منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 الاقتصاد العراقي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الاقتصاد العراقي Empty
مُساهمةموضوع: الاقتصاد العراقي   الاقتصاد العراقي Emptyالإثنين 23 سبتمبر 2019, 3:32 pm

الإصلاحات الاقتصاديَّة والماليَّة في العراق : جدليَّة الربح والخسارة

الجزء الاول
 شبكة البصرة

 سعد داود قرياقوس

أشارت التغيُّرات الاقتصاديَّة التي تمَّ الإعلان عنها،و قيام سلطات الاحتلال بالمصادقة عليها إلى بداية المرحلة التنفيذيَّة لمشروع تغيير الهويَّة الوطنيَّة للعراق عن طريق تفتيت القطاع العام فيه وتحويل ملكيَّة ثرواته وقطاعاته الاقتصاديَّة إلى الاستثمارات الأجنبيَّة التي فتحت التغييرات "الباب على مصراعيه إمامها"، على حدِّ قول أحد المسؤولين الأمريكيِّين في سلطة الاحتلال.
من القراءة الأولى للتغيرات التي أعلن بعض تفاصيلها وزير الماليَّة العراقي والمسؤولون الأمريكيُّون الأعضاء في الوفد العراقي الموجود في دبي،  يتضح حجم الإجحاف الكبير والمخاطر التي تتضمنها هذه "الإصلاحات" على الهيكل الاقتصادي والاجتماعي للعراق. وقبل التعرض لتلك المخاطر  نودُّ طرح الآتي:
أوَّلاً: إنَّ اعتراضنا على هذه الاجرءات لا ينطلق من أبعادها وتبعاتها الاقتصاديَّة الضارَّة فحسب، بل من أبعادها السياسيَّة وتفريطها بالسيادة الوطنيَّة للعراق ومصالحه. فالدوافع الأساس لهذه التشريعات هي سياسيَّة، لا ترتبط بإيجاد حلول للمشاكل الهيكليَّة للاقتصاد العراقي.
ثانيًا: سبق أن بيَّنَّا في مساهمات نشرت في مواقع وصحف عربيَّة وأجنبيَّة بأنَّ خصخصة القطاع العام، والنفطي بشكل خاص، وفتح أسواق العراق المتميِّزة بارتفاع الطلب الفعَّال على السلع والخدمات، وبوجود طلب استثماري متميِّز، تمثِّل جوهر الاحتلال والهدف الوحيد لشن الحرب على العراق. كما بيَّنَّا أيضًا أنَّ تشكيل مجلس الحكم الانتقالي بصيغته وتركيبته الحاليَّتين، جاء تلبية لضرورة وجود هيئة عراقيَّة وإن كانت شكليَّة أو غير شرعيَّة تضفي الشرعيَّة على صفقة بيع العراق التي أعدَّتها مجموعة من الشركات الأمريكيَّة بالتشاور مع بعض الرموز العراقيَّة، وبالتنسيق مع المؤسَّسات الماليَّة الدوليَّة كما أشار إليه الأمر الإداري الخاص بالتشريعات الجديدة الصادر عن بريمر، المسؤول الأوَّل في سلطة الاحتلال.
إنَّ تقيمنا لهذه "التغيرات الثوريَّة"، إن صحَّ التعبير، يستند على تصريحات وزير الماليَّة العراقيَّة وتصريحات المسؤولين الأمريكيِّين في سلطة الاحتلال. ونقدِّم في هذا القسم عرضًا عامًّا لبعض النقاط الأساس الواردة في تلك التصريحات، على أن نقدِّم للقرَّاء الكرام تحليلاً أكثر شموليَّة للفقرات المتبقيَّة من التصريحات، وملاحظاتنا على القوانين الصيرفيَّة في القسم الثاني من هذا المقال.
1. نصَّت القوانين الجديدة على "السماح بملكيَّة أجنبيَّة كاملة في جميع القطاعات، ما عدا الثروات الطبيعيَّة باستثناء اتِّفاقيَّات المشاركة الأجنبيَّة الحاليَّة في احتياطي النفط العراقي".
منطوق الفقرة، يشير بوضوح إلى السماح للاستثمارات الأجنبيَّة في جميع القطاعات باستثناء النفطي، دون أيَّة ضوابط أو معايير تنظِّم هذا النوع من الاستثمارات. إنَّ الخطورة في هذا السماح يكمن في كونه لا يوفِّر أيَّة ميزات نسبيَّة للمستثمر الوطني، بل على العكس تمامًا. إنَّ الشركات الوطنيَّة بقدراتها المتواضعة لن تكون في وضع تنافسيٍّ متوازن وعادل مع الشركات الأجنبيَّة بقدراتها التقنيَّة والماليَّة الهائلة، ممَّا سيدفعها للانحسار عن جميع القطاعات، أو البقاء كشركات هامشيَّة في أحسن الأحوال.
انحسار الشركات الوطنيَّة عن النشاطات الاقتصاديَّة، سيؤدِّي إلى السيطرة المطلقة للاستثمارات الأجنبيَّة على هيكل الاقتصاد العراقي، وعلى كلِّ ما تمثِّله من تهديد خطرٍ على الأمن الاقتصادي، ولا سيَّما الأمن الدوائي والغذائي.
الجانب السلبي الأخر لهذا الأجراء، يتمثَّل في تبعاته السلبيَّة على القوَّة الشرائيَّة والمستوى المعاشي للمواطن العراقي. فاحتكار الشركات الأجنبيَّة للقطاعات الاقتصاديَّة في العراق في ظلِّ غياب المنافسة الوطنيَّة سيؤدِّي إلى رفع مستوى الأسعار، وبالتالي زيادة العبء الدخلي للمواطن الذي اعتمد ولمدَّة طويلة على الأسعار المدعومة من الدولة.
أمَّا بخصوص استثناء الثروة المعدنيَّة (النفط)، فهو استثناء وقتيٌّ وتكتيك سياسيٌّ يهدف إلى الإيحاء بأن لا رغبة ول أطماع للأمريكيِّين في ثروة العراق النفطيَّة. وإلاَّ فما المقصود بعبارة "باستثناء اتفاقيَّات المشاركة الأجنبيَّة الحاليَّة في احتياطي النفط العراقي" التي أشار إليها المسؤول الاقتصادي الأمريكي! وما هي هذه الاتفاقيَّات؟ ومع أيَّة جهات وقِّعت؟ ومتى؟ هل المقصود بها اتفاقيَّات استثمار حقول النفط الموقَّعة مع الشركات الفرنسيَّة والروسيَّة والصينيَّة؟
2. ستؤدِّي القوانين الجديدة، وفق ما صرَّح به المسؤولون المذكورون، إلى فتح الأسواق العراقيَّة أمام الاستثمارات الأجنبيَّة دون ضوابط أو معايير لتنظيم هذه الاستثمارات. ولا تتطلَّب هذه القوانين دراسة وتحليل العروض وطلبات الاستثمار.
من المريب ألاَّ تتضمَّن هذه القوانين حدًّا أدنى من الضوابط والمعايير المنظِّمة للاستثمار الأجنبي التي تتمسَّك بها جميع الدول بما فيها الدولة المحتلَّة للعراق. قد يحق التساؤل فيما إذا كان المطلوب من الشركات بيان جنسيَّاتها؟ أو إذا كانت الشركات الإسرائيليَّة مشمولة بهذه الإعفاءات؟     
هنالك فرق كبير بين وجود معايير منظمِّة للاستثمار الأجنبي وبين الاجرءات المعرقلة لهذا النوع من الاستثمار. ولا شكَّ في حاجة العراق لاستثمارات هائلة تتطلَّب انسيابيَّة إداريَّة وقانونيَّة، إلاَّ أنَّ المصالح الوطنيَّة تتطلَّب أيضًا تنظيم الاستثمار الأجنبي ضمن أطر ومعايير ثابتة، وهذا ما تتبعه مختلف الدول، ومنها الدول الصناعيَّة الرأسماليَّة.
3. لا تسمح التشريعات الجديدة للمستثمر الأجنبي، وفق ما أعلنه المسؤولون العراقيُّون والأمريكيُّون في دبي بحق تملُّك أملاك عقاريَّة، لكنَّها تسمح باستئجارها لمدَّة 40 سنة، وفق ما ورد في تصريحات المسؤول الأمريكي، ولا تزيد على 60 سنة، وفقًا لما ورد في النسخة غير الرسميَّة للقوانين الجديدة التي نشرتها بعض الوسائل الإعلاميَّة.
إنَّ معظم قوانين الاستثمار العالميَّة تحدُّ من امتلاك المستثمر الأجنبي للأصول العقاريَّة كما ورد في الاجرءات الأخيرة. إلاَّ أنَّه من الصعب جدًّا فهم مبرِّرات السماح للاستثمارات الأجنبيَّة في حقِّ استئجار العقارات لأمد طويل جدًّا. وعلى الرغم من أنَّ القانون موضوع البحث يمنع المستثمر الأجنبي من امتلاك عقاريٍّ، إلاَّ أنَّ هناك ثغرة قانونيَّة تسمح ببعض الاستثناءات دون تحديدها نصًّا. والغريب أيضًا، المدَّة المسموح بها للاستئجار التي قد تصل إلى 60 سنة قابلة للتمديد. 
4. إنَّ أكثر فقرات القانون الجديد إجحافًا للمواطن العراقي هي خضوعه للنسبة الضريبيَّة نفسها المفروضة على الشركات الاستثماريَّة الأجنبيَّة البالغة 15%.
هذه المساواة بين ضريبة الدخل والضريبة المفروضة على أرباح الشركات، تمثِّل خرقًا لمبدأيِّ العدالة والكفاءة الضريبيَّة التي تستند عليها النظم الضريبيَّة في معظم دول العالم. كما أنَّ المساواة بين العبء الضريبي للمواطن العراقي في ظروفه الاقتصاديَّة الصعبة والعبء الضريبي للمستثمر الأجنبي المترفِّه أمرٌ منافٍ  لقيم العدالة وأسسها، وغير مقبول على الإطلاق. وللموضوع بقيَّة.

أكاديمي عراقي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الاقتصاد العراقي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاقتصاد العراقي   الاقتصاد العراقي Emptyالإثنين 23 سبتمبر 2019, 3:33 pm

الإصلاحات الاقتصاديَّة والماليَّة في العراق: جدليَّة الربح والخسارة

الجزء الثاني

 سعد داود قرياقوس
تناولنا في القسم الأوَّل من المقال الذي نشرته "إيلاف" مشكورة الأبعاد الخطرة للتسهيلات التي قدَّمتها سلطات الاحتلال للمستثمرين الأجانب في العراق كجزء من التغيرات الهيكليَّة التي تخطِّط السلطات القيام بها لتغيير ملامح العراق الوطنيَّة وتركيبتية الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة.  
استندنا في تحليلنا التسهيلات المذكورة على تصريحات وزير الماليَّة العراقي والمسؤولين الأمريكيِّين المشاركين في الندوة التي نظَّمها صندوق النقد الدولي في دبي مؤخَّرًا. لقد أثارت الأفكار التي أوردتها تلك التصريحات ردود أفعال سلبيَّة على الصعيدين الوطني والعالمي. ويبدو أنَّ هذه المواقف النقديَّة دفعت سلطات الاحتلال لإعادة النظر في بعض تصوُّراتها، فتجنَّب الأمر الإداري (39) الصادر عن سلطة الاحتلال "التحالف" في التاسع عشر من  سبتمبر (أيلول) تحديد نسبة ضريبة الدخل والضريبة المفروضة على أرباح الشركات العراقيَّة والأجنبيَّة التي سبق أن حدَّدها الوزير والمستشارون الأمريكيُّون بـ15%.
سنحاول في هذا القسم "الثاني" تقديم عرضٍ نقديٍّ لأهمِّ فقرات "الفرمان الاستثماري" مستندين على النص الرسمي للأمر الإداري (39)، وتسليط الضوء على  الجوانب الخطرة وأبعادها الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة. وسنطرح بعض التساؤلات المشروعة عن الدوافع الحقيقيَّة لإصداره. أشرنا في القسم الأوَّل إلى أنَّ المقال سيتكَّون من قسمين، إلاَّ أنَّ أهميَّة الموضوع وخطورة القرار الجديد وتزامن صدوره مع عرض بعض المسؤولين الاقتصاديِّين العراقيِّين تصوراتهم عن أهميَّة الاستثمار الأجنبي، وعن الملامح المستقبليَّة للاقتصاد العراقي، استوجبت عرضًا أشمل، وبالتالي الحاجة إلى قسم ثالث.
تتيح قراءة متمعِّنة لفقرات هذا الأمر للقاري ملاحظة فجوات وبنود غير متوازنة وإجحافٍ كبيرٍ للمستثمر والمستهلك العراقي. وألاهم ملاحظة خطورة التسهيلات الاستثماريَّة المقدَّمة للأجانب على الأمن الاقتصادي للعراق وسيادته الوطنيَّة.
1. تبيِّن المادَّة (2) الأسباب الموجبة لإصدارالامر الاستثماري الجديد تناقضًا ومغالطة واضحة. فالفقرة تنصُّ على أنَّ الهدف الأساس لإصداره يتمثَّل في "تشجيع وحماية رفاه ومصلحة العراق العامَّة عن طريق تشجيع الاستثمار الأجنبي من خلال حماية حقوق وملكيَّة المستثمرين الأجانب في العراق....." إلاَّ أنَّ تحليل فقراته تعكس بشكل جليٍّ تركيزه على حماية حقوق المستثمر الأجنبي وإخلالاً بحقوق الجانب العراقي باستثناء بعض الفقرات التي وفَّرت حماية جزئيَّة، إلاَّ أنَّها تضمَّنت في الوقت نفسه ثغرات تسمح للالتفاف حولها وإبطال مفعولها.
2. تمنح المادَّة (4) المستثمر الأجنبي الحقَّ في إقامة استثمارات أجنبيَّة في العراق بدون سقف استثماري، وبشروط تفضيليَّة لا تقلُّ عن تلك الممنوحة للمستثمر العراقي. الإشكال في هذه المادَّ يكمن في المساواة غير العادلة وغير المتكافئة بين حقوق المواطنين العراقيِّين وحقوق المستثمرين الأجانب بشكل يضع المستثمر العراقي في موقع  تنافسي ضعيف. إنَّ لجميع الدول الصناعيَّة بما فيها الولايات المتَّحدة مؤسَّسات مالية متخصِّصة في تقديم إعانات وتسهيلات ائتمانيَّة لشركاتها الوطنيَّة لدعم موقعها التنافسي وزيادة حصصها التسويقيَّة. هذه الإعانات مصحوبة بالقدرات الماليَّة والتقنيَّة للشركات الأجنبيَّة يقابلها عدم توفُّر مثل هذه البرامج الداعمة في العراق تضع المستثمر العراقي في موضع تنافسي ضعيف، إن لم تدفعه لمغادرة السوق كليًّا!
 الغريب، أنَّ الإدارة الأمريكيَّة، الجهة المشرِّعة للأمر الإداري الجديد لا تطبِّق معايير المساواة بين المستثمر الأجنبي والمنتج الأمريكي، بل على العكس تمامًا. فهي في دأب مستمر لحماية المنتج المحلِّي الأمريكي عن طريق خلق العوائق التجاريَّة ورفع نسب التعريفة الجمركيَّة وتعقيد الشروط والمقاييس ورفع نسب الضرائب المفروضة على الاستثمارات الأجنبيَّة.
3. نصَّت  الفقرة (2) من المادَّة (6) على حقِّ المستثمر الأجنبي في إقامة المشاريع الاستثماريَّة في كافَّة أنحاء العراق بدون أيَّة ضوابط أو محدِّدات جغرافيَّة. هذه الحريَّة المطلقة في اختيار الموقع الاستثماري قد تفرز مستقبلاً تبعات وإشكالات اجتماعيَّة وسياسيَّة، لا بل قد تشكِّل انتهاكًا لأعراف وتقاليد عربيَّة وإسلاميَّة متعارف عليها! فاستنادًا إلى هذه الفقرة، قد ترتئي الاستثمارات الأجنبيَّة ومن ضمنها الإسرائيليَّة على سبيل المثال، إنشاء مشاريع ترفيهيَّة أو مصانع لإنتاج المشروبات الكحوليَّة في إحدى مدن العراق المقدَّسة، ومع ذلك، لا يتمكَّن العراق قانونيًّا من منع ذلك!
4. عرَّضت فقرات المادَّة (7) العراق لكلَّ إشكال الاستباحة الاقتصاديَّة. وهي تشكِّل إلى جانب فقرات المادَّة (Cool أخطر ما ورد في هذا "الفرمان الاستثماري". استنادًا إلى فقرات هذه المادَّة، فإنَّ للمستثمر الأجنبي حريَّة التحويل الخارجي الفوري لأرصدة العملات الأجنبيَّة والعراقيَّة الناتجة عن استثماراته ومن ضمنها الأرباح والأسهم والسندات ومردودات البيع وعوائد تصفية المشاريع وتحويل الملكيَّة والفوائد ومدفوعات العمالة والأجور الإداريَّة، بالإضافة إلى إمكانيَّة التحويل لأسباب أخرى بموافقة وزارة التجارة.
 من الواضح أنَّ الهدف من منح هذه التسهيلات الماليَّة تشجيع تدفُّق رأس المال والاستثمار الأجنبي إلى العراق ولا سيَّما في ظلِّ عجز المصادر الوطنيَّة عن توفير رأس المال اللازم لعمليَّة النهوض الاقتصادي. ومن هنا، فإنَّ الاستثمارات الأجنبيَّة قد تكون البديل الطبيعي لتغطية الطلب الاستثماري وباستطاعتها "ضمن شروط معيَّنة" أن تلعب دورًا إيجابيًّا في دفع عجلة نموِّ الاقتصاد العراقي. إلاَّ أنَّ ذلك لا يبرِّر التفريط بالمصالح الوطنيَّة الثابتة لتغطيَّة فجوات استثماريَّة آنيَّة.
 إنَّ السماح المطلق للاستثمارات الأجنبيَّة بتحويل أرباحها بدون أيَّة ضوابط أو جدولة سيحرم الاقتصاد العراقي من فوائد تراكم رأس المال الضروري للنمو الاقتصادي. فالقانون الجديد لا يتضمَّن أيَّة محفِّزات تشجِّع المستثمر الأجنبي لإعادة تدوير الأرباح المتحقِّقة من نشاطاته الاستثماريَّة داخل العراق.
إنَّ أخطر أبعاد هذا القانون الاستثماري الذي يفتح أبواب العراق للمستثمرين والمضاربين الأجانب تتمثَّل في إمكانيَّة تحويل العراق إلى مركز عالميٍّ لعمليَّات غسيل الأموال "تبيض الأموال"! فحريَّة الاستثمارات الأجنبيَّة المطلقة وحريَّة التحويل الخارجي وإنشاء المصارف الأجنبيَّة وفقدان الرقابة الماليَّة على نشاطات المصارف الأجنبيَّة من جرَّاء إلغاء سلطة البنك المركزي العراقي على مراقبة المصارف وفقًا لقانون البنك الجديد المزمع إعلانه قريبًا، ستساعد مجتمعة على جعل العراق مرتعًا لعمليَّات غسيل الأموال.
5. توحي فقرات  المادَّة (Cool بحرص المشرِّع على حماية مصالح العراق. إلاَّ أنَّها في تقديري أكثر فقرات الأمر الإداري خطورة على مصالح العراق وسيادته. الفقرة (1) تتضمَّن عبارة: "بعد التاريخ الذي يلي هذا الأمر، لا يُسمح للمستثمرين الأجانب، وتحت أيَّة ظروف شراء حقوق التصرُّف والانتفاع من العقارات الخاصَّة.."
بشكل عام، فإنَّ الفقرة أعلاه توحي بعدم السماح للمستثمر الأجنبي  حيازة أصول عقاريَّة. إلاَّ أنَّ فحصًّا دقيقًا للفقرة، يفرز النقطتين التاليتين:
ا. من المبادئ المتعارف عليها أنَّ القوانين والتشريعات لا تتضمَّن عبارات لا دلالة لها. ورود عبارة: "بعد تاريخ توقيع الأمر"، يمكن تفسيرها بأنَّ إجراءات تحويل الملكيَّة الحاصلة قبل تاريخ نفاذ الأمر الإداري في 19/9/2003، مستثنية من أحكام هذا الأمر. المسلَّم به أنَّ القوانين العراقيَّة لم تسمح لغاية يوم 9/4/2003، بالملكيَّة الأجنبيَّة على الإطلاق. فما هي الصفقات غير المشمولة بهذا الأمر الإداري؟ ومن هم الباعة والمشترون؟ والأهم، من هم سماسرة تلك الصفقات؟ وأيَّة أراضٍ بيعت ولمن؟ أسئلة مشروعة، إلاَّ أنَّنا لا نتوقَّع ردًّا عليها.
ب. الفقرة أعلاه تشير أيضًا بغموض إلى حصر المنع بعقارات الملكيَّة الخاصَّة. والسؤال، هل تسري أحكام المادَّة على الملكيَّة العامَّة، أو ما يطلق عليها في العراق: "الأراضي الأميريَّة"؟
أتاحت الفقرة (2) المادَّة (Cool للمستثمر الأجنبي حقَّ استئجار الأصول العقاريَّة لمدَّة لا تتجاوز أربعين عامًا قابلة للتمديد. وتوحي هذه الفقرة أيضًا بحرص المشرِّع على حماية الممتلكات العقاريَّة من الاستحواذ الأجنبي!  إلاَّ أنَّها قد تشكِّل التفافًا ذكيًّا وخبيثًا على استثناء قطاع المعادن، ومنها النفط من الملكيَّة الأجنبيَّة المنصوص عليها في فقرة (1) من المادَّة (6). فباستطاعة المستثمر الأجنبي استئجار أصول عقاريَّة ولآجال طويلة في مناطق ذي قيمة اقتصاديَّة كتلك التي تتواجد فيها كميَّات تجاريَّة من النفط أو المعادن الأخرى. ومن ثمَّ استثمار هذه الأراضي وإعادة  بيعها إلى العراق بمبالغ باهظة.
 إنَّ الأمر الإداري موضوع البحث لا يتضمَّن آليَّة تعالج هذه الفجوة، لذا، لحماية حقوق العراق الوطنيَّة، يتطلَّب الأمر معالجتها بعدم السماح للاستثمارات الأجنبيَّة استئجار الأراضي الواقعة ضمن الخارطة الجيولوجيَّة- النفطيَّة للعراق، وأن يتضمَّن قانون الاستثمار مواد قانونيَّة تتيح للجانب العراقي إلغاء عقود الاستئجار في حال اكتشاف النفط أو أيَّة ثروة معدنيَّة فيها، وكذلك أن تتضمَّن عقود الاستئجار فقرة واضحة تمنح المستأجر حقَّ استخدام ظاهر العقار "الأرض" وليس ما في باطنها كما هو العرف السائد في معظم الدول.
6. إنَّ جميع  التشريعات الاقتصاديَّة تأخذ في الاعتبار تأثيراتها المباشرة وغير المباشرة في  جميع القطاعات والوحدات الاقتصاديَّة. والأهم، دراسة تأثيرها في الطبقة العاملة، الشريحة الاجتماعيَّة الأكبر في أيِّ بلد بما فيه العراق. إلاَّ أنَّ هذا الأمر الإداري يخلو تمامًا من أيَّة ضوابط تحمي العمالة العراقيَّة وتضمن مستوى معاشي جيِّد للفرد العراقي.
7. إنَّ آليَّة حسم النزاعات المنصوص عليها في المادَّة (10) لا تتضمَّن أيَّة ضوابط أو أسس  ثابتة لحسم الخلافات المستقبليَّة بين الجانبين العراقي والأجنبي، بل إنَّ النص الوارد يتَّسم  بالغموض، ويشير بشكل عام إلى إمكانيَّة  لجوء الطرفين إلى أيَّة اتفاقيَّة تعالج مسألة النزاع بين الأطراف، كما تمنح هذه المادَّة  الطرفين حقَّ اختيار أيَّة اتفاقيَّة تعالج آليَّة التسوية في القانون العراقي  دون تحديد.
هذه المعالجة الناقصة لا تضمن حقوق الطرف العراقي في ظل الفجوة الكبيرة بين إمكانيَّات الطرفين وتعقيدات القوانين الدوليَّة التي صيغت أصلاً من الدول الصناعيَّة الكبرى لحماية مصالحها. كما أنَّ العراق في ظلِّ غياب المؤسَّسات وإلغاء القوانين الوطنيَّة ليس في وضع يتيح له التفاوض مع الشركات الأمريكيَّة بقدراتها الفنيَّة والقانونيَّة المعروفة، وبالتالي حماية مصالحه الوطنيَّة. إنَّ توقيت إصدار هذا القانون والارتجال الواضح في إعداده سيؤدَّيان إلى خسارة العراق مكاسب اقتصاديَّة كبيرة.
8. لا يتضمَّن الأمر الإداري ما يشير إلى ربط الاستثمارات الأجنبيَّة بمتطلَّبات التنمية الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة للعراق. حالة عدم الارتباط هذه قد تؤدَّي إلى قيام ثنائيَّة اقتصاديَّة ونشوء صناعات ونشاطات لأغراض لا علاقة لها بالاقتصاد الوطني، بل لخدمة الأهداف الربحيَّة للمستثمرين الأجانب.
إنَّ الفجوات والمخاطر المشار إليها أعلاه، تسمح لنا اعتبار التسهيلات الواردة في  الأمر الإداري 39 الخاص بالاستثمارات الأجنبيَّة تفريطًا بمصالح العراق وثرواته الماديَّة والبشريَّة، وأنَّ هذا القرار المجحف يدفع  العراق قسرًا  لمجزرة الاستثمارات الأجنبيَّة، ويقود الاقتصاد العراقي إلى مطبَّات واختناقات ستعمِّق اختلالاته الهيكليَّة. إخضاع بنود هذا القرار الارتجالي وفقراته للتحليل المالي والاقتصادي والسياسي الموضوعي، سيؤكِّد كونه صفقة خاسرة للعراق. صفقة سيتمتَّع بأرباحها المستثمرون الأمريكيُّون ووكلاؤهم العراقيًّون، وسيعاني من خسائرها شعبنا المحتل وأجياله القادمة. المطلوب من العراقيِّين جميعًا، مهما تقاطعت مواقفهم السياسيَّة أو تباعدت، رفض هذا القرار المشبوه. قرار بيع العراق الوطن والهويَّة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الاقتصاد العراقي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاقتصاد العراقي   الاقتصاد العراقي Emptyالإثنين 23 سبتمبر 2019, 3:33 pm

الإصلاحات الاقتصاديَّة والماليَّة في العراق: جدليَّة الربح والخسارة

الجزء الثالث

سعد داود قرياقوس

استعرضنا في القسمين السابقين من هذا المقال المخاطر الاقتصاديَّة والسياسيَّة للإجراءات التي تبنَّتها سلطات الاحتلال كمحاولة إصلاحيَّة للاقتصاد العراقي. وتطرقنا إلى المخاطر الجسيمة لصفقة بيع العراق المعلنة في الأمر الإداري 39 الخاص بالاستثمار الاجنبي.
سنتناول في هذا القسم بعض الملاحظات العامَّة عن الإجراءات المذكورة، ثمَّ نتوقُّف عند بعض آثارها الاقتصاديَّة السلبيَّة المباشرة.
أولا:عكست تصريحات وزيري الماليَّة والتخطيط ميلاً شديدًا نحو الاقتراض الأجنبي كمصدر لتمويل الفعَّاليات الاقتصاديَّة، وقدَّمت تقديرات مبالغ فيها لحاجة الاقتصاد العراقي الآنيَّة من القروض الخارجيَّة. هذه التقديرات لا تستند على حسابات واقعيَّة وتحليل اقتصادي سليم، بل تعكس جانبًا من الأهداف الاقتصاديَّة للاحتلال ورغبات بعض أعضاء مجلس الحكم الانتقالي. ولا خلاف لنا على حاجة الاقتصاد العراقي الفوريَّة لرأس المال، إلاَّ أنَّ اعتراضنا ينصبَّ على مقدار الاقتراض الأجنبي وشروطه. إن الحالة الاستثنائيَّة التي يمرُّ بها العراق تتطلَّب التركيز على تغطية الطلب قصير الأمد على القروض الأجنبيَّة، وتجنُّب الالتزام بشروط قروض ضخمة لا مبرِّر لها آنيًّا.
الأمر المثير للتساؤل خاصَّة في ظلِّ حاجة العراق الملحَّة للعملات الأجنبيَّة، يتمثَّل في عدم استخدام أرصدة العراق المجمَّدة التي سيطرت عليها الإدارة الأمريكيَّة بطريقة مشينة. واسباب عدم استخدام الودائع المترتِّبة عن اتفاقيَّة برنامج النفط مقابل الغذاء المودعة لدى البنك الفرنسي في نيويورك المقدرَّة ب 10 بلايين دولار! أم أنَّ أرصدة الحسابات المذكورة اختفت أسوة باختفاء الآثار والنفائس العراقية! هل من المنطق أن يقترض العراق لقاء فوائد عالية في الوقت الذي تتوفَّر له أرصدة ضخمة كافية لتغطية الطلب الآني على رأس المال، وقادرة على تغطية الإنفاق العام وخلق فرص عمل لجيش العاطلين؟
ثمَّ إنَّ الاقتراض الخارجي يتطلَّب حتمًا تقديم ضمانات للجهة المقرضة. فما هي الضمانات التي يستطيع العراق تقديمها في هذه المرحلة غير احتياطه النفطي؟؟ لقد لمح العديد من مسئولي إدارة بوش وصندوق النقد الدولي إلى احتمال اللجوء إلى هذا الخيار السيِّئ لتسهيل حصول العراق على قروض من المؤسَّسات الماليَّة. استخدام العراق النفط كضمانة للقروض الممنوحة يعني عمليًّا رهن ثروته وحقوق أجياله القادمة، ورهن سيادته الوطنيَّة لدى البنوك الأمريكيَّة والمؤسَّسات الماليَّة الدوليَّة.
لقد لعبت القروض الخارجيَّة دورًا مخرِّبًا لاقتصاديَّات الدول النامية خلال العقود الثلاث الأخيرة. فالديون الخارجيَّة والفوائد المترتِّبة عليها تشكِّل أكبر معوِّقات التنمية الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة لتلك الدول. كما إنَّها من أكثر التحدِّيات التي يوجِّهها الاقتصاد الدولي اليوم تعقيدًا. وعليه، فمن الغباء واللامسئوليَّة إن يقع العراق الغني باحتياطه النفطي وإمكانيَّاته الاقتصاديَّة والبشريَّة في فخِّ الاستدانة الأجنبيَّة.
ثانيا:من المسلَّم به أنَّ هنالك فروقات شاسعة بين الخصصخة القائمة على ضرورات وطنيَّة اقتصاديَّة وبين عمليَّات بيع الممتلكات العامَّة إلى الشركات الأجنبيَّة بأثمان بخسة. نظريًّا، الخصخصة تهدف إلى تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد الاقتصاديَّة المتاحة عن طريق زيادة الكفاءة الإنتاجيَّة وصولاً لرفع حجم الناتج الإجمالي المحلِّي. لذا، فالخصخصة كهدف اقتصادي وطني يجب أن تستند على اعتبارات اقتصاديَّة وطنيَّة، وأن تتمَّ وفقًا لجدول زمني منسجم مع السياسة الاقتصاديَّة العامَّة للدولة.
ما يجري في العراق حاليًّا مناقض تمامًا للأسس والمبادئ أعلاه. فالدوافع الكامنة وراء ما يطلق عليها "إصلاحات اقتصاديَّة" لا علاقة لها بتصحيح الاختلالات الهيكليَّة للاقتصاد العراقي، بل ترتبط بشكل مباشر بالخطط الاقتصاديَّة لاحتلال العراق والهيمنة المطلقة على ثروته النفطيَّة وسيطرة الاستثمارات الأمريكيَّة على أسواقه المتميِّزة بارتفاع الطلب الاستهلاكي والاستثماري.
لقد عانى القطاع الصناعي (الخاص والعام) خلال العقدين الماضيين من صعوبات وتحدِّيات جسيمة أدَّت إلى انخفاض مستوى كفاءته الإنتاجيَّة. انخفاض الإنتاجيَّة سببَّها العديد من العوامل، أهمُّها الظروف السياسيَّة التي مرَّ بها العراق، وتذبذب السياسيَّة الاقتصاديَّة، وقِدَمُ الآلات والمعدَّات، وعوامل تتعلَّق بالإخفاق الإداري، وانعدام الاستراتيجيَّة الصناعيَّة. والأهم، سياسة الخنق الاقتصادي التي مارستها الإدارات الأمريكيَّة متمثِّلة بالحصار الإجرامي التي فرضته على العراق لمدَّة ثلاثة عشر عامًا. وعلى الرغم من ِذلك، فإنَّ التقييم الموضوعي للقطاع الصناعي في العراق قياسًا بدول المنطقة الأخرى، يثبت نجاح جهود العراق في بناء قاعدة صناعيَّة وطنيَّة وقيام صناعات تتميَّز بمستوًى عالٍ من الكفاءة الإنتاجيَّة وبوجود طلب داخلي و خارجيٌّ فعَّال على منتجاتها.
إنَّ الأهداف والإجراءات المعلنة لخصخصة القطاع الصناعي العام تعاني من فجوات وتناقضات واضحة. فالمبرَّرات المقدَّمة من مسئولي وزارة الصناعة لبيع شركات الوزارة البالغ عددها 48 شركة ومصانعها البالغ عددها 150 مصنعًا تستند على انخفاض إنتاجيَّة المصانع وأداء الشركات المقدرة ب(35%) من الطاقة الإنتاجية. علميًّا، لا يمكن الاعتماد على معدَّلات الإنتاج المنخفضة خلال المرحلة السابقة، كما وإنها لا تعكس القدرات الحقيقيَّة للقطاع الصناعي العام. وإذا قبلنا بانخفاض الإنتاجيَّة مبرِّرًا للتخلُّص من بعض المصانع الهامشيَّة، فما هي مبررات بيع المصانع المتميِّزة بكفاءتها الإنتاجيَّة وقدرتها التنافسيَّة وبارتفاع الطلب الخارجي على منتجاتها، كالصناعات البتروكيمياوية وصناعة الإسمنت؟. إنَّ أكثر ما تضمَّنته الإجراءات الجديدة من ريبة وفساد يكمن في عدم خضوعها للمعايير الماليَّة والقانونيَّة المتعارف عليها دوليًّا. فإجراءات خصخصة القطاع العام وتحويل ملكيَّته إلى مستثمرين عراقيِّين وأجانب لا تتطلَّب وفقا لتصريحات بعض المسئولين الاقتصاديين في سلطة الاحتلال تقديم عروض وتحليل ودراسة تلك العروض. إجراءات غير منطقيَّة وهدرًا واضحا للثروة الوطنيَّة وخرقا للقواعد الماليَّة المتعارف عليها التي تستوجب دراسة العروض المقدَّمة، واختيار العرض الأفضل. ولضمان حقوق العراق فان الأمر يتطلَّب اتِّخاذ بعض الإجراءات العمليَّة، منها التأكيد على شفافيَّة إجراءات التصفية عن طريق بيعها بالمزايدة العلنيَّة المفتوحة و إن تتم عمليَّات البيع بعد قيام المؤسَّسات الشرعيَّة المنبثقة عن الشعب، وليس تلك المفروضة من الحكومات والشركات الأجنبيَّة، والمنع المطلق لأعضاء مجلس الحكم الانتقالي والوزراء وشركاتهم وشركائهم وأقاربهم من المشاركة في عمليَّات الخصخصة والاستفادة من الإجراءات الجديدة.
 ثالثا: إن أخطر ما في الإجراءات الأخيرة، استنادها على "وصفات" الإصلاحات الاقتصاديَّة والمالية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والتي فشلت تطبيقاتها العمليَّة في تحقيق أهدافها المعلنة في جميع الدول التي اتبَّعتها قسرًا وكشرط أوليا للحصول على معونات وقروض المؤسَّسات الدوليَّة. هذه "الوصفات" أدت إلى كوارث اقتصاديَّة وسياسيَّة دفعت شعوب تلك الدول ثمنها الباهظ. ما يجري في العراق حاليا ماهو إلا محاولة لتكرار تجربة الإصلاح الاقتصادي الروسيَّة وتجربة بعض دول أوروبا الشرقيَّة.إخفاقات تلك التجارب مثبتة في الأدبيَّات السياسيَّة والاقتصاديَّة، ولا سيَّما تجربة اختفاء بلايين الدولارات بطرق مصرفية فنِّية ومعقَّدة!.
الآثار الاقتصاديَّة المباشرة
إلى جانب الفجوات والمخاطر السياسيَّة والاقتصاديَّة العامة التي تطرَّقنا إليها أعلاه وفي القسمين السابقين،، فإنَّ لصفقة بيع العراق آثارها السلبيَّة المباشرة على الهيكل الاقتصادي وعلى الوحدات الاقتصاديَّة المختلقة. ويمكن ايجاز هذه التأثيرات بالآتي:
1. إحداث تغييرات جذريَّة وغير متوازنة في هيكل الاقتصاد العراقي. وتحديدًا تدمير القطاع الصناعي الوطني وزيادة النزعة الاستهلاكيَّة للفرد وتحويل الاقتصاد العراقي من اقتصاد إنتاجي إلى اقتصاد استهلاكي يعتمد على واردات النفط كمصدر أساسي لتمويل الطلب الاستهلاكي على السلع المستوردة.
2. إعادة توزيع الموارد الاقتصاديَّة بين القطاعات المختلفة بشكل غير كفء، وإلى زيادة الفجوة الدخلية والتوزيع غير المتوازن والعادل للثروة والدخل بين الطبقات الاجتماعية والأفراد.
3. تغيرات هيكليَّة سلبيَّة في سوق العمل، وارتفاع حادًّ ومستمرٍّ في معدَّل البطالة. من المؤكَّد إنَّ الاستثمارات الأجنبيَّة ستخلق فرص عمل محدودة وغير كافية لامتصاص البطالة التي أفرزتها الإجراءات التعسفيَّة لسلطات الاحتلال، والممارسات الانتقاميَّة لمجلس الحكم الانتقالي، ولن تكون قادرة على امتصاص البطالة الناجمة عن تصفية القطاع العام، وإحلال الكوادر الأجنبيَّة عوضا عن الكوادر العراقيَّة خاصة في الإدارات العليا ومراكز اتَّخاذ القرار.
4. ارتفاع المعدَّل العام للأسعار، ولا سيَّما أسعار السلع الأساس كنتيجة حتميَّة لإلغاء الدعم الحكومي لأسعار السلع الاستهلاكيَّة والإنتاجيَّة. إنَّ زيادة الأسعار مصحوبة بانخفاض معدَّل الدخل الفردي نتيجة لارتفاع معدَّل البطالة سيؤدِّيان إلى تدهور القدرة الشرائيَّة للمواطن العراقي وانخفاض المستوى ألمعاشي.
5. انخفاض التراكم الاستثماري المحلِّي نتيجة لعزوف الاستثمارات الأجنبيَّة عن إعادة تدوير الإرباح المتراكمة في مشاريع تخدم الاقتصاد الوطني وتسهم في خلق فرص عمل للعاطلين.
6. خلل كبير في الهيكل الاستثماري، وعدم التناسب بين حجم الاستثمارات الأجنبيَّة والوطنيَّة وما ينجم عن ذلك من تهديدات للأمن الاقتصادي ولسيادة العراق.
7. عدم استقرار السياسيَّة النقديَّة والتذبذب الحاد في معدَّلات صرف الدينار العراقي.
إنَّ الإجراءات الاقتصاديَّة المعلنة والمتَّبعة في العراق المحتلِّ ما هي إلا عمليَّة تقييد وبيع وعبوديَّة اقتصادية واضحة. عمليَّة نهب منظَّم للثروة النفطيَّة ومحاولة يائسة لخلق فرص استثماريَّة للشركات التي يشارك في ملكيَّتها وإدارتها أركان الإدارة الأمريكيَّة وشركائهم من العراقيين. سياسات استحواذيَّة يساهم في تخطيطها والتسويق لها وبدون خجل سياسيَّين انتهازيين وتجار مبادئ، طالما نظَّروا وكتبوا عن أخطار الإمبرياليَّة الأمريكيَّة، إلاَّ أنَّهم يدافعون اليوم عن الاستراتيجيَّة الأمريكيَّة التوسعية، ويبشِّرون بفوائد الاستثمارات الأجنبيَّة!. ولا شكّ في َ أنَّ هذه السياسات ستقود العراق إلى مصيدة اقتصاديَّة وسياسيَّة قد يصعب التخلُّص منها مستقبلا، إلاَّ أنَّ شعبنا سيلغيها، وسيحرِّر إرادته الوطنيَّة كما فعل في قرار التأميم الخالد. فإرادة الحياة الحرَّة والتصميم على العطاء الحضاري لديه أقوى من جيوش المرتزقة، وأقوى من مخطَّطات خونة الداخل الشريرة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
الاقتصاد العراقي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الاقتصاد العراقي
» آفاق الاقتصاد العراقي بعدسات صندوق النقد الدولي
» الفيلم العراقي «الرحلة»…
» دور الجيش العراقي في معارك فلسطين1948
» فلسطينيو الكويت بعد ربع قرن من الاجتياح العراقي …

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث اقتصادية-
انتقل الى: