8%A7%D8%B1%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9



بين ركام الحضارات الجاهلية التي انطفأت فيها أنوار النبوات، أشرقت شمس الرسالة الخاتمة، على نبيها الصلاة والسلام، لتبعث الروح في قبضة الطين من جديد، وترتفع بالكائن البشري إلى معالي الاهتمامات، وتلفت فكره إلى معارف غابت عن إدراكه، وفصل بينه وبينها غشاء تسلط عليه الجبابرة حتى ملكوا العباد وساموهم عذاب العبودية، وسلطوا عليهم أنواع الخرافات حتى ابتُذِل الإنسان وهوى إلى المستنقع الآسن، تتلاطمه الأصنام والاعتقادات والأوهام، وكانت هذه الحضارات تسخر الجماهير كوقود لتشييد المباني الشاهقة، تُشيَّد فوق أطنان من العظام والجماجم التي يسحقها الكدح في طريق صناعة يحصد مجدها صاحب القصر والسلطان، كما سخر الإنسان طاقته العقلية في كل وادٍ ما عدا أهم قضية، قضية الخلق والخالق ورسالة الوجود.
بين هذا الركام، كله أشرقت أنوار النبوة الخاتمة، فكانت في العرب وللبشر كافة. والعرب قوم لم يفقهوا في الصناعة فقه روما، ولا في التقدم التقني تقدم فارس ولا الصين ولا الهند، لكنهم -وبعد أن فاض عليهم هدى الإسلام- فقهوا ما لم تدركه بقية الحضارات، وآن لها أن تدركه، وتلقوا عن نبيهم آخر إرسال من وحي السماء، وتفتحت بصائرهم على عالم فياض ينبض في الوجدان ويخاطب الأرواح والقلوب، حتى ارتفعت هذه الأرواح من التعلق بقبضة الطين والشهوات الملازمة لها ومغريات المادة والمطامع الدنيئة والجاهلية المظلمة، إلى معالي الكمال الإنساني، وأشرف المطالب، ونور المعارف الدافقة بين سور الكتاب الحكيم.
فعاد المسلم منهم يقف على منتجات الجاهلية، فيسخر من بريقها، ويزهد في تعظيمها، ويراها متاعًا يؤول للفناء، وشاغلًا عن القضية المركزية للوجود البشري، ألا وهي العبودية، يقول إقبال:
كنا نرى الأصنام مـن ذهـب **** فنهدمهـا ونهـدم فوقها الكفـارا
لو كان غير المسلمين لحازهـا **** كنزا وصاغ الحلي و الدينـارا
العبودية بمعناها الشامل التي تشمل كل الحركات والسكنات، العبودية التي تحرر الإنسان من تجاذب الجبابرة الذين يسترقون البشر ويمتهنون فيهم خصائصهم التي كرمهم ربهم بها، عبادة الله وتفريده بالوحدانية التي تلغي كل منازع ينازع العباد من خضوع لأصنام وشرود وراء فلسفات، فتتحول المادة إلى وسيلة لتحقيق مراد الله، لا تعدو قيمتها أنها تأتي في الطريق الذي لا يتم الواجب إلا به، فلا تعتبر غاية في ذاتها، إنما وسيلة لتحقيق غيرها من المطالب في سياق نفس الخط المتناسق من تحقيق العبودية لله.
الأمر الذي كان غريبًا على ضمير البشرية، ولم تفهمه العقول التي ران عليها الركام حتى طمس معالم الفطرة الكريمة، وهو النور الذي حمله المسلمون إلى بقية الأمم، واستبسلوا في تبليغه، لا لمكاسب دنيوية أو لمآرب مادية، وإنما إشفاقًا على شعوب غارقة في التيه حيث لا عدالة ولا مساواة ولا معيار، حملوه ودقوا به أسوارًا يحكمها منطق القوة، ويساوي فيها بين الفقير والعاجز وبين الحيوان، وتكون فيه المرأة متاعًا يورَّث مع المتاع، حتى أخضع المسلمون الجبابرة للنزول والتحاكم لنفس المعيار الذي يتحاكم إليه بقية البشر، حيث يستوي الغني والفقير، والحاكم والمحكوم، والقوي والعاجز، أمام تشريع الخالق الواحد الرحيم بعباده، فكانت رسالة الإسلام هي القيم، القيم المتعالية على المدنية بمفهومها اللاديني، والتقدم المادي الذي يُشيَّد على حساب الارتكاس البشري، القيمة التي تضع كل معنى في حدود حقيقته؛ فلا يعتريه الغلو الذي يصبح معه صانع الآلة عبدًا لها، كما كان صانع الصنم عبدًا له.
كيف صنع المسلمون خير حضارة دون أن ينبهروا بفارس والروم؟ %D9%85%D9%86_%D8%A7%D8%AE%D8%AA%D8%B1%D8%B9_%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%B7%D8%B1%D9%84%D8%A7%D8%A8
واليوم، وقد شيدت المدنية الحديثة صروحًا من المباني الشاهقة، وأصبح التقدم التقني أحد معالم تميز الغرب صناعة وتوظيفًا، وقد توالت الاكتشافات الطبيعية والتحويلية، وسخر الإنسان المادة وحولها وصاغها مصنوعات أغرقت العالم بما يتدفق من المصانع، حتى عادت الشركات الكبرى في سباق حول المواد الأولية ونسبة التصنيع، وحين لا توجد هذه المواد تتحرك الشركات بجحافل الجيوش لتستجلبها من دول أخرى بطريقة استعمارية، وإن كلف هذا دمار البلدان وإبادة البشر واستغلال حق بقية الأمم واستنزاف الثروات الطبيعية، وتزييف الحقائق وتغييب وعي الشعوب. وبعد وفرة الإنتاج، لا بد لهذه الشركات الاستعمارية من جيوش من الحرفاء الذين يستهلكون منتجاتها، بالتالي تصبح الجماهير مستهدفة فيعملية الدعاية التي يُسخَّر فيها كل ما يمكن من أدوات الإقناع لتحريك ميول ورغبات وعواطف الحرفاء، بل تتدنى قيمة الفرد إلى قيمة ما يستهلكه وما يرتديه؛ فتصبح نفسية الجماهير وفطرتها لعبة يتلاعب بها علماء علم النفس التسويقي لصالح رؤوس الأموال، وتصبح المرأة سلعة ترويجية وتسويقية وأداة كبقية الأدوات، تُمتهن بين المنتج والمستهلك، تُعرض في الشاشات وعلى حافة الطرقات، وتُسلب كرامتها مقابل بضع دولارات.
واليوم وقد حكم الرجل الأبيض وفرض حكمه على بقية المعمورة، وأعلى صنم الديمقراطية التي بنى لها المعابد في كافة الدول، وأرغم الحكام إما أن يكونوا في صفه ويحسنوا ما يحسن ويقبحوا ما يقبح، وإما أن يكونوا من المنبوذين الخارجين على الطاعة. وقربان الولاء هو دخول معابد الديمقراطية وممارسة طقوسها والاعتراف برهبانها وتعاليمها والتزام شرائعها، والوقوف صفًا واحدًا مع جيوش المدنية اللادينية الحديثة، الوقوف معهم وإن اجتاحوا المقدسات، وإن اغتالوا العلماء، وإن قصفوا الأطفال في مدارس القرآن، وإن دعموا الانقلابات الوحشية وساندوا المحارق الجماعية التي شاهدها العالم على الشاشات العربية، وإن سلبوا الثروات وتباهوا بسلبها وتداعوا لاستباحتها.
واليوم، يقف الإسلام أمام ما وقف أمامه حين كانت بقية الأمم في حضيض المادية وتوهان الخرافات وتسلط منطق القوة الغاشم، يقف أمام واقع استُعبِدت فيه الشعوب في مقابل فتح باب الشهوات على مصراعيه، لتنتكس فطرة الإنسان النقية في طريق عبث الجبابرة، وتشريع هذا العبث وإعلاء قيمته في المحافل الدولية، وتحريف المفاهيم حتى تغوص الحرية في مستنقع الشذوذ، بينما لا تشمل الحرية العفاف والالتزام بالشرائع الإلهية؛ لأنها محكومة في هذه المدنية بالتخلف والرجعية والعداء الذي يمر إلى جبره عبر القوانين الوضعية المحلية.
فكيف والعالم يتمرغ في هذا المستنقع الآسن من الأوحال، نقول نحن إن الحل هو المدنية بمفاهيمها الغربية، كيف والأمم اليوم تشكو من اغترابها عن معنى الإنسان، نأتي نحن ونقول إن الغرب يعيش معجزة المدنية الحديثة ونسوغ كل هذا الشذوذ ونلبسه لباس العفة والاتزان، وننادي به كملجأ، ويصبح التغريب هو الغاية والقضية؟ كيف نبرر مجازرهم وطغيانهم ونهبهم ونقول: لا يهم؛ فلا يجوز التركيز على سلة المهملات الصغيرة داخل القصر البديع؟
كيف صنع المسلمون خير حضارة دون أن ينبهروا بفارس والروم؟ Quran_fasting_ramadan
فإذا كان القصر قد شيد على جماجم الأبرياء وأعراض الحرائر وصراخ المستنجدين، كيف نغلق أذاننا ولا نسمع أنات المستضعفين، تحت الركام مستغيثين، وندفع قومنا للتمتع بسماع ألحان سمفونية القصر الصاخبة، سمفونية تسحر الأذان والعقول وتغيبها عما يشهده القصر من اهتزازات تسبق السقوط؟ كيف ندفع بقومنا وندعوهم إلى دخول هذا المبنى الكبير الآيل إلى الانهيار ولو بعد حين، ونقول هذا هو سبيل المجد والتمكين؟
إن العالم اليوم لا ينتظر من المسلمين أن يقدموا حضارة صناعية، وإن كان الإسلام يحمل روح الاكتشاف والاختراع التي هي عبادة تشمل كل إبداع وتحث عليه، وما كان للحضارة المادية الحديثة أن تكون لولا أنها انطلقت من حيث وصل أعلام علماء المسلمين، ولا ينتظر منهم أن يكونوا مبررين لبشاعات الديمقراطية التي تخدع الجماهير بشعارات العدالة والمساواة، بينما هي وسيلة لنشر الوهم واحتلال البلدان، ولا أن نلبس قيمهم المشوهة لباس الإسلام ونقول لا فرق بينها وبين الشورى التي تفترض العلم والدراية والشهادة بالعدل والتجرد، لنقول هي ذاتها ما يحدث اليوم من تلاعب رؤوس الأموال بالشبكات الإعلامية والدعائية الانتخابية التي تحدد من خلالها من سيحكم ومن سيسهر على ضمان مواصلة خداع الجماهير، وحين تفشل الدعاية فالانقلابات والحروب هي الحل. وننصب المقارنات بين منهج التوحيد الذي ينبني على لا اله إلا الله أصالة، ونندفع متحمسين وندفع شعوبنا إلى الارتماء داخل مستنقع الوحل تاركين النبع الصافي الذي لا نجاة في الآخرة ولا بركة في الدنيا إلا لمن ورده وارتوى من معينه.
إن البشرية اليوم تنتظر من المسلمين أن يخرجوها من شقوتها وعذابها وتخبطها، وأن يعيدوا للعباد القيم التي تسعى الجاهلية المعاصرة إلى تغييبها؛ ليعود للعالم رشده، وللفطرة بريقها، وللإنسان دوره الفريد في هذه الحياة.
إن لواء التحرر ينتظر المسلمين كي يحملوه كما حملوه أول مرة؛ ليحرروا العباد من عبادة العباد والمادة، إلى عبادة رب العباد وخالق المادة، وأن يُخرجوهم من جور الأصنام والخرافات الحديثة، إلى عدل السلام ورحمة دين الفطرة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
كيف صنع المسلمون خير حضارة دون أن ينبهروا بفارس والروم؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» نحن حضارة النور والهدى ولسنا حضارة الحرق ومحاكم التفتيش
»  الفرس والروم
» حضارة البلاستيك
»  حضارة سبأ | أمبراطورية بلقيس
» العمارة في حضارة الإنسان

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث دينيه-
انتقل الى: